الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس الثلاثون بعد المائة
…
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25) أَن لَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ اللهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَاّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَاّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى اللهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ (35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَاّ مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا
تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا
تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَاّ قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَاّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا
عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) } .
* * *
عن ابن عباس: قوله: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَاّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} ، قال: ما ظهر لنا.
وقال ابن جرير: فيما نرى ويظهر لنا.
وعن ابن جريج: قال نوح: {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ} قال: قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا الله هو {وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوة. {فَعُمِّيَتْ} .
قال البغوي: أي: شبّهت وألبست عليكم، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} ، أي: البيّنة والرحمة، {وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} لا تريدونها؟ قال قتادة: لو قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يلزموا قومهم لألزموا، ولكن لم يقدروا.
وعن ابن جريج: قوله: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ} التي لا يفنيها شيء فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها، {وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم، {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} ولا أقول: اتبعوني على علم الغيب.
وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} ، أي: يقول المشركون: افترى محمد هذا الخبر، {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} ، أي: إثمي، {وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ} بتكذيبكم هذا القرآن وليس بمفترى.
قوله عز وجل: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَاّ مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا
تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39) } .
عن قتادة: قوله: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَاّ مَن قَدْ آمَنَ} وذلك حين دعا عليهم، قال {رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} .
قوله: {فَلَا تَبْتَئِسْ} ، يقول: فلا تأس ولا تحزن. وعن ابن عباس: قوله: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} وذلك أنه لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن تصنعها على مثل جؤجؤ الطائر. وعن قتادة في قوله:{بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} قال: بعين الله ووحيه. وعن ابن جريج: {وَلَا تُخَاطِبْنِي} قال: يقول: ولا تراجعني، قال: تقدم أن لا يشفع لهم عنده.
وقوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو رحم الله أحدًا من قوم نوح لرحم أم الصبي» ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها ثم جعل يعمل سفينة، ويمرّون فيسألونه فيقول: أعملها سفينة، فيسخرون منه ويقولون: يعمل سفينة في البر! فكيف تجري؟ فيقول: سوف تعلمون، فلما فرغ منها، وفار التنور، وكثر الماء في السكك، خشيت أم الصبي عليه،
وكانت تحبه حبًا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل، فلما بلغها الماء خرجت
حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى يذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحدًا لرحم أم الصبي» . رواه ابن جرير.
عن ابن عباس: {حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} ، قال: إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء فإنه هلاك قومك. وعن مجاهد: {وَفَارَ التَّنُّورُ} ، قال: انبجس الماء منه؛ آية أن يركب بأهله ومن معه في السفينة.
قوله: {مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} ، قال: ذكر وأنثى من كل صنف. قال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلا ما يلد ويبيض، فأما ما يتولد من الطين فلم يحمل منها شيئًا.
وقوله تعالى: {وَأَهْلَكَ إِلَاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ} .
قال البغوي: أي: واحمل أهلك وعيالك إلا من سبق عليه القول بالهلاك يعني: امرأته وأهله وابنه كنعان. {وَمَنْ آمَنَ} ، يعني: واحمل من آمن بك كما قال الله تعالى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَاّ قَلِيلٌ} ، قال ابن إسحاق: كانوا عشرة سوى نسائهم. وقال ابن عباس: كان في سفينة نوح ثمانون رجلاً.
وعن مجاهد: {بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} ، قال: حين يركبون ويجرون ويرسون، وقال: الجوديّ: جبل بالجزيرة.
قوله عز وجل: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا
عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) } .
عن ابن عباس قال: ما بغت امرأة نبي قط. قال: وقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} الذين وعدتهم أن أنجيهم معك، وقال: هو ابنه غير أنه خالفه في العمل والنية؛ وسئل عن قول الله تعالى: {فَخَانَتَاهُمَا} ، قال: أما أنه إن لم يكن بالزنا، ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون، وكانت هذه تدل على الأضياف.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} .
قال البغوي: قرأ الكسائي ويعقوب: عَمِلَ. أي: عمل الشرك والتكذيب، وقرأ الآخرون: عَمَلٌ. معناه: أن سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح.
وقال في جامع البيان: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ، أي: إنه ذو عمل فاسد ولا ولاية بين المؤمنين والكافر، قيل:{إِنَّهُ} ، أي: سؤالك إياي بنجاته عمل فاسد. وعن الضحاك في قوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} قال: ليس من أهل دينك، ولا ممن وعدتك أن أنجيه:{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ، يقول: كان عمله في شرك. {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} .
قال البغوي: يعني: أن تدعوا بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر. {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَاّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ * قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} . قال محمد بن كعب دخل في ذلك السلام: كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. وعن قتادة: ودخل في ذلك العذاب والمتاع: كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة.
قوله: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا} القرآن وما كان علم محمد صلى الله عليه وسلم وقومه ما صنع نوح وقومه، لولا ما بين الله له في كتابه.
وقوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} .
قال ابن كثير: فاصبر على تكذيب من كذّبك من قومك وأذاهم لك، فإنا سننصرك ونحوطك بعنايتنا، ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم، {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} . والله أعلم.
* * *