الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس السابع والتسعون
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (49) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ
الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (53) } .
* * *
عن السدي: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ} ، وجد أهل الجنة ما وُعدوا من ثواب وأهل النار ما وُعدوا من عقاب.
قال مجاهد: الأعراف: حجاب بين الجنة والنار. وقال السدي: وهو السور. وقال ابن عباس: (إن الأعراف تلّ بين الجنة والنار، حبس عليه ناس من أهل الذنوب [بين الجنة والنار] ) .
وعنه قوله: {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} . قال: (يعرفون أهل النار بسواد الوجوه، وأهل الجنة ببياض الوجوه، قال: وهم في ذلك يحيّون أهل الجنة بالسلام {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} أن يدخلوها، وهم داخلوها إن شاء الله) .
وقال الحسن: (والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم) . وقال حذيفة: (هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار، وقصَّرت بهم سيئاتهم عن الجنة، فـ {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا
لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) } فبينا هم كذلك اطلع إليهم ربك تبارك وتعالى فقال: اذهبوا وادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم) .
عن ابن عباس: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً} في النار،
…
{يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ} وتكبركم؟
وقال البغوي: قال الكلبي: ينادون وهم على السور: يا وليد بن المغيرة، ويا أبا جهل بن هشام، ويا فلان، ثم ينظرون إلى الجنة فيرون فيها الفقراء والضعفاء ممن كانوا يستهزءون بهم، فيقول أصحاب الأعراف لأولئك الكفار:{أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} ، أي: حلفتم أنهم لا يدخلون الجنة؟ ثم يقال لأصحاب الأعراف: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} . وقال أبو مجلز: هذا خبر من الله عن أمره أهل الجنة بدخلولها.
قال ابن زيد في قوله: {أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ} ، قال: يستطعمونهم ويستسقونهم فأجابهم أهل الجنة: إن الله حرّم الماء والطعام على الذين جحدوا توحيده، وكذّبوا في الدنيا رسله. وقال ابن عباس: ينادي الرجل
أخاه وأباه فيقول: قد احترقت، أفض عليّ من الماء، فيقال لهم: أجيبوهم، فيقولون:{إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} .
وعن مجاهد: {فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا} ، قال: نسوا في العذاب. وقال ابن عباس: نتركهم من الرحمة كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا، وقال نسيهم الله من الخير ولم ينسهم من الشر.
وقال ابن جرير: وتأويل الكلام: فاليوم نتركهم في العذاب، كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله يوم القيامة وكما كانوا بآيات الله يجحدون.
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء
فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (53) } .
عن قتادة: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} عاقبته. وقال مجاهد: جزاؤه. وقال الربيع بن أنس: فلا يزال يقع تأويله أمرًا بعد أمر حتى يأتي تأويله يوم القيامة، ففي ذلك أنزل:{هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ تَأْوِيلَهُ} حيث أثاب الله تبارك وتعالى أولياءه وأعداءه ثواب أعمالهم. {يقول} يومئذٍ {الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} الآية. وقال مجاهد: {نَسُوهُ} أعرضوا عنه.
وقوله تعالى: {قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} ، قال ابن كثير: أي: خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها،
…
{وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} ، أي: ذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله، فلا يشفعون فيهم، ولا ينقذونهم مما هم فيه. والله أعلم.
* * *