الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس الرابع والأربعون بعد المائة
{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُواْ لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّآلُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58) إِلَاّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60) فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (62) قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ (66) وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ
(76)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ (77) وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (79) وَلَقَدْ
كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (84) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَاّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَاّقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) } .
* * *
قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} روي (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال: «أتضحكون وبين أيديكم النار» ؟ فنزل جبريل بهذا الآية وقال: يقول لك ربك: يا محمد لِمَ تقنّط عبادي؟) .
وعن مجاهد في قوله: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} قال: عجب من كَبره وكبَر امرأته.
قوله عز وجل: {فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (62) قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا
لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ
دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ (66) وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ (77) وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (79) } .
عن قتادة: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ} ، قال: أُمِرَ أن يكون خلف أهله يتبع أدبارهم في آخرهم إذا مشوا. وعن مجاهد: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} لا يلتفت وراءه أحد ولا يعرج.
وقال ابن عباس: قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} ، يعني: استئصال هلاكهم مصبحين. وعن قتادة: قوله: {وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} استبشروا بأضياف نبي الله لوط صلى الله عليه وسلم حين نزلوا، لِمَا أرادوا أن يأتوا إليهم من المنكر، وقال في قوله:{أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} ألم ننهك أن تضيف أحدًا؟ .
وعن ابن عباس في قول الله: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، قال: ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، قال: وحياتك يا
محمد وعمرك وبقائك في الدنيا: {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، أي: في ضلالتهم {يَعْمَهُونَ} ، أي: يلعبون. وقال مجاهد: يترددون. وعن ابن عباس أيضًا: يتمادون؟ وقال بعض المفسرين: ثم قالت الملائكة للوط عليه السلام: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} فكيف يقبلون قولك؟ .
وعن ابن جريج: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} ، قال: حين أشرقت الشمس.
وعن مجاهد في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} ، قال: للمتفرّسين. وقال قتادة: للمعتبرين.
وعن قتادة: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} ، يقول: بطريق واضح. وعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احذروا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وبتوفيق الله» . وعن سعيد بن جبير في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ} قال: هو كالرجل يقول لأهله: علامة ما بين بيني وبينكم أن أرسل إليكم خاتمي، أو آية كذا، وكذا.
وقال ابن جريج: قوله: {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} ، قال: قوم شعيب: قال ابن عباس: {الأَيْكَةِ} ذات آجام وشجر كانوا فيها.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُمَا} .
قال البغوي: يعني: مدينتي قوم لوط وأصحاب الأيكة {لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} لبطريق واضح مستبين.
عن عبد الله بن عمر قال: (مررنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذينن ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، حذرًا أن يصيبكم ما أصابهم» . ثم زجر فأسرع حتى خلّفها) . رواه ابن جرير وغيره.
قوله عز وجل: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَاّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَاّقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا
يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) } .
عن ابن عباس: أنه قال في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي} ، قال: هي فاتحة الكتاب، فقرأها ستًا ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. وعن قتادة: {سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي} ، قال: فاتحة الكتاب تثنّى في كل ركعة مكتوبة وتَطَوُّع. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن السبع المثاني التي أُعطيتُها» . رواه ابن جرير وغيره.
وعن مجاهد في قوله: {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ، قال: سائره، يعني: سائر القرآن مع السبع من المثاني. {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ} ، قال: الأغنياء، الأمثال: الأشباه. وقال ابن عباس: يعني: الرجل أن يتمنى مال صاحبه.
وقال البغوي: قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ} أَلِنْ جانبك للمؤمنين وارفق بهم، والجناحان من ابن آدم جانباه، {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَا أَنزَلْنَا
عَلَى المُقْتَسِمِينَ} قال الفراء: مجازه: أنذركم عذابًا كعذاب المقتسمين. حكي عن ابن عباس أنه قال: هم اليهود والنصارى الذين {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} جزّؤوه فجعلوه أعضاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقال مجاهد: قسّموا كتابهم ففرّقوه وبدّلوه.
وقال ابن كثير: وقوله: {المُقْتَسِمِينَ} ، أي: المتحالفين، أي: تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم. وعن عطاء: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} ، قال: المشركون من قريش عضوا القرآن فجعلوه أجزاء، فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم: مجنون، فذلك العضون. وعن أبي العالية:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، قال: يسأل العباد كلهم عن خلّتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين. وعن مجاهد في قوله:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} ، قال: بالقرآن. وعن عبد الله بن عبيدة قال: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم متخفّيًا حتى نزلت: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} فخرج هو وأصحابه.
وقوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} ، قال ابن إسحاق: كان عظماء المستهزئين - كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير - خمسة نفر من قومه، وكانوا ذوي أنساب وشرف في قومهم: الأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث ابن الطلاطلة، فلما تمادوا في الشر، وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء، أنزل الله تعالى ذكره:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} إلى قوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} .
فحدّثني يزيد بن رومان: أن جبرائيل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون
بالبيت فقام وقام رسول الله إلى جنبه، فمرّ به الأسود بن المطلب، فرمى
فيةوجهه بورقة خضراء فعمي، ومرّ به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه، فمات منه حَبَنًا، ومرّ به الوليد بن المغيرة، فأشار إلى أسفل جرح بأسفل كعب رجله، كان أصابه قبل ذلك بسنين، فانتقض به فقتله، ومرّ به العاص بن وائل، فأشار إلى أخمص رجله، فخرج على حمار له يريد الطائف، فوقص على شبرقة، فدخل في أخمص رجله منها شوكة فقتله، ومرّ به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه، فامتخط قيحًا فقتله.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} قل: سبحان الله وبحمده {وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} ، أي: المصلّين {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ، أي: الموت؛ نسأل الله الاستقامة على طاعته وبالله التوفيق.
* * *