الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس الواحد والثلاثون بعد المائة
{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَاّ مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ (52) قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِن نَّقُولُ إِلَاّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلَا بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61) قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ
هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي
مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلَا بُعْداً لِّثَمُودَ (68) } .
* * *
عن ابن عباس: قوله: {مِّدْرَاراً} ، قال: يتبع بعضها بعضًا.
قال ابن جرير: وقوله: {وَلَا تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} ، يقول: ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله والبراءة من الأوثان والأصنام {مُجْرِمِينَ} يعني: كافرين بالله.
عن مجاهد: {إِن نَّقُولُ إِلَاّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ} ، قال: أصابتك الأوثان بجنون. وقال قتادة: ما يحملك على ذمّ آلهتنا إلا أن أصابك منها سوء. وعن مجاهد: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} : الحق.
قال ابن جرير: يجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
قال البغوي: {وَتِلْكَ عَادٌ} ردّه إلى القبيلة، {جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} ، يعني: هودًا، ذكره بلفظ الجمع، لأن من كذب رسولاً واحدًا كان كمن كذّب جميع الرسل.
عن مجاهد في قول الله: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} ، قال: أعمركم فيها.
وقال ابن جرير: يقول: وجعلكم عمارًا فيها.
وقال ابن كثير: أي: جعلكم عمّارًا تعمرونها وتشغلونها، {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} ، {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا} .
قال ابن جرير: أي: كنا نرجوا أن تكون فينا سيّدًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، من أنه مالنا من إله غير الله، {أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} ، يقول: أتنهانا أن
نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبدها؟ {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} يعنون: أنهم لا يعلمون صحة ما يدعوهم إليه من توحيد الله.
قال ابن كثير: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي} فما أرسلني به إليكم على يقين وبرهان، {وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} وتركت دعوتكم إلى الحق وعبادة الله وحده؟ فلو تركته لما نفعتموني، ولما زدتموني، {غَيْرَ تَخْسِيرٍ} ، أي: خسارة، {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} ، وذلك أن قومًا طلبوا منه أن يخرج ناقة عشراء
من هذه الصخرة، فدعا صالح عليه السلام فخرجت منه ناقة وولدت في الحال ولدًا. فقال لهم: ذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب.
عن قتادة: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} ، قال: بقية آجالهم، وذكر لنا أن صالحًا حين أخبرهم أن العذاب أتاهم، لبسوا الأنطاع والأكسية وقيل لهم: إن آية ذلك أن تصفرّ ألوانكم أول يوم، ثم تحمرّ في اليوم الثاني، ثم تسودّ في اليوم الثالث.
وقوله تعالى: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} ، قال ابن عباس: كأن لم يعيشوا فيها، وفي حديث عمرو بن خارجة:(فلما أصبحوا لليوم الرابع، أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة، وصوت كل شيء له صوت في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم، فأصحبوا في دارهم جاثمين)، وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود قال: «لا تدخلوا على هؤلاء
المعذّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم ما أصابهم» . والله أعلم.
* * *