الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِيٌّ) وَصِيًّا كَانَ أَوْ قَيِّمًا، أَوْ غَيْرَهُ (فِي إنْفَاقٍ عَلَى مُوَلِّيهِ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَائِقٍ) بِالْحَالِ (لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ) إلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ بَلْ الْمُصَدَّقُ مُوَلِّيهِ بِيَمِينِهِ إذْ لَا تَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ وَقَوْلِي بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْوَلِيِّ وَبِمُوَلِّيهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَصِيِّ وَالطِّفْلِ.
كِتَابُ الْوَدِيعَةِ
تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءُ يَدَعُ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْوَدِيعِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ فِي دَعَةٍ أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَةِ الْوَدِيعِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْعَزْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فِيهِمَا لَمْ يَنْعَزِلْ.
وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْضًا وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ عَزْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمِنْهَاجِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَصِيًّا كَانَ، أَوْ قَيِّمًا، أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ وَلَوْ أَبًا، أَوْ جَدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَقَالَ الْقَمُولِيُّ: إنَّهُ كَالْوَصِيِّ وَتَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ السُّبْكِيّ وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَى وِلَايَتِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ فِي ذَلِكَ أَمِينَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَعِنْدَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يُقْبَلَ بِدُونِهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُ مَا قَالَهُ قَالَ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِحَاكِمٍ أَمِينٍ مَرْضِيِّ السِّيرَةِ أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُوَ الْأَغْلَبُ فَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ إنَّهُ كَالْوَصِيِّ فِيمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ - أَعْنِي السُّبْكِيَّ - مِنْ تَصْدِيقِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ حَكَمْت بِذَلِكَ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر أَيْضًا قَوْلَ الْقَمُولِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ قَبْلَ الْعَزْلِ وَبَعْدَهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَائِقٍ بِالْحَالِ) أَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ فَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِيهِ قَطْعًا بِيَمِينِهِ لِتَعَدِّي الْوَصِيِّ بِفَرْضِ صِدْقِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا فِي بَيْعِهِ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ إلَّا الْأَبَ، وَالْجَدَّ، وَالْأُمَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي آخِرِ الْحَجْرِ: وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ كَمَالِهِ بَيْعًا بِلَا مَصْلَحَةٍ عَلَى وَصِيٍّ، أَوْ أَمِينٍ حُلِّفَ، أَوْ عَلَى أَبٍ أَوْ أَبِيهِ حُلِّفَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: لَا فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ، أَوْ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ، أَوْ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمَالِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّصَرُّفِ هَلْ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ صُدِّقَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ وَكَذَا الْأُمُّ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْمُشْتَرَى مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُهُ وَمَا صَرَفَهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ؛ وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ شِرَاءُ مَالِ الْوَلَدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ كَوَكِيلٍ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ تَوَلِّيهِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَلِيُّ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِظَالِمٍ لِدَفْعِهِ عَنْ مَالِ الطِّفْلِ لَا فِي دَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لِسُهُولَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ.
(فَرْعٌ) : لَا يُطَالَبُ أَمِينٌ مِنْ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ بِحِسَابٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرُّجُوعُ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُطَالَبُ أَمِينٌ كَوَصِيٍّ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ وَوَكِيلٍ بِحِسَابٍ بَلْ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ حُلِّفَ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيّ وَفِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَتْ.
[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]
ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِيصَاءِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوصَى بِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا وَلِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ بِلَا وَارِثٍ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُقَالُ لِدَافِعِهَا مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ وَلِآخِذِهَا مُودَعٌ بِفَتْحِهَا وَوَدِيعٌ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَانِبِ الْقَبُولِ غَالِبًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهِيَ لُغَةً مَا وُضِعَ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ مِنْ وَدَعَ إذَا سَكَنَ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْوَدِيعِ وَقِيلَ مِنْ الدَّعَةِ أَيْ الرَّاحَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ رَاحَتِهِ وَمُرَاعَاتِهِ وَشَرْعًا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْفَاظِ، أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَحْفَظَةُ بِهِ حَقِيقَةً فِيهِمَا وَتَصِحُّ إرَادَتُهُمَا، وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّرْجَمَةِ اهـ فَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَهَذَا الْقَوْلَ شَرْعِيٌّ أَيْ أَنَّ كَوْنَهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْعَقْدِ، وَالْعَيْنِ شَرْعِيٌّ، وَأَمَّا لُغَةً فَهِيَ الْعَيْنُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مِنْ وَدَعَ الشَّيْءُ إلَخْ) فِي الْمُخْتَارِ الدَّعَةُ الْخَفْضُ تَقُولُ مِنْهُ وَدُعَ الرَّجُلُ بِضَمِّ الدَّالِ فَهُوَ وَدِيعٌ أَيْ سَاكِنٌ وَوَادِعٌ أَيْضًا مِثْلُ حَمُضَ فَهُوَ حَامِضٌ اهـ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ فِي الْمِصْبَاحِ الْوَدِيعَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَأَوْدَعْت زَيْدًا مَالَهُ دَفَعْته إلَيْهِ لِيَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً وَجَمْعُهَا وَدَائِعُ وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الدَّعَةِ وَهِيَ الرَّاحَةُ وَقَدْ وَدَعَ زَيْدٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَدَاعَةً بِالْفَتْحِ وَالِاسْمُ الدَّعَةُ وَهِيَ الرَّاحَةُ، وَالْخَفْضُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ إلَخْ) مَادَّةُ وَدَعَ تَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ اسْتَقَرَّ وَتَرَكَ وَتَرَفَّهَ
وَمُرَاعَاتِهِ
، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَخَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَلْ ضَرُورَةً إلَيْهَا.
(أَرْكَانُهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ أَرْبَعَةٌ (وَدِيعَةٌ) بِمَعْنَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ (وَصِيغَةٌ وَمُودِعٌ وَوَدِيعٌ، وَشُرِطَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمُودِعِ، وَالْوَدِيعِ (مَا) مَرَّ (فِي مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ.
(فَلَوْ أَوْدَعَهُ نَحْوَ صَبِيٍّ) كَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ (ضَمِنَ) مَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مُعْتَبَرٍ وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ نَعَمْ إنْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِسْبَةً خَوْفًا عَلَى تَلَفِهِ فِي يَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَهُ مُودِعُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ أَوْدَعَ شَخْصٌ نَحْوَ صَبِيٍّ (إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِتْلَافٍ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَلَفِهِ عِنْدَهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْحِفْظُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفِ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُتَمَوَّلٍ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْوَدِيعَةِ كَوْنُهَا مُحْتَرَمَةً) وَلَوْ نَجَسًا كَكَلْبٍ يَنْفَعُ وَنَحْوِ حَبَّةِ بُرٍّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ كَكَلْبٍ لَا يَنْفَعُ وَآلَةِ لَهْوٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ مَا) مَرَّ (فِي وَكَالَةٍ) فَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ جَانِبِ الْمُودِعِ وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ جَانِبِ الْوَدِيعِ فَيَكْفِي قَبْضُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْكُلُّ مَوْجُودٌ هُنَا لِاسْتِقْرَارِهَا عِنْدَ الْمُودَعِ وَتَرْكِهَا عِنْدَهُ وَعَدَمِ اسْتِعْمَالِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُرَاعَاتِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْجَوَّادِ: لِأَنَّهَا فِي رَاحَةِ الْوَدِيعِ أَيْ مُرَاعَاتِهِ اهـ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْعَطْفَ فِيهِ مِنْ الْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى
اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} [البقرة: 67] إلَخْ) قَالَ الْوَاحِدِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَنْزِلْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ آيَةٌ سِوَاهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُرًّا مُكَلَّفًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَشُرِطَ فِي الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ الْمُوَكَّلَ فِيهِ غَالِبًا فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ وَلِيٍّ وَفِي الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ غَالِبًا وَتَعْيِينُهُ انْتَهَتْ فَلَا يُودَعُ كَافِرٌ مُصْحَفًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَا أَعْمَى عَيْنًا وَقَالَ شَيْخُنَا م ر بِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ لَكِنْ لَا تُوضَعُ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَيُوَكِّلُ الْأَعْمَى مَنْ يَقْبِضُ لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ) فَمَنْ صَحَّتْ وَكَالَتُهُ صَحَّ إيدَاعُهُ وَمَنْ صَحَّ تَوَكُّلُهُ صَحَّ دَفْعُ الْوَدِيعَةِ لَهُ فَخَرَجَ اسْتِيدَاعُ مُحْرِمٍ صَيْدًا وَكَافِرٍ مُصْحَفًا كَذَا قَالُوا هُنَا وَفِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ صِحَّةُ إيدَاعِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَسْلِيطٌ وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى وَضْعِ الْيَدِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى الْعَقْدِ اهـ ز ي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْدَعَهُ نَحْوَ صَبِيٍّ) أَيْ أَوْدَعَ شَخْصًا نَاقِصًا، أَوْ كَامِلًا نَحْوَ صَبِيٍّ مِنْ كُلِّ نَاقِصٍ وَلَكِنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مُعْتَبَرٍ يَقْتَضِي أَنَّ نَحْوَ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ وَدِيعًا يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْيَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا يُضْمَنُ إلَّا بِالْإِتْلَافِ بِخِلَافِ الْكَامِلِ يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْيَدِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ ضَمِنَ أَيْ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْيَدِ فِي الْكَامِلِ وَبِالْإِتْلَافِ فِي غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ أَوْدَعَ نَاقِصٌ نَاقِصًا فَمَضْمُونٌ مُطْلَقًا تَلِفَ، أَوْ أُتْلِفَ فَرَّطَ، أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فِي الدَّرْسِ وَاعْتَمَدَهُ.
(قَوْلُهُ: نَحْوَ صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ أَيْ كَالْغَاصِبِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مَعَ حُرْمَةِ الْقَبُولِ مِنْ النَّاقِصِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْعَدَمِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنٍ مُعْتَبَرٍ) وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ فَاسِدُ الْوَدِيعَةِ كَصَحِيحِهَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِسْبَةً إلَخْ) مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ فَإِنْ رَدَّهَا إلَيْهِ ضَمِنَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ أَتْلَفَهُ مُودِعُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) وَلَوْ بِتَسْلِيطِهِ وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا بِلَا تَسْلِيطٍ مِنْ الْوَدِيعِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا كَتَبَ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ لَا يُقَالُ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّ تَسْلِيطَ الْمُمَيِّزِ غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمَدَارُ عَلَى إتْلَافِهِ مَالَ نَفْسِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ سَبَقَ ضَمَانُ الْمُودَعِ بِوَضْعِ يَدِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ ضَمَانَهُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ مُبَاشَرَةِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ وَأَمَّا فِي حَالَةِ تَسْلِيطِهِ فَضَعُفَتْ الْمُبَاشَرَةُ مَعَ ضَمِّ الْيَدِ إلَيْهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَوْدَعَ شَخْصٌ) أَيْ كَامِلٌ نَحْوَ صَبِيٍّ إلَخْ وَمِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ الرَّقِيقُ فَلَوْ أَوْدَعَهُ حُرٌّ وَدِيعَةً فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِإِتْلَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا اهـ ع ش عَلَى م ر فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِتْلَافٍ) قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا، ثُمَّ إنَّ الصَّبِيَّ رَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَ ذَلِكَ فِي صِبَاهُ كَانَ ذَلِكَ مُبَرِّئًا لِلصَّبِيِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ لَا يُحَلَّفُ الصَّبِيُّ فِي حَالِ صِبَاهُ بَلْ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ، أَوْ التَّلَفَ عِنْدَهُ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ عِنْدَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يُحَلَّفُ بَلْ يُنْتَظَرُ كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْجَلَالِ الْبَكْرِيِّ عَلَى الرَّوْضَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَوْنُهَا مُحْتَرَمَةً) أَيْ غَيْرَ مُهْدَرَةٍ.
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي وَكَالَةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَيَرْجِعُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَصِحُّ الْحِفْظُ بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ ثَمَّ اهـ سَبْط طب (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر اعْتِبَارُ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، وَالْإِيصَاءِ وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ بَعْدَهُ فِعْلٌ فَظَاهِرٌ فَلَوْ قَالَ احْفَظْ مَتَاعِي هَذَا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَرْتَضِ هَذَا شَيْخُنَا ز ي اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَكْفِي مَعَ اللَّفْظِ الْقَبْضُ الْمَارُّ فِي الْمَبِيعِ لَا غَيْرُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ
مَعَ السُّكُوتِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الْوَدِيعُ: أَوْدِعْنِيهِ مَثَلًا فَدَفَعَهُ لَهُ سَاكِتًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ كَالْعَارِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْإِيجَابُ إمَّا صَرِيحٌ (كَأَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَهُ أَوْ) كِنَايَةٌ مَعَ النِّيَّةِ (كَخُذْهُ) .
(فَإِنْ عَجَزَ) مَنْ يُرَادُ الْإِيدَاعُ عِنْدَهُ (عَنْ حِفْظِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (أَخْذُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ (أَوْ) قَدَرَ عَلَيْهِ وَ (لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ) لَهُ أَخْذُهَا خَشْيَةَ الْخِيَانَةِ فِيهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِحَالِهِ الْمَالِكُ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ، وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ
ــ
[حاشية الجمل]
فَالشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ فِعْلٍ مَعَ الْقَبُولِ فَلَوْ قَالَ هَذَا وَدِيعَةٌ، أَوْ احْفَظْهُ فَقَالَ قَبِلْت، أَوْ ضَعْهُ فَوَضَعَهُ كَانَ إيدَاعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ مُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَقَدْ رَجَّحَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ وُجِدَ لَفْظٌ مِنْ الْوَدِيعِ وَإِعْطَاءٌ مِنْ الْمُودِعِ كَانَ إيدَاعًا أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وِفَاقًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فَالشَّرْطُ لَفْظُ أَحَدِهِمَا وَفِعْلُ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: فَالشَّرْطُ لَفْظُ أَحَدِهِمَا إلَخْ.
مِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا: وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا حَمَّلَ دَابَّتَهُ حَطَبًا وَطَلَبَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَنْ يَأْخُذُوهَا مَعَهُمْ إلَى مِصْرَ وَيَبِيعُوا الْحَطَبَ لَهُ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا مِنْهُ فَتَخَلَّفَ عَنْهُمْ عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ يَأْتِي بِأَثْوَابِ السَّفَرِ وَيَلْحَقُهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ إنَّهُمْ حَضَرُوا بِهَا إلَى مِصْرَ وَتَصَرَّفُوا فِي الْحَطَبِ لِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَوَضَعُوا الدَّابَّةَ عِنْدَ دَوَابِّهِمْ فَضَاعَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ السُّكُوتِ) أَيْ مِنْهُمَا أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ إذَا وَضَعَ إنْسَانٌ ثِيَابَهُ فِي الْحَمَّامِ وَلَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ اهـ ح ل أَيْ، وَإِنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ، أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً لِحِفْظِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا إنْ فَرَّطَ كَأَنْ نَامَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَسْتَحْفِظْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الدَّوَابُّ فِي الْخَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْخَانِيُّ إلَّا إذَا قَبِلَ الِاسْتِحْفَاظَ أَوْ الْأُجْرَةَ وَلَيْسَ مِنْ التَّفْرِيطِ مِنْ الْحَمَّامِيِّ وَالْخَانِيِّ مَا لَوْ كَانَ يُلَاحِظُ عَلَى الْعَادَةِ فَتَغَفَّلَهُ سَارِقٌ، أَوْ خَرَجَتْ الدَّابَّةُ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ الْمُعْتَادِ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْحَوَائِجِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا إذَا كَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ كِيسِ نَقْدٍ مَثَلًا مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهُ بِشَخْصِهِ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَهُ كَذَلِكَ ضَمِنَ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَنْتَهِزْ السَّارِقُ الْفُرْصَةَ فَإِنْ انْتَهَزَهَا لَا ضَمَانَ، وَقَوْلُنَا: يَضْمَنُ جَمِيعَ الْحَوَائِجِ أَيْ سَوَاءٌ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ كَأَنْ لَمْ تَجْرِ صِيغَةُ إجَارَةٍ أَمْ لَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ أَعْطَاهُ أُجْرَةً أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَدِيعُ بِاللَّفْظِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ مِنْ الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ: كَأَنْ نَامَ أَوْ غَابَ لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ طَرَأَ لَهُ مَا يَقْتَضِي غَيْبَتَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهَا لِلْمَالِكِ لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ، أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِاسْتِحْفَاظِ غَيْرِهِ لِمَنْ عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَبِلَ الِاسْتِحْفَاظَ وَمِنْهُ اذْهَبْ وَخَلِّهَا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ ضَعْهُ فَوَضَعَهُ إلَخْ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَمَنْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي خَانٍ وَاسْتَحْفَظَ صَاحِبَهُ فَخَرَجَتْ فِي بَعْضِ غَفَلَاتِهِ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ بَلْ قَالَ أَيْنَ أَرْبِطُهَا فَقَالَ هُنَا، ثُمَّ فَقَدَهَا لَمْ يَضْمَنْ أَقُولُ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْحَمَّامِيِّ فَلَوْ وَجَدَ الْمَكَانَ مَزْحُومًا مَثَلًا وَقَالَ أَيْنَ أَضَعُ حَوَائِجِي فَقَالَ لَهُ ضَعْهَا هُنَا فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَالْعَارِيَّةِ) وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ أَصْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ هُوَ الضَّمَانُ وَالضَّمَانُ لَا يَزُولُ إلَّا بِلَفْظٍ مِنْ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةُ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَأَيْضًا فَالْوَدِيعَةُ مَقْبُوضَةٌ لِغَرَضِ الْمَالِكِ، وَغَرَضُهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِلَفْظٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَالْعَارِيَّةُ بِعَكْسِ ذَلِكَ فَاحْتِيجَ إلَى لَفْظِ الْمُسْتَعِيرِ، أَوْ فِعْلِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَأَوْدَعْتُكَ هَذَا) وَلَوْ قَالَ خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً، أَوْ عَكْسَهُ عَمِلَ بِمَا قَالَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَبَعْدَهُمَا أَمَانَةٌ أَبَدًا غَيْرُ وَدِيعَةٍ وَقَالَ م ر فِي الْأُولَى مَضْمُونٌ أَبَدًا وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا وَأَذِنَهُ بِلُبْسِهِ فَعَقْدَانِ فَاسِدَانِ وَهُوَ قَبْلَ لُبْسِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ؛ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَا يَحْرُمُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَحْرُمُ أَيْضًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ فِيهَا) أَيْ بِأَنْ خَافَ الْخِيَانَةَ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَكُونُ مُبَاحَةً فِي هَذِهِ اهـ سم وَنُوزِعَ فِيهِ اهـ ز ي فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَكُلُّهَا فِي الشَّارِحِ عَلَى كَلَامِ سم وَقَالَ ع ش وَتُتَصَوَّرُ الْإِبَاحَةُ هُنَا بِأَنْ شَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُودِعُ مَالِكًا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا، أَوْ وَكِيلًا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمَا الْإِيدَاعُ ضَمِنَهَا آخِذُهَا بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ أَيْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الضَّمَانِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَذَا
مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى حِفْظِهَا وَوَثِقَ بِأَمَانَتِهِ فِيهَا (سُنَّ) لَهُ أَخْذُهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) لِأَخْذِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» فَإِنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا.
(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ (وَاسْتِرْدَادٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَرَدٍّ) مِنْ الْوَدِيعِ كَالْوَكَالَةِ (وَأَصْلُهَا أَمَانَةٌ) بِمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَةَ مُتَأَصِّلَةٌ فِيهَا لَا تَبَعٌ كَالرَّهْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِجُعْلٍ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] ، وَالْوَدِيعُ مُحْسِنٌ فِي الْجُمْلَةِ.
(وَ) قَدْ (تُضْمَنُ بِعَوَارِضَ كَأَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ، أَوْ دَارٍ لِأُخْرَى دُونَهَا حِرْزًا) ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ عَنْ نَقْلِهَا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلتَّلَفِ نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ نَقَلَهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ حِرْزًا، أَوْ إلَى أَحْرَزَ أَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ
ــ
[حاشية الجمل]
إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ الْعَجْزُ عَنْ حِفْظِهَا كَمَا هُوَ السِّيَاقُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ حَيْثُ نِيَّةُ الْخِيَانَةِ فِيهَا فَأَثَرُ التَّحْرِيمِ يَتَعَدَّى إلَى جَعْلِهِ ضَامِنًا بِأَخْذِهَا فَلَا تَكُونُ أَمَانَةً تَحْتَ يَدِهِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَأَنْ يَأْخُذَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا أَيْ حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيَّ يَتِيمٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ إلَخْ) صَدْرُهُ كَمَا فِي مَتْنِ الْأَرْبَعِينَ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ» إلَخْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ وَلَدِهِ ضَرَرًا بِسَبَبِهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ إلَخْ) فَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ تُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَسَقْيِ اللِّبَأِ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ فَلَهُ طَلَبُ أُجْرَتِهِ وَأُجْرَةِ حِرْزِهِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَالِكُ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهَا حِينَئِذٍ لَا أَنَّهُ يَقْبَلُ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَدَائِهَا لِمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ عَزَلَ الْوَدِيعُ نَفْسَهُ، أَوْ عَزَلَهُ الْمَالِكُ انْفَسَخَتْ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً وَلَزِمَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ اهـ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ إعْلَامُ الْمَالِكِ بِهَا وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَتَرْتَفِعُ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) وَفَائِدَةُ ارْتِفَاعِهَا أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَالِكِهَا، أَوْ وَلِيِّهِ إنْ عَرَفَهُ أَيْ إعْلَامُهُ بِهَا، أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا وَعَرَفَ مَالِكَهَا فَإِنْ غَابَ رَدَّهَا لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ، وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ شَرْحُ م ر وَيَقُومُ وَارِثُ كُلٍّ وَوَلِيُّهُ مَقَامَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِغْمَائِهِ) كَأَنْ فَرِقَ بِمَسْكِ رَقَبَتِهِ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْوَدِيعَةِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إذَا أَخَّرَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ وَتَلِفَتْ يَكُونُ ضَامِنًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَحَجْرِ فَلَسٍ عَلَى الْوَدِيعِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَرَدٍّ مِنْ الْوَدِيعِ) أَيْ وَبِعَزْلِهِ نَفْسَهُ وَبِبَيْعِ مَالِكِهَا لَهَا وَبِإِقْرَارِهِ بِهَا لِغَيْرِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا أَمَانَةٌ) أَيْ وَضْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ، أَوْ كُرِهَتْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَالرَّهْنِ) أَيْ فَإِنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْهُ التَّوَثُّقُ، وَالْأَمَانَةُ تَبَعٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهَا فِيهِ تَبَعًا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ خَانَ فِيهِ لَا يَرْتَفِعُ الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا خَانَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَرْتَفِعُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَتَى خَانَ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِالْإِيدَاعِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ فِي الرَّهْنِ فِي قَوْلِهِ وَيُبْرِئُهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ إيدَاعِهِ لَا ارْتِهَانِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ جُعْلًا وَقَالَ س ل أَيْ فِيمَا إذَا سُنَّ لَهُ الْقَبُولُ، أَوْ وَجَبَ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ جُعْلٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً وَلَا مَكْرُوهَةً وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ هَذَا مَا ظَهَرَ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تُضْمَنُ بِعَوَارِضَ) أَيْ عَشَرَةٍ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ
عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا
…
وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا
وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعِ مُهْلِكِ
…
وَمَنْعُ رَدِّهَا وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ
وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا الْمُخَالَفَهْ
…
فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يَزِدْ مَنْ خَالَفَهْ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَنْقُلَهَا) أَيْ وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ الْمُودِعُ مَكَانًا لِلْحِرْزِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ الْمَحَلَّةِ، أَوْ الدَّارِ حِرْزًا وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا كَانَ حِرْزَ مِثْلِهَا وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ حِرْزًا فَنَقَلَهَا مِنْهُ لِدُونِهِ حِرْزًا لَكِنَّهُ حِرْزُ مِثْلِهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: دُونَهَا حِرْزًا) الْمُعْتَمَدُ فِيمَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ أَحْرَزَ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ الْمَوْضِعَ لَا ضَمَانَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى آخَرَ فِي دَارٍ إلَخْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ) أَيْ وَالثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا
(وَكَأَنْ يُودِعَهَا) غَيْرَهُ وَلَوْ قَاضِيًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ (وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) ، أَوْ يَعْلِفُهَا، أَوْ يَسْقِيهَا الْمَفْهُومُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ (وَعَلَيْهِ لِعُذْرٍ كَإِرَادَةِ سَفَرٍ) وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وَحَرِيقٍ فِي الْبُقْعَةِ، وَإِشْرَافِ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (رَدَّهَا لِمَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ فَ) إنْ فَقَدَهُمَا رَدَّهَا (لِقَاضٍ) وَعَلَيْهِ أَخْذُهَا (فَ) إنْ فَقَدَهُ رَدَّهَا (لِأَمِينٍ) وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُذْرِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَعَطْفِي الْأَمِينَ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ عَطْفٍ لَهُ بِأَوْ (وَيُغْنِي عَنْ الْأَخِيرَيْنِ وَصِيَّةٌ) بِهَا (إلَيْهِمَا) فَهُوَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ فَقْدِ الْأَوَّلَيْنِ بَيْنَ رَدِّهَا لِلْقَاضِي، وَالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَيْهِ وَعِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي بَيْنَ رَدِّهَا لِلْأَمِينِ وَالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ بِهَا الْإِعْلَامُ بِهَا، وَالْأَمْرُ بِرَدِّهَا مَعَ وَصْفِهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ، أَوْ الْإِشَارَةِ لِعَيْنِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ لَمْ يَرُدَّهَا وَلَمْ يُوصِ بِهَا لِمَنْ ذُكِرَ كَمَا ذُكِرَ (ضَمِنَ إنْ تَمَكَّنَ) مِنْ رَدِّهَا، أَوْ الْإِيصَاءِ بِهَا سَافَرَ بِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ، وَحِرْزُ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ كَأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً، أَوْ سَافَرَ بِهَا
ــ
[حاشية الجمل]
كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَوْنُهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يُودِعَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيدَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا وَفِي تَجْرِيدِ الزُّبَدِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ لَوْ بَاعَ الشَّرِيكُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَالْبَيْعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بَاطِلٌ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ بِخِلَافِ الْمُودَعِ فِي الْوَدِيعَةِ كَذَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ عِنْدِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ أَيْضًا اهـ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِيدَاعِ، وَالْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ أَيْ فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِهَا، وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَمَّا الْعَالِمُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، أَوْ الْأَوَّلَ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) أَيْ إذَا لَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهَا بِأَنْ يُعَدَّ حَافِظًا لَهَا عُرْفًا اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِمَنْ يَحْمِلُهَا لِحِرْزٍ) أَيْ وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا وَلَاقَ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً أَمْكَنَهُ حَمْلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ م ر. (قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى) إذْ الْحَاجَةُ لِلْعَلْفِ وَالسَّقْيِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وَبِخِلَافِ الْحَمْلِ فَإِذَا جَوَّزْنَا مَا لَا يَتَكَرَّرُ فَلَأَنْ نُجَوِّزَ مَا يَتَكَرَّرُ بِالْأَوْلَى وَأَيْضًا الْحَمْلُ فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ بِخِلَافِهِمَا فَإِذَا جَوَّزْنَا مَا فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ فَلَأَنْ نُجَوِّزَ مَا لَيْسَ فِيهِ اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ بِالْأَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَإِرَادَةِ سَفَرٍ) أَيْ مُبَاحٍ، وَإِنْ قَصُرَ إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ السَّفَرُ بِالْمُبَاحِ أَيْ رَدُّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَرَدُّهَا لَهُمَا يَجُوزُ وَلَوْ فِي غَيْرِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَأَقَرَّهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَرَضٍ مَخُوفٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ كَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِالْبَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فِيمَا ذُكِرَ اهـ نَعَمْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ هُنَا لَا ثَمَّ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ آدَمِيٌّ نَاجِزٌ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ بِجَعْلِ مُقَدِّمَةِ مَا يُظَنُّ مِنْهُ الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ) أَيْ فِي قَبْضِ الْوَدَائِعِ إمَّا بِخُصُوصِهَا، أَوْ بِتَوْكِيلِهِ فِي أَمْرٍ عَامٍّ يَشْمَلُهَا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَهُمَا) أَيْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَهُمَا) أَيْ لِنَحْوِ غَيْبَةٍ وَحَبْسٍ وَتَوَارٍ رَدَّهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِوُقُوعِهِ جَوَابَ الشَّرْطِ الَّذِي قَدَّرَهُ مَعَ عَدَمِ اقْتِرَانِهِ بِالْفَاءِ وَقَوْلُهُ: لِقَاضٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَحِينَئِذٍ تَغَيَّرَ إعْرَابُ الْمَتْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لِقَاضٍ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ رَدَّهَا الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي مَا ذُكِرَ فِيمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَخْذُهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُهَا مِنْ الْوَدِيعِ حِفْظًا لَهَا بِخِلَافِ دَيْنِ غَائِبٍ وَأَخْذِ مَغْصُوبٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُمَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَحْرَزُ لِلْمَالِكِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: فَلِقَاضٍ فَلِأَمِينٍ) وَمَتَى تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ ضَمِنَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ قَالَ الْفَارِقِيُّ إلَّا فِي زَمَنِنَا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِيدَاعِ لِثِقَةٍ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي قَطْعًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ الْحُكَّامِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَصِيَّةٌ بِهَا إلَيْهِمَا) الْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ هَذَا بِالْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ دُونَ السَّفَرِ فَلَا تُغْنِي الْوَصِيَّةُ إلَيْهِمَا فِيهِ عَنْ رَدِّهَا إلَيْهِمَا اهـ ح ل وسم وع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ بِهَا وَوَصْفُهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا، أَوْ يُشِيرُ لِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَيَأْمُرُ بِالرَّدِّ إنْ مَاتَ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْهَادِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: مَعَ وَصْفِهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِيًا أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ فِي تَرِكَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ فِي سَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَةِ الْوَدِيعِ مَا عَيَّنَهُ، أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ وُجِدَ وَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ قَصَّرَ الْوَارِثُ فِي رَدِّهَا ضَمِنَ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِي أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَيْضًا وَفِي تَلَفِهَا عِنْدَهُ وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ وَلَوْ وُجِدَ بَعْدَهُ مُتَعَدِّدٌ مِمَّا وَصَفَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْوَارِثُ ضَمِنَ.
(تَنْبِيهٌ) لَا أَثَرَ لِكِتَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ فِي جَرِيدَتِهِ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ الْإِشْهَادُ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ فَتَضْعِيفُ الْحَلَبِيِّ لَهُ هُوَ الضَّعِيفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَافَرَ بِهَا) وَلَوْ حَدَثَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، وَإِنْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْقُطَّاعُ فَطَرَحَهَا بِمَضْيَعَةٍ لِيَحْفَظَهَا
لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا، وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(وَكَأَنْ يَدْفِنَهَا بِمَوْضِعٍ وَيُسَافِرَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَمِينًا يُرَاقِبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يُرَاقِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ الْمَوْضِعَ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ فَشَرْطُ فَقْدِ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ السُّكْنَى وَلَيْسَ مُرَادًا.
(وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا كَتَرْكِ تَهْوِيَةِ ثِيَابِ صُوفٍ، أَوْ) تَرْكِ (لُبْسِهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) لِذَلِكَ
ــ
[حاشية الجمل]
فَضَاعَتْ ضَمِنَ وَكَذَا لَوْ دَفَنَهَا خَوْفًا مِنْهُمْ عِنْدَ إقْبَالِهِمْ، ثُمَّ أَضَلَّ مَوْضِعَهَا؛ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَى آخِذِهَا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا فَيَضْمَنُ فِي الْمَخُوفِ مَا لَمْ يَكُنْ احْتِمَالُ الْهَلَاكِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا اهـ سَبْط طب. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ إلَخْ) اُنْظُرْ إذَا تَمَكَّنَ الْقَاضِي مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَصِيرُ كَمَا فِي تَرْكِ الْإِيصَاءِ حَرِّرْهُ وَأَخَذَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَمِينُ الْمَالِكِ لَا الشَّرْعِ وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ الْوَدِيعَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عِنْدَ إيدَاعِ الْمَالِكِ إيَّاهُ لَا يَكُونُ أَمِينَ الشَّرْعِ بَلْ فِيهِ جِهَتَانِ كَوْنُهُ أَمِينَ الشَّرْعِ وَكَوْنُهُ أَمِينَ الْمَالِكِ، وَالْمُغَلَّبُ فِي حَقِّهِ أَمَانَةُ الشَّرْعِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الْوَدِيعَةَ كَمَالِ الْيَتِيمِ فِيمَا ذَكَرَ وَأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ مُطْلَقًا وَأَنْكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ) فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَضْمَنُ بِالسَّفَرِ أَوْ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ أَحَدَ الْأُمَنَاءِ إذَا تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ نَحْوِ الْمَرَضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهَا اهـ ح ل وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي شَرْحِ م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَمَحَلُّ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إيصَاءٍ، وَإِيدَاعٍ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالسَّفَرِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إلَّا بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهَا كَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) لَمْ يَزِدْ فِيهِ عَلَى عِبَارَتِهِ هُنَا إلَّا قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ وَنَقَلَ التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ اهـ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ إنْ شِئْت.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَدْفِنَهَا إلَخْ) يُقَالُ دَفَنْت الشَّيْءَ دَفْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَخْفَيْته تَحْتَ أَطْبَاقِ التُّرَابِ فَهُوَ دَفِينٌ وَمَدْفُونٌ فَانْدَفَنَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَظَنُّ الْأَمَانَةِ لَا يَكْفِي لَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَشَرْطُهُ فَقْدُ الْقَاضِي) أَيْ وَفَقْدُ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ وَكِيلِهِ اهـ سَبْط طب.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى دَفْعِهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ وَلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَلَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ فِي مَحَلِّهَا وَفِيهِ مَتَاعٌ لَهُ مَعَهَا فَقَدَّمَ مَتَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا مَعَهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ وَدَائِعُ فَنَقَلَ بَعْضَهَا وَتَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا قَصَّرَ فِي نَقْلِهِ مِنْهَا وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي هَذِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَعِبَارَةُ س ل: قَوْلُهُ: وَكَأَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَعَ فِي خِزَانَةِ الْوَدِيعِ حَرِيقٌ فَبَادَرَ لِنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ فَاحْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إنْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُ الْكُلِّ دَفْعَةً أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لِمِثْلِهِ أَوْ كَانَتْ فَوْقُ فَنَحَّاهَا وَأَخْرَجَ مَالَهُ الَّذِي تَحْتَهَا وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ التَّنْحِيَةِ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ حَجّ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا وَدَائِعُ فَبَادَرَ لِنَقْلِ بَعْضِهَا فَاحْتَرَقَ مَا تَأَخَّرَ نَقْلُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: ثِيَابِ صُوفٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ شَعْرٍ وَوَبَرٍ وَغَيْرِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ لُبْسِهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) عِبَارَةُ م ر وَكَذَا عَلَيْهِ لُبْسُهَا بِنَفْسِهِ إنْ لَاقَ بِهِ عِنْدَ حَاجَتِهَا بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الدُّودِ بِسَبَبِ عَبَقِ رِيحِ الْآدَمِيِّ بِهَا، نَعَمْ إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ لُبْسُهَا أَلْبَسَهَا مَنْ يَلِيقُ بِهِ بِهَذَا الْقَصْدِ قَدْرَ الْحَاجَةِ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا لَمْ يَنْهَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهَا كَثَوْبِ حَرِيرٍ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَلْبَسُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ فَالْوَجْهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَتْ الثِّيَابُ كَثِيرَةً بِحَيْثُ يَحْتَاجُ لُبْسُهَا إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ لِيَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً فِي مُقَابَلَةِ لُبْسِهَا؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْذُلَ مَنْفَعَتَهُ مَجَّانًا كَالْحِرْزِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إلَخْ قَالَ حَجّ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ نَحْوِ اللُّبْسِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِلَّا ضَمِنَ بِهِ وَيُوَجَّهُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ اهـ ع ش.
(فَرْعٌ) قَالَ م ر: إذَا أَوْدَعَهُ خَاتَمًا فَلَبِسَهُ فَإِنْ لَبِسَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي لُبْسِهِ، أَوْ قَصَدَ بِلُبْسِهِ اسْتِعْمَالَهُ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ ضَمِنَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَبِسَهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي لُبْسِهِ لِمِثْلِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِلُبْسِهِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَضْمَنْ وَيَخْتَلِفُ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ هَذَا حَاصِلُ أَمْرِهِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْخُنْثَى جَعْلُهُ كَالرَّجُلِ فَلَا ضَمَانَ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَمَانَتِهِ وَعَدَمُ
وَقَدْ عَلِمَهَا لِأَنَّ الدُّودَ يُفْسِدُهَا، وَكُلٌّ مِنْ الْهَوَاءِ وَعَبَقِ رَائِحَةِ الْآدَمِيِّ بِهَا يَدْفَعُهُ (أَوْ) تَرْكِ (عَلْفِ دَابَّةٍ) بِسُكُونِ اللَّامِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِفْظِ (لَا إنْ نَهَاهُ) عَنْ التَّهْوِيَةِ وَاللُّبْسِ
ــ
[حاشية الجمل]
الِاسْتِعْمَالِ الْمُضَمِّنِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ أُنُوثَتِهِ حَتَّى يَكُونَ بِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ اسْتِعْمَالًا؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِعْمَالَ بِلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ إلَّا مِنْ الْأُنْثَى بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ لُبْسَهُ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الْحِفْظُ قَالَهُ م ر وَاعْتَمَدَهُ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ نَقَلَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ ثَانِيهِمَا إلْحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمَهَا) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ، أَوْ كِيسٍ مَشْدُودٍ فَلَا ضَمَانَ اهـ مَحَلِّيٌّ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ فَتْحُهُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ اهـ ق ل عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدُّودَ) جَمْعُ دُودَةٍ وَيُجْمَعُ عَلَى دِيدَانٍ بِالْكَسْرِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ عَلْفِ دَابَّةٍ) أَيْ مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا غَالِبًا، وَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِدُخُولِهَا بِذَلِكَ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ كَانَ بِهَا جُوعٌ سَابِقٌ ضَمِنَهَا وَقِيلَ ضَمِنَ الْقِسْطَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا تَرَكَ تَسْيِيرَهَا قَدْرًا تَنْدَفِعُ بِهِ زَمَانَتُهَا اهـ ح ل قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ أَوْدَعَهُ بَهِيمَةً وَأَذِنَ لَهُ فِي رُكُوبِهَا، أَوْ ثَوْبًا وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهِ فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهَا عَارِيَّةٌ فَاسِدَةٌ اهـ دَمِيرِيٌّ.
فَهُمَا عَقْدَانِ فَاسِدَانِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا، أَوْ سَقْيَهَا مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا جُوعًا، أَوْ عَطَشًا وَلَمْ يَنْهَهُ ضَمِنَهَا إنْ تَلِفَتْ، وَنَقْصَ أَرْشِهَا إنْ نَقَصَتْ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَمْ يَضْمَنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ بِهَا جُوعٌ، أَوْ عَطَشٌ سَابِقٌ وَعَلِمَهُ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ جَمِيعَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ بِضَمَانِهِ بِالْقِسْطِ وَيَجِبُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ أَوْ تَسْيِيرُهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ الزَّمَانَةِ لِطُولِ وُقُوفِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَجَعَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِثَالًا، وَأَنَّ الضَّابِطَ خَوْفُ الْفَسَادِ وَلَوْ تَرَكَ الْوَدِيعُ شَيْئًا مِمَّا لَزِمَهُ لِجَهْلِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَعُذْرٍ لِنَحْوِ بُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَفِي تَضْمِينِهِ وَقْفَةٌ لَكِنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ عَلْفِ دَابَّةٍ) أَيْ مُدَّةً يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ بِذَلِكَ كَأَنْ مَاتَتْ بِانْهِدَامِ حَائِطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِمَا يَصُونُهَا عَنْ التَّلَفِ وَالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَوْتِهَا قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِهَا جُوعٌ سَابِقٌ وَعَلِمَهُ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ تَشْبِيهًا بِمَا لَوْ اكْتَرَى بَهِيمَةً فَحَمَّلَهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ جَوَّعَ إنْسَانًا وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ كَالْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِسْطَ اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَاعْتَمَدَ م ر فِيمَا لَوْ كَانَ بِالْحَيَوَانِ جُوعٌ سَابِقٌ وَجَوَّعَهُ الْوَدِيعُ جُوعًا قَدْرًا يَمُوتُ بِهِ مَعَ انْضِمَامِهِ لِلْجُوعِ السَّابِقِ وَعَلِمَ بِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ لَا الْقِسْطَ، وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَ سَقْيَ النَّخْلِ الْمُودَعَةِ حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَ كَالْحَيَوَانِ لَكِنَّهُ لَا يَأْثَمُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ فِي الضَّمَانِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ الْإِثْمِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ اهـ. (وَأَقُولُ) وَيُؤَيِّدُهُ الضَّمَانُ بِتَرْكِ نَشْرِ الصُّوفِ وَلُبْسِهِ لِدَفْعِ إفْسَادِ الدُّودِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْثَمَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ السَّقْيُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَهَلْ يَضْمَنُ نَخِيلًا اسْتَوْدَعَهَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِسَقْيِهِ فَتَرَاكَهُ كَالْحَيَوَانِ، أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ وَفَرَّقَ بِحُرْمَةِ الرُّوحِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَا تَشْرَبُ بِعُرُوقِهَا وَفِيمَا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ سَقْيِهَا اهـ وَاعْتَمَدَ م ر الضَّمَانَ وَانْظُرْ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَتَرْكِ تَهْوِيَةِ الثِّيَابِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَلَفُ الثِّيَابِ بِتَرْكِ التَّهْوِيَةِ أَقْرَبُ مِنْ تَلَفِ الشَّجَرِ بِتَرْكِ السَّقْيِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَهَاهُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ لِيُجْبِرَ مَالِكَهَا إنْ حَضَرَ، أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَهَاهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَوَلِيِّ مَحْجُورٍ وَعَلِمَ بِهِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَهَاهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنْ مَنَعَهُ لِعِلَّةٍ فَأَطْعَمَهُ وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ ضَمِنَ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ عَلِمَ تِلْكَ الْعِلَّةَ اهـ وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ إذَا أَوْدَعَ حَيَوَانَ مَحْجُورِهِ، وَنَهَى الْمُودَعُ عَنْ إطْعَامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ أَيْ الْحَيَوَانُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ كَأَنْ أَوْدَعَ الْوَلِيُّ حَيَوَانَ مَحْجُورِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُشْبِهُ أَنَّ نَهْيَهُ كَالْعَدَمِ وَسَبَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ وَمَشَى م ر عَلَى خِلَافِ بَحْثِ شَيْخِنَا السَّابِقِ فَقَالَ: إنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ
وَالْعَلْفِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَتْلِفْ الثِّيَابَ وَالدَّابَّةَ فَفَعَلَ لَكِنَّهُ يَعْصِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِي لَا إنْ نَهَاهُ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأَوَّلَيْنِ (فَإِنْ أَعْطَاهُ) الْمَالِكُ (عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ (عَلَفَهَا مِنْهُ، وَإِلَّا رَاجَعَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ) لِيَعْلِفَهَا، أَوْ يَسْتَرِدَّهَا (فَ) إنْ فَقَدَهُمَا رَاجَعَ (الْقَاضِيَ) لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا، أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا كَمَا فِي عَلْفِ اللُّقَطَةِ.
(وَكَأَنْ تَلِفَتْ بِمُخَالَفَةِ) حِفْظٍ (مَأْمُورٍ بِهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ) الَّذِي فِيهِ الْوَدِيعَةُ (فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِهِ) أَيْ بِثِقْلِهِ (وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِهِ) أَيْ بِانْكِسَارِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلتَّلَفِ (لَا) إنْ تَلِفَ (بِغَيْرِهِ) كَسَرِقَةٍ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ رُقَادَهُ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِفْظِ وَالِاحْتِيَاطِ نَعَمْ إنْ كَانَ الصُّنْدُوقُ فِي صَحْرَاءَ فَسُرِقَتْ مِنْ جَانِبِهِ ضَمِنَ إنْ سُرِقَتْ مِنْ جَانِبٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ لَرَقَدَ فِيهِ (وَلَا إنْ نَهَاهُ عَنْ قُفْلَيْنِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ إلَّا قُفْلًا وَاحِدًا (فَأَقْفَلَهُمَا) أَوْ نَهَاهُ عَنْ قُفْلٍ فَأَقْفَلَ فَلَا يَضْمَنُ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِسُوقٍ وَقَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ، أَوْ) قَالَ (ارْبِطْهَا) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا (فِي كُمِّك، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ حِفْظٍ فَأَمْسَكَهَا) بِيَدِهِ (بِلَا رَبْطٍ فِيهِ) أَيْ فِي كُمِّهِ (فَضَاعَتْ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ) كَنَوْمٍ (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (لَا بِأَخْذِ غَاصِبٍ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَلَا بِجَعْلِهَا بِجَيْبِهِ) بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي كُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْكُمِّ إلَّا إنْ كَانَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ فَيَضْمَنُ
ــ
[حاشية الجمل]
بِفِعْلِهِ وَهُوَ الْعَلْفُ بَعْدَ نَهْيِ الْمَالِكِ، وَالتَّلَفُ بِالْفِعْلِ مُضَمِّنٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الْعِلْمِ، أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَجَوَّعَهُ قَدْرًا لَوْ انْضَمَّ إلَى الْأَوَّلِ أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَالْعَلْفِ) بِسُكُونِ اللَّامِ أَيْ وَلَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَلْفِ الَّذِي هُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّهْوِيَةِ وَاللُّبْسِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَيَاعُ مَالٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ فِعْلٍ بَلْ بِسَبَبِ تَرْكٍ تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: رَاجَعَ الْقَاضِيَ) فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمَ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَوَى الرُّجُوعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الرُّجُوعِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ) وَاَلَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى الْمَالِكِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهَا مِنْ التَّعَيُّبِ لَا الَّذِي يُسْمِنُهَا وَلَوْ كَانَتْ سَمِينَةً عِنْدَ الْإِيدَاعِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَلْفُهَا بِمَا يَحْفَظُ نَقْصَهَا عَنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ قِيمَتَهَا وَلَوْ فَقَدَ الْحَاكِمَ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا رُجُوعَ فِي الْأَوْجَهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ رَاعِيَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَسْرِيحِهَا مَعَ ثِقَةٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ مَنْ يُسَرِّحُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَحْوُ الْبَيْعِ، أَوْ الْإِيجَارِ، أَوْ الِاقْتِرَاضِ كَالْحَاكِمِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا إلَّا بِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَى الصُّنْدُوقِ) بِضَمِّ الصَّادِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالصُّنْدُوقُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ بِالسِّينِ وَالزَّايِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُقَالُ لِمَا تُجْعَلُ فِيهِ الثِّيَابُ صُوَانٌ فَإِنْ كَانَ مُجَلَّدًا وَفِيهِ مَسَامِيرُ فَهُوَ الصُّنْدُوقُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يُجْعَلُ فِيهِ الطِّيبُ فَهُوَ الرَّبْعَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِهِ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فِي صَحْرَاءَ) الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ الْحِرْزِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَسُرِقَتْ مِنْ جَانِبِهِ ضَمِنَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَتْ مِنْ غَيْرِ مَرْقَدِهِ، أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ، أَوْ لَا مَعَ نَهْيٍ، وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْ مَحَلِّ مَرْقَدِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَنْ قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَأَقْفَلَهُمَا) فَلَوْ لَمْ يُقْفِلْ عَلَيْهِ أَصْلًا هَلْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ الْقُفْلُ مَأْمُورًا بِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ لِذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْحِفْظِ قَالَ م ر: وَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ كَوْنِهِ إغْرَاءً لِلسَّارِقِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْقَائِلُ بِالضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِسُوقٍ) خَرَجَ بِالسُّوقِ مَا لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ فِي الْبَيْتِ وَقَالَ احْفَظْهَا فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ فِيهِ فَوْرًا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، أَوْ شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ لَا مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ وَخَرَجَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَمْكَنَ إحْرَازُهَا فِي الْبَيْتِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْبَيْتِ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ احْفَظْهَا فِيهِ أَيْ فِي الْبَيْتِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ احْفَظْهَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْخُرُوجِ بِهَا مِنْ الْبَيْتِ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ حِفْظُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ مِنْ وُجُوهِ الْحِفْظِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا، أَوْ مُقَارِبًا لَهُ إذْ لَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ م ر لَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ: احْمِلْهَا إلَى بَيْتِك لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِقَبُولِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حِسْبَةً، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا) فِي الْمِصْبَاحِ رَبَطَ رَبْطًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةٌ وَالرِّبَاطُ مَا يُرْبَطُ بِهِ الْقِرْبَةُ وَغَيْرُهَا وَالْجَمْعُ رُبُطٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَيُقَالُ لِلْمُصَابِ رَبَطَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ بِالصَّبْرِ كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ عَلَيْهِ الصَّبْرَ أَيْ أَلْهَمَهُ وَالرِّبَاطُ اسْمٌ مِنْ رَابَطَ مُرَابَطَةً مِنْ بَابِ قَاتَلَ إذَا لَازَمَ ثَغْرَ الْعَدُوِّ وَالرِّبَاطُ الَّذِي يُبْنَى لِلْفُقَرَاءِ مُوَلَّدٌ وَيُجْمَعُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى رُبُطٍ بِضَمَّتَيْنِ وَرِبَاطَاتٍ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ غَفْلَةٍ) كَنَوْمٍ وَلَوْ نَامَ وَمَعَهُ الْوَدِيعَةُ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْفَظُهَا، أَوْ فِي مَحَلِّ حِرْزٍ لَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا بِجَعْلِهَا بِجَيْبِهِ) لَا فَرْقَ فِي الْجَيْبِ بَيْنَ الَّذِي فِي فَتْحَةِ الْقَمِيصِ وَاَلَّذِي بِجَانِبِهِ أَيْ إنْ غُطِّيَ
لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ (أَوْ) قَالَ (اجْعَلْهَا بِجَيْبِك ضَمِنَ بِرَبْطِهَا) فِي كُمِّهِ لِتَرْكِهِ الْأَحْرَزَ أَمَّا إذَا أَمْسَكَهَا مَعَ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ، أَوْ امْتَثَلَ قَوْلَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك فَإِنْ جَعَلَ الْخَيْطَ خَارِجًا فَضَاعَتْ بِأَخْذِ طَرَّارٍ ضَمِنَ، أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ فَلَا، وَإِنْ جَعَلَهُ دَاخِلًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيْتِهِ، وَإِلَّا فَلْيُحْرِزْهَا فِيهِ (وَكَأَنْ يُضِيعَهَا كَأَنْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) ، أَوْ يَنْسَاهَا (أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهَا) مُعَيِّنًا مَحَلَّهَا (ظَالِمًا) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ سَارِقًا، أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ (أَوْ يُسَلِّمَهَا لَهُ) أَيْ لِظَالِمٍ وَلَوْ (مُكْرَهًا وَيَرْجِعُ) هُوَ إذَا غَرِمَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْمَالِ عُدْوَانًا وَلَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ قَهْرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ (وَكَأَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَلُبْسٍ وَرُكُوبٍ لَا لِعُذْرٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ كَلُبْسِهِ لِدَفْعِ دُودٍ وَرُكُوبِهِ لِجِمَاحٍ (وَكَأَنْ يَأْخُذَهَا) مِنْ مَحَلِّهَا (لِيَنْتَفِعَ بِهَا) وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَخَذَهَا لِذَلِكَ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِلْعُذْرِ مَعَ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ، ثُمَّ يَرُدَّهُ، أَوْ بَدَلَهُ ضَمِنَهُ فَقَطْ (لَا إنْ نَوَى الْأَخْذَ) لِذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ
ــ
[حاشية الجمل]
بِثَوْبٍ فَوْقَهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنْ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا أَيْ الدَّرَاهِمَ فَوَضَعَهَا فِي الْكُمِّ بِلَا رَبْطٍ فَسَقَطَتْ وَهِيَ خَفِيفَةٌ لَا يَشْعُرُ بِهَا ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِحْرَازِ أَوْ وَهِيَ ثَقِيلَةٌ يَشْعُرُ بِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا، أَوْ وَضَعَهَا فِي كُورِ عِمَامَتِهِ بِلَا رَبْطٍ فَضَاعَتْ ضَمِنَ اهـ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ التِّكَّةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَكَأَنَّ إطْلَاقَ الْجَيْبِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الَّذِي هُوَ كَالْخَرِيطَةِ فِي طَوْقِ الْقَمِيصِ، أَوْ فِي جَانِبِهِ مِنْ تَحْتُ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ لِلْفُقَهَاءِ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَى مَا فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْجَيْبَ هُوَ نَفْسُ طَوْقِ الْقَمِيصِ فَفِي الْمِصْبَاحِ جَيْبُ الْقَمِيصِ مَا يَنْفَتِحُ عَلَى النَّحْرِ، وَالْجَمْعُ أَجْيَابٌ وَجُيُوبٌ، وَجَابَهُ يَجُوبُهُ قَوَّرَ جَيْبَهُ وَجَيَّبَهُ بِالتَّشْدِيدِ جَعَلَ لَهُ جَيْبًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ: هُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ أُخِذَتْ بِالتَّنَاوُلِ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا أُخِذَتْ بِشَقِّهِ مِنْ أَسْفَلَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْجَيْبُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ غَيْرُ حِرْزٍ مُطْلَقًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَعَلَ الْخَيْطَ خَارِجًا) هَذَا إنْ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ فَقَطْ، أَوْ جَعَلَهَا فِي الْأَعْلَى أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي الثَّوْبِ الْأَسْفَلِ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ ب ش. (قَوْلُهُ: بِأَخْذِ طَرَّارٍ) أَيْ قَطَّاعٍ وَهُوَ الشُّرْطِيُّ اهـ شَيْخُنَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ طَرَرْت طَرًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ شَقَقْته وَمِنْهُ الطَّرَّارُ وَهُوَ الَّذِي يَقْطَعُ النَّفَقَاتِ وَيَأْخُذُهَا عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ فَلَا) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ ثَقِيلَةً يَحُسُّ بِهَا إذَا وَقَعَتْ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إحْكَامِ الرَّبْطِ بِخِلَافِ الثَّقِيلَةِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلْيُحْرِزْهَا فِيهِ) فَإِنْ خَرَجَ بِهَا فِي كُمِّهِ، أَوْ جَيْبِهِ، أَوْ يَدِهِ ضَمِنَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ) أَيْ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الضَّيَاعِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا أَنْ تَقَعَ دَابَّةٌ فِي مَهْلَكَةٍ وَهِيَ مَعَ رَاعٍ، أَوْ وَدِيعٍ فَيَتْرُكَ تَخْلِيصَهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ، أَوْ يَتْرُكَ ذَبْحَهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ تَخْلِيصِهَا فَتَمُوتَ فَيَضْمَنَهَا عَلَى مَا مَرَّ وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَبْحِهَا كَذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي دَعْوَاهُ خَوْفًا أَلْجَأَهُ إلَى إيدَاعِ غَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَنَامَ عَنْهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بِرَحْلِهِ، وَرُفْقَتُهُ حَوْلَهُ أَيْ مُسْتَيْقِظُونَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ بِالنَّوْمِ حِينَئِذٍ وَمِنْهَا ضَيَاعُهَا بِنِسْيَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَأَنْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ، ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهَا، أَوْ دَفَنَهَا بِحِرْزٍ، ثُمَّ نَسِيَهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مِفْتَاحَ نَحْوِ بَيْتِهِ فَدَفَعَهُ لِآخَرَ فَفَتَحَ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ حِفْظَ الْمِفْتَاحِ لَا الْمَتَاعِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ الْتَزَمَهُ ضَمِنَهُ اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ الْتَزَمَهُ: أَيْ حِفْظَ الْأَمْتِعَةِ كَأَنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَى الْمِفْتَاحِ وَمَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ فَالْتَزَمَ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُرِهِ الْأَمْتِعَةَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْخُفَرَاءِ إذَا اُسْتُحْفِظُوا عَلَى السِّكَّةِ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنُوا الْأَمْتِعَةَ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهَا لَهُمْ وَعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ إيَّاهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَتَعَقَّبَهُ الرَّشِيدِيُّ بِقَوْلِهِ قُلْت: لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ تَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَإِذَا تَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ مَعَ الْتِزَامِ حِفْظِ الْمَتَاعِ فَهُوَ مُتَسَلِّمٌ لِلْمَتَاعِ مَعْنًى بَلْ حِسًّا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَحَلِّهِ وَأَيْضًا فَالِاسْتِحْفَاظُ هُنَا عَلَى الْمَتَاعِ وَهُنَاكَ عَلَى السِّكَّةِ وَأَيْضًا فَالْأَمْتِعَةُ هُنَا مُعَيَّنَةٌ نَوْعَ تَعْيِينٍ إذْ هِيَ مَحْصُورَةٌ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَحْفَظِ عَلَيْهِ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ بِخِلَافِ بُيُوتِ السِّكَّةِ الَّتِي بِهَا سُكَّانُهَا يَزِيدُونَ وَيَنْقُصُونَ وَأَيْضًا فَالْمُسْتَحْفِظُ هُنَا مَالِكُ الْمَتَاعِ وَثَمَّ الْمُسْتَحْفِظُ هُوَ الْحَاكِمُ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهَا) أَيْ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الْغَيْرِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ كَمَا قَالَاهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا إنْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مُعَيِّنًا مَحَلَّهَا) كَقَوْلِهِ هِيَ فِي مَكَانِ كَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ كَقَوْلِهِ هِيَ عِنْدِي فَلَا يَضْمَنُ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْهَهُ الْمَالِكُ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَهَاهُ فَخَالَفَ وَدَلَّ ضَمِنَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَحَلَّهَا، أَوْ لَا اهـ مِنْ الْحَلَبِيِّ بِتَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا) إذْ لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمُبَاشَرَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَهَذَا التَّعْمِيمُ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلْوَضْعِ وَالدَّلَالَةِ وَالتَّسْلِيمِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: رُكُوبِهِ لِجِمَاحٍ) أَيْ وَهَرَبِهِ مِنْ ظَالِمٍ يَأْخُذُهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلَهُ ضَمِنَهُ فَقَطْ) فَإِنْ رَدَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِعَيْنِهِ ضَمِنَهُ فَقَطْ مُطْلَقًا، وَإِنْ رَدَّ بَدَلَهُ فَإِنْ تَمَيَّزَ ذَلِكَ الْبَدَلُ ضَمِنَهُ فَقَطْ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْكُلَّ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل
يُحْدِثْ فِعْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (وَكَأَنْ يَخْلِطَهَا بِمَالٍ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ) بِسُهُولَةٍ عَنْهُ بِنَحْوِ سِكَّةٍ.
(وَلَوْ) خَلَطَهَا بِمَالٍ (لِلْمُودِعِ) بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَيَّزَتْ بِسُهُولَةٍ وَلَمْ تَنْقُصْ بِالْخَلْطِ (وَكَأَنْ يَجْحَدَهَا أَوْ يُؤَخِّرَ تَخْلِيَتَهَا) أَيْ التَّخْلِيَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَالِكِهَا (بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ طَلَبِ مَالِكِهَا) لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا، أَوْ أَخَّرَ تَخْلِيَتَهَا بِلَا طَلَبٍ مِنْ مَالِكِهَا، وَإِنْ كَانَ الْجَحْدُ وَتَأْخِيرُ التَّخْلِيَةِ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا بِعُذْرٍ مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِكِهَا وَمَا لَوْ أَخَّرَ التَّخْلِيَةَ بِعُذْرٍ كَصَلَاةٍ وَخَرَجَ بِتَخْلِيَتِهَا حَمْلُهَا إلَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ضَمِنَهَا كُلَّهَا إنْ فَضَّ نَحْوَ خَتْمٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ فَقَطْ فَإِنْ رَدَّهُ فَكَذَلِكَ إنْ تَمَيَّزَ، أَوْ تَلِفَتْ كُلُّهَا فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ بِقِسْطِهِ فَقَطْ فَيَضْمَنُ نِصْفَهُ إنْ تَلِفَ نِصْفُهَا كَذَا قَالُوهُ وَقَالُوا أَيْضًا: إنَّهُ لَوْ رَدَّ بَدَلَهُ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَحْدَهُ.
(فَرْعٌ) دَفَعَ لَهُ ثَوْبًا لِيُحْرِقَهُ فَانْتَفَعَ بِهِ ضَمِنَهُ وَأُجْرَتَهُ، وَإِنْ أَحْرَقَهُ بَعْدُ فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْرَاقِهِ عَيْنًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ اهـ. (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ عِنْدَ تَسَلُّمِهَا مِنْ مَالِكِهَا أَيْ نَوَى عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ خَانَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ وَمَا هُنَا خِيَانَةٌ فِي الدَّوَامِ فَاغْتُفِرَتْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَخْلِطَهَا) أَيْ عَمْدًا بِمَالٍ أَيْ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الْغُرْمُ لِمَا قَالُوهُ فِي الْغَصْبِ إنَّ خَلْطَ الشَّيْءِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ لِمَالِكِهِ الْمِثْلُ، أَوْ الْقِيمَةُ فَلَا مُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ.
1 -
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ قَطَعَ الْوَدِيعُ يَدَهَا، أَوْ أَحْرَقَ بَعْضَ الثَّوْبِ خَطَأً ضَمِنَهُ دُونَ الْبَاقِي، أَوْ عَمْدًا ضَمِنَهَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَجْحَدَهَا) بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ تُودِعْنِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ " لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي " فَيُقْبَلُ عِنْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّلَفِ لَا بَعْدَهُ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ فِي التَّلَفِ حُلِّفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ.
(فُرُوعٌ) أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مُطَرَّزًا فَتَلِفَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَنْقُصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى وَدِيعٍ بِوَدِيعَةٍ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْوَدِيعِ فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَ الْآخَرُ، وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهَا، وَلَوْ قَالَ: هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ وَالْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَفِي ثَوْبٍ أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِمَا لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا وَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مَصَارِفِهَا أَوْ فِي بِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَرِبَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَلِفَتْ، وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَصَبْتهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَخَذْتهَا مِنْك وَدِيعَةً وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ غَصَبْتهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ، ثُمَّ حَاوَلَ الْمُسْقِطَ بِخِلَافِ الْأُولَى اهـ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ:
(خَاتِمَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا تَسَلَّفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ، ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ اهـ وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافَ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا حَجّ فِي بَابِ الْبَيْعِ فِي بَحْثِ الْقَبْضِ: وَتَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ كَتَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: بَعْدَ طَلَبِ مَالِكِهَا) أَيْ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ، وَإِلَّا كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ فَالرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ حَجّ وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْوَدِيعِ بِالْفَلَسِ نُزِعَتْ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ أَوْدَعَاهُ حِصَّتَهُ دَفَعَهَا لَهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَقْسِمُهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَبٍ مِنْ مَالِكِهَا) أَيْ وَكَانَ هُنَاكَ طَلَبٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَخَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَخَّرَ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ طَلَبٌ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَهَا بِعُذْرٍ مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ إلَخْ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْكَارُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مُورِيًا وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ وَتَطْلُقَ زَوْجَتُهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُورِ، وَيَجِبُ الْحَلِفُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَمْلُوكًا يُرِيدُ الظَّالِمُ قَتْلَهُ أَوْ الْفُجُورَ بِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ دَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِكِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَأَنْ أَمَرَ الظَّالِمُ مَالِكَهَا بِطَلَبِهَا مِنْ الْوَدِيعِ فَطَلَبَهَا مِنْهُ وَهُوَ يُحِبُّ جُحُودَهَا فَجَحَدَهَا حِفْظًا لَهَا فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ كَصَلَاةٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِهِ لِنَحْوِ طُهْرٍ وَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهِيَ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَمُلَازَمَةِ
فَلَا يَلْزَمُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْعُذْرِ فِي الْجُحُودِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَمَتَى خَانَ لَمْ يَبْرَأْ) وَإِنْ رَجَعَ (إلَّا بِإِيدَاعٍ) ثَانٍ مِنْ الْمَالِكِ كَأَنْ يَقُولَ: اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا، فَيَبْرَأَ لِرِضَا الْمَالِكِ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ (وَحُلِّفَ) الْوَدِيعُ فَيُصَدَّقُ (فِي) دَعْوَى (رَدِّهَا عَلَى مُؤْتَمِنِهِ) وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَخَرَجَ بِدَعْوَاهُ الرَّدَّ عَلَى مُؤْتَمِنِهِ مَا لَوْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى وَارِثِ مُؤْتَمِنِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ عَلَى الْمُودِعِ، أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (وَ) حُلِّفَ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهَا مُطْلَقًا، أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ، أَوْ) بِسَبَبٍ (ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ) وَبَرْدٍ وَنَهْبٍ (عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ) لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ (فَإِنْ عُرِفَ عُمُومُهُ أَيْضًا وَلَمْ يُتَّهَمْ فَلَا) يُحَلَّفُ بَلْ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ مَعَ قَرِينَةِ الْعُمُومِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " وَلَمْ يُتَّهَمْ " مَا لَوْ اُتُّهِمَ فَيُحَلَّفُ وُجُوبًا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ نَدْبًا كَمَا مَرَّ، ثُمَّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْبَابَيْنِ (وَإِنْ جُهِلَ) السَّبَبُ الظَّاهِرُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) بِوُجُودِهِ (ثُمَّ يُحَلَّفُ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُلِّفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، وَالتَّصْدِيقُ الْمَذْكُورُ يَجْرِي فِي كُلِّ أَمِينٍ
ــ
[حاشية الجمل]
غَرِيمٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ، وَإِحْرَامٍ يَطُولُ زَمَنُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ أَمِينٍ يَرُدُّهَا إنْ وَجَدَ، وَإِلَّا بَعَثَ لِلْحَاكِمِ لِيَرُدَّهَا فَإِنْ تَرَكَ أَحَدَ هَذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ) عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَعْطَى غَيْرَهُ خَاتَمًا مَثَلًا أَمَارَةً لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَمَرَهُ بِرَدِّهِ إذَا قُضِيَتْ فَتَرَاكَهُ بَعْدَ قَضَائِهَا فِي حِرْزِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ لَا غَيْرُ كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي رَدِّهَا بَعْدَ جَحْدِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِيدَاعٍ ثَانٍ مِنْ الْمَالِكِ) خَرَجَ بِالْمَالِكِ غَيْرُهُ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ وَخَرَجَ بِالْإِيدَاعِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ إيدَاعٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي سم.
(فَائِدَةٌ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الضَّمَانِ كَانَ كَإِحْدَاثِ الِاسْتِئْمَانِ وَلَوْ قَالَ: أَذِنْتُ لَكَ فِي حِفْظِهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ لَا بِإِيدَاعِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ كَمَا لَوْ جَحَدَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهَا فَوْرًا بِخِلَافِ مُرْتَهِنٍ، أَوْ وَكِيلٍ تَعَدَّى وَكَانَ الْفَرْقُ مَا مَرَّ مِنْ ارْتِفَاعِ أَصْلِ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَانَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ الرَّشِيدُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا لَهُ اسْتِئْمَانًا أَوْ إذْنًا فِي حِفْظِهَا، أَوْ إبْرَاءً، أَوْ إيدَاعًا بَرِئَ الْوَدِيعُ مِنْ ضَمَانِهَا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَخَرَجَ بِأَحْدَثَ قَوْلُهُ لَهُ قَبْلَ الْخِيَانَةِ: إنْ خُنْتَ، ثُمَّ تَرَكْتَ عُدْتَ أَمِينًا فَلَا يَبْرَأُ بِهِ قَطْعًا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ وَتَعْلِيقٌ لِلْوَدِيعَةِ.
وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ نَحْوُ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ أَتْلَفَهَا فَأَحْدَثَ لَهُ اسْتِئْمَانًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْبَدَلِ لَمْ يَبْرَأْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى رَدِّهَا) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى التَّخْلِيَةَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ دَعْوَاهُ التَّخْلِيَةَ مَقْبُولَةٌ فَلَوْ قَالَ: خَلَّيْتُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: رَدَدْتُهَا عَلَى الْمَالِكِ بِنَفْسِي، أَوْ بِوَكِيلِي وَوَصَلَتْ إلَيْهِ، أَوْ خَلَّيْتُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ فَأَخَذَهَا؛ الْكُلُّ سَوَاءٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ كَذَا فِي حَوَاشِي الْجَلَالِ الْبَكْرِيِّ عَلَى الرَّوْضَةِ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ عَلَى الْمُودِعِ) أَيْ رَدَّهُ هُوَ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ رَدَّ عَلَى الْمُودِعِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا عَلَى الْمُودِعِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ أَيْ التَّصْدِيقُ بِالْيَمِينِ مَا لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُودِعِ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَمَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْوَدِيعِ رَدَّ مُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ. (قَوْلُهُ: كَسَرِقَةٍ) أَيْ وَغَصْبٍ نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي خَلْوَةٍ، وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُرِفَ عُمُومُهُ) أَيْ أَنَّهُ عَمَّ الْبُقْعَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُتَّهَمْ) الْمُرَادُ بِالِاتِّهَامِ هُنَا احْتِمَالُ سَلَامَتِهَا مِنْ ذَلِكَ السَّبَبِ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُتَّهَمْ أَيْ لَمْ يَحْتَمِلْ سَلَامَتَهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ اُتُّهِمَ أَيْ احْتَمَلَ سَلَامَتَهَا مِنْهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْبَابَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا بَقَاءُ الْعَيْنِ وَفِي الزَّكَاةِ عَدَمُ شَغْلِ الذِّمَّةِ اهـ ح ل لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالزَّكَاةِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي إلَخْ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ فِي الصُّوَرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاجِبَةٌ أَيْضًا وَفِي نَظِيرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ مَنْدُوبَةٌ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ فَإِنْ ادَّعَى الْمَالِكُ تَلَفَ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَكَوَدِيعٍ لَكِنَّ الْيَمِينَ هُنَا سُنَّةٌ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: فَكَوَدِيعٍ أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَفِي تَلَفِهَا مُطْلَقًا إلَخْ تَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ) كَالنَّهْبِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ، أَوْ أَقَرَّ وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَهُ نُظِرَ فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي صُدِّقَ أَوْ لَمْ تُؤَدِّ عَنِّي لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ لَكِنْ لَوْ سَأَلَ التَّحْلِيفَ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى التَّلَفِ، أَوْ الرَّدِّ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ كَالْغَاصِبِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: سَوَاءٌ قَالَ فِي جُحُودِهِ وَلَا شَيْءَ لَك أَمْ قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي، وَإِذَا ادَّعَى الرَّدَّ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ خَرَجَ بِهِ التَّلَفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الضَّمَانِ كَمَا يَأْتِي فِي دَعْوَى التَّلَفِ بَعْدُ فَرَاجِعْهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَالتَّصْدِيقُ الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحُلِّفَ فِي رَدِّهَا لِمُؤْتَمِنِهِ وَفِي تَلَفِهَا مُطْلَقًا إلَخْ أَيْ فَكُلُّ أَمِينٍ