الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ
ــ
[حاشية الجمل]
جَمِيعِهِ فَيَقَعُ بَائِنًا بِأَنْ تَكُونَ رَشِيدَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ الرِّيمِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعَلُّقِهَا وَدُونَهُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
(فَرْعٌ) يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تَقَعَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَتَقُولُ لَهُ أَبْرَأْتُك فَيَقُولُ لَهَا إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهَا إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَعْلُومٍ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ لَا بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ مَجْهُولًا فَلَا بَرَاءَةَ وَلَا وُقُوعَ فَتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ دَقِيقٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ بِحُرُوفِهِ
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهِ وَمِنْهَا بَيَانُ صَرَائِحِهِ وَكِنَايَاتِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهُوَ لَفْظٌ جَاهِلِيٌّ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ فَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ الْأَعَمُّ مِنْ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ لِيَكُونَ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عَلَاقَةٌ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَوِيُّ خِلَافَ ظَاهِرِ التَّعْبِيرِ بِالْحِلِّ.
وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حِلِّ الْقَيْدِ وَالْإِطْلَاقِ انْتَهَتْ فَحُمِلَ حِلُّ الْقَيْدِ عَلَى الْحِسِّيِّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَعُطِفَ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ فِي أَخْذِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مِنْهُ كَمَا تَقَرَّرَ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ حَلُّ الْقَيْدِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ فَانْظُرْ هَلْ اُسْتُعْمِلَ الْفِعْلُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُجَرَّدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقًا فَهُوَ مُطَلِّقٌ، فَإِنْ كَثُرَ تَطْلِيقُهُ لِلنِّسَاءِ قِيلَ مِطْلَاقٌ وَالِاسْمُ الطَّلَاقُ وَطَلُقَتْ هِيَ تَطْلُقُ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ فَهِيَ طَالِقٌ بِغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ أَيْضًا امْرَأَةٌ طَالِقٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَطَالِقَةٌ غَدًا فَصَرَّحَ بِالْفَرْقِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْهُ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ اهـ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي حَلِّ الْقَيْدِ الْمَعْنَوِيِّ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فِي حَلِّ الْقَيْدِ الْحِسِّيِّ فَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُخْتَارِ وَنَصُّهَا وَأَطْلَقَ الْأَسِيرُ خَلَاهُ وَأَطْلَقَ النَّاقَةَ مِنْ عِقَالِهَا فَطَلَقَتْ هِيَ بِالْفَتْحِ وَأَطْلَقَ يَدَهُ بِالْخَبَرِ وَطَلَقَهَا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ وَالطَّلَاقُ أَيْضًا الْأَسِيرُ الَّذِي أَطْلَقَ عَنْهُ أَسَارَهُ وَخَلَى سَبِيلُهُ وَالِانْطِلَاقُ الذَّهَابُ وَاسْتِطْلَاقُ الْبَطْنِ مَشْيُهُ اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ حَلَّ الْمَشْيُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ حِلًّا خِلَافُ حَرُمَ وَحَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ أَيْضًا حُلُولًا انْتَهَى فِي أَجَلِهِ فَهُوَ حَالٌّ وَحَلَّتْ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ زَالَ الْمَانِعُ الَّذِي كَانَتْ مُتَّصِفَةً بِهِ كَالْعِدَّةِ وَحَلَّ الْحَقُّ حَلَّا وَحُلُولًا وَجَبَ وَحَلَّ الْمُحْرِمُ حِلًّا بِالْكَسْرِ خَرَجَ مِنْ إحْرَامِهِ وَحَلَّ صَارَ فِي الْحِلِّ وَالْحِلُّ مَا عَدَا الْحَرَمَ وَحَلَّ الْهَدْيُ وَصَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُنْحَرُ فِيهِ وَحَلَّتْ الْيَمِينُ بَرَّتْ وَحَلَّ الْعَذَابُ يَحُلُّ وَيَحِلُّ حُلُولًا هَذِهِ وَحْدَهَا بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ فَالضَّمُّ عَلَى مَعْنَى نَزَلَ بِغَيْرِهِ وَالْكَسْرُ عَلَى مَعْنَى وَجَبَ وَالْبَاقِي بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَحَلَلْت بِالْبَلَدِ حُلُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ نَزَلْت بِهِ وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا فَيُقَالُ حَلَلْت الْبَلَدَ وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ حَكَاهَا ابْنُ الْقَطَّاعِ مَوْضِعُ الْحُلُولِ وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ وقَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] أَيْ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُنْحَرُ فِيهِ وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ وَحَلَلْت الْعُقْدَةَ حَلًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَاسْمُ الْفَاعِلِ حَلَالٌ وَمِنْهُ قِيلَ حَلَلْت الْيَمِينَ إذَا فَعَلْت مَا يَخْرُجُ عَنْ الْحِنْثِ فَانْحَلَّتْ هِيَ وَالْحَلِيلُ الزَّوْجُ وَالْحَلِيلَةُ الزَّوْجَةُ وَالْحِلَّةُ بِالْكَسْرِ الْقَوْمُ النَّازِلُونَ وَتُطْلَقُ الْحِلَّةُ عَلَى الْبُيُوتِ مَجَازًا تَسْمِيَةً لِلْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ) وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَتَعْتَرِيه الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَوَاجِبٌ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى أَوْ الْحَكَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَحَرَامٌ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَمَنْدُوبٌ كَطَلَاقِ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ مَنْ لَا يَمِيلُ إلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَبِأَمْرِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِغَيْرِ تَعَنُّتٍ وَمَكْرُوهٌ لِمَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بِمَنْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا لِعَدَمِ مَيْلِهِ إلَيْهَا مَيْلًا كَامِلًا (تَنْبِيهٌ)
مِنْ الْمَنْدُوبِ طَلَاقُ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ عَلَى عِشْرَتِهَا لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ سُوءِ الْخُلُقِ مُحَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «الصَّالِحَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ»
كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَالسُّنَّةُ كَخَبَرِ: «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الطَّلَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (أَرْكَانُهُ) خَمْسَةٌ (صِيغَةٌ وَمَحَلٌّ وَوِلَايَةٌ وَقَصْدٌ وَمُطَلِّقٌ وَشَرَطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُطَلِّقِ وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ (تَكْلِيفٌ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ لِخَبَرٍ «رُفِعَ الْقَلَمُ
ــ
[حاشية الجمل]
أَيْ الْأَبْيَضِ الْجَنَاحَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْ عَدَدُ الطَّلَاقِ الَّذِي تُمْلَكُ الرَّجْعَةُ عَقِبَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ قَبْلَ الْمُبْتَدَأِ لِيَكُونَ الْمُبْتَدَأُ عَيْنَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: كَخَبَرٍ لَيْسَ شَيْءٌ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْبُغْضِ بَلْ التَّنْفِيرُ مِنْهُ قَالَهُ حَجّ اهـ ح ل وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ الْبُغْضِ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُ الرِّضَا وَهَذَا صَادِقٌ بِالْمَكْرُوهِ كَالْحَرَامِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفُهُ بِالْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْجَائِزُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَوِلَايَةٌ) وَقَصْدٌ فِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوِلَايَةِ وَالْقَصْدِ وَصْفٌ لِلْمُطَلِّقِ فَهَلَّا جُعِلَا مِنْ شُرُوطِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ أَيْ لِصِحَّةِ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفَ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ وَلَا تَنْجِيزٌ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ لَكِنْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَ وَبِهِ نَحْوُ جُنُونٍ وَقَعَ.
وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ وَوُجِدَتْ بِإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَنْحَلَّ بِهَا كَمَا لَمْ يَقَعْ بِهَا أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ وَانْحَلَّتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ نَعَمْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا وَمِنْ الْإِكْرَاهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْهُ قَبْلَ غَلَبَتِهِ بِوَجْهٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ فَلَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا أَوْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ فِيهِ أَوْ لَيَبِيعَنَّ أَمَته الْيَوْمَ فَوَجَدَهَا حَامِلًا مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعَجَزَ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَقْتَ كَذَا فَلَمْ يَعْصِهِ حَيْثُ يَحْنَثُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَصَلَّاهُ حَنِثَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ خَصَّ يَمِينَهُ بِالْمَعْصِيَةِ أَوْ أَتَى بِمَا يَعُمُّهَا قَاصِدًا دُخُولَهَا أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ مُفَارَقَةِ الْغَرِيمِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاحَّةِ فِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ، وَإِنْ أَعْسَرَ حَنِثَ بِخِلَافِ مَنْ أَطْلَقَ وَلَا قَرِينَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ شَرْعًا وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ فَعَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْوَفَاءَ فِي جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ فَلَمْ يُؤَدِّ ثُمَّ أَعْسَرَ بَعْدُ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبَرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشِّهَابِ حَجّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ مَتَى مَضَى يَوْمُ كَذَا مَثَلًا وَلَمْ أَوْفِ فُلَانًا دَيْنَهُ فَأَعْسَرَ لَمْ يَحْنَثْ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَوْلُ حَجّ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ إلَخْ أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ يَقْضِيه حَقَّهُ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ مَثَلًا وَأَعْسَرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلْوَفَاءِ لَكِنْ أَيْسَرَ قَبْلَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ ادِّخَارُ مَا أَيْسَرَ بِهِ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْوَفَاءِ إذْ لَا يَبَرُّ بِالْأَدَاءِ إلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَالْبَرُّ لَيْسَ مَحْصُورًا فِيمَا أَيْسَرَ بِهِ قَبْلَ الْآخَرِ فَلَيْسَ فِي إتْلَافِهِ تَفْوِيتٌ لِلْبَرِّ بِاخْتِيَارِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالْحِنْثِ إذْ الْبَرُّ مَحْصُورٌ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ قَالَهُ حَجّ قُبَيْلَ بَابِ الرَّجْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْسَارِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا أَضْيَقَ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ هُنَا جَمِيعُ مَا يُتْرَكُ لَهُ ثَمَّ، وَإِنَّمَا يُتْرَكُ لَهُ الضَّرُورِيُّ لَا الْحَاجِيُّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ) شَمِلَ النَّائِمَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَصَى بِالنَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَأَنْ نَامَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِيقَاظٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا يَجْلِبُ النَّوْمَ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنَّ أَكْلَهُ يُوجِبُ النَّوْمَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ الْمُزِيلِ لِلْعَقْلِ بِأَنَّ الْعَقْلَ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ الَّتِي يَجِبُ حِفْظُهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ بِخِلَافِ النَّوْمِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَبُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحَصِّلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَاحَةِ الْبَدَنِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ ادَّعَى حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهِ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا أَوْ صَبِيًّا أَيْ وَأَمْكَنَ وَمِثْلُهُ مَجْنُونٌ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَمُنَازَعَةُ الرَّوْضَةِ لَهُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَةٌ إذْ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الطَّلَاقَ ظَاهِرًا لِتَلَفُّظِهِ بِالصَّرِيحِ مَعَ تَيَقُّنِ تَكْلِيفِهِ فَلَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ وَهُنَا لَمْ يَتَيَقَّنْ تَكْلِيفَهُ حَالَ تَلَفُّظِهِ فَقُبِلَ فِي دَعْوَاهُ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونَ بِقَيْدِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِخَبَرِ رُفِعَ الْقَلَمُ) أَيْ قَلَمُ التَّكْلِيفِ وَهُوَ الْكَاتِبُ لِلْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ لَا قَلَمُ الْوَضْعِ وَهُوَ الْكَاتِبُ لِلْأَحْكَامِ الْوَضْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُرْتَفِعًا عَنْ الثَّلَاثِ اهـ شَيْخُنَا وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُرْتَفِعٍ عَنْهُمْ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ
عَنْ ثَلَاثَةٍ» (إلَّا سَكْرَانُ) فَيَصِحُّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَأَجَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ فِي أَوَائِلِ السُّكْرِ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَمُ وُقُوعِ طَلَاقِهِمْ يَلْزَمُهُ عَدَمُ حُرْمَةِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ فَكَأَنَّ الْحَدِيثَ قَالَ إذَا طَلَّقَ الصَّبِيُّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ) تَتِمَّتُهُ «عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» صَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَيْثُ رُفِعَ عَنْهُمْ الْقَلَمُ بَطَلَ تَصَرُّفُهُمْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: إلَّا سَكْرَانُ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءٍ مُنْقَطِعًا مِنْ مَنْطُوقِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ وَالتَّقْدِيرُ يَصِحُّ الطَّلَاقُ مِنْ مُكَلَّفٍ إلَّا السَّكْرَانُ أَيْ لَكِنَّ السَّكْرَانَ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا مِنْ الْمَفْهُومِ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ وَالتَّقْدِيرُ شَرْطُ الطَّلَاقِ التَّكَلُّفُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا السَّكْرَانُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْغَيْرِ كَمَا يَقْتَضِيه صَنِيعُ الشَّارِحِ اهـ ب ش (قَوْلُهُ: إلَّا سَكْرَانُ فَيَصِحُّ مِنْهُ إلَخْ) اسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِالْكِنَايَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مِنْهُ فَمَحَلُّ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِالصَّرَائِحِ فَقَطْ مَرْدُودٌ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّ الصَّرِيحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالسَّكْرَانُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا فَكَمَا أَوْقَعُوهُ بِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فَكَذَلِكَ هِيَ وَكَوْنُهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَصْدَانِ وَهُوَ قَصْدٌ وَاحِدٌ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ أَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ اقْتَضَى الْوُقُوعَ عَلَيْهِ بِالصَّرِيحِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيهَا اهـ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ هِيَ أَيْ الْكِنَايَةُ فَيَقَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسٍ أَنَّهُ نَوَى سَوَاءٌ أَخْبَرَ فِي حَالِ السُّكْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْ الْكِنَايَةِ وَهُوَ أَيْ الصَّرِيحُ وَقَوْلُهُ مَوْجُودٌ فِيهَا أَيْ الْكِنَايَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ أَيْضًا وسم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَالصَّوَابُ امْتِنَاعُ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ وَهُوَ مَنْ لَا يَدْرِي اهـ وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ لَا يَدْرِي يَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ تَعَدِّيًا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَإِمَامُهُ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْ أَكَابِرِ فُقَهَائِنَا كَشَيْخَيْ الْمَذْهَبِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَفَّالِ وَآخَرِينَ بِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْهُ الْعُقُودُ كَالْبَيْعِ وَالْحُلُولُ كَالطَّلَاقِ.
وَذَلِكَ أَثَرُ التَّكْلِيفِ قُلْت التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ عَنَى أَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا حَالَ عَدَمِ فَهْمِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ لِاسْتِحَالَتِهِ وَجَعَلَ مُؤَاخَذَتَهُ بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَسَبُّبِهِ إلَى إزَالَةِ عَقْلِهِ بِمُحَرَّمٍ قَصْدًا وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مُكَلَّفٌ عَنَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ حُكْمًا أَيْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ فَيُؤَاخَذُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي سُكْرِهِ تَغْلِيظًا كَمَا مَرَّ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ مُؤَاخَذَتُهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي التَّعْرِيفِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَطَالَ الْقَوْلَ فِي تَقْرِيرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ لَكِنْ بَعْدَ السُّكْرِ بِمَا كَانَ فِي السُّكْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ طَلَاقَهُ عَلَامَةً لِلْمُفَارَقَةِ وَقَتْلَهُ سَبَبًا لِلْغَرَامَةِ وَإِتْلَافَهُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ كَقَتْلِ الصَّبِيِّ وَإِتْلَافِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ السَّبَبُ هُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَهُوَ الَّذِي يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ كَالزَّوَالِ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ وَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَمَعْنَى خِطَابِ الْوَضْعِ أَنَّ اللَّهَ وَضَعَهُ فِي شَرِيعَتِهِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ بِتَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ تَيْسِيرًا لَنَا، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ مُغَيَّبَةٌ عَنَّا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَضْعِ هُوَ قَضَاءُ الشَّارِعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا وَخِطَابُ التَّكْلِيفِ طَلَبُ أَدَاءِ مَا تَقَرَّرَ بِالْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّكْرَانِ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ مَعْنَاهُ أَنَّ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ أَسْبَابٌ مُعَرِّفَاتٍ لِلْأَحْكَامِ بِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا اهـ م ر فَتَاوَى أَيْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يَسْتَحِيلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقِهَا بِالْأَسْبَابِ وَالْحُكْمُ هُنَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَسَبَبُهُ التَّلَفُّظُ بِهِ اهـ
وَهُوَ الْمُنْتَشِي لِبَقَاءِ عَقْلِهِ وَانْتِفَاءِ تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَالْمُرَادُ بِالسَّكْرَانِ الَّذِي يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَنِكَاحُهُ وَنَحْوُهُمَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا أَثِمَ بِهِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ وَيَرْجِعُ فِي حَدِّهِ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا انْتَهَى تَغَيُّرُ الشَّارِبِ إلَى حَالَةٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّكْرَانِ عُرْفًا فَهُوَ مَحَلُّ الْكَلَامِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ.
(وَاخْتِيَارٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَرِّ) لِإِطْلَاقِ خَبَرِ
ــ
[حاشية الجمل]
ع ش عَلَى م ر أَيْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَهُوَ الْخِطَابُ الْوَارِدُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَكَانَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقَعَ مِنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِخِطَابِ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِالْأَسْبَابِ أَيْ الْمُنْضَمِّ إلَيْهَا تُعَدُّ مِنْ الْمُخَاطَبِ فَيَخْرُجُ الصَّبِيُّ اهـ شَيْخُنَا.
وَمُقْتَضَى هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْمَجْنُونِ الْمُتَعَدِّي وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَنُفُوذُ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ الدَّالُ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَهُوَ رَبْطُ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَالْحَقُّ مَا لَهُ بِمَا عَلَيْهِ طَرْدُ اللُّبَابِ فَلَا يَرِدُ النَّائِمُ وَالْمَجْنُونُ عَلَى أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ لَا يَعُمُّهُمَا كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ اهـ وَقَوْلُهُ كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إذَا قَتَلَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ وُجُودَ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ أَيْ فَحَيْثُ دَخَلَ التَّخْصِيصُ فِي شَأْنِهِمَا بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ الْقِصَاصِ أَمْكَنَ التَّخْصِيصُ بِغَيْرِهِ لِمَعْنًى يَقْتَضِيه كَمَا هُنَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُنْتَشِي لِبَقَاءِ عَقْلِهِ) وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَشِي يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَأَيْضًا يَلْزَمُ نَهْيُ الْمُنْتَشِي عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ اهـ ح ل وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا خِطَابٌ لِلْمُنْتَشِي الَّذِي صَحْوُهُ يَسِيرٌ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ جَمِيعَ الصَّلَاةِ فَنُهِيَ عَنْ ابْتِدَائِهَا لِئَلَّا تَبْطُلَ فِي أَثْنَائِهَا بِتَغَيُّرِ حَالِهِ اهـ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُنْتَشِي) بِنُونٍ فَوْقِيَّةٍ فَمُعْجَمَةٍ مِنْ النَّشْوَةِ أَيْ الطَّرِبِ وَهَذِهِ أَوَّلُ حَالَاتِهِ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَسْقُطَ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ بَيْنَهُمَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَقَوْلُهُ مِنْ النَّشْوَةِ بِالْوَاوِ لَا بِالْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّ نَشَأَ بِهَذَا الْمَعْنَى مَقْصُورٌ لَا مَهْمُوزٌ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُخْتَارُ فِي بَابِ الْمَقْصُورِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ النَّشْوَةُ السُّكْرُ وَرَجُلٌ نَشْوَانُ وَامْرَأَةٌ نَشْوَى وَالْجَمْعُ نُشَاوَى مِثْلُ سَكْرَى وَسُكَارَى وَزْنًا وَمَعْنًى اهـ ثُمَّ قَالَ وَنَشَأَ الشَّيْءُ نَشْوًا مَهْمُوزٌ مِنْ بَابِ نَفَعَ حَدَثَ وَتَجَدَّدَ وَأَنْشَأْته أَحْدَثْته وَالِاسْمُ النَّشْأَةُ وَالنَّشَاءَةُ وِزَانُ تَمْرَةٍ وَسَلَامَةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّكْرَانِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَكْلِيفِهِ هُوَ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ) أَيْ تَمْيِيزُهُ لَا الْغَرِيزِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْجُنُونُ (قَوْلُهُ: بِمَا أَثِمَ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ الْحِلَّ وَإِقْرَارُنَا إيَّاهُ عَلَى شُرْبِهِ لَيْسَ لِحِلِّ ذَلِكَ لَهُ بَلْ لِكَوْنِ الْجِزْيَةِ مَأْخُوذَةٌ فِي مُقَابَلَةِ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُمْ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ فِي حَدِّهِ إلَى الْعُرْفِ إلَخْ) قَدْ وَجَدْت بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ (فَائِدَةٌ)
السُّكْرُ عِبَارَةٌ عَنْ حَالَةٍ تَحْصُلُ مِنْ اسْتِيلَاءِ أَبْخِرَةٍ مُتَصَاعِدَةٍ مِنْ الْمَعِدَةِ عَلَى مَعَادِنِ الْفِكْرِ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ إلَخْ) وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى السُّكْرِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ تَوَهَّمَ بَعْضُ الضَّعَفَةِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَيْدِ الِاخْتِيَارِ مَعَ قَيْدِ التَّكْلِيفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالتَّكْلِيفِ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لَا الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِمْ الْمُكْرَهُ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ اهـ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ) أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْأَصَحُّ بِأَنْ امْتَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَلَوْ بِاللِّسَانِ بِأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرْت فِئْت أَوْ مِنْ الطَّلَاقِ فَقَطْ بِأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ حِينَئِذٍ بِفَيْئَةٍ حَتَّى لَوْ قَالَ: إذَا انْقَضَى إحْرَامِي أَوْ صَوْمِي وَطِئْت لَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَمَكُّنُ الْقَاضِي مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِنَفْسِهِ كَذَا ذَكَرُوا وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ إشْكَالٌ قَوِيٌّ ذَكَرَهُ فِي تَحْرِيرِ الْفَتَاوَى مُحَصِّلُهُ أَنَّ الْمَوْلَى يَجْبُرُهُ الْقَاضِي حَتَّى إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْزِمَهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا اهـ ح ل.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ، فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوَرِّ) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا بِهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ
«لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالتَّوْرِيَةُ كَأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ يَنْوِيَ بِالطَّلَاقِ حَلَّ الْوَثَاقِ أَوْ بِطَلَّقْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ مُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (عَلَى) تَحْقِيقِ (مَا هَدَّدَ بِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ (عَاجِلًا ظُلْمًا وَعَجْزُ مُكْرَهٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَنْ دَفْعِهِ) بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ كَاسْتِغَاثَةٍ بِغَيْرِهِ (وَظَنَّهُ) أَنَّهُ (إنْ امْتَنَعَ) مِنْ فِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (حَقَّقَهُ) أَيْ مَا هَدَّدَ بِهِ (وَيَحْصُلُ) الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِمَحْذُورٍ كَضَرْبٍ شَدِيدٍ) أَوْ حَبْسٍ
ــ
[حاشية الجمل]
تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرْته وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطْلِقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوَرِّ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا أَيْ التَّوْرِيَةَ بِلَا عُذْرٍ كَغَبَاوَةٍ وَدَهْشَةٍ وَقَعَ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ لَا تُخْبِرُ بِنَا أَحَدًا كَانَ إكْرَاهًا عَلَى الْحَلِفِ فَلَا وُقُوعَ بِالْإِخْبَارِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إطْلَاقِهِ إلَّا بِالْحَلِفِ لِعَدَمِ إكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ اهـ وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِالْكُفْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَاصِي حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى امْرَأَةٍ يَزْنِي بِهَا أَوْ إنْسَانٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ أَخْذَ أَمْوَالِهِ فَأَخْبَرَ كَاذِبًا هَلْ تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بِغِلَظِ أَمْرِ الْكُفَّارِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ) أَيْ إكْرَاهٍ فَسَّرُوا الْإِغْلَاقَ بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ أَوْ انْغَلَقَ عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَمَنَعُوا تَفْسِيرَهُ بِالْغَضَبِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ الْغَضْبَانِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِي بِالطَّلَاقِ حَلَّ الْوَثَاقِ) فِيهِ أَنَّ نِيَّةَ هَذَا وَعَدَمَهُ سِيَّانِ حَيْثُ لَمْ يَحِلَّهَا مِنْ وَثَاقٍ اهـ ح ل وَالْوَثَاقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْقَيْدُ وَالْحَبْلُ وَنَحْوُهُمَا وَالْجَمْعُ وُثُقٌ كَرِبَاطٍ وَرُبُطٍ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَحْقِيقِ مَا هُدِّدَ بِهِ بِوِلَايَةٍ) وَمِنْهُ الْمِشَدُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ ظُلْمًا مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا يَعْتَادُ الْحِرَاثَةَ لِشَخْصٍ فَتَشَاجَرَ مَعَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْرُثُ لَهُ هَذِهِ السَّنَةَ فَشَكَاهُ لِشَادِّ الْبَلَدِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْحِرَاثَةِ لَهُ تِلْكَ السَّنَةَ وَهَدَّدَهُ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَحْرُثْ لَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ
؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِكْرَاهَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجَدُّدُ الْإِكْرَاهِ مِنْ الشَّادِّ الْمَذْكُورِ بَلْ يَكْفِي مَا وُجِدَ مِنْهُ أَوَّلًا حَيْثُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ جَمِيعَ السَّنَةِ عَلَى الْعَادَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ عَاقَبَهُ بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ اُحْرُثْ لَهُ جَمِيعَ السِّنِينَ وَكَانَ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْرُثَ لَهُ أَصْلًا لَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ الشَّادُّ مُتَوَلِّيًا، فَإِنْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَلَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى ذَلِكَ حَنِثَ بِالْحَرْثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مَا هُدِّدَ بِهِ) أَيْ أَمْرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَهَدَّدَهُ وَتَهَدَّدَهُ تَوَعَّدَهُ بِالْعُقُوبَةِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: عَاجِلًا ظُلْمًا) وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ مُكْرَهٌ إلَخْ) لَا يُقَالُ هُوَ عِنْدَ قُدْرَةِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْهَرَبِ مَثَلًا لَا يَصِيرُ الْمُكْرَهُ قَادِرًا عَلَى مَا هُدِّدَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قُدْرَةُ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْهَرَبِ لَا تَنْفِي قُدْرَةَ الْمُكْرَهِ عَلَى مَا هُدِّدَ بِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ مُكْرَهٌ) أَيْ فِي غَيْرِ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَأَمْرُ الْحَاكِمِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا عَلَى كَلَامِهِ إكْرَاهٌ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ مِنْ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دَائِمًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: كَاسْتِغَاثَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ إلَخْ) فَلَوْ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا وَمِنْهُ تَخْوِيفُ أَخْرَقَ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا وَالْأَخْرَقُ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَنْ لَا يَعْرِفُ النَّافِعَ مِنْ الْمُضِرِّ وَيَحْسِبُهُ بِمَعْنَى يَظُنُّهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّمَا يَسْهُلُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ارْتِكَابُهُ دُونَ الطَّلَاقِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَعَكْسُهُ إكْرَاهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ بِمَحْذُورٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ عَزْلُهُ مِنْ مَنْصِبِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وِلَايَتَهُ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ ظُلْمًا بَلْ مَطْلُوبٌ شَرْعًا بِخِلَافِ مُتَوَلِّيهِ بِحَقٍّ فَيَنْبَغِي أَنَّ التَّهْدِيدَ بِعَزْلِهِ مِنْهُ كَالتَّهْدِيدِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَضَرْبٍ شَدِيدٍ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ ضَرْبِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ قَتْلِهِمَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَتْلِ بَعْضِهِ الْمَعْصُومِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفُلَ إكْرَاهٌ وَهُوَ وَجِيهٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ
أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنَّكَ غَدًا وَلَا بِالتَّخْوِيفِ بِالْمُسْتَحَقِّ كَقَوْلِهِ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ طَلِّقْهَا وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك وَهَذَانِ خَرَجَا بِمَا زِدْته بِقَوْلِي عَاجِلًا ظُلْمًا (، فَإِنْ ظَهَرَ) مِنْ الْمُكْرَهِ (قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ) مِنْهُ لِلطَّلَاقِ (كَانَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ (أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الطَّلْقَاتِ (أَوْ) عَلَى (صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ) عَلَى أَنْ يَقُولَ (طَلَّقْت أَوْ) عَلَى (طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (فَخَالَفَ) بِأَنْ وَحَّدَ أَوْ ثَنَّى أَوْ كَنَّى أَوْ نَجَّزَ أَوْ سَرَّحَ أَوْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً (وَقَعَ) الطَّلَاقُ بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُك.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ (بِلَا نِيَّةٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
الضَّابِطِ السَّابِقِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ طَلِّقْهَا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي فَهُوَ إكْرَاهٌ وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) وَمِنْهُ حَبْسُ دَوَابِّهِ حَبْسًا يُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ عَادَةً اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) أَيْ أَوْ نَفْسٍ بِالْأَوْلَى وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَإِلَّا أَطْعَمْتُك سُمًّا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي حَقِّ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ فَغَيْرُ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِذِي الْمُرُوءَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَلَأِ إكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ بِالزِّنَا وَاللِّوَاطِ إكْرَاهٌ وَلَوْ لِذِي الْعَجُوزِ وَنَحْوُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَنِيٍّ غَيْرُ إكْرَاهٍ وَهَكَذَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ مَنْ عَادَتُهُ الْمُطَّرِدَةُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ الْآنَ تَحَقَّقَ الْقَتْلُ غَدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ بَقَاءَهُ إلَى الْغَدِ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِلْجَاءُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَهَرَ إلَى قَوْلِهِ وَقَعَ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى شَرْطٍ آخَرَ فِي الْإِكْرَاهِ وَمِنْ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ الْمُكْرَهُ فَطَلَّقَ الْمُكْرَهُ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ إذْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْحَالَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَنَى) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ الْكِنَايَةُ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَتُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ وَقَدْ كَنَيْت بِكَذَا عَنْ كَذَا وَكَنَوْتُ أَيْضًا كِنَايَةً فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ وَكَنَّاهُ أَبَا زَيْدٍ وَبِأَبِي زَيْدٍ يُكَنِّيه كَمَا تَقُولُ سَمَّاهُ يُسَمِّيه اهـ. فَجَعَلَ التَّكْنِيَةَ بِمَعْنَى وَضْعِ الْكُنْيَةِ وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّكَلُّمُ بِكَلَامٍ تُرِيدُ غَيْرَ مَعْنَاهُ وَلَعَلَّ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ
اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ إلَخْ) هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاتَانِ مِنْ عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ كَمَا فِي التَّصْحِيحِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ نَظَرٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ لَمْ يُعَنْوِنْ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهُ) أَيْ عَلَى مَا أَكْرَهَهُ بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَ الثَّلَاثَ وَلَوْ بِالصَّرِيحِ وَنَوَى إيقَاعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ مُخْتَارٌ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّرِيحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ وَلَوْ بِالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ كِنَايَةٌ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ) أَيْ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى فِرَاقٍ فَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ سَيِّدِنَا مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنَّهُ قَالَ يَقَعُ بِنِيَّتِهِ اهـ مِنْ حَجّ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُ حَجّ بِنِيَّتِهِ أَيْ بِأَنْ يُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك أَمَّا مَا يَخْطُرُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ أَوْ التَّضَجُّرِ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَطْلِيقِهِ لَهَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَصْلًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَشَرْطُ وُقُوعِهِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ رَفْعُ صَوْتِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ) وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا صَرْفُ هَذِهِ الصَّرَائِحِ عَنْ مَوْضُوعِهَا بِنِيَّةٍ كَقَوْلِهِ أَرَدْت طَلَاقَهَا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مُفَارَقَتَهَا لِلْمَنْزِلِ أَوْ بِالسَّرَاحِ التَّوْجِيهُ إلَيْهَا أَوْ أَرَدْت غَيْرَهَا فَسَبَقَ لِسَانِي إلَيْهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَحِلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فَارَقْتُك الْآنَ فِي الثَّانِي وَقَدْ وَدَّعَهَا عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ اسْرَحِي عَقِبَ أَمْرِهَا بِالتَّكْبِيرِ لِمَحَلِّ الزِّرَاعَةِ فِي الثَّالِثِ فِيمَا يَظْهَرُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا أَوْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ فَرَسِي أَوْ ذِرَاعِي أَوْ جَوْزَةِ حَلَقِي أَوْ قَوْسِي أَوْ نَخْوَةِ رَأْسِي فَكَالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ إنْ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ وَعَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي وَنَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ مِنْ جَوْزَتِي وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ فِي الْأَوَّلِ فَحَلُّهَا مِنْ الْوَثَاقِ هُوَ الْقَرِينَةُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ كَانَتْ مَرْبُوطَةً بِهِ وَقَوْلُهُ فَكَالِاسْتِثْنَاءِ أَيْ لَفْظِ مِنْ فَرَسِي وَمَا بَعْدَهُ بَعْدَ صِيغَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي شُرُوطِهِ، فَإِنْ نَوَى الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ صِيغَةِ الطَّلَاقِ وَتَلَفَّظَ بِهِ مُسْمِعًا نَفْسَهُ وَاتَّصَلَ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ مَنَعَ الْوُقُوعَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَيْ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ مِنْ فَرَسِي وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَعَزَمَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إنْ نَوَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ
لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَلَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي مِنْ اعْتِبَارِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ (وَهُوَ) أَيْ صَرِيحُهُ مَعَ مُشْتَقِّ الْمُفَادَاةِ وَالْخُلْعِ
ــ
[حاشية الجمل]
لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْشَاءِ حِلِّ الْعِصْمَةِ مِنْ الْعَارِفِ لِمَدْلُولِ لَفْظِهِ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْهَازِلُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي مَعْنَاهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيقَاعَ وَهُوَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي الصَّرِيحِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْهَازِلَ لَا يَقْصِدُ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي إلَخْ) وَالْمَعْلُومُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَتَى أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ مِنْ اعْتِبَارِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ أَيْ حَيْثُ يُوجَدُ مَا يَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ مَعْنَاهُ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ عِنْدَ عُرُوضِ صَارِفِهَا لَا مُطْلَقًا صَرِيحَةً كَانَتْ أَوْ كِنَايَةً قَصْدُ لَفْظِهَا مَعَ مَعْنَاهُ بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ انْتَهَى وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ اعْتِبَارٍ إلَخْ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ لِإِخْرَاجِ مَنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ أَيْ الْإِتْيَانَ بِهِ وَالْأَوَّلُ، وَإِنْ قَصَدَهُ لَكِنْ لَا لِمَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ حِلُّ الْعِصْمَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْتَقُّ طَلَاقٍ) أَيْ إجْمَاعًا وَقَوْلُهُ وَفِرَاقٌ وَسَرَاحٌ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهُمَا كِنَايَتَانِ وَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ صَرَاحَتِهِمَا عِنْدَ مَنْ عَرَفَ صَرَاحَتَهُمَا أَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ الصَّرِيحُ فِي حَقِّهِ فَقَطْ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ وَاضِحٌ فِي نَحْوِ أَعْجَمِيٍّ لَا يَدْرِي مَدْلُولَ ذَلِكَ وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَهُ مُدَّةً يَظُنُّ بِهَا كَذِبَهُ وَإِلَّا فَجَهْلُهُ بِالصَّرَاحَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ عُذِرَ بِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكُفَّارِ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ عِنْدَ هُمْ لَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ فَكَذَا فِي طَلَاقِهِمْ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْتَقُّ طَلَاقٍ إلَخْ) إنَّمَا يَكُونُ الْمُشْتَقُّ صَرِيحًا إذَا لَمْ يُضِفْهُ لِغَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَكَأَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ مُشْتَقِّ الْمُفَادَاةِ وَالْخُلْعِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ وَكَذَا الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ مُشْتَقِّ الْمُفَادَاةِ وَالْخُلْعِ) أَيْ وَالْمَصْدَرُ أَنَّ كَذَلِكَ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ كَانَتْ مُفَادَاةً، أَوْ خُلْعًا فَهَذَا صَرِيحٌ فَقَوْلُهُ مُشْتَقُّ طَلَاقٍ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ مَصَادِرِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ إنْ ذُكِرَتْ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ أَيْ الْإِخْبَارِ بِهَا عَنْ مُبْتَدَأٍ كَانَتْ طَلَاقًا بِخِلَافِ مَا إذَا ذُكِرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَفْعُولِيَّةِ كَأَوْقَعْتُ عَلَيْك الطَّلَاقَ أَوْ الْفِرَاقَ أَوْ السَّرَاحَ فَهِيَ صَرَائِحُ اهـ شَيْخُنَا أَيْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا ذُكِرَتْ عَلَى وَجْهِ الْوَضْعِ أَيْ الْإِخْبَارِ عَنْهَا كَقَوْلِهِ الطَّلَاقُ عَلَيَّ، فَإِنَّهَا أَيْضًا صَرَائِحُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ الصَّرِيح أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ خِلَافًا لِجَمْعٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَكَذَا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إذَا خَلَا عَنْ التَّعْلِيقِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَاقُك لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَا فَرْضَ عَلَيَّ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا وَالطَّلَاقِ مَا أَفْعَلُ أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا فَهُوَ لَغْوٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَوْ قَالَ أَنْت مُطَلِّقَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ طَلَّقَ بِالتَّشْدِيدِ كَانَ كِنَايَةَ طَلَاقٍ فِي حَقِّ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ اهـ وَقَوْلُهُ وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ أَيْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ.
وَفِي سم أَيْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَيَّدَهُ اُعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهَلْ وَلَوْ نِيَّةٌ كَأَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ فَلَمَّا قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ بَدَا لَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ الْحَلِفِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْشَاءِ فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْفِعْلِ أَوْ لَا فَعَلْته لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالتَّرْكِ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَسَيَذْكُرُ فِي فَصْلٍ قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْوُقُوعِ فَرَاجِعْهُ اهـ وَقَدْ رَاجَعْته فَوَجَدْت عِبَارَتَهُ نَصُّهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ كَثِيرًا عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ مِنْ قَوْلِ الْحَالِفِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ لَا أَفْعَلُ كَذَا إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الْإِتْمَامِ مَانِعٌ كَوَضْعِ غَيْرِهِ يَدَهُ عَلَى فِيهِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا وُقُوعَ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ وَضْعِ الْيَدِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْحَلِفِ وَأَنَّ إعْرَاضَهُ عَنْهُ لِغَرَضٍ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ أَيْ م ر فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أَنَا مِنْك طَالِقٌ صَادِقٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوقِعُ لِلطَّلَاقِ هُوَ أَوْ هِيَ بِخِلَافِ مُطَلِّقَةٍ لَا يَصْدُقُ إلَّا إذَا كَانَتْ
(مُشْتَقُّ طَلَاقٍ وَفِرَاقٍ وَسَرَاحٍ) بِفَتْحِ السِّينِ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ (وَتَرْجَمَتُهُ) أَيْ مُشْتَقُّ مَا ذُكِرَ بِعَجَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةِ نَحْوِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ، وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (كَطَلَّقْتُكِ) وَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك (أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ)
ــ
[حاشية الجمل]
هِيَ الْمُوقِعَةَ فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مُشْتَقِّ الْمُفَادَاةِ وَالْخُلْعِ) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ الْمَالَ أَوْ نَوَى كَمَا سَبَقَ فِي الْخُلْعِ.
وَعِبَارَةُ شَيْخُنَا كحج وَكَذَا الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فِيهِمَا أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ أَوْ نِيَّتِهِ فَأَنْتَ تَرَاهُمَا ذَكَرَا إنْ أَنْتِ خُلْعٌ أَوْ أَنْتِ مُفَادَاةٌ بِأَلْفٍ أَوْ نَوَى ذَلِكَ صَرِيحٌ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ حَيْثُ حَكَمُوا بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ لَهُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَصْدَرِ فِي الْأَعْيَانِ قَلِيلٌ قَالَهُ حَجّ وَلَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةً لِصَرَاحَةِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مُشْتَقُّ طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ جَهِلَ صَرَاحَةً مَا اُشْتُقَّ مِنْ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَوْ جَهِلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَقَعُ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ نَوَاهُ اهـ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَكَذَا فِي أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا) وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ دُونَ الْفِرَاقِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ اهـ ح ل وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر وحج وَوُرُودُهُمَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكْرِيرِ الْفِرَاقِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ) أَيْ وَإِلْحَاقُ مَا لَمْ يَرِدْ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ بِمَا وَرَدَ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا بُدَّ أَنْ يَرِدَ فِي الْقُرْآنِ وَأَنْ يَشْتَهِرَ وَأَنَّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَكَرَّرَ وُرُودُهُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخُلْعِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ وَالْخُلْعَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ الْأَوَّلُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالثَّانِي لِشُيُوعِهِ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا اشْتِهَارُ اللَّفْظِ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ أَوْ وُرُودِ لَفْظِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَتَرْجَمَتُهُ) أَيْ مُشْتَقِّ مَا ذُكِرَ بِعَجَمِيَّةِ أَيْ وَلَوْ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ الطَّلَاقَ وَالْفِرَاقَ وَالسَّرَاحَ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ كِنَايَةٌ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهَا أَيْ تَرْجَمَةَ مَا ذُكِرَ مَوْضُوعَةٌ إلَخْ أَيْ فِيمَا اُشْتُهِرَ وَوَرَدَ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا إلَّا إذَا كَانَ مَوْضُوعًا لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ ذَاكَ أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ تَارَةً يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ وَتَارَةً يُرِيدُ بِهِ الظِّهَارَ وَتَارَةً يُرِيدُ بِهِ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا إلَخْ) لِمَا وَرَدَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لِوُجُودِ الشَّهْرِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ احْتَاجَ إلَى الْفَرْقِ فَقَالَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا أَيْ التَّرْجَمَةِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهَا أَيْ التَّرْجَمَةَ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فَهِيَ صَرِيحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ) أَيْ أَوْ أَنْتِ طَوَالِقُ لَكِنَّهُ صَرِيحٌ فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى لَا يَضُرُّ كَهُوَ بِالْإِعْرَابِ وَمِنْهُ مَا لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِقَوْلِهِ أَنْتُمْ أَوْ أَنْتُمَا طَالِقٌ وَأَنْ تَقُولَ لَهُ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ هِيَ مُطَلَّقَةٌ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ غَيْرِهَا.
لِأَنَّ تَقَدُّمَ سُؤَالِهَا يَصْرِفُ اللَّفْظَ إلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ رَجَعَ لِنِيَّتِهِ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ غَائِبَةٌ أَوْ هِيَ طَالِقٌ وَهِيَ حَاضِرَةٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ) فَلَوْ حَذَفَ الْمُبْتَدَأَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى تَقْدِيرَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ جَوَابًا لِكَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَوْ قَالَتْ لَهُ هَلْ أَنَا طَالِقٌ فَقَالَ طَالِقٌ وَقَعَ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَإِبْدَالُهُ الطَّاءَ تَاءً مُثَنَّاةً كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ لِمَنْ هِيَ لُغَتُهُ وَكَذَا الطَّلَاقُ فَرْضٌ عَلَيَّ أَوْ يَلْزَمُنِي كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(تَنْبِيهٌ) الْمُعْتَمَدُ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِهِ، وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهَا صِيغَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الطُّوسِيِّ تِلْمِيذِ ابْنِ يَحْيَى صَاحِبِ الْغَزَالِيِّ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَحَّحَهُ فِي رَوْضَةٍ وَعَلَيَّ الْفِرَاقُ وَعَلَيَّ السَّرَاحُ كِنَايَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا أَفْعَلُ كَذَا مُعَلَّقٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَأَمَّا نَحْوُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ فَرَسِي مَثَلًا فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَسَيَأْتِي، وَأَمَّا الطَّلَاقُ مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَغْوٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِك طَلِّقِينِي فَقَالَتْ لَهُ أَنْت طَالِقٌ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ فَلَا تَمْلِكُهَا هِيَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(مَسْأَلَةٌ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونِي طَالِقًا هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ هَذَا اللَّفْظِ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي
بِفَتْحِ الطَّاءِ (يَا طَالِقُ) .
(وَ) يَقَعُ (بِكِنَايَتِهِ) وَهِيَ مَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (بِنِيَّةٍ مُقْتَرِنَةٍ بِأَوَّلِهَا) ، وَإِنْ عَزَبَتْ فِي آخِرِهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ اسْتِصْحَابِ مَا وُجِدَ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ اشْتِرَاطِ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِهَا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كُلِّهِ (كَأَطْلَقْتُكِ أَنْتِ طَلَاقٌ أَنْتِ مُطْلَقَةٌ)
ــ
[حاشية الجمل]
الْحَالِ فَمَتَى يَقَعُ أَبِمُضِيِّ لَحْظَةٍ أَمْ لَا يَقَعُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُبْهَمٌ الْجَوَابُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ أَوْ التَّعْلِيقَ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ ثُمَّ بَحَثَ بَاحِثٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْكِنَايَةُ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَقُلْت بَلْ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ وَالْوَعْدِ فَقَالَ إذَا قَصَدَ الِاسْتِقْبَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ فَقُلْت لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقِ وَلَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقِ مِنْ ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ تَكُونِي، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ قُلْت دَلَالَتُهُ عَلَيْهِمَا لَيْسَتْ بِالْوَضْعِ وَلَا لَفْظِيَّةٍ وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ أَنَّ الْفِعْلَ وُضِعَ لِحَدَثٍ مُقْتَرِنٍ بِزَمَانٍ وَلَمْ يَقُولُوا أَنَّهُ وُضِعَ لِلْحَدَثِ وَالزَّمَانِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ بِأَنَّ الدَّلَالَاتِ فِي عُرْفِ النُّحَاةِ ثَلَاثٌ لَفْظِيَّةٌ وَصِنَاعِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ فَالْأُولَى كَدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الْحَدَثِ وَالثَّانِيَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الزَّمَانِ وَالثَّالِثَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الِانْفِعَالِ وَصَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَفْعَالِ عَلَى الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَفْظِيَّةٌ بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ لَا يَعْمَلُ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ لَا يُعْتَمَدُ فِيهِمَا إلَّا مَدْلُولُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ وَالدَّلَالَةِ اللَّفْظِيَّةِ (تَنْبِيهٌ)
مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَعْدٌ، فَإِنْ قِيلَ لَفْظُ السُّؤَالِ تَكُونِي بِحَذْفِ النُّونِ قُلْت لَا فَرْقَ، فَإِنَّهُ لُغَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَحْنًا فَلَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْمُعْرَبِ وَالْمَلْحُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرَ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ أَيْ لِتَكُونِي فَهُوَ إنْشَاءٌ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِلَا شَكٍّ نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ عَنْ السُّيُوطِيّ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرَ إلَخْ صَرَاحَةً مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُونِي طَالِقًا؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْإِنْشَاءُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَمَّا مَعَ كَسْرِهَا فَكِنَايَةٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ يَا طَالِقٌ) أَيْ لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَيَا طَالَ بِالتَّرْخِيمِ لِمَنْ عَرَفَهُ وَاعْتَمَدَ حَجّ كَوْنَهُ كِنَايَةً قَالَ: لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَرْخِيمًا لِطَالِبٍ وَطَالِعٍ وَلَا مُخَصِّصَ إلَّا النِّيَّةُ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَيَقَعُ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ) وَلَوْ أَنْكَرَ النِّيَّةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا وَارِثُهُ أَنَّهُ لَا يُعْلِمْهُ نَوَى، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَوَى؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى النِّيَّةِ مُمْكِنٌ بِالْقَرَائِنِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ مَقْرُونَةٍ بِأَوَّلِهَا) ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ كَأَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً مُحَرَّمَةً لَا تَحِلِّينَ لِي أَبَدًا أَوْ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ كَلَسْت بِزَوْجَتِي مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى فَإِقْرَارٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَلَسْت بِزَوْجَتِي مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَيْسَتْ بِزَوْجَتِي أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا أَنْت لِي بِزَوْجَةٍ أَوْ مَا تَكُونِي لِي زَوْجَةً أَوْ إنْ شَكَانِي أَخِي لَسْت بِزَوْجَةٍ لِي أَوْ مَا تَصْلُحِينَ لِي زَوْجَةً، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى هَلْ شَرْطُهَا كَوْنُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بِأَنَّهُ زَوْجُهَا لِتَطْلُبَ نَفَقَتَهَا مَثَلًا عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ فَقَالَ لَسْت زَوْجَتِي كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا إمَّا بَاطِنًا، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: اقْتِرَانُهَا بِجَمِيعِهَا) وَهُوَ أَنْتِ بَائِنٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَجَمَاعَةٍ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ: إنَّهُ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَبَائِنٍ دُونَ أَنْتِ؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي الْخِطَابِ فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ يُرَدُّ بِأَنَّ بَائِنَ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِفَادَةِ كَانَتْ مَعَ أَنْتِ كَاللَّفْظِ الْوَاحِدِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَيَكْتَفِي بِهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْكِنَايَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَفْظًا كَالْكِتَابَةِ وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ ثُمَّ مَضَى قَدْرُ عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ لَمْ يُقْبَلْ لِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كُلِّهِ) مُعْتَمَدٌ فَيَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِأَيِّ جُزْءٍ وَلَوْ بَانَتْ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا هُنَا وَفِي شَرْحِهِ خِلَافُهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ الطَّلَاقُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَالْمِنْهَاجِ أَوْ السَّرَاحُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيْ
بِإِسْكَانِ الطَّاءِ (خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ) مِنْ الزَّوْجِ (بَتَّةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَتَنْكِيرُ الْبَتَّةِ جَوَّزَهُ الْفَرَّاءُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ (بَائِنٌ) أَيْ مُفَارَقَةٌ (حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ) ، وَإِنْ اشْتَهَرَ بِالطَّلَاقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ صَرِيحٌ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ (اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (الْحَقِي) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَقِيلَ عَكْسُهُ (بِأَهْلِك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعِتْقِ لِيَرْعَى كَيْفَ شَاءَ (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْإِبِلُ وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ (اُعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ (دَعِينِي) أَيْ اُتْرُكِينِي؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَدَعِينِي) لِذَلِكَ (أَشْرَكْتُك مَعَ فُلَانَةَ وَقَدْ طَلُقَتْ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَنَحْوِهَا كَتَجَرَّدِي أَيْ مِنْ الزَّوْجِ وَتَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك.
ــ
[حاشية الجمل]
صَرِيحُهُ مُشْتَقُّ طَلَاقٍ وَفِرَاقٍ سَرَاحٍ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ كِنَايَةٌ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ فِي بَابِ الْخُلْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُشْتَقِّ مُفَادَاةٍ وَخُلْعٍ هُمَا وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِإِسْكَانِ الطَّاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: خَلِيَّةٌ) أَيْ خَالِيَةٌ فَهُوَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا بِأَلْ مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ) وَمَعَ ذَلِكَ هَمْزَتُهُ قَطْعٌ عَلَى الْقِيَاسِ يُقَالُ مَا فَعَلْته أَلْبَتَّةَ بِالْقَطْعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: حَلَالُ اللَّهِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ الْحَلَالُ اهـ عَنَانِي وَالْمَعْنَى الْحَلَالُ وَاقِعٌ عَلَيَّ وَهُوَ الطَّلَاقُ اهـ وَأَنْتِ حَرَامٌ كِنَايَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ مَنْ لَمْ يُشْتَهَرْ عِنْدَهُمْ.
وَالْأَوْجَهُ مُعَامَلَةُ الْخَالِفِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ مَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَيَأْلَفُ عَادَتَهُمْ وَالتَّلَاقُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاشْتِهَارَ لَا يَلْحَقُ غَيْرَ الصَّرِيحِ بِهِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَلَوْ نَوَى لِاخْتِلَافِ مَادَّتِهِمَا إذْ التَّلَاقُ مِنْ التَّلَاقِي وَالطَّلَاقُ الِافْتِرَاقُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ حَرْفُ التَّاءِ قَرِيبًا مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ اقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ اهـ شَرْحُ م ر وَمِنْ الْكِنَايَةِ أَيْضًا مَا لَوْ زَادَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَاظًا تُؤَكِّدُ بُعْدَهُ عَنْهَا كَأَنْتِ حَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ أَوْ كَالْمَيْتَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنْت حَرَامٌ كَمَا حَرُمَ لَبَنُ أُمِّي أَوْ إنْ أَتَيْتُك أَتَيْتُك مِثْلَ أُمِّي أَوْ أُخْتِي أَوْ مِثْلَ الزَّانِي فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً وَلَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا ذَاهِبَةٌ بَيْتَ أَبِي مَثَلًا فَقَالَ لَهَا الْبَابُ مَفْتُوحٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ اهـ ح ل أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَكْسُهُ) نَقَلَ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْمُطَرِّزِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً إلَّا إذَا قُصِدَ بِهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَمَّا لَوْ قُدِّرَ لَهُ مَفْعُولٌ كَلَفْظِ نَفْسَك فَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً فَتَأَمَّلْ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالسَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ إلَخْ) أَمَّا بِكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ فَهُوَ قَطِيعُ الظِّبَاءِ وَتَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا اهـ شَرْحُ م ر.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ بِفَتْحِ السِّينِ إلَخْ، وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَالْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ انْتَهَتْ فَقَوْلُهُ مَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ أَيْ غَيْرِ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالْمُرَادُ بَقَرُ الْوَحْشِ اهـ ح ل وَلَوْ قَالَ مِنْ الْحَيَوَانِ لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ سَرَبَ الْمَالُ سَرَبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ رَعَى نَهَارًا مِنْ غَيْرِ رَاعٍ فَهُوَ سَارِبٌ وَسَرَبَ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَيُقَالُ لَا أَنْدَهُ سَرَبَك أَيْ لَا أَرُدُّ إبِلَك بَلْ اُتْرُكْهَا تَرْعَى كَيْفَ شَاءَتْ وَكَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالسِّرْبُ بِالْكَسْرِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَقَرِ وَالشِّيَاهِ وَالْوَحْشِ وَالْجَمْعُ أَسْرَابٌ مِثْلُ حَمْلٍ وَأَحْمَالٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الزَّوْجِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي انْتَهَتْ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَزَبَ الرَّجُلُ يَعْزُبُ مِنْ بَابِ قَتَلَ عُزْبَةً وِزَانُ غُرْفَةٍ وَعُزُوبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَهُوَ عَزَبٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَامْرَأَةٌ عَزَبٌ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ وَجَمْعُ الرَّجُلِ عُزَّابٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكُفَّارٍ وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ أَعْزَبُ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ يَجُوزُ وَقِيَاسُهُ أَنْ يُقَالَ امْرَأَةٌ عَزْبَاءُ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا كَتَجَرَّدِي إلَخْ) وَتَقَنَّعِي تَسَتَّرِي بَرِئْت مِنْك الْزَمِي أَهْلَك لَا حَاجَةَ لِي فِيك أَنْتِ وَشَأْنَك أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك وَسَلَامٌ عَلَيْك كُلِي وَاشْرَبِي خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِمَا وَأَوْقَعْت الطَّلَاقَ فِي قَمِيصِك أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك لَا فِيك أَيْ فَلَيْسَ كِنَايَةً فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَاهُ وَخَرَجَ بِنَحْوِهَا نَحْوُ قُومِي أَغْنَاك اللَّهُ أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك اغْزِلِي اُقْعُدِي وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا مُطَلَّقَةٌ فَقَالَ أَلْفَ مَرَّةٍ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ وَالْعَدَدُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَحْدَهُ أَوْ الْعَدَدَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فِي أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ هَلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ آخِرِ الْفَصْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ طَالِقٌ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى أَنْتِ بِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ هُنَا لَفْظِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيرِهَا وَالطَّلَاقُ لَا يَكْفِي فِيهِ مَحْضُ النِّيَّةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ وُقُوعَ كَلَامِهِ جَوَابًا لِكَلَامِهَا يُؤَيِّدُ صِحَّةَ نِيَّتِهِ بِهِ مَا ذُكِرَ فَلَمْ تَتَمَحَّضْ النِّيَّةُ لِلْإِيقَاعِ وَكَطَالِقِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى عَلَى الْأَصَحِّ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي حَجّ.
(فَرْعٌ) لَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ
(وَكَأَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ وَنَوَى طَلَاقَهَا) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالْعِتْقُ يَحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ يَقَعْ سَوَاءٌ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَوْلِي أَنَا طَالِقٌ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمِثْلُهُ أَنَا بَائِنٌ فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ مِثَالٌ لَكِنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ (لَا أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ كِنَايَةٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ.
(وَالْإِعْتَاقُ) أَيْ صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ (كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَعْتَقْتُك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ طَلَّقْتُك أَوْ ابْنَتَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك وَقَوْلُهُ لَهُ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي (وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسَهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
نَوَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ لَغَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَفْصِلْ فِي ثَلَاثًا بِأَكْثَرَ مِمَّا مَرَّ أَثَّرَ مُطْلَقًا وَمَتَى فَصَلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا كَانَ كَالْكِنَايَةِ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ بَيَانٍ لَهُ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا لَمْ يُؤَثِّرْ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً ثَلَاثًا اهـ وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا قَالَ عَنْ زَوْجَتِهِ بِحُضُورِ شَاهِدٍ هِيَ طَالِقٌ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ الشَّاهِدُ لَا يَكْفِي طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت وُقُوعَ الثَّلَاثِ فَيَقَعْنَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا حَيْثُ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عُرْفًا عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى عَلَى الْأَصَحِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَثَالِثًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ فَقَطْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَيَلْغُو قَوْلُهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا أَوَّلًا وَطَلَاقًا ثَانِيًا وَطَلَاقًا ثَالِثًا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَمِنْ الْكِنَايَةِ اذْهَبِي يَا مُسَخَّمَةُ يَا مُلَطَّمَةُ وَمِنْهَا أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَنَا مِنْ دَاخِلِ يَمِينِك فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي حَقِّ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَكَأَنَا طَالِقٌ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْكِنَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَا أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك وَكَذَا بَقِيَّةُ الصَّرَائِحِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَا طَالِقٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مِنْك وَقَوْلُهُ أَوْ بَائِنٌ أَيْ مَعَ زِيَادَةِ مِنْك اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَنَوَى طَلَاقَهَا) أَيْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُضَافًا إلَيْهَا فَهَذَا أَخَصُّ مِمَّا مَرَّ إذْ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ لَا بِهَذَا الْقَيْدِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ وَنَوَى طَلَاقَهَا أَيْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ مُضَافًا إلَيْهَا وَهَذِهِ أَيْ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى نِيَّةِ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إلَخْ مُقَابِلٌ لِهَذَا التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ كَافِيَةً فِي سَائِرِ الْكِنَايَاتِ دُونَ هَذِهِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ إلَخْ) وَقَوْلُ الزَّوْجِ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ وَلَهَا تَزَوَّجِي وَلَهُ زَوِّجْنِيهَا كِنَايَةٌ فِيهِ وَلَوْ قِيلَ لَهُ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ أَرَادَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي الدَّرْسِ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَغْلَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْتَحُ لَهَا أَحَدٌ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَتَحَ لَهَا هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَهُوَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَفِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ صَرِيحٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ تَحْرِيرًا وَإِعْتَاقٌ أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ كِنَايَةٌ كَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك لَا سُلْطَانَ لَا سَبِيلَ لَا خِدْمَةَ أَنْتِ سَائِبَةٌ أَنْتِ مَوْلَايَ وَصِيغَةُ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ انْتَهَتْ فَتَعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَعَكْسُهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَانَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ فِي حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَا نَفَاذَ لَهُ فِي حَلِّ الْمِلْكِ إذْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَمَةِ فَكَانَ كِنَايَةً فِيهِ وَكَذَا لَفْظُ الْعِتْقِ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَا نَفَاذَ لَهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الزَّوْجَةِ فَكَانَ كِنَايَةً فِيهَا فَالْمُرَادُ بِمَوْضُوعِهِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ الْآنَ وَهَذَا فِي الصَّرِيحِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْلِيلٍ فِي الْكِنَايَةِ لِبَقَائِهَا عَلَى أَصْلِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَنَا مِنْك حُرٌّ إلَخْ) صَوَابُهُ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ مِنْ صُوَرِ الْعَكْسِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَغْوٌ أَيْ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْعَكْسِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الطَّلَاقُ) أَيْ صَرِيحُهُ، وَأَمَّا كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ فَهَلْ هِيَ كِنَايَةٌ فِي الظِّهَارِ أَمْ لَا اُنْظُرْهُ اهـ ح ل وَفِي ع ش أَنَّهَا كِنَايَةُ ظِهَارٍ اهـ وَكَذَلِكَ كِنَايَةُ الظِّهَارِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا إلَخْ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا كَانَ كِنَايَةً فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسِهِ) وَسَيَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِظَهْرِ أُمِّي طَلَاقًا آخَرَ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَابِعًا فَمَحَلُّ مَا هُنَا فِي لَفْظِ
وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٍ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ (أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ) الْمَنْوِيُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَرَامِ (أَوْ نَوَاهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (تُخَيِّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ نَحْوَهَا كَوَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ)، فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ صلى الله عليه وسلم هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إلَى قَوْلِهِ {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ
ــ
[حاشية الجمل]
ظِهَارٍ وَقَعَ مُسْتَقِلًّا اهـ شَرْحُ م ر وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي إلَخْ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الظِّهَارِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِالثَّانِي مَعْنَاهُ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَقَعَا وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ فَقَطْ اهـ م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ) أَيْ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْآنَ وَهُوَ الزَّوْجَةُ مُمْكِنٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ إلَخْ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ فِيمَا عُلِّلَ بِهِ عَلَى الصَّرِيحِ أَنَّ كِنَايَةَ الطَّلَاقِ تَكُونُ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَعَكْسِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْكِنَايَةِ حَيْثُ احْتَمَلَتْ الطَّلَاقَ احْتَمَلَتْ الظِّهَارَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِشْعَارِ بِالْبُعْدِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْبُعْدُ كَمَا يَكُونُ بِالطَّلَاقِ يَكُونُ بِالظِّهَارِ اهـ ع ش وَلَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ تَخْصِيصَ مَا فِي الشَّارِحِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَةِ وَهُوَ رَأْيُ الْمَغْرِبِيِّ وَعِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ اُشْتُهِرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ عَلَيَّ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحُصُولِ الْتَفَّاهُمْ قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ فِي الْقُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَلَا عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَأَنْتِ حَرَامٌ كِنَايَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ وَالْأَوْجَهُ مُعَامَلَةُ الْحَالِفِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ مَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَيَأْلَفْ عَادَتَهُمْ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْوِيُّ أَوَّلًا هُوَ الظِّهَارَ وَقَعَا مَعًا وَكَانَ عَائِدًا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقَ، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَغَا الظِّهَارُ أَوْ رَجْعِيًّا وَقَعَ الظِّهَارُ، فَإِنْ رَاجَعَ صَحَّ الظِّهَارُ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ الْإِشَارَةِ دُونَ النِّيَّةِ، وَإِذَا اخْتَارَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الظِّهَارُ مَنْوِيًّا أَوْ لَا ثَبَتَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ هُوَ الْمَنْوِيَّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَغَا الظِّهَارُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَقَفَ الظِّهَارُ، فَإِنْ رَاجَعَ صَارَ عَائِدًا وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَا بِهِ أَوَّلَ الظِّهَارِ وَبِهِ يَرُدُّ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْكَذِبِ، وَنِزَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهَا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فِي حَقِّهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الظِّهَارَ بِأَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ يُجَامِعُ الزَّوْجِيَّةَ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ الْمُشَابِهِ لِتَحْرِيمِ الْأُمِّ فَكَانَ كَذِبًا مُعَانِدًا لِلشَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ حَرَامًا وَالْإِيلَاءُ بِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِيهِ أَتَمُّ وَمِنْ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ وَغَيْرُهُمَا.
(قَوْلُهُ: كَوَطْئِهَا) فِي التَّمْثِيلِ بِهِ وَالتَّعْلِيلِ لَهُ بِمَا يَأْتِي مَنْعٌ ظَاهِرٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ كَوَطْئِهَا أَيْ مَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعٌ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ وَفِي تَمْثِيلِهِ بِالْوَطْءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَعْيَانِ بَلْ مِنْ الْأَفْعَالِ وَهِيَ تَتَّصِفُ بِالتَّحْرِيمِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أَيْ كَفَّارَةٌ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ يَمِينًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْوَطْءِ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَنْتُنَّ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) مَحَلُّهُ أَنَّ ذِكْرَ لَفْظِ عَلَيَّ فَلَوْ حَذَفَهُ وَقَالَ أَنْتِ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا تَجِبُ إلَّا إنْ نَوَاهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ لَفْظَ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّتِهَا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الظِّهَارِ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْت حَرَامٌ كِنَايَةٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر بَقِيَ مَا لَوْ حَذَفَ أَنْت وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِ حَيْثُ جَعَلَ صُورَةَ الْكَفَّارَةِ مَنُوطَةً بِالْخِطَابِ بِنَحْوِ أَنْتِ أَوْ نَحْوِ يَدُك أَوْ حُرْمَتُك تُعْطَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ كَالشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي كِنَايَةٌ فِي الْكَفَّارَةِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عِتْقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي، فَإِنْ نَوَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عِتْقًا إلَخْ (قَوْلُهُ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى) وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِتْيَانِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَكْرُوهًا وَهُوَ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ وُجُوبًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى حَفْصَةَ فَلَمْ
لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي مُحَرَّمَةٍ كَرَجْعِيَّةٍ وَأُخْتٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّائِمَةِ وَفِي وُجُوبِهَا فِي زَوْجَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لَا، فَإِنْ نَوَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عِتْقًا ثَبَتَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا إذْ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَمَةِ.
(وَلَوْ حَرَّمَ غَيْرَ مَا مَرَّ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (كَإِشَارَةِ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي، فَإِنَّهَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ إلَيْهَا عَنْ الْعِبَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ، وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ.
(وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِقْرَارٍ وَدَعْوَى وَعِتْقٍ لِلضَّرُورَةِ (لَا فِي صَلَاةٍ) فَلَا تَبْطُلُ بِهَا (وَ) لَا فِي (شَهَادَةٍ) فَلَا تَصِحُّ بِهَا (وَ) لَا فِي (حِنْثٍ) فَلَا يَحْصُلُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ وَقَوْلِي لَا فِي صَلَاةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقِي مَا قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْعُقُودِ وَالْحُلُولِ (، فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ (فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَعْبِيرِي بِفَهْمِهَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَهِمَ طَلَاقَهُ.
(وَمِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (كِتَابَةٌ) مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى النَّاطِقِ، فَإِنْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ وَقَعَ
ــ
[حاشية الجمل]
يَجِدْهَا وَكَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا فَدَعَا أَمَتَهُ مَارِيَةَ إلَيْهِ فَأَتَتْ حَفْصَةُ وَعَرَفَتْ الْحَالَ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي فَقَالَ لَهَا عليه السلام يَسْتَرْضِيهَا إنِّي أُسِرُّ إلَيْك سِرًّا فَاكْتُمِيهِ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ» فَوَرَدَتْ الْآيَاتُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَلْ كَفَّرَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مُقَاتِلٌ نَعَمْ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَقَالَ الْحَسَنُ لَمْ يُكَفِّرْ؛ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي مُحَرَّمَةٍ) أَيْ زَوْجَةٍ كَانَتْ أَوْ أَمَةٍ فَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى صُورَتَيْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَلِذَلِكَ مَثَّلَ لِلْأُولَى بِالرَّجْعِيَّةِ وَلِلثَّانِيَةِ بِالْأُخْتِ وَقَوْلُهُ وَأُخْتٌ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً هُوَ مَالِكٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَوَطِئَ الْأُولَى أَوْ كَانَتْ أُخْتَ السَّيِّدِ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ اهـ ع ش وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَرَّمَ مَا هُوَ حَلَالٌ لَهُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ حَرَّمَ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَلَا تَجِبُ اهـ مَدَابِغِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لَا) مُعْتَمَدٌ فِي غَيْرِ الْأُولَى، فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا لُزُومُ الْكَفَّارَةِ.
وَعِبَارَةُ م ر وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ وَالصَّائِمَةَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: ثَبَتَ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرَّمَ غَيْرَ مَا مَرَّ فَلَغْوٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ حَرَّمَ الشَّخْصُ غَيْرَ الْأَبْضَاعِ كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلَا أَمَةٍ لَهُ أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ) فِيهِ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِالْبَيْعِ مَثَلًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ قَادِرٍ أَيْ اسْتِقْلَالًا وَنَحْوُ الْبَيْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ قَادِرٌ اسْتِقْلَالًا عَلَى تَحْرِيمِهِ بِالْوَقْفِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَإِشَارَةِ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ مُشِيرًا إلَى زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ مَحْضَةٌ هَذَا إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقٍ خَرَجَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ فَقَدْ تَكُونُ إشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ كَهِيَ بِالْأَمَانِ وَكَذَا الْإِفْتَاءُ وَنَحْوُهُ فَلَوْ قِيلَ لَهُ أَيَجُوزُ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَيْ نَعَمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ فَهِيَ لَغْوٌ إلَّا فِي الْأَمَانِ وَالْفُتْيَا وَالْإِجَازَةِ فَإِشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ مُعْتَدٍ بِهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ تَأْتِي فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ خِلْقِيًّا أَوْ عَارِضًا وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُعْتَدُّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهُ الضَّرُورَةُ وَقَوْلُهُ لَا فِي صَلَاةٍ هَذَا لَا يُحْسِنُ اسْتِدْرَاكًا عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى الْعِبَارَةِ الْقَائِلَةِ إشَارَتُهُ كَنُطْقِهِ وَقَوْلُهُ وَشَهَادَةٌ أَيْ أَدَاءُ وَيُعْتَدُّ بِهَا تَحَمُّلًا وَقَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِأَنْ حَلَفَ وَهُوَ نَاطِقٌ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ ثُمَّ خَرَسَ أَوْ حَلَفَ وَهُوَ أَخْرَسُ عَلَى عَدَم الْكَلَامِ فَأَشَارَ بِالْكَلَامِ لَا يَحْنَثُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِإِشَارَتِهِ إذَا حَلَفَ وَهُوَ أَخْرَسُ بَلْ وَهُوَ نَاطِقٌ أَنْ لَا يُشِيرَ فَأَشَارَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) أَصْلِيٌّ أَوْ طَارِئٌ وَمِنْهُ مِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَلَمْ يَرْجُ بُرْؤُهُ، وَأَمَّا مَنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ فِي اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ يَضْطَرُّ إلَى اللِّعَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَصَرِيحَةٌ) أَيْ فِيمَا فَهِمَتْ فِيهِ، فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فِي الْبَيْعِ مَثَلًا دُونَ الطَّلَاقِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَقَوْلُهُ أَعَمُّ إلَخْ الْعُمُومُ ظَاهِرٌ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنَّهَا لَوْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فِي الْبَيْعِ دُونَ الطَّلَاقِ كَانَتْ صَرِيحَةً فِيهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِنَايَةٍ أُخْرَى أَوْ كِتَابَةٍ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَعْرِيفَهُ بِهَا مَعَ أَنَّهَا كِنَايَةٌ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا بِهَا عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ بِالْحَرْفِ أَيْ بَلْ مِثْلُ الْكِتَابَةِ الْإِشَارَةُ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونِ) الْجَمْعُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَيَكْفِي فِي كَوْنِهَا كِنَايَةً فَهْمُ وَاحِدٍ اهـ شَيْخُنَا عَنْ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا كِتَابَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَتَبَ الصَّرِيحَ أَوْ الْكِنَايَةَ وَقَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ إلَخْ هَذَا شَرْطٌ لِلْحُكْمِ
لِأَنَّهَا طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ (فَلَوْ كَتَبَ) الزَّوْجُ (إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ) لَهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (أَوْ) كَتَبَ (إذَا قَرَأْت كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَرَأَتْهُ أَوْ فَهِمَتْهُ) مُطَالِعَةً، وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) رِعَايَةً لِلشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي وَنَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ عُلَمَائِنَا عَلَيْهَا (وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَعَلِمَ) أَيْ الزَّوْجُ (حَالَهَا) ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمِّيَّةٍ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلِي وَعَلِمَ حَالَهَا مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
بِالْوُقُوعِ لَا لِلْوُقُوعِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكْتُبَ أَيْ أَوْ يُشِيرَ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي النَّاطِقِ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَكْتُبَ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ اهـ شَيْخُنَا وَضَابِطُ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْخَطُّ كَرَقٍّ وَثَوْبٍ سَوَاءٌ كَتَبَ بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ أَوْ نَقَرَ صُوَرَ الْأَحْرُفِ فِي حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ خَطَّهَا عَلَى الْأَرْضِ فَلَوْ رَسْم صُورَتَهَا فِي هَوَاءٍ أَوْ مَاءٍ فَلَيْسَ كِنَايَةً فِي الْمَذْهَبِ اهـ زي (قَوْلُهُ: أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُشِيرَ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك كِتَابِي إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ خَاصٌّ بِكِتَابَةِ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يَذْكُرْ كِتَابَةَ التَّنْجِيزِ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.
(فَرْعٌ) كَتَبَ أَنْت أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ قُرِنَتْ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي إلَى آخَرِ مَا هُنَا وَخَرَجَ بِكَتَبَ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ فَكَتَبَ وَنَوَى هُوَ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ كِتَابَةٍ أُخْرَى وَبِالنِّيَّةِ فَامْتَثَلَ وَنَوَى وَبِقَوْلِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَا لَوْ كَتَبَ كِتَابَةً كَانَتْ خَلِيَّةً فَلَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى إذْ لَا يَكُونُ لِلْكِتَابَةِ كِنَايَةٌ أُخْرَى عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَيْ الرَّافِعِيِّ الْجَزْمُ بِالْوُقُوعِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْكِتَابَةَ قَدَّرْنَا أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْمَكْتُوبِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (فَرْعٌ)
أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْكِتَابَةِ وَالنِّيَّةِ كَفَى وَوَقَعَ بِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَفَعَلَ هُوَ الْآخَرُ لَغَا (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَك كِتَابِي) أَوْ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ أَوْ هَذَا الْكِتَابُ أَوْ الْمَكْتُوبُ أَوْ هَذَا الْمَكْتُوبُ أَوْ مَكْتُوبِي أَوْ مَكْتُوبِي هَذَا فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ أَيْ وُقُوعِهِ فِي يَدِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَرَمْيِهِ فِي حِجْرِهَا أَوْ أَمَامِهَا وَلَا يَكْفِي إخْبَارُهَا بِهِ وَيَكْفِي فِي الْأُولَى بُلُوغُ لَفْظِ أَنْتِ طَالِقٌ بِحَيْثُ يُقْرَأُ، وَإِنْ مُحِيَ مَا عَدَاهُ لَا عَكْسُهُ وَكَذَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا عِنْدَ شَيْخِنَا وَخَالَفَهُ الْبِسَاطِيُّ تَبَعًا لِلْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ وَمَالَ إلَى اعْتِبَارِ بُلُوغِ الْجَمِيعِ فِيهَا نَعَمْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمِيعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَك خَطِّي فَأَيُّ شَيْءٍ وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ الْكِتَابِ وَقَعَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَدَمَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ خَطَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِذَلِكَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِبُلُوغِهِ) أَيْ غَيْرِ مَمْحُوٍّ أَوْ أَمْكَنَ بَعْدَ الْمَحْوِ قِرَاءَتُهُ وَكَذَا إنْ وَصَلَ بَعْضُهُ وَقَدْ بَقِيَ مَوْضِعُ الطَّلَاقِ أَيْ ذَهَبَ جَمِيعُهُ إلَّا مَحَلُّ الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ إذَا بَلَغَك كِتَابِي أَوْ يَكْتُبَ إذَا بَلَغَك الْكِتَابُ أَوْ هَذَا الْكِتَابُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لَا مُطْلَقًا إلَّا إنْ وَصَلَ بِجَمِيعِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إذَا قَرَأْت كِتَابِي) أَيْ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ فَقَرَأَتْهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْهُ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ التَّعْلِيقِ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَتَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لِقُدْرَتِهَا عَلَى مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ قِرَاءَتُهَا بِنَفْسِهَا وَنَحْنُ لَا نَكْتَفِي بِالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ إلَّا حَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَقَرَأَتْهُ) أَيْ قَرَأَتْ صِيغَةَ الطَّلَاقِ مِنْهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْن جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنُ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ تَعْظِيمُ الْقُرْآنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالْإِجْرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ وَالْمَقْصُودُ هُنَا وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ وَقَدْ وُجِدَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا وَهِيَ أُمِّيَّةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ هَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى كَذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَصَدَ قِرَاءَتَهَا بِنَفْسِهَا فَلَا يَدِينُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهَا وَهِيَ أُمِّيَّةٌ) ، فَإِنْ تَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ وَقَرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ اعْتِبَارًا بِحَالِ التَّعْلِيقِ وُجُودًا وَعَدَمًا هَذَا مَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ اهـ ز ي ثُمَّ
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً) وَلَوْ رَجْعِيَّةً كَمَا سَيَأْتِي (فَتَطْلُقُ بِإِضَافَتِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّهُ حَقِيقَةً (أَوْ لِجُزْئِهَا الْمُتَّصِلِ بِهَا كَرُبْعٍ وَيَدٍ وَشَعْرٍ وَظُفْرٍ وَدَمٍ) وَسِنٍّ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْجُزْءِ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَوَجْهُ كَوْنِ الدَّمِ جُزْءًا أَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَخَرَجَ بِجُزْئِهَا إضَافَةُ الطَّلَاقِ لِفَضْلَتِهَا كَرِيقِهَا وَمَنِيِّهَا وَلَبَنِهَا وَعَرَقِهَا كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً، فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَبِالْمُتَّصِلِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ مَثَلًا، وَإِنْ الْتَصَقَتْ بِمَحَلِّهَا يَمِينُك طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ لِفُقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْوِلَايَةِ) أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ (كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ فَلَا يَقَعُ وَلَوْ مُعَلَّقًا عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ كَبَائِنٍ) فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ نَكَحْتُك أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَائِلِ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (وَصَحَّ) الطَّلَاقُ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (وَ) صَحَّ (تَعْلِيقُ عَبْدٍ ثَالِثَةً كَإِنْ عَتَقْت أَوْ) إنْ (دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا إذَا قَرَأَتْهُ بِنَفْسِهَا طَلُقَتْ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيقِ قِرَاءَةُ غَيْرِهَا لِلْعِلْمِ بِأُمِّيَّتِهَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ الْإِعْلَامُ لَا خُصُوصُ قِرَاءَةِ الْغَيْرِ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً) غَرَضُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ إخْرَاجُ الْمَمْلُوكِ وَمِنْ الشَّرْطِ بَعْدَهُ إخْرَاجُ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْبَائِنِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ كَوْنُهُ زَوْجَةً صَادِقٌ بِالْكَوْنِ زَوْجَةً فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي وَلَيْسَ مُرَادًا فَالشَّرْطُ الْآتِي يُخَصِّصُهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ بِهَا) أَيْ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الزَّائِدُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَشَعْرٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي) حَتَّى لَوْ أَشَارَ لِشَعْرَةٍ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ) وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ إنَّ الطَّلَاقَ فِي ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْرِي لِلْبَاقِي وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ فَفِي إنْ دَخَلْت فَيَمِينُك طَالِقٌ فَطَلُقَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ يَقَعُ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ اهـ (قَوْلُهُ قِوَامُ الْبَدَنِ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ أَيْ بَقَاؤُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَرِيقِهَا إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالِاسْمُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِهِ الْمُسَمَّى وَكَذَا السِّمَنُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الشَّحْمِ إذَا أُضِيفَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَنَّهُ يَقَعُ بِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّحْمِ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَضَافَهُ لِلشَّحْمِ طَلُقَتْ بِخِلَافِ السِّمَنِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ سَوَّى كَثِيرُونَ بَيْنَهُمَا وَصَوَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيَدُلُّ لَهُ إيجَابُ ضَمَانِهِ فِي الْغَصْبِ وَأَنَّ السِّمَنَ الْعَائِدَ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّحْمَ جُرْمٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِلُّ وَعَدَمُهُ وَالسِّمَنُ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْمَعَانِي كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعْنًى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ وَهَذَا وَاضِحٌ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي حَيَاتِك عَدَمُ وُقُوعِ شَيْءٍ بِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الرُّوحَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ عَقْلَك طَالِقٌ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءَ أَنَّهُ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَمَنِيُّهَا) مِثْلُهُ الْجَنِينُ وَالْحَمْلُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَمَنِيُّهَا وَلَبَنُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَا لَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) صَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ الْمِرْفَقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَوْ لَا اهـ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ فَمَتَى بَقِيَ جُزْءٌ مِنْ مُسَمَّى الْيَدِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ لَهُ، وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ) أَيْ وَإِنْ أَعَادَتْهَا وَالْتَصَقَتْ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ؛ لِأَنَّهَا حَالَةَ الْحَلِفِ مَعْدُومَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً حَالَةَ الْحَلِفِ، فَإِنْ خِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا م ر وَالْأُذُنُ وَالشَّعْرُ كَالْيَدِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْلِيلَ شَيْخِنَا م ر فِي شَرْحِهِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِفُقْدَانِ الْجُزْءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيه التَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَلَّتْهُ الْحَيَاةُ يَسْرِي فِيهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا انْفَصَلَ صَارَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ وَفِي كَلَامِ حَجّ؛ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ اهـ ح ل قَالَ م ر أَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَمِينُهَا وَالْتَصَقَتْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ، فَإِنْ خَشِيَتْ مِنْ فَصْلِهَا مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ وَقَعَ وَكَانَتْ كَالْمُتَّصِلِ، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ مِنْ الْفَصْلِ الْمَحْذُورِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا اهـ
(قَوْلُهُ: مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ) وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَمِرًّا مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى حِينِ الْوُقُوعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ إلَخْ لَهُ ارْتِبَاطٌ بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْمَحَلِّ مِلْكًا لِلْمُطَلِّقِ) أَيْ بِالْعَقْدِ فَالْغَرَضُ مِنْ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنْ لَا تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ زَوْجَةً فِيمَا كَانَ وَلَا فِيمَا يَكُونُ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ مَنْ فِي عِصْمَتِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الرَّجْعِيَّةُ انْتَهَى حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ أَوْ مَعَهُ
(وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا وَوُجِدَتْ لَمْ يَقَعْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ وَإِلَّا فَلِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِصِفَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِدُخُولٍ
ــ
[حاشية الجمل]
فَالْمَعِيَّةُ كَالْبَعْدِيَّةِ انْتَهَى مَدَابِغِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا وَوُجِدَتْ لَمْ يَقَعْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ أَعْنِي الْإِثْبَاتَ الْمُطْلَقَ وَالنَّفْيَ الْمُطْلَقَ وَالْإِثْبَاتَ الْمُقَيَّدَ وَالنَّفْيَ الْمُقَيَّدَ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ وَوَجَدْت ظَاهِرًا فِي صُورَتَيْ الْإِثْبَاتِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْوُجُودِ عَلَى الْحُصُولِ وَالثُّبُوتِ فَيَشْمَلُ الْعَدَمَ فَحِينَئِذٍ تَقْتَضِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْخُلْعَ يَخْلُصُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْحَلَبِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَقَرَّرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَحَمَلَ م ر فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُ هَذِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِثْبَاتِ الْمُطْلَقِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفْصِيلًا فِي الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّفْيَ الْمُقَيَّدَ وَلَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ النَّفْيُ الْمُطْلَقُ وَعِبَارَتُهُ مَعَ عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الصَّادِقَ بِالثَّلَاثِ فَأَقَلَّ بِدُخُولٍ مَثَلًا فَبَانَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ بِخُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ ثُمَّ نَكَحَهَا أَيْ جَدَّدَ عَقْدَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ طَلَاقٌ إنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ دُخُولًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالَةٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا طَرَقَهَا الْخِلَافُ الْآتِي لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا بَلْ بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ فَلَا يَقَعُ أَيْضًا فِي الْأَظْهَرِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ هَذَا إنْ عَلَّقَ بِدُخُولٍ مُطْلَقٍ أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا الدَّارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ أَنَّهُ يَقْضِيه أَوْ يُعْطِيه دَيْنَهُ فِي شَهْرِ كَذَا ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ وَبَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيَّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالشَّيْخُ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّي وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ أَيْ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَبَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَتَمَكُّنِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَمَّا لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِمَّا ذُكِرَ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ إذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخُلْعِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ الْمُنَافِيَةِ لِلْوُقُوعِ وَلَا أَنْ يَقَعَ قَبْلَهُ لِلُزُومِ الْوُقُوعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسَائِلِ الرَّغِيفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا نُظِرَ بِهِ الْوُقُوعُ.
(فَإِنْ قُلْت) قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ بِالْخُلْعِ (قُلْت) الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَاكَ يُمْكِنُ الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْإِمْكَانِ مِنْ الْغَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِانْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ التَّمَكُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَتَعَيَّنُ امْتِنَاعُ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَدْفَعُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدْفَعُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ بَعْدَ الْخُلْعِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ بَرَّ بِهِ وَاسْتَمَرَّ الْخُلْعُ وَإِلَّا بَانَتْ قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ م ر وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ بِالنَّفْيِ الْمُقَيَّدِ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَعَ فِي اللَّيْلَةِ ثُمَّ جَدَّدَ، فَإِنَّهُ يُخَلِّصُهُ الْخُلْعُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسَائِلِ الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي مَسَائِلِ الْإِثْبَاتِ الْفِعْلُ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بَرٍّ وَهِيَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حِنْثٍ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبَرِّ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النَّفْيِ فَالْمَقْصُودُ فِيهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخَرِ، فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا أَيْ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي اعْتَبَرُوهَا فِي التَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ وَلَيْسَ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ، فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا نَقُولُ بَرَّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ فَحَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَيَّنْت فُلَانَةَ لِهَذَا الْحَلِفِ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهَا إلَى تَعْيِينِهِ فِي غَيْرِهَا وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَلَا بَعْدَهُ تَوْزِيعُ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ حَلِفِهِ إفَادَةُ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى فَلَمْ يَمْلِكْ رَفْعَهَا بِذَلِكَ اهـ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ.
وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِبَارَةُ حَجّ هُنَا وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ اهـ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْيِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الطَّلَاقِ حَيْثُ قَالَ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ حَنِثَ ذُو زَوْجَاتٍ وَلَمْ يَنْوِ إحْدَاهُنَّ وَالطَّلَاقُ ثَلَاثٌ عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ وَلَا يَجُوزُ تَوْزِيعُهُ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِي مَيِّتَةٍ وَبَائِنَةٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ
(وَلِحُرٍّ) طَلْقَاتٌ (ثَلَاثٌ) ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ فَقَالَ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » (وَلِغَيْرِهِ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا (ثِنْتَانِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ فِي الْعَبْدِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْمُبَعَّضِ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ لَا وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعَبْدِ (فَمَنْ طَلَّقَ مِنْهُمَا دُونَ مَالِهِ) مِنْ الطَّلْقَاتِ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ (وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ) لَهُ (بِبَقِيَّتِهِ) أَيْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَمَّا مَنْ طَلَّقَ مَا لَهُ فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.
(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) كَمَا يَقَعُ فِي صِحَّتِهِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَزَوْجَتُهُ (فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَلَا يَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّتِهِ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْقَصْدِ) أَيْ لِلطَّلَاقِ (قَصْدُ لَفْظِ طَلَاقٍ لِمَعْنَاهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
الْعِبْرَةَ بِوَقْتِهِ لَا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ شَكَّ فِي طَلَاقٍ فَلَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ تَعْيِينُهُ فِي مَيِّتَةٍ وَبَائِنَةٍ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا قَبْلَهُ وَفِيهِ أَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ إحْدَى زَوْجَاتِهِ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَعْيِينِهَا لِلطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً وَتَبِينُ بِهَا وَيَلْغُو الْبَاقِي ثُمَّ قَالَ وَلَوْ حَلَفَ بِطَلْقَتَيْنِ كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ طَلْقَتَيْنِ مَا أَفْعَلُ كَذَا وَحَنِثَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَيْنِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا بَلْ لَهُ تَوْزِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ عَلَى ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ فِي ذَاتِهِ لَا تَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى تَأَمَّلْ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخُلْعِ مَا لَهُ بِهَذَا مَزِيدُ تَعَلُّقٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَجَدْت) أَيْ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مَنْ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَلِهَذَا جَعَلَ الشَّارِحُ فِيهِ صُورَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلِحُرٍّ ثَلَاثٌ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالشَّرْطِ لِيَمِينِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَمْلُوكِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَوْ تَسْرِيحٌ) أَيْ لِأَنَّهَا وَإِنْ نَزَلَتْ لَمْ يَفْهَمُوا الْمُرَادَ مِنْ التَّسْرِيحِ فَلِذَلِكَ سَأَلُوا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِهِ الزَّوْجَةَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ قَالَ الْعِبْرَةُ فِي الثَّلَاثَةِ وَالثِّنْتَيْنِ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً مَلَكَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً مَلَكَ عَلَيْهَا ثِنْتَيْنِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ حُرًّا اهـ (قَوْلُهُ: دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْوِجْ إلَى زَوْجٍ) أَيْ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ بَاقٍ فَتُعْتَبَرُ أَحْكَامُهُ (قَوْلُهُ: لَا يَهْدِمَانِهِ) أَيْ لَا يَهْدِمَانِ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَوْ هَدَمَاهُ لَعَادَتْ لَهُ بِالثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ عَادَتْ لِزَوْجِهَا فَوَطْءُ السَّيِّدِ لَا يَهْدِمُ مَا وَقَعَ مِنْ الزَّوْجِ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَى الْبِنَاءِ أَنْ يُعْطَى الثَّانِي بَقِيَّةَ أَحْكَامِ الْأَوَّلِ وَهَذَا مُتَعَقِّلٌ وَوَاقِعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ دُونَ هَذِهِ الصُّورَةِ إذْ لَا يَتَعَقَّلُ الْبِنَاءُ فِيهَا وَقَوْلُهُ لِاسْتِغْرَاقِهِ أَيْ لِاسْتِغْرَاقِ الْأَوَّلِ أَحْكَامَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْبِنَاءُ فَلِذَلِكَ كَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) وَكَذَا فِي كُلِّ حَالَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَيَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إلَى قَوْلِهِ وَاللِّعَانُ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ عَنَاهَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ الْآيَاتِ الْخَمْسَ تُفِيدُ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِالزَّوْجَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مِنْهَا الرَّجْعِيَّةُ لَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ الْخَمْسِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ لَا فِي اللِّعَانِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا مِنْ حُرْمَةِ نِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لَهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّافِعِيُّ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْمَلُهَا مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ اهـ ح ل وَخِلَافًا لِلْقَدِيمِ مِنْ مَذْهَبِنَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ فِي الْقَصْدِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقْصِدَ لَفْظَ طَلَاقٍ لِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَرْكَانِ الْقَصْدُ الْمَذْكُورُ لَا مُطْلَقُ الْقَصْدِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ كَانَ الْأَوْلَى إلَخْ أَيْ لِاخْتِلَالِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ مَا شَرَطَهُ غَيْرُ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ الْمَشْرُوطِ مَعَ أَنَّهُ نَفْسُهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِجَوَابِ مَا عَسَاهُ يُقَالُ: إنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْأَرْكَانِ مُطْلَقُ الْقَصْدِ لَا هَذَا الْقَصْدِ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ فَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: قَصَدَ لَفْظَ طَلَاقٍ لِمَعْنَاهُ) عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ قَصَدَ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ طَلَاقٍ لِمَعْنَاهُ وَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَيْنِ الشَّارِحُ وَفَرَّقَ بَيْنَ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَقَصْدِ الْإِيقَاعِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِّ الْعِصْمَةِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. الرُّكْنُ الثَّالِثُ: قَصْدُ الطَّلَاقِ فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ، وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتَبَرَ قَصْدَ الْمَعْنَى لِيُخْرِجَ حِكَايَةَ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرِ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءِ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا: الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ
بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ (فَلَا يَقَعُ) مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَا (مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِطَلَاقِ النَّائِمِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِيمَا مَرَّ (وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَمَا جُهِلَ مَعْنَاهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ ثُمَّ قَصْدُ الْمَعْنَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي كَغَيْرِي
ــ
[حاشية الجمل]
الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِّمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: لِمَعْنَاهُ) هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ فِي وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الشَّارِحِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ عَارِفًا مَعْنَاهُ وَيَقْصِدُ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَصْدِ الْمَعْنَى كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَصَدَ الْمَعْنَى إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ: طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَيْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا لَغَا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ الشَّرْعِيِّ بَلْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ اهـ وَاعْتَرَضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّقْلِيبِ وَلَا قَصْدَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ حِينَئِذٍ حَلَّ الْعِصْمَةَ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ اللَّفْظَ فِي مَعْنَاهُ لِوُجُودِ هَذَا الصَّارِفِ فَلَوْ كُنَّ جَمِيعًا نِسَاءَهُ فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ وَكَوْنُهُنَّ كُلُّهُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فِي ظَنِّهِ لَا يُعَدُّ صَارِفًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ هَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ إلَخْ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ أُخْرَى وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُولَى وَالثَّلَاثِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْمُتَكَلِّمُ فِيهَا اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الثَّلَاثِ الْأُولَى لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الصَّارِفِ فَالصَّارِفُ فِيهَا مَوْجُودٌ وَهُوَ الْحِكَايَةُ وَالْجَهْلُ وَالسَّبْقُ، وَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا كَانَ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ شَرْطًا وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وُجُودَهُ فِيهَا لَا يُمْكِنُ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقَعُ فِيهَا مَعَ أَنَّ قَصْدَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ لَمْ يُوجَدْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا لَيْسَ شَرْطًا لِعَدَمِ الصَّارِفِ فِيهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ فَقَالَ يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ عِنْدَ عُرُوضِ صَارِفِهَا لِمَا يَأْتِي فِي النِّدَاءِ لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى مَنْطُوقِهِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى التَّفْرِيعِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَخْ فَحُكْمٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُطَلِّقُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تُسَاعِدُهُ عَلَى دَعْوَاهُ صُدِّقَ فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَلَا فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْقَرِينَةُ كَوْنُهَا مُسَمَّاةً بِطَالِقٍ وَالْأَمْرُ الَّذِي ادَّعَاهُ مَانِعًا مِنْ الطَّلَاقِ هُوَ نِدَاؤُهَا وَالْقَرِينَةُ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي قُرْبُ مَخْرَجِ اللَّامِ مِنْ الرَّاءِ وَالْأَمْرُ الَّذِي ادَّعَاهُ مَانِعًا مِنْ الطَّلَاقِ الْتِفَافُ الْحَرْفِ أَيْ انْتَقِلَا بِهِ إلَى الْآخَرِ فَتَعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ ثُمَّ قَصَدَ الْمَعْنَى أَيْ قَصَدَ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ إلَخْ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا عَرَفْت أَنَّ مَبْحَثَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ غَيْرُ مَبْحَثِ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ تَقْيِيدُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ قَصَدَ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ هُنَاكَ صَارِفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِي فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ إلَخْ هَذَا وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ كِنَايَةً فَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ فِيهِ نِيَّةُ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ كَانَ يَتَبَادَرُ مِنْ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِيَّةُ الْمَعْنَى أَيْ نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ مَعْنَى اللَّفْظِ عِنْدَ أَهْلِهِ بِأَنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِحَيْثُ لَوْ قِيلَ لَهُ وَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَاهُ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا أَيْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ ظَاهِرًا وَهَذَا الْقَيْدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ قَصْدُ الْمَعْنَى عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ بِوُقُوعِهِ
(وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا) فِي دَعْوَاهُ مَا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا) فَلَا تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ، فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ (وَ) كَقَوْلِهِ (لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ) أَوْ طَالِبٌ أَوْ طَالِعٌ (يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فَلَا تَطْلُقُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَكَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي، وَإِنَّمَا أَرَدْت طَلَبْتُك.
(وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) مَثَلًا (هَازِلًا) بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ (أَوْ لَاعِبًا)
ــ
[حاشية الجمل]
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ يُوكَلُ لِدِينِهِ أَيْ يُعْمَلُ بِقَصْدِهِ هَذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ يَدِينُ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْمَعْنَى أَوْ لَا اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَخْ) أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ أَيْ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أَمْ لَا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي سم (تَنْبِيهٌ) اقْتَضَى كَلَامُ الشَّارِحِ كَأَصْلِهِ تَصْدِيقَهُ بَاطِنًا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَا قَرِينَةَ فَيُصَدَّقُ بَاطِنًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مِنْ أَوَّلِ اللَّفْظِ أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهِ عَلَى مَا سَلَفَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَرِينَةٍ) جَعَلَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْقَرِينَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ وَظَنَّ أَنَّهَا طَلُقَتْ بِهِ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ظَانًّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِالْعِبَارَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ بَانِيًا عَلَى الظَّنِّ الْمَذْكُورِ اهـ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَيْت بِخِلَافِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَأُخْبِرَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَفَعَلَهُ وَبَانَتْ صِحَّةُ الْعَقْدِ حَيْثُ تَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك اهـ حَجّ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ: يَا طَالِقُ) سَوَاءٌ ضَمَّ الْقَافَ أَوْ فَتَحَهَا أَوْ كَسَرَهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِضَبْطِ النَّوَوِيِّ لَهُ بِالسُّكُونِ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ، فَإِنْ زَالَتْ التَّسْمِيَةُ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحُرٍّ يَا حُرٌّ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) أَيْ انْقَلَبَ وَتَغَيَّرَ وَتَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى حَرْفٍ آخَرَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) طَلُقَتْ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ وَالنِّدَاءَ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضَى، وَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ الْمَانِعُ وَهُوَ النِّدَاءُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِهِ فَيَغْلِبُ الْمُقْتَضِي فَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّيغَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَنْ تَلَفَّظَ بِصِيغَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي الْوُقُوعِ لَكِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ بِالْقَرِينَةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) أَيْ مُعَلَّقٍ أَوْ مُنَجَّزٍ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ قَرَائِنَ الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَتَأَثَّرُ بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا أَيْ لَا لِمَنْ يُعَلِّقُ طَلَاقَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمَوْلَى فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) أَيْ وَلَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَاوَرَةً أَيْ مُنَازَعَةً فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ لَا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) فَسَّرَهُمَا م ر فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى ثُمَّ قَالَ وَلِكَوْنِ اللَّعِبِ أَعَمَّ مُطْلَقًا مِنْ الْهَزْلِ عُرْفًا إذْ الْهَزْلُ يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ عَطَفَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَادَفَهُ لُغَةً كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَجَعَلَ غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا تَغَايُرًا فَفَسَّرَ الْهَزْلَ بِأَنْ يَقْصِدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى، وَاللَّعِبَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَصْدُ اللَّفْظِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوعِ بَاطِنًا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ لَفْظَ الْإِطْلَاقِ دُونَ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ وَقَعَ وَلَمْ يُدَيَّنْ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: هَازِلًا بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ) أَيْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيقَاعَ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ فِي الصَّرِيحِ حَيْثُ خَلَا عَنْ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ حَجّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْوُقُوعَ مِنْ الْهَازِلِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّ عَدَمَ رِضَاهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْحَقُّ اهـ ح ل