الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ
مِنْ وُجُوبِ كَفَّارَةٍ وَتَحْرِيمِ تَمَتُّعٍ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا. يَجِبُ (عَلَى مُظَاهِرٍ عَادَ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ فَارَقَ) هَا بَعْدُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (وَالْعَوْدُ فِي) ظِهَارٍ (غَيْرِ مُؤَقَّتٍ مِنْ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ظِهَارِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ (زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) وَلَمْ يُفَارِقْ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ، يُقَالُ قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ لَهُ وَعَادَ فِيهِ أَيْ خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَادَ فِي هِبَتِهِ وَمَقْصُودُ الظِّهَارِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِمْسَاكُهَا يُخَالِفُهُ وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ أَوْ بِالْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ أَوْجَهُ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهَا الْأَوَّلُ. (فَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ بِظِهَارِهِ (جُنُونُهُ) أَوْ إغْمَاؤُهُ (أَوْ فُرْقَةٌ) بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ كَعَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا
ــ
[حاشية الجمل]
مَعَ مَسْأَلَةِ إطْلَاقِهِ لِأَحَدِهِمَا، الْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا مَا يَصْدُقُ بِالْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَبِالثَّانِي وَحْدَهُ وَبِهِمَا مَعًا فَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ هِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِيمَا قَبْلَ إلَّا، وَالثَّالِثَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَ إلَّا وَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِ الثَّانِي وَحْدَهُ تَحْتَهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ مِمَّا بَعْدَ إلَّا وَهِيَ التَّاسِعَةُ وَمَا بَعْدَهَا الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَطْلَقَ الثَّانِي وَنَوَى بِالْأَوَّلِ مَعْنَاهُ إلَخْ، وَمَسْأَلَةُ إطْلَاقِهِمَا هِيَ الْأَوْلَى فِيمَا بَعْدَ إلَّا، وَقَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ نِيَّتِهِ غَيْرُهُمَا أَيْ بِالْأُوَّلِ وَهِيَ التَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ فِيمَا قَبْلَ إلَّا، وَالثَّامِنَةُ فِيمَا بَعْدَهَا أَوْ بِالثَّانِي وَهِيَ السَّادِسَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَ إلَّا، أَوْ بِهِمَا أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا وَهِيَ الرَّابِعَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَهَا أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهِيَ الْخَامِسَةَ عَشَرَ فِيمَا بَعْدَهَا فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الْأَصْلِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَبَقِيَ تِسْعَةٌ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ]
(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) أَيْ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ أَنَّهُ بَيَّنَ الْأَحْكَامَ بِشَيْئَيْنِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَأَرَادَ بِاَلَّذِي يُذْكَرُ تَفَاصِيلَ الْعَوْدِ، وَمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ تَارَةً وَرَجْعَةٍ أُخْرَى وَوَطْءٍ أُخْرَى عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَأَرَادَ بِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَوْدُ) أَيْ الْمُخَالَفَةُ لِمَا قَالَهُ إذْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا أَوْ لَا يُرَاجِعَهَا أَوْ لَا يَطَأَهَا فَتَحْصُلُ الْمُخَالَفَةُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ بِالْإِمْسَاكِ فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ الْخَالِي عَنْ الطَّلَاقِ وَبِالرَّجْعَةِ فِي الرَّجْعِيِّ وَفِي الْمُؤَقَّتِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْمُدَّةِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَوْدُ فِي غَيْرِ مُؤَقَّتٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا رضي الله عنه وَعَلَى الْقَدِيمِ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ أَنَّهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَثَانِيهِمَا بِالْوَطْءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَنَقَلَ الْبَيْضَاوِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ بِشَهْوَةِ الْوَطْءِ وَلَوْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ) أَيْ، وَإِنْ نَسِيَ أَوْ جُنَّ عِنْدَ وُجُودِهَا كَمَا مَرَّ. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْمُعَلَّقِ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْحُكْمِ بِالْعَوْدِ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا. اهـ رَشِيدِيٌّ. وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ الَّذِي مَرَّ هُوَ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا وُجِدَتْ مَعَ نِسْيَانٍ أَوْ جُنُونٍ حَصَلَ الظِّهَارُ وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَوْ التَّذَكُّرِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ ظِهَارِهِ) وَلَوْ مُكَرَّرًا لِلتَّأْكِيدِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ بَدَلَ التَّأْكِيدِ لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الصِّيغَةِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) أَيْ وَلَوْ جَاهِلًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إمْكَانُ الْفُرْقَةِ شَرْعًا فَلَا عَوْدَ فِي نَحْوِ حَائِضٍ إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يُقَالُ قَالَ فُلَانٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَعْنَى يَعُودُونَ فِيمَا قَالُوا أَوْ فِي بَعْضِ مَا قَالُوا فَاللَّامُ صِلَةُ يَعُودُونَ وَقَالَ الْأَخْفَشُ صِلَةٌ فَتَحْرِيرُ وَمَنْ حَمَلَ الْعَوْدَ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَنَحْوِهِ اسْتَنَدَ إلَى أَنَّ {ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: 3] يَقْتَضِي حُدُوثَ فِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمُرُورُ الزَّمَانِ لَيْسَ بِفِعْلٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ إلَخْ) يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ لَهَا سَبَبَانِ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَوْدِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الثَّانِي، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَوْدِ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ. (فَإِنْ قُلْت) هَلْ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ؟ . قُلْت نَعَمْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِيَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْعَوْدِ إنْ قُلْنَا الظِّهَارُ شَرْطٌ وَالْعَوْدُ سَبَبٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الظِّهَارِ وَيَجُوزُ عَلَى الْعَوْدِ، وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ، وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الظِّهَارِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ سَبَبَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ وَبَيْنَ مَا وَجَبَ بِسَبَبٍ وَشَرْطٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ. انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: أَوْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ لَعَلَّ فِيهِ تَحْرِيفًا وَحَقُّهُ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مِنْهَا الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا، وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا أَيْ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ فَإِنْ وَطِئَ وَجَبَتْ عَلَى
وَلِعَانِهِ لَهَا وَقَدْ سَبَقَ الْقَذْفَ وَالْمُرَافَعَةَ لِلْقَاضِي ظِهَارُهُ، أَوْ بِانْفِسَاخٍ كَرِدَّةٍ قَبْلَ دُخُولٍ وَمِلْكِهِ لَهَا وَعَكْسِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُرَاجِعْ (فَلَا عَوْدَ) لِتَعَذُّرِ الْفِرَاقِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَفَوَاتِ الْإِمْسَاكِ فِي فُرْقَةِ الْمَوْتِ وَانْتِفَائِهِ فِي الْبَقِيَّةِ.
(وَ) الْعَوْدُ فِي ظِهَارٍ غَيْرِ مُؤَقَّتٍ (مِنْ رَجْعِيَّةٍ) سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ أَمْ قَبْلَهُ (أَنْ يُرَاجِعَ وَلَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ بَعْدَ الدُّخُولِ (ثُمَّ أَسْلَمَ) فِي الْعِدَّةِ (فَلَا عَوْدَ بِإِسْلَامٍ بَلْ بَعْدَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ وَالْحِلُّ تَابِعٌ لَهُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ (وَ) الْعَوْدُ (فِي) ظِهَارٍ (مُؤَقَّتٍ) يَحْصُلُ (بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (فِي الْمُدَّةِ) لَا بِإِمْسَاكٍ لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا قَالَهُ بِهِ دُونَ الْإِمْسَاكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ الْحِلَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَيَجِبُ) فِي الْعَوْدِ بِهِ، وَإِنْ حَلَّ (نَزْعٌ) لِمَا غَيَّبَهُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ (وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْفَوْرِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَزَمَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَا يُشْكِلُ الْقَوْلُ بِالتَّرَاخِي بِأَنَّ سَبَبَهَا مَعْصِيَةٌ وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ إيجَابِهَا عَلَى الْفَوْرِ وَبِأَنَّ الْعَوْدَ لَمَّا كَانَ أَحَدَ سَبَبِهَا وَهُوَ مُبَاحٌ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي. اهـ شَرْحُ م ر. وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْوِقَاعِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ فَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهَا مَعْصِيَةٌ. اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلِعَانِهِ لَهَا) أَيْ، وَإِنْ طَالَتْ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلِعَانِهِ لَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَعَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا الْوَاقِعِ مِثَالًا لِمُقْتَضَى الْفَسْخِ فَيَقْتَضِي أَنَّ اللِّعَانَ سَبَبٌ لِفَسْخٍ يَقَعُ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاقِعُ بَعْدَهُ انْفِسَاخٌ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ فَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ الْوَاقِعَةِ مِثَالًا لِلِانْفِسَاخِ لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ سَبَقَ الْقَذْفَ إلَخْ)، وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلَ الْإِمْسَاكُ مُدَّتَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَمِلْكِهِ لَهَا وَعَكْسِهِ) أَيْ بِإِرْثٍ أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَا يَضُرُّ الِاشْتِغَالُ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا تُغْتَفَرُ الْمُسَاوَمَةُ وَلَا يَكْفِي الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَفَوَاتِ الْإِمْسَاكِ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْمُغَايَرَةِ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مَعَ أَنَّ الْفَوَاتَ وَالِانْتِفَاءَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ) أَيْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنَّ الْعَوْدَ لَا يَنْتَفِي بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ إلَّا بِالرَّجْعَةِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِهِ الْعَوْدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ وَتَسْمِيَتُهَا حِينَئِذٍ رَجْعِيَّةً مِنْ بَابِ مَجَازِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ رَجْعِيَّةً إلَّا بَعْدَ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُرَاجِعَ) أَيْ، وَإِنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتْ عَوْدًا وَهُوَ لَيْسَ عَوْدًا. اهـ وَغَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَلَوْ رَاجَعَ أَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا بِالظِّهَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ لَا الْإِسْلَامِ بَلْ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ بِهِمَا وَقِيلَ لَيْسَ بِعَائِدٍ بِهِمَا بَلْ بَعْدَهُمَا، وَأَصْلُ الْخِلَافِ قَوْلَانِ فِي الرَّجْعَةِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا عَوْدٌ وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الرِّدَّةِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْدٍ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَهُوَ عَائِدٌ بِالرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا فِي الْأَظْهَرِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ بِفِعْلِهِ فَلَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَوْدًا قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ فِي الْمُدَّةِ) أَمَّا الْوَطْءُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا عَوْدَ فِيهِ لِارْتِفَاعِهِ بِهَا كَمَا مَرَّ فَعُلِمَ تَمَيُّزُهُ بِتَوَقُّفِ الْعَوْدِ فِيهِ عَلَى الْوَطْءِ وَبِحِلِّهِ أَوَّلًا، وَبِحُرْمَتِهِ كَالْمُبَاشَرَةِ بَعْدُ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ قَيَّدَ ظِهَارَهُ بِمَكَانٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ فَلَا يَكُونُ عَائِدًا فِي ذَلِكَ الظِّهَارِ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَكِنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ مَتَى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَحْرُمْ فِي الْمُؤَقَّتِ بِزَمَانٍ كَذَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ الْحِلَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ) أَيْ كَمَا يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ فِيهَا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِمْسَاكُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ إلَّا بِالْوَطْءِ فِيهَا فَكَانَ هُوَ الْمُحَصِّلُ لِلْعَوْدِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَّ) أَيْ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ وَالْعَوْدُ لَا يَحْصُلُ فِي الْمُؤَقَّتِ إلَّا بِالْوَطْءِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ثَانِيًا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُوبِ النَّزْعِ عَدَمُ الِاسْتِمْرَارِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الْوَطْءِ لَا يَحْنَثُ بِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ وَهُوَ مُجَامِعٌ وَاسْتَمَرَّ وَقَالُوا اسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ لَا يُسَمَّى وَطْئًا وَبِمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا حَيْثُ لَمْ يُحَرِّمُوا عَلَيْهِ الِاسْتِدَامَةَ وَقَالُوا إنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا وَقَدْ يُقَالُ بِسُقُوطِ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُسَمَّى وَطْئًا وَمَا لَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدَامَةُ مِنْ الثَّانِي بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا وَقَوْلُهُمْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ وَطْءٌ أَيْ حُكْمًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا تُسَمَّى وَطْءً وَلَمَّا كَانَ الْمَذْكُورُ فِي لَفْظِ الْحَالِفِ وَالْمُعَلَّقُ لَفْظُ الْوَطْءِ حُمِلَ عَلَى مَا يُسَمَّاهُ فَلَا يَشْمَلُ الِاسْتِدَامَةَ وَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُظَاهِرُ حُمِلَ عَلَى الْأَعَمِّ، وَأَيْضًا يُقَالُ هُنَا إنَّ الْمُظَاهِرَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَبِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ حَصَلَ الْعَوْدُ، وَالِاسْتِدَامَةُ لَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَغْلَظَ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَعُضَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ يَنْبُوعِ الْكَلَامِ وَمِمَّا عَثَرَتْ عَلَيْهِ الْأَفْهَامُ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ
أَوْ مُضِيِّ) مُدَّةِ ظِهَارٍ (مُؤَقَّتٍ تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ كَالْحَيْضِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» ، وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ لِانْتِهَائِهِ بِهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَحُمِلَ التَّمَاسُّ هُنَا لِشَبَهِ الظِّهَارِ بِالْحَيْضِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوَطْءِ أَلْحَقَ بِهِ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَإِنْ عَجَزَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ عَلَى شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ مَا يُوَافِقُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ التَّصْرِيحَ بِهِ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي آخِرِ الْكَفَّارَةِ وَعِبَارَتُهُ فَصْلٌ إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. اهـ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ خُصُوصُ الْعَنَتِ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ إلَخْ) أَيْ فَالْكَلَامُ فِي الْمُظَاهِرِ الْعَائِدِ فَلَا يَرِدُ إبَاحَةُ الْوَطْءِ فِي الْمُؤَقَّتِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْعَوْدِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الْمُقَرَّرَ فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ فِيهِ بَعْدَ الْعَوْدِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَيَحِلُّ بَعْدَ أَحَدِهِمَا فَإِذَا كَفَّرَ وَلَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ حَلَّ التَّمَتُّعُ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ إلَخْ أَوْ مَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَلَّ أَيْضًا وَاسْتَقَرَّتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْعَوْدِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ بَعْدَهَا وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ الْعَوْدِ، إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ ضَيِّقَةٌ عَنْ أَدَاءِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ ظَاهِرٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُؤَقَّتِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ مَعْنَاهُ أَوْ بَعْدَ تَكْفِيرٍ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْمُؤَقَّتِ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بَعْدَ التَّكْفِيرِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت، وَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: قَبْلَ تَكْفِيرٍ عَلَى الْمُطَلِّقِ فَقَطْ وَجُعِلَتْ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ بِمَعْنَى الْوَاوِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَعْنَى وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ فِي مُطْلَقٍ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فِي مُؤَقَّتٍ، أَفَادَتْ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُؤَقَّتِ يَتَوَقَّفُ ارْتِفَاعُهَا عَلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ حَصَلَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْمُضِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي الْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ التَّغْلِيظُ بِضَمِّ عَدَمِ الْتِمَاسٍ إلَى أَصْلِ الْعُقُوبَةِ كَمَا ضُمَّ النَّفْيُ إلَى الْجَلْدِ تَغْلِيظًا أَوْ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ اهـ.
(فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ: إذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ فَمَاتَا أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَانَهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ لَمْ تَسْقُطْ أَيْ الْكَفَّارَةُ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهُ بَعْدَ إبَانَتِهَا بَقِيَ التَّحْرِيمُ لِلْوَطْءِ مَا لَمْ يُكَفِّرْ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ إبَانَتِهَا. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ) فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِالْوَطْءِ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ. اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ. اهـ عِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) اُنْظُرْ لَوْ اُضْطُرَّ إلَى الْوَطْءِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَتَّجِهُ الْجَوَازُ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُمْ حَرُمَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ لَا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الْقَضِيَّةِ مِنْ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ تَعَالَى تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَتَيْنِ فِي الْمَتْنِ لَكِنَّ الْأُولَى بِالْآيَةِ وَالثَّانِيَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا فِيهَا وَقَوْلُهُ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَتَى بِهِ بَعْدَ الْآيَةِ لِيُفِيدَ حُرْمَةَ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى قَوْلُهُ: وَحُمِلَ التَّمَاسُّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ الدَّلِيلِ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْآيَةِ إلَّا وُجُوبُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ التَّمَاسِّ فَاحْتَاجَ إلَى بَيَانِ التَّمَاسِّ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ. (قَوْلُهُ: حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ) تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَصْدُقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ غَايَةُ، الْأَمْرِ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ بِالْقَيْدِ، وَهُنَا الْمُطْلَقُ هُوَ الْإِطْعَامُ وَالْمُقَيَّدُ الصَّوْمُ وَالْإِعْتَاقُ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِلتَّبَايُنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْمُطْلَقِ التَّكْفِيرُ لَا فَرْدُهُ الَّذِي هُوَ الْإِطْعَامُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَلَمْ يَقُلْ أَوْجَبَ الْإِعْتَاقَ وَالصَّوْمَ قَبْلَ التَّمَاسِّ. (فَإِنْ قُلْتَ) الْمُطْلَقُ الَّذِي أُرِيدَ تَقْيِيدُهُ وَهُوَ التَّكْفِيرُ الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الْإِطْعَامُ إذْ هُوَ الَّذِي يُرَادُ تَقْيِيدُهُ. (قُلْتُ) لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ إذْ غَرَضُنَا تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ الَّذِي فِي ضِمْنِ هَذَا الْفَرْدِ بِقَيْدِ فَرْدِيَّةِ الْآخَرَيْنِ فَوُجُودُهُ فِي هَذَا الْفَرْدِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُطْلَقًا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِقَيْدِ الْفَرْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ) فِي الْمِصْبَاحِ قَرِبْتُ الْأَمْرَ أَقْرَبُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ، قِرْبَانًا بِالْكَسْرِ فَعَلْتُ أَوْ دَانَيْتُ، وَمِنْ الْأَوَّلِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] . (قَوْلُهُ: وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ) وَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ حِلَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ظِهَارٍ مُؤَقَّتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ