الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - بابُ شُروطِ مَن تُقبَلُ شهادتُه
وهي ستةٌ (1):
1 -
أحدُها: البُلوغُ (2). فلا تُقبَلُ من صغيرٍ -ولو في حال أهلِ العدالة-. . . . . .
ــ
بابُ شروطِ مَنْ تُقبل شهادتُه
* قوله: (ولو في حال أهل العدالة)؛ بأن كان (3) متصفًا [بما يتصف](4) به المكلَّفُ العَدْلُ (5).
وبخطه: (قوله: (ولو في حال أهل العدالة) هو (6) أن يكون مسلمًا عاقلًا عدلًا، عالمًا بما يشهد به، غيرَ مُتَّهَم، ذكر ذلك في المغني، وقال السامُرِّي في المستوعب: لا يختلف المذهب في اشتراط هذه الخمسة) مطلع (7).
(1) المحرر (2/ 247)، والمقنع (6/ 327) مع الممتع، والفروع (6/ 483)، وكشاف القناع (9/ 3306).
(2)
المصادر السابقة.
(3)
في "ب": "يكون".
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ج" و"د".
(5)
شرح منتهى الإرادات (3/ 545).
(6)
في "ج" و"د": "وهو".
(7)
المطلع ص (407) بتصرف.
مطلقًا (1).
2 -
الثاني: العَقْلُ، وهو: نوعٌ من العلوم الضَّرُوريَّةِ (2).
و"العاقلُ": من عَرَف الواجبَ عقلًا: الضَّروريَّ، وغيرَه، والمُمْكِنَ، والممتنِعَ، وما ينفعُه ويَضُرُّه -غالبًا- (3).
فلا تُقبَلُ من مَعْتُوهٍ. . . . . .
ــ
* قوله: (مطلقًا)؛ أي: سواءٌ شهد بعضُهم على بعض، أم لا، في الجراح، أو غيره (4)(5).
* قوله: (غالبًا)؛ لأن الناس لو اتفقوا على ذلك، لما اختلفت الآراء (6).
* قوله: (فلا تُقبل من معتوه) مختلِّ العقل دونَ المجنون (7).
(1) وعنه: تقبل ممن هو في حال العدالة. وهذه عبارة المقنع. وعبارة المحرر والفروع: تقبل من المميزين إذا وجدت فيهم بقية الشروط. وعنه: لا تقبل منهم إلا في حال الجراح إذا أدوها قبل تفرقهم على الحال التي تقاتلوا عليها. راجع: المحرر (2/ 283 - 284)، والمقنع (6/ 327) مع الممتع، والفروع (6/ 498)، وكشاف القناع (9/ 3306).
(2)
كشاف القناع (9/ 3306)، وانظر: المحرر (2/ 247)، والمقنع (6/ 328) مع الممتع، والفروع (6/ 483)، والتنقيح المشبع ص (426).
(3)
التنقيح المشبع ص (246)، وكشاف القناع (9/ 3306).
(4)
في "أ": "وغيره".
(5)
معونة أولي النهى (9/ 359)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 545)، وحاشية منتهى الإرادات للبهوتي لوحة 240.
(6)
معونة أولي النهى (9/ 360)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 545).
(7)
وفي مختار الصحاح ص (412) قال: المعتوه: الناقص العقل، وانظر: المصباح المنير ص (149).
ولا مجنونٍ، إلا مَن يُخْنَقُ أحيانًا: إذا شهدَ في إفاقته (1).
3 -
الثالثُ: النُّطقُ (2). فلا تُقبَلُ من أخرَسَ (3) إلا إذا أدَّاها بخَطِّه (4).
4 -
الرابعُ: الحِفْظُ. فلا تُقبَلُ من مغفَّلٍ، ومعروفٍ بكثرةِ غلطٍ وسهوٍ (5).
5 -
الخامسُ: الإسلامُ. فلا تُقبَلُ من كافرٍ -ولو على مثلِه (6) -. . . . . .
ــ
* قوله: (ولا مجنونٍ) مسلوبِ (7) العقل، ولهذا يقال: العقلُ بالجنون (8)[مسلوبٌ](9)، وبالإغماء مغلوبٌ، وبالنوم محجوبٌ.
(1) المحرر (2/ 247)، والمقنع (6/ 328 - 329) مع الممتع، والفروع (6/ 483)، وكشاف القناع (9/ 3306).
(2)
المصادر السابقة.
(3)
وعنه: تقبل شهادة الأخرس بإشارة مفهومة منه فيما طريقه الرؤية. المحرر (2/ 286)، والمقنع (6/ 329) مع الممتع، وانظر: الفروع (6/ 498)، والتنقيح المشبع ص (426)، وكشاف القناع (9/ 3306).
(4)
التنقيح المشبع ص (426)، وكشاف القناع (9/ 3306)، وفي المحرر (2/ 287)، والفروع (6/ 498)، والمبدع (10/ 215): عن الإمام أحمد التوقف فيما إذا أداها بخطه. وقال صاحب المحرر: وعندي أنها تقبل.
(5)
المحرر (2/ 247)، والمقنع (6/ 332) مع الممتع، والفروع (6/ 483)، والتنقيح المشبع ص (426 - 427)، وكشاف القناع (9/ 3307).
(6)
وعنه: تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض. المحرر (2/ 247 و 281)، والمقنع (6/ 330) مع الممتع، والفروع (6/ 483 و 497 - 498)، وانظر: كشاف القناع (9/ 3307).
(7)
في "أ": "ومسلوب".
(8)
في "د": "الجنون".
(9)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
غيرَ رجُلَيْن كتابيِّيْن (1)، عند عَدَمٍ، بوصيةِ ميتٍ بسفرٍ: مسلمٍ أو كافرٍ. ويُحلّفُهما حاكمٌ -وجوبًا- بعدَ العصر: "لا نشتَري به ثَمَنًا ولَوْ كانَ ذَا قُرْبى، وما خانا، ولا حَرَّفا، وإنها لوصِيَّتُه"(2).
"فإن عُثِرَ علَى أنهما اسْتَحَقَّا إثْمًا". . . . . .
ــ
* قوله: (لا نشتري به ثمنًا)؛ (أي: باللَّه، أي: بالحلفِ، أو بتحريفِ الشهادة) مطلع (3).
زاد بعضهم (4): أو بالشهادةِ.
* [قوله](5): (استحَقَّا إثمًا)؛ أي: كذبًا في شهادتهما (6).
(1) والرواية الثانية: لا يشترط كونهما كتابيين. المحرر (2/ 272 - 273)، والفروع (6/ 497)، وانظر: المقنع (6/ 330) مع الممتع، والتنقيح المشبع ص (426)، وكشاف القناع (9/ 3307).
(2)
وقيل: يحلفهما الحاكم ندبًا لا وجوبًا. الفروع (6/ 497)، وانظر: المحرر (2/ 273)، والمقنع (6/ 330) مع الممتع، وكشاف القناع (9/ 3307). وفي الفروع -ونسبه للواضح-، وفي كشاف القناع أيضًا: يحلفهم الحاكم بعد العصر مع ريب -أي: مع شك-.
(3)
المطلع ص (407) بتصرف، وانظر: شرح منتهى الإرادات (3/ 546)، وحاشية منتهى الإرادات للبهوتي لوحة 240.
(4)
ومنهم البعلي صاحب المطلع، والشيخ البهوتي في شرحه وحاشيته على منتهى الإرادات. انظر: المطلع ص (407)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 546)، وحاشية منتهى الإرادات لوحة 240.
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(6)
شرح منتهى الإرادات (3/ 546).
وقوله: "لا نشتري به ثمنًا ولو كان ذا قربى. . . إلخ" جزءٌ من آيتين من سورة المائدة، والآيتان بتمامهما (106 - 107): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ =
قام آخَرانِ -من أولياءِ الموصِي- فَحَلفا باللَّه تعالى: "لَشَهادتُنا أحَقُّ من شهادتِهما، ولقد خانا وكتَما". ويُقضَى لهم (1).
6 -
السادسُ: العدالةُ، وهي: استواءُ أحوالِه في دينه، واعتدالُ أقوالِه وأفعالِه. ويُعتبرُ لها شيئانِ (2):
1 -
الصلاحُ في الدِّين، وهو: أداءُ الفرائضِ بِرَواتِبِها. . . . . .
ــ
* قوله: (السادس: العدالة)، وهي لغةً: الاستقامةُ والاستواءُ، ضِدّ الجَوْر، وهو المَيْل (3).
* [قوله](4): (وهو أداء افرائضِ) من الصلواتِ وغيرِها.
* قوله: (برواتِبِها)؛ أي: برواتبِ ما لَهُ رواتبُ منها؛ إذ الصلواتُ من الفرائض، ولا وجه لقصرِ الشارح (5) له على خصوصِ الصلوات، بل ربما أوهمَ
= الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 106 - 107].
(1)
المقنع (6/ 330) مع الممتع، وكشاف القناع (9/ 3306 - 3307).
(2)
وقيل: العدل: من لم تظهر منه ريبة. المقنع (6/ 334) مع الممتع، وانظر: المحرر (2/ 247 - 248)، والفروع (6/ 483 و 487)، وكشاف القناع (9/ 3307 - 3308).
(3)
لسان العرب (11/ 430 و 434)، ومختار الصحاح ص (417)، والمصباح المنير ص (150)، وانظر: معونة أولي النهى (9/ 366)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 546)، وحاشية منتهى الإرادات للبهوتي لوحة 240.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(5)
الفتوحي في معونة أولي النهى (9/ 366)، وكذلك البهوتي في شرح منتهى الإرادات (3/ 546).
فلا تُقبَلُ ممن داوَمَ على تركِها، واجتنابُ المحرَّمِ؛ بأن لا يأتِيَ كبيرةً، ولا يُدْمِنَ على صغيرةٍ (1).
والكذِبُ صغيرةٌ، إلا في شهادةِ زُورٍ، وكذبٍ على نبيٍّ، ورمي فِتَنٍ، ونحوِه: فكبيرةٌ (2).
ويجبُ لتخليصِ مسلمٍ من قتل، ويُباحُ لإصلاحٍ وحربٍ وزوجةٍ فقط (3).
ــ
غيرَ المراد.
* [قوله](4): (ونحوه)؛ ككذب على آحاد الرعية عند حاكمٍ ظالمٍ (5).
(1) وقيل: ولَا يُدْمِنُ على كبيرة، ولا يتكرر منه صغيرة. وقيل: ثلاثًا. وفي الترغيب: بأن لا يكثر منها، ولا يُصر على واحدةٍ منها. وقيل: الصلاح في الدين: ألا يظهر منه إِلا الخير. راجع: المحرر (2/ 247 - 248)، والمقنع (6/ 334) مع الممتع، والفروع (6/ 483 - 484)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3308).
(2)
الفروع (6/ 485)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3308).
وفي المحرر (2/ 248)، والمبدع (10/ 221): وفي الشهادة بالكذبة الواحدة روايتان.
(3)
وقال ابن الجوزي: وكل مقصود حسن لا يتوصل إلا به. انتهى. وهو التورية. وقال في الهدي: يجوز لإنسان على نفسه وعلى غيره إذا لم يتضمن ضررًا، ذلك إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. قال: ونظيرها في الإمام والحاكم يوهم الخصم خلاف الحق؛ ليتوصل بذلك إلى استعلام الحق؛ كما أوهم سليمان صلى الله عليه وسلم إحدى المرأتين بشق الولد نصفين حتى توصل بذلك إلى معرفة أمه. انتهى. راجع: الفروع (6/ 485)، والمبدع (10/ 221)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3308).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(5)
معونة أولي النهى (9/ 369)، وشرح منتهى الإرادات (3/ 547)، وحاشية منتهى الإرادات للبهوتي لوحة 204.
"والكبيرةُ": ما فيه حدٌّ في الدنيا، أو وَعِيدٌ في الآخرةِ (1).
فلا تُقبَل شهادةُ فاسقٍ بفعلٍ؛ كزانٍ، ودَيُّوثٍ، أو باعتقادٍ؛ كمقلِّدٍ في خَلْقِ القرآن، أو نفيِ الرؤيةِ، أو الرَّفْضِ، أو التَجهُّمِ. . . . . .
ــ
قال أحمد: ويعرف الكذاب (2) بخُلفِ المواعيد (3).
* [قوله](4): (والكبيرةُ: ما فيه حَدٌّ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة) عبارة المطلع: (المنصوص عن الإمام أحمد في الكبيرة: أنها كلُّ ما أوجب حَدًّا في الدنيا؛ كالزنى، وشرب الخمر، أو وَعيدًا (5) في الآخرة؛ كأكل الربا، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والصغيرةُ: ما دونَ ذلك؛ كالغيبة، والنظرِ المحرَّم). انتهى (6).
وكلام المصنف ناظرٌ إليه.
* [قوله](7): (أو الرفض) باعتقادِ كفرِ الصحابة، أو فسقِهم -رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين (8) -.
(1) الفروع (6/ 486)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3308).
(2)
في "ب" و"ج" و"د": "الكذب".
(3)
في رواية ابنه عبد اللَّه، ذكرها الفتوحي في معونة أولي النهى (9/ 369)، والبهوتي في شرح منتهى الإرادات (3/ 547).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(5)
في "ب": "وعيد".
(6)
المطلع ص (408).
(7)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(8)
أشار لذلك الفتوحي في معونة أولي النهى (9/ 371)، والبهوتي في شرح منتهى الإرادات (3/ 547).
ونحوِه (1). ويُكَفَّرُ مجتهدُهم الداعيةُ (2).
ولا قاذفٍ -حُدَّ، أوْ لَا- حتى يتوبَ (3). و"توبتُه": تكذيبُ نفسِه (4) -ولو كان صادقًا (5) -. و"توبةُ غيرِه": نَدَمٌ، وإقلاعٌ، وعزمٌ أَلَّا يَعُودَ (6).
ــ
* [قوله](7): (ونحوه)؛ كاعتقاد أن اللَّه ليس بمستوٍ على عرشه، وأن القرآن المكتوبَ في المصاحف ليس بكلام اللَّه، بل [هو](8) عبارة عنه. قاله في شرحه (9).
(1) ويتخرج أن تقبل شهادته إذا لم يتدين بها لموافقه على مخالفه. وعنه: يكفر مقلدهم كمجتهدهم. الفروع (6/ 487 - 488)؛ وانظر: المحرر (2/ 248)، والتنقيح المشبع ص (447)، وكشاف القناع (9/ 3309).
(2)
المقنع (6/ 331) مع الممتع، والفروع (6/ 388)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3309).
(3)
وقيل: مدة يعلم حاله. الفروع (6/ 489 - 490)، وانظر: المحرر (2/ 248)، والمقنع (6/ 344) مع الممتع.
(4)
المحرر (2/ 253)، والمقنع (6/ 344) مع الممتع، والفروع (6/ 495)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3314).
(5)
وقيل: إن علم صدق نفسه، فتوبته أن يقول: قد ندمتُ على ما قلت، ولا أعود إلى مثله، وأنا تائب إلى اللَّه تعالى منه. راجع: المقنع (6/ 344) مع الممتع، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3314).
(6)
وفي المبدع شرط رابع: أن يكون ذلك خالصًا لوجه اللَّه تعالى. المبدع (10/ 233 - 234)، وانظر: الفروع (6/ 490)، والتنقيح المشبع ص (427 - 428)، وكشاف القناع (9/ 3314).
(7)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(8)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(9)
معونة أولي النهى (9/ 371).
وإن كان بتركِ واجبٍ: فلا بُدَّ من فعلِه، ويُسارِع (1).
ــ
قال المولى سعد الدين التفتازاني (2): (التحقيق: أن كلام اللَّه تعالى اسمٌ مشترك بين الكلام النفسيِّ القديم، ومعنى الإضافة: كونُه صفةً للَّه تعالى، وبين اللفظِ الحادثِ المؤلَّفِ من السور والآيات، ومعنى الإضافة: أنه مخلوق للَّه تعالى، ليس من تأليفات المخلوقين، وما وقع في عبارة بعض المشائخ أنه مجازٌ، فليس معناه أنه غيرُ موضوعٍ للنظمِ المؤلَّف، بل معناه: أن الكلام في التحقيق وبالذات اسمٌ للمعنى القائمِ بالنفس، وتسميةُ اللفظ به، ووضعُه لذلك، إنما هو باعتبار دلالته على المعنى، فلا نزاع لهم في الوضع والتسمية). انتهى (3). ومنه تعلم ما في
(1) المصادر السابقة.
(2)
هو: مسعود بن عمر بن عبد اللَّه التفتازاني، سعد الدين، من أئمة العربية والبيان والمنطق، ولد بتفتازان من بلاد خراسان سنة 712 هـ، من مصنفاته:"تهذيب المنطق، والمطول في البلاغة، والمختصر، ومقاصد الطالبين في الكلام، وشرح مقاصد الطالبين، والنعم السوابغ في شرح الكلم النوابغ للزمخشري، وشرح العقائد النسفية، وحاشية على العضد على مختصر ابن الحاجب في الأصول، وشرح الأربعين النووية". توفي سنة 793 هـ. الدرر الكامنة (4/ 350)، ومفتاح السعادة (1/ 165).
(3)
لا يخفى ما في هذا النقل من الشارح من الاضطراب في المسألة، وقد جاء في هامش نسخة "ج" اللوحة رقم 669 تعليق بالرد على ذلك وهو كالتالي:
(وقول الشارح رحمه الله عمن نقل عنهم: إنهم يقولون: "المكتوب في المصاحف ليس بكلام اللَّه، بل هو عبارة عنه، فهذا الكلام حكاه غيرُ واحد عن الأشعري وأتباعه، كالشيخ موفق الدين، والشيخ تقي الدين، مع أن هذا هو صريح قولهم؛ لأنهم صرحوا بأن الحروف مخلوقة، وأن اللَّه لا يتكلم بحرف ولا صوت.
وقال الأشعري -كما قدمنا عنه-: إن هذه الألفاظ التي في المصحف دالة على كلام اللَّه، لا عَيْنُ كلام، وعلى ذلك أتباعُه، فأي لفظ أصرحُ من هذا في نفي اسم الكلام عن اللفظ؟ ولكن لما رأى طائفة منهم بشاعَة ذلك، وأنهم بذلك وافقوا الجهمية في قولهم بخلق =
ويُعتبَرُ رَدُّ مَظْلَمَةٍ، أو يَستحِلُّه ويَستمهِلُه معسِرٌ (1).
ولا تصحُّ معلَّقةً (2). ولا يُشترط -لصحتِها من قذفٍ وغيبةٍ ونحوِهما- إعلامُه والتحلُّلُ منه (3).
ــ
كلام الشارح، فتفطَّن؛ لئلا تَزِلَّ قَدَمُك.
= القرآن، تستروا بقولهم: إن هذا اللفظ المخلوق يسمى كلامًا؛ لدلالته على الكلام الحقيقي، والعجب من صاحب الحاشية حيث لم يتفطن لحقيقة قولهم، وغفل عن نصوص إمامه، وعامة أصحابه في إنكار هذه المقالة الباطلة، والتشنيع على أهلها، وأنها تفسير مقالة الجهمية، بل أهل السنة قاطبة على خلاف قول الأشعري في تعريف الكلام، والكلام عندهم اسم للحروف والمعاني، فالقرآن عندهم كلام اللَّه حقيقة، حروفُه ومعانيه، وليس شيء منه بمخلوق).
(قوله: "ومنه تعلم ما في كلام الشارح" قلت: ما في كلام الشارح هو حقيقة قولهم، ولا يخفى ما في كلام السعد وكونه جعل اللفظَ المؤلفَ من السور والآيات حادثًا، وإنما سماه كلامًا؛ لدلالته على الكلام الذي هو المعنى النفسي).
(وقوله: "أنه مخلوق للَّه تعالى ليس من تأليفات المخلوقين" فقد صرح بخلق اللفظ المؤلف من السور والآيات، وهو الحروف، فجعل ما سماه كلامًا للَّه مخلوقًا، وهذا ظاهر الفساد، والعجب من المحشِّي في استنكاره كلامَ الشارح، مع أن ما ذكره الشارح رحمه الله هو نفس قول الأشعري وأصحابه، وقد قال الأشعري: إن الألفاظ التي في المصحف دالةٌ على كلام اللَّه، لا غير كلام اللَّه، وعلى ذلك أصحابُه. وجه جوابه: أن الحروف حادثة مخلوقة، وأن العبارات الدالة على الكلام النفساني مخلوقة، وقالوا: كلام اللَّه غير مخلوق، والحروف مخلوقة، فقد أخرجوها عن أن تسمى كلامًا، وإن أطلق عليها اسم الكلام؛ خوفَ الشناعة باعتبارٍ لا حقيقة له عند التحقيق).
(1)
المصادر السابقة.
(2)
الفروع (6/ 490)، والمبدع (10/ 334).
(3)
التنقيح المشبع ص (428).
ومَن أخَذ بالرُّخَص: فُسِّقَ (1).
ومن أتَى فرعًا مختلَفًا فيه؛ كمن تزوَّج بلا وليٍّ، أو بنتَه من زنًا، أو شَرِبَ من نبيذٍ ما لا يُسكرُ، أو أَخَّرَ الحجَّ قادرًا -إن اعتَقدَ تحريمَه-: رُدَّتْ (2)، وإن تأوَّل: فلا (3).
2 -
الثاني: استعمالُ المروءةِ: بفعلِ ما يُجَمِّلُه ويَزِينُه. . . . . .
ــ
* [قوله](4): (ومن أخذَ بالرُّخَص فَسَقَ) بأن كان يتبعها من المذاهب، فيعمل بها. قال في شرحه (5): وقال القرافي (6) المالكي: (معناه: أن يتبع الأقوال التي خفي مدركُها وضَعُف، يعني: ولو من مذهب واحد)(7).
(1) قال القاضي: غير متأولٍ ولا مقلد. الفروع (6/ 491)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3309).
(2)
وقيل: لا ترد. المحرر (2/ 262 - 263)، الفروع (6/ 490 - 491)، وانظر: المقنع (6/ 336) مع الممتع، وكشاف القناع (9/ 3310).
(3)
المحرر (2/ 259)، والمقنع (6/ 336) مع الممتع، والفروع (6/ 490 - 491)، وكشاف القناع (9/ 3310).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(5)
معونة أولي النهى (9/ 378)، وانظر: شرح منتهى الإرادات (3/ 548).
(6)
هو: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس، شهاب الدين الصنهاجي القرافي، من علماء المالكية، نسبة إلى القرافة المحلة المجاورة لقبر الإمام الشافعي بالقاهرة، وهو مصري المولد والمنشأ والوفاة، توفي سنة 684 هـ.
من مصنفاته: "أنوار البروق في أنواء الفروق"، و"الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام"، و"تصرف القاضي والإمام"، و"الذخيرة" في فقه المالكية، و"اليواقيت في أحكام المواقيت"، و"شرح تنقيح الفصول". الديباج المذهب (1/ 62 - 76)، وشجرة النور الزكية ص (188).
(7)
لم أجده في مظانه من الفروق مع التقصي في البحث.
وتركِ ما يُدنِّسُه ويَشِينُه عادةً (1).
فلا شهادةَ لِمُصافِعٍ، ومُتَمَسْخِرٍ، ورقَّاصٍ، ومُشَعْبِذٍ، ومُغَنٍّ -ويُكرهُ الغِناءُ، واستماعُه- وطُفَيليٍ، ومُتَزَيٍّ بزيٍّ يُسخَرُ منه (2).
ولا لشاعرٍ يُفرِطُ في مدحٍ بإعطاءٍ، وفي ذمِّ بمنع، أو يُشَبِّبُ بمدحِ خمرٍ، أو بمُرْدٍ، أو بامرأةٍ معيَّنةٍ محرَّمةٍ. ويُفَسَّق بذلك، ولا تحرمُ روايتُه (3).
ولا للاعبٍ بشطرَنْجِ غيرِ مقلّدٍ -كمعَ عِوَضٍ، أو تركِ واجبٍ، أو فعلِ محرَّمِ إجماعًا-، أو بِنَرْدِ، ويحرُمانِ، أو بكلِّ ما فيه دناءةٌ، حتى في أُرْجُوحَةٍ، أو رفعِ ثقيلٍ، وتحرُم مخاطَرتُه بنفسِه فيه. . . . . .
ــ
* [قوله](4): (واستماعه)(إلا من أجنبية، فيحرم التلذذُ به، وكذا يحرم مع آلة لهو من حيث الآلةُ) شرح (5)، (وقيل: وبدونها من رجل وامرأة، وقيل: مباح ما لم يكن (6) منكر آخر) حاشية (7).
(1) المحرر (2/ 266)، والمقنع (6/ 336) مع الممتع، والفروع (6/ 493)، وكشاف القناع (9/ 3310).
(2)
راجع: المحرر (2/ 266 - 267)، والمقنع (6/ 337) مع الممتع، والفروع (6/ 493 - 494)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3311 - 3312).
(3)
الفروع (6/ 493 و 495)، وانظر: المحرر (2/ 267)، والمبدع (10/ 229 - 230)، والتنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3311).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من: "ب".
(5)
شرح منتهى الإرادات (3/ 549).
(6)
في "ب" و"ج" و"د": "ما لم يكن معه".
(7)
حاشية منتهى الإرادات للبهوتي لوحة 241.
وفي ثِقافٍ (1)، أو بحمَامٍ طَيَّارَةٍ (2).
ولا لمُستَرْعيها من المزارع، أو ليَصيدَ بها حمَامَ غيرِه. وتُباحُ (3): للأنْس بصوتِها. واستفراخِها، وحَمْلِ كتُبٍ (4). ويُكرهُ حبسُ طيرٍ لنَغْمتِه (5).
ولا لمن يأكُل بالسُّوق، لا يسيرًا؛ كلُقمةٍ، وتُفاحةٍ، ونحوِهما (6).
ولا لمن يَمُدُّ رجلَيْه بمَجْمَع الناسِ، أو يَكشفُ -من بدَنِه- ما العادةُ تغطيتُه، أو يحدِّثُ بمُباضَعةِ أهلِه أو أَمَتِه، أو يُخاطِبُهما بفاحشٍ بينَ الناس، أو يدخُلُ الحمَّامَ بغيرِ مِئْزَرٍ، أو ينامُ بين جالسين -أو يَخرُجُ عن مستَوى الجلوسِ- بلا عذرٍ. . . . . .
ــ
* قوله: (ولا لمن يأكل في السوق) قال في الإنصاف: (بحضرة الناس. زاد (7) في الغُنية: أو على الطريق) (8).
(1) في "م": "وفي تقاف".
(2)
الفروع (6/ 493 و 495)، وكشاف القناع (9/ 3311 - 3312)، وانظر: المحرر (2/ 267)، والمقنع (6/ 337) مع الممتع، والتنقيح المشبع ص (427).
(3)
في "ط": "ويباح".
(4)
وفي الترغيب: يكره. وفي رد الشهادة باستدامته وجهان. الفروع (6/ 493)، وانظر: التنقيح المشبع ص (427)، وكشاف القناع (9/ 3312).
(5)
في رد الشهادة بذلك وجهان. وقيل: يحرم. الفروع (6/ 495).
(6)
كشاف القناع (9/ 3312)، وانظر: المقنع (6/ 337) مع الممتع، والفروع (6/ 493).
(7)
في "ج" و"د": "وزاد".
(8)
الإنصاف للمرداوي (12/ 54) بتصرف، كما نقله عنه البهوتي في حاشية منتهى الإرادات لوحة 241.
أو يَحكِي الضحكاتِ، ونحوه (1).
ومتى وُجد الشرطُ؛ بأن بلَغ صغيرٌ، أو عَقَل مجنونٌ، أو أسلَم كافرٌ (2)، أو تابَ فاسقٌ: قُبِلتْ شهادتُه بمجرَّدِ ذلك (3).
* * *
ــ
* قوله: (أو يحكي المضحكات، ونحوه).
قال في الشرح: (ومن فعل شيئًا من هذا مختفيًا به، لم يمنع من قبول شهادته؛ لأن مروءته (4) لا تسقط به، وكذلك إن (5) فعله مرة، أو شيئًا قليلًا، لم تُرَدَّ شهادته؛ لأن صغير [المعاصي لا يمنع](6) الشهادةَ إذا قَلَّ (7)، فهنا أَوْلى، ولأن المروءة لا تختلُّ بقليل هذا ما لم يكن عادةً) (8)(9).
(1) الفروع (6/ 493)، وكشاف القناع (9/ 3311 - 3312)، وانظر: المحرر (2/ 268 - 269)، والمقنع (6/ 337) مع الممتع، والتنقيح المشبع ص (427).
(2)
قبلت شهادته بمجرد ذلك. المحرر (2/ 380)، والمقنع (6/ 343) مع الممتع، وكشاف القناع (9/ 3313).
(3)
وعنه: يعتبر معها إصلاح العمل سنة. وقيل: مع قوله: إني تائب ونحوه. وعنه: مع مجانبة قرينة فيه. وقيل: مدة يعلم حاله.
الفروع (6/ 490)، وانظر: المحرر (2/ 257)، والمقنع (6/ 343) مع الممتع، وكشاف القناع (9/ 3313).
(4)
في "د": "مروية"، وهي غير واضحة في:"ج".
(5)
في "ب": "إذ".
(6)
ما بين المعكوفتين غير واضح في: "ج".
(7)
في "ب": "قيل".
(8)
في "أ" و"ب": "مما لم يكن عادة"، وهو غير واضح في:"ج".
(9)
الشرح الكبير (29/ 353) مع الممتع والإنصاف.