الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى سَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَيْسَ بِحَكَمٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ، وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ، فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (فَيُوَكِّلُ) هُوَ (حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوكِلُ) هِيَ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ) ، وَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا رَأَى حَكَمُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ اسْتَقَلَّ بِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَإِنْ رَأَى الْخُلْعَ، وَوَافَقَهُ حَكَمُهَا تَخَالَعَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ ثُمَّ الْحَكَمَانِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِهِمَا دُونَ الِاجْتِهَادِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى لَا وَاجِبٌ.
كِتَابُ الْخُلْعِ
(هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ) مَقْصُودٌ لِجِهَةِ الزَّوْجِ، (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى كَذَا فَتَقْبَلُ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ، صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً وَلَفْظُ الْخُلْعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ (شَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَلَوْ خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ، (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ) دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (إلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيِّهِ) ، لِيَبْرَأَ الدَّافِعُ مِنْهُ،
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَيُوَكِّلُ هُوَ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُخَالِعَ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولُ عِوَضِ خُلْعٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا وَمِثْلُهُ فِي حُكْمِهَا، وَإِذَا عَجَزَ الْحَكَمَانِ بَعَثَ الْقَاضِي غَيْرَهُمَا، فَإِنْ عَجَزَ أَيْضًا أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَأَخَذَ حَقَّ الْآخَرِ مِنْهُ، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَحْتَاطَ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِحَكَمِهِ خُذْ مَالِي مِنْهُ وَطَلِّقْ أَوْ خَالِعْ أَوْ عَكْسَهُ تَعَيَّنَ أَخْذُ الْمَالِ أَوَّلًا وَإِنْ قَالَ طَلِّقْ أَوْ خَالِعْ ثُمَّ خُذْ جَازَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ وَعَكْسُهُ. كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَذُكِرَ عَنْ شَيْخِنَا مُخَالَفَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(يُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ وَالتَّكْلِيفُ اللَّازِمُ لِلْعَدَاوَةِ مَانِعًا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا، وَكِيلَيْنِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَتُنْدَبُ عَلَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
كِتَابُ الْخُلْعِ بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِبَاسُ الْآخَرِ، فَكَأَنَّهُ نَزَعَ لِبَاسَهُ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَالْمَعْنَى فِي جَوَازِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ جَازَتْ إزَالَتُهُ بِعِوَضٍ كَالْمَبِيعِ وَفِيهِ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا وَأَصْلُهُ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ مَعَ الشِّقَاقِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّ لَهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ مَنَعَهَا نَحْوَ نَفَقَةٍ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَهُوَ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَالِبًا عَنْ الشِّقَاقِ وَأَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي امْرَأَتِهِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ مَخْلَصٌ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ نَحْوُ لَأَفْعَلَن كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(مَقْصُودٌ) خَرَجَ نَحْوُ الدَّمِ فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (لِجِهَةِ الزَّوْجِ) نَفْسِهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، كَأَنْ أَبْرَأْتنِي وَزَيْدًا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ لَهُمَا بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا فَرَجْعِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَالْبَرَاءَةُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَفِي بَرَاءَةِ زَيْدٍ فِي الصُّورَتَيْنِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ مَا لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا خَمْسَةٌ لِي وَخَمْسَةٌ لِزَيْدٍ فَحَرِّرْهُ وَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ:(وَسَيَأْتِي إلَخْ) إشَارَةٌ لِإِخْرَاجِ لَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَذَكَرَ لَفْظَ الْخُلْعِ مَعَهُ. قَوْلُهُ:(يَعْنِي إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ وَصْفُ الزَّوْجِ لَا نَفْسِهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الْخَمْسَةِ كَالْعِوَضِ وَالْبُضْعِ وَالْمُلْتَزِمِ وَالصِّيغَةِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) بَيَانٌ لِذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَخْرُجُ بِهِ " الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّقِيقُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ وَالْمَرِيضُ، وَهُوَ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِهِمْ.
ــ
[حاشية عميرة]
[كِتَابُ الْخُلْعِ]
ِ قَالَ الْقَفَّالُ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْجَعَالَةِ مُشَاكِلٌ لِلْمُعَاوَضَةِ، لِأَنَّ بُضْعَهَا فِي مَعْنَى الْمَمْلُوكِ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ، فَإِذَا خَالَعَهَا فَقَدْ رَدَّ بَعْضَهَا وَجَوَّزَهُ الشَّارِعُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ أهـ. قَوْلُهُ:(بِعَرَضٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خَلْعٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ هُنَا لِلْمَعْنَى الْمُسَمَّى بِالْخُلْعِ لَا لِلَفْظِ الْخُلْعِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَحْذُورِ الْإِخْبَارِ بِالذَّاتِ عَنْ الْحَدَثِ وَأَيْضًا الزَّوْجُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ) كَذَا قَطَعُوا بِهِ وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَبِلَ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ الْقَبُولُ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ جَرَى فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْحَجْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ:(وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَخْ) . لَوْ دَفَعَتْهُ لِلسَّفِيهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَتْهُ لِلْعَبْدِ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ
وَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ كَسَائِرِ أَكْسَابِ الْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ السَّفِيهُ إنْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا، فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَتَبْرَأُ بِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَبْدِ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَصِحُّ خُلْعُ الْمُفْلِسِ، لِتَقَدُّمِهِ فِي بَابِهِ
(وَشَرْطُ قَابِلِهِ) أَيْ الْخُلْعِ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِجَوَابٍ أَوْ سُؤَالٍ لِيَصِحَّ خُلْعُهُ، (إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ بِدَيْنٍ) فِي ذِمَّتِهَا (أَوْ عَيَّنَ مَالَهُ بَانَتْ) لِذِكْرِ الْعِوَضِ (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) ، أَوْ مِثْلُهَا لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ) ، وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ ثُمَّ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا إنَّمَا تُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ، (وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهَا كَأَلْفِ دِرْهَمٍ (فَامْتَثَلَتْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ) فِي صُورَةِ الْعَيْنِ (وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ) ،
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (إلَى مَوْلَاهُ) فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ أَيْضًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ، أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا وَوَقَعَ الْخُلْعُ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ دَفَعَ لَهُ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، أَوْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ أَذِنَ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، أَوْ قَصَّرَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ، قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ عَيْنٌ كَالسَّفِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ الدَّافِعُ وَيَرْجِعْ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ، وَيَرْجِعْ الدَّافِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَرْطِهِ: قَوْلُهُ: (وَوَلِيِّهِ) أَوَّلَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ وَلِيُّهُ مِنْهُ، أَوْ قَصَّرَ فِي أَخْذِهِ وَهُوَ عَيْنٌ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ، وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى السَّفِيهِ فِي مَالِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا وَتَلِفَتْ رَجَعَ الْوَلِيُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِقِيمَتِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (دَفَعْت) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ أَعْطَيْت أَوْ مَلَكْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ وَفَارَقَ غَيْرَهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى عِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا.
قَوْلُهُ: (وَتَبْرَأُ مِنْهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اقْتَرَنَ بِالدَّفْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ نَحْوُ أَتَصَرَّفُ فِيهِ، أَوْ أَصْرِفُهُ فِي حَوَائِجِي وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَزِمَهُ رَدُّ الْعِوَضِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ:(وَأَسْقَطَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْمُكْرَهُ وَالْمَرِيضُ فَسَيَأْتِيَانِ.
قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ قَابِلِهِ) وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا.
قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ خُلْعُهُ) أَيْ لِيَقَعَ الْخُلْعُ مَعَهُ صَحِيحًا بِالْمُسَمَّى دَائِمًا. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) فِيهِ غَنِيَّةٌ عَمَّا قَبْلَهُ وَدَخَلَ فِيهِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ وَخَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ، كَأَنْ أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ عَلَى الِاخْتِلَاعِ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنْ سَمَّى مَالًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ فَأَقَرَّ بِالْخُلْعِ وَأَنْكَرَ الْإِكْرَاهَ بَانَتْ وَلَا مَالَ وَلَزِمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ مَنَعَهَا نَفَقَتَهُ مَثَلًا لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَهَا ذَلِكَ، فَافْتَدَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا مَرَّ وَهَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(أَمَةٌ) أَيْ رَشِيدَةٌ وَلَوْ حُكْمًا فَغَيْرُهَا، كَالْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ فِي مَالِهَا كَالْحُرَّةِ، وَبِمَالِ سَيِّدِهَا كَالْأَمَةِ وَبِمَالِهِمَا لِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ عَيْنِ مَالِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَمَالُ غَيْرِهِ أَوْ اخْتِصَاصٌ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ فِي الْمُكَاتَبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ الْوَجْهُ، كَمَا تُفِيدُهُ الْعِلَّةُ إذْ مَحِلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ الْمُسَمَّى عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَرَاجِعْهُ وَلُزُومُ الْمُسَمَّى يَقْتَضِي صِحَّةَ الْخُلْعِ مِنْهُمَا، وَهُوَ بِخِلَافِ الشَّرْطِ السَّابِقِ فَإِنْ قِيلَ بِفَسَادِهِ فَمَهْرُ مِثْلٍ.
ــ
[حاشية عميرة]
الْعِتْقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ، مَا دَامَ حَقُّهُ بَاقِيًا وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ حَالًا وَمَآلًا. قَوْلُهُ:(إلَى مَوْلَاهُ) وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُبَعَّضًا وَلَا مُهَايَأَةَ دُفِعَ لَهُ قِسْطُ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ خَلْعُهُ إلَخْ) ، أَيْ مِنْ حَيْثُ الْتِزَامُ الْمَالِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ، لَوْ خَالَعَ سَفِيهَةً وَقَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ خَلْعَهَا الْمَذْكُورَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَالْمَالِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْأَمَةُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَكَأَنَّ غَرَضَهُ لِيَصِحَّ خَلْعُهُ مِنْ حَيْثُ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَوُجُوبُ دَفْعِهِ حَالًا وَأَيْضًا قَضِيَّةُ قَوْلِهِ يَصِحُّ خَلْعُهُ أَنَّ الْخُلْعَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ أَثَرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَدَرَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ بِدَلِيلِ مَسَائِلِ الْأَمَةِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مُطْلَقَةِ التَّصَرُّفِ وَالْبَيْنُونَةُ حَاصِلَةٌ بَلْ، وَالْمُسَمَّى لَازِمٌ لَهَا فِي مَسَائِلِ الدِّينِ غَايَةُ الْأَمْرِ. أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِالْحَالِ وَفِي كَوْنِ الْخُلْعِ الَّذِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَاسِدًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) دَخَلَ فِيهِ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَخْتُلِعَتْ أَمَةٌ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ:
(وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا مَأْذُونَةٌ فِي التَّصَرُّفِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) هُوَ الْمُوَافِقُ لِشِرَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الشِّرَاءُ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُ الْمَبِيعِ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلسَّيِّدِ. لِكَوْنِهِ لِغَيْرِ مَنْ لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لَا يَجِيءُ فِيهِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبُضْعُ غَيْرُ حَاصِلٍ لَهُ. قَوْلُهُ:(أَيْضًا وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ) مِنْ هُنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَصْحِيحُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقَعْ عَنْ قَصْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَا ثَبَتَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ تَأْجِيلٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ.