الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيَصِحَّ
(وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى بَهِيمَةٍ لَغَا وَقِيلَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا) كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْعَبْدِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ فِي قَوْلٍ، وَلَوْ وُقِفَ عَلَى عَلَفِهَا فَفِيهِ الْخِلَافُ.
(وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (لَا) عَلَى (مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ) أَيْ الْوَاقِفُ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ لَا دَوَامَ لَهُمَا، وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ دَائِمَةٌ، وَهُوَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ فَتَمْلِيكُهَا نَفْسَهُ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ يَقِيسُهُمَا عَلَى الذِّمِّيِّ، وَفِي النَّفْسِ يَقُولُ اسْتِحْقَاقُ الشَّيْءِ وَقْفًا غَيْرُ اسْتِحْقَاقِهِ مِلْكًا، وَمِنْ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ، أَنْ يَشْرِطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا
لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ كَنَائِسَ فَبَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.
(أَوْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ صَحَّ) جَزْمًا (أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) .
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ) وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ وَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بِحَالٍ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى الدَّارِ، وَلَوْ عَلَى عِمَارَتِهَا إلَّا أَنْ قَالَ عَلَى طَارِقِيهَا أَوْ كَانَتْ وَقْفًا. قَوْلُهُ:(فَفِيهِ الْخِلَافُ) وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ عَلَى. هَذَا الصِّحَّةُ وَعَلَّلَهُ فِي الْمَنْهَجِ، بِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا وَمُقْتَضَاهُ إنَّهُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ بَاعَهَا وَإِنَّهُ بِمَوْتِهِ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي عَلَفِهَا، فَرَاجِعْ مَا فِي الْوَصِيَّةِ فَإِنْ قَصَدَ مَالِكَهَا صَحَّ قَطْعًا أَوْ نَفْسَهَا بَطَلَ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِلَّا كَالْوَقْفِ عَنْ الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ نَحْوِ الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَى الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ عَلَى حَمَامِ مَكَّةَ، فَصَحِيحٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ) وَيَبْطُلُ بِمُحَارَبَتِهِ فَيَصِيرُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَهُ بِوَصْفٍ تَظْهَرُ فِيهِ الْمَعْصِيَةُ، كَأَنْ كَانَ خَادِمَ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ بَطَلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ اسْمَهُ مَعَ وَصْفِهِ أَوْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ كَالذِّمِّيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَيَنْقَطِعُ بِعَوْدِهِمَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْجِنْسُ فَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّينَ وَالْمُعَاهِدِينَ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا عَلَى مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَكَذَا قَالُوا، وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي الْقَسَمِ الْأَوَّلِ بِالْقُطَّاعِ أَوْ الذِّمِّيِّينَ مَنْ هُمْ كَذَلِكَ فِي وَقْتِ وَقْفِهِ، وَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ لَهُمْ إذَا تَابُوا وَأَسْلَمُوا فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا دَامُوا كَذَلِكَ أَوْ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(لَا عَلَى مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) هُمَا لِلْجِنْسِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ ذَكَرَ اسْمَهُ مَعَ وَصْفِهِ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (لَا دَوَامَ لَهُمَا) أَيْ مَعَ كُفْرِهِمَا فَلَا يَرِدُ صِحَّتُهُ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي النَّفْسِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ أَجِلَّةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ وَجَوَّزَ الرُّويَانِيُّ الْإِفْتَاءَ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فِي الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ:(أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهِ) أَوْ يَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ أَوْ يُشْرِبَ مِنْهُ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ وَقَفَهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ) كَمُطَالَعَتِهِ فِي الْكِتَابِ أَوْ طَبْخِهِ فِي الْقِدْرِ نَعَمْ يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْهُ أَوْ يَذْبَحَ عَنْهُ مِنْهُ، أَوْ يُسْرِجَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ بِمُقَابِلِ قَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَأَقَلَّ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إذَا اتَّصَفَ بِوَصْفِ مَنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ، كَالْفُقَرَاءِ أَوْ أَنْ يَصِفَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِوَصْفٍ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، كَأَفْقَهِ أَوْلَادِ أَبِيهِ مَثَلًا، وَهَذِهِ مِنْ حِيَلِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ، قَوْلُ عُثْمَانَ رضي الله عنه لَمَّا وَقَفَ بِئْرَ رُومَةٍ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَغَيْرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ) أَيْ الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ فَإِنْ كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ صَحَّ فَإِنْ شُرِّكَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى كِتَابَةِ التَّوْرَاةِ مَثَلًا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ دَارٍ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَالْكَنِيسَةِ فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِمْ مُسْلِمًا صَحَّ.
قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ بِمَا مَرَّ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (كَالْفُقَرَاءِ) الْمُرَادُ بِهِمْ مَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْمُكْتَسِبَ لِمَا يَكْفِيه فَهُوَ هُنَا مِنْهُمْ وَكَالْوَقْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) وَهُمْ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الطُّيُورِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لَا يَصِحُّ جَزْمًا.
قَوْلُهُ: (لَا عَلَى مُرْتَدٍّ) لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ بَطَلَ قَطْعًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَفْسِهِ) لَوْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُبَاحَةً، كَأَنْ يَقِفَ مَكَانًا مَسْجِدًا أَوْ مَمَرًّا فَلَا يَضُرُّ التَّصْرِيحُ بِنَفْسِهِ مَعَ النَّاسِ بِخِلَافِ وَقْفِ الْبُسْتَانِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ وَأَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَنْ الْإِطْلَاقِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ اتَّصَفَ بِالْفَقْرِ. قَوْلُهُ:(وَفِي النَّفْسِ إلَخْ) عَلَيْهِ أَجُلَّةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُفْتَى بِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ.
[فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جِهَةِ) لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّعْمِيمِ، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ فِيهِمْ لَا يُوجِبُ الِاسْتِيعَابَ، لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا مِثْلَ الْقَنَاطِرِ وَالرَّبْطِ قَالَ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ التَّعْمِيمُ فِيهَا.
نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَلَا قُرْبَةَ فِي الْأَغْنِيَاءِ.
(وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ التَّمْلِيكِ. (وَصَرِيحُهُ وَقَفْت كَذَا) عَلَى كَذَا (أَوْ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ صَرِيحَانِ) أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي هُمَا كِنَايَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الْوَقْفِ وَالثَّالِثُ التَّسْبِيلُ فَقَطْ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّبِيلِ وَهُوَ مُبْهَمٌ (وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِذِكْرِ التَّحْرِيمِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ حُكْمِهِ، وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهِ التَّمْلِيكَ الْمَحْضَ. (وَقَوْلُهُ تَصَدَّقْت فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَإِنْ نَوَى) يَعْنِي لَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَقْفُ وَإِنْ نَوَاهُ. (إلَّا أَنْ يُضِيفَ إلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) كَالْفُقَرَاءِ (وَيَنْوِي) الْوَقْفَ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ فَيَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُضَافِ إلَى الْمُعَيَّنِ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ فَقَوْلُهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْته) أَيْ لِلْمَسَاكِينِ (أَوْ أَبَّدْته لَيْسَ بِصَرِيحٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مُسْتَقِلًّا إنَّمَا يُؤَكَّدُ بِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي هُوَ صَرِيحٌ لِإِفَادَتِهِ الْغَرَضَ كَالتَّحْبِيسِ (وَ) الْأَصَحُّ. (أَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا) وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ لِإِشْعَارِهِ بِالْمَقْصُودِ وَاشْتِهَارِهِ فِيهِ
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ كَالْهِبَةِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ (وَلَوْ رُدَّ بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) أَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (كَالْأَغْنِيَاءِ) الْمُقَابِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ فِيمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ دَعْوَى الْفَقْرِ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْغَنِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِلَفْظٍ) نَعَمْ قَدْ مَرَّ إنَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ فِي الْبِئْرِ وَالْمَسْجِدِ فِي الْمَوَاتِ وَمِثْلُهُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ أَمْوَالًا لِيَبْنِيَ بِهَا نَحْوَ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَأَمَّا آلَاتُ بِنَاءِ ذَلِكَ فَهِيَ لَا يَزُولُ مِلْكُ مُلَّاكِهَا عَنْهَا إلَّا بِوَضْعِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْبِنَاءِ مَعَ قَصْدِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِقَوْلِهِ هِيَ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوَهُ مَعَ قَبُولِ نَاظِرِهِ وَقَبْضِهَا وَإِلَّا فَهِيَ عَارِيَّةٌ لَكِنْ قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهَا بِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مَا ذُكِرَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ.
قَوْلُهُ: (تَصَدَّقْت إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فَرْضًا وَنَفْلًا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُوهَبُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَاهُ) فَهُوَ لَيْسَ كِنَايَةً أَيْضًا وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَصِيرُ وَقْفًا. قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَحْضِ الْعَامَّةُ فَإِنَّهَا وَإِنْ قَبِلَتْ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، فَهُوَ غَيْرُ مَحْضٍ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ:(جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا إلَخْ) فَلَوْ قَالَ جَعَلْتهَا لِلصَّلَاةِ فِيهَا أَوْ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ التَّحِيَّةِ صَارَتْ وَقْفًا، وَلَا يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ إلَّا بِلَفْظِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْمَسْجِدِ، بِجَعْلِهِ لِلِاعْتِكَافِ، أَوْ التَّحِيَّةِ لِوَقْفِهِمَا عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مُعَيَّنٍ) وَهُوَ مَا عَدَا الْجِهَةَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا كَبَنِي زَيْدَانَ انْحَصَرُوا. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْهُ وَلَدُ الْوَاقِفِ كَوَقَفْت عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ نَعَمْ لَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ الْحَائِزِينَ ثُلُثَ مَالِهِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، أَوْ عَلَى أَحَدِ وَرَثَتِهِ عَيْنًا قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهِ نَفَذَ قَهْرًا عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ فِيهِمَا، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمْ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ:(فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا) أَيْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ لِتَأَخُّرِهِ ضَرُورَةً فَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ الرَّادِّ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا بَطَلَ الْوَقْفُ أَوْ مُتَعَدِّدًا وَرَدَّ الْكُلَّ، فَكَذَلِكَ أَوْ رَدَّ بَعْضَهُمْ اسْتَحَقَّ غَيْرُهُ الْجَمِيعَ، وَيَبْطُلُ بِرَدِّ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَا بِرَدِّ مَنْ بَعْدَهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُ، فَهُوَ إمَّا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ إنْ كَانَ بَعْدَهُ بَطْنٌ آخَرُ مَثَلًا، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَلَوْ عَادَ الرَّادُّ وَقِيلَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا الْمُعَيَّنَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ انْحَصَرَتْ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ أَوْ الثَّوَابِ وَيُصْرَفُ لِأَقْرِبَاءِ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْأَغْنِيَاءِ) لَوْ ضُمَّ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ صَحَّ جَزْمًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
فَرْعٌ: الْغَنِيُّ هُنَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ. قَوْلُ
الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِنَاءَ مَسْجِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْيَا مَوَاتًا بِنِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ، وَأَمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ رحمه الله. وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي مَوَاضِعِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(صَرِيحَانِ) أَيْ لِاشْتِهَارِهِمَا فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) اُسْتُدِلَّ لَهُ بِحَدِيثِ حَبْسِ الْأَصْلِ وَسُبُلِ الثَّمَرَةِ، فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ التَّسْبِيلَ فِي الْأَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ مَوْقُوفَةً) قِيلَ ذِكْرُهَا تَحْرِيفٌ إذْ كَيْف يَكُونُ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ صَرِيحًا قَطْعًا وَتَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً صَرِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِهِ التَّمْلِيكَ) أَيْ وَتَكُونُ هَذِهِ الصِّفَاتُ مُؤَكِّدَةً. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ) الَّذِي فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ. قَوْلُهُ:(أَيْ لِلْمَسَاكِينِ) مِثْلُهُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ يَنْبَغِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً قَطْعًا وَلَوْ قَالَ: حَرَّمْته وَأَبَّدْته مَعًا فَهُوَ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَهُوَ فِي حُكْمِ الْجِهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَيْسَ كَالْوَقْفِ عَلَى مَعْدُومٍ وَمَوْجُودٍ كَيْ يَصِحَّ فِي النِّصْفِ فَقَطْ، وَخَرَّجَهُ الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ الرَّدِّ عَلَى مُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَخْ) كَالْعِتْقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ شُرِطَ فَكَالْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا فَكَالْوَكَالَةِ.
فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ جَزْمًا.
(وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ.
(وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ) وَيُسَمَّى مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِانْقِطَاعِهِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ حَيَوَانًا صَحَّ الْوَقْفُ إذْ مَصِيرُ الْحَيَوَانِ إلَى الْهَلَاكِ، فَقَدْ يَهْلِكُ قَبْلَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ. (فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ. (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) وَالثَّانِي يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ (إنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَيَخْتَصُّ بِفُقَرَاءِ قَرَابَةِ الرَّحِمِ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ وَالثَّانِي مَصْرِفُهُ الْمَسَاكِينُ، وَالثَّالِثُ الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ مَصَارِفُ خَمْسِ الْخُمُسِ
(وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَ وَقَفْته عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي) ثُمَّ الْفُقَرَاءِ. (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِانْقِطَاعِ أَوَّلِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ، وَيُصْرَفُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَالِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ، إلَى الْوَاقِفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَقِيلَ إلَى الْمَذْكُورِينَ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَمِنْ صُوَرِهِ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَيُصْرَفُ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِي الْحَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَذِكْرُ الْأَوَّلِ لَغْوٌ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ) وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَعَلَى الصِّحَّةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ لِلْعَامِلِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ وَعَلَى سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُصْرَفُ لِلْغُزَاةِ الَّذِينَ هُوَ أَهْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ جَمَعَ هَذَا مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا قَبْلَهُ صُرِفَ ثُلُثُهُ لِأَقَارِبِهِ وَثُلُثُهُ لِلْغُزَاةِ وَثُلُثُهُ لِبَاقِي أَهْلِ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْعَامِلِينَ، وَالْمُؤَلَّفَةِ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى أَكْفَانِ الْمَوْتَى، أَوْ تَجْهِيزِهِمْ أَوْ الْمُغَسَّلِينَ لَهُمْ أَوْ الْحَفَّارِينَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَلَا يُصْرَفُ إلَّا لِمَنْ يَجِبُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَكَذَا مَالُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَرَاجِعْهُ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى الْأَوَانِي لِمَنْ تَنْكَسِرُ مِنْهُ، وَعَلَى الْفُقَهَاءِ وَهُمْ مَنْ حَصَّلَ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيه، وَإِنْ قَلَّ وَعَلَى الْمُتَفَقِّهِينَ وَهُمْ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْفِقْهِ وَلَوْ الْمُبْتَدَئِينَ، وَعَلَى الصُّوفِيَّةِ وَهُمْ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَةِ الْمُعْرِضُونَ عَنْ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ لَهُمْ قُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ عَلَى الِاكْتِسَابِ بِحِرْفَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِرْفَةٌ وَلَا فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ تَدْرِيسٍ أَوْ وَعْظٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (سَنَةً) أَيْ مَثَلًا نَعَمْ إنْ قَالَ أَلْفَ سَنَةٍ، أَوْ بَقَاءَ الدُّنْيَا صَحَّ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّأْبِيدُ، وَكَذَا إنْ قَالَ جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَيَصِحُّ وَيَلْغُو ذِكْرُ السَّنَةِ وَيَكُونُ مُؤَبَّدًا. قَوْلُهُ:(فَبَاطِلٌ) نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ عَامٍّ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَبْطُلْ.
فَرْعٌ: أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ مَنْ وَقَفَ كَذَا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُعْرَفْ قَبْرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ لَكِنْ سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ.
قَوْلُهُ: (أَقْرَبُ النَّاسِ إلَخْ) إلَّا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَ فَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا إنْ كَانَتْ أَهَمَّ وَالْأَخِيرُ بَيْنَهُمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ وَقْفٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَقْدَحُ فِي النَّظَرِ إنَّهُ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قِرَاءَةِ عَلَى قَبْرِ الْوَاقِفِ، فَلْيَقْرَأْ مَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إنْ عَلِمَهُ أَوْ مَا تَيَسَّرَ وَيُهْدِي ثَوَابَهُ لِلْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مِنْ رِيعِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ وَهَكَذَا فَلْيُنْظَرْ وَلْيُرَاجَعْ.
قَوْلُهُ: (فَيُقَدَّم) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يُفَضَّلُ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى وَيَسْتَوِي خَالٌ وَعَمَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا قُرْبًا. قَوْلُهُ: (الثَّانِي مَصْرِفُهُ لِلْمَسَاكِينِ إلَخْ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا فُقِدَ الْأَقَارِبُ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ. قَوْلُهُ: (الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ) حُمِلَ عَلَى كَوْنِهِ الْأَهَمَّ أَوْ فُقِدَ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِفُقَرَاءِ بَلَدِ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَقْفِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ يُصْرَفُ مِنْ رِيعِهِ لِفُلَانٍ كَذَا وَسَكَتَ عَنْ بَاقِيه فَحُكْمُ ذَلِكَ الْبَاقِي مَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِهِ) فَهِيَ مِنْ مَحَلِّ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: وَقَفَ عَلَى ابْنِهِ دَارًا هِيَ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَلَا تَرْتَدُّ بِرَدِّ الْوَلَدِ، وَيَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخَيْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الثَّوَابُ، فَإِذَا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ حَالًا سَهُلَتْ إدَامَتُهُ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ، وَالثَّانِي نُظِرَ أَنَّهُ يُشْبِهُ الَّذِي أُسْنِدَ إلَى غَيْرِ مَالِكٍ فَكَانَ كَمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ الْفَتْوَى اهـ.
قَوْلُهُ: (لِانْقِطَاعِهِ) فَكَأَنَّهُ مُوَقَّتٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) وَجْهُهُ أَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّوَامِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا. قَوْلُهُ:(إنْ مَاتَ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِلَا مَصْرِفٍ مُتَعَذِّرٌ، وَصَرْفَهُ لِغَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) وَجْهُهُ أَنَّ الْمَسَاكِينَ أَعَمُّ كَمَا أَنَّ وَجْهَ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَصَالِحَ أَعَمُّ مِنْ الْكُلِّ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صُرِفَ لِلْمَصَالِحِ لَا لِأَقَارِبِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (الْمَسَاكِينُ) هَلْ الْمُرَادُ مَسَاكِينُ بَلَدِ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَقْفِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي نَظَرًا إلَى اعْتِبَارِهِمْ فِي الزَّكَاةِ فُقَرَاءَ بَلَدِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ: هَذَا الْمَالُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ أَيْضًا، وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ وَعُذْرُ الْمُصَنِّفِ إيضَاحُ الْحَالِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَوَّلِ يُفْهِمُهُ.
تَنْبِيهٌ: مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ فِيهِ تَعْلِيقٌ ضِمْنِيٌّ كَمَا أَنَّ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فِيهِ تَأْقِيتٌ ضِمْنِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيُصْرَفُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمِثَالِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ كَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ) رُبَّمَا يَكُونُ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسَادِ مِنْ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِحَّتُهُ) أَيْ وَلِوُجُودِ الْمَصْرِفِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ فَهُنَا يَصِحُّ بِالْأَوْلَى هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا
يُصْرَفُ بَعْدَ الْأَوَّلِ فِيهِ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ.
(وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت) كَذَا (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِعَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُصْرَفُ مَصْرِفَ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ.
(وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت) إلَى آخِرِهِ.
(وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي إبْقَائِهِ وَالرُّجُوعِ فِيهِ مَتَى شَاءَ. (بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ اُتُّبِعَ شَرْطِي وَالثَّانِي لَا لِتَضَمُّنِهِ الْحَجَرَ عَنْهُ) مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ فَيَفْسُدُ الشَّرْطُ وَالْقِيَاسُ فَسَادُ الْوَقْفِ بِهِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ) أَيْ وَقْفِ الْمَكَانِ مَسْجِدًا (اخْتِصَاصَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ اخْتَصَّ) بِهِمْ أَيْ قَصُرَ عَلَيْهِمْ (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِهِمَا اخْتِصَاصَهُمَا بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّا بِهِمْ، قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَطْعًا وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ الْمَسْجِدُ بِهِمْ، قَالَ الْإِمَامُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَفْسُدُ الْوَقْفُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا وَالْمُحَرَّرِ التَّعْبِيرُ بِاتِّبَاعِ الشَّرْطِ.
(وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ. (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ، وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَنَصِيبِهِمَا إذَا مَاتَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُجْعَلَ الْوَقْفُ فِي نَصِيبِهِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَعْنَاهُ يَكُونُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ لَا إنَّهُ يَجِيءُ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى.
وَيُوَافِقُ الْبَحْثَ حِكَايَةُ وَجْهٍ بَعْدَهُ، بِالصَّرْفِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ) مَحَلُّهُ إنْ عُلِمَ أَمَدُ الْوَسَطِ كَعَبْدِ فُلَانٍ لِنَفْسِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُصْرَفُ لِمَنْ ذَكَرَهُ مَا لِوَاقِفٍ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَمَدٌ كَمَا فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَيُصْرَفُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِمَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَ الرَّجُلِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِرَاضِ مَنْ قَبْلَهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الرِّيعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، هُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَظْهَرُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (بُطْلَانُهُ) أَيْ وَإِنْ أَضَافَهُ اللَّهَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَقَوْلِهِ وَقَفْته لِلَّهِ أَوْ فِيمَا شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُمَا الْفُقَرَاءُ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى مَنْ شِئْت أَوْ فِيمَا شِئْت فَإِنْ كَانَ عَيَّنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) أَيْ إلَّا بِالْمَوْتِ أَصْلًا أَوْ إعْطَاءً كَ وَقَفْته بَعْدَ مَوْتِي أَوْ وَقَفْته عَلَى فُلَانٍ وَلَا يُعْطَى إلَّا بَعْدَ مَوْتِي قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ حِينَئِذٍ وَصِيَّةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا يَفْسُدُ الْوَقْفُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ وَيُعْطِي مَنْ شَاءَ أَوْ إنَّ لَهُ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ، أَوْ إنَّهُ يَبِيعُهُ مَتَى شَاءَ، أَوْ إذَا افْتَقَرَ أَوْ إذَا احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَإِلَّا كَنَحْوِ خَرَابَةٍ فَلَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَرَطَ إنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا، وَدَعَتْ ضَرُورَةٌ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَى عِمَارَتِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ، إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْعِمَارَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ شَيْخُنَا م ر بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ خِلَافًا لِابْنِ عَصْرُونٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى تَعَدُّدِ الْعُقُودِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(اخْتَصَّ بِهِمْ) فَإِنْ انْقَرَضُوا صَارَ عَامًّا.
قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا هُنَا لَا يَحْسُنُ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) وَكَذَا الْمَقْبَرَةُ وَمَعْنَى اخْتِصَاصِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ بِالطَّائِفَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا إنَّهُ يُمْنَعُ غَيْرُهُمْ مِنْ دُخُولِهِ، وَالْجُلُوسِ فِيهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ ذَلِكَ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مَكْرُوهًا وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ فِي مُدَرِّسٍ كَوْنَهُ شَافِعِيًّا، فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ ذَلِكَ، التَّدْرِيسِ لِغَيْرِ شَافِعِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ تَدْرِيسُ غَيْرِهِ أَيْضًا فِي مَكَان خَصَّصَهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى شَخْصَيْنِ) أَيْ وَلَمْ يَفْصِلْ وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِذَاكَ نِصْفُهُ فَهُمَا وَقْفَانِ ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ صُرِفَ نُصِيبُ الْمَيِّتِ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ قَالَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْآخَرِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ بَكْرٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ ثُمَّ مَاتَ مَنْ قَبْلَهُ انْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ، فَلَوْ مَاتَ بَكْرٌ قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ انْتَقَلَ لِعَمْرٍو وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِكَذَا، وَلِلْأَشْرَافِ الْمُقِيمِينَ بِبَلَدِ كَذَا بِكَذَا، فَأَقَامَ زَيْدٌ بِهَا وَهُوَ شَرِيفٌ اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ جُزْءًا مُضَافًا لِمَا مَعَهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ وَكَانَ فَقِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ تَثْبُتْ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقًا خَاصًّا وَلِلْوَصِيِّ حِرْمَانُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية عميرة]
يَظْهَرُ، وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ. ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَالَ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَوْلَانِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الصِّحَّةِ يُصْرَفُ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ الْمُقْرِي حَيْثُ يَقُولُ فِي مِثْلِ مِثَالِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ: إنَّهُ يُلْغِي الْمَجْهُولَ، وَيُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ الْأَوَّلِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَوْلَادِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِي وَاتَّهَبَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لِلْمَسَاكِينِ، وَبِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهَا بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ، وَقَدْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ لِلَّهِ. قَوْلُ
الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ نَجَزَهُ وَعَلَّقَ الْمَصْرِفَ عَلَى وَقْتٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ) دَلِيلُهُ أَنَّ شَخْصًا أَعْمَرَ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَرْطَهُ فَقَطْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) . وَجَّهَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ لِضَرُورَةِ الْمُزَاحَمَةِ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ، فَإِذَا زَالَتْ انْفَرَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ