الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْأُولَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَلَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ مُخْتَلِفِي الْمِلَّةِ كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَجَبَ الْحُكْمُ جَزْمًا؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَرْضَى بِمِلَّةِ الْآخَرِ، وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَنُقِرُّهُمْ) فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ (عَلَى مَا نُقِرُّ لَوْ أَسْلَمُوا وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّ) لَوْ أَسْلَمُوا فَإِذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ التَّرَافُعِ أَقْرَرْنَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً، وَبِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَحْرَمِ فَنُبْطِلُهُ فِي ذَلِكَ.
فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ
الْحَرَائِرِ (وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، (أَوْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لَزِمَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) مِنْهُنَّ (وَيَنْدَفِعُ) نِكَاحُ (مَنْ زَادَ) مِنْهُنَّ عَلَى الْأَرْبَعِ الْمُخْتَارَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَإِذَا نَكَحَ مُرَتَّبًا فَلَهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَقَعَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ اسْتَوْفَى مِنْهُمْ مَا ثَبَتَ، وَلَوْ حَدَّ زِنًى أَوْ قَطْعَ سَرِقَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ. نَعَمْ لَا يُحَدُّونَ بِشُرْبِ خَمْرٍ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ حِلِّهِ فِي عَقِيدَتِهِمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ:(وَأُجِيبَ إلَخْ) وَاعْتُرِضَ النَّسْخُ بِأَنْ يَلْزَمَهُ وُجُوبُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ فَدَعْوَاهُ النَّسْخَ مُوَافَقَةٌ لِمُعْتَقَدِهِ، أَوْ أَنَّهُ سَقَطَ بِالنَّسْخِ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ وَيُسْتَفَادُ التَّخْيِيرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النَّسْخَ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ، فَلَا يُقَاسُ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ لَا مَعْنَى لِلنَّسْخِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ، وَلَا لِخُصُوصِ نَفْيِ الْقِيَاسِ مَعَ نَفْيِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا طُرُقٌ. قَوْلُهُ: (وَنُقِرُّهُمْ إلَخْ) أَيْ إنْ ذَكَرُوا مَا يَقْتَضِي التَّقْدِيرَ أَوْ عَدَمَهُ وَإِلَّا فَلَا نَسْأَلُهُمْ عَنْهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا نِكَاحُ الْأُخْتَيْنِ فَنُبْطِلُهُمَا مَعًا، وَلَهُ الْعَقْدُ فِي أَيَّتِهِمَا شَاءَ إلَّا إنْ عَلِمْنَا سَبْقَ إحْدَاهُمَا فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنْ تَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ الْجَوَابَ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (أَسْلَمَ) أَيْ الزَّوْجُ وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ زَوْجٍ، فَإِنْ عَقَدُوا مَعًا لَمْ تَقِرَّ مَعَ وَاحِدٍ أَوْ مُرَتَّبًا أَقَرَّتْ مَعَ الْأَوَّلِ. نَعَمْ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي الْكُفْرِ، أَقَرَّتْ مَعَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ. قَوْلُهُ:(وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ) أَيْ فِي الْحُرِّ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ مُبَاحَةٍ، كَمَا قَالَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ:(لَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا إنْ كَانَ أَهْلًا بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَإِلَّا فَعِنْدَ تَأَهُّلِهِ وَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ وَلِيِّهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْمَجْنُونِ كَمَا لَهُ تَزْوِيجُهُ ابْتِدَاءً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) أَيْ لِلنِّكَاحِ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ. كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ اخْتَارَ دَفْعَ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ مَثَلًا لِغَيْرِ النِّكَاحِ تَعَيَّنَ الْأَرْبَعُ، أَوْ اخْتَارَ دَفْعَ بَعْضَ مَنْ زَادَ انْدَفَعَ وَبَقِيَ الِاخْتِيَارُ فِي الْبَاقِي وَهَكَذَا. قَوْلُهُ:(وَيَنْدَفِعُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ انْدِفَاعُ مَنْ زَادَ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (غَيْلَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةِ رِجَالٍ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، أَسْلَمَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ، وَبَاقِيهِمْ مَسْعُودُ بْنُ مُصْعَبٍ وَمَسْعُودُ بْنُ عَامِرٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَعُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخُصَّ غَيْلَانُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُهُ: (أَمْسِكْ) هُوَ وَفَارِقْ فِعْلَا أَمْرٍ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ أَمْسِكْ لِلْوُجُوبِ وَفَارِقْ لِلْإِبَاحَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ عَكْسَهُ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وُجُوبَ أَحَدِهِمَا إذْ بِوُجُودِهِ يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ لَفْظِ أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا أَوْ مُبْهَمًا وَإِبَاحَةِ الْآخَرِ،
ــ
[حاشية عميرة]
الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَنْسُوخَةً بِالْأُولَى وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدِينَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لُزُومُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إلَى الْمَنْعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلًا لِلْقِيَاسِ جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ الْتِزَامَ أَحْكَامِنَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: (جَزْمًا) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْجَزْمُ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَّفِقَيْنِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا حَاكِمٌ أَوْ كَانَ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَلْزَمَهُمَا حُكْمُ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ:(فِي ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَإِذَا تَرَافَعُوا إلَى آخِرِهِ.
[فَصْلٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ]
فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ لَزِمَهُ إلَخْ مُرَادُهُ عَدَمُ جَوَازِ الزِّيَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْدَفِعُ مَنْ زَادَ) أَيْ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ: «فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ» إلَخْ) . قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ أَمْسِكْ لِلْإِبَاحَةِ وَفَارِقْ لِلْوُجُوبِ لِحَقِّهِنَّ فِي رَفْعِ الْحَبْسِ عَنْهُنَّ، فَالسُّكُوتُ عَنْ الْكُلِّ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إلَّا إذَا طَلَبْنَ، فَيَجِبُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ، وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ السُّكُوتَ مَعَ الْكَفِّ يَلْزَمُ مِنْهُ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ اهـ.
فَائِدَةٌ: لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الشِّرْكِ بِزَوْجَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمُوا قَالَ الْقَاضِي لَا يُعْرَفُ لِلشَّافِعَيَّ فِيهَا نَصٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَتْ وَفِي التَّتِمَّةِ لَا بِخِلَافِهِ فِي عَدَمِ تَخْيِيرِ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخَالِفَ حَمَلَ حَدِيثَ غَيْلَانَ عَلَى الْأَوَائِلِ
إمْسَاكُ الْأَخِيرَاتِ، وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُنَّ كُلَّ ذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْحَدِيثِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ) بَعْدَهُ، (فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ تَعَيَّنَّ) وَانْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ بَقِيَ.
(فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا كِتَابِيَّتَانِ أَوْ) غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَ (أَسْلَمَتَا فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا حَرُمَتَا أَبَدًا) ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ وَفَسَادِهِ (أَوَّلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا، (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) وَانْدَفَعَتْ الْأُمُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا (وَفِي قَوْلٍ يُتَخَيَّرُ) ، بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ فَإِنْ اخْتَارَ الْبِنْتَ حَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا، أَوْ الْأُمُّ انْدَفَعَتْ الْبِنْتُ، وَلَا تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ (أَوْ) دَخَلَ (بِالْبِنْتِ) فَقَطْ (تَعَيَّنَتْ) وَحَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا (أَوْ) دَخَلٌ (بِالْأُمِّ) فَقَطْ (حَرُمَتَا أَبَدًا) لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمِّ يُحَرِّمُ بِنْتَهَا مُطْلَقًا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ أُمَّهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، (وَفِي قَوْلٍ تَبْقَى الْأُمُّ) بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ نَكَحَهُمَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا.
(أَوْ) أَسْلَمَ (وَتَحْتَهُ أَمَةٌ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ أَقَرَّ) النِّكَاحَ (إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ) حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أُقِرَّ عَلَى نِكَاحِهَا، فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ انْدَفَعَ نِكَاحُهَا (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ إسْلَامِهِ (قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) كَمَا فِي الْحُرَّةِ.
(أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (إمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) ، لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَذَلِكَ وَلَا لِتَعَيُّنِ مَعْنَى أَحَدِهِمَا مِنْ الْإِبْقَاءِ، وَالدَّفْعِ كَذَلِكَ. فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُودُ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ، وَهُوَ تَمْيِيزُ مُبَاحَةٍ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِظَاهِرِ الدَّلِيلِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ ذَكَرهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْوَقَائِعِ الْقَوْلِيَّةِ بِدَلِيلِ آخِرِهَا، بِقَوْلِهِ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَلَهُ قَاعِدَةٌ أُخْرَى، فِي الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال، كَمَا فِي وَضْعِ يَدِ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَلَى عَقِبَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ وَاسْتَمَرَّ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) يَنْبَغِي عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الدُّخُولِ لَا إلَى الزَّوْجِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَرْتِيبٍ فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ:(تَعَيَّنَ) أَيْ الْأَرْبَعُ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ، وَأَسْلَمَتْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا) وَلَوْ احْتِمَالًا حَرُمَتَا أَبَدًا. قَوْلُهُ: (أَوَّلًا بِوَاحِدَةٍ) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ.
قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ تَنْدَفِعْ لِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَمَا فِي الْمَنْهَجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ) وَلَوْ احْتِمَالًا مَعَ تَيَقُّنِ عَدَمِ الدُّخُولِ، بِالْأُمِّ تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ) وَلَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ تَيَقَّنَ عَدَمَ الدُّخُولِ بِالْبِنْتِ أَوْ لَا حَرُمَتَا أَبَدًا.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) الْوَجْهُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَقَرَّ النِّكَاحَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا. قَوْلُهُ:(إنْ حَلَّتْ لَهُ) بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ عَنْ إسْلَامِهِ) أَيْ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ أَمَةً) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا تَعَيَّنَ اخْتِيَارُ أَمَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) الصَّوَابُ وَإِسْلَامِهَا لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ اثْنَتَانِ مِنْ أَرْبَعٍ فَعَتَقَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ أُسْلِفَ الْأُخْرَيَانِ، انْدَفَعَتَا بِهَذِهِ الْحُرَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ أُخْرَى وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُ الثَّانِيَةِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ اخْتِيَارُ الْأُولَى عَقِبَ إسْلَامِهَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، اخْتِيَارُ الثَّالِثَةِ أَيْضًا كَذَا قَالُوهُ فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِاخْتِيَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ اخْتِيَارِ ثَانِيَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ، وَهَذَا أَوْجُهُ، فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، وَأَسْلَمُوا أُقِرَّتْ الْأَمَةُ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ، وَمَا هُنَا مِثْلُهُ ثُمَّ فِي تَعَيُّنِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَجَعْلِهِمْ التَّقْرِيرَ كَالدَّوَامِ، فَكَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
وَهُوَ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ حَمْلُ أَمْسِكْ عَلَى ابْتَدِئْ وَلَنَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَجْدِيدُ عَقْدٍ، وَأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى التَّجْدِيدِ لَمْ تُجْعَلْ الْخِيَرَةُ لَهُ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ تَعْيِينُ الْبِنْتِ عَلَى قَوْلِ الْفَسَادِ أَيْضًا، كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا صَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَ التَّعَيُّنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الصِّحَّةِ امْتَنَعَ ذَلِكَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) أَيْ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا
قَوْلُ الْمَتْنِ: (اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ صُدُورُ الِاخْتِيَارِ عِنْدَ عُرُوضِ الْيَسَارِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(انْدَفَعْنَ) .
(أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَمْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ (وَانْدَفَعْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ نِكَاحُ الْأَمَةُ لِمَنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَيَمْتَنِعُ اخْتِيَارُهَا (وَإِنْ أَصَرَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اخْتَارَ أَمَةً) إنْ حَلَّتْ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا بَانَتْ بِإِسْلَامِهِ، (وَلَوْ أَسْلَمَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ، (وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَحَرَائِرَ) ، أَصْلِيَّاتٍ (فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا) مِمَّنْ ذُكِرْنَ.
(وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ أَلْفَاظُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، (اخْتَرْتُك أَوْ أَقْرَرْت نِكَاحَك، أَوْ أَمْسَكَتْك أَوْ ثَبَتُّك) ، وَإِيرَادُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ صَرِيحٌ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ: لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ اخْتَرْتُك أَوْ أَمْسَكْتُك مِنْ غَيْرِ التَّعَرُّضِ لِلنِّكَاحِ كِنَايَةً، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهُ ثَبَتُّك (وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ) لِلْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطِبُ بِهِ الْمَنْكُوحَةَ، فَإِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا انْقَطَعَ نِكَاحُهُنَّ بِالطَّلَاقِ، وَانْدَفَعَ الْبَاقِيَاتُ بِالشَّرْعِ (لَا الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ) فَلَيْسَا بِاخْتِيَارٍ (فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّ الظِّهَارَ مُحَرَّمٌ وَالْإِيلَاءُ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ هُمَا تَصَرُّفَانِ، مَخْصُوصَانِ بِالنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ) ، كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ اخْتَرْت نِكَاحَك، أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ وَتَعْلِيقُ الِاخْتِيَارِ مُمْتَنِعٌ وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَحُصُولُ الِاخْتِيَارِ بِالطَّلَاقِ ضِمْنِيٌّ، وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ.
ــ
[حاشية قليوبي]
يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ لَا يُقَالُ الْحُرُّ، لَا يَزِيدُ عَلَى وَاحِدَةٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ التَّعَدُّدِ لِمَنْ لَا تُعِفُّهُ، وَلِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي الْغَائِبَةِ بِالْوُصُولِ إلَيْهَا.
تَنْبِيهٌ: الِاخْتِيَارُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ إسْلَامِ جَمِيعِ مَنْ تَحْتَهُ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِمَّنْ لَمْ تُسْلِمْ.
قَوْلُهُ: (حُرَّةٌ) أَيْ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ وَأَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْلَمْنَ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْلَمْنَ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا سَبَقَ إسْلَامُ الْحُرَّةِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَوْ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَوْ لَمْ تُسْلِمْ مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ أَمَةً) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَهُ بَعْدَهَا نَقْضُ اخْتِيَارِهِ قَبْلَهَا، بَلْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِيهَا بَعْدَ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا، بَطَلَ اخْتِيَارُهُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَمَةٍ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ وَلَوْ قَبْلَ إسْلَامِ الْإِمَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ اخْتِيَارَ أَمَةٍ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَحْصِيلِ الْحُرَّةِ وَالْوَسَائِلُ تُغْتَفَرُ. قَوْلُهُ:(وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ إلَخْ) الْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَالْحُرَّةِ أَنْ يَجْتَمِعَ إسْلَامُهَا مَعَ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَهِيَ حُرَّةٌ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَوْ تَأَخَّرَ وَسَوَاءٌ تَرَتَّبَ إسْلَامُهُنَّ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ عِتْقُهُنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ أَوْ لَا وَمُقَارَنَةُ الْعِتْقِ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ كَتَقَدُّمِ الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَقْرَبَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (ثَبَتُّك) وَمِثْلُهُ أَرَدْتُك وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَالَ اخْتَرْتُك لِلْفَسْخِ أَوْ أَرَدْتُك لَهُ، أَوْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِك، أَوْ أَرَدْته أَوْ صَرَفْتُك أَوْ دَفَعْتُك عَنْ النِّكَاحِ أَوْ دَفَعْتُك عَنْهُ أَوْ صَرَفْت نِكَاحَك، أَوْ دَفَعْته كَانَتْ كُلُّهَا لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ:(وَالطَّلَاقُ) صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ مُنَجَّزًا وَمُعَلَّقًا اخْتِيَارٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَا) أَيْ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ بِاخْتِيَارٍ، وَيُوقَفَانِ فَإِذَا اخْتَارَهَا لِلنِّكَاحِ حُسِبَا مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ فَيَصِيرُ عَائِدًا بَعْدَهُ، وَالْوَطْءُ لَيْسَ اخْتِيَارًا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ نِكَاحَهَا. قَوْلُهُ:(بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ) وَبِالزَّوْجَةِ لَائِقٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَسْخٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ اخْتِيَارًا لِلنِّكَاحِ. قَوْله:(وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ) أَيْ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهِ صَرِيحَةً كَانَتْ أَوْ كِنَايَةً وَمِنْهَا لَفْظُ الْفِرَاقِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ مِنْكُنَّ، فَهِيَ طَالِقٌ وَيَتَوَقَّفُ الِاخْتِيَارُ عَلَى الدُّخُولِ، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَهُ اخْتِيَارُ غَيْرِهَا أَوْ اخْتَارَ أَرْبَعًا قَبْلَ دُخُولِهَا انْدَفَعَتْ كَغَيْرِهَا، فَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانٍ، فَقَالَ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ، وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ تَعَيَّنَ الْبَاقِيَاتُ لِلنِّكَاحِ.
قَوْلُهُ: (فِي خَمْسٍ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) قَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وَفِي تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ سِرٌّ لَطِيفٌ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُبَاحِ، انْدَفَعَ نِكَاحُهُ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ فَلَيْسَ فِيهِ إنْشَاءُ زَوَالٍ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ الْإِسْلَامَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ كَالْعَقْدِ عَلَى نَحْوِ خَمْسٍ. قَوْلُهُ:(وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ مُؤْنَتُهُنَّ عَلَيْهِ وَلَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اخْتَارَ أَمَةً) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْأَمَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْحُرَّةِ لَا يُفِيدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِانْقِضَائِهَا تَبَيَّنَ اعْتِبَارُهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ قَبْلَ الْيَأْسِ عَنْ الْحُرَّةِ يُلْغَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاخْتِيَارُ إلَخْ) يَحْصُلُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا بِمَا لَوْ اخْتَارَ فِرَاقَ مَنْ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِ مَثَلًا، لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَرْبَعُ لِلنِّكَاحِ، وَنَبَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّ لِلْفَسْخِ أَيْضًا صَرَائِحَ وَكِنَايَاتٍ فَالْأَوَّلُ كَفَسَخْتُ نِكَاحَهَا وَرَفَعْته وَالثَّانِي كَصَرَفْتُهَا وَأَبْعَدْتهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ) قِيلَ إنْ أَرَادَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِمَعْنَاهُ كَلَفْظِ الْفَسْخِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَعَمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْفِرَاقِ فَإِنَّهُ هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْت لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَالْفِرَاقُ يَصِحُّ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا إذَا نَوَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْأَصَحِّ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلطَّلَاقِ أَيْضًا فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا، بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ لِمَا فِي قِصَّةِ فَيْرُوزَ طَلِّقْ أَيَّهُمَا شِئْت. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاوِيَ ذَكَرَ لَفْظَ الْفِرَاقِ بِالْمَعْنَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ) عِلَّتُهُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ كَالنِّكَاحِ، أَوْ كَالرَّجْعَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَالْفَسْخُ يَتَضَمَّنُ