الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ بَانَ بِأَكْثَرَ بَطَلَ) حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِأَلْفٍ فَبِأَكْثَرَ أَوْلَى.
(وَلَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ) لَهُ (بَارَكَ اللَّهُ) لَك (فِي صَفْقَتِك لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَقَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً.
(وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّهُ، لِإِشْعَارِهِ بِتَقْرِيرِ بَيْعِهِ. (وَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) أَوْ وَهَبَهَا. (جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا حِينَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا بَطَلَ حَقُّهُ قَطْعًا وَإِنْ قُلْنَا الشُّفْعَةُ عَلَى التَّرَاخِي، لِزَوَالِ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ.
كِتَابُ الْقِرَاض
(الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ) وَالْمُقَارَضَةُ. (أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى شَخْصٍ. (مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَهُمَا وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -. (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ،
ــ
[حاشية قليوبي]
الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَانَ مِمَّنْ يُشْرَعُ عليه السلام أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِلَّا كَفَاسِقٍ بَطَلَ حَقُّهُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ نَعَمْ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِيَ يَقْضِي حَاجَتَهُ أَوْ يُجَامِعُ فَلَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى فَرَاغِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ كَسُكُوتِهِ عَنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِالسُّكُوتِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَدَبِ وَحَيْثُ خَالَفَهُ فَحَقُّهُ تَقْدِيمُ طَلَبِ حَقِّهِ عَلَى السَّلَامِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَجَمْعُ الدُّعَاءِ مَعَ السَّلَامِ لَا يَضُرُّ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ خِطَابٌ وَإِلَّا كَبَارَكَ اللَّهُ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ قَطْعًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَك وَلَا يَضُرُّ سُؤَالُهُ عَنْ الثَّمَنِ وَلَوْ عَالِمًا بِهِ أَوْ عَنْ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ بِخِلَافِ سُؤَالِهِ عَنْ الرَّخْصِ أَوْ الْغَلَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ) لَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَإِنْ عَادَتْ الْحِصَّةُ إلَيْهِ وَخَرَجَ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الشُّفْعَةِ بِمَالٍ أَوْ بِبَعْضِ الشِّقْصِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْفَسَادِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا. وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (حِصَّتَهُ) أَيْ كُلَّهَا أَمَّا لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالشُّفْعَةِ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَوْ بِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَبِيعَ الْبَعْضُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ قَهْرًا عَلَى الْوَارِثِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ بِزَوَالِ الْبَعْضِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ بَاعَ الْوَرَثَةُ بَعْضَ دَارِ الْمَيِّتِ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ لَمْ يُشَفِّعُوا وَإِنْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِلْكُهُمْ فَلَا يَأْخُذُونَ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِمْ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ وَأَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةَ غَيْرِهِ مِنْهُمْ بِالشُّفْعَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ.
كِتَابُ الْقِرَاضِ
بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ كَالْمُقَارَضَةِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ الْقَرْضِ، بِمَعْنَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ دَفَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ وَمِنْ الرِّبْحِ وَمِنْهُ الْمِقْرَاضُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْقَطْعِ وَتُطْلَقُ الْمُقَارَضَةُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ كَمَا فِي الرِّبْحِ. قَوْلُهُ:(وَالْمُضَارَبَةُ) هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ الضَّرْبِ بِمَعْنَى السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَدْفَعَ) أَيْ عَقْدٌ يَقْتَضِي الدَّفْعَ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ الدَّفْعُ لَا يُسَمَّى قِرَاضًا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ، أَنَّ أَرْكَانَهُ سِتَّةٌ صِيغَةٌ وَمَالِكٌ وَمَالٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَنُوزِعَ فِي كَوْنِ الْعَمَلِ رُكْنًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ ذِكْرُهُ كَالرِّبْحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ) وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ، أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ لَا يَمْلِكُ مَالًا، وَالْمَالِكُ قَدْ لَا يَعْرِفُ التَّصَرُّفَ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالطَّعْنِ فِي دَلِيلِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَسْتَدِلَّ كَالْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا تَأَثَّمَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَلَا بِمُضَارَبَتِهِ
لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ حِينَ أَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ بِهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَعُمُرُهُ إذْ ذَاكَ نَحْوُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قَالَ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ السَّلَامِ وَالدُّعَاءِ لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ إذَا خَاطَبَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بَارَكَ لَك، وَأَمَّا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا كَمَا أَوْضَحْته فِي الْمُهِمَّاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ إلَخْ) لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا بَطَلَتْ فِي حَالِ الْعِلْمِ دُونَ حَالِ الْجَهْلِ.
[كِتَابُ الْقِرَاض]
مِنْهُ الْمِقْرَاضُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ، وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ سَفَرًا، وَالسَّفَرُ يُسَمَّى ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ. قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] أَيْ سَافَرْتُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاضَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْمُضَارَبَةَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَنْ يَدْفَعَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقِرَاضَ الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلدَّفْعِ، لَا نَفْسُ الدَّفْعِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ) خَرَجَ الْوَكِيلُ. قَوْلُهُ: (إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الشَّجَرِ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْعَمَلَ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَاَلَّذِي يُحْسِنُهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ شَجَرٌ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا.
أَوْ دَنَانِيرَ خَالِصَةً، فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ وَحُلِيٍّ وَمَغْشُوشٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ. (وَعُرُوضٍ) وَفُلُوسٍ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْفُلُوسِ (وَمَعْلُومًا) فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ أَوْ الصِّفَةِ. (مُعَيَّنًا وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفًا صِحَاحًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَعَلَى هَذَا يَتَصَرَّفُ الْعَالِمُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، فَيَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاضِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا، لَوْ قَارَضَ عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ قَطَعَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ بِجَوَازِهِ، كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْمَنْعِ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَهُ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِهِ.
(وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ) يُوَفِّي مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
(وَلَا) شَرْطَ (عَمَلِهِ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ يُفْضِي إلَى انْقِسَامِ الْيَدِ. (وَيَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا كَشَرْطِ عَمَلِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ، وَفُرِقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ، نَعَمْ إنْ ضَمَّ إلَى عَمَلِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ، دُونَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ قَطْعًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَسَدَ الْعَقْدُ.
(وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ التِّجَارَةُ وَتَوَابِعُهَا، كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا) وَذَرْعِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَارَضَهُ لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً فَيَطْحَنَ وَيَخْبِزَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
سَنَةً. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقَرَّهُ بَعْدَ الْبَعْثَةِ كَذَا قَبْلُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ مُقَارِضًا؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَنْهَا، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِجَعْلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(أَوْ دَنَانِيرَ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (خَالِصَةً) وَإِنْ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ عَزَّ وُجُودُهَا أَوْ خِيفَ عِزُّهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ) هُوَ اسْمٌ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ ضَرْبِهِمَا أَوْ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ.
قَوْلُهُ: (وَمَغْشُوشٍ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَهْلَكٍ غِشُّهُ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي دَرَاهِمِ مِصْرَ وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهَا عَلَى النَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ قَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَفُلُوسٍ) عَطْفٌ خَاصٌّ لِلْخِلَافِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُرُوضِ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولِ الْقَدْرِ) خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ مَجْهُولَ الصِّفَةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيَشْمَلُ مَجْهُولَ النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ أَيْضًا، أَوْ هُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى وَلَا يَكْفِي لَوْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَفُهِمَ مِنْ قَيْدِ التَّسَاوِي عَدَمُ الصِّحَّةِ قَطْعًا فِي غَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيهَا مَا لَمْ تُعَيَّنْ الْمُرَادَةُ مِنْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ وَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ مَعْلُومَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا فِي الصُّرَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِجَوَازِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) يُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِمَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِكَوْنِ الْمَالِكِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَمِنْ الدَّيْنِ الْمَنْفَعَةُ، فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَارًا مَثَلًا لَيُؤَجِّرَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَمَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَكُنْ بَيْنَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَشَاعَ كَأَنْ يَخْلِطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِآخَرَ، وَيُشَارِكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَيُقَارِضَهُ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ جَائِزٌ وَيَتَصَرَّفَانِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَيَنْفَرِدُ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا، وَثُلُثُ رِبْحِ الْآخَرِ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَمُسْلِمًا إلَخْ) وَلَوْ بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَقَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَيْسَ شَرْطًا، فَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى مَغْصُوبٍ، وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ وَعَلَى وَدِيعَةٍ مِنْ الْوَدِيعِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بِشَرْطِ عَمَلِهِ مَعَهُ) وَلَا بِشَرْطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ، وَلَا جَعْلِ شَخْصٍ مُشْرِفًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَيَصِحُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَرَّقُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَمْلُوكِ وَمِثْلُهُ دَابَّتُهُ وَكَذَا الْحُرُّ الْمُسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ لِلْمَالِكِ وَيَجُوزُ شَرْطُ نَفَقَتِهِمْ عَلَى الْعَامِلِ، وَيُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ.
قَوْلُهُ: (لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً إلَخْ) فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لَمْ يَفْسُدْ الْقِرَاضُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دَنَانِيرَ) أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ الَّذِي قَوِيَ عِنْدِي أَنْ أُفْتِيَ وَأَحْكُمَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ الْآنَ كَمَا دَعَتْ إلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ فَسَاغَ. قَوْلُ:(فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَهَالَةُ قَدْرِ الرِّبْحِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا تَوْجِيهَ صِحَّةِ تَفَرُّعٍ قَوْلُهُ: وَلَا عَمَلِهِ مَعَهُ، عَلَى قَوْلِهِ: وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ دَفْعًا لِمَا قِيلَ: اسْتِقْلَالُ الْعَامِلِ بِالتَّصَرُّفِ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ، لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ مُسْلَمًا إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(غُلَامِ الْمَالِكِ) أَيْ الرَّقِيقِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، بَلْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْ تَبَرَّعَ بِفِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَمِنْ الثَّانِي وَزْنُ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ، وَمِنْ الْأَوَّلِ حِفْظُهُ وَالنَّوْمُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ، وَوَزْنُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيفَةِ.
وَيَبِيعَهُ. (أَوْ غَزْلًا يَنْسِجُهُ، وَيَبِيعُهُ فَسَدَ الْقِرَاضُ) ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ وَالْخُبْزَ وَالْغَزْلَ وَالنَّسْجَ، لَيْسَتْ مِنْ وَظِيفَةِ الْعَامِلِ، وَهِيَ أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقِرَاضِ عَلَيْهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى جَهَالَةِ الْعِوَضَيْنِ لِلْحَاجَةِ. (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ شِرَاءَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ لَا تَشْتَرِ إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ (أَوْ نَوْعٍ يَنْدُرُ وُجُودُهُ) قَوْلُهُ لَا تَشْتَرِ إلَّا الْخَيْلَ الْبُلْقَ. (أَوْ مُعَامَلَةَ شَخْصٍ) بِعَيْنِهِ كَقَوْلِهِ لَا تَبِعْ إلَّا لِزَيْدٍ أَوْ لَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَالنَّادِرُ قَدْ لَا يَجِدُهُ، وَالشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مِنْ جِهَتِهِ رِبْحٌ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَيُّنُ نَوْعٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ.
(وَلَا يَشْتَرِطَ بَيَانَ مُدَّةِ الْقِرَاضِ) فَإِنَّ الرِّبْحَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ لَا يَنْضَبِطُ وَقْتُهُ. (فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ) أَوْ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (بَعْدَهَا فَسَدَ) الْعَقْدُ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِيهَا. (وَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَهَا فَلَا) يَفْسُدُ الْعَقْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَهَا وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِلتَّأْقِيتِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: لَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا وَلَك الْبَيْعُ، وَمَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ وَالتَّنْبِيهِ يُصَدَّقُ مَعَ ذَلِكَ، وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْبَيْعِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَارَضْتُك سَنَةً، فَسَدَ الْعَقْدُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الشِّرَاءِ.
(وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالرِّبْحِ وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِهِمَا إلَّا عَبْدَ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ فَمَا شَرَطَهُ لَهُ مَضْمُومٌ إلَى مَا شُرِطَ لِسَيِّدِهِ. (وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ كُلَّ الرِّبْحِ لَك، فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَقِيلَ قِرَاضٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ قَالَ كُلُّهُ لِي فَقِرَاضٌ فَسَادٌ وَقِيلَ إبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ، الْأَوَّلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ اسْتِئْجَارَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ جَازَ، قَالَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَهِيَ أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ وَظِيفَةِ الْعَامِلِ لِكَوْنِهَا لَا تُسَمَّى تِجَارَةً، وَلَا فَاعِلَهَا عَامِلًا بَلْ تُسَمَّى حِرْفَةً وَفَاعِلُهَا مُحْتَرِفًا. قَوْلُهُ:(الْعِوَضَيْنِ) وَهُمَا الْعَمَلُ وَالرِّبْحُ وَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْقِرَاضِ. قَوْلُهُ: (شِرَاءُ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) وَيَجُوزُ مَنْعُ شِرَائِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَوْعٍ يَنْدُرُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ) بِخِلَافِ مَنْعِ مُعَامَلَتِهِ وَشَرْطُ الْبَيْعِ فِي حَانُوتٍ مُعَيَّنٍ مُفْسِدٍ بِخِلَافِ شَرْطِ سُوقٍ مُعَيَّنٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِذْنُ الْمُطْلَقُ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ جِنْسٍ لَا الْفُرُشَ وَالْأَكْسِيَةَ وَفِي الْفَاكِهَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبُقُولَ وَالْقِثَّاءَ وَالْخِيَارَ وَفِي الطَّعَامِ يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ لَا الدَّقِيقَ وَفِي الْبَحْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَرَّ وَعَكْسَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ) هُوَ إتْمَامٌ لِمَعْنَى الْمُعَامَلَةِ وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُهُ إنْ لَمْ يَنْدُرْ وُجُودُهُ، كَمَا مَرَّ وَالْجِنْسُ كَالنَّوْعِ بِالْأَوْلَى فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مُدَّةِ الْقِرَاضِ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ قَارَضْتُك مَا شِئْت أَنْت أَوْ شِئْت أَنَا فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ) أَوْ عَلَّقَهُ وَنَجَزَ الْقِرَاضَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (مَنَعَهُ الشِّرَاءَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ الصِّحَّةُ بِقَوْلِهِ قَارَضْتُكَ سَنَةً، وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ ذَكَرَ وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا فَإِنْ فَصَلَهُ فَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ وَحُكْمُهَا الْبُطْلَانُ قِيلَ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنْته فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ بِأَظْهَرِ بَيَانٍ، فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيُّ بِالصِّحَّةِ فِيهَا مُطْلَقًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُكَ وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ صَحَّ وَلَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَنْهَجِ عَلَى هَذِهِ لَكَانَ هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ.
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ أَنْ يُمْكِنَ فِيهَا الرِّبْحُ لَا نَحْوُ سَاعَةٍ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْقِرَاضِ وَلَا تَوْقِيتُهُ، وَلَا تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ لِمُنَافَاةِ غَرَضِ الرِّبْحِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ اخْتِصَاصِهِمَا بِهِ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعَمَلِ فَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَهُوَ قِرَاضٌ لِاثْنَيْنِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا عَبْدٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ وَنِصْفَهُ لِمَمْلُوكِهِ فَسَدَ الْقِرَاضُ لِمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ وَنِصْفُهُ لَك عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَك أَوْ زَوْجَتَك مِنْهُ كَذَا فَهُوَ فَاسِدٌ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْعَامِلُ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ مِنْ نَصِيبِي كَذَا لِزَوْجَتِي فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدُ هِبَةٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ تَوْكِيلٌ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِبْضَاعُ الَّذِي هُوَ فِي الْأَصْلُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَبْعُوثِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ) لَوْ نَهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِهَا مَجَالًا وَاسِعًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً) لَوْ نَجَزَ الْقِرَاضُ وَعَلَّقَ التَّصَرُّفَ عَلَى وَقْتٍ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْقِرَاضِ التَّصَرُّفُ، وَهُوَ لَا يُعْقِبُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) افْهَمْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا صَحَّ، سَوَاءٌ قَالَ: وَلَك الْبَيْعُ أَوْ سَكَتَ كَمَا سَلَفَ، وَهَذَا الَّذِي أَفْهَمُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا يَصِحُّ، وَهُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ، فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، حَمَلَهُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (اخْتِصَاصُهُمَا) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا يُغْنِي عَمَّا بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاشْتِرَاكُهُمَا) أَيْ لِيَكُونَ الْمَالِكُ آخِذًا بِمِلْكِهِ، وَالْعَامِلُ آخِذًا بِعَمَلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقِيلَ إبْضَاعٌ) الْبِضَاعَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَبْعُوثُ، وَهَذَا قَدْ بَعَثَ الْمَالَ مَعَهُ لِيَتَّجِرَ بِلَا جُعْلٍ.
فَرْعٌ: قَالَ: تُصْرَفُ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ قَرْضٌ، أَوْ كُلُّهُ لِي فَهُوَ إبْضَاعٌ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ وَالْإِبْضَاعِ؛ فَلَوْ