الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَانَتُهُ فِي رُكُوبٍ وَلَا حَمْلٍ. (وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا) كَأَنْ تَعْثُرَ فِي الْمَشْيِ أَوْ تَعْرُجَ فَتَتَخَلَّفَ عَنْ الْقَافِلَةِ. (وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الْمُحْضَرَةِ. (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهَا (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُبْدَلُ وَيَشْتَرِي الْمُكْتَرِي فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ أَبْدَلَ فِي الرَّاجِحِ، وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَفِي الْبَعْضِ قَوْلَانِ وَيُقَالُ وَجْهَانِ وَمَحَلُّهُ، إذَا كَانَ يَجِدُ الطَّعَامَ فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بِسِعْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَعْلَى، فَلَهُ الْإِبْدَالُ قَطْعًا.
فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا
فَيُؤَجَّرُ الْعَبْدُ وَالدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالدَّابَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ. (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِجَارَةِ بِهَا. (وَفِي قَوْلٍ) عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةٍ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ.
(وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، فَيَرْكَبُ وَيُسْكِنُ مِثْلَهُ، وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَقِصَارًا) لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا. (وَمَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبْدَلُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (إذَا أَكَلَ) فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ كَذَلِكَ وَلَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ.
تَنْبِيهٌ: مَتَى مَضَى مُدَّةٌ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِبْدَالِ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا مِنْ الْمُسَمَّى إلَى الْفَسْخِ أَوْ فَرَاغِ الْمُدَّةِ.
فَصْلٌ فِي تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ بِالزَّمَنِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (وَالْأَرْضِ مِائَةَ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ) سَوَاءٌ الْأَرْضُ الْوَقْفُ وَالْمِلْكُ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَلَوْ زَادَ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ نَعَمْ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ زِيدَ بِقَدْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالثَّلَاثِينَ فِي الْعَبْدِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ كَذَلِكَ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فِي الْعَبْدِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّلَاثُونَ سَنَةً فِيهِ، وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ بِبَقِيَّةِ مَا غَلَبَ بَقَاؤُهُمَا إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فِيهِ، وَفِي الْخَطِيبِ مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَوْفِي فِيهِ وَبِهِ، فَيَجُوزُ شَرْطُ مَنْعِ إبْدَالِهِمَا وَيُتَّبَعُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأُولَى حَجَرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَمَّمَ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَقَوْلِهِ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِمَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ إسْكَانِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ قَالَ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت جَازَ إسْكَانُ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ كَ " ازْرَعْ " مَا شِئْت خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَلَا حَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَلَا حَدَّادٍ بِقَصَّارٍ، وَعُكُوسُهَا وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ اهـ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(مُعَيَّنَةٍ) رَاجِعْ إلَى الدَّابَّةِ إذْ الدَّارُ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ إبْدَالُهُ مَعَ التَّلَفِ أَوْ التَّعَيُّبِ وَيَجُوزُ بِدُونِ ذَلِكَ بِالرِّضَا وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَنْفَسِخُ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَيْبِهَا) أَيْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّهُ قَدِيمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ.
فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَ الْخِيَارُ وَلَهُ الْأَرْشُ، ثُمَّ الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ يَتَحَدَّدُ بِمُرُورِ الْأَوْقَاتِ لِحُدُوثِ النَّقْصِ بِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَغَلِطَ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: هُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ إلَخْ) فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ فِي الطَّرِيقِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَأَمَّا الْمَاءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبْدَلُ قَطْعًا.
[فَصْلٌ يَصِحّ عَقْد الْإِجَارَة مُدَّة تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا]
فَصْلٌ: يَصِحُّ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَبْقَى فِيهَا إلَخْ) أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ إلَيْهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، فَمَعَهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا قَطْعًا، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي غَايَةِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا فِي أَقَلِّهَا، فَإِنْ كَانَ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ.
فَرْعٌ: إجَارَةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَكْفِي فِيهَا أَنْ يَقُولَ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا بِخِلَافِ سَوَادِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه مُسْتَثْنًى لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِكَذَا، وَهَلْ لِلْمُؤَذِّنِ الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْقَبُولِ أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ:(لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْمَنْفَعَةِ تَتَأَتَّى فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثِينَ) أَيْ تَقْرِيبًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ عَيْنًا كَالْمَاءِ وَالْحِبْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ: وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ.
فَرْعٌ لَهُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ، دُونَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَالسَّلَمُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، فَلَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ فَلَهُ الِاعْتِيَاضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَقُلْ مُعَيَّنَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً.
أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (لِلْخِيَاطَةِ وَالْإِرْضَاعِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ.
(وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) مَثَلًا (يَدُ أَمَانَةٍ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لَهَا فَيَكُونُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي يَدُ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَيَضْمَنُ مَا يَتْلَفُ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، أَخْذًا مِنْ الْأَصَحِّ السَّابِقِ.
(وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) فَتَلِفَتْ (لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ) لِلِانْتِفَاعِ (لَوْ انْتَفَعَ) بِهَا فِيهِ. (لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ جَاءَ مِنْ رَبْطِهَا وَقْتٍ لِانْتِفَاعٍ بِهَا، كَبَعْضِ النَّهَارِ دُونَ جُنْحِ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ.
(وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ، كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِالْيَدِ، بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ) حَيٌّ يَعْمَلُ (أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ) لِيَعْمَلَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ الْمَالِكُ بِهِ فِي شُغْلِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِالْوَكِيلِ. (وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ) بِالْيَدِ لَا يَضْمَنُ. (فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَامِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا، فَلَا يَضْمَنُ كَعَامِلٍ لِلْقِرَاضِ.
(وَالثَّالِثُ يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مِنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَصَّةٌ، بِالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمُدَّةِ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ عَمَّا إذَا تَعَدَّى، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَطْعًا.
(وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيَقْصِرَهُ، أَوْ خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ) أَيْ قَصَرَهُ أَوْ خَاطَهُ (وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا (وَقِيلَ لَهُ) الْأُجْرَةُ لِاسْتِهْلَاكِ الدَّافِعِ عَمَلَهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ) بِالْأُجْرَةِ (فَلَهُ) الْأُجْرَةُ (وَإِلَّا فَلَا) أُجْرَةَ لَهُ (وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالرِّضَا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ أَوْ تَعَيُّبِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا يَسْتَوْفِي فِيهِ كَالطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَالِارْتِضَاعِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الصَّبِيِّ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ تَصْوِيرِهِ بِتَعَيُّنِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(يَجُوزُ إبْدَالُهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ تَلِفَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: (وَالثَّوْبُ مَثَلًا) وَيَجِبُ فِي الِاسْتِيفَاءِ مُرَاعَاةُ الْعَادَةِ فِي اللُّبْسِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَا يَنَامُ فِي ثَوْبِ التَّجَمُّلِ وَلَوْ نَهَارًا وَلَا فِي غَيْرِهِ لَيْلًا وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَلَا يَتَّزِرُ بِالْقَمِيصِ وَلَا بِالرِّدَاءِ وَلَهُ عَكْسُهُ وَالتَّعْمِيمُ بِهِمَا. قَوْلُهُ:(مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) وَلَهُ السَّفَرُ بِهِمَا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَهَا) وَلَا يُسَافِرُ بِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ كَالْمُودِعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ) أَيْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا إنْ اسْتَعْمَلَ أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، وَكَذَا لَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَضْمَنُ مَا بَعْدَهَا وَخَرَجَ بِ " أَغْلِقْهَا " مَا لَوْ تَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى قِدْرًا لِيَطْبُخَ فِيهِ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ لِيَرُدَّهُ، فَسَقَطَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ الْقِدْرُ فَإِنْ سَهُلَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَلَاقَ بِهِ ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ إلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَبَطَ) أَيْ بِلَا عُذْرٍ مَانِعٍ لَهُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنْ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا انْهَدَمَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ بِغَيْرِ انْهِدَامِ السَّقْفِ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَشَرْحُ شَيْخِنَا يُوَافِقُهُمَا اعْتِمَادًا وَيُخَالِفُهُمَا تَعْلِيلًا، وَنُظِرَ فِي اعْتِمَادِهِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا إمَّا ضَمَانُ جِنَايَةٍ، كَمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَيَتَقَيَّدُ بِالتَّقْصِيرِ وَلَوْ بِغَيْرِ الِانْهِدَامِ كَنَهْشِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، وَإِمَّا ضَمَانُ يَدٍ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ كَالْعَارِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ صَبْغِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَرِكُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَزِمُ فِي ذِمَّتِهِ أَعْمَالًا لِمُتَعَدِّدِينَ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَقَدْ اشْتَرَكُوا فِي مَنْفَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا تَعَدَّى) وَمِنْهُ إسْرَافُ وَقُودِ خَبَّازٍ وَمَوْتُ مُتَعَلِّمٍ بِضَرْبِ مُعَلِّمٍ، وَدَفْعُ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِرَعْيِهِ لِغَيْرِهِ يَرْعَاهُ وَالْقَرَارُ عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ وَعُلِمَ الْحَالُ وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ خَيِّرَانِ. قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا إنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَخَالٍ عَنْهُمَا، نَعَمْ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمَالِكِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِجَازَتُهَا إنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَغُرِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا، وَإِنْ فَسَخَ طَالَبَ الْأَجِيرُ الْأَجْنَبِيَّ بِأُجْرَتِهِ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ، وَصَاحِبُ الصِّبْغِ بِقِيمَةِ صِبْغِهِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَجِيرَ لِحِفْظِ حَانُوتٍ لَا يَضْمَنُ مَتَاعَهَا إذَا سُرِقَ وَمِثْلَهُ الْخُفَرَاءُ.
تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ دَابَّةٍ وَغَيْرِهَا عَلَى مَالِكِهِ وَمِنْهُ نَحْوُ صَابُونٍ وَمَاءٍ لِغَسْلِ ثَوْبٍ اتَّسَخَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ غَسْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (دَفَعَ ثَوْبًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ فَكُلُّ عَمَلٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَحَلْقِ رَأْسٍ. قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً) وَلَا مَا يَقْتَضِيه كَأُرْضِيك أَوْ تَرَى مَا يَسُرُّك أَوْ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُك أَوْ أُطْعِمُك أَوْ لَا أُخَيِّبُ عَمَلَك، وَيَلْزَمُ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيُرْجَعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ. قَوْلُهُ:(فَلَا أُجْرَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ فِي عَامِلِ أَهْلِ تَبَرُّعٍ، وَإِلَّا كَقِنٍّ وَصَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَنَحْوِهِمْ فَيَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ:(وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الشَّيْخَانِ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الِانْفِسَاخِ بِالتَّلَفِ، لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلْعِ الِانْفِسَاخُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مُعَيَّنَةً) هِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ.
هَذَا الْعَمَلُ فِيهِ بِالْعَادَةِ، وَالْمُرَادُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ كَمَا أَفْصَحَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِي.
(وَلَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ نَخْعًا بِاللِّجَامِ (فَوْقَ الْعَادَةِ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الِاثْنَيْنِ. (أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا) دَقَّ. (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لَهَا أَمَّا الضَّرْبُ الْمُعْتَادُ وَنَحْوُهُ إذَا قَضَى إلَى تَلَفٍ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرُ، وَالْحِنْطَةُ أَثْقَلُ فَيَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ. (أَوْ لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ شَعِيرٍ فَحَمَلَ) عَشَرَةً (حِنْطَةً) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلدَّابَّةِ لِزِيَادَةِ ثِقَلِ الْحِنْطَةِ. (دُونَ عَكْسِهِ) لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْجَحِيمِ. (وَلَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً، وَعَشَرَةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ. (فَإِنْ كَانَ) صَاحِبُهَا مَعَهَا. (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ وَفِي قَوْلٍ نِصْفَ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، فَتُوَزَّعُ الْقِيمَةُ بِالْقِسْطِ أَوْ بِالسَّوِيَّةِ، الْأَوَّلُ أَقْرَبُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَأَظْهَرُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ، فَحَمَلَهَا جَاهِلًا) بِالزِّيَادَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ مِائَةٌ كَاذِبًا فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِهَا. (ضَمِنَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ حَمَلَهَا بِنَفْسِهِ، وَفِيمَا يَضْمَنُهُ الْقَوْلَانِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ قَوْلًا لِعَارِضِ الْغُرُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْخِلَافُ أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الضَّمَانِ وَإِنْ حَمَلَهَا عَالَمًا بِالزِّيَادَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ
: (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا. (وَلَا ضَمَانَ إنْ تَلِفَتْ) بِذَلِكَ الدَّابَّةُ سَوَاءٍ غَلِطَ الْمُؤَجِّرُ أَمْ لَا، وَسَوَاءً جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ أَمْ عَلِمَهَا وَسَكَتَ.
(وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ. (فَخَاطَهُ قَبَاءَ وَقَالَ: أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءَ فَقَالَ) الْمَالِكُ (بَلْ قَمِيصًا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَمَعَ اسْتِحْسَانِهِ مَرْجُوحٌ إلَّا فِي دَاخِلِ الْحَمَّامِ، وَرَاكِبِ السَّفِينَةِ بِلَا إذْنٍ فَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ، وَلَا أُجْرَةَ مَعَ الْإِذْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ سَيَّرَ السَّفِينَةَ بِعِلْمِ مَالِكِهِ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) وَقَدْ تُبْدَلُ بِالْفَوْقِيَّةِ أَوْ بِالْمِيمِ وَيُقَالُ أَكْبَحَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَوْقَ الْعَادَةِ) لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَهُوَ رَاجِحٌ لِلْمُسْتَثْنَى قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (صَارَ ضَامِنًا) وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ دَقَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ فِي الْحَدَّادِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا السُّكْنَى وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مَا خَالَفَ عَادَةَ مِثْلِهِ، وَالضَّمَانُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا ضَمَانُ يَدٍ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَلَوْ أَرْكَب مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ فَتَعَدَّى الرَّاكِبُ، فَالْقَرَارُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكَمَا لَوْ حَمَّلَهَا زِيَادَةً عَلَى مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ فَعَارِيَّةً، وَالضَّمَانُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ أَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ، مَعَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلرَّاكِبِ، يَدًا بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ.
فَرْعٌ: اشْتَرَى حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ الدَّابَّةُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ سَيَّرَهَا مَالِكُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) أَيْ ضَمَانَ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا وَفِي الْكَيْلِ إنْ عَدَلَ إلَى الْأَثْقَلِ. قَوْلُهُ: (أَقْفِزَةٌ) جَمْعُ قَفِيزٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا. قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) وَكَذَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ:(غَاصِبًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) إنْ عَلِمَ صَاحِبَهَا. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَحَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (الْقَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا ضَمَانُ الْقِسْطِ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ:(وَإِنْ حَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَلَ) أَوْ حَمَلَ بِلَا وَزْنٍ أَوْ سَبْرٍ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَزَنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا، فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ وَلَا ضَمَانَ لِلدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ:(لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا) فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ رَدُّ الزِّيَادَةِ لِمَحَلِّهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا لَوْ تَلِفَتْ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ) فَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَمُسْتَعِيرٌ، وَيَضْمَنُ الْقِسْطَ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلزَّائِدِ وَلَوْ نَقَصَ الْمَحْمُولُ بِمَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا، لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَفِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَصَاحِبَهَا فَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا لَا
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الْحَانُوتِ إذَا سُرِقَ مَتَاعُهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) يُقَالُ أَيْضًا: بِالْمِيمِ بَدَلَ الْبَاءِ، وَكَذَا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ. وَأَكْبَحَ أَيْضًا فَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ دُونَ مَا إذَا جَهِلَ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ هَذَا السَّبَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (أَقْفِزَةِ) جَمْعُ قَفِيزٍ، وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةَ إلَخْ) أَشَارَ بِالْعَشَرَةِ إلَى اشْتِرَاطِ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى بَيْتًا يَضَعُ فِيهِ مِائَةَ إرْدَبٍّ فَوَضَعَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِيَةُ: قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكُلٍّ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَلَغَتْهُ) بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ) أَيْ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ بِذَلِكَ، فَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ نَافِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ:(وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَمَلَ) خَرَجَ مَا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلِمَ أَوْ جَهِلَ.