الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ. نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ كَثَوْبٍ بِأَنْ أَشَارَ إلَى مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَصِفْهُ أَوْ وَصَفَهُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِخِلَافِهِ، كَعَصِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الصَّدَاقِ بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي وَمِلْكًا لِلزَّوْجِ فِي الثَّالِثِ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُقَدَّرَ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْخَمْرُ عَصِيرًا لَكِنْ يَجِبُ مِثْلُهُ وَكَذَا الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ يَجِبُ مِثْلُهُ، وَالْأَكْثَرُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا الْحُرُّ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ مَهْرِ، الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ هَذَا الْخَمْرُ، وَهَذَا الْمَغْصُوبُ (أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَتَتَخَيَّرُ) هِيَ بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) وَيَأْتِي الْقَوْلَانِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُمَا لِيَشْمَلَ الْمِثْلِيَّ كَانَ أَحْسَنَ. (وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا) ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَةً بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَلَهَا عَنْ الْمَغْصُوبِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِالْمَمْلُوكِ لِإِجَازَتِهَا. .
(وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ، وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ جَمْعِ الصَّفْقَةِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، (وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الثَّوْبِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَمِائَةٍ فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ، وَثُلُثَاهُ صَدَاقٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ، فِي نِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُمَا وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَبْسَطُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيهَا فِي الْمَنَاهِي مِنْ الْبَيْعِ (وَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَأَسْبَابِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ سِتَّةٌ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ وَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَتَفْرِيطُ الْوَلِيِّ وَالْمُخَالَفَةُ وَالدَّوْرُ كَمَا فِي جَعْلِ الْأَمَةِ صَدَاقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصَفَهُ) عَطْفٌ عَلَى أَشَارَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَارَةَ مُنْفَرِدَةٌ وَالْوَصْفَ مُنْفَرِدٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْخَطِيبُ، وَغَيْرُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْوَصْفِ طَرِيقَيْنِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى لَمْ يَصِفْهُ، وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ:(بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا) فَكُلُّ مَا لَيْسَ مَالًا كَذَلِكَ كَالْحَشَرَاتِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَفَارَقَ عَدَمَ وُجُودِ الْعِوَضِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ عَلَى الدَّمِ بِأَنَّ عَدَمَ الْعِوَضِ هُنَا مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَكَذَا عَدَمُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرَ عَصِيرًا) كَذَا قَدَّرُوهُ هُنَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ خَلًّا وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ شَيْئًا بَلْ أَوْجَبُوا قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ كُلِّ مَحِلٍّ بِمَا فِيهِ، فَلْيُنْظَرْ حِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ الْخَمْرِ فَاسِدًا اُعْتُبِرَ لَهُ وَقْتُ صِحَّةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَلًّا أَوْ عَصِيرًا، وَاعْتُبِرَ الْخَلُّ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ لُزُومَهُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَرُبَّمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، فَاعْتُبِرَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ حَالُ الْخَمْرِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَاعْتُبِرَ بِوَقْتٍ سَابِقٍ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ عَصِيرًا وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكِ فَالْعَقْدُ وَقَعَ صَحِيحًا بِالْخَمْرِ عِنْدَهُمْ وَلَمَّا امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ رَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ، وَوَقْتِهِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ غَيْرِ وَقْتِهِ يُؤَدِّي إلَى اعْتِبَارِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صِحَّتِهِ، وَرُبَّمَا يَقَعُ إجْحَافٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَقَلُّ غَالِبًا مِنْ قِيمَةِ الْخَلِّ أَوْ الْعَصِيرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ عَثَرَاتِ الْأَفْهَامِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ دَقَائِقِ نَفَائِسِ الْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ:(بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ) وَكَالْمَغْصُوبِ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ وَكُلُّ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَالدَّمِ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ وَجَبَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا الدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ فَلَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَلَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَهْرُ فِيهِ إذَا انْفَرَدَ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَالْعَدَمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ فِي صُورَتِهِ) وَفِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ إلَّا الدَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَالْمَغْصُوبِ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا كَذَا قِيلَ هُنَا وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ عَصِيرًا وَهُوَ الْوَجْهُ فَلَعَلَّ مَنْ قَدَّرَ الْخَلَّ هُنَا سَرَى إلَيْهِ مِنْ تَقْدِيرِ ذَلِكَ، فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا هُنَا فَهُوَ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. .
قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ لَهَا كَمَا أَفَادَتْهُ الْإِضَافَةُ وَكَانَ لَهُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَإِلَّا بَطَلَا وَرُجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَصُورَةُ الْأَخِيرَةِ، أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَمَلَّكْتُك
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ]
فَصْلٌ
قَوْلُهُ: (نَكَحَهَا بِخَمْرٍ) مِثْلُ ذَلِكَ الدَّمُ، وَنَحْوُهُ لَكِنْ خَالَفُوا ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ فَجَعَلُوهُ رَجْعِيًّا إذَا كَانَ عَلَى دَمٍ وَنَحْوِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيُطْلَبْ الْفَرْقُ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ مَا فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَالْمُفَوِّضَةِ قِيلَ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْخُلْعِ التَّعَرُّضُ لِلْمَسْأَلَةِ وَقَالَ إنَّ قَضِيَّتَهُ فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْخُلْعِ جَعْلُهَا كَالْمُفَوِّضَةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَغْصُوبٌ) فِي مَعْنَاهُ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) عُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا الْعِوَضَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَصَدَهُمَا دُونَ قِيمَةِ الْبُضْعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ، كَانَ أَوْلَى وَالْعَجَبُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَنْكَرَ عَلَى الْغَزَالِيِّ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ وَعَبَّرَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ.
قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ عَصِيرًا) قَدْ قَدَّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَفِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْخَلِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالِاضْطِرَابُ مِمَّا يُؤَيِّدُ الْأَصَحَّ قُوَّةً، وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلُهُ:(وَالْأَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ فَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ الْمَتْنِ مِنْ تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُرَادًا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْنَعُ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا
قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ
نَكَحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فَسَادُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى لِلْأَبِ وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ، وَالتَّخْرِيجُ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ بِالْأَلْفَيْنِ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْأَبِ.
(وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ النِّكَاحُ) ، لِأَنَّ شَأْنَهُ اللُّزُومُ (أَوْ فِي الْمَهْرِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ لَا الْمَهْرِ) ، لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ الْعِوَضَ فِي النِّكَاحِ لَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَا يَسْرِي فَسَادُهُ إلَى النِّكَاحِ لِاسْتِقْلَالِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْمَهْرُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ كَالْبَيْعِ، وَالثَّالِثُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ، وَعَلَى صِحَّتِهِمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا، فَإِنْ أَجَازَتْ فَذَاكَ، وَإِنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ فَسَادِ الْمَهْرِ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا خِيَارٌ.
(وَسَائِرُ الشُّرُوطِ) أَيْ بَاقِيهَا (أَنْ يُوَافِقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ) كَشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ يَقْسِمَ لَهَا (أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا (لَغَا) ذِكْرُ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ (وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ وَإِنْ خَالَفَ) مُقْتَضَى النِّكَاحِ (وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ وَالْمَهْرُ) أَيْضًا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا.
(وَإِنْ أَخَلَّ) بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ (كَأَنْ لَا يَطَأَ أَوْ) أَنْ (يُطَلِّقَ) كَمَا يَقَعُ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ شَرْطُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ (بَطَلَ النِّكَاحُ) لِلْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّارِطُ لِتَرْكِ الْوَطْءِ الزَّوْجَ صَحَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
هَذِهِ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهَا، بِهَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ. قَوْلُهُ:(فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ) فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَمَنَ مِثْلِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ لَمْ تَكُنْ أَذِنَتْ فِيهِ بِدُونِهِ. قَوْلُهُ: (وَثُلُثَاهُ صَدَاقٌ) إنْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا بَطَلَ لَمْ تَأْذَنْ كَذَلِكَ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (يَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَخْ) وَتَرْجِعُ هِيَ فِي الثَّوْبِ إذَا تَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ الْمَذْكُورُ، وَلَهَا بِعَيْبِ الْعَبْدِ رَدُّ حِصَّةِ الثَّوْبِ وَحْدَهَا أَوْ حِصَّةِ الصَّدَاقِ وَحْدَهَا إنْ شَاءَتْ. قَوْلُهُ:(وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَبِيهَا) أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (تُعْطَيْهِ) بِالْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا قَالَ وَهُوَ بِالْفَوْقِيَّةِ وَعْدٌ مِنْهَا لِأَبِيهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَلْفًا) مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْأَلْفُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ أَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لِلتَّمْلِيكِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَعَارِيَّةٍ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِعْطَاءِ لَهَا صَحَّ، وَكَانَ الْمَهْرُ أَلْفَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا يَأْتِي وَسَوَاءٌ صَرَّحَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ أَسْقَطَهُ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا إلَخْ) وَمِنْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَا وَجْهَ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ، لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى لُزُومِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْخِيَارِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ مِنْ جَوَازِ مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْخِيَارِ عَنْ الْمُدَّةِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ أُطْلِقَ فَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَرَاجِعْ. قَوْلُهُ:(أَنْ لَا يَأْكُلَ) اُنْظُرْ هَلْ يَأْتِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ، فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَيَفْسُدُ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ هُنَا، أَوْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَحْدَهُ رَاجِعْهُ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي. قَوْلُهُ:(لَغَا) مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ تَأْكِيدٌ فَعَدَمُ الْفَائِدَةِ فِيهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ وُجُودِ أَمْرٍ زَائِدٍ بِهِ. قَوْلُهُ:(أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهَا عَلَى غَيْرِهِ، لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَجَابَا بِأَنَّهُ عُهِدَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْهُ، وَلَمْ يُعْهَدْ وُجُوبُهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُرَدُّ الِابْنُ فِي الْإِعْفَافِ لِأَنَّهُ سِرُّ أَبِيهِ، وَلَا الْأَمَةُ لِأَنَّ إنْفَاقَ السَّيِّدِ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِيَّةِ لَا بِالنِّيَابَةِ عَنْ الزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يَطَأَ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ الْآمِرَةُ أَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ فِيهِ، وَالِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَوَارُثَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الدِّينِ، وَالِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ كَذَلِكَ، وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَوَارُثَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الدِّينِ، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ إلَّا إنْ أَرَادَ أَوْ إنْ زَالَ الْمَانِعُ. قَوْلُهُ:(كَمَا يَقَعُ إلَخْ) فَمَا هُنَا أَعَمُّ فَلَا تَكْرَارَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ كَانَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَاعْتَبَرُوا هُنَا الْمُبْتَدِئَ بِالشَّرْطِ دُونَ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِيَةِ، لِاجْتِمَاعٍ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ وَحَقُّهُ الْبُطْلَانُ لِقُوَّةِ النِّكَاحِ مَعَ ضَعْفِ الْمُوَافَقَةِ عَنْ التَّصْرِيحِ، فَهُوَ مِنْ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِ الْمُقْتَضِي. قَوْلُهُ:(نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا تَحْتَمِلُ) أَوْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا كَالْمُتَحَيِّرَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) فَلَوْ لَمْ تَحْتَمِلْ
ــ
[حاشية عميرة]
يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّكْرَارِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قَالَ إنَّ الزَّائِدَ هُنَا هُوَ التَّصْوِيرُ لَا غَيْرُ وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، أَنَّ قَوْلَهُ وَيُوَزَّعُ إلَخْ لَمْ يَسْبِقْ هُنَاكَ
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ شَأْنَهُ اللُّزُومُ) أَيْ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَدْخَلَ لِلْخِيَارِ فِيهِ فَيَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِهِ كَالصَّرْفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) هُوَ نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَمِنْهُ خَرَجَ قَوْلٌ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ فَسَدَ فِيهِ الصَّدَاقُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى التَّخْرِيجَ، وَقَالَ إنَّ دُخُولَ الْخِيَارِ فِي الْبَدَلِ كَدُخُولِهِ فِي الْمُبْدَلِ أَيْ فَلَيْسَ الْفَسَادُ بِغَيْرِ الْخِيَارِ كَالْفَسَادِ بِهِ، فَلَا تَخْرِيجَ قَوْلُهُ:(وَعَلَى صِحَّتِهِمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَيْثُ ثَبَتَ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهُ لِلزَّوْجَيْنِ
قَوْلُهُ: (لَغَا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَيْسَ بَاطِلًا بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ يَعْنِي فِيمَا يُوَافِقُ مُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ قَالَ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيَّ بَلْ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ فِي جَعْلِهِمْ التَّزْوِيجَ عَلَيْهَا مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِمَقْصُودِهِ إلَخْ. لَكَانَ وَاضِحًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِثَالًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يَطَأُ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً. قَوْلُهُ: (كَمَا يَقَعُ فِي نِكَاحِ الْمَجْلِسِ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا تَكْرَارُ فِي الْكِتَابِ فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ التَّطْلِيقِ كَمَا زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ السَّابِقَ فِي التَّحْلِيلِ شَرْطُ طَلَاقٍ بَعْدَ الْوَطْءِ وَهُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ) أَيْ لَا عَلَى عَدَدٍ، رُءُوسِهِنَّ كَمَا قِيلَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (بِدُونِهِ إلَخْ) لَوْ زَوَّجَ
لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّهُ، فَلَهُ تَرْكُهُ بِخِلَافِهِ فِيهَا نَعَمْ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ فِي الْحَالِ إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَى زَمَنِ الِاحْتِمَالِ صَحَّ، لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. .
(وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ) وَاحِدٍ كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِنَّ أَبُو آبَائِهِنَّ، أَوْ مُعْتِقُهُنَّ، أَوْ وَكِيلٌ عَنْ أَوْلِيَائِهِنَّ (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ) لِلْجَهْلِ، بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُنَّ فِي الْحَالِ (وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ) وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيُوَزَّعُ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ.
(وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، (أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً) كَالْمَجْنُونَةِ وَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ (أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ (فَسَدَ الْمُسَمَّى) ، لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ) وَالثَّانِي فَسَادُهُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ عَقَدَ لِابْنَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ حَذَرًا مِنْ أَضْرَارِ الِابْنِ بِلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنْتًا بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ نُونٍ كَمَا ضَبَطَهُ بِخَطِّهِ، وَلَا فِي قَوْلِهِ لَا رَشِيدَةً اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرٍ ظَهَرَ إعْرَابُهَا، فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ أَيْ فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْبِكْرِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِي إنْكَاحِهَا إلَى إذْنٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَنْ يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ.
(وَلَوْ تَوَافَقُوا عَلَى مَهْرٍ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عَقَدَ بِهِ) فَإِنْ عَقَدَ سِرًّا بِأَلْفٍ ثُمَّ أُعِيدَ الْعَقْدُ عَلَانِيَةً بِأَلْفَيْنِ تَجَمُّلًا فَالْوَاجِبُ أَلْفٌ وَإِنْ تَوَافَقُوا سِرًّا عَلَى أَلْفٍ مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَانِيَةً بِأَلْفَيْنِ، فَالْوَاجِبُ أَلْفَانِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إثْبَاتُ قَوْلَيْنِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ نَظَرًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِمَهْرِ السِّرِّ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُمَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا نَظَرًا فِي مَهْرِ الْعَلَانِيَةِ إلَيْهَا، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ تَوَافُقُ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى مُسَاعَدَةِ الْمَرْأَةِ.
(وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ، فَنَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ النِّكَاحُ) ، لِلْمُخَالَفَةِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (فَلَوْ أَطْلَقَتْ) بِأَنْ سَكَتَتْ عَنْ الْمَهْرِ (فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ بَطَلَ) النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ قُلْت الْأَظْهَرُ صِحَّةُ
ــ
[حاشية قليوبي]
أَبَدًا وَشُرِطَ أَيْضًا عَدَمُهُ أَبَدًا لَمْ يَضُرَّ. قَوْلُهُ: (إلَى زَمَنِ الِاحْتِمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ خُصُوصًا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ وَهُوَ وَجِيهٌ.
قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا) أَيْ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَيْهِ مَثَلًا بِمَهْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَهُ وَإِذَا فُسِخَ فِي أَحَدَيْهِمَا وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرٍ مِنْ مِثْلِهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ نُكِحَ لِطِفْلٍ) أَيْ لَائِقَةٌ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: (الْمَجْنُونُ) وَكَذَا السَّفِيهُ. قَوْلُهُ: (فَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى إلَخْ) وَأَمَّا النِّكَاحُ فَصَحِيحٌ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (حَذَرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْوَلَدِ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْأَبِ، فَسَقَطَ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ نُونٍ) أَيْ لَا بِمُثَلَّثَةٍ ثُمَّ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ تَقْيِيدِ الَّتِي بَعْدَهَا بِالْبِكْرِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي هَذِهِ بَاطِلٌ.
قَوْلُهُ: (مَا عَقَدَ بِهِ) أَوْ مَا سَبَقَ الْعَقْدَ بِهِ لَوْ تَكَرَّرَ. قَوْلُهُ: (فَالْوَاجِبُ أَلْفَانِ) فَإِنْ صَرَّحُوا فِي الْعَقْدِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَلْفٌ فَسَدَ الْمَهْرُ وَرُجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ إلَخْ) تَصْحِيحٌ لِضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي تَوَافَقُوا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَتْ) أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ، كَمَا وَعَدَ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ:(فَنَقَصَ عَنْهُ) وَإِنْ كَانَ مَا عُقِدَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ فِي سَفِيهَةٍ تَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(بَطَلَ النِّكَاحُ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا سَيَأْتِي إلَّا إذَا لَزِمَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بُطْلَانُ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ إنْ رَضِيَ بِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي النِّكَاحِ إذَا نَقَصَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ لِوَكِيلِهِ بَطَلَ النِّكَاحُ أَيْضًا وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا وَخَرَجَ بِالنَّقْصِ مَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا عَيَّنَتْهُ، فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ بَطَلَ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَتْهُ وَإِلَّا صَحَّ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَأْتِي وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَفِي قَوْلٍ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ وَإِفَادَةُ أَنَّ فِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا قَوْلَانِ فَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبٌ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية عميرة]
ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ بِعَرْضٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ: قَالَ الْبَغَوِيّ جَازَ كَبَيْعِ مَالِهَا عِنْدَ النَّظَرِ فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ يَصِحَّ يَعْنِي الْمَهْرُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَيَانِ مِثْلُهُ، قَالَ وَمِثْلُ الْبَالِغَةِ مَا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ. اهـ وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَهْرِ. أَمَّا النِّكَاحُ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فِي قَوْلِهِ إلَخْ) هُوَ رَدٌّ عَلَى مَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنْ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68]{لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35]
قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَتَّجِهُ خِلَافٌ فِيهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ) هُوَ تَوْجِيهٌ لِضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ، إنَّمَا هُوَ طَرِيقُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ الْآتِي وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إلَخْ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا فَيَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فِي الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(قُلْت الْأَظْهَرُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا وَلَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ الزَّائِدَ عَلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَشْهَدُ لَهُ فِي نِكَاحِ الْمُجْبَرِ بِدُونِ مَهْرٍ وَقَدْ وَافَقَ الرَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَيْضًا وَافَقَ عَلَى صِحَّتِهِ فِي السَّفِيهَةِ كَمَا سَلَفَ وَأَيْضًا لَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ لِشَخْصٍ فِي الْخُلْعِ فَاخْتَلَعَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الرَّافِعِيِّ رحمه الله.