الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا غَرِمَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ تَعَلَّقَ الْمَالُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهَا فِي الْخُلْعِ ذِمِّيًّا أَيْضًا (وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ) فِي الْخُلْعِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ وَالْمُوَكِّلَ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا) ، لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك، وَذَلِكَ إمَّا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَذَاكَ أَوْ تَمْلِيكًا فَمَنْ جَازَ تَمْلِيكُهُ الشَّيْءَ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ وَكَّلَتْ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلَاعِهَا جَازَ بِلَا خِلَافٍ لِاسْتِقْلَالِ الْمَرْأَةِ بِالِاخْتِلَاعِ، (وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ (تَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُ مَعَ أَحَد الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا وَعَلَى هَذَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ شِقَّيْ الْخُلْعِ خِلَافٌ كَمَا فِي بَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ وَلَدِهِ.
فَصْلٌ: الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ
طَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ، فَإِذَا خَالَعَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَنْكِحْهَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ، (وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا) وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَفْظُ الْفَسْخِ) كَأَنْ قَالَ فَسَخْت نِكَاحَك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ (كِنَايَةٌ) فِي الطَّلَاقِ يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى نِيَّةٍ كَمَا أَنَّهُ قَوْلُ الْفَسْخِ صَرِيحٌ فِيهِ.
(وَالْمُفَادَاةُ) كَأَنْ قَالَ فَدَيْتُك بِكَذَا، فَقَالَتْ قَبِلْت أَوْ افْتَدَيْت.
ــ
[حاشية قليوبي]
يَأْذَنْ السَّيِّدُ لَهُ وَتُطَالَبُ هِيَ حَالًا إنْ قُلْنَا إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ:(إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ) كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُ الرُّجُوعُ فِي الْإِطْلَاقِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَيَرْجِعُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ. قَوْلُهُ: (بِكَسْبِ الْعَبْدِ) وَمَا فِي يَدِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ السَّيِّدُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ذِمِّيًّا) وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَيْ بِالسَّفَهِ فِي الْخُلْعِ، وَلَا فِي قَبْضِ الْعِوَضِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ نَعَمْ إنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ، وَالسَّيِّدُ صَحَّ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا أَوْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى دَفْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَمْلِيكًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَأْتِي لِلنِّكَاحِ وَهِيَ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِيهِ.
فَصْلٌ فِي ذِكْرِ صِيغَةِ الْخُلْعِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُتَكَرِّرًا وَمَحِلُّ كَوْنِهِ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ:(إنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِي فِيهِ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفَادَاةُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَكَذَا مَصْدَرُهَا وَلَفْظُ الْخُلْعِ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ الْمَصَادِرُ هُنَا صَرَائِحَ بِشَرْطِهِ بِخِلَافِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحُ، وَالْفِرَاقُ لِوُجُودِ الِاشْتِهَارِ وَالِاسْتِعْمَالِ هُنَا، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الصَّرَاحَةَ هُنَا مِنْ انْضِمَامِ ذِكْرِ الْمَالِ مَثَلًا كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِالْمَالِ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الزَّوْجَةِ الْآنَ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَلَفَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ الْحُرِّ الرَّشِيدِ. قَوْلُهُ:(فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ) خَصَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ، قَالَ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ:(أَوْ طَلَاقَهَا) يُسْتَثْنَى مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي طَلَاقِ بَعْضِهِمْ لِتَضُمّنِ ذَلِكَ الِاخْتِيَارِ.
[فَصْلٌ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]
فَصْلٌ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْفُرْقَةِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ جَزْمًا قَوْلُهُ: (طَلَاقٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الصَّرَاحَةُ وَعَدَمُهَا فَسَتَأْتِي قَوْلُهُ:(يَنْقُصُ) خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ فَسْخٍ إلَخْ) هَذَا الْقَائِلُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] إلَخْ. فَإِنَّ تَعْقِيبَهُ لِلْخَلْعِ بَعْدَ ذِكْرِ الطَّلْقَتَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ طَلْقَةً رَابِعَةً، لَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ {مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]، وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ الْخُلْعِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مَجَّانًا تَارَةً وَبِعِوَضٍ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيَّيْنِ مَحِلُّ الْخِلَاف إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا لَكَانَ طَلَاقًا جَزْمًا لَكِنْ حَكَى الْإِمَامُ خِلَافًا فِي انْصِرَافِ الْخُلْعِ إلَى الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ إنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا قَالَ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى الْمَنْعِ. قَوْلُهُ:(أَيْضًا وَفِي قَوْلِ فَسْخٍ) بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ كَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَلَيْسَ بَصَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا فِيهِ. قَوْلُهُ:(كَمَا أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفَادَاةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَفْظُ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ قَبِلْت إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى دَفْعِ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الْمُفَادَاةِ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا. أَخْذًا مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَادَاةِ قَوْلُهُ فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ. عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ أَيْ كَلَفْظِ الْخُلْعِ فَيَجِيءُ الْقَوْلَانِ لِوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ وَصُورَتُهُ
(كَخُلْعٍ) فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ، (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ قَالَ تَعَالَى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] . وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ جَزْمًا لِأَنَّهُ، لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا شَاعَ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ
(وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ لِشُيُوعِهِ فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ كِنَايَةٌ) فِيهِ، حَطًّا لَهُ عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ.
(فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) ، كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ فَقَبِلَتْ، (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ) ، لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ عَلَى الْمَالِ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ رَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ الْمُرَادُ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْعِوَضِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي عَلَى الثَّانِي، أَيْضًا لَكِنْ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ.
(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ،
ــ
[حاشية قليوبي]
كَخُلْعٍ) هُوَ خَبَرُ الْمُفَادَاةِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ:(فِي صَرَاحَتِهِ الْأَتِيَّةِ) فَالتَّشْبِيهُ لِمَا يَأْتِي لَا لِمَا مَضَى الْمُقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا طَلَاقٌ، أَوْ فَسْخٌ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَمَا سَلَكَهُ فِيهِ الشَّارِحُ أَقْعَدُ بَلْ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ إحَالَةِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (جَزْمًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ، بِالْأَصَحِّ طَرِيقٌ حَاكِيَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَيْضًا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا هُوَ الْقَوْلُ بِالصَّرَاحَةِ الْمُخَالِفِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ) لَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) أَيْ وَبِغَيْرِ نِيَّتِهِ لِأَنَّهَا كَذِكْرِهِ وَجَرَيَانُهُ مَعَ أَحَدِهِمَا صَرِيحٌ بِلَا خِلَافٍ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا، وَقَبِلَتْ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الصَّرَاحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَهُوَ كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ قَبِلَتْ فِيهِمَا، أَوْ لَا وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ وَقَعَ رَجْعِيًّا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ إنْ جَرَى الْخُلْعُ مَعَهَا وَهِيَ أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا وَقَعَ رَجْعِيًّا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ إنْ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا، وَقَبِلَتْ لِأَنَّهُ مَحِلُّ كَوْنِهِ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ عِنْدَهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يُضْمِرْ، مَا ذَكَرَ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ بِلَا خِلَافٍ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ مَعَ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ذِكْرُ الْمَالِ أَوْ نِيَّتُهُ أَوْ إضْمَارُ قَبُولِهَا، وَيَقَعُ
ــ
[حاشية عميرة]
فَدَيْتُك بِأَلْفٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَمْ يَشْتَهِرْ اهـ. قُلْت مِنْ تَعْلِيلِ هَذَا الثَّانِي وَكَذَا الْأَوَّلُ وَيَتَّضِحُ لَهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْمَتْنِ لَا السَّابِقَانِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ جَزْمًا) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا، أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يَجْرِي فِيهِ قَوْلَا الْخُلْعِ الْآتِيَانِ، لَكِنْ رُبَّمَا يَأْبَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَرَاحَتِهِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ: (وَلَا شَاعَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْخُلْعِ.
قَوْلُهُ: (وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَفْظُ الْفَسْخِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا ذَكَرَ الْعِوَضَ كَمَا قَيَّدَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ بَعْدَ فِعْلِي الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صَرَاحَتِهِ ذِكْرُ الْعِوَضِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ كِنَايَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا.
قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا يُفِيدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ جَزْمًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ اهـ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحٌ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ مَعَ وُجُودِ مُصَحِّحٍ، وَهُوَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِهِ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثُبُوتُ الْمَالِ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرُّويَانِيِّ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْمَالَ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا أَوْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً وَنَوَى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ كِنَايَةً وَلَمْ يَنْوِ لَغَا. اهـ وَفِي الرَّافِعِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَأْخَذِ الْقَوْلَيْنِ يَعْنِي الصَّرَاحَةَ وَالْكِنَايَةَ، فَعَنْ الْأَكْثَرِينَ بِنَاؤُهُمَا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ إذَا شَاعَ فِي الْعُرْفِ، وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْمَالِ هَلْ يَلْحَقُ بِالصَّرِيحِ فَمَنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ أَثْبَتَ الْخِلَافَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ الْمَالِ وَمَنْ أَخَذَ بِالثَّانِي قَالَ إذَا لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ الْمَالِ فَهُوَ كِنَايَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَفِي الْعُجَالَةِ تَعْلِيلُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كِنَايَةً فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَ كِنَايَةً فِيهِ مَعَ الْعِوَضِ كَسَائِرِ كِنَايَاتِهِ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ فَقَطْ، وَلَمْ يَلْتَمِسْ جَوَابًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا. أَنَّهُ صَرِيحٌ، اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَحِلَّ الَّذِي حَاوَلَهُ الْعِرَاقِيُّ يَأْبَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي عَلَى الثَّانِي أَيْضًا إلَخْ. قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) أَيْ عِوَضٍ قَوْلُهُ: (لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَى عَلَى خُلُوٍّ أَوْ خِنْزِيرٍ مَثَلًا وَكَمَا فِي النِّكَاحِ.