الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِبَاقِي الْخِصَالِ) كَالنَّسَبِ وَالْحِرْفَةِ، (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِقْرَاضِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ غِبْطَةٌ.
فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ
لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، (وَكَذَا) أَيْ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ (كَبِيرٌ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (فَوَاحِدَةٌ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا، وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ السُّلْطَانُ دُونَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَوِلَايَةِ الْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ
، (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ دُونَ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَانْتِفَاءِ كَمَالِ الشَّفَقَةِ
(وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ) فِي تَزْوِيجِهَا، (وَلَا تُشْتَرَط الْحَاجَةُ) إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُفِيدُهَا الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ، (وَسَوَاءٌ) فِي جَوَازِ التَّزْوِيجِ (صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجَ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، (فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلِي مَالَهَا لَكِنْ بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا وُجُوبًا فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَنَدْبًا فِي آخَرَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا الْقَرِيبُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مَقَامَ إذْنِهَا (لِلْحَاجَةِ) كَأَنْ تَظْهَرَ عَلَامَاتُ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (لَا لِمَصْلَحَةٍ) مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا، (فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ السُّلْطَانُ بِالْمُجْبِرِ
(وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ تَبْذِيرٍ فِي مَالِهِ (لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ) لِئَلَّا يُفْنِيَ مَالَهُ فِي مُؤْنَةٍ (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ) بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْإِذْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، وَقِيلَ بِقَوْلِهِ لَا يُرَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ تَكْفِي فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَلِيُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْحَجْرُ هُنَا بِجُنُونٍ أَصْغَرَ أَوْ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ. قَوْلُهُ: (لَا يُزَوَّجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَجْنُونٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَاحْتَاجَ إلَى الْخِدْمَةِ وَظَهَرَ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَالْخِدْمَةِ وَمَعْنَى الْجَوَازِ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ الْمُرَادِ بِالْحَاجَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ:(فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَلَوْ بِأَمَةٍ لَا بِمَعِيبَةٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُيُوبِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا) وَلَا نَظَرَ لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ، الْمُطْبِقِ جُنُونُهُ وَإِلَّا فَلَا يُزَوَّجُ إلَّا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَإِذْنِهِ وَكَالْمَجْنُونِ مُخْتَلُّ الْعَقْلِ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ:(وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ فِي السُّلْطَانِ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْوَصِيُّ فَهُوَ كَالْعَصَبَاتِ فَلَا يُزَوِّجُهُ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ) أَيْ لِلْوَلِيِّ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْسُوحٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) وَلَوْ أَرْبَعًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ مَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ) وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ بِاخْتِيَارِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ) أَيْ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا مَعَ الْحَاجَةِ وَاجِبٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَثَيِّبٌ) وَفَارَقَ الصَّغِيرَةَ الْعَاقِلَةَ بِأَنَّ لَهَا أَمَدًا يَنْتَظِرُ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) فَالْجَوَازُ فِيهَا الشَّامِلُ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (زَوَّجَهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ الْوِلَايَةُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا فِي وَجْهٍ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُرَادُ بِالْأَقَارِبِ عَلَى هَذَا الْعَمُّ الشَّامِلُ لِلْخَالِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ السُّلْطَانِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا الْخِدْمَةَ وَالنَّفَقَةَ وَنَحْوَهُمَا فَنَفْيُهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ فِيمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْحَاجَةِ لِلْخِدْمَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَيْ تَبْذِيرٌ فِي مَالِهِ) حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَجْرِ الْحِسِّيِّ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بِطُرُوِّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ فَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ مَنْ وُصِفَ بِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالرَّشِيدِ. قَوْلُهُ:(بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَعَاضِلٌ، وَلَهُ التَّزْوِيجُ، بِلَا إذْنٍ إنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ إنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْوَصِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ]
فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَاحِدَةً) أَيْ وَلَوْ أَمَةً بِشَرْطِهَا وَيَجُوزُ فِي وَاحِدَةٍ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ السُّلْطَانُ إلَخْ) وَيَأْتِي فِي مُرَاجَعَةِ الْأَقَارِبِ مَا سَيَأْتِي فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ.
قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا فِي آخِرٍ) عَلَى هَذَا يُقَالُ: لَنَا مَوْضِعٌ يُزَوِّجُ فِيهِ السُّلْطَانُ جَبْرًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ أَحَدٍ وَهُوَ هَذَا دُونَ غَيْرِهِ.
(وَعَيَّنَ امْرَأَةً لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِلزِّيَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْمُسَمَّى وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ قَالَ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) ، فَإِنْ نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى، أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَغَا الزَّائِدُ، وَلَوْ قَالَ أَنْكِحُ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَنَكَحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَغَا الزَّائِدُ، (وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) ، فَقَالَ تَزَوَّجْ (فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَالثَّانِي يَلْغُو وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَنْكِحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ، (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) ، فَإِنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَغَا الزَّائِدُ، وَإِنْ نَكَحَ الشَّرِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَالْإِذْنُ لِلسَّفِيهِ لَا يُفِيدُهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ، (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا، فَلَا يَحْتَاجُ فِي فِعْلِهَا إلَى إذْنٍ كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ، (وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ) لِمَنْ تَلِيقُ بِهِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) لِلزِّيَادَةِ
(وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ) فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ سَفَهَهُ لِلتَّفْرِيطِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ) لِيَتَمَيَّزَ النِّكَاحُ عَنْ السِّفَاحِ
، (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَلَهُ ذِمَّةٌ، (وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِهِ
(وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، (وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَاجَةُ النِّكَاحِ فَقَطْ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَكَذَا حَاجَةُ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَادُ إلَخْ) أَيْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِهَا، وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فَيُزَادُ لِلْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ سَرَّى أَمَةً فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهَا أُبْدِلَتْ، وَلَوْ تَبَرَّمَ بِالزَّوْجَةِ كَأَنْ جُنَّتْ مَثَلًا تُرِكَتْ تَحْتَهُ وَيُزَوَّجُ غَيْرُهَا عَيْنًا إنْ عَيَّنَّهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصْلَحِ مِنْ تَسَرٍّ أَوْ تَزْوِيجٍ. قَوْلُهُ:(وَعَيَّنَ امْرَأَةً) أَيْ لَائِقَةً بِهِ وَكَذَا فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا) فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً وَزَادَتْ جَمَالًا أَوْ حَسَبًا أَوْ دِينًا صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِهِ مِنْ اعْتِبَارِ نَقْصِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ غَيْرُ مُرَادٍ. قَوْلُهُ:(الْمُعَيَّنُ) أَيْ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ نَكَحَ لَهُ الْوَلِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ، قَوْلُهُ:(بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا غَيْرَ مَا عَيَّنَهَا لِوَلِيٍّ، وَلَوْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ:(لَغَا الزَّائِدُ) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ زَائِدًا عَلَى الْأَلْفِ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ النِّكَاحُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ أَنْ يَكُونَ مَا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَدْرِ فِيمَا مَرَّ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِ لَائِقَةٍ بِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ لَائِقَةٍ بِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ لَائِقَةٍ بِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إخْدَامُهَا فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ نَظِيرُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَغَا الْمُسَمَّى كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) أَيْ صَحِيحٍ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت فَإِنَّ الْإِذْنَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا نَكَحَ لَائِقَةً بِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ، كَمَا فِي الْعَبْدِ وَفَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِمَالِكَةٍ أَمَرَهَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ الْحُرَّةُ الرَّشِيدَةُ الْمُخْتَارَةُ.
قَوْلُهُ: (فِي كَسْبِهِ) فَيُسْتَثْنَى مَنْ تَعَلَّقَ الْحَجْرُ بِهِ فِي الْغُرَمَاءِ.
قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ وَطِئَ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ مُطْلَقًا، وَيَتَعَلَّقُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الزَّائِدُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) قَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِثْلَ مَقَالَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، فِيمَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى الْبَغَوِيّ بَيْنَهُمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا. قَوْلُهُ:(الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلِهِ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا وَفْقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مُتَصَرِّفٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا فِي مَالِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ:(كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ) أَيْ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِالْمُطَاوَعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِحَالَةِ جَهْلِ السَّفَهِ وَالْحَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْحَالَيْنِ. اهـ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ حَالَةَ الْجَهْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَقَّهَا بَطَلَ بِالتَّمْكِينِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَالسَّفِيهِ.
بَلَدٍ وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ) مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ فَإِنْ عَدَلَ بَطَلَ النِّكَاحُ نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَلَهُ فِي إطْلَاقِ الْإِذْنِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا، وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى وَلَوْ طَلَّقَ لَمْ يَنْكِحْ أُخْرَى إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارٌ عَبْدِهِ عَلَى النِّكَاحِ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ وَالثَّانِي لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ يُكْرِهَهُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي، وَالثَّالِثُ لَهُ إجْبَارُ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ، (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ فِي الْأَظْهَرِ لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ تَشْوِيشِ مَقَاصِدِ الْمِلْكِ وَفَوَائِدِهِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْفَاحِشَةِ، (وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) عَلَى النِّكَاحِ، (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَعَقْلٍ وَجُنُونٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَبِهَذَا تُفَارِقُ الْعَبْدَ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ تَزْوِيجَهَا بِرَقِيقٍ، وَدَنِيءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا. (فَإِنْ طَلَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَيُفَوِّتُ الِاسْتِمْتَاعَ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ، (وَقِيلَ إنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) مُؤَبَّدًا كَأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ (لَزِمَهُ) إذْ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءُ شَهْوَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ إعْفَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ مَلَكَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْأُخْرَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ قَدْ يَزُولُ فَتَتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ، (وَإِذَا زَوَّجَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ رِعَايَةِ الْحَظِّ حَتَّى إنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، كَمَا تَقَدَّمَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ مَجْذُومٍ وَنَحْوِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِهِ (فَيُزَوِّجُ) تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ (مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِذِمَّتِهِ فِي مَالِكَةٍ أَمَرَهَا وَبِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ إذَا رَدَّ لَغَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي مَالِكَةٍ أَمْرَهَا، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا الْمُجْبَرَةُ نَعَمْ إنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ:(إذَا عَتَقَ) أَيْ كُلُّهُ كَمَا مَرَّ فِي ابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِتَعْمِيمِهِ كَقَوْلِهِ: انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ، وَالزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ كَالزَّائِدِ عَلَى الْمُقَدَّرِ. قَوْلُهُ:(فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ) أَيْ بَلَدِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِذْنِ فَلَوْ نَكَحَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ لَمْ يَصِحَّ. كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ) خَرَجَ الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ لَهُ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُهُ:(أُخْرَى) وَكَذَا مَنْ طَلَّقَهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَلَهُ نِكَاحُ غَيْرِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِلَا إذْنٍ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ إلَّا لِمَانِعٍ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُزَوِّجَهُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ لَهُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوَلِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَفَرَّقَ بِدَوَامِ الْحَجْرِ هُنَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ)(إجْبَارُ أَمَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ مَرْهُونَةٌ إلَّا لِلْمُرْتَهِنِ. أَوْ بِإِذْنِهِ، وَلَا أَمَةُ مُفْلِسٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا أَمَةُ قِرَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ، وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَلَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا صَحَّ التَّزْوِيجُ وَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِأَنَّ فِيهِ فَوَاتَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَةَ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، بَلْ لَوْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ:(لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) وَكَذَا الْحِرْفَةُ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا) أَيْ يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ تَضْمَحِلُّ مَعَهُ الْخِصَالُ. قَوْلُهُ: (مُؤَبَّدًا) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ عَدَمُ لُزُومِهِ تَزْوِيجَهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ بَلْ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إلَّا بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَيَجِبُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهَا إنْ أَمْكَنَ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) . لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ وَكَانَ الْفَرْقُ كَوْنَ الرَّقِيقِ صَالِحًا لِلتَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى سِوَى إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا كَذَلِكَ السَّفِيهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إجْبَارُ عَبْدِهِ) يُقَالُ جَبَرَهُ عَلَى كَذَا وَأَجْبَرَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي تَزْوِيجِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَلَفَ، وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ إجْبَارِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ دُونَ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ، بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ بَقَائِهَا، فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَةِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مَحَلُّهَا عِنْدَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْآتِي فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّالِثُ) حَكَى عَكْسَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْكَبِيرِ غَرَضًا فِي صِيَانَةِ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (إجْبَارٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّضَاعِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي بَابَيْ التَّحْلِيلِ وَالرَّضَاعِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ إلَخْ) . هُوَ صَادِقٌ بِأَمَةِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا زَوَّجَهَا إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ مُطَرِّدٌ فِي الْعَبْدِ عَلَى قَوْلِ الْإِجْبَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا.