الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمُوَافَقَتِهِ فِيمَا نَفَاهُ لِلْأَصْلِ (أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا لِلْقِرَاضِ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا (أَوْلَى) وَكَانَ رَابِحًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ (وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ (وَدَعْوَى التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فَإِنْ ذُكِرَ سَبَبُهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَكَذَا دَعْوَى الرَّدِّ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي لَا كَالْمُرْتَهِنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَتِهِ وَالْعَامِلُ قَبَضَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْعَمَلِ (وَلَوْ)(اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) كَأَنْ قَالَ شَرَطْت لِي النِّصْفَ وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ الثُّلُثَ (تَحَالَفَا) كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ وَلِلْمَالِكِ الرِّبْحُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ أَمْ بِالْفَسْخِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ.
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
هِيَ أَنْ يُعَامِلَ إنْسَانًا عَلَى شَجَرَةٍ لِيَتَعَهَّدَهَا بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثَمَرٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا
وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِنَفْسِهِ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (أَوْلَى) نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا يَقَعُ لِلْقِرَاضِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ:(أَوْ لَمْ تَنْهَنِي إلَخْ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ مِنْهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى التَّلَفِ) وَكَذَا فِيمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْ حِصَّتِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ الْأَصَحَّ فِي الشَّرِكَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الْعَامِلُ إنَّهُ قِرَاضٌ، وَالْمَالِكُ إنَّهُ قَرْضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ قَبْلَ تَلَفِ الْمَالِ، وَالْمَالِكُ بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ قَرْضٌ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(وَانْتِفَاعُهُ بِالْعَمَلِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ أَيْ حَاصِلٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) وَيَتَّجِهُ الْبُدَاءَةُ بِالْمَالِكِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَمُدَّعَى الْعَامِلِ أَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ، أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ. قَوْلُهُ:(حُكْمُ الْبَيْعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ
مَأْخُوذَةٌ لُغَةً مِنْ السَّقْيِ بِسُكُونِ الْقَافِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ أَعْمَالِهَا أَوْ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ وَنُسِبَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعِنَبُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ النَّخْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِنَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(هِيَ) أَيْ شَرْعًا أَنْ يُعَامِلَ إلَخْ فَأَرْكَانُهَا سِتَّةٌ: صِيغَةٌ، وَعَاقِدَانِ وَعَمَلٌ وَثَمَرٌ وَمَوْرِدٌ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) وَجَوَّزَهَا مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ الْمُجْمِعِ عَلَيْهِ وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَابَ عَنْ الْخَبَرِ. بِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْكَفَّارَةِ يُحْتَمَلُ فِيهَا الْجَهَالَةُ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَلِأَجْلِ هَذَا الْخِلَافِ قُدِّمَ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ إنَّهَا أَصْلٌ لِلْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَمَّا دَعَتْ إلَيْهَا بِكَوْنِ الْمَالِكِ قَدْ لَا يُحْسِنُ التَّعَهُّدَ وَمَنْ يُحْسِنُهُ قَدْ لَا يَمْلِكُ أَشْجَارًا فَجُوِّزَتْ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِرَاضِ فَجُوِّزَ أَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْقِرَاضِ وَشَبَهًا مِنْ الْإِجَارَةِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ:(عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ) وَفِي رِوَايَةٍ دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ أَرْضَهَا وَنَخْلَهَا، فَالْمُرَادُ بِالثَّمَرِ ثَمَرُ النَّخْلِ. قَوْلُهُ:(أَوْ زَرْعٍ) هُوَ الْمُزَارَعَةُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهَا. قَوْلُهُ:(مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ إلَخْ) أَيْ مَعَ مِثْلِهِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدَيْنِ مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا بَعْدَهُ وَلِدَفْعِ إيرَادِ أَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمِثْلِهِمَا السَّفِيهُ وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ
ــ
[حاشية عميرة]
مِنْهُ يَرْجِعُ لِلْمَالِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ، وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا دَعْوَى) لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدِي حِصَّتِي. قَالَ الْإِمَامُ: صُدِّقَ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُمْ صَحَّحُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عَدَمَ التَّصْدِيقِ.
فَرْعٌ: اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ، وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فَادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَالْآخِذُ الْقِرَاضَ صُدِّقَ الْآخِذُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِي الْمُرَجَّحِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ، الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِقَبْضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَدَّعِيه الْعَامِلُ.
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَا اعْتَادَ النَّاسُ الْآنَ مِنْ الرَّفْعِ فِي أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَتَقْلِيلِ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْمَالِكِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَجُوزُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يَتَّجِهُ إذَا نَزَّلْنَا الْكُلَّ مَنْزِلَةَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعِيدٌ. وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَلِكَ، وَالْوِلَايَةَ وَالشَّارِحُ رحمه الله أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: لِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ: لِيَشْمَلَ السَّفِيهَ كَانَ أَوْلَى.
فَرْعٌ: مِثْلُ الْوَلِيِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ.
(وَمَوْرِدُهَا) فِي الْأَصْلِ (النَّخْلُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَالْعِنَبُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ لِلْحَاجَةِ وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تَنْمُو مِنْ غَيْرِ تَعَهُّدٍ بِخِلَافِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَعَلَى الْمَنْعِ لَوْ كَانَتْ بَيْنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَعَلَى الْمَنْعِ لَوْ كَانَتْ بَيْنَ النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ فَسَاقَى عَلَيْهَا مَعَهُ تَبَعًا فَفِيهَا وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ وَمَا لَا يُثْمِرُ مِنْهُ كَالصَّنَوْبَرِ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِ الشَّجَرِ كَالْبِطِّيخِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا مَرْئِيَّةً مُعَيَّنَةً فَلَا تَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْبَسَاتِينِ الْمَرْئِيِّينَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ
(وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَقَرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا الْمُزَارَعَةُ وَهِيَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ثَابِتٍ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ»
(فَلَوْ)(كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ بَيَاضٌ) أَيْ أَرْضٌ خَالِيَةٍ مِنْ الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ) تَبَعًا لَهُ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ مُعَامَلَةُ أَهْلِ خَيْبَرَ السَّابِقَةُ وَمِثْلُ النَّخْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْعِنَبُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ (بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الْمُزَارَعَةِ هُوَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ (وَعُسْرُ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ الزِّرَاعَةِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِالتَّعَذُّرِ قَالَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِفْرَادُ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ
ــ
[حاشية قليوبي]
نَاظِرُ الْوَقْفِ فِي بَسَاتِينِهِ وَالْإِمَامُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيمَا لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَصْلِ) سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ الْأَصْلِ عَنْ النَّخْلِ لَكَانَ وَاضِحًا. قَوْلُهُ:(فِي النَّخْلِ) وَلَوْ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا الْقَدِيمُ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٍ وَأَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَحَمَلَهُ الْجَدِيدُ عَلَى النَّخْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُقَيَّدِ نَظَرًا لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْمُصَرِّحِ بِالنَّخْلِ لَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَالْمُرَادُ بِالْمُثْمِرَةِ مَا شَأْنُهَا الْإِثْمَارُ وَأَفْضَلُ الْأَشْجَارِ النَّخْلُ ثُمَّ الْعِنَبُ وَثَمَرُهُمَا مِثْلُهُمَا وَفَضْلُ النَّخْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ؛ وَلِأَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِإِكْرَامِهِ؛ وَلِأَنَّهُ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي الْأَشْجَارِ مَا فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى غَيْرُهُ. كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ، وَلَيْسَ فِي الشَّجَرِ مَا يَحْتَاجُ إنَاثُهُ إلَى ذُكُورِهِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّلْقِيحُ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَقَالَ غَيْرُهُ لِإِمْكَانِ اتِّخَاذِ الْخَمْرِ مِنْهَا، وَقَدْ وَرَدَ الْكَرْمُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ وَقَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْكَرِيمِ.
قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يَأْتِي فِي الْمُزَارَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُثْمِرُ) أَيْ مَا لَا يُقْصَدُ ثَمَرُهُ وَمِنْهُ السَّنْطُ وَالْأَثْلُ. قَوْلُهُ: (لَا تَجُوزُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَعًا، وَغَيْرُ الشَّجَرِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ السَّنْبَاطِيِّ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ تَبَعًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ:(مَرْئِيَّةً) فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ الْأَعْمَى، وَفَارَقَ صِحَّةَ شَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَجُوزُ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ مُعَيَّنَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ) أَيْ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ، وَالرِّبْحَ مُتَأَخِّرٌ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ الْقِرَاضِ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ إذَا عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ) وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبِيرِ أَنَّ الزِّرَاعَ وَهِيَ اسْمٌ شَرْعِيٌّ بِمَا ذُكِرَ فِيهَا، وَيَضْمَنُ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ إنْ أَخَّرَ حَتَّى فَاتَ الزَّرْعُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ بِالضَّمَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ. قَوْلُهُ:(وَلَا الْمُزَارَعَةُ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ فِيهَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَإِذَا أَخَّرَ حَتَّى فَاتَ الزَّرْعُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي ضَمِنَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْحِفْظَ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ النَّخْلِ) وَكَذَا بِجَانِبَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عُسْرِ الْإِفْرَادِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ أَرْضٌ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِحَقِيقَةِ الْبَيَاضِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ فَيَشْمَلُ الزَّرْعَ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَمِنْهُ الْبِطِّيخُ، وَقَصَبُ السُّكَّرِ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُهُ:(وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ فِيهَا كَانَ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ سَكَتَ عَلَى الْبَيَاضِ فِي الْمُسَاقَاةِ لَمْ يَجُزْ زَرْعُهُ، وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ إذَا كَانَ قَلِيلًا وَلَوْ شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْبَقَرُ عَلَى الْعَامِلِ صَحَّ، وَكَأَنَّ الْمَالِكَ اكْتَرَاهُ، وَبَقَرَهُ. قَوْلُهُ:(صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ) وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ بِأَنَّ الْمَالِكَ هُنَا شَرِيكٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ عَدَمُ اسْتِقْلَالِ الْمُزَارَعَةِ بِعَامِلٍ، وَالْمُسَاقَاةِ بِعَامِلٍ لَا عَدَمَ تَعَدُّدِهِ. قَوْلُهُ:(وَعُسْرِ) هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّعَذُّرُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْمُسَاقَاةَ أَوْ يَجْمَعَهُمَا مَعًا نَحْوُ عَامَلْتُك عَلَى الشَّجَرِ، وَالْبَيَاضِ بِكَذَا. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِثَالٌ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ) هُوَ شَامِلٌ لِفُحُولِ النَّخْلِ وَلَوْ مُنْفَرِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَالْعِنَبُ) خَرَجَ غَيْرُهُمَا وَلَوْ مَوْزًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ) أَيْ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ خَيْبَرَ السَّابِقِ. وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ، وَحَمْلُهُ الْجَدِيدَ عَلَى النَّخْلِ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَةِ بِهِ لَا يُقَالُ هَذَا مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ حُجِّيَّةَ عُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ بِكَوْنِهِ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي.
فَائِدَةٌ: هَذَا الْقَدِيمُ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ) قَيَّدَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْقَلِيلِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَجِيءَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَبَعِيَّةِ الْمُزَارَعَةِ لِلْمُسَاقَاةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ عَقْدٌ عَلَى عَمَلِ الْأَرْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ يُمْكِنُ الزَّرْعُ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) لَوْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَى الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ بِكَذَا، كَانَ هَذَا اللَّفْظُ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لَهُمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ، وَحُكِيَ فِيهِ الِاتِّفَاقُ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ يُخَالِفُ هَذَا، وَلَيْسَ مُرَادًا.