المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ   (وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٣

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌ إقْرَارُ الرَّقِيقِ

- ‌ إقْرَارُ مُكْرَهٍ)

- ‌[إقْرَارُ الْمَرِيضِ]

- ‌[شُرُوط الْمُقِرّ لَهُ]

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ: كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (صِيغَةُ إقْرَارٍ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ

- ‌[فَصْل الْإِقْرَار بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَار]

- ‌[فَصْل أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِنَفْسِهِ]

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌[إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ]

- ‌فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَاأَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرُ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ)

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ

- ‌الْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ

- ‌[إذَا غَرِمَ الْقِيمَة ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَد التَّلَف هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ]

- ‌فَصْلٌإذَا (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ

- ‌فَصْلٌ: زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[فَصْلٌ إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ الشُّفْعَة]

- ‌كِتَابُ الْقِرَاض

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضُ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[صِيغَة الْمُسَاقَاة]

- ‌[تَتِمَّة يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ فِي الْمُسَاقَاة]

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةُ

- ‌[صِيغَة الْإِجَارَة]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَة]

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ]

- ‌فَصْلٌ: يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا

- ‌[فَصْلٌ لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِعُذْرِ فِي غَيْر الْمَعْقُود عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّل]

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْدِنُ تَمْلِيكُهُ بِالْإِحْيَاءِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ بِنَاء أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا]

- ‌فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُ: (وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي

- ‌[فَصْلٌ الْمِلْكَ فِي رَقَبَة الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌تَتِمَّةٌ الذِّمِّيُّ كَالْفَاسِقِ فِي انْتِزَاعِ الْمُلْتَقَطِ مِنْهُ

- ‌[فَصْل الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوك الْمُمْتَنِع مِنْ صِغَار السِّبَاع كَالذِّئْبِ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌[فَصْل وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّ]

- ‌كِتَابُ الْجِعَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلُ الْفُرُوضِ

- ‌فَصْلٌ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ عَنْ الْإِرْثِ

- ‌فَصْلٌ الِابْنُ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ وَكَذَا الْبَنُونَ وَالِابْنَانِ

- ‌فَصْلٌ الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ

- ‌[فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٌ]

- ‌[فَصْلٌ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْمِيرَاث]

- ‌فَصَلِّ لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ

- ‌[فَصْلٌ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ

- ‌[فَصْل إذَا ظَنَنَّا الْمَرَض يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة]

- ‌[فَصْل أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا]

- ‌فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ)

- ‌فَصْلٌ: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا

- ‌[تَتِمَّةٌ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌فَصْلٌ (الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ)

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً، وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ

- ‌[فَصْل يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ فِي الصدقات]

- ‌فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا

- ‌[حُكْم الْخُطْبَة عَلَى الْخُطْبَة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَلَا دُونَ إذْنِهِ (وَلَا غَيْرَهَا

- ‌[أَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالتَّزْوِيجِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا]

- ‌فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا

- ‌فَصْلٌ: لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا

- ‌فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ) لَهُ (كِتَابِيَّةٌ)

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ. يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ)

- ‌فَصْلٌ. السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَتْ رَشِيدَةٌ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ]

- ‌فَصْلٌ. مَهْرُ الْمِثْلِ

- ‌فَصْلٌ. الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا

- ‌فَصْلٌ. لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءِ مُتْعَةٍ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا (شَطْرُ مَهْرٍ)

- ‌فَصْلٌ. اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى

- ‌فَصْلٌ. وَلِيمَةُ الْعُرْسِ

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا قَوْلًا أَوْ فِعْلًا]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ)

- ‌فَصْلٌ: الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ

- ‌[الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ: قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا كَأَلْفٍ

- ‌فَصْلٌ(ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ: لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ: مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ

- ‌ طَلَاقُ مُكْرَهٍ)

- ‌فَصْلٌ: خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ

- ‌فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ: شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ:

- ‌ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ)

- ‌فِصَلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ

- ‌فَصْلٌ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ)

- ‌فَصْلٌ: عَلَّقَ بِحَمْلٍ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ

- ‌فَصْلٌ: قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ

- ‌فَصْلٌ: عَلَّقَ الطَّلَاقَ

الفصل: أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ   (وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ

أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ

(وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ، مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ

(وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْقَيِّمِ فِي آخِرِ الْوَكَالَةِ.

‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تُوضَعُ عِنْدَ شَخْصٍ لِيَحْفَظَهَا يُسَمَّى مُودَعًا بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْوَاضِعُ مُودِعًا بِكَسْرِهَا (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا (وَمَنْ قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا (وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ لَهُ) قَبُولُهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْبَغِي، أَنْ يَقْبَلَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هَلْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا. أَوْ يُكْرَهُ وَجْهَانِ، (فَإِنْ وَثِقَ) بِأَمَانَتِهِ فِيهَا. (اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبُولُهَا.

(وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِهَا. (شَرْطُ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَيْ بِالِانْفِرَادِ) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا، أَكُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ وَفَارَقَ هَذَا أَوْصَيْت إلَيْكُمَا، كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتَ وَصْفَ الْوَصِيَّةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، وَتَصَرُّفُ السَّابِقِ مِنْ الْمُنْفَرِدَيْنِ نَافِذٌ يُرْجَعُ فِي كَوْنِهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْحَاكِمِ، وَلَهُ نَصْبُ بَدَلٍ عَنْ فَقْدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ، وَلَهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ إنْ تَنَازَعَا، وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ فِي حِصَّتِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ نَصَّ الْمُوصِي عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ لِمُشْرِفٍ أَوْ نَاظِرِ حِسْبَةٍ تَصَرُّفٌ بَلْ يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي حَشِيشٍ كَحُزْمَةِ بَقْلٍ، وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ، فَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِهِ، وَهَكَذَا امْتَنَعَ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ

. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ وَعَزْلُهُ نَفْسَهُ، وَلَا يَنْفُذُ الْعَزْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَازَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَزْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ الْحَاكِمُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ كَانَ الْمُوصِي اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَعَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَتُغْتَفَرُ حِينَئِذٍ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ) فَهُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ غَلَبَ الْعَزْلُ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ) أَيْ فِي أَنَّهُ أَسْرَفَ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ اللَّائِقِ وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ. قَوْلُهُ:(صُدِّقَ الْوَصِيُّ) وَكَذَا وَارِثُهُ وَالْقَاضِي وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْقَيِّمُ كَالْوَصِيِّ وَكَالطِّفْلِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَوْ فِي دَفْعِ زَكَاةٍ أَوْ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ، أَوْ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمَالِ صُدِّقَ الْوَلَدُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّصَرُّفِ هَلْ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ صُدِّقَ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَكَذَا الْأُمُّ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُهُ وَمَا صَرَفَهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِهِ، إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ رُجُوعٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ، وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ شِرَاءُ مَالِ الْوَلَدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ. كَالْوَكِيلِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ تَوْلِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَلِيُّ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَرَاجِعْ، وَانْظُرُوا، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِظَالِمٍ لِدَفْعِهِ عَنْ مَالِ الطِّفْلِ، لَا فِي دَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لِسُهُولَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ.

فَرْعٌ: لَا يُطَالَبُ أَمِينٌ مِنْ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ بِحِسَابٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرُّجُوعُ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

ذَكَرَهَا عَقِبَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوصَى بِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا وَلِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ بِلَا وَارِثٍ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ تُقَالُ عَلَى الْعَيْنِ لُغَةً وَشَرْعًا فَهِيَ عَيْنٌ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَ غَيْرِ صَاحِبِهَا أَمَانَةً، وَتُقَالُ شَرْعًا لِلْإِيدَاعِ وَهُوَ وَضْعُ عَيْنٍ إلَخْ. وَلِلْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ وَدَعَ يَدَعُ بِمَعْنَى سَكَنَ لِسُكُونِهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ فِي دَعَةٍ، أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَتِهِ أَيْضًا، وَيُقَالُ لِدَافِعِهَا مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَلِآخِذِهَا مُودَعٌ بِفَتْحِهَا وَوَدِيعٌ وَشَمِلَتْ الْعَيْنُ الْمَالَ وَالِاخْتِصَاصَ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَانِبِ الْقَبُولِ غَالِبًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هِيَ الْعَيْنُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ الْقَبُولُ وَقَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ عَنْهُ نَفْسِهِ، وَإِلَّا أُبِيحَ قَبُولُهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ أَخَذَهَا) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَا يَحْرُمُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَحْرُمُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كُرِهَ) عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَغِي) تُفِيدُ الْإِبَاحَةَ نَصًّا وَالْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ احْتِمَالًا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرٌ لَهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْ يُخَالِفَهُ فَيَعْمَلَ دُونَ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا بِأَمْرِهِ إلَّا بِعَمَلِهِ إلَّا بِرَأْيِهِ فَإِنَّهُمَا وَصِيَّانِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ تَنْكِيرِ هَذَا دُونَ الْإِنْفَاقِ.

[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

ِ حَكَى الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: أَوْدَعَهُ بِمَعْنَى قَبِلَ وَدِيعَتَهُ فِي إذْنٍ مِنْ الْأَضْدَادِ.

ص: 181

مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ.

(وَيُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْمُودِعِ كَ اسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُك أَوْ أَنَبْتُك فِي حِفْظِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَيَكْفِي الْقَبْضُ) وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ، نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ، كَمَا حُفِظَ هَذَا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ

(وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ

(وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَالصَّبِيِّ) فِي إيدَاعِهِ، وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِالسَّفِيهِ

(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا أَيْ تَنْتَهِي (بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ

(وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ) أَيْ الْقَبُولُ بَلْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، أَوْ لِلْأَمْنِ مِنْ عِنْدِهِ دُونَ غَيْرِهِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ضَيَاعِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا، وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ وَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ خَوْفَ التَّوَاكُلِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهَا تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنُوزِعَ فِي الْإِبَاحَةِ فِيمَا مَرَّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى الْإِبَاحَةِ فَرَاجِعْهُ

قَوْلُهُ: (الْمُتَعَلِّقِينَ بِهَا) أَيْ فَإِنَّهُمَا رُكْنَانِ كَالصِّيغَةِ وَالْعَيْنِ، فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَهُمَا صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) فَلَا يُودَعُ كَافِرٌ مُصْحَفًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَا أَعْمَى عَيْنًا وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، لَكِنْ لَا تُوضَعُ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَيُوَكِّلُ الْأَعْمَى مَنْ يَقْبِضُ لَهُ. قَوْلُهُ:(صِيغَةٌ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَلَوْ مُتَرَاخِيًا، كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْإِيصَاءِ، وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ بَعْدَهُ فِعْلٌ فَظَاهِرٌ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ مَتَاعِي هَذَا مَثَلًا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا، وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِ هَذِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيعَةٌ أَبَدًا أَوْ عَكْسَهُ فَأَمَانَةٌ غَيْرُ وَدِيعَةٍ أَبَدًا، وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِمَا قَالَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَبَعْدَهُمَا أَمَانَةٌ أَبَدًا غَيْرُ وَدِيعَةٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْأُولَى مَضْمُونٌ أَبَدًا، وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا وَأَذِنَهُ بِلُبْسِهِ، فَهُوَ عَقْدَانِ فَاسِدَانِ وَهُوَ قَبْلَ لُبْسِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ؛ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ) أَيْ أَوْدَعَ غَيْرَ كَامِلٍ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَرُشْدٍ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْبَلْهُ) فَيَحْرُمُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:" ضَمِنَ مَنْ " إلَى أَنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ هُنَا لَيْسَ كَصَحِيحِهِ، لِامْتِنَاعِ وَضْعِ الْيَدِ وَلَوْ بِلَا عَقْدٍ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ فَيَكُونُ ضَامِنًا مُطْلَقًا، أَوْ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ. قَوْلُهُ:(بِالرَّدِّ) وَإِتْلَافُ الصَّبِيِّ لَهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ مُبَرِّئٌ لَهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ شَيْخِنَا: وَلَوْ أَتْلَفَ نَحْوُ صَبِيٍّ وَدِيعَتَهُ بُرِّئَ الْوَدِيعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهُ، وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْوَدِيعِ انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ كَالصَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ، وَخَشِيَ ضَيَاعَهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَ) أَيْ كَامِلٌ بِمَا مَرَّ غَيْرَ كَامِلٍ لِكَوْنِهِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا كَمَا يَأْتِي أَوْ رَقِيقًا، وَلَوْ بَالِغًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّقِيقِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ إنْ أَتْلَفَ لَا إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَوْدَعَ نَاقِصٌ نَاقِصًا لِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فِي دَرْسِهِ وَاعْتَمَدَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ، بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ عَلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا أَوْ وَلِيِّهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا فَوْرًا، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَيْثُ تَمَكَّنَ

قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُودِعِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيدَاعُ الْمُحَرَّمِ وَلَا الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَاسْتَوْدَعْتُكَ إلَخْ) هِيَ صَرَائِحُ الْكِنَايَةِ خُذْهُ، وَنَحْوُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يَكْفِي الْقَبْضُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ التَّهْذِيبِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ضَعْهُ فَوَضَعَهُ كَانَ إيدَاعًا. فَائِدَةٌ قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ اشْتِرَاكُ الْوَدِيعَةِ مَعَ الْوَكَالَةِ فِي الْعَاقِدِ وَالصِّيغَةِ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُودَعَةِ لِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمُوَكَّلِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ إلَخْ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عَقْدٌ لَا مُجَرَّدُ إذْنٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حُكْمُ الْعَبْدِ كَالصَّبِيِّ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) أَيْ فَلَيْسَ الْفَاسِدُ هُنَا كَالصَّحِيحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَرْتَفِعُ) أَيْ وَبَعْدَ الِارْتِفَاعِ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِغْمَائِهِ) اسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ إفْرَادَ الضَّمِيرِ هُنَا. وَتَثْنِيَتَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَقَالَ الْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْإِفْرَادِ لِتَقَدُّمِ الْعَطْفِ بِأَوْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ) يَعْنِي أَنَّ

ص: 182

أَيْ لِلْمُودِعِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ وَلِلْمُودَعِ عِنْدَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْحِفْظِ

(وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ (فَيَضْمَنُ) سَوَاءٌ أَوْدَعَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ وَعَبْدَهُ وَالْقَاضِيَ وَغَيْرَهُمْ (قِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ أَمَانَةَ الْقَاضِي أَظْهَرُ مِنْ أَمَانَتِهِ، (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ مَثَلًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ) الْوَدِيعَةَ (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالْقَاضِي) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٍ) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ، فَإِرَادَتُهُ عُذْرٌ فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ، (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَسَافَرَ (ضَمِنَ) إنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا مَنْ يَذْكُرُ، (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ، لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) مِنْ الْحَضَرِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ، (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهَا) أَيْ وَضْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ، وَإِنْ حَرُمَتْ أَوْ كُرِهَتْ. قَوْلُهُ:(بِعَوَارِضَ) أَيْ عَشَرَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا

وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا

وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعُ مُهْلِكٍ وَمَنْعُ رَدِّهَا

وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا

الْمُخَالَفَةُ فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يُرِدْ مَنْ خَالَفَهْ

وَأَخْصَرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلِي

عَوَارِضُهَا عَشْرٌ ضَيَاعُ وَدِيعَةٍ

وَنَقْلٌ وَجَحْدُ مَنْعِ رَدٍّ لِمَالِكٍ

مُخَالَفَةٌ فِي الْحِفْظِ تَرْكُ وَصِيَّةٍ

وَسَفَرٌ بِهَا نَفْعٌ بِهَا تَرْكُ هَالِكٍ

قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ) أَيْ يَصِيرُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) بِأَنْ اسْتَمَرَّ الْإِيدَاعُ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ) أَيْ بِثِقَةٍ أَوْ صَبِيٍّ مَأْمُونٍ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَازِمُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الشَّرِيكِ فِي الْخِزَانَةِ. قَوْلُهُ:(يَحْمِلُهَا) وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا، وَلَاقَ بِهِ. قَوْلُهُ:(وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ مُبَاحًا وَإِنْ قَصُرَ إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ السَّفَرُ بِالْمُبَاحِ، أَيْ رَدُّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ لَا يَجُوزُ، إلَّا فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَرَدُّهَا لَهُمَا يَجُوزُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ، بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُهُ:(أَوْ وَكِيلِهِ) وَلَوْ عَامًا أَوْ وَلِيِّهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهَا) كَحَبْسِ الْمَالِكِ وَتَوَارِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُهَا مِنْ الْوَدِيعِ حِفْظًا لَهَا. بِخِلَافِ دَيْنِ غَائِبٍ وَأَخْذِ مَغْصُوبٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَحَرَزُ لِلْمَالِكِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ يُعْلِمُهُ بِهَا وَبِمَحَلِّهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْإِشْهَادُ فِي رَدِّهَا لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي السَّفَرِ بِهَا وَعَيَّنَ لَهُ طَرِيقًا أَوْ مَحَلًّا تَعَيَّنَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ سُلُوكُ أَكْثَرِ الطَّرِيقَيْنِ أَمْنًا فَأَقْصَرَهُمَا، وَإِذَا رَجَعَ لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَلَوْ حِرْزًا لِمِثْلِهَا ضَمِنَ وَالدَّفْنُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إعْلَامَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ إعْلَامَ مُؤَخَّرٍ عَنْ إعْلَامِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (يَسْكُنُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَوْضِعِ حِرْزًا لَهَا. قَوْلُهُ:(وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ، وَبِغَيْرِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْأَمَانَةَ مَقْصُودَةٌ مِنْهَا بِحَسَبِ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَمَالِ الْقِرَاضِ وَأَشْجَارِ الْمُسَاقَاةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ لِاقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ اللُّبْسِ، لَمْ يَضْمَنْ إلْحَاقًا لِلْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ اللُّبْسِ فَيَضْمَنُ إلْحَاقًا لِفَاسِدِ الْعَارِيَّةِ بِصَحِيحِهَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا عُذْرٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ التَّضَجُّرُ مِنْ الْحِفْظِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ) وَلَهُ تَضْمِينُ الثَّانِي أَيْضًا ثُمَّ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي حَالِ الْجَهْلِ دُونَ حَالِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ أَيْضًا) قِيلَ هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَانَ بِأَحَدٍ وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يُرْسِلَهَا مَعَ وَلَدِهِ لِلسَّقْيِ وَنَحْوِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بَصَرَهُ فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ وَإِنْ قَصُرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَاضِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَتَى حَمَلَهَا إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِحَمْلِهَا لَهُ وَيَعْلَمَ يَضْمَنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ) فَإِنْ تَرَكَهَا بِمَنْزِلِهِ وَسَافَرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَهَذَا أَمْرٌ يَقَعُ لِلنَّاسِ كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَمِينًا) قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ انْتَهَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَمِينُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَكِيلَ وَالْحَاكِمَ وَالْعَدْلَ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَسْكُنُ) مِثْلُهُ الْمُرَاقَبَةُ مِنْ غَيْرِ مَسْكَنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَمَّلْته اقْتَضَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الرَّدِّ إلَى مَنْ سَلَّفَ لَا يُبِيحُ

ص: 183

فَلَا يَضْمَنُ بَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ) وَلَمْ يَجِدْ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ) فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ (وَإِذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ وَجَدَهُ (وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ) أَيْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يُوصِي إلَيْهِ بِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ) يَرُدَّهَا إلَى (أَمِينٍ أَوْ يُوصِيَ بِهَا) إلَيْهِ إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا الْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَهَا وَيُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا. (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذُكِرَ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ؛ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ (إلَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَوْ قُتِلَ غِيلَةً أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ. (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ عَوَارِضِ الضَّمَانِ. (إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ إلَى أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ ضَمِنَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُونَهَا فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِيهِ أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا، (فَلَا) يَضْمَنُ وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. (وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا) لِوُجُوبِ الدَّفْعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا الْوَاجِبِ. (فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا) بِسُكُونِ اللَّامِ. (ضَمِنَ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا (فَإِنْ نَهَاهُ) الْمَالِكُ (عَنْهُ فَلَا) يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

إذْنِهِ وَلَوْ ضِمْنًا كَأَنْ أَوْدَعَهُ فِي السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (غَارَةٌ) هِيَ أَثَرُ الْإِغَارَةِ فَهِيَ الْغَدْرُ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (بَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا) وَلَوْ مَخُوفًا إنْ عَلِمَ سَلَامَتَهَا بِهِ، فَإِنْ ظَنَّهُ جَازَ وَلَوْ طَرَأَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، فَلَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعٌ فَأَنْكَرَهَا مِنْهُمْ فَحَلَّفُوهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِإِحْرَازِهَا وَعَلَى كُلٍّ إذَا حَلَفَ حَنِثَ سَوَاءٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ، وَلَمْ يُوَرِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ عَيْنًا وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ أَخَذُوهَا مِنْهُ قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا بِأَنْ سَلَّمَهَا لَهُمْ أَوْ دَلَّهُمْ عَلَيْهَا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا ضَمِنَهَا، وَلَوْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ وَلَوْ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا أَوْ طَرَحَهَا فِي مُنْعَطَفٍ، كَذَلِكَ فَتَلِفَتْ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَخْذٍ ضَمِنَهَا.

قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) وَفِي غَيْرِهَا يَجُوزُ السَّفَرُ وَلَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا) وَمِثْلُهُ مَا أُلْحِقَ بِهِ إلَّا الْحَبْسَ لِلْقَتْلِ، فَإِنَّهُ كَالْمَرَضِ غَيْرِ الْمَخُوفِ. قَوْلُهُ:(أَمِينٍ) وَلَوْ وَارِثًا وَلَوْ ظَهَرَ غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ الْوَدِيعُ إنْ كَانَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ) فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ، وَمَا بَعْدَهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ وُجُودِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَفِي عِبَارَةِ شَيْخِنَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ:(أَنْ يُبَيِّنَهَا أَوْ يُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا) وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْوَصْفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِيًا أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ فِي سَائِرِ الْأُمَنَاءِ، إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَةِ الْوَدِيعِ مَا عَيَّنَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ وُجِدَ وَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَوْ قَصَّرَ الْوَارِثُ فِي رَدِّهَا ضَمِنَ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِي أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا، وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَيْضًا، وَفِي تَلَفِهَا عِنْدَهُ، وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ، وَلَوْ وُجِدَ بَعْدَهُ مُتَعَدِّدٌ مِمَّا وَصَفَهُ، وَلَمْ يُرِدْهُ الْوَارِثُ ضَمِنَ.

تَنْبِيهٌ: لَا أَثَرَ لِكِتَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ فِي جَرِيدَتِهِ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَّا إنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ ضَمِنَ) أَيْ لَا بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ، وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ الْإِيدَاعِ وَالْإِيصَاءِ إلَّا بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إذَا نَقَلَهَا) أَيْ لَا بِظَنِّ أَنَّهَا مَالُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ. قَوْلُهُ:(دُونَهَا) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْمَحَلَّةِ أَوْ الدَّارِ بِدَلِيلِ مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَعَلَهُ عَائِدًا إلَى الْوَدِيعَةِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَضْمَنُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ نَهْيٌ مِنْ الْمَالِكِ عَنْ النَّقْلِ وَلَا تَعْيِينَ لِلْمَحَلِّ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي مَحَلِّهَا مَعَ النَّهْيِ عَنْ نَقْلِهَا، وَلَوْ بِنَحْوِ حَرِيقٍ فَلَا ضَمَانَ، فَلَوْ نَقَلَهَا صِيَانَةً لَهَا وَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(مُتْلِفَاتِهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى دَفْعِهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ وَلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، فَلَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ فِي مَحَلِّهَا، وَفِيهِ مَتَاعٌ لَهُ مَعَهَا فَقَدَّمَ مَتَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ، إلَّا إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ وَدَائِعُ، فَنَقَلَ بَعْضَهَا وَتَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا قَصَّرَ فِي نَقْلِهِ مِنْهَا، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي هَذِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ:(بِسُكُونِ اللَّامِ) فَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ التَّقْدِيمُ لِمَا يُعْلَفُ بِهِ مَعَهُ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ لِوُجُوبِهِ إلَخْ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لِجَمِيعِهَا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا غَالِبًا، أَوْ دُونَهَا وَبِهَا جُوعٌ سَابِقٌ وَعَلِمَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا، وَفَارَقَ ضَمَانُ الْقِسْطِ فِي الْجِنَايَاتِ فِي هَذِهِ بِتَعَدِّيهِ نَعَمْ، يَضْمَنُ الْأَرْشَ هُنَا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ نَهَاهُ الْمَالِكُ) أَيْ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَوَلِيِّ مَحْجُورٍ، وَعَلِمَ لَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ:(عَنْهُ) أَيْ الْعَلْفِ الَّذِي هُوَ التَّقْدِيمُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا

ــ

[حاشية عميرة]

السَّفَرَ بِهَا إلَّا مَعَ الْحَرِيقِ، وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّفَرِ عِنْدَ الْعَجْزِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا. قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلُهُ:(أَوْ يُوصِيَ بِهَا) قُلْت فَإِذًا الْأَحْسَنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي أَوْ يُوصِيَ بِهَا عَلَى مَا يَشْمَلُ الْحَاكِمَ وَالْأَمِيرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) أَيْ إذَا وَقَعَ التَّلَفُ بَعْدَ الْمَوْتِ دُونَ التَّلَفِ الْكَائِنِ بَيْنَ التَّرْكِ وَالْمَوْتِ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ رحمه الله. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ مَا لَوْ نَقَلَهَا وَهُوَ يَظُنُّهَا مِلْكَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ عَلَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ عَنْ الْبَغَوِيّ.

ص: 184

كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ دَابَّتِي فَقَتَلَهَا، لَكِنْ يَعْصِي لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِالْعِصْيَانِ. (فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ. (عَلَفَهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَلْيُرَاجِعْهُ أَوْ وَكِيلُهُ) لِيَعْلِفَهَا (أَوْ يَسْتَرِدَّهَا) فَإِنْ فُقِدَا (فَالْحَاكِمُ) أَيْ يُرَاجِعُهُ لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا (وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا) وَهِرّ أَمِينٌ (لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يَسْقِيَهَا بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ عَادَةً، فَلَا يَضْمَنُ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينٍ ضَمِنَ قَطْعًا. (وَعَلَى الْمُودَعِ تَعْرِيضُ ثِيَابِ الصُّوفِ لِلرِّيحِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا الدُّودُ، وَكَذَا لُبْسُهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) ، لِتُعَبَّقَ بِهَا رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَتَدْفَعَ الدُّودَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَفَسَدَتْ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْهُ، فَلَا يَضْمَنُ، وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى أَنَّهُ يَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ فِي الْعَلْفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ كِيسٍ مَشْدُودٍ فَلَا ضَمَانَ، (وَمِنْهَا أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ) بِهِ مِنْ الْمُودِعِ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْعُدُولِ فَيَضْمَنُ فَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى التَّلَفِ، (وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ ثِقَلِهِ (فَلَا) يَضْمَنُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرُّقُودَ عَلَيْهِ يُوهِمُ السَّارِقَ نَفَاسَةَ مَا فِيهِ، فَيَقْصِدَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ يَعْنِي لَا تَقْفِلْ إلَّا وَاحِدًا. (فَأَقْفَلَهُمَا) أَوْ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ، فَأَقْفَلَ لَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَوْجِيهُ الضَّمَانِ بِمَا تَقَدَّمَ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ، (وَلَوْ قَالَ: اُرْبُطْ الدَّرَاهِمَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، (فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ، فَالتَّلَفُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا) يَضْمَنُ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَوْ قَالَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَا عِلَّةٌ يَضُرُّ مَعَهَا الْعَلْفُ وَنَهَاهُ لِأَجْلِهَا فَعَلَفَهَا مَعَهَا ضَمِنَهَا.

قَوْلُهُ: (فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا مُؤَخَّرٌ عَنْ مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ قَبْلَ تَرْكِهِ التَّقْدِيمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِيَعْلِفَهَا) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعَ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ لِلْوَدِيعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَا) قَالَ الْخَطِيبُ هُوَ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُودِهِمَا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، أَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فَالْحَاكِمُ) فَإِنْ فَقَدَهُ أَشْهَدَ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ كَهَرَبِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ. قَوْلُهُ:(فِي مُؤْنَتِهَا) أَيْ الَّتِي تَصُونُهَا عَنْ تَلَفٍ أَوْ تَعْيِيبٍ لَا نَحْوِ سِمَنٍ وَيَجِبُ تَسْرِيحُ رَاعِيهِ مَعَ ثِقَةٍ إنْ تَيَسَّرَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَمِينٌ، وَلَوْ صَبِيًّا) نَعَمْ إنْ وَضَعَهَا الْأَمِينُ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَعْرِفْهُ الْوَدِيعُ ضَمِنَهَا الْوَدِيعُ لِزَوَالِ نَظَرِهِ وَيَدِهِ عَنْهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَخَذَ الظَّافِرُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَوْدَعَهُ إنْسَانًا فَرَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ جِنْسَ حَقِّهِ ضَمِنَ. قَوْلُهُ:(مَعَ إمْكَانِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينٍ ضَمِنَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ. نَعَمْ إنْ لَاحَظَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثِيَابِ الصُّوفِ) وَمِثْلُهُ الْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُمَا وَمِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَرْكُهُ سَقْيَ شَجَرٍ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ سَقْيِهِ، وَلَمْ يَشْرَبْ بِعُرُوقِهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ:(لَبِسَهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى أُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ، وَفِي الرُّجُوعِ بِهَا مَا مَرَّ فِي الْعَلْفِ، وَلَوْ طَلَبَهَا، وَإِنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ لُبْسُ نَحْوِ حَرِيرٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَلْبَسُهُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ:(وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِهِ فَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي صُنْدُوقٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَوْ عَلِمَ بِهَا، وَلَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ فَتْحُهُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَوْلُهُ:(أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا هُوَ دُونَ الْمَأْمُورِ بِهِ) أَوْ يُخَالِفُ مَا نَهَى عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الصَّادِ) عَلَى الْأَفْصَحِ فَيَجُوزُ فَتْحُهَا.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) أَيْ الثِّقَلِ، وَرُجُوعُهُ لِلْعُدُولِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ حَجَرٍ يَرُدُّهُ ذِكْرُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ فَاسِدٌ كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَضْمَنُ) نَعَمْ إنْ سُرِقَ مِنْ مَوْضِعٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ فَوْقَهُ لَرَقَدَ فِيهِ أَوْ مِنْ مَوْضِعٍ أَمَرَهُ بِالرُّقُودِ فِيهِ فَخَالَفَ ضَمِنَ وَفِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ هُوَ السَّرِقَةُ فَقَطْ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(يَعْنِي إلَخْ) لَعَلَّ حَمْلَهُ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِمْ أَوَّلًا قَبْلَهُ فَلَا خَفَاءَ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ الْقَفْلِ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(ارْبِطْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضْمَنُ) هَذَا زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ، فِي نَحْوِ اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ أَحْرِقْ ثَوْبِي قَالَ وَهُوَ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فُقِدَ فَالْحَاكِمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ وَيُشْهِدَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُقْفَلُ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقْفَلَ وَمِنْ قَفَلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ إلَخْ) لَوْ نَهَاهُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ الْمَسْكِ بِالْيَدِ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ عَلَى النَّقْلِ إلَى الْأَحْرَزِ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ النَّقْلِ. قُلْت: وَلَوْ قَالَ أَمْسِكْهَا فِي يَدِك فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، فَالظَّاهِرُ انْعِكَاسُ الْحُكْمِ.

ص: 185

لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ لَمْ يَضْمَنْ (وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ إلَّا إذَا كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَبِالْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي الْكُمِّ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهَا فِي جَيْبِك، (يَضْمَنُ) لِتَرْكِهِ الْأَحْرَزَ (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، فَيَضْمَنَ لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ. (وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ، وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَلْيَمْضِ إلَيْهِ وَيُحْرِزْهَا فِيهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ مِنْ التَّأْخِيرِ. (وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ يُدِلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا) بِأَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا (أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا فَيَضْمَنَهَا بِذَلِكَ (فَلَوْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَسْلِيمِهِ (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ) وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ لِلْإِكْرَاهِ، وَيُطَالَبُ الظَّالِمُ، وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَتَهُ أَيْضًا، وَلَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ مِنْ الْمُودِعِ قَهْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَلْبَسَ) الثَّوْبَ (أَوْ يَرْكَبَ) الدَّابَّةَ (خِيَانَةً) بِالْخَاءِ (أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ) مِنْ مَحَلِّهَا (لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنَ) بِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ خِيَانَةً أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اللُّبْسِ. لِدَفْعِ الدُّودِ وَرُكُوبِ مَا لَا يَنْقَادُ لِلسَّقْيِ، وَيَأْخُذُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَنْتَفِعُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ أَوْ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ امْتَثَلَ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْ رَبْطَهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَا رَبَطَهَا فِيهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. وَإِلَّا فَإِنْ رَبَطَهَا مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِأَخْذِ طِرَازٍ ضَمِنَ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، فَلَا أَوْ رَبَطَهَا مِنْ دَاخِلٍ فَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَضْمَنُ) مَا لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ عَنْ الْيَدِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يَرْبِطْ كُمَّهُ عَلَيْهَا فَضَاعَتْ سَهْوًا أَوْ بِنَفْضِ كُمِّهِ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، وَهِيَ خَفِيفَةٌ لَا يَشْعُرْ بِهَا ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي كُورِ عِمَامَتِهِ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ:(وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ) أَيْ مُطْلَقًا. لِيُخَالِفَ مَا فِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(فِي جَيْبِهِ) أَيْ الَّذِي بِإِزَاءِ حَلْقِهِ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ الَّذِي عَلَى وَرِكِهِ، وَلَيْسَ فَوْقَهُ ثَوْبٌ آخَرُ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(وَاسِعًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا بَيْنَ ثِيَابِهِ، وَلَوْ سَهْوًا أَوْ كَانَ جَيْبُهُ مَثْقُوبًا وَقْتَ الْوَضْعِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ لَهُ الثَّقْبُ. قَوْلُهُ:(فِي السُّوقِ) أَيْ مَثَلًا فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَكَانًا وَلَا كَيْفِيَّةً فَرَجَعَ فِيهَا إلَى الْعِدَّةِ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَخَرَجَ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ لَهُ: احْفَظْهَا فِيهِ فَإِنَّهُ مَتَى خَرَجَ بِهَامَتِهِ مَعَ إمْكَانِ حِفْظِهَا فِيهِ ضَمِنَ إلَّا إنْ رَبَطَهَا عَلَى جَسَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَرَزُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ وَقَدْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي السُّوقِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ حَالًا. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) وَالْعُذْرُ هُنَا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا، أَوْ قَارَبَهُ؛ إذْ لَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا مَعَ آخِرِ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُضَيِّعَهَا) كَأَنْ يَنَامَ عَنْهَا وَلَيْسَ عِنْدَهُ نَحْوُ رُفْقَةٍ تَحْفَظُهَا وَكَأَنْ يَنْسَاهَا، وَلَوْ بَعْدَ وَضْعِهَا عَنْ بَدَنِهِ لِيَرْتَاحَ مِنْ حَمْلِهَا، أَوْ يَدْفِنَهَا أَوْ يَطْرَحَهَا أَوْ يَهْرُبَ عَنْهَا خَوْفًا مِنْ قَاطِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنْ يَذْهَبَ بِهَا نَحْوُ فَأْرٍ فِي جِدَارٍ مَثَلًا، وَلَا يُكَلَّفُ مَالِكُهُ هَدْمَهُ بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَكَأَنْ يُخْبِرَ عَنْهَا وَقَدْ نَهَاهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحَلَّهَا. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ) أَوْ يَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوْ يَجُزَّ صُوفَ الشَّاةِ، أَوْ يَقْطَعَ بَعْضَ أُذُنِهَا إلَّا إنْ حَلَبَهَا فَيَضْمَنُ اللَّبَنَ فَقَطْ، أَوْ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ فَتْحٍ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: خِيَانَةُ الرَّاجِعِ لِيَنْتَفِعَ عَدَمَ وُجُودِ عُذْرٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

فَرْعٌ: يُعْتَبَرُ فِي الِانْتِفَاعِ فِي نَحْوِ الْخَاتَمِ الْعَادَةُ فَلُبْسُهُ مُضَمَّنٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَفِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى فِي الْخَصْرِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إنْ اُعْتِيدَ أَوْ قُصِدَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ انْكَسَرَ وَسُفْلُ كُلِّ أُصْبُعٍ أَحَرَزُ مِنْ وَسَطِهِ، وَهُوَ أَحَرَزُ مِنْ أَعْلَاهُ وَمَا قَوِيَ اسْتِمْسَاكُهُ أَحَرَزُ، وَالْيَدُ الْيُمْنَى أَحَرَزُ، وَعَكْسُهُ فِي الْأَعْسَرِ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْعَامِلِ بِهِمَا سَوَاءٌ. قَوْلُهُ:(فَيَضْمَنُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالِانْتِفَاعِ أَوْ بِالْأَخْذِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّبْطِ وَالْوَضْعِ فِي الْيَدِ يَدْفَعُ شَيْئًا غَيْرَ مَا يَدْفَعُهُ الْآخَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَضْمَنُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَا إذَا رَبَطَهَا بَيْنَ عَضُدِهِ وَجَنْبِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بَيْنَ ثِيَابِهِ أَحْرَزَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمْسَكَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ رَبَطَهَا فَقَطْ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّبْطِ فَأَمَّنَهُ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الْخَيْطَ مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِالطِّرَارِ ضَمِنَ، أَوْ بِالِاسْتِرْسَالِ فَلَا، وَإِنْ جَعَلَهُ مِنْ دَاخِلٍ انْعَكَسَ الْحُكْمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَرَادَ وَضْعَهَا فِي الْجَيْبِ فَوَضَعَهَا فِي كُوْرِ عِمَامَتِهِ وَلَمْ يَشُدَّهَا ضَمِنَ انْتَهَى ثُمَّ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْبَيْتِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَضْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ فَلَوْ خَرَجَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ ضَمِنَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ أَخَّرَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مَا إذَا تَأَخَّرَ بِهَا فِي حَانُوتِهِ لِلِاتِّجَارِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ أَمْرِهِ، إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْجُلُوسُ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَوْدَعَهُ، وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسُرِقَتْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ وَضَعَهَا لِيَرْتَادَ لَهَا مَوْضِعًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ إهْمَالًا ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِأَنْ يَضَعَهَا إلَخْ) مِنْهُ، مَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ إرَادَةَ الْإِخْفَاءِ فَضَاعَتْ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ مُكْرَهًا عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمَالِكِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْإِثْمُ مُنْتَفِيًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِيَانَةً) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ

ص: 186

(وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ وَلَمْ يَأْخُذْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ

(وَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ كِيسَيْنِ لِلْمُودِعِ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْغَرَضِ فِي التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ، (وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ وَغَيْرِهِ) ، كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ (فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا) كَأَنْ قَالَ اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا، (بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَيْهِ، (وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ (فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) ، وَإِنْ تَلِفَتْ فِي زَمَنِ الْعُذْرِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا ضَمَانَ

(وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ) سَبَبًا (خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ (وَإِنْ ذَكَرَ) سَبَبًا (ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ، فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ

(وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ، أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

لِتَعَدِّيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا مِلْكَهُ، وَلَمْ يَنْتَفِ وَرَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ضَمِنَهَا كُلَّهَا إنْ فَضَّ نَحْوَ خَتْمٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ فَقَطْ، فَإِنْ رَدَّهُ فَكَذَلِكَ إنْ تَمَيَّزَ أَوْ تَلِفَتْ كُلُّهَا، فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ بِقِسْطِهِ فَقَطْ، فَيَضْمَنُ نِصْفَهُ إنْ تَلِفَ نِصْفُهَا كَذَا قَالُوهُ، وَقَالُوا أَيْضًا: إنَّهُ لَوْ رَدَّ بَدَلَهُ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَحْدَهُ.

فَرْعٌ: دَفَعَ لَهُ ثَوْبًا لِيُحَرِّقَهُ فَانْتَفَعَ بِهِ ضَمِنَهُ وَأُجْرَتَهُ، وَإِنْ أَحْرَقَهُ بَعْدُ فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْرَاقِهِ عَيْنًا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(لِدَفْعِ الدُّودِ) أَيْ مَثَلًا، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ:(وَيَأْخُذَ) مَعْطُوفُ عَلَى يَنْتَفِعَ أَيْ لَا عَلَى يَلْبَسَ؛ إذْ لَمْ يَنْتَفِعْ هُنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَفَهُ شَرْحُ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ نَوَاهُ حَالَ أَخْذِهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِنِيَّةِ الْأَخْذِ التَّرَدُّدُ فِيهِ وَخُطُورُهُ بِبَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْخُذْ لَمْ يَضْمَنْ) فَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْأَخْذِ. قَوْلُهُ:(لَوْ خَلَطَهَا) وَلَوْ سَهْوًا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ:(بِمَالِهِ) أَوْ مَالِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَتَمَيَّزْ) أَيْ لَمْ يَسْهُلْ تَمْيِيزُهَا ضَمِنَ فَشَمِلَ خَلْطَ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَإِنْ تَمَيَّزَتْ كَمَا ذُكِرَ لَمْ يَضْمَنْهَا، فَإِنْ نُقِضَتْ بِالْخَلْطِ ضَمِنَ أَرْشَهَا وَلَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْضُهَا ضَمِنَهُ فَقَطْ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا وَلَمْ يَقْطَعْ كِيسًا أَوْ يَكْسِرْ صُنْدُوقًا، وَإِلَّا ضَمِنَ قَطْعًا وَلَا ضَمَانَ بِحَلِّ خَيْطٍ قَدْ رَبَطَ بِهِ رَأْسَ كِيسٍ، أَوْ نَحْوَ رِزْمَةِ قُمَاشٍ؛ لِأَنَّهُ لِمَنْعِ الِانْتِشَارِ لَا لِلْكَتْمِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا بَرِئَ) خَرَجَ بِالْمَالِكِ غَيْرُهُ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ وَخَرَجَ بِ أَحْدَثَ اسْتِئْمَانًا مَا لَوْ أَبْرَأهُ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثٍ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا) أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَهَا أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْهَا أَوْ أَوْدَعْتُكَهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ) أَيْ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ، وَإِلَّا كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ فَالرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْوَدِيعِ بِالْفَلَسِ نُزِعَتْ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدَ شَرِيكَيْنِ أَوْ دَعَاهُ حِصَّتَهُ دَفَعَهَا لَهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يُقَسِّمُهَا. قَوْلُهُ:(وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ) نَعَمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي رَدِّهَا بَعْدَ جَحْدِهَا وَكَالْوَدِيعَةِ الْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَثَوْبٍ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ فَيَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمَالِكِ بِهِ لَا حَمْلُهُ إلَيْهِ.

فَرْعٌ: لَوْ دَفَعَ لَهُ خَاتَمًا أَمَارَةً عَلَى حَاجَةٍ فَلَهُ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ.

قَوْلُهُ: (كَقَضَاءِ حَاجَةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَصَلَاةٍ وَطَهَارَةٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَاعْتِكَافِ نَحْوِ شَهْرٍ مَنْذُورٍ لَزِمَهُ بَعْثُهَا مَعَ وَكِيلٍ أَمِينٍ، فَإِنْ فَقَدَهُ فَمَعَ حَاكِمٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، وَلَوْ قَالَ رُدَّهَا إلَى مَنْ شِئْت مِنْ وُكَلَائِي فَأَخَّرَهَا عَمَّنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ، أَوْ لَا لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: ادْفَعْهَا لِأَحَدِ وُكَلَائِي فَأَخَّرَهَا عَمَّنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَعْصِي وَيَضْمَنُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْحِرْزِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ

. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا) وَلَوْ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ وَقَالَ أَرُدُّهَا. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَا بُدَّ فِي التَّلَفِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ: (كَسَرِقَةٍ) مِنْ نَحْوِ خَلْوَةٍ، وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَالْغَصْبُ كَالسَّرِقَةِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ السُّقُوطَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) مِنْهُ مَوْتُ حَيَوَانٍ ذَكَرَ أَنَّهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ. قَوْلُهُ: (بِلَا يَمِينٍ) أَيْ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِلَّا حَلَفَ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَدِيعَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَدْبَ الْحَلِفِ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى) أَيْ الْوَدِيعُ الَّذِي لَا يَضْمَنُ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَهُ ائْتَمَنَهُ) أَيْ الْأَهْلُ

ــ

[حاشية عميرة]

اسْتَعْمَلَهَا يَظُنُّهَا مِلْكَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَيَضْمَنُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ) أَيْ وَكَمَا أَنَّ نِيَّةَ الْقُنْيَةِ تَقْطَعُ حَوْلَ التِّجَارَةِ. تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ ضَمِنَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ لَا مِنْ حِينِ الْأَخْذِ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كِيسَيْنِ) لَوْ كَانَا مَشْدُودَيْنِ ضَمِنَ بِمُجَرَّدِ الْحَلِّ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَ اسْتَأْمَنْتُك) قَالَ الْفَارِقِيُّ لَوْ قَالَ: اسْتَوْدَعْتُك إيَّاهَا بَرِئَ قَطْعًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةَ، كَالثَّوْبِ الَّتِي أَلْقَاهَا الرِّيحُ، وَاللُّقَطَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي جَزْمِهِ بِالتَّصْدِيقِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ.

ص: 187

فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، (وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا. فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (بَيِّنَةً) بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ

(وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مُضَمِّنٌ) بِخِلَافِ إنْكَارِهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ خَفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (الْفَيْءُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِلَا قِتَالٍ وَ) بِلَا

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْقَبْضِ وَلَوْ وَكِيلًا أَوْ قَيِّمًا أَوْ حَاكِمًا وَمِنْهُ جَابٍ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ، وَوَكِيلٌ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمُوَكِّلِهِ، وَأَمِينٌ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَدِيعِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ نَحْوِ سَفَرٍ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ، وَمَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْوَدِيعِ رَدَّ وَالِدِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ:(أَمِينًا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ.

قَوْلُهُ: (وَجُحُودُهَا) بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ تُودِعْنِي يَضْمَنُ بِخِلَافِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي فَيُقْبَلُ بَعْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّلَفِ لَا بَعْدَهُ.

تَنْبِيهٌ: إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ فِي التَّلَفِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ.

فُرُوعٌ: أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ أَوْ نَحْوِهِ فَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مُطَرَّزًا فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ

وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى وَدِيعٍ بِوَدِيعَةٍ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْوَدِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهَا وَلَوْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ، وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ، وَالْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَفِي ثَوْبٍ أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِمَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا. وَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَصْرِفَهُمَا فِي مَصَارِفِهِمَا أَوْ فِي بِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَرِبَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْحَاصِلَ فِيهِ، كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ عِنْدَ الْكُفَّارِ كَالْوَدِيعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَعْنَى الْفَيْءِ الْآتِي، أَوْ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا، وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَبِفَتْحِهِمَا بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ وَالْفَيْءُ بِفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَهَمْزَةٍ مَصْدَرُ فَاءَ إذَا رَجَعَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْكَوْنَ وَمَا فِيهِ لِمَنَافِعِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْكُفَّارِ كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ رَجَعَ إلَى مَحَلِّهِ وَالْغَنِيمَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَبِدَلِيلِ الْعَطْفِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إذَا انْفَرَدَ فَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ يُطْلَقُ الْفَيْءُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ عَكْسِهِ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْفَيْءِ دُونَ عَكْسِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَعُمُّ الْفَيْءَ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ، فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْخُذُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ نُصْرَةً وَشُجَاعَةً بَلْ أَعْظَمُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فِيمَا يَأْتِي، وَمَعْنَى أَخْذِ النَّارِ لَهُ حَرْقُهُ بِهَا فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ فِيهِ حَيَوَانٌ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرْقِ لَكِنْ يُنْظَرُ مَا إذَا كَانَ يَفْعَلُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ حَرْقِهِ فِي شَرَائِعِهِمْ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا كَشَرْعِنَا مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْعِنَا قَدْ يَجُوزُ حَرْقُ الْحَيَوَانِ، كَمَا فِي النَّمْلِ وَالْقَمْلِ إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَرْقَ هُنَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْبَشَرِ وَلِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مَالٌ) وَكَذَا غَيْرُهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ اللَّامَ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ:(حَصَلَ) أَيْ لَنَا بِمَعْنَى دُخُولِهِ فِي قَبْضَتِنَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) وَلَوْ غَيْرَ حَرْبِيِّينَ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ مِمَّا حَوْلَهُمْ فَخَرَجَ صَيْدُ دَارِهِمْ فَهُوَ كَدَارِنَا، وَخَرَجَ مَالُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ مَوْتِهِ صُدِّقَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَالِكِ) خَرَجَ بِهِ دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَالٌ) هُوَ بِاعْتِبَارٍ وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصَاتُ كَالْأَمْوَالِ قِيلَ لَوْ قَيَّدَ الْحُصُولَ بِكَوْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ لَخَرَجَ مَا أَوْرَدَ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ.

ص: 188

(إيجَافِ) أَيْ إسْرَاعِ (خَيْلٍ وَرِكَابٍ) أَيْ إبِلٍ (كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا) مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ سَمَاعِ خَبَرِهِمْ، (وَمَالِ مُرْتَدٍّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ وَ) مَالِ. (ذِمِّيٍّ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَيُخَمَّسُ) خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ قَالَ تَعَالَى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]«وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُقْسَمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسَ خُمُسِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ خُمُسُ خُمُسٍ، وَيُصْرَفُ مَا كَانَ لَهُ بَعْدَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لِلْمُرْتَزِقَةِ كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ. وَخُمُسُهُ لِخَمْسَةٍ أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالثُّغُورِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَهُمْ الْمُرَادُ بِذِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ لِاقْتِصَارِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَسْمِ عَلَيْهِمْ مَعَ سُؤَالِ غَيْرِهِمْ. مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَشْتَرِكُ) فِيهِ (الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالنِّسَاءُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ كَالْإِرْثِ) ، فَلَهُ سَهْمَانِ، وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (خَيْلٍ وَرِكَابٍ) ذَكَرَهُمَا لِلتَّبَرُّكِ بِالْقُرْآنِ فَمِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا كَرَجَّالَةٍ وَسُفُنٍ وَمِنْهُ الْمَسْرُوقُ لِوُجُودِ الْإِيجَافِ فِيهِ وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ وَالضَّالَّةُ وَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ، وَأَمَّا مَا أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لَنَا وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَهُوَ لِمَنْ أَهْدَى لَهُ، وَلَيْسَ فَيْئًا وَلَا غَنِيمَةً لِعَدَمِ الْإِيجَافِ، وَلِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِمْ. قَوْلُهُ:(أَيْ إبِلٍ) هُوَ كَالرِّكَابِ لَا وَاحِدَ لَهُمَا وَمُفْرَدُهُمَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ. قَوْلُهُ: (خَوْفًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) لَيْسَ الْخَوْفُ وَالْمُسْلِمُونَ قَيْدًا فَغَيْرُهُمْ وَلَوْ نَحْوَ مَرَضٍ كَعَجْزٍ عَنْ حَمْلِ شَيْءٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِلَا وَارِثٍ) أَيْ مُسْتَغْرَقٌ فَمَالُهُ أَوْ الْفَاضِلُ مِنْهُ فَيْءٌ إنْ انْتَظَمَ بَيْتَ الْمَالِ، وَإِلَّا رُدَّ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ:(فَيُخَمَّسُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ صَرَفُوهُ كُلَّهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} [الحشر: 7] لَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ تَصْرِيحٌ بِذِكْرِ التَّخْمِيسِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ فَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الشَّارِحُ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا لِبَيَانِهِ. قَوْلُهُ:(وَخَمَّسَهُ لِخَمْسَةٍ) وَيَتَمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلِلَّهِ) ذَكَرَهُ لِلتَّبَرُّكِ. قَوْلُهُ: (يُقْسَمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا لَمَا اُحْتِيجَ لِلْحَمْلِ السَّابِقِ وَيَجِبُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ. قَوْلُهُ:(كَالثُّغُورِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَتَيْنِ، جَمْعُ ثَغْرٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخَوْفِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَأَصْلُهُ مَحَلُّ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ:(وَالْقُضَاةِ) أَيْ فِي الْبِلَادِ لَا قُضَاةِ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ مَعَهُ يَحْكُمُونَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْمُشْتَغِلُونَ، بِأَيِّ عِلْمٍ وَلَوْ مُبْتَدِئِينَ كَعِلْمِ الْقِرَاءَةِ وَالطِّبِّ وَعُلُومِ الْأَدَبِ، كَالنَّحْوِ وَمِثْلُهُمْ الْأَئِمَّةُ وَالْمُؤَذِّنُونَ، وَمَنْ يُرِيدُ حِفْظَ الْقُرْآنِ وَسَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَقَدْرُ الْمُعْطِي إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَخْتَلِفُ بِضِيقِ الْمَالِ وَسَعَتِهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيُعْطَى الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ أَيْضًا.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ حَقَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ الظَّفَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ ثَانِيهَا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ قُوتِهِ، ثَالِثُهَا أَنَّهُ يَأْخُذُ كِفَايَةَ سَنَةٍ، رَابِعُهَا أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ مَا كَانَ يُعْطِيهِ الْإِمَامُ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَوْلُهُ:(وَيُقَدَّمُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (بَنُو هَاشِمٍ إلَخْ) فِيهِ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ أَيْ الْمُنْتَسِبِ إلَى مَنْ ذُكِرَ فَخَرَجَ وَلَدُ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ مِنْ بَنَاتِهِمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ:(وَهُمْ الْمُرَادُ بِذِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ الشَّامِلَ لِغَيْرِهِمْ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْمُرَادِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(بَنِي عَمَّيْهِمْ) هُوَ مَثْنًى وَيُبْدَلُ مِنْهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (يَشْتَرِكُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَحْوَجِ فَالْأَحْوَجِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ وَكَذَا فِي عَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِهِمْ عَنْهُ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَخِ مَعَ الْأَبِ، وَابْنِ الِابْنِ مَعَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ) وَاحِدَةُ رَاحِلَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ، وَالتَّقْدِيرُ مَا حَصَلَ عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ انْتِفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَعَمِّ انْتِفَاءُ الْأَخَصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(خَوْفًا) مِثْلُهُ مَا جَلَوْا عَنْهُ بِغَيْرِ الْخَوْفِ وَعُذْرُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةُ الْغَائِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُخَمَّسُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا: يُصْرَفُ الْجَمِيعُ لِلْمَصَالِحِ مُحْتَجِّينَ، بِأَنَّهُ آيَةُ الْفَيْءِ لَيْسَ فِيهَا تَخْمِيسٌ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَيْ تَرْكِ بَيَانِ التَّخْمِيسِ فِي آيَةِ الْفَيْءِ إحَالَةً عَلَى بَيَانِهِ فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

قُلْت: وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ فِيهَا تَخْمِيسٌ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ. نَعَمْ لَيْسَ فِيهَا التَّخْمِيسُ الَّذِي قَالَهُ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعُلَمَاءُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى هَؤُلَاءِ مَعَ الْغِنَى وَيَكُونَ إلَى رَأْيِ السُّلْطَانِ بِالْمَصْلَحَةِ، حَكَاهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قُلْت: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَقْتَضِيهِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ وَقَيَّدَ فِي الْأَيْتَامِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْإِرْثِ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى يَفْعَلُ فِيهَا مَا ذُكِرَ كَالْإِرْثِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا عَطِيَّةُ آدَمِيٍّ عَلَى أَنَّ الْمُزَنِيّ وَأَبَا ثَوْرٍ ذَهَبَا إلَى التَّسْوِيَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُدْلِي بِجِهَتَيْنِ، وَالْمُدْلِي بِجِهَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَوْ عَرَضُوا عَنْهُ، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُمْ بِالْإِعْرَاضِ.

ص: 189

وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبِنْتِ، كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ (وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى وَهُوَ) أَيْ الْيَتِيمُ (صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِشُمُولِ الِاسْمِ لِلْغَنِيِّ، (وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبَيَانُ الْفَقِيرِ فِي الْكِتَابِ التَّالِي لِهَذَا (وَيَعُمُّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) بِالْعَطَاءِ (وَقِيلَ يَخُصُّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ) وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجَمِيعَ لِلْمَشَقَّةِ فِي النَّقْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْلَ لِنَاحِيَةٍ لَا شَيْءَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَفِ مَا فِيهَا بِمَنْ فِيهَا، بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ

(وَأَمَّا الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُمْ الْأَجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْمَصَالِحِ، كَخُمُسِ الْخُمُسِ، وَأَهَمُّهَا تُعْهَدُ لِلْمُرْتَزِقَةِ، فَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ، وَيُخَالِفُهُ فِي الْفَاضِلُ عَنْهُمْ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ كَمَا يُقَسَّمُ الْخُمُسُ خُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، (فَيَضَعُ الْإِمَامُ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الِابْنِ، وَيَسْتَوِي ذُو الْجِهَتَيْنِ كَالشَّقِيقِ مَعَ ذِي الْجِهَةِ، كَالْأَخِ لِلْأَبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُعْطَى الْخُنْثَى نَصِيبَ أُنْثَى بِلَا وَقْفٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا يُوقَفُ لَهُ تَمَامُ نَصِيبِ ذَكَرٍ، وَلَعَلَّهُ إنْ رَجَى اتِّضَاحَهُ لِتَعَذُّرِ الصُّلْحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ فَهُوَ إجْمَاعٌ مُخَصِّصٌ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْيَتِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْيَتَامَى مَعْنَاهُ لُغَةً صَغِيرٌ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَلَوْ مُمَيِّزًا لَا أَبَ لَهُ أَيْ مَعْرُوفٌ شَرْعًا فَدَخَلَ وَلَدُ الزِّنَا وَاللَّقِيطُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ، وَإِذَا ظَهَرَ الْأَبُ فِيهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا دَفَعَ لَهُمَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِيهِمَا وَهَذَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَأُمٌّ، أَمْ لَا، وَفَاقِدُ الْأُمِّ مِنْهُ يُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ، وَأَمَّا الْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ فَهُوَ فَاقِدُ الْأُمِّ، وَفِي الطُّيُورِ فَهُوَ فَاقِدُ أَبَوَيْهِ مَعًا.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِعْطَاءُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ كَمَا ذَكَرَهُ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (فَقْرُهُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ، وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(الْمَسَاكِينُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْفُقَرَاءِ فَيُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ الطَّرِيقِ بِشَرْطِ الْفَقْرِ وَالْإِسْلَامِ وَإِبَاحَةِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (يَعُمُّ) أَيْ وُجُوبًا إنْ وَفَّى الْمَالُ. قَوْلُهُ: (الْأَصْنَافَ) وَكَذَا آحَادُهَا، وَلَهُ التَّفْضِيلُ فِي الْأَصْنَافِ وَالْآحَادِ. قَوْلُهُ:(الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) حَيْثُ ثَبَتَ اتِّصَافُهُمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ بِالْبَيِّنَةِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيهِمْ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِالْبَيِّنَةِ فِي الْيَتَامَى وَكَذَا فِي الْمَسَاكِينِ إنْ عُرِفَ لِلْمُدَّعِي مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ادَّعَى عِيَالًا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَابْنِ السَّبِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ الْخُمُسِ نَصِيبَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ، فَيَجْتَمِعُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ، وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ وَصْفَانِ أَخَذَ بِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَزْوًا جَازَ الْأَخْذُ بِهِمَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ يُتْمٌ، وَمَسْكَنَةٌ أَخَذَ بِالْيُتْمِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ مَرْدُودٌ نَاشِئٌ عَنْ غَفْلَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ، فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ فَقَدَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ صَرْفَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (قِيلَ يَخُصُّ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُنَاسِبُ وَإِنْ عَمَّ الْجَمِيعَ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا فَرَاجِعْهُ وَقَدْ يُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْإِمَامُ بِالْإِعْطَاءِ جَمِيعَ مَنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَبِالثَّانِي وَإِنْ عَمَّ الْمَالُ لِكَثْرَتِهِ جَمِيعَ الْأَصْنَافِ، وَاخْتَارَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّعْمِيمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ:(بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهَا يَمْتَنِعُ نَقَلَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِعُمُومِ الْآيَةِ الَّذِي جَعَلَهُ عِلَّةً لِلْجَوَابِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْقَيْدَ فَتَأَمَّلْ، وَفَارَقَ مَا هُنَا مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ مَنْعِهِ بِتَشَوُّفِ أَهْلِهَا إلَيْهَا، وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَالِكَ يُفَرِّقُهَا كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا الْمَنْعَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ فُقَرَاءَ الْمَحَلِّ قَدْ مَلَكُوا الزَّكَاةَ قَبْلَ صَرْفِهَا بِخِلَافِ الْفَيْءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلْمُرْتَزِقَةِ) وَمِنْهُمْ قُضَاتُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَمُؤَذِّنُوهُمْ وَنَحْوُهُمْ كَمَا مَرَّ. وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِطَلَبِهِمْ مِنْ الْإِمَامِ أَرْزَاقَهُمْ. قَوْلُهُ: (الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعَةِ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) إنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا فَضَلَتْ لَا يَتَأَتَّى عَلَى غَيْرِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام انْتِسَابَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ إلَيْهِ، وَالْجَوَابُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَقْرُهُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ) اسْتَدَلَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ الْفَقْرُ لَدَخَلَ فِي الْمَسَاكِينِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ النَّصِّ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ الْحِرْمَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لِلْمُرْتَزِقَةِ) لَوْ لَمْ يَفِ الْفَيْءُ بِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ. قَوْلُهُ:(وَالثَّالِثُ إلَخْ) مَأْخَذُهُ ظَاهِرُ آيَةِ الْحَشْرِ. وَلِأَنَّهَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ فَتُصْرَفُ مِنْ بَعْدِهِ لِمَنْ بِهِ النُّصْرَةُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) كَأَنَّ الشَّارِحَ خَصَّ التَّفْرِيعَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ: فَإِنْ فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ إلَخْ. لَا يَأْتِي عَلَى غَيْرِهِ.

ص: 190

كَمَا فِي الشَّامِلِ الدَّفْتَرُ الَّذِي يُثْبِتُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْمُرْتَزِقَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (وَيُنَصِّبُ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ عَرِيفًا) لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ، وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَنَصْبُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُسْتَحَبٌّ (وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (وَعِيَالِهِ وَمَا يَكْفِيهِ فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُمْ) نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَغَيْرَهُمَا لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ (وَيُقَدِّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ وَالْإِعْطَاءِ قُرَيْشًا) اسْتِحْبَابًا لِشَرَفِهِمْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِحَدِيثِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، (وَهُمْ وَلَدُ النَّضِرِ بْنِ كِنَانَةَ) أَحَدِ أَجْدَادِهِ صلى الله عليه وسلم (وَيُقَدِّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ) جَدِّهِ الثَّانِي، (وَ) بَنِي (الْمُطَّلِبِ) شَقِيقِ هَاشِمٍ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ شَمْسٍ) شَقِيقِ هَاشِمٍ، (ثُمَّ) بَنِي (نَوْفَلٍ) أَخِي هَاشِمٍ لِأَبِيهِ، عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَتَقْدِيمُ بَنِي الْمُطَّلِبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَسْوِيَةِ النَّبِيِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ فِي الْقَسْمِ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ الْعُزَّى) بْنِ قُصَيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْهَارُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ زَوْجَتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، (ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) مِنْهُمْ بَعْدَ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ (ثُمَّ) بَعْدَ قُرَيْشٍ (الْأَنْصَارَ) لِآثَارِهِمْ الْحَمِيدَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ حَيَّانِ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ (ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) أَيْ بَاقِيَهُمْ (ثُمَّ) يُعْطِي (الْعَجَمَ) ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَيَضَعُ) أَيْ نَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (دِيوَانًا) هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمُ شَيْطَانٍ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه. قَوْلُهُ:(بِكَسْرِ الدَّالِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَيُنَصِّبُ) أَيْ الْإِمَامُ وَمَنْصُوبُهُ يُسَمَّى صَاحِبَ جَيْشٍ، وَهُوَ يُنَصِّبُ النُّقَبَاءَ، وَهُمْ يُنَصِّبُونَ الْعُرَفَاءَ، فَالْعَرِيفُ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ بِوَاسِطَةٍ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ أَسْمَاءَ مَنْ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ:(وَنَصْبُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(وَيَبْحَثُ) وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَعِيَالِهِ) مِمَّنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُمْ، كَزَوْجَاتِهِ وَإِنْ حَدَثْنَ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِنَّ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهُنَّ، وَفَارَقْنَ الزَّوْجَاتِ بِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ حَدَثُوا لِعَدَمِ اخْتِيَارِهِ فِي حُدُوثِهِمْ، وَعَبِيدِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمْ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ أَعْطَى عَبْدًا وَمُؤْنَتَهُ، وَكَذَا الْفَرَسُ لِمَنْ يُقَاتِلُ فَارِسًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لَا يُعْطَى دَوَابَّ وَلَا مُؤْنَتَهَا، وَاشْتَرَطَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي كُلِّ مَنْ يُعْطَى لِأَجْلِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي أُصُولِهِ، وَلَا فِي زَوْجَاتِهِ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَسَيَأْتِي مَا بَعْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ:(وَمَا يَكْفِيهِمْ) وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالرُّخْصُ وَالْغَلَاءُ وَعَادَتُهُ مُرُوءَةً وَضِدَّهَا، وَيُزَادُ بِزِيَادَةِ مُمَوَّنِهِ. قَوْلُهُ:(فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُمْ) وَيَمْلِكُ مَا يُعْطَاهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَوْ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، وَيَصِيرُ إلَيْهِمْ مِنْ جِهَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا يَأْخُذُهُ، وَلَوْ بِغَيْرِ الْإِعْطَاءِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ الَّتِي عَلَيْهِ لَهُ دَفْعُهَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَ.

قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ) أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (قُرَيْشًا) سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَقَرُّشِهِمْ أَيْ تَجَمُّعِهِمْ أَوْ لِشِدَّتِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا) أَيْ بِصِيغَةِ بَلَغَنِي. قَوْلُهُ: (وَلَدُ النَّضْرِ) وَقِيلَ وَلَدُ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ. قَوْلُهُ: (ابْنِ كِنَانَةَ) وَهُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ بْنُ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ إلَى هُنَا انْتَهَى النَّسَبُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ أَجْدَادِهِ) هُوَ بَدَلٌ مِنْ النَّضْرِ وَهُوَ الْجَدُّ الثَّانِي عَشَرَ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (جَدِّهِ الثَّانِي) هُوَ بَدَلٌ مِنْ هَاشِمٍ وَقَبْلَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَوْلُهُ: (عَبْدِ مَنَافٍ) هُوَ جَدُّهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَبُو الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ. قَوْلُهُ:(ابْنِ قُصَيٍّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ هُوَ جَدُّهُ الرَّابِعُ وَهُوَ ابْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ بِالْهَمْزِ، وَتَرَكَهُ ابْنُ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِذَا ضُمَّ هَذَا إلَى مَا سَبَقَ انْتَظَمَ لَهُ عِشْرُونَ جَدًّا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ اهـ. قَوْلُهُ:(بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ أَخُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَشَارَ إلَى عِلَّةِ تَقْدِيمِهِمْ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُمْ أَصْهَارُهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. قَوْلُهُ: (بَنُو عَبْدِ الدَّارِ) هُوَ أَخُو عَبْدِ مَنَافٍ أَيْضًا، فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَوْلَادُ قُصَيٍّ ثُمَّ يُقَدَّمُ بَعْدَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْوَالُهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَنُو مَخْزُومٍ لِمَكَانِ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما ثُمَّ بَنُو عَدِيٍّ لِمَكَانِ عُمَرَ رضي الله عنه ثُمَّ بَنُو جُمَحَ، ثُمَّ بَنُو سَهْمٍ، ثُمَّ بَنُو عَامِرٍ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ.

قَوْلُهُ: (حَيَّانِ) مُثَنَّى حَيٍّ بِمَعْنَى قَبِيلَةٍ وَيُبْدَلُ مِنْهُمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَيْلَةَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ اسْمُ جَدَّتِهِمْ الْعُلْيَا، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَوْسُ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ وَرَثَةِ أَخْوَالِهِ صلى الله عليه وسلم. قَوْلُهُ:(ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ بَعْدَ الْأَنْصَارِ) أَيْ وَبَعْدَ الْأَقْرَبِ إلَى الْأَنْصَارِ كَمُضَرٍ فَرَبِيعَةَ فَعَدْنَانَ فَقَحْطَانَ، وَيُقَدَّمُ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الشَّامِلِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَضْبِطُ الْأَسْمَاعَ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُهُ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ بَيَانِ الدِّيوَانِ، وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ يُفْهِمُ الْوُجُوبَ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(ثُمَّ الْأَنْصَارُ) هُمْ مِنْ وَلَدِ قَحْطَانَ.

ص: 191

(وَلَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى، وَلَا زَمِنًا، وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) غَيْرَهُمَا لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ الْأَقْوِيَاءَ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلْغَزْوِ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمُسْلِمِينَ، (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) أَيْ زَوَالُ مَرَضِهِ أَوْ جُنُونِهِ (أُعْطِيَ) لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ وَيَشْتَغِلُوا بِالْكَسْبِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ) زَوَالُهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا (وَكَذَا) تُعْطَى (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ إذَا مَاتَ) لِئَلَّا يُشْغَلَ النَّاسُ بِالْكَسْبِ عَنْ الْجِهَادِ، إذَا عَلِمُوا ضَيَاعَ عِيَالِهِمْ بَعْدَهُمْ، (فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ وَالْأَوْلَادُ) الذُّكُورُ (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) بِالْكَسْبِ، وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْوَسِيطِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُعْطَى هُوَ وَلَا عِيَالُهُ بَعْدَهُ، لِعَدَمِ رَجَاءِ نَفْعِهِ وَلِزَوَالِ تَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ

(فَإِنْ فَضَّلَتْ) بِالتَّشْدِيدِ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ وَزَّعَ) الْفَاضِلَ (عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ بَعْضَهُ فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) أَيْ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُدَّةٌ لَهُمْ، وَيَكُونُ الْمُوَزَّعُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُوَزِّعُ جَمِيعَ الْفَاضِلِ، (وَهَذَا حُكْمُ مَنْقُولِ الْفَيْءِ فَأَمَّا عَقَارُهُ) وَهُوَ الدُّورُ وَالْأَرَاضِيُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْعَلُ وَقْفًا) بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ (وَتُقَسَّمَ غَلَّتُهُ) كُلَّ سَنَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ قَسْمِ الْمَنْقُولِ، أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ سَوَاءٌ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ، وَوُجِّهَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ كَالْمَنْقُولِ إلَّا سَهْمَ الْمَصَالِحِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

بِالْقُرْبِ فَيَسْبِقُ الْإِسْلَامُ فَبِالدِّينِ فَبِالسِّنِّ، فَبِالْهِجْرَةِ فَبِالشَّجَاعَةِ فَبِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَقَدَّمَ السِّنَّ هُنَا عَكْسَ إمَامَةِ الصَّلَاةِ نَظَرًا لِلِافْتِخَارِ هُنَا. قَوْلُهُ:(وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ) وَهُوَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَيُقَدَّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ) أَيْ نَدْبًا فَيُكْرَهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ، وَهَذَا فِي إثْبَاتِ أَسْمَاءِ الْمُرْتَزِقَةِ، أَمَّا عِيَالُهُمْ فَيُثْبِتُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(أَعْطَى) وَإِنْ مَحَى اسْمَهُ مِنْ الدِّيوَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَحْوُ اسْمِ مَنْ لَمْ يُرْجَ، وَطَالَ مَرَضُهُ مَنْدُوبٌ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وُجُوبُهُ، وَلَعَلَّ الْإِعْطَاءَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَاجِبٌ. قَوْلُهُ:(لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ وُجُوبِ إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْعَالِمِ وَظَائِفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِرَغْبَةِ الْأَنْفُسِ فِي الْعِلْمِ، لَا عَنْهُ وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ، وَأَمَّا أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ فَأَوْلَادُ الْعَالِمِ بَعْدَهُ يُعْطَوْنَ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ:(فَيُعْطِي الزَّوْجَةَ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَكَذَا الْمُسْتَوْلَدَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تُنْكَحَ) أَوْ تَسْتَغْنِيَ أَوْ تَمُوتَ. قَوْلُهُ: (الذُّكُورُ) قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسِبَةِ قَوْلِهِ لِيَسْتَقِلُّوا إلَخْ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْإِنَاثَ فِي كَلَامِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ مَا ذَكَرَهُ بَقَاءَ إعْطَاءِ الْبَنَاتِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، وَإِنْ اسْتَقَلُّوا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَنْ يُعْطَى فِي جَمِيعِ مَنْ ذُكِرَ بِالْإِسْلَامِ وَالْخِيَرَةِ فِي قَدْرِ الْمُعْطِي، وَزَمَنُ الْإِعْطَاءِ لِلْإِمَامِ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إنْ اسْتَغْنَى، وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَيُجِيبُ مَنْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا وَرَآهُ مَصْلَحَةً، وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ.

فَرْعٌ: مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ

. قَوْلُهُ: (بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ فِي الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ التَّخْفِيفَ، وَفِيهِ إيهَامُ بَقَاءِ جَمِيعِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ:(وَزَّعَ الْفَاضِلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ لَا عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا ذَرَارِيِّهِمْ. قَوْلُهُ:(عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ مَا أَعْطَى لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخَذَهُ الْجَمِيعُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَصْرِفَ بَعْضَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ لَا جَمِيعَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكُرَاعِ أَيْ الْخَيْلِ) وَكَذَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَبِنَاءِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَهُ صَرْفُهُ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَيُعَوِّضُهُمْ عَنْهُ وَلَهُ صَرْفُهُ لَهُمْ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُبْقِي فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفَيْءِ شَيْئًا مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا وَلَا يَدَّخِرُ مِنْهُ شَيْئًا لِنَحْوِ خَوْفِ نَازِلَةٍ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا أُنْزِلَتْ وَاحْتَاجَتْ لِمَالٍ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَهُ الْإِدْخَالُ.

فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ إعْطَائِهِ بَقِيَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى نَاظِرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ) وَغَلَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِأَهْلِ الْخُمُسِ الْخَمْسَةِ، وَهَذَا إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَقَسْمُ ثَمَنِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَهُ قَسْمُهُ مَنْ رَآهُ كَذَلِكَ إلَّا خُمُسَ الْخَمْسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ قِسْمَتُهُ فَوَقْفُهُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ) وَقَدْ مَرَّ تَرْجِيحُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَمَرَّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ) إفْرَادُ الْأَوَّلِ وَجَمْعُ الثَّانِي رُبَّمَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى زَوْجَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، ثُمَّ اُسْتُغْرِبَ أَنَّهَا تُعْطَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُزِّعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا فَرْعٌ لِلْإِمَامِ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِهِ وَيُعْطِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا رَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.

ص: 192