الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلِفِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ وَيُقْرِئُ) الْقُرْآنَ أَوْ الْحَدِيثَ أَوْ الْفِقْهَ وَنَحْوَهَا. (كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ.
(وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى (فَلَوْ فَارَقَهُ) قَبْلَهَا (لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ) كَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَإِجَابَةِ دَاعٍ (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) بِهِ (فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ) فِيهِ وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِمُفَارَقَتِهِ كَمَا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى. (وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسْبَلٍ، أَوْ فَقِيهٍ إلَى مَدْرَسَةٍ أَوْ صُوفِيٍّ إلَى خَانْقَاهْ لَمْ يُزْعَجْ) مِنْهُ (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) مِنْهُ (بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ، رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَفْصِيلِهِ. (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَوْ فِي نَحْوِ مُحْيَاةٍ، وَلَوْ فِي نَحْوِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ:(وَنَحْوِهَا) كَجُلُوسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُفِيدَ أَوْ يَسْتَفِيدَ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْجَالِسِ إلَخْ) مِنْهُ التَّظْلِيلُ بِنَحْوِ بَارِيَةٍ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ. قَوْلُهُ:(لِصَلَاةٍ) وَمِثْلُهَا اعْتِكَافٌ إنْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ وَشَمِلَ جُلُوسُ الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ الْمَحَلِّ كَعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا لَوْ جَلَسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ عُدَّ مُنْتَظِرًا لَهَا عُرْفًا لَا نَحْوَ بَعْدَ صُبْحٍ لِانْتِظَارِ ظُهْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ جَالِسًا.
قَوْلُهُ: (لِيَعُودَ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عِلْمِ رِضَاهُ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَلِغَيْرِهِ سَدُّ مَكَانِهِ، وَإِنْ عَلِمَ حُضُورَهُ فِيهَا لَا؛ لِأَنَّهُ يَجُبُّ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نَحْوُ سَجَّادَةٍ دَفَعَهَا بِنَحْوِ رِجْلِهِ، أَوْ عُودٍ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ وَمِثْلُهُ فَرْشُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ فِي مَكَّةَ خَلْفَ الْمَقَامِ، أَوْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَيَحْرُمُ فَرْشُهَا فِي ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ يُمْنَعُ الْجَالِسُ خَلْفَ الْمَقَامِ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ، لِمَا ذُكِرَ وَفَارَقَ مَا هُنَا بَقَاءَ الْحَقِّ لِمَنْ فَارَقَ فِي نَحْوِ الْمَقَاعِدِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْمَسْجِدِ، وَاعْتِبَارُ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَنُوطَةٌ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ لَا بِالْبُقْعَةِ.
فَرْعٌ يُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ لِحِرْفَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ فِيهَا ازْدِرَاءٌ بِهِ وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ فِعْلُهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهَا تَضْيِيقٌ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَوْ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ كَالْكَاتِبِ بِالْأُجْرَةِ وَيُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ يَتَطَرَّقُ حِلَقَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ تَوْقِيرًا لَهُمْ. قَوْلُهُ:(إلَى مَوْضِعٍ) أَيْ وَفِي الدَّاخِلِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَاظِرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ تَطُلْ غِيبَتُهُ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لَهَا، وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ وَاقِفٍ أَوْ عُرْفًا أَوْ مُدَّةَ السَّفَرِ فِي مَحَلِّ مُسَافِرٍ، أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ فِيمَا لِلْمُتَعَلِّمِ فَيُزْعَجُ مُدَرِّسٌ تَرَكَ التَّدْرِيسَ فِي الْمَسَاجِدِ مَثَلًا، وَمُتَعَلِّمٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ مُهَيَّأً لِلتَّعَبُّدِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ بَطَالَةِ الْمُدَرِّسِينَ فِي الْمَدَارِسِ فَيُمْنَعُ اسْتِحْقَاقُ مَعْلُومِهَا عَلَى شَيْخٍ لَمْ يُدَرِّسْ، وَمُتَعَلِّمٍ لَمْ يَحْضُرْ إذَا حَضَرَ وَجَدَّ الْمُدَرِّسُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ بَطَالَتِهِمْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فِيمَا سَبَقَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الْمَعْلُومِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُتَعَلِّمِ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ فَلَا يَسْقُطُ مَعْلُومُ الْمُتَعَلِّمِ.
فُرُوعٌ: لِبُيُوتِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا حُكْمُ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا يُبَاحُ سُكْنَاهَا إلَّا لِفَقِيهٍ مُطْلَقًا، أَوْ لِمَنْ فِيهِ شَرْطُ وَاقِفِهَا، وَلِكُلِّ أَحَدٍ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا كَمَنْ فِيهِ لِنَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا لَمْ يُضَيَّقْ وَلَمْ يُقَدَّرْ وَلَمْ يُطْلَبْ تَرْكُهَا فِيهَا كَمَا مَرَّ.
فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (الْمَعْدِنُ) مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُسْتَخْرَجُ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ بِصَلَاةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَجَّادَتَهُ فَفُرِشَتْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشِرَاءِ حَاجَةٍ) مِنْهُ تَعْلَمُ اشْتِرَاطَ الْعُذْرِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: الْمَدَارِسُ الَّتِي بُنِيَتْ فِي زَمَنٍ اُعْتِيدَ فِيهِ بَطَالَةُ أَشْهُرٍ يُسْتَحَقُّ الْمَعْلُومُ فِي زَمَنِ الْبَطَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدَارِسِ الْمَذْكُورَةِ.
فَرْعٌ: سُكْنَى غَيْرِ الْمُتَفَقِّهَةِ فِي بُيُوتِ الْمَدَارِسِ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ
[فَصْلٌ الْمَعْدِنُ تَمْلِيكُهُ بِالْإِحْيَاءِ]
فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَنَفْطٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ دُهْنٌ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ.
(وَكِبْرِيتٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَقَارٍ) وَهُوَ الزِّفْتُ (وَمُومْيَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيه الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ، فَيَجْمُدُ وَيَصِيرُ كَالْقَارِ لَا الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ عِظَامِ الْمَوْتَى فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ. (وَبِرَامٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ حَجَرٌ يُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ. (وَأَحْجَارُ رَحًى لَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ وَلَا إقْطَاعٍ) بِالرَّفْعِ أَيْ مِنْ السُّلْطَانِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ، كَالْمَاءِ الْجَارِي وَالْكَلَأِ وَالْحَطَبِ وَلَوْ بَنَى عَلَيْهِ دَارًا لَمْ يَمْلِكْ الْبُقْعَةَ وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِهِ (فَإِنْ ضَاقَ نِيلُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ مِنْهُ عَنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا جَاءَا إلَيْهِ (قُدِّمَ السَّابِقُ) إلَيْهِ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) قَالَ الْإِمَامُ يَأْخُذُ مَا تَقْتَضِيه الْعَادَةُ لِأَمْثَالِهِ، (فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) ؛ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ، وَالثَّانِي يَأْخُذُ مَا شَاءَ لِسَبْقِهِ. (فَلَوْ جَاءَا) إلَيْهِ.
(مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الْإِمَامُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ، وَالثَّالِثُ يُنَصِّبُ مَنْ يَقْسِمُ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا. (وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ، وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، لَا يُمْلَكُ بِالْحَفْرِ الْعَمَلَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِذَلِكَ كَالْمَوَاتِ إذَا أَحْيَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ الْمُحْيِيَ يَسْتَغْنِي عَنْ الْعَمَلِ، وَالنِّيلُ مَبْثُوثٌ فِي طَبَقَاتِ الْأَرْضِ يُحْوِجُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى حَفْرٍ وَعَمَلٍ وَعَلَى الْمِلْكِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ، وَخُرُوجِ النِّيلِ، وَهُوَ قَبْلَ خُرُوجِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ، وَعَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ، هُوَ أَحَقُّ بِهِ لَكِنْ، إذَا طَالَ مَقَامُهُ، فَفِي إزْعَاجِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ ازْدَحَمَ عَلَيْهِ اثْنَانِ فَعَلَى الْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ، وَلِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ عَلَى الْمِلْكِ وَكَذَا عَلَى عَدَمِهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يُقْطِعُ الْأَقْدَارَ يَتَأَتَّى لِلْمُقْطَعِ الْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ وَيَجُوزُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْعَمَلُ فِيهِ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْمَوَاتِ.
(وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ) لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (مَلَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقُدِّمَ لِمِلْكِهَا بِالْإِحْيَاءِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَاِتَّخَذَ عَلَيْهِ دَارًا، فَفِي مِلْكِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمِلْكِ، وَأَمَّا الْبُقْعَةُ الْمُحْيَاةُ فَلَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَقِيلَ تُمْلَكُ بِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرَ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَفِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ مَعْدِنٌ، بَاطِنٌ أَوْ ظَاهِرٌ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ.
(وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ مِنْ الْأَوْدِيَةِ يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ (وَالْعُيُونِ فِي الْجِبَالِ) وَسُيُولِ الْأَمْطَارِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيه إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي قَاعِ الْبَحْرِ ثُمَّ يَقْذِفُهُ الْمَاءُ بِتَمَوُّجِهِ إلَى الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (وَبِرَامٍ) جَمْعُ بُرْمَةٍ بِالضَّمِّ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْلَكُ إلَخْ) وَلَا بُقْعَتُهُ إنْ عَلِمَهُ، فَإِنْ جَهِلَهُ مَلَكَهُ وَبُقْعَتَهُ وَكَذَا الْبَاطِنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(وَلَا إقْطَاعٍ) وَلَوْ لِلْإِرْفَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) عَطْفًا عَلَى اخْتِصَاصٍ لِإِفَادَةِ نَفْيِ الْإِقْطَاعِ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَحَجُّرٍ لِاقْتِضَائِهِ نَفْيَ الِاخْتِصَاصِ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ.
قَوْلُهُ: (كَالْمَاءِ) وَكَذَا الْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالْجَبَلِيُّ. نَعَمْ لَوْ حَفَرَ بِجَانِبِ السَّاحِلِ وَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهِ فَانْعَقَدَ مِلْحًا جَازَ إحْيَاؤُهُ، وَإِقْطَاعُهُ، وَلَوْ تَمْلِيكًا وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ الْجَلْيُ إلَى حَفْرٍ.
فَرْعٌ: مِنْ الظَّاهِرِ سَمْكُ الْبِرَكِ وَصَيْدُ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ وَجَوَاهِرُهُمَا، وَشَجَرُ الْأَيْكَةِ وَثِمَارُهَا، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَحَجُّرٌ وَلَا اخْتِصَاصٌ وَلَا قِطَاعٌ وَلَوْ إرْفَاقًا وَلَا أَخْذُ مَالٍ أَوْ عِوَضٍ مِمَّنْ يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. نَعَمْ يَمْلِكُهَا تَبَعًا لِلْبُقْعَةِ إذَا مَلَكَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَمْلِكْ الْبُقْعَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّسَعَ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ جَانِبٍ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) أَيْ مَا دَامَ عَاكِفًا فَإِنْ انْصَرَفَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) نَعَمْ إنْ بِغَيْرِهِ أُزْعِجَ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (مَعًا) يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا وَتَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قُدِّمَ وَلَا إقْرَاعَ. قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) وَرَصَاصٍ وَفَيْرُوزِ وَعَقِيقٍ وَيَاقُوتٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْلَكُ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ.
فَرْعٌ: لِقِطْعَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا أَظْهَرَهَا السَّيْلُ مَثَلًا حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ) أَيْ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ تَحْجِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْطِعُ إلَخْ) فَإِنْ زَادَ مُنِعَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِحْيَاءِ.
قَوْلُهُ: (بَاطِنٌ) لَيْسَ قَيْدًا وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُنَزَّلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: (الْبُقْعَةُ) الْمُرَادُ بِهَا مَا حُوِّطَ عَلَيْهِ لَا مَحَلُّ الْمَعْدِنِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (كَالنِّيلِ) وَعِمَارَتُهُ وَإِصْلَاحُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا سَائِرُ النُّزُعِ وَالْخُلْجَانِ وَسَوَاحِلِ مَا ذُكِرَ مِثْلُهَا، وَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ وَغَيْرُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ يَجُوزُ بِنَاءُ نَحْوِ الرَّحَى فِيهَا، حِينَئِذٍ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ عَلَيْهَا.
فَائِدَةٌ غَرِيبَةٌ: ذَكَرَ الْجَلَالُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرْصَدَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِحَفْرِ خُلْجَانِ إقْلِيمِ مِصْرَ وَتُرَعِهِ وَبُحُورِهِ وَتَسْوِيَةِ جُسُورِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكِبْرِيتٍ) هُوَ عَيْنٌ تَجْرِي وَتُضِيءُ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِذَا فَارَقَهُ زَالَ ضَوْءُهُ. قَوْلُهُ:(كَالْمَاءِ الْجَارِي إلَخْ) بِجَامِعِ الظُّهُورِ، وَالنَّفْعِ الْعَامِّ، وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ، إلَى مُؤْنَةٍ فِي التَّحْصِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(قُدِّمَ السَّابِقُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ قَامَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ إلَيْهِ أَحَقُّ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(كَالتَّحَجُّرِ) أَيْ فَهُوَ كَتَحَجُّرِ الْمَاءِ الْعِدِّ، وَيُفَارِقُ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَعَادِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَخْ) لَوْ أَظْهَرَ السَّيْلُ مَعْدِنَ ذَهَبٍ مَثَلًا صَارَ مِنْ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَوَاتِ إذَا أُحْيِيَ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلَاجِ وَالْمُؤَنِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) أَيْ بِخِلَافِ الرِّكَازِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْمُحْيِيَ يَمْلِكُ الرِّكَازَ أَيْضًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمِلْكِ) رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْبُقْعَةُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: فَإِنْ عَلِمَ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ظَاهِرُ مِلْكِهِ)
(يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا يَشَاءُ. (فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَاضِيهمْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلْفٍ (مِنْهَا فَضَاقَ الْمَاءُ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَعْلَى سَقَى الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِذَلِكَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ ارْتِفَاعٌ) مِنْ طَرَفٍ (وَانْخِفَاضٌ) مِنْ طَرَفٍ (أُفْرِدَ كُلُّ طَرَفٍ بِسَقْيٍ) بِمَا هُوَ طَرِيقُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقُهُ، أَنْ يَسْقِيَ الْمُنْخَفِضُ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يَسُدَّهُ ثُمَّ يَسْقِيَ الْمُرْتَفِعَ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَفِي بِالْجَمِيعِ سَقَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ. (وَمَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فِي إنَاءٍ مُلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُمْلَكُ لَكِنَّ آخِذَهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ
(وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ لِلِارْتِفَاقِ) دُونَ التَّمَلُّكِ (أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يَرْتَحِلَ) فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ، وَقَبْلَ ارْتِحَالِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَا فَضَلَ عَنْهُ عَنْ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، لِلشُّرْبِ إذَا اسْتَقَى بِدَلْوِ نَفْسِهِ وَلَا مَنْعُ مَوَاشِيه، وَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ سَقْيِ الزَّرْعِ بِهِ (وَالْمَحْفُورَةُ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) حَافِرُهَا (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مَلَكَهُ كَالثَّمَرَةِ وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ لِحَدِيثِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَسَوَاءً مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعٍ وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ)
ــ
[حاشية قليوبي]
أَلْفِ قِطَاعٍ بِالطَّوَارِئِ، وَالْأَعْلَاقُ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا لِخُصُوصِ الصَّعِيدِ، وَالْبَاقِي لِبَقِيَّةِ الْإِقْلِيمِ.
قَوْلُهُ: (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) وَلَوْ كُفَّارًا فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا تَحَجُّرٌ وَلَا إقْطَاعٌ وَلَا إرْفَاقٌ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ إجْمَاعًا نَعَمْ مَا وُجِدَ تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْبَعُهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ. قَوْلُهُ: (مَا يَشَاءُ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ وَكَفَى الْجَمِيعَ وَإِلَّا قُدِّمَ عَطْشَانُ. وَلَوْ مَسْبُوقًا عَلَى غَيْرِهِ وَآدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ عَلَى غَيْرِهِ. وَسَابِقٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ لِحَاجَةِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ لِحَاجَةِ دَوَابِّهِمْ، وَلَا تَدْخُلُ دَوَابُّهُمْ فِي قُرْعَتِهِمْ نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا إقْرَاعَ. قَوْلُهُ:(الْأَعْلَى) أَيْ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَاءِ، فَالْأَقْرَبُ وَهَذَا إنْ عُلِمَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ، فَإِنْ عُلِمَ سَبْقُ الْأَبْعَدِ قُدِّمَ فَإِنْ اسْتَوَوْا قُرْبًا وَجُهِلَ الْأَسْبَقُ وَأَحْيَوْا مَعًا أَقُرِعَ وُجُوبًا وَلِلْأَبْعَدِ مَنْعُ، مَنْ يُرِيدُ إحْيَاءَ مَوَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ خَشْيَةَ إثْبَاتِ حَقِّ سَبْقِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:(وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ) وَإِنْ لَزِمَ هَلَاكُ زَرْعِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ عَادَةِ الزُّرُوعِ، وَالْأَرْضِ وَالْوَقْتِ وَلَوْ احْتَاجَ بَعْضُهُمْ لِسَقْيٍ ثَانِيًا مُكِّنَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(فِي إنَاءٍ) وَمِنْهُ كِيزَانُ نَحْوِ الدَّوَالِي وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْأَحْوَاضِ وَالْمَصَائِدِ وَلَا يَحْرُمُ رَدُّهُ إلَى الْمَاءِ وَلَا يَصِيرُ شَرِيكًا بِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ أُدْخِلَ الْمَاءُ مِلْكَهُ مِنْ نَحْوَ سَيْلٍ، أَوْ نَهْرٍ فَلَا يَمْلِكُهُ لَكِنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ بِنَحْوِ دَلْوٍ، وَاسْتِعْمَالُهُ نَعَمْ إنْ سُدَّ عَلَيْهِ مَلَكَهُ، إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ وَإِنْ كَثُرَ.
قَوْلُهُ: (لِلِارْتِفَاقِ) أَيْ ارْتِفَاقِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَوْدَ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَحْفُورَةُ) أَيْ فِي الْمَوَاتِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ أَيْ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (يَمْلِكُ حَافِرُهَا مَاءَهَا) وَالنَّابِعَةُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْمَحْفُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ إلَخْ) وَحُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْمَمْلُوكِ مِنْهَا وَقُدِّمَ الْقِيَاسُ قَبْلَهُ عَلَيْهِ لِاعْتِضَادِهِ بِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ» ، إلَّا مَا كَانَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّارِ مَا كَانَتْ فِي حَطَبٍ مُبَاحٍ، أَوْ الْمُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِضَوْئِهَا أَوْ بِالْإِضَاءَةِ مِنْهَا إذْ لَيْسَ لِمَالِكِهَا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ لَهُ إطْفَاؤُهَا، وَلَوْ بِقَصْدِ مَنْعِ غَيْرِهِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمِيلُ إلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ، وَفِيهِ بُعْدٌ أَمَّا أَخْذُ جُزْءٍ مِنْ جُرْمِهَا فَمَمْنُوعٌ بِغَيْرِ رِضًا؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ أَوْ مُخْتَصٌّ بِصَاحِبِهَا. قَوْلُهُ:(وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلِهِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الِارْتِفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِتَقْيِيدِهِ الْأَوَّلَ بِالشُّرْبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَذْلُ مَا فَضَلَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ طَمُّ الْبِئْرِ بَعْدَ حَفْرِهَا فِي الْمَوَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ كَدَلْوٍ وَرَشًا وَلَا بَذْلُ الْكَلَأِ مُطْلَقًا وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إذَا اسْتَقَى بِدَلْوِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ النَّاجِزَةِ فِيمَا يُخْلِفُ، وَإِلَّا فَمُطْلَقًا وَشَمِلَ حَاجَتَهُ لِنَفْسِهِ وَمَوَاشِيه وَزَرْعِهِ، فَزَرْعُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ،
ــ
[حاشية عميرة]
الْفَتْوَى عَلَى هَذَا، وَسَوَاءٌ كَانَ جَارِيًا أَوْ جَامِدًا.
قَوْلُهُ: (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) أَيْ فَلَا تُمْلَكُ بِإِقْطَاعٍ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا تَحَجُّرٌ، وَكَذَا حُكْمُ حَافَّتَيْ النَّهْرِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا إقْطَاعُهُ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ، كَمَا عَمَّتْ بِالْبِنَاءِ فِي الْقَرَافَةِ مُسْبَلَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ:(صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَرْسِلْ إلَى جَارِك» . قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ بَلَغَ أَصْلَ الْجَدْرِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ قَوْلُ الْمَتْنِ:(الْحَائِطُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَخَرَجَ بِالْإِنَاءِ دُخُولُ السَّيْلِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ: لَوْ رَدَّ الْمَاءَ الَّذِي حَازَهُ إلَى النَّهْرِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ: (لِلِارْتِفَاقِ) أَيْ لِارْتِفَاقِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ بِلَا قَصْدِ إرْفَاقٍ لَا تُمْلَكُ، أَوْ بِقَصْدِ ارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْمَالِ وَالْكَلَا إلَخْ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَرَادَ بِالْمَاءِ مَاءَ السَّمَاءِ، وَمَاءَ الْعُيُونِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالْكَلَأِ مَرَاعِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالنَّارِ الشَّجَرَ الَّذِي يَحْتَطِبُهُ النَّاسُ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّارُ إذَا أَضْرَمَتْ فِي حَطَبٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ اهـ. أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَالْجَمْرُ نَفْسُهُ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا الْجُرْمُ الْمُضِيءُ فَالْوَجْهُ عَدَمُ مَنْعِ مَنْ يَقْتَبِسُ مِنْهُ ضَوْءًا كَالِاسْتِنَادِ لِجِدَارِ الْغَيْرِ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي بَابِ الصُّلْحِ.