الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ
بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (تَلِفَ) بِالْقَتْلِ (أَوْ أُتْلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (وَ) تُضْمَنُ (أَبْعَاضُهُ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا مِنْ الْحُرِّ) كَالْبَكَارَةِ (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) تَلِفَتْ أَوْ أُتْلِفَتْ، (وَكَذَا الْمُقَدَّرَةُ) كَالْيَدِ تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (إنْ تَلِفَتْ) بِآفَةٍ، (وَإِنْ أُتْلِفَتْ) بِجِنَايَةٍ (فَكَذَا فِي الْقَدِيمِ) تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، (وَعَلَى الْجَدِيدِ تَتَقَدَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ وَضْعِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً، وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ أَمَانَةٌ.
قَوْلُهُ: (ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ إنَّمَا تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ. نَعَمْ لَوْ غَرِمَ لِلْغَاصِبِ أُجْرَةً رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ انْتَفَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَالِكَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ وَلَا عَكْسُ. قَوْلُهُ:(كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ وَلَوْ قَتَلَهُ مَصُولٌ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ.
قَوْلُهُ: (وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ كَوَدِيعَةٍ قَصَّرَ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ، وَإِلَّا كَذَبْحِ شَاةٍ وَقَطْعِ ثَوْبٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَالْقَاطِعُ أَرْشَ الذَّبْحِ وَالْقَطْعِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَقُلْ: هُوَ مِلْكِي وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ الْغَاصِبُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَكَلَهُ تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِرَقَبَتِهِ فَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ فِي قِيمَتِهِ إذَا غَرِقَ، أَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةِ الْغَيْرِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (قَدَّمَهُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَالْمُرَادُ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي غَصَبَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(بَرِئَ الْغَاصِبُ) وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِرَدِّهِ لِمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَعِيرٍ حَيْثُ غَصَبَهُ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ، وَبِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ لِمَالِكِهِ وَلَوْ لِيَشْتَرِيَ لِلْغَاصِبِ بِهَا شَيْئًا، وَبِإِعَارَتِهِ لِمَالِكِهَا، وَإِقْرَاضِهِ لَهُ وَبَيْعِهِ لَهُ وَلَوْ جَاهِلًا فِي ذَلِكَ، وَبِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ وَعِلْمِهِ أَنَّهُ لَهُ، وَبِرَدِّهِ إلَى الْإِصْطَبْلِ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ، وَبِوُقُوعِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِأَمْرِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ. نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: أَعْتِقْهُ عَنِّي فَفَعَلَ وَقَعَ عَنْ الْغَاصِبِ، وَهُوَ بَيْعٌ إنْ ذَكَرَ عِوَضًا وَإِلَّا فَهِبَةٌ. وَلَا يَبْرَأُ بِإِجَارَتِهِ لِلْمَالِكِ، وَلَا بِإِيدَاعِهِ لَهُ، وَلَا بِتَزْوِيجِهِ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إلَّا إنْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ، وَلَوْ بِمُقَارَضَتِهِ لَهُ، وَلَا بِرَهْنٍ لَهُ لِعَدَمِ التَّسَلُّطِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ وَإِلَّا فَلَا، وَوَارِثُ الْمَالِكِ مِثْلَهُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ كَمَا مَرَّ.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ التَّلَفِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ، وَبِالْأَقْصَى فِيهِ.
قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُتْلِفَ) بِإِتْلَافٍ أَوْ بِدُونِهِ.
قَوْلُهُ: (عَادِيَةٍ) أَيْ ضَامِنَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ غَصْبٍ.
قَوْلُهُ: (كَالْبَكَارَةِ) وَإِنْ زَالَتْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، وَيَجِبُ مَعَهَا فِي الْوَطْءِ مَهْرُ ثَيِّبٍ.
قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ إلَخْ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مُقَدَّرٍ عُضْوُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَلَا غُرْمَ.
قَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ) فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ الْمَرْجُوعِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ أَوْ عَبْدُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ فِي نَحْوِ قِصَاصٍ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ الزَّائِدُ وَهُوَ طَرِيقٌ فِي ضَمَانِ النِّصْفِ أَيْضًا، وَاللُّزُومُ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسُ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ]
فَصْلُ: تَضَمُّنِ نَفْسِ الرَّقِيقِ إلَخْ قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) خَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، وَخَالَفَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فَجَعَلَ كُلَّ مُتَقَوِّمٍ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، وَحُجَّتُنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِي ضَمَانِ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ، وَضَمَانُ الْأَحْرَارِ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ. قَوْلُهُ:(عَادِيَةٍ) هِيَ تَأْنِيثُ عَادٍ بِمَعْنَى مُتَعَدٍّ، وَلَوْ قَالَ: ضَامِنَةٍ بَدَلَ عَادِيَةٍ لَشَمِلَ نَحْوَ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَكِنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْيَدِ الْعَادِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِمَا نَقَصَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ تَلِفَتْ) ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْآفَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا كَفَّارَةٌ، وَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَانَ كَالْأَمْوَالِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ كَالْبَهِيمَةِ بِجَامِعِ الْأَمْوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْجَدِيدِ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ فِي التَّكَالِيفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَحْكَامِ كَإِيجَابِ الْقِصَاصِ، وَالْفِطْرَةِ وَالتَّحْلِيلِ، وَالْحُدُودِ، وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِهِ.
قَطَعَهَا غَاصِبٌ لَهُ، لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْأَرْشِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ مَسْأَلَةُ الرَّقِيقِ مَعَ زِيَادَةٍ.
(وَ) يَضْمَنُ (سَائِرُ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَاقِيَهُ (بِالْقِيمَةِ) تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ مِنْ أَجْزَائِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ
(وَغَيْرِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ (مِثْلِيٍّ وَمُتَقَوِّمٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَنُحَاسٍ) وَحَدِيدٍ (وَتِبْرٍ) وَسَبِيكَةٍ (وَمِسْكٍ) ، وَعَنْبَرٍ (وَكَافُورٍ وَقُطْنٍ وَعِنَبٍ) وَرُطَبٍ وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، (وَدَقِيقٍ) وَحُبُوبٍ وَزَبِيبٍ وَتَمْرٍ (لَا غَالِيَةٍ وَمَعْجُونٍ) هُمَا مِمَّا خَرَجَ بِقَيْدِ جَوَازِ السَّلَمِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ. مَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ أَوْ يُذْرَعُ كَالثِّيَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي سَكَتَ عَنْ التَّقْيِيدِ بِجَوَازِ السَّلَمِ، وَالثَّالِثُ زَادَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ التَّقْيِيدُ بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ بِهِ بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ مِنْ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ (فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمِثْلُ بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ، (فَالْقِيمَةُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقْصَى قِيَمِهِ) بِالْهَاءِ (مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) . وَالثَّانِي إلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ، وَأَمَّا فِي الْجِنَايَةِ فَيُقَدَّرُ النَّقْصُ قَبِيلَ الِانْدِمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَمَا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا إلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَرَضَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ، وَشَمِلَ الرَّقِيقُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَةَ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَأَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رُبْعِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الْأَرْضِ.
فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ الرَّاهِنُ عَبْدَهُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَقْصَى قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِلُزُومِ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (سَائِرَ الْحَيَوَانِ) .
فَرْعٌ: ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذَنَبَ حِمَارٍ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ طَيْلَسَانه لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ.
قَوْلُهُ: (مِثْلِيٌّ وَمُتَقَوِّمٌ) وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مُتَقَوِّمَةٌ، وَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ:(حَصَرَهُ) أَيْ ضَبَطَهُ كَيْلٌ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَزْنٌ) أَيْ شَرْعًا وَإِلَّا فَالثِّيَابُ تُوزَنُ.
قَوْلُهُ: (كَمَاءٍ) وَإِنْ أُغْلِيَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ الْعَذْبُ وَالْمَالِحُ، وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ بِالْمَغْلِيِّ، وَمِثْلُهُ الْخَلُّ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَاءُ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَائِعَاتِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا الْغَلْيُ هُنَا وَفِي بَابِ الرِّبَا.
قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) وَلَوْ مُهَيَّأَ إنَاءٍ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَزْنًا وَقِيمَةُ الصَّنْعَةِ إنْ حَلَّتْ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُتَطَرِّقَاتِ، وَمِثْلُهُ دَرَاهِمُ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ وَقَطَعَهَا.
قَوْلُهُ: (وَدَقِيقٍ) وَنُخَالَةٍ وَمِسْكٍ وَقُطْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَبَّهُ، وَتِبْرٍ وَعَنْبَرٍ، وَكَافُورٍ وَثَلْجٍ، وَجَمْدٍ وَصُوفٍ، وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ، وَبِقَوْلٍ وَفَوَاكِهَ، وَحُبُوبٍ وَلَحْمٍ طَرِيٍّ، وَخُلُولٍ وَلَوْ مَعَ مَاءٍ وَتِبْنٍ لِإِدْرِيسَ. قَوْلُهُ:(وَغَيْرِهِ) كَالدَّقِيقِ.
قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ إلَى مَكَانٍ غَصْبِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا كَمَاءٍ غَصَبَهُ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي الْمَفَازَةِ لَا بِمِثْلِهِ، وَدَخَلَ فِي الْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسُ وَالنَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَالْكَيْلُ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنُ فِي الْمَوْزُونِ، فَلَوْ غَصَبَ مَاءً بَارِدًا لَزِمَهُ بَارِدٌ مِثْلُهُ أَوْ سَاخِنٌ مَعَ غُرْمِ تَفَاوُتِ قِيمَتِهِ، وَدَخَلَ أَيْضًا الْبُرُّ الْمُخْتَلِطُ بِشَعِيرٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ قَدْرًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَحَوَالَيْهِ) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) هَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَعْدَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَمِيرَ قِيمَتِهِ عَائِدٌ إلَى الْمَغْصُوبِ، وَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ مِثْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مِثْلِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ، يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ عَائِدٍ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ؛ يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ، إذْ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ إلَى التَّلَفِ، وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ هُوَ التَّالِفُ وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمِثْلَ هُوَ الْمَوْجُودُ، وَأَنَّ التَّالِفَ هُوَ الْمَغْصُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ فِي عَدَمِ الْمِثْلِ، فَقَدْ مَثَّلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا يُقَالُ: تَلِفَ فَسَقَطَ بِمَا ذُكِرَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهَا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَهَا غَاصِبٌ) مِثْلُهُ لَوْ قُطِعَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَاءٍ وَتُرَابٍ إلَخْ) خَصَّ الشَّيْخُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ لِخَفَائِهَا وَلِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي بَعْضِهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ لَا بِالْقِيمَةِ، وَنُظِرَ ذَلِكَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ) زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِإِخْرَاجِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا، كَمَا بَيَّنَهُ فِي بَابِهِ. قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَضْنَا عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي ذِكْرِ عَادِيَةٍ أَوَّلَ الْفَصْلِ، فَلَوْ حَذَفَهُ هُنَاكَ وَأَتَى بِهِ هُنَا كَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ كَانْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَوُجُودِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَى التَّلَفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ، لَا قِيمَةُ الْمِثْلِ. وَوُجِّهَ الثَّالِثُ أَنَّ الْمِثْلَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْوَازِ، بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الصَّبْرَ إلَى وُجْدَانِهِ.
التَّلَفِ وَالثَّالِثُ إلَى الْمُطَالَبَةِ (وَلَوْ نُقِلَ الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَدَّهُ) إلَى بَلَدِهِ (وَأَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ) لِلْحَيْلُولَةِ (فَإِذَا رَدَّهُ رَدَّهَا) وَاسْتَرَدَّهُ، (فَإِنْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِرَدِّ الْعَيْنِ فِيهِمَا، (فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ غَرَّمَهُ قِيمَةَ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ فِيهِ. (وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِالْمِثْلِ) ، وَلَا لِلْغَارِمِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَ الْمِثْلِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) وَالثَّانِي لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا.
فَرْعٌ: إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ؟ وَهَلْ لِلْآخَرِ اسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ وَبَذْلُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ لِفَقْدِ الْمِثْلِ، ثُمَّ وَجَدَهُ هَلْ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَا ذُكِرَ؟ أَصَحُّهُمَا لَا،
(وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَنُ) فِي الْغَصْبِ (بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَفِي الْإِتْلَافِ بِلَا غَصْبٍ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، فَإِنْ جُنِيَ) عَلَى الْمَأْخُوذِ بِلَا غَصْبٍ (وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ، فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى أَيْضًا) مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ، فَإِذَا جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ مَأْخُوذَةٍ بِسَوْمٍ مَثَلًا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ، ثُمَّ هَلَكَتْ بِالسِّرَايَةِ وَقِيمَةُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ، وَجَبَ عَلَيْهِ مِائَةٌ.
(وَلَا تُضْمَنُ الْخَمْرُ) لِمُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ، (وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا أَوْ بَيْعَهَا) فَتُرَاقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ نُقِلَ الْمَغْصُوبُ) وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ كَالْحَيَوَانِ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْمِثْلِيِّ بِالنَّظَرِ لِلتَّفْرِيعِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(إلَى بَلَدٍ آخَرَ) أَيْ إلَى مَكَان آخَرَ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِأَقْصَى قِيمَةٍ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ، وَيَضْمَنُ مَا لَهُ أَرْشٌ فِي الرَّقِيقِ كَيَدِهِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَالْمُقَدَّرِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ الْقِيمَةِ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَلَكِنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ لِلْحَيْلُولَةِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَمْلِكُهَا كَالْقَرْضِ مُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ.
قَوْلُهُ: (رَدَّهَا) أَيْ إنْ بَقِيَتْ مَعَ زِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ، وَأَمَّا الْمُنْفَصِلَةُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا فَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى عَدَمِ رَدِّ الْبَدَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ تَلِفَتْ رُدَّ بَدَلُهَا مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ:(غَرَّمَهُ قِيمَةَ إلَخْ) أَيْ غَرَّمَهُ أَقْصَى قِيَمِ الْبَلَدَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى وَقْتِ فَقْدِ الْمِثْلِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ تَلَفِهِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مِثْلِهِ بَعْدَهُ إلَى فَقْدِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَتِهِ ضَرُورَةً كَمَا مَرَّ كَذَا فِي كَلَامِهِمْ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي بَلَدٍ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ بِهَا لَا مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فَرَاجِعْهُ. وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَغْرَمْهَا حَتَّى وُجِدَ الْمِثْلُ طَالَبَهُ بِهِ لَا بِهَا حَتَّى يُفْقَدَ، وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ) وَكَالْمُؤْنَةِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (تَكْلِيفُهُ إلَخْ) فَلَوْ طَلَبَهُ مِنْ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ الْغَاصِبُ بِسَفَرِهِ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِيُسَلِّمَهُ لَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ:(قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ إذْ الْمُعْتَبَرُ أَقْصَى قِيَمِ كُلِّ مَكَان حَلَّ بِهِ.
قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَصْبِ إلَخْ) أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِ مَحَلٍّ حَلَّ بِهِ بِنَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا أَوْ الْمِثْلِيِّ مُقَوَّمًا كَجَعْلِ الدَّقِيقِ خُبْزًا، وَالْمُتَقَوِّمِ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ الشَّاةِ لَحْمًا، ثُمَّ تَلِفَ ضَمِنَ الثَّانِيَ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُطَالَبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيُطَالَبُ بِمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتِهِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَالْمَالِكُ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ مُخَيَّرٌ فِي الْمُطَالَبَةِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْقِيمَةُ، وَأَمَّا لَوْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَجَعْلِ الْخُبْزِ هَرِيسَةً طَالَبَهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ أَيْ بِالْأَكْثَرِ قِيمَةً مِنْهُمَا، وَتَمْثِيلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِذَلِكَ بِجَعْلِ إنَاءِ النُّحَاسِ حُلِيًّا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْقِيمَةِ فِيهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَزْنًا مَعَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ. قَوْلُهُ:(بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بِمُحَرَّمٍ كَهِرَاشِ نَحْوِ دِيَكَةٍ وَغِنَاءٍ. قَالَ الْخَطِيبُ فِي أُنْثَى وَيَضْمَنُ فِي الذَّكَرِ فَرَاجِعْهُ. وَلَا يَأْتِي هُنَا تَعَدُّدُ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّقْلِ يَكُونُ غَاصِبًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا غَصْبَ. قَوْلُهُ:(مِثْلِهَا) أَيْ الْمُمَاثِلَةِ لَهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (الْخَمْرُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مُتَنَجِّسٍ كَدُهْنٍ تَنَجَّسَ، وَسَوَاءٌ الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ وَغَيْرُهَا. قَوْلُهُ:(وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَمِثْلُهُ الْمُؤْمِنُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا) لَوْ أُسْقِطَ لَفْظُ الشُّرْبِ وَالْبَيْعِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَهُمَا كَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِإِظْهَارِهَا الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ تَجَسُّسٍ، وَلَوْ مِنْ الْجَارِ الْمُسْلِمِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (فَلِلْمَالِكِ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَنَاوَلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَأَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ) أَخْذُ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ غَرَامَةِ أُجْرَةِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ أُمَّ وَلَدٍ وَعَتَقَتْ، رَجَعَ الْغَاصِبُ بِالْقِيمَةِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ، فَفِي جَوَازِ الْوَطْءِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْحَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: أَنْ يُطَالِبَهُ.
قَوْلُهُ: (رَدَّهَا) لَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَ عَنْ الْقِيمَةِ عِوَضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ) وَكَذَا بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) بَلْ لَوْ عَادَ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ ثُمَّ تَلِفَ، كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ وَغَيْرِهِ.