الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْغَصْبِ
(هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا) ، أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا فَالْمَالِكُ مُدَّعٍ لِقِيمَتِهَا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ مَضَى مَا ذُكِرَ وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ، وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَكَذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ فِي الدَّابَّةِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَهُ قَدْرُ الْأُجْرَةِ بِلَا يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ لِمَا زَادَ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ فَالزَّائِدُ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ حَلَفَ ذُو الْيَدِ وَاسْتَوْفَى الْمُدَّةَ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْعَارِيَّةَ وَذُو الْيَدِ الْغَاصِبُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَلَا شَيْءَ سِوَى رَدِّهَا، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ وَلَمْ يَمْضِ ذَلِكَ الزَّمَنُ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَقْصَى الْقِيَمِ عَلَى قِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ زَادَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا لِمُنْكِرِهَا أَيْضًا، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَالرَّاكِبُ الْإِجَارَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَجَبَ الرَّدُّ فَقَطْ إنْ بَقِيَتْ الدَّابَّةُ، وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ، فَإِنْ سَاوَى الْمُسَمَّى أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَلَفَ لِلزَّائِدِ أَوْ الْمُسَمَّى فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ
وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالرَّاكِبُ الْغَصْبَ صُدِّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا، وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ وَإِلَّا فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ فَالْمَالِكُ يَدَّعِي الْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ تَسَاوَى أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَالزَّائِدُ مِنْ الْمُسَمَّى يَحْلِفُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ، وَالزَّائِدُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إنْ وُجِدَ اسْتِعْمَالٌ مِنْ الْآخِذِ، وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَلِلْمَالِكِ قِيَمُ الْعَيْنِ الْأَقْصَى إنْ تَلْفِت وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ عِنْدَ الْآخِذِ أَنَّهُ قَرْضٌ، وَادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْعَارِيَّةَ وَذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ أَوْ اسْتَعْمَلَهَا ذُو الْيَدِ، وَإِلَّا فَعَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْأُولَى وَالرَّدُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا.
كِتَابُ الْغَصْبِ
ذَكَرَهُ عَقِبَ الْعَارِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّمَانِ بِالتَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ فِي الْمَالِ وَإِنْ قُلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ تَبَعًا لِلْهَرَوِيِّ، وَصَغِيرَةٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَاخْتِصَاصٍ وَقِيَامٍ مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ.
قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً: فَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا مُجَاهَرَةً، وَالِاسْتِيلَاءُ هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ وَلَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ مَوْتُ وَلَدِ شَاةٍ بِذَبْحِهَا لِتَعَيُّنِ اللَّبَنِ لِغِذَائِهِ، وَيَخْرُجُ مَا لَوْ مُنِعَ مَالِكُ زَرْعٍ أَوْ دَابَّةٍ مِنْ السَّقْيِ فَهَلَكَ، وَمَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا أَوْ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَخَذَ بِيَدِ رَقِيقٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ، أَوْ نَقَلَهُ بِلَا قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ أَوْ خَوَّفَهُ بِتُهْمَةٍ نَحْوِ سَرِقَةٍ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ فَالْمُرَادُ الْعُدْوَانُ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ أَمَانَاتٌ تَعَدَّى فِيهَا وَإِنْ جَهِلَهَا، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا السَّرِقَةُ وَغَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ خُفْيَةً فَهُوَ سَرِقَةٌ، أَوْ مُجَاهَرَةً فِي صَحْرَاءَ فَهُوَ مُحَارَبَةٌ، أَوْ مُتَعَمِّدَ الْهَرَبِ فَهُوَ اخْتِلَاسٌ، أَوْ جَحْدُ أَمَانَةٍ فَهُوَ خِيَانَةٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ وَالسَّوْمُ وَالضِّيَافَةُ وَنَحْوُهَا.
قَوْلُهُ: (وَبِهِ عُبِّرَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَصْبَ قَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الضَّمَانِ. وَالْإِثْمِ وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الْإِثْمِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ ضَمَانٌ أَوْ لَا، وَهُوَ مَا سَلَكَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَبْلَ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الْأَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا سَلَكَهُ فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقُورِ وَإِلَّا فَلَا يَدَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ. قَوْلُهُ:(وَيَدْخُلُ ذَلِكَ إلَخْ) كَمَا دَخَلَ فِيهِ السَّرِقَةُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا بِالْغَصْبِ أَوْلَى مِمَّنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية عميرة]
[كِتَابُ الْغَصْبِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (هُوَ الِاسْتِيلَاءُ إلَخْ) أَيْ هَذَا تَعْرِيفُهُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا مُجَاهَرَةً، فَإِنْ كَانَ مِنْ حِرْزٍ سُمِّيَ سَرِقَةً، أَوْ مُكَابَرَةً فِي صَحْرَاءَ سُمِّيَ مُحَارَبَةً، أَوْ جِهَارًا وَاعْتَمَدَ الْهَرَبَ سُمِّيَ اخْتِلَاسًا، وَإِنْ جَحَدَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ سُمِّيَ خِيَانَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْغَيْرِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ غَيْرَ تَلْزَمُ التَّنْكِيرَ، فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ أَلْ عَلَيْهَا.
وَبِهِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مَالُ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُغْصَبُ، وَلَيْسَ بِمَالٍ كَالْكَلْبِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ، وَالِاخْتِصَاصُ بِالْحَقِّ كَحَقِّ التَّحَجُّرِ. وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: حَقٌّ قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَالرَّوْضَةِ، (فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ) ذَلِكَ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا، وَالرَّافِعِيُّ حَكَى فِي عَدَمِ قَصْدِهِ وَجْهَيْنِ كَعَدَمِ النَّقْلِ، (وَلَوْ دَخَلَ دَارِهِ وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) فَخَرَجَ مِنْهَا.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا دَخَلَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى، (أَوْ أَزْعَجَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ وَلَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) ، وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ. (وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) أَنَّهُ لَيْسَ بِغَاصِبٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَالْأَشْهُرُ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا.
(وَلَوْ سَكَنَ بَيْتًا) مِنْ الدَّارِ (وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ فَغَاصِبٌ لِلْبَيْتِ فَقَطْ) ، أَيْ دُونَ بَاقِي الدَّارِ، (وَلَوْ دَخَلَ) الدَّارَ (بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَيْسَ الْمَالِك فِيهَا فَغَاصِبٌ) لَهَا. وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمَالِكُ قَوِيًّا، (وَإِنْ كَانَ) الْمَالِكُ (فِيهَا وَلَمْ يُزْعِجْهُ) عَنْهَا (فَغَاصِبٌ لِنِصْفِ الدَّارِ) لِاسْتِيلَائِهِ مَعَ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، (إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ) أَيْ الدَّابَّةَ وَالْفِرَاشَ فَخَرَجَ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ سَوْقَهَا فَلَيْسَ غَصْبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا، وَلَوْ رَكِبَ مَعَ مَالِكِهَا فَهُوَ غَاصِبٌ لِنِصْفِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الدَّارِ، وَخَرَجَ بِالْجُلُوسِ ضَمُّهُ إلَى بَعْضِهِ بِغَيْرِ حَمْلٍ فَلَيْسَ غَصْبًا أَيْضًا وَبِالدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ، فَلَا بُدَّ فِي غَصْبِهَا مِنْ الِاسْتِيلَاءِ بِالنَّقْلِ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِبَعْثِهِ فِي حَاجَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا بَعَثَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ. نَعَمْ لَوْ حَضَرَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَوْ الْفِرَاشِ وَلَمْ يُزْعِجْهُ الْغَاصِبُ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِكِ فَلَيْسَ بِغَاصِبٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَقَارِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَمَعْنَى حُضُورِهِ فِي الْفِرَاشِ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ لَا وُجُودُهُ عِنْدَ الْجَالِسِ، وَلَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ آخَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ غَاصِبٌ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ وَكَذَا ثَالِثٌ، وَهَكَذَا وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْهُ عَلَى الْمُتَّجَهِ الْمُنَاسِبِ لِلْقَوَاعِدِ، فَمَا نُقِلَ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْفِرَاشُ كَبِيرًا هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ؟ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْغَاصِبُ عَلَى فِرَاشٍ كَبِيرٍ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ أَوْ قَدْرَ مَا عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَقَطْ؟ يَظْهَرُ الثَّانِي فِيهِمَا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كُلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي الْمَبِيعِ غَصْبٌ سَوَاءٌ حَصَلَ مَعَهُ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ لَا، إلَّا فِي نَحْوِ جَحْدِ وَدِيعَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّعْمِيمِ خَاصٌّ بِالدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ.
قَوْلُهُ: (وَالرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَدَمِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَى الْمِنْهَاجِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَدَمِ النَّقْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَأَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ الْإِزْعَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (بِأَهْلِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ مِنْ الْمِنْهَاجِ، وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا لِنَحْوِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ. قَوْلُهُ:(فَغَاصِبٌ) أَيْ لِلدَّارِ وَكَذَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْقُولِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَالِكَهُ مِنْ نَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَنُوَزِّعُ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ.
قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى) وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِمُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ وَنَازَعَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ الِاسْتِيلَاءِ فَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْمَالِكُ) وَلَا نَائِبُهُ كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) وَإِنْ لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَى مَالِكِهَا.
قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ فِيهَا) وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا جِدًّا وَالْغَاصِبُ قَوِيًّا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ الْغَاصِبُ فَالْغَصْبُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ، وَلَا نَظَرَ لِأَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ لِأَحَدِهِمَا مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُزْعِجْهُ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهَا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ) أَيْ الَّذِي لِلصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَبَقِيَّةُ الْفَوَاسِقِ فَلَا يَدَ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُك أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى إلَخْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ دَخَلَ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي: لَوْ دَفَعَ إلَى عَبْدِ الْغَيْرِ شَيْئًا لِيُوصِلَهُ إلَى بَيْتِهِ، أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي شُغْلٍ كَانَ غَاصِبًا لِلْعَبْدِ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا اُعْتُقِدَ طَاعَةُ الْآمِرِ كَعَبْدِ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا اهـ.
وَقَوْلُ الْقَاضِي إلَى بَيْتِهِ، كَأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى بَيْتِ الدَّافِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ) خَرَجَ مَا لَوْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَيْهَا لِيَبْنِيَ مِثْلَهَا مَثَلًا، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَنْقُولِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ فَلَا أَثَرَ لِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَقَصْدُهُ وَسْوَسَةٌ وَحَدِيثُ نَفْسٍ.
صَاحِبِ الدَّارِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ دَخَلَهَا لَا عَلَى قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَلَكِنْ لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ لَهُ أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا.
(وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) لِلْمَغْصُوبِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . (فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (ضَمِنَهُ) حَيْثُ يَكُونُ مَالًا، وَهُوَ الْغَالِبُ مِمَّا سَيَأْتِي وَغَيْرُ الْمَالِ كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ لَا يُضْمَنُ
(وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي بَعْدَهَا ذَكَرُوهَا اسْتِطْرَادًا لِمَا يُضْمَنُ بِغَيْرِ الْغَصْبِ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسَبُّبِ
(وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ مَطْرُوحٍ عَلَى الْأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٍ فَقَطْ بِالْفَتْحِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ الْمُؤَدِّيَ إلَى التَّلَفِ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ، (وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضِ رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ بِالرِّيحِ لَا بِفِعْلِهِ. (وَلَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ ضَمِنَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ طَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ، وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا) يَضْمَنُ وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ سَبَبُ الطَّيَرَانِ، وَالثَّالِثُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لِلطَّائِرِ اخْتِيَارًا فِي الطَّيَرَانِ. وَالْأَوَّلُ يَقُولُ طَيَرَانُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا
(وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيْدِي ضَمَانٍ، وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) وَكَانَتْ أَيْدِيَ أَمَانَةٍ، (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ.
(فَكَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) ،
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ لِيُجَامِعَ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ هُنَا لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:(لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ إلَخْ) أَوْ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهَا، لَكِنْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مُدَّةِ إقَامَتِهِ فِيهَا كَالْبُسْتَانِ، وَمِنْهَا أَخَذَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْمَنْقُولِ السَّابِقِ إذَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَخَذَ كِتَابًا مِنْ مَالِكِهِ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهِ فَتَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِعَدَمِ الْغَصْبِ.
تَنْبِيهٌ: مَتَى حُكِمَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلدَّارِ أَوْ لِبَعْضِهَا ضَمِنَ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ ضَمِنَهَا.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ فَوْرًا وَإِنْ تَكَلَّفَ عَلَيْهِ أَضْعَافُ قِيمَتِهِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ لِمَالِكِهِ فِي مَفَازَةٍ بِشَرْطِ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْغَاصِبِ الدَّافِعِ لَهُ، لَمْ تَلْزَمْ الْغَاصِبَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ، وَالرَّدُّ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ يَكُونُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ مُسْتَعِيرًا لَا مُلْتَقِطًا، وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، كَمَا لَوْ حَمَلَتْ بِحُرٍّ وَرَدَّهَا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِرَدِّ نَحْوِ ثِيَابِ عَبْدٍ مِمَّا رَضِيَ السَّيِّدُ يَدْفَعُهُ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ صَغِيرًا، وَكَذَا عَلَى حُرٍّ صَغِيرٍ. نَعَمْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِنَحْوِ إشْهَادٍ، وَوُصُولِ سَفِينَةٍ إلَى الْبَرِّ لِإِخْرَاجِ لَوْحٍ مَغْصُوبٍ أُدْرِجَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (لِلْمَغْصُوبِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ أَوْ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَزِبْلٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ. نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ كَأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ حَرْبِيٍّ قَهْرًا فَلَا رَدَّ لَهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَفِعْلٍ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَكُونُ مَالًا) أَيْ مُتَمَوَّلًا مُحْتَرَمًا، وَالْغَاصِبُ أَهْلًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ حَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ مُرْتَدًّا أَوْ صَائِلًا، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ حَرْبِيًّا لِمَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَإِنْ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ بَعْدَ تَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِهِ وَلَا ضَمَانَ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ طَرَأَ الصِّيَالُ أَوْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْغَصْبِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ أَثَرَ الْغَصْبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِكِ لَهُ لِرِدَّتِهِ أَوْ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ وَصَوَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا لَوْ كَانَ الْغَصْبُ وَالتَّلَفُ حَالَ الصِّيَالِ فَرَاجِعْهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْإِتْلَافِ مَا مَرَّ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ رَقِيقُهُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَمَأْذُونُهُ فِيهِ وَاقْتِصَاصُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ) أَيْ مَنْ يَضْمَنُ، وَالْمُرَادُ بِإِتْلَافِهِ نِسْبَةُ التَّلَفِ إلَيْهِ، وَمِنْهُ مَصْرُوعٌ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِهِ وَصَرْعِهِ وَصَبِيٌّ فِي الْمَهْدِ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِهِ مِنْ مَهْدِهِ. نَعَمْ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِ دَابَّةٍ وَقَعَتْ مَيْتَةً تَحْتَ رَاكِبِهَا، وَلَا بِوُقُوعِ رَاكِبِهَا عَنْهَا مَيِّتًا وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (مَالًا) أَيْ مُتَمَوَّلًا مُحْتَرَمًا كَمَا مَرَّ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ مَالِكِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مَغْصُوبًا حِينَ إتْلَافِهِ، فَلَوْ سَخَّرَ دَابَّةً فِي يَدِ مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ إلَّا إنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ:(اسْتِطْرَادًا) هُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ غَيْرِهِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا، فَمَحَلُّهَا الْجِنَايَاتُ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ. قَوْلُهُ:(بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسَبُّبِ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ فَأَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ يَدٌ عَادِيَةٌ، وَمُبَاشَرَةٌ، وَسَبَبٌ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَيَحْصُلُ، وَأَنَّ السَّبَبَ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ كَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَعُمُّ الشَّرْطَ، وَهُوَ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا يُحَصِّلُهُ، وَلَكِنْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَتَحَ إلَخْ) وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ السَّبَبِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ. قَوْلُهُ:(فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ) أَوْ بِفِعْلِ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ، فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
فَرْعٌ: حَيْثُ لَا غَصْبَ هُنَا فَلَا أُجْرَةَ أَيْضًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) أَيْ وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ.
فَرْعٌ: دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ وَشَرَطَ عَلَى الْغَاصِبِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ، لَمْ تَلْزَمْهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ: فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ مِنْ مُودِعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ، ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِ بَرِئَ. وَفِي الرَّدِّ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ، وَلَوْ انْتَزَعَ مِنْ الْعَبْدِ ثِيَابَ مَلْبُوسِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ، بَرِئَ بِالرَّدِّ إلَى الْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: (اسْتِطْرَادًا) أَيْ وَإِلَّا فَذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ أَشْبَهُ.
قَوْلُ
وَيُطَالَبُ كَالْأَوَّلِ. (وَكَذَا إنْ جَهِلَ) الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَّةِ) ، فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ، (وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) فِيمَا تَلِفَ عِنْدَ الْمُودِعِ وَنَحْوِهِ.
(وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ، (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ فِي يَدِ الضَّمَانِ وَيَدِ الْأَمَانَةِ لِقُوَّةِ الْإِتْلَافِ، (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ (فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْآكِلِ. (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ (لَوْ قَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ) وَعَلَى الثَّانِي لَا يَبْرَأُ.
ــ
[حاشية قليوبي]
مَنْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْعُقَلَاءِ، أَوْ بِشَمْسٍ، أَوْ بِرِيحٍ هَابَّةٍ وَقْتَ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ:(فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) أَيْ بِسَبَبِهِ يَقِينًا، فَدَخَلَ مَا لَوْ سَقَطَ بِمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَخَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي سَبَبِ سُقُوطِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ، وَشَكَّ فِي سَبَبِ غَرَقِهَا حَيْثُ يَضْمَنُهَا بِأَنَّ الْمَاءَ مَعْدِنُ غَرَقِ السُّفُنِ. قَوْلُهُ:(بِعَارِضِ رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ) وَمِثْلُهُ الزَّلْزَلَةُ، قَالَ شَيْخُنَا م ر: أَوْ وُقُوعُ طَيْرٍ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ، إنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَالرِّيحِ الْهَابَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِوُقُوعِهِ هُنَا سُقُوطُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ، وَخَرَجَ بِالْعَارِضَةِ الْهَابَّةُ كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ الضَّمَانَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مُطْلَقًا بِأَنَّ طُلُوعَهَا مُحَقَّقٌ. نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاجِبٌ مِنْ وُصُولِ الشَّمْسِ فَأَزَالَهُ شَخْصٌ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُزِيلِ كَمَا لَوْ خَرَجَ مَا فِيهِ بِتَقْرِيبِ نَارٍ، فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُقَرِّبِ. قَوْلُهُ:(لَا يَفْعَلُهُ) الْوَجْهُ سُقُوطُ هَذِهِ الْعِلَّةِ لِوُجُودِ مِثْلِهَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (طَائِرٍ) هُوَ مُفْرَدٌ جَمْعُهُ طَيْرٌ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ: كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَجَمْعُ الطَّيْرِ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ كَعَيْنٍ وَعُيُونٍ، وَفَرْخٍ وَأَفْرَاخٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اسْمَ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمُتَّصِفِ بِالطَّيَرَانِ كَمَا تُوُهِّمَ، وَهُوَ مِثَالٌ. وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ رَقِيقًا وَحَلُّ رِبَاطِهِ وَفَتْحُ بَابٍ عَلَيْهِ، وَأَمْرُهُ بِإِرْسَالِ طَيْرٍ فِي يَدِهِ مَثَلًا كَفَتْحِ الْقَفَصِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي ضَمَانِهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ كَأَكْلِهِ نَحْوِ شَعِيرٍ فِي وِعَاءٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مَحَلِّ رِبَاطِهِ، وَوُقُوعِ نَحْوِ فَأْرَةٍ فِي زِقٍّ كَذَلِكَ، وَكَسْرِ نَحْوِ زُجَاجَةٍ فِي طَرِيقِهِ، وَصَدْمِ جِدَارٍ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُمَيِّزُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ فَتَحَ بَابًا عَلَيْهِ فَأَبَقَ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ الْإِبَاقَ. وَالضَّمَانُ الْمَذْكُورُ هُنَا الْعَامُّ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ لَا يُنَافِي التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِي الصِّيَالِ مِنْ كَوْنِ الْإِتْلَافِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي دَابَّةٍ مَنْسُوبٍ حِفْظُهَا إلَيْهِ، وَالتَّلَفُ فِيهِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحِفْظِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّ بِهِ يُجْمَعُ مَا تَنَاقَضَ وَتَنَافَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
تَنْبِيهٌ: هَلْ الضَّمَانُ هُنَا بِقِيمَةِ وَقْتِ السَّبَبِ كَالْفَتْحِ، أَوْ بِوَقْتِ التَّلَفِ، أَوْ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ، أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ فِي ذَلِكَ؟ وَيَظْهَرُ الْآنَ الْأَخِيرُ وَهُوَ أَقْصَى الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ إلَّا لِمَا تَلِفَ فِي يَدِ مَالِكِهِ، فَبِوَقْتِ تَلَفِهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْمُتَسَبِّبِ وَلِلْمَفْعُولِ التَّالِفِ. قَوْلُهُ:(إنْ طَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ) وَكَذَا بَعْدَ مَشْيِهِ إلَى بَابِ الْقَفَصِ، أَوْ بَعْدَ تَرَدُّدِهِ فِيهِ لِأَجْلِ أَنْ يَجِدَ فُرْجَةً يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى وَجَدَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ طَارَ فَلَا يَضْمَنُ) وَكَذَا لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ طَارَ حَالًا أَوْ لَا فَالْقِيَاسُ الضَّمَانُ نَظَرًا لِلتَّعَدِّي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا) كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ صَغِيرَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الِارْتِضَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الصَّغِيرَةِ كَمَا هُنَا، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ إلْقَامَ الثَّدْيِ إلْجَاءٌ عَادِيٌّ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْدِي ضَمَانٍ) قَالَ شَيْخُنَا: ضَمَانُ غَصْبٍ وَإِنْ جُهِلَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُتْلِفْهُ. نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى حَاكِمٍ وَنَائِبِهِ بِالْأَخْذِ لِمَصْلَحَةٍ لِجَوَازِ الْأَخْذِ لَهُمَا، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَخْذُ إذَا عَلِمَا ضَيَاعَهُ عَلَى مَالِكِهِ بِعَدَمِ الْأَخْذِ، وَلَا عَلَى الْآخِذِ مِنْ غَاصِبٍ حَرْبِيٍّ أَوْ مِنْ عَبْدٍ غَاصِبٍ مَالَ سَيِّدِهِ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ فِيهِمَا، وَلَا عَلَى مُتَزَوِّجِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ غَاصِبٍ جَاهِلًا بِالْغَصْبِ، فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا أَرْشَ بَكَارَتِهَا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهَا مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ، وَلَوْ غُرَّ الزَّوْجُ بِحُرِّيَّةِ الْمَغْصُوبَةِ انْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا، فَإِذَا رَدَّهَا حَامِلًا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِلْحُيُولَةِ، فَإِنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ رُدَّتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَلْزَمُ الْوَاطِئَ مَهْرُهَا وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ:(إنْ عَلِمَ) وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: أَعْلَمْتُك أَوْ عَلِمْت مِنْ غَيْرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَتْنِ: (وَإِنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ: إذَا ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ مُتَزَوِّجَةً، إنَّ الْأَمْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الِارْتِضَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الصَّغِيرَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَامِضٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الْفَرْقُ أَنَّ إلْقَامَ الثَّدْيِ إلْجَاءٌ عَادِيٌّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ إنْ عُلِمَ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ: قَدْ قُلْت لَك إنَّهُ مَغْصُوبٌ، وَأَنْكَرَ الْآخِذُ صُدِّقَ، أَوْ قَالَ: عَلِمْت الْغَصْبَ مِنْ غَيْرِي صُدِّقَ الْآخِذُ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ مُطْلَقًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَفَرَضَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ تَفَقُّهًا، فَلِذَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ ثُمَّ قَالَ: أَعْلَمْتُك بِالْغَصْبِ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلِمْت مِنْ غَيْرِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْمُخْتَارُ تَصْدِيقُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الضِّيَافَةِ: فَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ مُسْتَقِلًّا.