الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فِي الْحُضُورِ أَمْ لَا، (وَهُوَ دُونَ سَهْمٍ) وَإِنْ كَانُوا فُرْسَانًا وَ (يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ مَا يَرَى، وَيُفَاوِتُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِحَسَبِ نَفْعِهِمْ، فَيَرْجِعُ الْمُقَاتِلُ، وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ، (وَمَحَلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي أَصْلُ الْغَنِيمَةِ وَالثَّالِثُ خُمُسُ الْخُمُسِ لَهُمْ الْمَصَالِحُ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) ، وَفِي قَوْلٍ مُسْتَحَبٌّ قُلْت أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (إنَّمَا يُرْضَخُ لِذِمِّيٍّ حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَإِنْ حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِ، بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَإِنْ حَضَرَ بِإِذْنِهِ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ فَقَطْ.
كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ
أَيْ الزَّكَوَاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ يُذْكَرُونَ عَلَى تَرْتِيبِ ذِكْرِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] إلَى آخِرِهِ، (الْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ) ، كَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةٍ، وَلَا يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، (وَلَا
ــ
[حاشية قليوبي]
وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي الْخَاءِ الْإِهْمَالَ أَيْضًا. وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ إلَخْ) فَرَضْخُهُ لِسَيِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُبَعَّضًا فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ إنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَإِلَّا فَلَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: مَنْ كَمُلَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ أُسْهِمَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ وَاجِبٌ بِسَبَبِ الْحُضُورِ كَالسَّهْمِ؛ إذْ إنَّهُ نَاقِصٌ عَنْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ:(بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ مُكْرَهًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ وَهَذَا فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فِيمَا إذَا أَكْرَهَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ
لِمُسْتَحِقِّيهَا، وَالْقَسْمُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى تَقْدِيرِ الْأَنْصِبَاءِ هُنَا وَالصَّدَقَاتُ جَمْعُ صَدَقَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ نِيَّةِ بَاذِلِهَا، وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْمَنْدُوبَةِ وَتَخْصِيصُهَا بِالزَّكَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، وَذُكِرَتْ هُنَا لِمَا فِيهَا مِنْ قَسْمِ الْإِمَامِ، وَتَعَلُّقِهَا بِسَبَبِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(لِمُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ عَلَيْهِمْ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ ذِكْرَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ، وَلَيْسَ مَعِيبًا. قَوْلُهُ:(وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ) وَأَنْوَاعُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَيْضًا ثَمَانِيَةٌ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَزَرْعٌ وَنَخْلٌ وَكَرْمٌ وَهَذَا فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَلَا تَرِدُ التِّجَارَةُ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ:(لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْمِلْكِ وَإِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، بِفِي الْمُفِيدَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى إطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى، وَتَقْيِيدِهِ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ فِي الْأَخِيرَةِ، حَتَّى لَمْ يَصْرِفُوهُ فِيهَا اسْتَرْجَعَ مِنْهُمْ كُلَّهُ أَوْ مَا بَقِيَ، وَذَكَرَ الظَّرْفِيَّةَ فِي كُلِّ صِنْفَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمَا يَأْخُذَانِ لِغَيْرِهِمْ. وَالْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا يَأْخُذَانِ لِأَنْفُسِهِمَا. قَوْلُهُ:(الْفَقِيرُ) الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْفُقَرَاءِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ. قَوْلُهُ: (يَقَعُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ حَاجَتِهِ) أَيْ كِفَايَتِهِ لِعُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ بَقِيَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ عُمَرُ مُمَوَّنِهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كِفَايَةُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يُعْطَ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ ثَلَاثَةً) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مِنْ الْمِسْكِينِ. قَوْلُهُ: (وَثِيَابُهُ) وَحُلِيُّ الْمَرْأَةِ كَالثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعَامِ أَيْ مَعَ كَوْنِهَا لَائِقَةً بِهِ كَالْحُلِيِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْكَنِ نَعَمْ إنْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى نَحْوِ الْمَدَارِسِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِنَحْوِ الْأُجْرَةِ مَنَعَ مَسْكَنَهُ فَقْرُهُ. قَوْلُهُ:(وَعَبْدُهُ) أَيْ اللَّائِقُ بِهِ، وَمِثْلُهُ خَيْلُ الْجُنْدِيِّ غَيْرِ الْمُرْتَزِقِ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ وَكَذَا آلَةُ الْمُحْتَرِفِ، وَكُتُبُ الْعَالِمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِبٍّ، أَوْ وَعْظٍ أَوْ تَعَدَّدَتْ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَتْ مِنْ كِتَابٍ تُرِكَ لَهُ الْأَصَحُّ وَمِثْلُ كُتُبِ الْعِلْمِ تَوَارِيخُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَا غَيْرِهِمْ. وَأَشْعَارِ نَحْوِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ:(وَمَالُهُ الْغَائِبُ) وَلَوْ حُكْمًا كَحَاضِرٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجَّلُ) وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْإِعْطَاءَ لِهَذَيْنِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدَا مِنْ يُقْرِضُهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ) صَوَابُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ أَوْ إسْقَاطُ لَفْظِ إلَى؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَفْرَادِ ابْنِ
ــ
[حاشية عميرة]
ابْنُ يُونُسَ فِيهِ الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَبْدُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمُ إذَا حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الرَّاجِلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي بَابِ السَّيْرِ قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الْفَارِسِ جَازَ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.
[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]
ِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا كَسْبَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَجْعَلُوا الْغَنِيَّ بِالْكَسْبِ كَالْمَالِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، كَالْحَجِّ بَلْ فِيمَا يَجِبُ لَهُ كَالزَّكَاةِ قِيلَ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْآيَةَ كَمَا فَعَلَ، الْمُحَرِّرُ ثُمَّ يَسُوقُ بَيَانَ الْأَصْنَافِ لِيَكُونَ الْكَلَامُ مُرْتَبِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالْفَقِيرِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ) أَيْ اللَّائِقَانِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَالُهُ الْغَائِبُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى فَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قَالَ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ.
يَمْنَعُ الْفَقْرَ مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ) ، إنْ كَانَتْ لِلتَّجَمُّلِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَعَبْدُهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي، الرَّوْضَةِ وَعَلَى وَفْقِ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ (وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ) فَيَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ، وَإِلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ. (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ) فَيَتْرُكُهُ، وَيَأْخُذُ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِعِلْمٍ) شَرْعِيٍّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا (وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ) مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِ (فَفَقِيرٌ) فَيَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ، وَيَأْخُذُ (لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ، فَيَكْتَسِبُ وَلَا يَشْتَغِلُ بِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَقِيرِ الَّذِي يَأْخُذُ (الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ يُشْتَرَطَانِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الزَّمِنِ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ، وَغَيْرُ الْمُتَعَفِّفِ إذَا سَأَلَ أُعْطِيَ وَمَنَعَ الْأَوَّلُ التَّوْجِيهَيْنِ (وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةٍ قَرِيبٌ أَوْ زَوْجٌ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ، كَالْمُكْتَسِبِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، وَيُمْنَعُ تَشْبِيهُهُ بِالْمُكْتَسِبِ، (وَالْمِسْكِينُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ) ، كَمَنْ يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَلَا يَكْفِيهِ إلَّا عَشَرَةٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْمَالِ، أَوْ يَكْسِبُ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ قَوْلِنَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ الْمَطْعَمَ، وَالْمُشْرَبَ وَالْمَلْبَسَ، وَالْمَسْكَنَ، وَسَائِرَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ، وَلَا تَقْتِيرٍ لِلشَّخْصِ، وَلِمَنْ هُوَ فِي نَفَقَتِهِ (وَالْعَامِلُ سَاعٍ وَكَاتِبٌ) وَحَاسِبٌ (وَقَاسِمٌ وَحَاشِرٌ يَجْمَعُ ذَوِي الْأَمْوَالِ) ، وَحَافِظٌ لَهَا (لَا الْقَاضِي وَالْوَالِي) أَيْ وَالِي الْإِقْلِيمِ، وَالْإِمَامُ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ وَرِزْقُهُمْ، إذَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا فِي خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَامٌّ (وَالْمُؤَلَّفَةُ مَنْ أَسْلَمَ، وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ، أَوْ لَهُ شَرَفٌ يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ غَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
السَّبِيلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ) أَوْ يَلِيقُ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالتَّكَسُّبِ، فَلَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهِ عُرْفًا. قَوْلُهُ:(بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ) وَلَوْ مِمَّا يُطَهِّرُ الْبَاطِنَ كَالتَّصَوُّفِ، وَمِثْلُ الْعِلْمِ آلَتُهُ كَالنَّحْوِ، وَكَذَا حِفْظُ الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ، وَكَذَا إنْذَارُ صَوْمِ الدَّهْرِ حَيْثُ جَازَ. قَوْلُهُ:(فَيَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ) إنْ كَانَ فِيهِ تَحْصِيلٌ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى شَيْئًا. قَوْلُهُ:(وَيَأْخُذُ) أَيْ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مُمَوَّنَهُ اللَّازِمَةُ نَفَقَتُهُ كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَعَبْدِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا زَوْجَتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالنَّوَافِلِ) وَلَوْ مُؤَكَّدَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً فَلَا يُعْطَى. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ غَالِبًا فَيَدْخُلُ الْمُجْتَهِدُ فَيُعْطَى وَكُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ كَذَلِكَ، وَفَرْضُ الْعَيْنِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ:(الزَّمَانَةُ) هِيَ الْعَاهَةُ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ وَفِي الصِّحَاحِ آفَةٌ فِي الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَمْنَعُ مِنْ التَّكَسُّبِ. قَوْلُهُ:(وَالْمَكْفِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ لَمْ يَكْفِهِ فَلَهُ أَخْذُ تَمَامِ كِفَايَتِهِ، وَلَوْ مِنْ زَكَاةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ كَمَا لِلزَّوْجِ الْفَقِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ زَكَاةِ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ أَعَادَهَا لَهَا عَنْ النَّفَقَةِ، وَمَنْعُهُمْ دَفْعَ زَكَاتِهِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَكْفِيهِ النَّفَقَةُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ قَرِيبُهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. وَاسْتَحْيَا مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ غَابَ. وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْفَسْخِ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَاتَ الْمُنْفِقُ، وَلِقَرِيبِهِ الْأَخْذُ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِنَفَقَةِ زَوْجٍ) وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ نَاشِزًا لِقُدْرَتِهَا عَلَى الطَّاعَةِ حَالًا، كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ:(لَيْسَ فَقِيرًا) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَا يُعْطَى وَمَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مِنْ الْفَقِيرِ، فَلَا يُعْطَى فَيَخْرُجُ عَنْ الْحَدِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا تُعْطَى النَّاشِزَةُ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الطَّاعَةِ حَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً) وَكَذَا سِتَّةً أَوْ خَمْسَةً كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الْخَمْسَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ اعْتَادَ مَا دُونَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (سَاعٍ) وَهُوَ الْجَابِي.
قَوْلُهُ: (وَكَاتِبٌ) يَكْتُبُ مَا أَعْطَاهُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: (يَجْمَعُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَاشِرِ، وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ ذَوِي السُّهْمَانِ، وَمِنْهُ الْعَرِيفُ الَّذِي يَعْرِفُ أَرْبَابَ الِاسْتِحْقَاقِ كَالنَّقِيبِ وَالْمِشَدِّ وَمِنْهُ الْكَيَّالُ وَالْعَدَّادُ وَالْوَزَّانُ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي مَالِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنْ فَعَلُوهُ لِتَمْيِيزِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُمْ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ:(وَحَافِظٌ لَهَا) أَيْ لِلْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ الزَّكَاةُ، وَمِثْلُهُ الرَّاعِي لَهَا، وَالْخَازِنُ وَنَحْوُهُمْ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْإِمَامِ لَهَا، وَإِلَّا فَأُجْرَتُهُمْ فِي جُمْلَةِ السُّهْمَانِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ إلَّا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ.
تَنْبِيهٌ: إذَا فَرَّقَ الْمَالِكُ أَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِمَنْ يَعْمَلُ جُعْلًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا عَامِلَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْقَاضِي وَالْوَالِي إلَخْ) أَيْ إذَا قَامُوا بِمَا يَعْمَلُهُ الْعَامِلُ مِمَّا ذُكِرَ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَلَّفَةُ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَمَّا مُؤَلَّفَةُ الْكُفَّارِ، وَهُمْ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، أَوْ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ نَازِلَةٌ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ فَلَا) أَيْ لِأَنَّ نَفْعَهَا قَاصِرٌ بِخِلَافِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِزَمَانَةٍ) هِيَ الْعَاهَةُ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ زَوْجٍ) لَوْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ اسْتَحَقَّتْ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا تُكَلَّفُ الْفَسْخَ. فَائِدَةٌ لَوْ مَاتَ الْقَرِيبُ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ فَهَلْ تُدْفَعُ لِأَقَارِبِهِ أَجَابَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُمْ إنْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَا تُدْفَعُ لَهُمْ، وَإِلَّا فَنَعَمْ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُ بِالْمَوْتِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِبَقَاءِ الْبَعْضِيَّةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَاعٍ) هُوَ الْأَصْلُ وَالْبَوَاقِي أَعْوَانٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْقَاضِي وَالْوَالِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ إذَا قَامَا بِذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُمَا فِيهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْضُ الْمَذْكُورَاتِ يَدْخُلُ فِي
وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقُوَّةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالْأَوَّلِ لِلْآيَةِ، (وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ) ، فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يَفِي بِنُجُومِهِمْ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً، وَيَجُوزُ الدَّفْعُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ، وَبِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، (وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) كَنَفَقَةِ عِيَالِهِ، (أُعْطِيَ) بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ، كَالْخَمْرِ وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى، (قُلْت: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا، وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ بِأَنَّهُ يَتَّخِذُ لَهُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ، وَيَعُودُ وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْوَجْهَيْنِ، وَتَصْحِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى وَفَاءِ مَا اسْتَدَانَهُ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِعُمُومِ الْآيَةِ (دُونَ حُلُولِ الدَّيْنِ) فَلَا يُشْتَرَطُ (قُلْت الْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُلُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى وَفَائِهِ، وَالْأَوَّلُ يُنْظَرُ إلَى وُجُوبِهِ (أَوْ) اسْتَدَانَ (لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ الْحَالِ بَيْنَ الْقَوْمِ كَانَ يَخَافُ فِتْنَةً بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَتَا فِي قَتِيلٍ، لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ فَيَتَحَمَّلُ الدِّيَةَ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ، (أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى) ، بِالْعَقَارِ وَالْعَرَضِ وَالنَّقْدِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَقِيلَ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِنَقْدٍ فَلَا) يُعْطَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَهُ فِي الْغُرْمِ لَيْسَ، فِيهِ مَشَقَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ، أَوْ الْعَرَضِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرُّ مُتَوَقَّعًا فِي مَالٍ فَتُحْمَلُ قِيمَةُ الْمُتْلِفِ فَفِي إعْطَائِهِ مَعَ الْغِنَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ فِتْنَةَ الدَّمِ أَشَدُّ، وَلَوْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِالضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أُعْطِيَ مَا يَقْضِي
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ) أَيْ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ مَنْ نَشَأَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهَا مُزَلْزَلَةٌ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ شَرَفٌ) أَيْ أَوْ مَنْ قَوِيَ إسْلَامُهُ لَكِنْ لَهُ شَرَفٌ إلَخْ. قَوْلُهُ: (يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ قَسَمَ الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ وَسَوَاءٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ أَوْ لَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ شَرْطِ أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ، وَأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِمْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ. وَهُمْ مَنْ يَكْفِينَا شَرَّ مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْكُفَّارِ، أَوْ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى ذَلِكَ فَوَاضِحٌ. قَوْلُهُ:(وَالرِّقَابُ) جَمْع رَقَبَةٍ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْحَبْلِ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (فَيَدْفَعُ) أَيْ يَدْفَعُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا أَوْ الْمَالِكُ غَيْرُ السَّيِّدِ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ غَيْرِ زَكَاةِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَهُوَ لَا يَدْفَعُهَا لِمَمْلُوكِهِ. قَوْلُهُ:(إلَيْهِمْ) أَوْ إلَى سَيِّدِهِمْ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً) وَأَنْ تَكُونَ لِجَمِيعِهِ، وَأَمَّا مُكَاتَبُ الْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى شَيْئًا؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ فَاسِدَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمُهَايَأَةٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(وَالْغَارِمُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إمَّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ لِضَمَانٍ، وَيُعْتَبَرُ الْفَقْرُ فِي غَيْرِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ لِإِقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ بِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَاجَةُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِقَصْدِهِ ذَلِكَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْقَرَائِنِ. قَوْلُهُ: (أَعْطَى) وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ) أَيْ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا أُعْطِيَ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى) وَهُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْخَمْرِ فَهُوَ حَرَامٌ لِكَوْنِهِ بِاسْتِدَانَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَهُ فَلَا يَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (إذَا تَابَ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى تَوْبَتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ) بِضَمِّ الْوَاوِ مَعَ تَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ وَيَعُودُ وَمُنِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَقْدِرَ) أَيْ يُفْقَدَ عِنْدَهُ وَلَا يُكَلَّفَ بَيْعَ نَحْوِ مَسْكَنِهِ، وَلَا غَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ وَإِنْ عَصَى بِالدَّيْنِ، وَلَوْ وَفَّى دَيْنَهُ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ بِإِبْرَاءٍ اسْتَرَدَّ، وَإِنْ طَرَأَ دَيْنٌ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّدِّ. قَوْلُهُ:(الْأَصَحُّ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ الْأَظْهَرِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ أَوْجَهُ، كَمَا فِي الشَّرْحِ لِيُوَافِقَ اصْطِلَاحَهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ الْحَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ) هُوَ بَيَانٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ.
قَوْلُهُ: (فِي قَتِيلٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَنَحْوِ كَلْبٍ بَلْ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَظْهَرْ) لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الدِّيَةَ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْقِيمَةُ وَغَيْرُهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أُعْطِيَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مَا اسْتَدَانَهُ بَاقِيًا وَحَلَّ أَجَلُهُ، فَإِنْ وَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا. قَوْلُهُ:(فِي مَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) لِأَنَّ الْمَالَ كَالنَّفْسِ لَمَّا عَلَّلَ بِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:(بِغَيْرِ إذْنٍ) وَكَذَا بِإِذْنٍ وَأَعْسَرَ هُوَ وَالْأَصِيلُ. قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية عميرة]
وِلَايَةِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَقَامَ لَهَا نَاظِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) اُنْظُرْ مَا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ حِينَئِذٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ فَرَّقَ الْمَالِكُ سَقَطَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِمْ إذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ وَدَعَا إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(الْمُكَاتَبُونَ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي جَعْلِهِمَا الْمُرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَلِكَ رِقَابَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتِرَانُهُمْ فِي الْآيَةِ مَعَ الْغَارِمِينَ وَكَمَا أَنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغَارِمِينَ كَذَلِكَ الرِّقَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ) . فَائِدَةٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَعْصِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ الْحَاجَةِ قَطْعًا وَلَوْ قَدَرَ هَذَا الْغَارِمُ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يُكَلَّفْ نَعَمْ إنْ كَانَ اسْتَدَانَ فِي مَعْصِيَةٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ وَهُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَدْرُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالُ) تَفْسِيرٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: قَوْلُهُمْ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَعْنِي الْأَحْوَالَ. الَّتِي بَيْنَهُمْ وَإِصْلَاحُهَا بِالتَّعَهُّدِ وَلَمَّا كَانَتْ مُلَابَسَةً وُصِفَتْ بِهِ فَقِيلَ لَهَا ذَاتُ الْبَيْنِ كَمَا قِيلَ لِلْإِسْرَارِ ذَاتُ الصُّدُورِ كَذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُعْطِيَ مَعَ الْغَنِيِّ) لَوْ اسْتَدَانَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ أَوْ إقْرَاءِ ضَيْفٍ لَمْ يُعْطَ مَعَ الْغِنَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالِاسْتِدَانَةِ لِنَفْسِهِ.
بِهِ الدَّيْنَ (وَسَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غُزَاةٌ لَا فَيْءَ لَهُمْ) بِأَنْ نَشِطُوا لِلْجِهَادِ، وَلَمْ يَتَجَرَّدُوا لَهُ (فَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغِنَى) بِخِلَافِ مَنْ تَجَرَّدُوا لَهُ، وَهُمْ الْمُرْتَزِقَةُ الَّذِينَ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ، فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ (وَابْنُ السَّبِيلِ مُنْشِئُ سَفَرٍ) مِنْ بَلَدِهِ أَوْ بَلَدٍ كَانَ مُقِيمًا بِهِ (أَوْ مُجْتَازٌ) بِبَلَدٍ فِي سَفَرِهِ (وَشَرْطُهُ الْحَاجَةُ وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ) بِسَفَرِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي سَفَرِهِ، أَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً، لَمْ يُعْطَ فَيُعْطَى فِي الطَّاعَةِ كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ، وَالزِّيَارَةِ وَفِي الْمُبَاحِ كَالسَّفَرِ لِطَلَبِ الْآبِقِ، وَالنُّزْهَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعْطَى
(وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْإِسْلَامُ) ، فَلَا تُعْطَى لِكَافِرٍ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» ، (وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، وَلَا مُطَّلِبِيًّا) ، فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ «لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا، وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» ، أَيْ بَلْ يُغْنِيكُمْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ) أَيْ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحَدِيثِ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي قَالَ الْمَنْعُ فِيهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا حَقَّ لِمَوْلَاهُمْ فِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَسَبِيلُ اللَّهِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ مُوَصِّلٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ (غُزَاةٌ) هُوَ خَبَرٌ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِحَذْفٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوَالثَّانِي أَيْ أَهْلُ سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ حَالُ غُزَاةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَجَرَّدُوا لَهُ) أَيْ لَمْ يَرْتَزِقُوا مِنْ الْفَيْءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) وَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ لَهُمْ مِنْ الْفَيْءِ وَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُمْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ ابْنُ الطَّرِيقِ نُسِبَ إلَيْهَا بِالْوِلَادَةِ مُبَالَغَةً لِمُلَازَمَتِهِ لَهَا سُلُوكُهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مُنْشِئُ سَفَرٍ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما قَوْلُهُ: (أَوْ مُجْتَازٌ) وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ كَسُوبًا، أَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ فَلَا يُمْنَعَانِ مِنْ إعْطَائِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَفَارَقَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ لِمَنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ إذَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، بِأَنَّ السَّفَرَ أَشَقُّ، وَالْحَاجَةُ فِيهِ أَشَدُّ. قَوْلُهُ:(وَالنُّزْهَةِ) فَيُعْطَى وَإِنْ كَانَتْ حَامِلَةً عَلَى سَفَرِهِ، وَلَوْ تَابَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أُعْطِيَ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ، وَلَا يُعْطَى الْهَائِمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَيُعْطَى الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِهِ. قَوْلُهُ:(وَفِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَسَكَتَ عَنْ الْمَكْرُوهِ، كَسَفَرِ التِّجَارَةِ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى فَيُعْطَى فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَدَلَ الْمُبَاحِ أَوْ مَعَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ:(وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا زَكَاةً فَلَوْ كَانَ بِإِجَارَةٍ، وَلَوْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ جَازَتْ مِنْ كَافِرٍ وَهَاشِمِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ:(الْإِسْلَامُ) وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُعْطَى الْمُبَعَّضُ شَيْئًا كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْآخِذُ وَلَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) أَيْ مُنْتَسِبًا إلَيْهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَخَرَجَ أَوْلَادُ بَنَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ) أَيْ عَتِيقُهُمْ، وَلَوْ أُنْثَى وَكَذَا أَوْلَادُهُ وَمَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ أَيْضًا نَعَمْ يُتَّجَهُ إعْطَاءُ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِالْأُولَى.
تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالزَّكَاةِ فِي شَرْطِ الْآخِذِ الْمَذْكُورِ كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ يُدْرَكُ بِمُرَاجَعَةِ مَوَاضِعِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمْ وَيَرِثُونَهُ فَخَرَجَ نَحْوُ ابْنِ الْأُخْتِ وَإِنْ وَرَدَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لِلْأَعْمَى دَفْعَهَا وَقَبْضَهَا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. وَأَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصِفَتِهَا، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ إنْ اعْتَمَدَهُ هُنَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْهِبَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ لَا تَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى، وَلَا لَهُ فَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنَّ مَا هُنَاكَ كَمَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ.
فَرْعٌ: ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَاتِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِنَّ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي حَيَاتِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ انْتَهَى.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُجْتَازٌ) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَخَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ هُوَ الطَّرِيقُ، فَلَا يُضَافُ إلَّا لِمَنْ لَابَسَهُ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا لِمَجَازِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَجَازٌ مَغْلُوبٌ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ الْغَالِبَةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ لَا يَحْنَثُ بِالنَّوْمِ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَ مَعَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ كَسُوبًا جَازَ الْإِعْطَاءُ وَفَارَقَ مَا سَلَفَ فِي الْفَقِيرِ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا مُطَّلِبِيًّا) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ دَفْعِهَا لِبَنِي الْمُطَّلِبِ إلَّا الشَّافِعِيَّ وَهُوَ مِنْهُمْ فَرْعٌ أَوْلَادُ بَنَاتِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ.