الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا
أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرُ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ)
سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُطْلَقَةُ وَالْمُؤَقَّتَةُ، وَرَدُّ الْمُعِيرِ بِمَعْنَى رُجُوعِهِ، وَبِهِ عُبِّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، (إلَّا إذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ) وَفَعَلَ (فَلَا يَرْجِعُ) فِي مَوْضِعِهِ (حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ وَضْعِهِ فِيهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَذَا بَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ يُوَارِهِ التُّرَابَ.
تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ، أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ انْفَسَخَتْ الْإِعَارَةُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ انْفَسَخَتْ أَيْضًا اهـ
(وَإِذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ (إنْ كَانَ شَرَطَ) عَلَيْهِ (الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا أَرْشٍ لِنَقْصِهِ (لَزِمَهُ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ مَجَّانًا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ، (فَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ قَلَعَ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمُعِيرِ بِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ الْقَلْعَ رَضِيَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: (الْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ) التَّسْوِيَةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْأَرْضِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (مَتَى شَاءَ) وَهُوَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَنْتَهِي بِفَرَاغِهَا، وَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ، وَفَارَقَ ضَمَانَ ثَمَرِ بُسْتَانٍ مَثَلًا رُجِعَ عَنْ إبَاحَتِهِ بِضَعْفِ الْمَنْفَعَةِ هُنَا، وَخَرَجَ بِرُجُوعِهِ نَحْوُ جُنُونِهِ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيهِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ:(وَرَدُّ الْمُعِيرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَارِيَّةِ فِي كَلَامِهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْعَقْدِ لِأَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ وَقْتِ رُجُوعِهِ كَمَتَاعٍ فِي سَفِينَةٍ فِي اللُّجَّةِ، وَثَوْبٍ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَوْ صَلَاةِ نَفْلٍ أَوْ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَحَلٍّ لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ أَوْ سِكِّينٍ لِذَبْحٍ أَوْ سَيْفٍ لِقِتَالٍ، وَلَوْ نَزَعَ الثَّوْبَ مِنْ الْمُصَلِّي أَتَمَّ صَلَاتَهُ عَارِيًّا إنْ عَجَزَ عَنْ السُّتْرَةِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهُ فَرْضًا وَشَرَعَ فِيهِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِقَصْرٍ رَمَّهُ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَرْجِعُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُ ضَمِيرِهِ لِلْمُعِيرِ وَفِي الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(حَتَّى يَنْدَرِسَ) فَلَا رُجُوعَ فِي نَبِيٍّ وَشَهِيدٍ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ) إنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَالْآدَمِيِّ فَلَا مَنْعَ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَضْعِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَبِيًّا أَوْ شَهِيدًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَ الْوَضْعِ) الْمُعْتَمَدُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِإِدْلَائِهِ فِي الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ إزْرَاءً بِهِ، وَيَجِبُ عَوْدُ دَفْنِهِ لَوْ أَظْهَرَهُ نَحْوُ سَيْلٍ إلَّا إنْ أَمْكَنَ دَفْنُهُ فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، أَوْ أَوْصَلَهُ السَّيْلُ إلَيْهِ، وَكَذَا يُعَادُ لَوْ نُبِشَ لِمَا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَتَوَجُّهٍ لِقِبْلَةٍ، وَشَهَادَةٍ عَلَى صُورَتِهِ، وَإِلَّا كَغُسْلٍ جَازَ الرُّجُوعُ، وَإِذَا حَفَرَ الْوَارِثُ وَرَجَعَ الْمُعِيرُ غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ حَفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِهِ، كَمَا لَوْ حَرَثَ أَرْضًا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا إلَّا بِالْحَرْثِ، فَإِنْ كَانَ الْحَافِرُ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يَغْرَمْ.
قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ الْإِعَارَةُ) أَيْ بِنَحْوِ جُنُونٍ، فَلَا أُجْرَةَ كَأَرْضٍ يُمْكِنُ زَرْعُهَا بِغَيْرِ الْحَرْثِ، وَإِعَارَةُ الْكَفَنِ كَإِعَارَةِ الْقَبْرِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(بِسَفَهٍ) وَكَذَا بِفَلَسٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ انْفَسَخَتْ) وَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ الرَّدُّ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ فَوْرًا فَإِنْ أَخَّرُوا الْعُذْرَ فَلَا أُجْرَةَ وَلَا ضَمَانَ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِمْ الْأُجْرَةُ وَالضَّمَانُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ، وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَحَجْرُ السَّفَهِ لَا حَجْرُ الْفَلَسِ، نَعَمْ لَا تَنْفَسِخُ فِي السَّفَهِ إنْ لَمْ تُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا حِينَئِذٍ.
تَنْبِيهٌ: يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ نَحْوَ شَهِيدٍ لَا ذِكْرُ طُولِهِ وَغِلَظِهِ، وَنَحْوُهُمَا كَإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ وَيُتْبَعُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الْعِلْمُ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَحَيْثُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الدَّفْنِ وَمِثْلُهُ الْكَفَنُ، وَلِأَهْلِهِ زِيَارَتُهُ وَجُلُوسُهُمْ عَلَى قَبْرِهِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَكَذَا لِغَيْرِ أَهْلِهِ. وَيُمْنَعُ مَالِكُ الْأَرْضِ مِمَّا يَضُرُّ الْمَيِّتَ وَلَوْ بِزَرْعٍ أَوْ حَفْرِ سِرْدَابٍ، وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلدَّفْنِ فِيمَا.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ شَرَطَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ أَوْ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ غَرِمَ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْل لِكُلِّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ]
فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِالْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالتَّبَرُّعُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالْقَبْضِ، وَكَذَا الْإِبَاحَةُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا إعَانَةٌ وَمَكْرَمَةٌ، فَلَوْ مَنَعْنَا الْمَالِكَ مِنْ الرُّجُوعِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهَا، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا لَوْ رَجَعَ الْمُبِيحُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبَاحُ لَهُ بِالرُّجُوعِ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ حَقٌّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا أَعَارَ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: إعَارَةُ الْكَفَنِ، وَمِنْهَا: اسْتِعَارَةُ الدَّارِ لِسُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ. وَمِنْهَا؛ مَا لَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي شَهْرًا وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى يَنْدَرِسَ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى ظَاهِرِ الْقَبْرِ.
قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمُعِيرُ زَادَ غَيْرُهُ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ التَّخْلِيَةُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَجَّانًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُسْتَدْرَكٌ أَقُولُ: مُرَادُهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ غُرْمِ النَّقْصِ، وَغَرَضُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى لَفْظِ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.
إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَنْ يَقْلَعَهُ (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ، (بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ، وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ) وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا (قِيلَ: أَوْ يَتَمَلَّكُهُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ حِينَ التَّمَلُّكِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَمُّ الثَّالِثِ إلَى الْأَوَّلَيْنِ فِي مَقَالَةٍ، وَإِسْقَاطُ الْأَوَّلِ مَعَ الثَّالِثِ مَعَ مَقَالَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ وَبَيْعٌ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، وَضَمُّ الثَّالِثِ وَالثَّانِي فَقَطْ فِي مَقَالَةٍ وَأَنَّهَا أَصَحُّ اهـ.
وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُعِيرُ شَيْئًا. (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا إنْ بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَى (الْمُسْتَعِيرُ الْأُجْرَةَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا فِي الْأَصَحِّ، ثُمَّ) عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ (قِيلَ: يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ (وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ فَصْلًا لِلْخُصُومَةِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا شَيْئًا) أَيْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ، وَيُوَافِقُهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهِ لِيَنْقَطِعَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَخْتَارُ بِلَا أَلِفٍ أَيْ الْمُعِيرُ، وَيَأْتِي بَعْدَ اخْتِيَارِهِ مَا سَبَقَ. (وَلِلْمُعِيرِ) عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ (دُخُولُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا) وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ، (وَلَا يَدْخُلُهَا الْمُسْتَعِيرُ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلتَّفَرُّجِ، وَيَجُوزُ) دُخُولُهَا (لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ) لِلْجِدَارِ (فِي الْأَصَحِّ) ،
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأَرْشَ لَزِمَ أَيْضًا. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ صُدِّقَ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ) لَمْ يَذْكُرْ مَجَّانًا إشَارَةً إلَى أَنَّ ذِكْرَهُ لَيْسَ شَرْطًا وَقَدْ يَكُونُ احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ شَرْطِ الْأَرْشِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ قَلَعَ مَجَّانًا، كَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ قَلَعَ بَذْرَهُ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْ نَحْوِ السَّيْلِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَزِمَهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا جُزْءَا عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ:(إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ عَوْدُ التُّرَابِ الَّذِي أُزِيلَ بِالْقَلْعِ إلَى مَكَانِهِ، لَا تَحْصِيلُ تُرَابٍ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(بِأُجْرَةٍ) أَيْ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتُعْتَبَرُ الْأُجْرَةُ بِمَا مَرَّ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَوْضِعَ مَا قُلِعَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَنَّ لَهُ إجَارَةَ مَا بَيْنَ الْمَغْرُوسِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّصْرِيحُ بِالْأُولَى وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ لِمَحَلِّ الْمَغْرُوسِ فَقَطْ فَلَا. قَوْلُهُ:(أَوْ يَقْلَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ مَسْجِدًا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.
قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَمَحَلُّ الْقَلْعِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعِيرُ شَرِيكًا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَلَمْ يُوقَفْ الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ عَدَمُ الْقَلْعِ فِي الْأُولَى وَالتَّبْقِيَةُ إلَى الْجُذَاذِ فِي الثَّانِيَةِ، وَامْتَنَعَ التَّمَلُّكُ فِي الثَّالِثَةِ. نَعَمْ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ الرُّجُوعُ لِتَغْرِيمِ الْأُجْرَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَلَهُ فِي الثَّالِثَةِ الْقَلْعُ أَوْ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَهُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ الْقَلْعُ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكِ لِلْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ إنْ لَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ. قَوْلُهُ:(وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَوْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَائِمًا) أَيْ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ أُجْبِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا أَوْ عَلَى الْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ. قَوْلُهُ:(لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ) نَعَمْ لَوْ اخْتَارَ قَلْعَ بَعْضٍ وَتَبْقِيَةَ بَعْضٍ مَثَلًا لَمْ يَلْزَمْهُ مُوَافَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَخْتَارَا) قَالَ شَيْخُنَا وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِي الْأَرْضِ لِيُطَالِبَ الْمُسْتَعِيرَ بِالْأُجْرَةِ، وَفِي الْعُبَابِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْإِعْرَاضِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَمَا فِي الْعُبَابِ عَلَى مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(أَيْ يَخْتَارُ الْمُعِيرُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: يَخْتَارُ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَمَا هُوَ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَحَمْلُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِمَّا فَعَلَهُ الشَّارِحُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَعُودَ وَيَخْتَارَ الْقَلْعَ، وَأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَعَلَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ فَتَأَمَّلْهُ.
فَرْعٌ: لَوْ وَصَلَ غُصْنًا بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ فَالثَّمَرَةُ لِمَالِكِ الْغُصْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعِ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ، كَمَا لَوْ أَعَارَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(وَلِلْمُعِيرِ عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْإِعْرَاضُ.
قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ) وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ، وَلَيْسَ لَهُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَيْهِ أَوْ اسْتِنَادٍ يَضُرُّ. قَوْلُهُ:(لِلْجِدَارِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِيَعُمَّ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ قَلَعَ مَجَّانًا، كَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى أَرْضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْخِلَافُ يَلْتَفِتُ إلَى الْخِلَافِ فِي الَّذِي يَتْلَفُ مِنْ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ بِالِانْسِحَاقِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَأَنَّ مُرَادَهُ الْحَفْرُ لِلْأَسَاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ بِخِلَافِ الْحَفْرِ لِقَطْعِ الْأَسَاسِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ. قَوْلُهُ:(بَلْ لِلْمُعِيرِ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ مَصْلَحَتَيْهِمَا، وَخُيِّرَ الْمُعِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ، وَلِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْتَتْبَعُ. قَوْلُهُ:(أَيْ حِينَ التَّمَلُّكِ) أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (إجَارَةٌ وَبَيْعٌ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ، وَلَيْسَ كَالشَّفِيعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ التَّنْجِيزِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ: قَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ أُجْرَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُعِيرُ فَالضَّرَرُ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: شَخْصٌ وَصَلَ غُصْنًا بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ فَالثَّمَرَةُ لِمَالِكِ الْغُصْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَطْعِ، وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ أَعَارَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ. قَوْلُهُ:(وَالِاسْتِظْلَالُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَرْبِطُ بِهَا شَيْئًا وَلَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا،