الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَالثَّانِي يُعَارِضُ بِأَنَّهُ يُشْغَلُ بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ مِلْكَهُ
(وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيْعُ مِلْكِهِ) لِلْآخَرِ، وَالثَّالِثُ (وَقِيلَ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، إذْ لِلْمُعِيرِ تَمَلُّكُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُعِيرِ يَتَخَيَّرُ تَخَيُّرَهُ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُسْتَعِيرِ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فَيَتَخَيَّرُ الْمُعِيرُ كَمَا سَبَقَ، وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ
جَازَ فِي الْأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ كَيْفَ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ هُنَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَهُمَا الْحَاكِمُ عَلَى وَجْهٍ سَبَقَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَرَسَ الرَّاهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ، أَيْ وَهُمَا السَّابِقَانِ فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يُوَزَّعُ عَلَى الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ، وَعَلَى مَا فِيهَا وَحْدَهُ، فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ، وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ.
(وَ
الْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ
، (كَالْمُطْلَقَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ.
(وَفِي قَوْلٍ لَهُ الْقَلْعُ فِيهَا مَجَّانًا إذَا رَجَعَ) بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَيَكُونُ هَذَا فَائِدَةَ التَّأْقِيتِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: فَائِدَتُهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، وَفِي وَجْهٍ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
(وَإِذَا أَعَارَ لِزِرَاعَةٍ وَرَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِبْقَاءَ إلَى الْحَصَادِ) . وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يَقْلَعَ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَالثَّالِثُ لَهُ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ كَالْغِرَاسِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، (وَ) الصَّحِيحُ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ) مِنْ وَقْتِ الرُّجُوعِ إلَى الْحَصَادِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ الْمَنْفَعَةَ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ. وَالثَّانِي لَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ كَالْمُسْتَوْفَاةِ بِالزَّرْعِ، (فَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يُدْرَكْ فِيهَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ، قَلَعَ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الشَّجَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَلَا الْمُحَرَّرِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَالْمُرَادُ إصْلَاحُ الْجِدَارِ بِآلَتِهِ لَا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ الْإِصْلَاحُ عَلَيْهَا. وَهَذَا كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِدَارِ الْبِنَاءُ الْمَمْلُوكُ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَمْلُوكُ لِلْمُعِيرِ الْمُحِيطُ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، إلَيْهِ يُرْشِدُ عُدُولُ الشَّارِحِ إلَى التَّعْبِيرِ بِهِ إلَى التَّعْبِيرِ بِالْبِنَاءِ وَالْعِلَّةُ لَا تُنَافِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(صِيَانَةً لِمِلْكِهِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَعَطَّلَتْ بِدُخُولِهِ مَنْفَعَتُهَا عَلَى مَالِكِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْإِعْرَاضِ، إلَّا فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرَادَ أُجْرَةٌ لِدُخُولِهِ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ الْأَرْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(يُعَارِضُ إلَخْ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُعَارِضُ دَلِيلَ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (يَشْغَلُ) هُوَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْغَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ) فَهُوَ كَبَيْعِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ مَعَ تَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ الْمُعِيرُ) لَوْ قَالَ: فَلَهُ الْقَلْعُ مَجَّانًا، وَإِذَا امْتَنَعَ تَخَيُّرُ الْمُعِيرِ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَلَامُهُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا فَلَوْ بَاعَا مَعًا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ، وَيَحِلُّ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَحَلَّهُ فِيمَا لَهُ. قَوْلُهُ:(وَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جُهِلَ الْحَالُ مِنْ الْإِعَارَةِ، وَالِاسْتِعَارَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الرُّجُوعِ وَبَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَبِهَا فَارَقَ بَيْعَ عَبِيدٍ جُمِعَ بِثَمَنٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ سَبَقَ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى هَذَا فِيهِ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْبَغَوِيّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ وَحْدَهَا بِصِفَةِ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِغِرَاسٍ مَثَلًا يَسْتَحِقُّ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ، وَيُقَوَّمُ الْغِرَاسُ وَحْدَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، ثُمَّ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجْمُوعِهِمَا، فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ يُقَابِلُهَا طَرِيقَةُ الْمُتَوَلِّي الْحَاكِيَةُ الَّتِي عَلَى قِيَاسِ الرَّهْنِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَرْهُونِ لَا يُقَوَّمُ وَحْدَهُ، وَالْفَرْقُ اخْتِلَافُ الْمَالِكِ هُنَا. قَوْلُهُ:(فَحِصَّةُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ) فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تُخَالِفُهَا فِي أَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ يَجُوزُ فِيهَا تَكْرَارُ الْمُعَارِ لَهُ دُونَ الْمُقَيَّدَةِ كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّكْرَارُ فِي الْمُقَيَّدَةِ أَظْهَرَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمُدَّةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّجُوعِ الِانْتِهَاءُ، وَلَوْ عُبِّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَفِي وَجْهٍ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْقَطْعُ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ.
قَوْلُهُ: (كَالْغِرَاسِ) لَا يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْوَجْهَيْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ) وَكَذَا بِالزِّرَاعَةِ، كَأَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ نَحْوُ سَيْلٍ وَتَأَخَّرَ بِسَبَبِهِ عَنْ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَ الزَّرْعَ الْمُعَيَّنَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُ هَذَا الدَّاخِلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ) كَأَنْ تَأَخَّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ لِنَبَاتِهِ ثَانِيًا بَعْدَ أَكْلِ نَحْوِ جَرَادٍ، أَوْ لِتَعْيِينِ الْمُعِيرِ مُدَّةً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُدْرَكُ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْعَارِيَّةُ فِي هَذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ لِإِمْكَانِ إبْدَالِ الزَّرْعِ بِغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ دُونَهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ التَّبْقِيَةِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ إنْ كَانَ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَوَانِ الْحَصَادِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِقَطْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَمِنْ ذَلِكَ فَسِيلٌ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ، وَبِقَوْلٍ: يُعْتَادُ نَقْلُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَالْبِنَاءِ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَالظَّاهِرُ حَمْلُ الِاسْتِنَادِ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَارٍ. وَلَوْ أَذِنَ الْمُعِيرُ.
[تَتِمَّة لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِير وَالْمُسْتَعِير عَلَى بَيْع الْأَرْض مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (السَّابِقَانِ فِي رَهْنِ الْأُمِّ إلَخْ) أَصَحُّهُمَا يُقَوَّمُ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ ثُمَّ مَعَ الْآخَرِ، وَالثَّانِي يُقَوَّمُ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْآخَرُ وَحْدَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ هُوَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ الْآتِي، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَشْغُولَةٌ أَنَّ صِفَةَ الشَّغْلِ تُلَاحَظُ فِي تَقْوِيمِ الْأَرْضِ، مِنْ غَيْرِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ إلَيْهَا. لَكِنَّ قَوْلَهُ: بَعْدُ وَعَلَيَّ مَا فِيهَا وَحْدَهُ قَدْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، هَذَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ، أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ الْبَغَوِيّ اقْتَصَرَ عَلَى وَجْهٍ. قَوْلُهُ:(وَعَلَيَّ مَا فِيهَا) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَإِذَا قَوَّمْنَا الْغِرَاسَ قَوَّمْنَاهُ مُسْتَحَقَّ الْأَخْذِ.
[الْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ إلَخْ) أَيْ وَأَيْضًا فَكَمَا لَوْ أَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ إلَى مَكَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ إلَى مَأْمَنٍ وَلَكِنْ بِأُجْرَةٍ.
قَوْلُهُ: (مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ) مِنْ صُوَرِهِ أَنْ يَأْكُلَ الزَّرْعَ الْجَرَادُ ثُمَّ يَنْبُتَ ثَانِيًا.
الْمُعِيرُ الزَّرْعَ (مَجَّانًا) ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِمَّا قَبْلَهَا، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ، فَإِنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ مَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ كُلِّفَ الْمُسْتَعِيرُ
(وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا) لِغَيْرِهِ (إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ فَهُوَ) أَيْ النَّابِتُ (لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ، فَيُنْظَرُ فِي النَّابِتِ أَهُوَ شَجَرٌ أَمْ زَرْعٌ؟ وَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَقَالَ لِمَالِكِهَا: أَعَرْتنِيهَا فَقَالَ: بَلْ آجَرْتُكهَا) مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا، (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ، فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَأْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ وَأَنَّهُ آجَرَهُ، وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا اسْتَأْجَرَ، وَالثَّالِثُ الْمُصَدَّقُ فِي الْأَرْضِ الْمَالِكُ وَفِي الدَّابَّةِ الرَّاكِبُ؛ لِأَنَّهُ تَكْثُرُ الْإِعَارَةُ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ:(أَعَرْتنِي، وَقَالَ) الْمَالِكُ: (بَلْ غَصَبْت مِنِّي) فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فَيَحْلِفُ، وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ
(فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) قَبْلَ رَدِّهَا (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) لَهَا الْمُخْتَلَفِ جِهَتُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ، (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) وَهُمَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، (فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) النَّسَبَ (أَكْثَرَ) .
مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا، وَيَأْخُذُ مَا عَدَاهَا وَالْمُسَاوِيَ بِلَا يَمِينٍ.
ــ
[حاشية قليوبي]
فَرْعٌ: وَكَّلَ شَخْصًا لِيَزْرَعَ لَهُ بَذْرَهُ فِي أَرْضِهِ فَزَرَعَهُ فِي غَيْرِ أَرْضِ الْمُوَكِّلِ غَلَطًا فَالزَّرْعُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْرِهِ، وَعَلَى الْوَكِيلِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَضَمَانُ الزَّرْعِ لَوْ تَلِفَ، وَلَوْ بِقَلْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ إنْ حَصَلَ فِيهَا نَقْصٌ بِالزَّرْعِ أَوْ قَلْعِهِ لِتَعَدِّيهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا لِغَيْرِهِ) وَلَوْ نَحْوَ نَوَاةٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَالِكَهَا الَّذِي يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ مَلَكَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ مَالِكُهَا عَدَمَ الْإِعْرَاضِ وَالْحِجَارَةُ كَالْبَذْرِ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) وَلَا يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ قَبْلَ الطَّلَبِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَلْعِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَعَدَمِ فِعْلِهِ، وَتَجِبُ مُدَّةَ الْقَلْعِ، وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا) فِي شَرْحِ شَيْخِنَا صِحَّةُ الدَّعْوَى بِالْإِجَارَةِ الْمُطْلَقَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَالْقِيمَةِ لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْعَارِيَّةَ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَالْمُصَدِّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ جَزْمًا، فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ:(فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا صَوَّرَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْعَارِيَّةِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَصْلِ الْإِذْنِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ:(وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) لَا الْمُسَمَّى وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْأُجْرَةِ بَلْ هُنَا أَوْلَى، وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ تَتْلَفْ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ إنْ تَلِفَتْ بِالْمُسْتَأْجِرِ لَهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، إنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَالرَّاكِبُ مُقَرٌّ لَهُ بِالزَّائِدِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَالْقَوْلُ الثَّانِي إلَخْ) وَفَارَقَ تَصْدِيقَ الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ فِيمَا لَوْ زَعَمَ الْغَسَّالُ وَالْخَيَّاطُ أَنَّهُمَا فَعَلَا بِأُجْرَةٍ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ بِأَنَّ هَا هُنَا فَوَّتَا مَنْفَعَةَ أَنْفُسِهِمَا وَيَدَّعِيَانِ الْعِوَضَ، وَهُنَاكَ فَوَّتَا مَنْفَعَةَ غَيْرِهِمَا وَيَدَّعِيَانِ الْإِسْقَاطَ. قَوْلُهُ:(فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا) يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْله: (أَنَّهُ مَا اسْتَأْجَرَ) ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْعَارِيَّةِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ) أَيْ إنَّهُ غَصَبَهُ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ الْأُجْرَةِ لِلُزُومِ الْغَصْبِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِلَّا رَدَّ الدَّابَّةَ وَلَا حَلِفَ.
قَوْلُهُ: (مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) وَهُوَ أَقْصَى الْقِيَمِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) وَهِيَ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا، وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ إنْ كَانَ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الْأُولَى بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَذُو الْيَدُ الْإِجَارَةُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: أَعَارَ لِلزَّرْعِ أَوْ الْغِرَاسِ لَمْ يَزْرَعْ، أَوْ يَغْرِسْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ إلَّا بِأَمْرِ الْمَالِكِ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ الْمَالِكُ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ.
فَرْعٌ: قَلَعَ صَاحِبُ النَّبَاتِ نَبَاتَهُ، لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ لَا تَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِالْمُبَاشِرِ بِالِاخْتِيَارِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى تَصْدِيقِ الرَّاكِبِ دُونَ الزَّارِعِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِيهِمَا، وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَيَتَخَلَّصُ مِنْ الطَّرِيقِينَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَيْ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ دُونَ الْمُسَمَّى وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، أَيْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا يَأْخُذُ الْمُسَمَّى وَجَبَ الْحَلِفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا كَفَى الْحَلِفُ عَلَى الْأُجْرَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ التَّلَفِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّا لَوْ ضَمَّنَا فِيهَا الْأَقْصَى أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ، لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى تَضْمِينِ الْأَجْزَاءِ الْمُنْسَحِقَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَقِيلَ: بِالْأَقْصَى؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهَا، وَقِيلَ: يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْفَرْضِ.