الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ، فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ مُثَلَّثًا
(وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْغَائِبِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ مِنْهَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ مِنْهَا، لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ الْوَارِثِ.
فَصْلٌ: إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ. (لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (نُفِّذَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفُجَاءَةِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ. (نُفِّذَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا (فَمَخُوفٌ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الشَّارِحُ
. قَوْلُهُ: (غَائِبٌ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَكَالْحَاضِرِ وَالدَّيْنُ كَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ:(لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ تَصَرَّفَ وَبَانَ أَنَّهُ لَهُ صَحَّ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ وَشَرْطُ تَسَلُّطِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُوصِي كَأَنْ يَتَسَلَّطَ الْوَارِثُ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ ثُلُثَ الْحَاضِرِ لِلْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّسَلُّطِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ صَحَّ فِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ فِي الْمَفْقُودِ.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَجْرُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ظَنَنَّا) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْفُقَهَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ الْعُدُولِ، أَوْ عَنْ النُّصُوصِ وَقَدْ يَرْتَقِي الظَّنُّ فِي ذَلِكَ إلَى الْعِلْمِ، وَالْيَقِينِ لِنَحْوِ تَوَاتُرٍ فَيُرَادُ بِالظَّنِّ مَا يَشْمَلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ، مَا هُوَ وَاقِعٌ بِالْمُتَصَرِّفِ بِالْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجُمْلَةُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَضٍ، وَالْمَخُوفُ مِنْهَا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ:(يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ) مُقْتَضَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْتُ بِهِ نَادِرًا. قَوْلُهُ:(تَبَرُّعٌ) مُنْجَزًا أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتِبَارُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ بِمَعْنَى عَدَمِ النُّفُوذِ فِيهِ، أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي صَرْفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ:(الْفُجَاءَةِ) فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَحُمِلَ الْخَبَرُ الْأَخِيرُ بِأَنَّهُ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ. قَوْلُهُ: (فَمَخُوفٌ) أَيْ حُكْمًا فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْمَوْتُ، فَهُوَ مَخُوفٌ مُطْلَقًا، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ إذَا لَمْ يَمُتْ بِهِ وَمَاتَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ، وَيُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ. قَوْلُهُ:(اعْتِبَارًا بِالزِّيَادَةِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ كَوْنِهِمَا ذَكَرَيْنِ أَيْضًا فَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُمَحَّضُ النِّسْوَةُ إلَّا إنْ كَانَ عِلَّةً بَاطِنِيَّةً بِامْرَأَةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ النِّسْوَةِ بِهِ دُونَ الرِّجَالِ، فَظَاهِرُ الْفَسَادِ أَوْ اطِّلَاعُهُنَّ عَلَيْهِ غَالِبًا. فَكَذَلِكَ لِجَوَازِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا هُوَ جَائِزٌ فِيمَا هُوَ أَخْفَى مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْمُرَادُ إخْبَارُهُنَّ بِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ الرِّجَالِ فَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِنَّ فَتَأَمَّلْهُ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ الْأَعْلَمُ فَالْأَكْثَرُ، فَمَنْ قَالَ إنَّهُ مَخُوفٌ أَوْ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ مَخُوفٌ. نَعَمْ مَنْ صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِمَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ لَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ. قَوْلُهُ:(قُولَنْجُ) وَإِنْ اعْتَادَهُ وَسَلِمَ مِنْهُ. وَيَنْفَعُهُ ابْتِلَاعُ الصَّابُونِ غَيْرِ الْمَبْلُولِ وَأَكْلُ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَالْقَيْءِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَيَضُرُّهُ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ، وَأَشَارَ بِمَنْ إلَى عَدَمِ حَصْرِ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا مِنْهَا مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ. قَوْلُهُ:(وَذَاتُ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ الْمَرَضُ الْمَعْرُوفُ بِالْقَصَبَةِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا ضِيقُ النَّفَسِ وَالسُّعَالُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إقْرَاعَ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهَا أَنْ يَقُولَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنَّهُ لَا إقْرَاعَ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ إلَخْ) . خَصَّ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَ تَصَرُّفِ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ دُونَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَحْوِهِ
[فَصْل إذَا ظَنَنَّا الْمَرَض يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة]
فَصْلٌ إذَا ظَنَنَّا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَخُوفًا) أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَصَوَّبَ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفًا قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْخَوْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَسْرِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْخَوْفُ كَالْمَرَضِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ جَوَّزَ الْأَمْرَيْنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ:(بِفَتْحِ الرَّاءِ) هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ الْكَسْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفُجَاءَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ تَنْكِيرُهَا، وَأَمَّا التَّعْرِيفُ فَفِي الْمُحْكَمِ اسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ، فَلَا أَدْرِي مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ إمَّا الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ هُنَا عَلَى النَّفْيِ كَأَنْ يَقُولَا: لَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ:(عَدْلَيْنِ) هَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ أَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ حُرَّيْنِ وَإِلَّا فَلْيَذْكُرْ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ اللَّامِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ سَمِعَ فَتْحَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذَاتُ جَنْبٍ)
كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ (وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ، فَلَا تَنْزِلَ وَيَصْعَدَ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّيَ إلَى الْهَلَاكِ. (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ، وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتُ الْهَلَاكِ (وَرُعَافٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (دَائِمٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ كَأَنْ يَنْقَطِعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ، وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِهِ وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالْبَلْغَمِ فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ. (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) بِأَنْ تَنْخَرِقَ الْبَطْنُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ. (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) أَيْ مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ بِخِلَافِ دَمِ الْبَوَاسِيرِ
وَذَكَرَ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ كَانَ حَاتِمُ يُكْرِمُ الضَّيْفَ. (وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ (أَوْ غَيْرُهَا) كَالْوِرْدِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبِّ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثُّلُثِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتَقْطَعُ يَوْمَيْنِ. (إلَّا الرُّبُعَ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا، وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوَّةً مِنْ يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَالْغِبُّ وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ اعْتَادُوا قَتْلَ الْأَسْرَى، وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ وَتَقْدِيمٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْحُمَّى اللَّازِمَةُ، وَيَنْفَعُهَا شُرْبُ الْبَنَفْسَجِ وَضِمَادُهَا بِهِ وَالْقِرْفَةُ عَلَى الرِّيقِ مُجَرَّبٌ. قَوْلُهُ (وَرُعَافٌ دَائِمٌ) هُوَ بِمَعْنَى: مُتَتَابِعٌ وَمُتَوَاتِرٌ وَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ فَتَعَدُّدُ ذِكْرِهَا تَفَنُّنٌ، أَوْ خَوْفُ لُبْسٍ عَلَى نَحْوِ كَاتِبٍ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الدَّائِمَ مَا يَكْثُرُ مَعَهُ الْمَوْتُ، وَالْمُتَوَاتِرُ مَا كَانَ مَعَهُ انْفِصَالٌ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44] وَالْمُتَتَابِعُ مَا كَانَ بِلَا فَصْلٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَدِقٌّ) خَرَجَ بِهِ السُّلُّ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ، فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصَبَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّقَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُمِّيَّاتِ وَيَنْفَعُهُ حَلِيبُ اللَّبُونِ وَكُلُّ حُلْوٍ رَطْبٍ كَمَاءِ الْقَرْعِ وَالسُّكَّرِ مَعًا. قَوْلُهُ (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) هُوَ مَا قَبْلَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَقَبْلَ سَبْعِ سَاعَاتٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَالِجِ هُنَا اسْتِرْخَاءُ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ مِنْ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ، وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِاسْتِرْخَاءِ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ، وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ الثُّومِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَالْفُلْفُلِ. قَوْلُهُ:(وَخُرُوجُ الطَّعَامِ) هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِسْهَالِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ مَعَهُ، فَإِسْهَالُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا مَرَّ، إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ:(بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ) وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى اعْتِبَارِ التَّكْرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ فَهُوَ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ وَإِفَادَةُ التَّكْرَارِ لَهَا عُرْفًا لَا وَضْعًا. قَوْلُهُ:(مُطْبِقَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَشْهَرِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا لَا تَبْرَحُ بِأَنْ تَتَجَاوَزَ يَوْمَيْنِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَلَمْ تَسْتَغْرِقْهُ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِقَدْرِ زَمَنٍ. قَوْلُهُ:(تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَتُقْلِعُ يَوْمًا) فَلَا تَأْتِي فِي جُزْءٍ مِنْهُ، وَيُقَالُ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(الرُّبْعَ) وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْمُثَلَّثَةَ نَظَرًا لِيَوْمَيْ إقْلَاعِهَا مَعَ يَوْمِ مَجِيئِهَا وَالْأَوَّلَ نَظَرًا لِيَوْمَيْ إقْلَاعِهَا وَيَوْمَيْ مَجِيئِهَا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ أَوَّلِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْمُثَلَّثَتَيْنِ فِي الثُّلُثِ وَمَعَ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْغِبِّ. قَوْلُهُ: (أَسْرُ كُفَّارٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَعْتَادُ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَتَقْدِيمٌ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْحَبْسُ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهَيَجَانُ مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ) فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ كَالنِّيلِ وَإِنْ عَرَفَ السِّبَاحَةَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (وَطَلْقُ حَامِلٍ) لَا بِعَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ، وَلَا مَشِيمَتِهِمَا، وَمَوْتُ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ مَخُوفٌ، وَلَوْ بِلَا وَجَعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
فَرْعٌ: يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَيْضًا زَمَنُ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ لِمَنْ غَلَبَ فِي أَمْثَالِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا مُطْلَقًا.
فَائِدَةٌ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ حَدِيثًا فِي مِصْرَ وَلَفْظُهُ «مِصْرُ يُسَاقُ إلَيْهَا أَقَلُّ النَّاسِ أَعْمَارًا فَاِتَّخِذُوا خَيْرَهَا وَلَا تَتَّخِذُوهَا دَارًا» . قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ غَلَبَ غَيْرَهَا، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ لِلْخِلَافِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ وَفِي غَيْرِهَا، إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
مِنْ عَلَامَاتِهَا الْحُمَّى، وَالْوَجَعُ النَّاخِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ، وَضَعْفُ النَّفَسِ وَتَوَاتُرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَنِي بِهَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَالِجٍ) هُوَ فِي عُرْفِ الْأَطِبَّاءِ الِاسْتِرْخَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا هَاجَ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَسَبَبُهُ. قَوْلُهُ (بِأَنْ تَنْخَرِقَ الْبَطْنُ إلَخْ) وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَذُكِرَ إلَخْ. كَأَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ اتِّصَالُهَا بِنَوْعِ إسْهَالٍ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَفِي الْحَدِيثِ «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلِأَنَّ إطْبَاقَهَا يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الَّتِي تَدُومُ بِهَا الْحَيَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إلَّا الرُّبُعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتُسَمِّيهَا الْعَوَامُّ الْمُثَلَّثَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهَيَجَانٌ) أَيْ خَارِجٌ عَنْ الْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا) وَلَا يَنْدَفِعُ بِدَوَاءٍ كَالْمَرَضِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ مُشْكِلٌ فِي الطَّلْقِ وَمَا بَعْدَهُ.
فَائِدَةٌ: خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ مَسْأَلَةَ الطَّلْقِ بِالْأَبْكَارِ وَالْأَحْدَاثِ دُونَ كِبَارِ النِّسَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، قَوْلُهُ:(قَوْلَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:
مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا، وَوَجْهُ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِالْمَرَضِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ فِيهَا شَيْءٌ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ إلَى آخِرِهَا قَوْلَانِ وَفِيمَا قَبْلَهَا طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةٌ فِي التَّقْدِيمِ لِقِصَاصٍ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِلْحَاقِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، وَالْعَفْوُ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ أَوْ الْمَالِ وَلَا خَوْفٌ فِي أَسْرِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالرُّومِ، وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَامَيَانِ بِالنُّشَّابِ، وَالْحِرَابِ، وَلَا فِي الْفَرِيقِ الْغَالِبِ، وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا وَقَوْلُهُ:" مُتَكَافِئَيْنِ " الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا
(وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) بَعْدَ مَوْتِي كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي) كَذَا (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ
(وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) بِالنُّونِ مَعَ النِّيَّةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ فِيهَا الْأَظْهَرُ. (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) وَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ نَوَيْت الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بَحْثًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا هُنَا
(وَإِنْ وَصَّى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُوَافِقُ لَهَا مِنْ الْحَاكِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةُ طَرِيقِ الْقَطْعِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَوْفٌ) أَيْ لَيْسَ مِنْ الْمَخُوفِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمِينَ) هُوَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَانْظُرْ لَوْ كَانَا مُفْرَدَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَصِيغَتُهَا إلَخْ) هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا إلَى هُنَا لِلْمُنَاسَبَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْصَيْت إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِي) وَمِثْلُهُ بَعْدَ عَيْنِي، وَإِنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ بِالْمَوْتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ادْفَعُوا لَهُ كَذَا فَهُوَ تَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْطُوهُ كَذَا فَوَعْدُ هِبَةٍ أَوْ إقْرَارٌ بِوَدِيعَةٍ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جَعَلْته لَهُ احْتِمَالُ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ إحْدَاهُمَا بَطَلَ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَكْته فَهِبَةٌ نَاجِزَةٌ فَإِنْ زَادَ بَعْدَ مَوْتِي فَوَصِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَا فِي جَرِيدَتِي أَيْ دَفْتَرِي قَدْ قَبَضْته فَإِقْرَارٌ بِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَوَصِيَّةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ كِنَايَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ بِالنُّونِ) وَمِنْهَا ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ. حَيْثُ قَالَ فِي الشَّرْحِ إنَّ انْعِقَادَ الْوَصِيَّةِ بِالْكِنَايَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِ خِلَافًا فِي الْمُحَرَّرِ لِقَوْلِهِ الْأَظْهَرُ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْكِتَابَةُ بِالتَّاءِ كِنَايَةٌ) سَوَاءٌ مِنْ النَّاطِقِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْإِشَارَةِ مَا مَرَّ فِيهِ أَيْضًا، وَمِنْهَا مَا لَوْ قِيلَ لِمَرِيضٍ: أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَنْ نَعَمْ فَقَوْلُهُ: وَقَالَ: نَوَيْت أَيْ كَتَبَ نَوَيْت مُطْلَقًا أَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِهِ
. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَعْسُرُ عَدُّهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ:(عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ) وَلَا يَتَعَيَّنُ فُقَرَاءُ بَلَدِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (لِمُعَيَّنٍ) مِنْهُ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَرْضَى بِعِتْقِهِ، وَنَفَقَةُ هَذَا عَلَى الْوَارِثِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ كَسْبَهُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَلَوْ نَادِرًا وَمِنْ الْمُعَيَّنِ الصَّبِيُّ فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَمِنْهُ نَحْوُ الْمَسْجِدِ فَيَقْبَلُ نَاظِرُهُ قَوْلُهُ:(اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ لَفْظًا فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ وَلَا التَّصَرُّفُ كَرَهْنٍ، وَلَوْ قُبِلَ الْبَعْضُ صَحَّ فِيهِ، وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اكْتَفَى عَنْ الْفِعْلِ بِنَحْوِ الْهَدِيَّةِ. قَوْلُهُ:(كَالْفُقَرَاءِ) فِي اللُّزُومِ بِالْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ وَعَدَمِ التَّسْوِيَةِ إلَّا إنْ عَيَّنَ مَحَلًّا، وَسَهُلَ عَدُّ مَنْ فِيهِ. وَهَذَا يَجْرِي فِي الْفُقَرَاءِ أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِمْ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ حَيْثُ سَهُلَ عَدُّهُمْ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
ــ
[حاشية عميرة]
يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِأَنَّ الطَّلْقَ مَخُوفٌ فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ. قَوْلُهُ: (طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ) هِيَ الصَّحِيحَةُ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) . قَدْ يَدَّعِي احْتِمَالَ الرُّجُوعِ فِي الزِّنَا الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ إرَادَةَ التَّطَهُّرِ بِالْحَدِّ يَبْعُدُ مِنْهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ. قَوْلُهُ:(لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ) لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ، وَأَقَارِبُ الْمَقْتُولِ كُفَّارٌ تَخَلَّفَ هَذَا التَّوْجِيهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَلَّفَ هَذَا الْخِلَافَ لِذَلِكَ
. قَوْلُهُ: (تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ النَّاجِزَةَ وَيَحْتَمِلُ الْوَصِيَّةَ.
قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ) فَاعِلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَعَلَّ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ كِتَابَةٍ بِالتَّاءِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةُ بَيَانِ كِنَايَةٍ. قَوْلُهُ:(قَوْلُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُحَرَّرِ.
قَوْلُهُ: (بَحْثًا) مُقَابِلُهُ نُقِلَ عَنْ التَّتِمَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِالْكِتَابَةِ بِالتَّاءِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ بَعْدَ مَوْتِي هُوَ إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ فَيُرْجَعُ فِيهِ لِتَفْسِيرِ الْوَارِثِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ: أَعْطُوهُمْ كَذَا حَتَّى يَمْلِكَ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْطَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَائِدَةٌ: لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ كَالْهِبَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ يَنْزِعُ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَرَاخِيهِ عَنْ الْمَوْتِ.