الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) كَأَنْ لَقَّنَّهُ (لَمْ يَقَعْ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ.
(وَقِيلَ إنْ نَوَى) بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (وَقَعَ) لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَرَدَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الطَّلَاقِ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا
(وَلَا يَقَعُ
طَلَاقُ مُكْرَهٍ)
لِحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُ الْإِغْلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ، (فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَزَ أَوْ عَلَى طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ عَلَى كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ عَلَى تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ عَلَى أَنْ يَقُولَ سَرَّحْت فَقَالَ طَلُقْت، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَلَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِلْإِكْرَاهِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُعْمَلُ، (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ) عَاجِلًا (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِهِ، (وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ وَيَحْصُلُ) ، الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَنَحْوِهَا) ، كَأَخْذِ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ.
(وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ) فَلِلتَّخْوِيفِ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، (وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ (قَتْلٌ) أَوْ قَطْعٌ لِطَرَفٍ مَثَلًا، (أَوْ ضَرْبٌ مَخُوفٌ) ، أَيْ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ فَالتَّخْوِيفُ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (بِالْعَرَبِيَّةِ س) وَتَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ بِغَيْرِهَا وَصِيغَتُهَا الْعَجَمِيَّةُ ته يشتبه أَيْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَمِنْ هَذَا لَوْ شَكَتْ زَوْجَتُهُ بِوَجَعٍ وَطَلَبَتْ مِنْهُ رُقْيَاهَا فَقَالَ لَا أَعْرِفُ رَقْيًا فَقَالَتْ لَهُ أُعَلِّمُك رُقْيَةً تَنْفَعُ فَقَالَ مَا هِيَ فَقَالَتْ قُلْ عَلَى رَأْسِي أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ لَهَا فَلَا يَقَعُ حَيْثُ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَاللَّاعِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (مُكْرَهٍ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى فِعْلِ صِفَةٍ كَأَنْ عَلَّقَ بِهَا كَمَا قَالَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ قَالَ وَمِنْ الْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، إلَّا كَسَرَهُ عَلَى رَأْسِهَا فَوَجَدَ هَاوُنًا قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَخَلَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَا لَوْ حَلَفَتْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ وَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَعْسَرَ نَعَمْ إنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ مَعْصِيَةً حَنِثَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتُلِفَ فِي تَصْوِيرِ الْمُكْرَهِ بِحَقٍّ، فَقِيلَ كَالْمَوْلَى وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَقِيلَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ قَدْ طَلَّقَ أُخْتَهَا وَلَهَا حَقُّ قَسَمٍ وَطَلَبَتْهُ. قَوْلُهُ:(إغْلَاقٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَوَحَّدَ) أَوْ ثَنَّى وَإِنَّ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ زَادَ كَسَبْعِينَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (عَلَى وَاحِدَةٍ) أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَقَيَّدُ فِي هَذِهِ بِصِيغَةِ مُعَيَّنَةٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْمَلُ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا يُفِيدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَغَلُّبٍ) كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَصَوْا سَطَوْا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ كَتَسْلِيطِ الْحُكَّامِ مِنْ شُيُوخِ الْبِلَادِ وَنَحْوِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَأَمْرُ الْحَاكِمِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا عَلَى كَلَامِهِ إكْرَاهٌ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ مِنْ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (كَالِاسْتِغَاثَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ.
قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ) فَلَوْ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا، وَمِنْهُ تَخْوِيفُ أَخْرَقَ بِمَا يَحْسَبُهُ مُهْلِكًا وَالْأَخْرَقُ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَنْ لَا يَعْرِفُ النَّافِعَ مِنْ الْمُضِرِّ فَيَحْسَبُهُ بِمَعْنًى يَظُنُّهُ. قَوْلُهُ:(بِتَخْوِيفٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْهُلُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ارْتِكَابُهُ دُونَ الطَّلَاقِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ) وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ ضَرْبِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ قَتْلِهِمَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَتْلِ بَعْضِهِ الْمَعْصُومِ وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفَلَ إكْرَاهٌ هُوَ وَجِيهٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّابِطِ السَّابِقِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ طَلِّقْهَا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي، فَهُوَ إكْرَاهٌ وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(إتْلَافِ مَالٍ) أَوْ نَفْسٍ بِالْأَوْلَى وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَإِلَّا أَطْعَمْتُك سُمًّا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ فَغَيْرُ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِذَوِي
ــ
[حاشية عميرة]
الْأَجْنَبِيَّةَ التَّدْيِينُ. قَوْلُهُ: (الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ) أَيْ وَغَيْرُ هَذِهِ مِثْلُهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ) وَكَذَا عَكْسُهُ.
[طَلَاقُ مُكْرَهٍ]
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ وَكِيلًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي إغْلَاقٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ كَأَنَّهُ يُغْلِقُ عَلَيْهِ الْبَابَ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يُطَلِّقَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا بِالْغَصْبِ.
قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُقَالُ الْأَوَّلُ يُغْنِي عَنْ هَذَا انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ خُوِّفَ أَخْرَقُ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا فَلِلْإِمَامِ فِيهِ احْتِمَالَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا، فَصَلَّوْا فَبَانَ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ الْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ.
قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الضَّرْبَ غَيْرَ الشَّدِيدِ إكْرَاهٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ شَدِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) فِي التَّخْوِيفِ بِقَتْلِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ قَطْعِهِمَا وَجْهَانِ.
بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنك غَدًا (وَلَا تُشْتَرَطُ) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ (التَّوْرِيَةُ بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) ، أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْت فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ.
(وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ) مِنْ جَهْلٍ بِهَا أَوْ دَهْشَةٍ أَصَابَتْهُ لِلْإِكْرَاهِ (وَقَعَ) طَلَاقُهُ لِإِشْعَارِ تَرْكِهَا بِالِاخْتِيَارِ وَرُدَّ بِالْمَنْعِ
(وَمَنْ أَثِمَ بِمَزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ شَرَابٍ، أَوْ دَوَاءٍ نَفَذَ طَلَاقُهُ، وَتَصَرُّفُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ قَوْلًا وَفِعْلًا) كَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّدَّةِ وَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي قَوْلٍ لَا) يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَهْمٌ وَقَصْدٌ صَحِيحٌ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْفَهْمِ وَالْقَصْدِ، يَكْفِي فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ، إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ (وَقِيلَ) يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (عَلَيْهِ) كَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ دُونَ تَصَرُّفٍ لَهُ كَالنِّكَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه نَصَّ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَنُقِلَ عَنْهُ فِي ظِهَارِهِ قَوْلَانِ عَنْ الْقَدِيمِ طَرْدًا فِي غَيْرِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَفِي تَصَرُّفَاتِ مَنْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِغَيْرِ تَدَاوٍ وَنَفَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمَنْعِ، وَطَرَدَ الْآخَرَ فِي جِنْسِ الْمَنْصُوصِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي عَلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ عَمَّنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمَا ذَكَرَ، كَمَنْ أَجَّرَ مُسْكِرًا أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ تَنَاوَلَ دَوَاءً مُجَنِّنًا بِقَصْدِ التَّدَاوِي، وَيُرْجَعُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا انْتَهَى تَغَيَّرَ الشَّارِبُ إلَى حَالَةٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّكْرَانِ عُرْفًا، فَهُوَ مَحِلُّ الْكَلَامِ.
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ وَحَقَّقَ الْإِمَامُ، فَقَالَ شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إحْدَاهَا هِزَّةٌ وَنَشَاطٌ إذَا دَبَّتْ الْخَمْرُ فِيهِ، وَلَمْ تَسْتَوْلِ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ نِهَايَةُ السُّكْرِ، وَهِيَ أَنْ يَصِيرَ طَافِحًا يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَكَادُ يَتَحَرَّكُ، وَالثَّالِثَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ أَنْ تَخْتَلِطَ أَحْوَالُهُ فَلَا تَنْتَظِمُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَيَبْقَى تَمْيِيزٌ وَكَلَامٌ وَفَهْمٌ فَهَذِهِ الثَّالِثَةُ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَيَنْفُذُ الطَّلَاقُ فِيهَا قَطْعًا لِبَقَاءِ الْعَقْلِ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا يَنْفُذُ فِيهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْمُرُوءَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَلَأِ إكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ بِالزِّنَا وَاللِّوَاطِ إكْرَاهٌ وَلَوْ لِذَوِي الْفُجُورِ نَحْوُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَنِيٍّ غَيْرُ إكْرَاهٍ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْصُلُ) هُوَ مُحْتَرَزٌ عَاجِلًا فِيمَا تَقَدَّمَ وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ فِي الْغَدِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (التَّوْرِيَةُ) إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّرِيحِ لِتَوَقُّفِ الْكِنَايَةِ عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا كَإِلْقَاءٍ مِنْ شَاهِقٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (طَلَاقُهُ) أَيْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ) الشَّامِلَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ فَفِيهِ قِيَاسُ مَا لَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَصَرُّفًا فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ مِنْهَا هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا. قَوْلُهُ:(وَفِي تَصَرُّفَاتٍ) عَطْفٌ عَلَى غَيْرِهِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ جَرَيَانَ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَصَالَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَنَفَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمَنْعِ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ لَا كَمَا مَرَّ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، فَهُوَ قَاطِعٌ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ:(وَطَرَدَ الْآخَرُ) وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي حِكَايَتِهِ بِقِيلَ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ) الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) بَيَانٌ لِلْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِمَا) أَيْ السَّكْرَانِ وَمَنْ شَرِبَ دَوَاءً. قَوْلُهُ: (أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَجِبُ اسْتِفْسَارُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. قَوْله: (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ كَذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ إلَخْ) هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُتَعَدِّي وَيُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (السَّكْرَانِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِمَنْ شَرِبَ دَوَاءً.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ) لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَرُبَّمَا يُجَامِعُهُ النَّظَرُ وَالِاخْتِيَارُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) أَوْ يَنْوِيَ حِلَّ الْوَثَاقِ أَوْ يَقْصِدَ بِطُلِّقْتِ الْعَزْمَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِ كَانَ أَوْلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ بِقَبْلِهِ التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، بِأَنَّ النَّاوِيَ لِذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِ لَا يُدَيَّنُ إلَّا إنْ تَلَفَّظَ سِرًّا. وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَكْفِي فِيهِ الْقَصْدُ الْقَلْبِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التَّوَقُّفَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ نَفَعَهُ بِلَا إشْكَالٍ لِأَنَّ مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا يُدَيَّنُ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (نَفَذَ طَلَاقُهُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِسُكْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَاخَذَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ كَالسِّرَايَةِ فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ إلَخْ) قُلْت فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فَهْمٌ وَقَصْدٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْ الشَّارِحِ مَيْلٌ إلَى عَدَمِ تَكْلِيفِ الطَّافِحِ الَّذِي لَا فَهْمَ لَهُ وَلَا قَصْدَ أَصْلًا، كَمَا سَيَأْتِي عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ رحمه الله.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِي هَذَا وَفَرَّقَ فَارِقُونَ بَيْنَ مَالِهِ فَجَعَلُوهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَقَطَعُوا بِنُفُوذِهَا عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ.
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) لَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ قَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْفُذُ عَلَى هَذَا تَغْلِيبًا لِلَّذِي عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ السُّكْرُ عِبَارَةٌ عَنْ حَالَةٍ تَحْصُلُ مِنْ اسْتِيلَاءِ أَبْخِرَةٍ مُتَصَاعِدَةٍ مِنْ الْمَعِدَةِ عَلَى مَعَادِنِ الْفِكْرِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.
جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّسَبُّبِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَوْفَقُ لَا طَلَاقُ الْأَكْثَرِينَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ قَالَ رُبُعُك أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ كَبِدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفُرُك) أَوْ سِنُّك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك (طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ قَطْعًا بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا، فِيمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ، فَقُطِعَتْ يَمِينُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، (وَكَذَا دَمُك) طَالِقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كَفَضْلَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (لَا فَضْلَةَ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ) كَأَنْ قَالَ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك طَالِقٌ، فَإِنَّهُمَا لَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِمَا لِأَنَّ أَصْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا الدَّمُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُمَا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَأَشْبَهَا الْفَضْلَةَ، (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالثَّانِي فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ
(وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَوْفَقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَبِدُكِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ، كَالظَّاهِرَةِ فَيَقَعُ بِهَا وَمِنْهَا الْخُصْيَةُ. قَوْلُهُ:(شَعْرُك) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَاجِبٍ فَيَقَعُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (يَدُكِ إلَخْ) أَيْ الْمُتَّصِلَةَ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) مُسْتَدْرِكٌ إذْ الْأَصْلُ مِنْ الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْبَاقِي أَوْ مُؤَوَّلٌ بِأَنْ يُقَالَ مِنْ الْجُزْءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِلَى جُمْلَةِ الْبَاقِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) هَذَا مَنْعٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (دَمُكِ) أَوْ بَعْضُ دَمِك وَكَالدَّمِ الرُّوحُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ، وَالنَّفْسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ كَالرُّوحِ وَكَالدَّمِ السَّمْنُ وَرُطُوبَةُ الْبَدَنِ، وَالشَّحْمُ وَالْبَيْضُ الَّذِي لَهَا وَهُوَ الْخُصْيَةُ كَمَا مَرَّ، وَالْحَيَاةُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) وَمِثْلُهُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالْعَقْلُ وَالذَّكَرُ وَالظِّلُّ وَالصُّحْبَةُ وَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ وَالطَّرِيقُ وَالْمَلَّاحَةُ وَالدَّمْعُ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالِاسْمُ إنْ لَمْ يُرَدْ الْمُسَمَّى، وَالرُّوحُ وَالْحَيَاةُ إنْ لَمْ يُرَدْ الدَّمُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.
وَاللِّحْيَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَعْرٌ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَنِيٌّ) وَمِثْلُهُ الْجَنِينُ وَالْحَمْلُ. قَوْلُهُ: (وَلَبَنٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَخْلَاطُ كَالْبَلْغَمِ وَمَحِلُّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْغِذَاءِ فِي الْمَعِدَةِ قَبْلَ سَرَيَانِهِ فِي الْبَدَنِ وَإِلَّا فَهِيَ أَجْزَاءٌ مِنْ الْبَدَنِ لِتَرَكُّبِهِ مِنْهَا كَالدَّمِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالدَّمِ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْغِذَاءِ أَيْضًا لَمْ يَقَعْ بِهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَهِيَ مِنْ الْكَتِفِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ) أَيْ وَإِنْ أَعَادَتْهَا وَالْتَصَقَتْ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ لِأَنَّهَا حَالَةَ الْحَلِفِ مَعْدُومَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً حَالَةَ الْخِلْفِ فَإِنْ خِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْأُذُنُ وَالشَّعْرُ كَالْيَدِ كَمَا شَرَحَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْلِيلَ شَيْخِنَا م ر فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَا يُعَدُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا رَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَحِلُّهُ الصِّيغَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَوْ قَدَّمَهَا كَانَ أَنْسَبَ وَذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْإِضَافَةِ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْك) بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي) قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ هَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْبَعْضُ كَالْكُلِّ فِي مَحِلِّ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ:(كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ) بِجَامِعٍ أَنَّ كُلَّ إزَالَةِ مِلْكٍ تَحْصُلُ بِالتَّصْرِيحِ وَالْكِنَايَةِ لَكِنْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِيَاسِ بِأَنَّ الْجُزْءَ يَصِحُّ عِتْقُهُ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ نَعَمْ احْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا اتِّصَالًا أَوَّلِيًّا، وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ الْوُقُوعَ بِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ، فَلَا يُمْكِنُ إلْغَاءُ قَوْلِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَعُمَّ حُكْمُهُ انْتَهَى. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ بِهِ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ لِبَعْضِ الدَّمِ لَا تَطْلُقُ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (لَا فَضْلَةَ) مِثْلُهَا الْأَخْلَاطُ بِلَا عَدَمِ صِدْقِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَمِينٌ) قِيلَ الصَّوَابُ يُمْنَى لِأَنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ قَالَ لِحْيَتُك طَالِقٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَالَ لَهُ طَلَّقْتُك وَنَوَى وُقُوعَهُ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ انْتَهَى.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقِيلَ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ وَضُعِّفَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا مَنَافِعَهُ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُقَيَّدَةٌ وَالزَّوْجُ كَالْقَيْدِ قَالَ الْقَاضِي، وَسَوَاءٌ جُعِلَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ أَمْ لَا يَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لَفْظًا، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْعَلَاقَةِ.