الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَنْفَعَةِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْمُكْتَرِي وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّابِعَةَ هِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ. (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بَلْ تَسْتَوْفِي مُدَّتَهَا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ وَأُجِيبَ بِمَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ، إنَّ الْعَيْنَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُسَلَّمُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ، وَالْقَوْلَانِ أَذِنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَا وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ.
كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ
هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ «وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ قَطُّ،
ــ
[حاشية قليوبي]
انْفَسَخَتْ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ، قَبْلَهَا وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ لَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ انْفَسَخَتْ إنْ سَبَقَ الِاسْتِيلَادُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَرْبِيًّا فَرَقَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَالْمَنَافِعُ تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لِلْمُكْتَرِي) فَلَوْ بَاعَهَا الْمُكْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ الْآخَرِ، انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى لَوْ اسْتَثْنَى مَنَافِعَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَهَبَهَا أَوْ وَقَفَهَا لَمْ تَنْفَسِخْ أَيْضًا وَسَوَاءٌ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ. قَوْلُهُ: (لِقِلَّةِ زَمَنِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ زَمَنُهَا أَنَّهَا لَا تُسَلَّمُ لَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا نَاظِرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهَا قِلَّةُ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ) وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْإِجَارَةَ وَجَهِلَ الْمُدَّةَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْمُدَّةَ وَظَنَّ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ فِي بَاقِيهَا خِلَافًا لِلشَّاشِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَمَنْفَعَةُ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِلْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ بِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ.
تَنْبِيهَاتٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَا بِحُدُوثِ طَالِبٍ بِهَا بَعْدَهُ، وَلَوْ فِي إجَارَةِ وَقْفٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ، فَلَوْ كَانَ الطَّلَبُ مَوْجُودًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَتَغَيَّرْ عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِعَدَمِ النَّسْخِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِظُهُورِ رَاغِبٍ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ شَافِعِيًّا فَلِلْمُخَالِفِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ شَافِعِيٌّ لَمْ يُنْقَضْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَزَرَعَهَا ثُمَّ مَاتَ حَلَّتْ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ وَلِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ زَرَعَهَا غَيْرُهُ مُتَعَدِّيًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَارْتَفَعَ الْحُلُولُ وَيَرُدُّ الْمُؤَجِّرُ مَا أَخَذَهُ لِلْوَرَثَةِ، وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ مُقَسَّطَةً فَكَتَبَهَا الشُّهُودُ إجْمَالًا ثُمَّ تَفْصِيلًا، بِمَا لَا يُطَابِقُ الْإِجْمَالَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ تَحَالَفَا لِسُقُوطِهِمَا بِالتَّعَارُضِ وَإِلَّا كَأَنْ قَالُوا أَرْبَعُ سِنِينَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كُلُّ شَهْرٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ حُمِلَ عَلَى تَقْسِيطِ الْمَبْلَغِ عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ، فَيَفْضُلُ بَعْدَ تِسْعَةِ عَشَرَ شَهْرًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَتُقَسَّطُ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الشَّهْرِ، وَهُوَ يَوْمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَةٌ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ.
كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَيْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِمَا فِيهَا مِنْ إحْدَاثِ مَنْفَعَةٍ بِأَمْرٍ جَائِزٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَرْضُ مِلْكُ اللَّهِ ثُمَّ مَلَّكَهَا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهَا الشَّارِعُ عَلَى أُمَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَرْضُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ عَلَى حُقُوقٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ أَوْ مُنْفَكَّةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَوَاتُ. قَوْلُهُ:(هُوَ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ أَصْلُهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي بَعْضَ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ) أَيْ لِلْمُحْيِي عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَهُ) هَذَا دَلِيلُ الْمِلْكِ فَعُلِمَ مِنْهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ دَارَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الْمِلْكِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي لَيْسَ لِنَفْسِ الْإِحْيَاءِ، بَلْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ الْعَوَافِي كَمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ فِيهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ أَجْرٌ أَيْ ثَوَابٌ بِهِ أَوْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي حَدِيثٍ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي جَمْعُ عَافِيَةٍ أَوْ عَافٍ أَيْ طُلَّابِ الرِّزْقِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، مِنْهَا لَهُ صَدَقَةٌ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ وَهُمَا لِلْأَغْلَبِ.
ــ
[حاشية عميرة]
السَّيِّدُ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ لَمْ يَرْجِعْ بِلَا خِلَافٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا لَا لَفْظًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ اُتُّجِهَ الْبُطْلَانُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) أَيْ بِحَقٍّ لَازِمٍ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ.
[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
الْمَوَاتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُ
الْمَتْنِ: (وَمَا كَانَ مَعْمُورًا) شَمِلَ مَا لَوْ أَحْيَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ
وَلَا هِيَ حَرِيمٌ لِمَعْمُورٍ
كَمَا قَالَ: (الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ قَطُّ إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا (وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ (وَإِنْ كَانَتْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ فَلَهُمْ إحْيَاؤُهَا وَكَذَا لِمُسْلِمٍ) إحْيَاؤُهَا (إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا، فَإِنْ ذَبُّوهُمْ عَنْهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إحْيَاؤُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
(وَمَا كَانَ مَعْمُورًا) دُونَ الْآنَ. وَهُوَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ (فَلِمَالِكِهِ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا. (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ وَالْعِمَارَةُ إسْلَامِيَّةٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ) لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِي حِفْظِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. (وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً فَالْأَظْهَرُ) وَيُقَالُ الْأَصَحُّ. (أَنَّهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لَمْ تُعْمَرْ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ عِمَارَتُهُ فِيهِ بِدَلِيلٍ كَشَجَرٍ وَنَهْرٍ وَجِدَارٍ وَأَوْتَادٍ وَنَحْوِهَا، فَلَا تَضُرُّ عِمَارَتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَلِلْمُسْلِمِ) وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَغَيْرَ حُرٍّ وَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (تَمَلُّكُهَا) أَيْ فِعْلُ مَا تُمْلَكُ بِهِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى صِيغَةٍ؛ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عَامٌ مِنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهُ أَرْضَ الدُّنْيَا وَالْجَنَّةِ يُعْطِي مِنْهَا مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، وَلِذَلِكَ أَفْتَى السُّبْكِيُّ رحمه الله بِكُفْرِ مَنْ عَارَضَ أَوْلَادَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ بِمَا أَقْطَعهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِأَرْضِ الشَّامِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، بِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ التَّمَلُّكَ عَلَى الصِّفَةِ، فَاقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ:(وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ الْإِحْيَاءُ لِذِمِّيٍّ فَغَيْرُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، فَلَا عِبْرَةَ بِإِحْيَائِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَيَمْلِكَهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَيْنٌ لَهُ كَزَرْعٍ رَدَّهُ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ الِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاصْطِيَادُ، وَنَقْلُ تُرَابٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْنَا كَأَخْذِهِ مِنْ مَوَاتٍ بِدَارِنَا، وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا بِالْأُجْرَةِ غَالِبًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِحَرْبِيٍّ لَكِنْ لَوْ فَعَلَ مَلَكَهُ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا لِمُسْلِمٍ إحْيَاؤُهَا) فَيَمْلِكُهَا بِهِ لَا بِالِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ لَكِنْ يَصِيرُ بِهِ مُتَحَجِّرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ لَا يَمْنَعُونَهُمْ عَنْهَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ ذَبُّوهُمْ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ هَدِيَّةٍ وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِغَيْرِ قُوَّةٍ وَمَنْعَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ فَتَحُوا بِلَادَهُمْ عَنْوَةً كَالْغَانِمِينَ فَيَمْلِكُونَ عَامِرَهُمْ وَمَوَانَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْكَافِرُ مِنْ مِلْكِهِ عَادَ مَوَاتًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِذَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَى مَوَاتٍ يَذُبُّونَا عَنْهُ فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِإِحْيَاءِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ، وَأَهْلُ الْخُمُسِ بِإِحْيَاءِ خُمُسِهِ فَإِنْ أَعْرَضَ بَعْضُ كُلٍّ فَبَاقِيهمْ أَحَقُّ بِجَمِيعِهِ. فَإِنْ أَعْرَضَ الْغَانِمُونَ فَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِالْجَمِيعِ، أَوْ عَكْسُهُ فَعَكْسُهُ أَوْ أَعْرَضَ كُلٌّ فَلِمَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَشْكَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَعْرَاضُ أَهْلِ الْخُمُسِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ مِنْ الْيَتَامَى مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ إنْ انْحَصَرُوا.
قَوْلُهُ: (دُونَ الْآنَ) بِأَنْ كَانَ خَرَابًا الْآنَ وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَالْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ خَرَابًا الْآنَ، وَهُوَ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَعْمُورِ بِالْإِحْيَاءِ أَيْ الِاسْتِيلَاءِ فَذِكْرُ بِلَا الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (إسْلَامِيَّةٌ) وَلَوْ احْتِمَالًا.
قَوْلُهُ: (إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ) إنْ رَجَى ظُهُورَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ، وَيَمْلِكُهُ الْآخِذُ بِذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا م ر كَوَالِدِهِ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ وَمِنْهُ الْمُكُوسُ وَالْجُلُودُ وَنَحْوُهَا الْمَأْخُوذَةُ الْآنَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيِّ فِي بَابِ الْغَصْبِ بِحُرْمَةِ الْكَوَارِعِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَهَا مَعْرُوفُونَ مَوْجُودُونَ حَاضِرُونَ عِنْدَهَا فَهِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِهَا مَالَهُ، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُهُمْ، إنَّهُ لَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهُ بَعْدَ إقْطَاعِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِ، أَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ دَفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِمُسَوِّغِهِ الشَّرْعِيِّ فِي وَقْتِهِ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لِظُهُورِ فَسَادِ الْمَبِيعِ.
قَوْلُهُ: (جَاهِلِيَّةً) أَيْ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ جَهِلْنَا دُخُولَهُ فِي أَيْدِينَا، أَمَّا لَوْ جَهِلْنَا هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ أَوْ لَا لَمْ تُمْلَك بِالْإِحْيَاءِ كَمَا مَرَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
مَالِكٌ رحمه الله. لَنَا حَدِيثُ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً) أَيْ وَلِلْفَرْضِ كَمَا سَلَف أَنَّهَا بِيَدِ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ كَيْفِيَّةُ اسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بِقِتَالٍ فَلِلْغَانِمِينَ وَإِلَّا فَفَيْءٌ.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ لِتَحَقُّقِ سَبْقِ الْمَالِكِ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ الذِّمِّيَّ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ كَذَلِكَ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوَاتِ الَّذِي كَانَ مَعْمُورًا لَا إلَى الْمَعْمُورِ الْآنَ، فَإِنَّ الَّذِي يُحْيَا إنَّمَا هُوَ الْمَوَاتُ نَفْسُهُ.
يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا، فَلَيْسَ بِمَوَاتٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرِّكَازَ مَمْلُوكٌ جَاهِلِيٌّ يُمْلَكُ فَكَذَلِكَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ الْمَذْكُورُ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. (وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ) أَيْ لَا يَمْلِكُهُ غَيْرُ مَالِكِ الْمَعْمُورِ، وَيَمْلِكُهُ مَالِكُ الْمَعْمُورِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُ. (وَهُوَ) أَيْ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ (مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ) بِالْمَعْمُورِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ) الْمُحْيَاةِ (النَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ (وَمُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) لِلْخَيَّالَةِ (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ. (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ) وَالسِّرْجِينُ (وَنَحْوُهَا) كَمَرَاحِ الْغَنَمِ (وَحَرِيمِ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْهَا (وَالْحَوْضُ) الَّذِي يَصُبُّ فِيهِ النَّازِحُ الْمَاءَ أَيْ مَوْضِعُهُ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِمَصَبِّ الْمَاءِ. (وَالدُّولَابُ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ مَوْضِعُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ وَنَحْوِهِ. (وَمُتَرَدَّدِ الدَّابَّةِ) وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ بِبِلَادِهِمْ وَذَبُّونَا عَنْهُ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ كَمَا مَرَّ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَمَوَاتِ بِلَادِهِمْ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ عُرِفَ مَالِكُهُ فَكَالْمَعْمُورِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ مَا بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَمِصْرَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا، وَالْأَرْضُ لَنَا وَهُمْ يَدْفَعُونَ الْجِزْيَةَ، وَفِي هَذِهِ عِمَارَتُهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَحِفْظُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ، فَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لَهُمْ وَمَعْمُورُهَا مِلْكٌ لَهُمْ.
فَرْعٌ: لَوْ رَكِبَ الْأَرْضَ مَاءٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ طِينٌ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مِلْكٍ، وَوَقْفٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّمْلُ مَثَلًا مَمْلُوكًا فَلِمَالِكِهِ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا وَلَوْ انْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ لِأَحَدٍ كَالنَّهْرِ وَحَرِيمِهِ وَلَوْ زَرَعَهُ أَحَدٌ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، نَعَمْ لِلْإِمَامِ دَفْعُهُ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُهُ مَا يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ فِي الْبَحْرِ وَيَجُوزُ زَرْعُهُ، وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إحْيَاءَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَلَا الْغِرَاسُ وَلَا مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر وَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَرِيمَ الْمَعْمُورِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ مِلْكَ الْمَعْمُورِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إحْيَائِهِ، بِجَعْلِهِ دَارًا مَثَلًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، وَلَا مِنْ رَعْيِ كَلَأٍ فِيهِ وَلَا الِاسْتِقَاءُ مِنْ مَاءٍ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي حَرِيمِ الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(مُرْتَكَضُ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَآخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ مَحَلُّ سُوقِ الْخَيْلِ لِنَحْوِ السِّبَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْلٌ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَمَسِيلِ الْمِيَاهِ وَالطُّرُقَاتِ، وَكَذَا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالْقَرِيبَيْنِ قَالَ وَأَمَّا الْبَعِيدَانِ فَإِنْ تَعَيَّنَّ بُعْدُهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعَدَّانِ مِنْ مَرَافِقِهَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَكَالْقَرِيبَيْنِ. قَوْلُهُ:(الْبِئْرِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَحْفُورَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَّا أَنَّ الْحَفْرَ صِفَةٌ لِلْبِئْرِ لَا حَالٌ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ فِيهِ، فَلَامُ الْبِئْرِ لِلْجِنْسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَبْنِيَّةِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْ جَانِبٍ أَوْ أَكْثَرَ دَابَّةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، وَمِنْهُ مَوْضِعُ دَوَرَانِهِ. قَوْلُهُ:(بِمَصَبِّ الْمَاءِ) فَالْمُرَادُ مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّ الِاجْتِمَاعِ الْآتِي.
تَنْبِيهٌ: لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا عَلَى أَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا فَحَرِيمُهَا لِمَالِكِهَا، وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ.
فَرْعٌ: حَرِيمُ النَّهْرِ كَالنِّيلِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَإِلْقَاءِ الْأَمْتِعَةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ عِنْدَ حَفْرِهِ أَوْ تَنْظِيفِهِ، فَيَهْدِمُ مَا يَبْنِي فِيهِ وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ النَّهْرُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ مَنْ يَتَعَاطَى بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ بِجَانِبِ النِّيلِ أَوْ الْخَلِيجِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَوَارِدِ الْمَاءِ وَمُصَلَّى الْأَعْيَادِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الْأَبْنِيَةُ عَلَى ذَلِكَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ حُدُوثُهَا، فَلَا يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِهَا لِاحْتِمَالِ وَضْعِهَا بِحَقٍّ، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ بَيْتٍ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مِنْ جَالِسٍ بِجَانِبِهِ فِي حَرِيمٍ أَوْ شَارِعٍ، إلَّا إنْ كَانَتْ عَادَةً لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَهَا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) إذَا نَظَرْت إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ صَحَّ لَك مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِلْإِسْلَامِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِبِلَادِ الْكُفْرِ.
قَوْلُهُ (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَسِيلِ الْمَاءِ، وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ، وَأَمَّا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ فَنَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَعَنْ آخَرِينَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَ يُنْزَحُ بِالدَّابَّةِ فَحَرِيمُهَا قَدْرُ عُمْقِهَا مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ أَيْضًا الْمَوْضِعُ الَّذِي حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ لِنَقْصِ مَاءِ هَذِهِ، فَإِنَّهُ فِي الْحَرِيمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْيِي فِعْلُهُ، وَإِنْ سَاغَ نَظِيرُهُ فِي الْأَمْلَاكِ.
عَقِبَ الدُّولَابِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهِمَا، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَوْضِ، وَنَحْوِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ اهـ. وَالدُّولَابُ، يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ، وَمَا يَسْتَقِي بِهِ بِالدَّابَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَوَاتِ هُنَا، وَيُعَدُّ تَصْرِيحًا بِمَا الْكَلَامُ فِيهِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةِ (فِي الْمَوَاتِ مَطْرَحِ رَمَادٍ وَكُنَاسَةٍ وَثَلْجٍ وَمَمَرٍّ فِي صَوْبِ الْبَابِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا عَلَى امْتِدَادِ الْمَوَاتِ، فَلِغَيْرِ مَالِكِهَا إحْيَاءُ مَا فِي قُبَالَةِ الْبَابِ إذَا أَبْقَى الْمَمَرَّ لَهُ اهـ. (وَحَرِيمُ أَبَآَّرِ الْقَنَاةِ مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ الِانْهِيَارُ) أَيْ السُّقُوطُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ.
بِصَلَابَةِ الْأَرْضِ وَرَخَاوَتِهَا وَأَبْآرُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ السَّاكِنَةِ، بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْهَمْزَةِ وَقَلْبُهَا أَلْفًا (وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ بِدُورٍ لَا حَرِيمَ لَهَا) وَإِلَّا فَمَا يُجْعَلُ حَرِيمًا لَهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ حَرِيمًا لِأُخْرَى وَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ أُحْيِيَتْ كُلُّهَا مَعًا
(وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُلَّاكِ (فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ أَفْضَى إلَى تَلَفٍ (فَإِنْ تَعَدَّى) الْعَادَةَ (ضَمِنَ) مَا تَعَدَّى فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ)(يَتَّخِذُ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا وَإِصْطَبْلًا) وَطَاحُونَةً. (وَحَانُوتُهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتُ حَدَّادٍ) أَوْ قَصَّارٍ (إذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ) بِمَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ، وَالثَّانِي يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي مَنْعِهِ إضْرَارًا بِهِ
(وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ) الْمُفِيدُ لِمِلْكِهِ، كَمَا أَنَّ مَعْمُورَهُ يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. (دُونَ عَرَفَاتٍ) فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا فَلَا تُمْلَكُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا، وَالثَّانِي يَجُوزُ فَتُمْلَكُ بِهِ كَغَيْرِهَا وَفِي بَقَاءِ حَقِّ الْوُقُوفِ عَلَى هَذَا فِيمَا مُلِكَ وَجْهَانِ وَهَلْ بَقَاؤُهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْبَاقِي، أَوْ بِشَرْطِ ضِيقِهِ عَنْ الْحَجِيجِ وَجْهَانِ. (قُلْت وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنَى كَعَرَفَاتٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُمَا فِي الْأَصَحِّ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ تَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِمَا كَعَرَفَاتٍ لِوُجُودِ الْمَعْنَى
(وَيَخْتَلِفُ الْإِحْيَاءُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ) مِنْهُ (فَإِنْ أَرَأَدَ مَسْكَنًا اُشْتُرِطَ) لِحُصُولِهِ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَثَلْجٌ) وَمَصَبُّ مِيزَابِ الْمَاءِ الْأَمْطَارِ. قَوْلُهُ: (وَمَمَرٌّ) وَيُقَدَّرُ بِالْحَاجَةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، قَوْلُهُ:(آبَارِ الْقَنَاةِ) هِيَ الْمَحْفُورَةُ مِنْ غَيْرِ طَيٍّ لِيَجْتَمِعَ الْمَاءُ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ لِنَحْوِ الْمَزَارِعِ وَبِئْرِ الِاسْتِقَاءِ السَّابِقَةِ، مَا كَانَتْ مَطْوِيَّةً، وَيَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهَا وَيَظْهَرُ أَنَّ الطَّيَّ لَيْسَ قَيْدًا هُنَا. قَوْلُهُ:(مَا لَوْ حُفِرَ إلَخْ) وَيُعْتَبَرُ هَذَا فِي بِئْرِ الِاسْتِقَاءِ أَيْضًا وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى مَوْقِفِ نَازِحٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّ مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا. قَوْلُهُ: (مَعًا) أَيْ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى الْإِحْيَاءُ إلَى مَمْلُوكٍ فَلَا حَرِيمَ.
قَوْلُهُ: (إلَى تَلَفٍ) أَيْ لِمَالِ الْجَارِ أَوْ جِدَارِهِ أَوْ نَقْصِ مَاءِ بِئْرِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَحَفْرِ حُشٍّ، وَيُمْنَعُ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ مُحْتَرَمٍ. قَوْلُهُ:(ضَمِنَ مَا تَعَدَّى) أَيْ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ مَا تَعَدَّى بِهِ كَأَنْ دَقَّ دَقًّا عَنِيفًا، فَأَزْعَجَ أَبْنِيَةَ جَارِهِ أَوْ حَبَسَ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ فَانْتَشَرَتْ النَّدَاوَةُ إلَى جِدَارِهِ قَوْلُهُ:(بِمَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمِلْكَ، وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا وَافَقَ الْعَادَةَ، وَإِنْ ضَرَّ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ وَأَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا خَالَفَهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ الْمِلْكَ وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ الْأَجْنَبِيَّ بِالْأَوْلَى وَيَكْفِي جَرَيَانُ الْعَادَةِ كَوْنُ جِنْسِهِ يُفْعَلُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِفِعْلِ عَيْنِهِ، وَمِنْهُ حَدَّادٌ بَيْنَ بَزَّازِينَ فَخَرَجَ نَحْوُ مَعْمَلِ النَّشَادِرِ، فَيَضْمَنُ فَاعِلُهُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِثْلُهُ مَعْمَلُ الْبَارُودِ نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى فِعْلِهِ بِالْمُنَادَاةِ كَبُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ، فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إذَا لَمْ يُنَادِ عَلَيْهَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ مَا لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ سِرَاجًا، وَلَوْ بِنَجَسٍ وَلَزِمَ عَلَيْهِ تَسْوِيدُ جِدَارِ جَارِهِ وَلَوْ مَسْجِدًا، وَلَوْ مَسْجِدَهُ صلى الله عليه وسلم
وَقَدْ مَال إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى تَرَدُّدٍ.
فَرْعٌ: لَوْ شَمَّتْ حَامِلٌ نَحْوَ سَمَكٍ أَوْ لَحْمٍ مَشْوِيٍّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْإِجْهَاضُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ امْتَنَعَتْ لَمْ يَضْمَنْ.
قَوْلُهُ: (مَوَاتِ الْحَرَمِ) هَلْ يُكْرَهُ إحْيَاؤُهُ كَمَا فِي بَيْعِ دُورِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ عَرَفَاتٍ) هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِلِّ. قَوْلُهُ: (وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى) خَرَجَ الْمُحَصَّبُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَتَقَدَّمَ تَحْدِيدُ الْكُلِّ فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْغَرَضِ) فَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا مَلَكَهُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَطْرَحُ إلَخْ) أَيْ هُوَ مَطْرَحٌ لِلثَّلَاثَةِ جَمِيعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَمَرٌّ) سَكَتَ عَنْ مِقْدَارِهِ عَرَضًا وَهُوَ مَنُوطٌ بِالْحَاجَةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّقْدِيرِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الْمَدِينَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(آبَارِ الْقَنَاةِ) وَهُوَ قَسِيمُ آبَارِ الِاسْتِقَاءِ، أَيْ فَهَذِهِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مَوْقِفٍ نَازِحٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى حِفْظِ مَائِهَا، ثُمَّ هَذَا الضَّابِطُ بِالنَّظَرِ إلَى حَفْرِ بِئْرٍ أُخْرَى لَا مُطْلَقًا، فَلَوْ بَنَى الْغَيْرُ هُنَاكَ جَازَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَوَاتِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا، وَلَوْ نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوَاتِ الْحَرَمِ) هَلْ يُكْرَهُ إحْيَاءُ مَوَاتِ مَكَّةَ كَمَا يُكْرَهُ بَيْعُ عَامِرِهَا فِيمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ:(فَلَا يُمْلَكُ بِهِ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إنَّمَا حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمِلْكِ بِإِحْيَاءٍ.
تَنْبِيهٌ: صَنِيعُ الْمَتْنِ يُوهِمُ أَنَّ عَرَفَاتِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُحْيِي الْجَمِيعَ.
قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) إذَا قُلْنَا بِالْبَقَاءِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْفَجْرِ، لَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وُقُوفٌ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ رحمه الله قَوْلُهُ:(بِهِ)
(تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ) بِآجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ أَوْ مَحْضِ الطِّينِ، أَوْ أَلْوَاحِ الْخَشَبِ، وَالْقَصَبِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ. (وَسَقْفُ بَعْضِهَا) لِتَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى (وَتَعْلِيقُ الْبَابِ) أَيْ نَصْبُهُ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالسُّكْنَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (أَوْ زَرِيبَةُ دَوَابِّ فَتَحْوِيطٌ) وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ. (لَا سَقْفٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا عَدَمُهُ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (الْخِلَافُ) فِي الْمَسْكَنِ (أَوْ مَزْرَعَةٌ فَجَمْعُ التُّرَابِ حَوْلَهَا) لِيَنْفَصِلَ الْمَحْيَا عَنْ غَيْرِهِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ، وَفِي مَعْنَى التُّرَابِ قَصَبٌ وَحَجَرٌ وَشَوْكٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْوِيطٍ. (وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحِرَاثَتُهَا وَتَلْيِينُ تُرَابِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يُسَاقُ إلَيْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ. (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) بِشِقِّ سَاقِيَةٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ (إنْ لَمْ يَكْفِهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) فَإِنْ كَفَاهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْتِيبِ مَاءٍ (لِزِرَاعَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْإِحْيَاءِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَصِيرُ مُحْيَاةً، إلَّا إذَا حَصَلَ فِيهَا عَيْنُ مَالِ الْمُحْيِي فَكَذَا الْمَزْرَعَةُ. (أَوْ بُسْتَانًا فَجَمْعُ التُّرَابِ) أَيْ حَوْلَ الْأَرْضِ كَالْمَزْرَعَةِ إنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّحْوِيطِ. (وَالتَّحْوِيطُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ) أَيْ نَفْسُهُ وَمَا تَحَوَّطَ بِهِ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَوْكٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ. (وَتَهْيِئَةُ مَاءٍ) كَمَا سَبَقَ فِي الْمَزْرَعَةِ. (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ كَالزَّرْعِ فِي الْمَزْرَعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اسْمَ الْمَزْرَعَةِ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ، قَبْلَ الزَّرْعِ وَاسْمِ الْبُسْتَانِ لَا عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَرْسِ، وَمِنْ شَرَطَ الزَّرْعَ فِي الْمَزْرَعَةِ شَرَطَ الْغَرْسَ فِي الْبُسْتَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ قَاطَعَهُ بِالِاشْتِرَاطِ، وَرَجَّحَهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
(وَمِنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ إحْيَاءٍ وَلَمْ يُتِمَّهُ أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بُقْعَةٍ بِنَصَبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبٍ فَمُتَحَجِّرٌ) لِذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، لِمَا عَمِلَهُ فِيهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَأَنَّهُ يَبِيعُ حَقَّ الِاخْتِصَاصِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَقَّ. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ (لَوْ أَحْيَا آخَرَ مَلَكَهُ) وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ إحْيَائِهِ وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ كَيْ لَا يُبْطِلَ حَقَّ الْمُتَحَجِّرِ (وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ) وَلَمْ يُحْيَ وَالرُّجُوعُ فِي طُولِهَا إلَى الْعَادَةِ (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) أَيْ الْمَحَلَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْحَفْرِ أَوْ بِئْرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا، لِتَتَمَيَّزَ عَمَّا إذَا كَانَتْ لِلِارْتِفَاقِ الْعَامِ، وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ حَفْرِهَا فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا. قَوْلُهُ:(تَحْوِيطَ الْبُقْعَةِ) أَيْ بِجُدْرَانٍ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ مَوْضُوعًا لِنُزْهَةٍ أَوْ نَصْبِ نَحْوِ خَيْمَةٍ لَمْ يَحْتَجْ فِيهَا لِسَقْفٍ وَلَا بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْعَادَةُ) فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ نَصْبِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ نَصْبُهُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَوَّطَ بُقْعَةً لِأَجْلِ جَعْلِهَا مَسْجِدًا صَارَتْ مَسْجِدًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ أَوْ لَمْ يَبْنِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَسْقِفْ وَمِثْلُهُ مُصَلَّى الْعِيدِ وَاعْتَبَرَ السُّبْكِيُّ فِي الْمَسْجِدِ السَّقْفَ. قَوْلُهُ: (فَتَحْوِيطٌ) كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ فِي الْمَسْكَنِ) وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ نَصْبِهِ أَيْضًا وَذِكْرُ الدَّوَابِّ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْغِلَالُ وَالثِّمَارُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَزْرَعَةٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ، وَالْفَتْحُ أُفْصِحُ وَيُسَمَّى مَا يُزْرَعُ فِيهَا زَرِيعَةً مُخَفَّفًا وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ كَذَرِيعَةٍ، وَذَرَائِعُ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى غَيْرِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ:(فَلَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) أَوْ بِمَنْعِهِ عَنْهَا، كَأَرْضِ الْبَطَائِحِ بِالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهَا دَائِمًا مَمْلُوءَةٌ بِالْمَاءِ. قَوْلُهُ:(فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ) أَيْ فِي ذِكْرِهِمَا أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيُرَاعَى فِيهِ الْعَادَةُ وَكَذَا تَهْيِئَةُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ:(وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) وَلَا بُدَّ مِنْ غَرْسِ قَدْرٍ يُسَمَّى بِهِ بُسْتَانًا عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهَا إلَخْ) وَلَمْ يَحْمِلْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا لِبِنَائِهَا عَلَى مَرْجُوحٍ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي تَرْجِيحِهَا.
قَوْلُهُ: (لِمَا عَلَّمَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ لِمَا عَمِلَهُ، وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا الْقِسْمَيْنِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ مَا عَمِلَهُ لَا يَكْفِي لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ، وَلِمَا كَفَى لِغَرَضٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ ابْتِدَاءً وَقَصَدَهُ الْآنَ كَأَنْ قَصَدَهُ لِلسُّكْنَى، وَعَمَلِ مَا يَكْفِي لِلزَّرِيبَةِ وَقَصَدَ حِينَئِذٍ جَعْلَهَا زَرِيبَةً وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بَعْدَ تَغَيُّرِ قَصْدِهِ مَا يُنَاسِبُ مَا قَصَدَهُ الْآنَ ابْتِدَاءً أَوْ تَكْمِيلًا مَلَكَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ مَحَلَّ بِنَائِهِ فَلَوْ بَنَى غَيْرُهُ عَلَى بِنَائِهِ مَلَكَ الْبُقْعَةَ، وَالْبِنَاءُ الْأَوَّلُ لِمَالِكِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَأَخْذُهُ. قَوْلُهُ:(وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ مَا فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ أَثِمَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ آلَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ فَوَّضَ الْإِحْيَاءَ إلَى غَيْرِهِ، صَارَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ قَوْلُهُ:(قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ) وُجُوبًا وَكَذَا الْآحَادُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ.
ــ
[حاشية عميرة]
الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْأَصَحِّ مِنْ قَوْلِهِ: إحْيَاؤُهُمَا فِي الْأَصَحِّ.
قَوْلُهُ: (بِحَسْبِ الْعَادَةِ) حَتَّى فِي الْبَلَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَزْرَعَةٌ) اسْمُ الْبَذْرِ الَّذِي يُبْذَرُ فِيهَا زَرِيعَةٌ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ، كَذَرِيعَةٍ وَذَرَائِعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَجَمْعُ التُّرَابِ) حَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى إصْلَاحِ تُرَابِ الْأَرْضِ وَتَهْيِئَتِهِ لِمَا يُرَادُ لَهُ، لَا جَمْعِهِ حَوْلَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) أَيْ غَرْسُ مَا يُسَمَّى مَعَهُ بُسْتَانًا كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَالَ: فَلَا يَكْفِي الشَّجَرَةُ وَالشَّجَرَتَانِ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقُ الْأَوَّلِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْغِرَاسُ لِلدَّوَامِ، فَالْتَحَقَ بِبِنَاءِ الدَّارِ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يُتِمَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْعَمَلِ مِنْ قَوْلِهِ فِي عَمَلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) فَكَانَ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْحَقُّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَالْوَظَائِفِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّ السُّبْكِيَّ حَاوَلَ إلْحَاقَ الْوَظَائِفِ فَفُرِشْت.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ ارْفَعْ يَدَك عَنْهُ. (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) بَعْدَ الِاعْتِذَارِ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) لِيَسْتَعِدَّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ يُقَدِّرُهَا السُّلْطَانُ بِرَأْيِهِ، وَلَا تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فِي الْأَصَحِّ فَإِذَا مَضَتْ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِمَارَةِ بَطَلَ حَقُّهُ. (وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مُسْتَحِقًّا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ (كَالْمُتَحَجِّرِ) وَإِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بِلَا إحْيَاءٍ أَوْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَجِّرِ. (وَلَا يَقْطَعُ إلَّا قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ وَقَدْرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ. (وَكَذَا الْمُتَحَجِّرُ) أَيْ لَا يَتَحَجَّرُ الْإِنْسَانُ إلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَى عِمَارَتِهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَلِغَيْرِهِ أَنْ يُحْيِيَ الزَّائِدَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْيِيَ بُقْعَةَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ وَ) نَعَمٍ (ضَالَّةٍ وَ) نَعَمِ إنْسَانٍ (ضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الْأَبْعَادِ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِ الرَّعْيِ لَأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِهَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ، «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ
وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِحَدِيثِ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نَقْضَ حِمَاهُ لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ أَيْ عِنْدَهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا. فِي الْحِمَى وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ بُقْعَةً لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ، (وَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ) وَلَا حِمَى لِغَيْرِهِ أَصْلًا.
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْمَعْرُوفِ. قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) يُفِيدُ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ قَبْلَ الِاسْتِمْهَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(وَلَا تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْكُولَةٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاعْتِذَارِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَذِرْ بَطَلَ حَقُّهُ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْهُ الْإِعْرَاضَ فَيَنْزِعُهُ مِنْهُ حَالًا وَلَا يُمْهِلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى حَاجَتِهِ أَوْ عَلَى قُدْرَتِهِ وَيُرَاجَعُ وُجُوبًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِيمَا يُرِيدُهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ فَلَيْسَ مُتَحَجِّرًا فَلَا يَأْثَمُ غَيْرُهُ بِإِحْيَائِهِ وَكَذَا مَا ذُكِرَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ) أَيْ إرْفَاقًا. قَوْلُهُ: (مُسْتَحِقًّا) فَلَيْسَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَجِّرِ) أَيْ فَإِذَا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ آثِمًا وَهَذَا فِي غَيْرِ إقْطَاعِ التَّمَلُّكِ، وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْأَمْوَالُ الَّتِي جُهِلَتْ أَرْبَابُهَا إرْفَاقًا تَمَلُّكًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(قَادِرًا) أَيْ مُسْلِمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَدْرًا إلَخْ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ إقْطَاعُهُ إرْفَاقًا أَوْ تَمَلُّكًا وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْقَدْرِ، فَيَبْقَى الْكُلُّ عَلَى أَصْلِهِ مَوَاتًا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا بَعْدَهُ فِي الْمُتَحَجِّرِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْبُطْلَانُ بِالزَّائِدِ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ مِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ:(أَيْ لَا يَتَحَجَّرُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى إحْيَاءِ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الثَّانِي أَوْلَى مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّحَجُّرِ فِيهِ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الِاعْتِمَادُ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ التَّحَجُّرِ وَعَدَمُهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُمَا مُشْعِرًا بِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(فَلِغَيْرِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي إقْطَاعِ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ إرْفَاقًا كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: مَا فِي الْمَوَاتِ مِنْ نَحْوَ غَرْسٍ وَحَشِيشٍ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْبُقْعَةِ تَبَعًا لَهَا، لَا بِإِحْيَاءِ ذَلِكَ الشَّجَرِ مَثَلًا.
فَرْعٌ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْطَاعُ عَامِرٍ وَلَوْ إرْفَاقًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْإِقْطَاعَاتِ الْوَاقِعَةِ لِلْجُنْدِ فِي الْأَرَاضِي الْعَامِرَةِ لِاسْتِقْلَالِهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا وَلَهُ إيجَارُهَا مَا لَمْ يَزْرَعْهَا الْإِمَامُ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْجُنْدِيُّ مِنْهَا حَلَالٌ بِطَرِيقِهِ. قَوْلُهُ:(وَالْأَصَحُّ) وَفِي نُسْخَةٍ الْأَظْهَرُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ لِلْإِمَامِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَكَذَا لِوُلَاةِ النَّوَاحِي. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ يَمْنَعُ وَبِضَمِّهِ يُجْعَلُ حِمًى. قَوْلُهُ: (نَعَمٍ) أَيْ مَوَاشٍ وَخَرَجَ بِالرَّعْيِ الشُّرْبُ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ الْعِدَّ لِشُرْبِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ الَّذِي لَا تَنْقَطِعُ مَادَّتُهُ بِكَوْنِهِ نَابِعًا مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ. قَوْلُهُ:(النَّقِيعَ) بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَغَلِطَ مَنْ جَعَلَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقَعُ الْمَاءِ، وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَحْمَاءِ وَأَفْضَلُهَا. حَمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَحَمَاهُ صَاحِبَاهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ طَيِّبُ التُّرْبَةِ يَغِيبُ الرَّاكِبُ فِي كَلَئِهِ، وَهُوَ بِصَدْرِ وَادِي الْعَقِيقِ يَمَانِيَّ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ عِشْرِينَ فَرْسَخًا وَقِيلَ عِشْرِينَ مِيلًا وَطُولُهُ يَزِيدُ وَعَرْضُهُ مِيلٌ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي مَحَلٍّ مِنْهُ، وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَفَعَلَ فَكَانَ مَدَى صَوْتِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُقُوفُ جَمَاعَةٍ بِأَطْرَافِهِ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، وَيَقْتَضِي تَسَاوِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ أَوْ اسْتِدَارَتُهُ، فَتَأَمَّلْ وَقَدْ جَعَلُوا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَسْجِدًا. قَوْلُهُ:«لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ وَقَعَ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ مَصْلَحَتُهُمْ، أَوْ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا حِمَى إلَّا حِمًى مِثْلُ حِمَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا عِوَضَ فِيهِ وَلَا
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: لَوْ وَهَبَهُ حَقَّ التَّحَجُّرِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ الدَّارِمِيُّ يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ أَقْطَعَهُ إلَخْ) قَدْ أَقْطَعَ النَّبِيُّ
الزُّبَيْرَ، وَأَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٌ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا أَقْطَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
فَرْعٌ: إقْطَاعُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ الْعَامِرَةِ جَائِزٌ كَمَا سَلَفَ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُقْطِعُ وَلَهُ الْإِيجَارُ عَلَى مَا سَلَفَ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ هُنَا، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَجُوزُ الْإِقْطَاعُ إلَّا فِي الْمَوَاتِ مَانِعٌ مِنْهُ، وَيَحْتَاجُ هَذَا إلَى دَلِيلٍ. ثُمَّ سَاقَ مَا يَقْتَضِي مِنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ لَهُ الْإِيجَارَ وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ إلَخْ) وَخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يُضِرَّ بِهِمْ) لَكِنْ يُغْتَفَرُ مَا لَوْ أَحْوَجَهُمْ إلَى الْإِبْعَادِ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِحَدِيثِ إلَخْ) وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَعْنَى الْأَعْلَى مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقُولُ: أَوْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصَالِحِ لَا لِنَفْسِهِ، أَيْ إلَّا لِجِهَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنْ يُرِيدَ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ لَا مَصَالِحَ نَفْسِهِ.