المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل يحرم على المسلم (نكاح من لا كتاب لها كوثنية ومجوسية وتحل) له (كتابية) - حاشيتا قليوبي وعميرة - جـ ٣

[القليوبي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌ إقْرَارُ الرَّقِيقِ

- ‌ إقْرَارُ مُكْرَهٍ)

- ‌[إقْرَارُ الْمَرِيضِ]

- ‌[شُرُوط الْمُقِرّ لَهُ]

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ: كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (صِيغَةُ إقْرَارٍ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ

- ‌[فَصْل الْإِقْرَار بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَار]

- ‌[فَصْل أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِنَفْسِهِ]

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌[إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ]

- ‌فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَاأَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرُ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ)

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ

- ‌الْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ

- ‌[إذَا غَرِمَ الْقِيمَة ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَد التَّلَف هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ]

- ‌فَصْلٌإذَا (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ

- ‌فَصْلٌ: زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[فَصْلٌ إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ الشُّفْعَة]

- ‌كِتَابُ الْقِرَاض

- ‌فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ

- ‌فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضُ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[صِيغَة الْمُسَاقَاة]

- ‌[تَتِمَّة يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ فِي الْمُسَاقَاة]

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةُ

- ‌[صِيغَة الْإِجَارَة]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَة]

- ‌[فَصْلٌ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ]

- ‌فَصْلٌ: يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا

- ‌[فَصْلٌ لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِعُذْرِ فِي غَيْر الْمَعْقُود عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّل]

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌فَصْلٌ: مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْدِنُ تَمْلِيكُهُ بِالْإِحْيَاءِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ بِنَاء أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا]

- ‌فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا

- ‌فَصْلٌ قَوْلُهُ: (وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي

- ‌[فَصْلٌ الْمِلْكَ فِي رَقَبَة الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌تَتِمَّةٌ الذِّمِّيُّ كَالْفَاسِقِ فِي انْتِزَاعِ الْمُلْتَقَطِ مِنْهُ

- ‌[فَصْل الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوك الْمُمْتَنِع مِنْ صِغَار السِّبَاع كَالذِّئْبِ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌[فَصْل وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّ]

- ‌كِتَابُ الْجِعَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌فَصْلُ الْفُرُوضِ

- ‌فَصْلٌ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ عَنْ الْإِرْثِ

- ‌فَصْلٌ الِابْنُ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ وَكَذَا الْبَنُونَ وَالِابْنَانِ

- ‌فَصْلٌ الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ

- ‌[فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ]

- ‌[فَصَلِّ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٌ]

- ‌[فَصْلٌ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْمِيرَاث]

- ‌فَصَلِّ لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ

- ‌[فَصْلٌ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌فَصْلٌ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ

- ‌[فَصْل إذَا ظَنَنَّا الْمَرَض يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة]

- ‌[فَصْل أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا]

- ‌فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ)

- ‌فَصْلٌ: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا

- ‌[تَتِمَّةٌ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌فَصْلٌ (الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ)

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً، وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ

- ‌[فَصْل يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ فِي الصدقات]

- ‌فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا

- ‌[حُكْم الْخُطْبَة عَلَى الْخُطْبَة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَلَا دُونَ إذْنِهِ (وَلَا غَيْرَهَا

- ‌[أَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالتَّزْوِيجِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا]

- ‌فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا

- ‌فَصْلٌ: لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا

- ‌فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ) لَهُ (كِتَابِيَّةٌ)

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ

- ‌[فَصْلٌ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌فَصْلٌ. يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ)

- ‌فَصْلٌ. السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَتْ رَشِيدَةٌ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ]

- ‌فَصْلٌ. مَهْرُ الْمِثْلِ

- ‌فَصْلٌ. الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا

- ‌فَصْلٌ. لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءِ مُتْعَةٍ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا (شَطْرُ مَهْرٍ)

- ‌فَصْلٌ. اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى

- ‌فَصْلٌ. وَلِيمَةُ الْعُرْسِ

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ

- ‌[فَصْلٌ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا قَوْلًا أَوْ فِعْلًا]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ)

- ‌فَصْلٌ: الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ

- ‌[الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ: قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا كَأَلْفٍ

- ‌فَصْلٌ(ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ: لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا

- ‌فَصْلٌ: مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ

- ‌ طَلَاقُ مُكْرَهٍ)

- ‌فَصْلٌ: خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ

- ‌فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ

- ‌فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ: شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ:

- ‌ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ)

- ‌فِصَلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ

- ‌فَصْلٌ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ)

- ‌فَصْلٌ: عَلَّقَ بِحَمْلٍ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ

- ‌فَصْلٌ: قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ

- ‌فَصْلٌ: عَلَّقَ الطَّلَاقَ

الفصل: ‌فصل يحرم على المسلم (نكاح من لا كتاب لها كوثنية ومجوسية وتحل) له (كتابية)

(وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةً حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ) ، كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ قَالَ لَهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي، وَأَمَتِي: قَبِلْت نِكَاحَهُمَا، (بَطَلَتْ الْأَمَةُ) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ شُرُوطِ نِكَاحِهَا، (لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْحُرَّةُ أَيْضًا فِرَارًا مِنْ تَبْعِيضِ الْعَقْدِ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ بِعَقْدٍ، كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ، بَطَلَتْ الْأَمَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَارِنُ الْحُرَّةَ، كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَلِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا، وَفِي الْحُرَّةِ طَرِيقَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْأُخْتَيْنِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ نَكَحَ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحَهُمَا قَطْعًا كَالْأُخْتَيْنِ.

فَرْعٌ: وَلَدُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الْحُرُّ عَرَبِيًّا، وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ أَنَّ وَلَدَ الْعَرَبِيِّ حُرٌّ، وَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَالْمَغْرُورِ، أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرِضَا سَيِّدِهَا حِينَ زَوَّجَهَا عَرَبِيًّا قَوْلَانِ.

‌فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ) لَهُ (كِتَابِيَّةٌ)

قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وَقَالَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حِلٌّ لَكُمْ (لَكِنْ تُكْرَهُ) كِتَابِيَّةٌ (حَرْبِيَّةٌ) لِمَا فِي الْإِقَامَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ وَقَدْ تُسْتَرَقُّ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ (وَكَذَا) تُكْرَهُ (ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ الْمَيْلِ إلَيْهَا الْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَمَجُوسِيَّةٌ ظَاهِرُهُ الْعَطْفُ عَلَى وَثَنِيَّةٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْمَجُوسَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَبَدَّلُوهُ فَرُفِعَ لَكِنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ الْآنَ، وَلَا نَتَيَقَّنُهُ مِنْ قَبْلُ فَنَحْتَاطُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْطِفَ عَلَى مَنْ فَيُوَافِقُ الْأَشْبَهَ وَالْوَثَنِيَّةُ عَابِدَةُ الْوَثَنِ، وَمِثْلُهَا عَابِدَةُ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ وَالصُّوَرِ الَّتِي يَسْتَحْسِنُونَهَا، وَالْوَثَنُ وَالصَّنَمُ قِيلَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَقِيلَ الْوَثَنُ مَا كَانَ غَيْرَ مُصَوَّرٍ وَالصَّنَمُ مَا كَانَ مُصَوَّرًا، (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

بِوِلَادَتِهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَتَقْدِيمُ أَمَةِ أَبِيهِ عَلَى أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ لِلْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَلَى أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ) قَيَّدَ بِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَسَيَذْكُرُ مُقَابِلَهُ. قَوْلُهُ: (حُرَّةً صَالِحَةً أَوْ لَا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَصْوِيرُ الْجَمْعِ، بِقَوْلِهِ بِنْتِي وَأَمَتِي لِأَجْلِ اللَّفِّ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ، وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ فِيهِ لِتَقْدِيمِ الْبَاطِلِ وَالْعَطْفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَاتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُ فَكَالْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِعَقْدِ مَا لَوْ جَمَعَهُمَا بِعَقْدَيْنِ، وَقَدَّمَ الْأَمَةَ فَيَصِحُّ فِيهِمَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك الْأَمَةَ بِكَذَا، وَالْحُرَّةَ بِكَذَا فَقِبَلَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُعَدِّدُ الْعَقْدَ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِالْحُرَّةِ الصَّالِحَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْقَوْلَيْنِ) وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ فِي الْحُرَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْبُطْلَانِ) أَيْ فِي الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَحَ) أَيْ الْحُرُّ كَمَا مَرَّ أَمَّا الرَّقِيقُ فَالْجَمْعُ فِيهِ صَحِيحٌ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (فِي عَقْدٍ) فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدَيْنِ صَحَّتْ الْأُولَى إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ، وَإِلَّا بَطَلَ فِيهَا كَالثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ:(رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا) وَلَهُ حُكْمُهَا فَيَمْتَنِعُ نَحْوُ بَيْعِ وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَأُمِّهِ. قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهَا) فَلَهُ مِنْ وَلَدِ الْمُبَعَّضَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا كَأُمِّهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِيمَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا أَوَّلًا مِنْ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْكُفَّارِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُسْلِمِ) وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ لَكِنْ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَإِلَّا فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ. قَوْلُهُ:(نِكَاحٌ) وَمِثْلُهُ التَّسَرِّي. وَقَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ لَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ مَا عَدَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَيَحِلُّ لَهُ التَّسَرِّي لَا النِّكَاحُ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:(لَكِنْ تُكْرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهَا وَوَجَدَ مُسْلِمَةً وَلَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُسَنُّ فِي الْأُولَى، وَالْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْهَا فِي الذِّمِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْخِلَافِ الْآتِي. قَوْلُهُ:(عَلَى الصَّحِيحِ) وَمُقَابِلِهِ لَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَلَعَلَّهُ لِوُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْحَرْبِيَّةِ وَلَمْ يَقُولُوا فِيهَا بِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(قِيلَ بِمَعْنَى) سَوَاءٌ الْمُصَوَّرُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ الصَّنَمُ مَا كَانَ مِنْ حَجَرٍ مُصَوَّرٍ، وَالْوَثَنُ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ:(يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ) وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ عِلْمُ آبَائِهَا الْآتِي وَكَذَا بِقَوْلِهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ) لِدَاوُدَ وَصُحُفِ شِيثٍ وَهِيَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً، وَإِدْرِيسَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً، وَإِبْرَاهِيمَ وَهِيَ عَشْرُ صَحَائِفَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْمِائَةِ أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ، وَقِيلَ أُنْزِلَتْ عَلَى آدَمَ. قَوْلُهُ:(وَالْأَشْبَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي بِأَلْفٍ، وَأَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْبِنْتِ قَطْعًا، وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ عَلَى قَبُولِ الْبِنْتِ، فَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْإِيجَابِ. قَوْلُهُ:(وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ إلَخْ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الْعَرَبِيِّ لِلْأَمَةِ سِوَى إسْلَامِهَا.

[فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ لَهُ كِتَابِيَّةٌ]

فَصْلٌ: يَحْرُمُ نِكَاحُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَحِلُّ لَهُ كِتَابِيَّةٌ) يُسْتَثْنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْكِتَابِيَّةُ إلَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَخَافُ إلَخْ) أَيْ وَيَخَافُ أَيْضًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْهَا، الْفِتْنَةَ، وَالثَّانِي لَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ وَهَذَا الثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ) أَيْ

ص: 251

كَصُحُفِ شِيثٍ، وَإِدْرِيسَ، وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهَا قَبْلُ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدَرَّسُ، وَيُتْلَى، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مُعَايَنَةً، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ، (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ إسْرَائِيلِيَّةً) ، أَوْ مِنْ وَلَدِ إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ عليه الصلاة والسلام، (فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا) لِلْمُسْلِمِ (إنْ عُلِمَ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ) أَيْ دِينِ مُوسَى أَوْ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، (قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ)، لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا (وَقِيلَ: يَكْفِي) دُخُولُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ، (قَبْلَ نَسْخِهِ) سَوَاءٌ دَخَلُوا قَبْلَ تَحْرِيفِهِ أَمْ بَعْدَهُ، لِتَمَسُّكِهِمْ بِالدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ، وَالثَّانِي: لَا تَحِلُّ لَهُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلِانْتِفَاءِ النَّسَبِ إلَى إسْرَائِيلَ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ، وَنَسْخِهِ كَمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَلَا تَحِلُّ وَكَذَا مَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ لَا تَحِلُّ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة، فَتَحِلُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنَّ آبَاءَهَا مَعًا دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ تَحْرِيفِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ نَسْخِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أُوحِيَ إلَيْهِمْ) أَيْ الْأَنْبِيَاءِ مَعَانِيهِ فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ تِلْقَائِهِمْ، وَبِذَلِكَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ فَهُوَ كَالْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عِنْدَنَا، كَذَا قَالُوهُ وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ عَدَمُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى إنْزَالًا فَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ: الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ كَذَا، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ مَعْدُودٌ مِنْ كِتَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ إلَّا عَنْ الْوَحْيِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إمَّا بِالْعَرَبِيَّةِ، كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْنِ وَهُمْ يَعْرِفُونَهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْكُوزَةٌ فِي طِبَاعِهِمْ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْهَمَهُمْ مَعَانِيَهَا.؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ تُوَافِقُ قَوْمَهُمْ، وَإِمَّا بِأَلْفَاظٍ مِنْ لُغَتِهِمْ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّقْيِيدِ بِهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِمَا يُوَافِقُ طِبَاعَ قَوْمِهِمْ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حِكَمٌ) جَمْعُ حِكْمَةٍ، وَمَوَاعِظُ جَمْعُ مَوْعِظَةٍ، وَالْأَقْرَبُ فَرَّقَ الْقَفَّالُ بِأَنَّ فِي الْكِتَابِيَّةِ نَقْصًا وَاحِدًا، وَهُوَ الْكُفْرُ وَفِي غَيْرِهَا نَقْصَيْنِ الْكُفْرَ وَفَسَادَ الدِّينِ، وَاسْتُشْكِلَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: نَزَلَ فَاسِدًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْآنَ وَرُدَّ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا، كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ تَمَسُّكَهُمْ بِهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة تَكُونُ مِنْ الْيَهُودِ وَمِنْ النَّصَارَى فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (إسْرَائِيلُ) مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا كُلُّ مَا أُضِيفَ إلَى إيَّلَ الَّذِي هُوَ اسْمُ اللَّهِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، نَحْوُ جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ.

فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ: اسْمُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ اللَّهُ، وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ إيَّلُ وَآيِيلُ وَإِيلَا، وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ إيَّلَا أَوْ عِيلَا وَبِالْفَارِسِيَّةِ خداي وَبِالْحَرْزِيَّةِ تندك، وَبِالرُّومِيَّةِ شمخشا، وَبِالْهِنْدِيَّةِ مشطيشا وَبِالتُّرْكِيَّةِ بيات، وبالخفاجية أغان مُعْجَمَةً بَعْد هَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ، وَبِالْبُلْغَارِيَّةِ تكري، وَبِالتَّغَرْغُرِيّة بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ، أُلُهْ بِهَمْزَةٍ وَلَامٍ مَضْمُومَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ:(وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ بِعَدَدِ التَّوَاتُرِ أَوْ بِعَدْلَيْنِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ لَا بِقَوْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (دُخُولُ قَوْمِهَا) أَيْ دُخُولِ أُصُولِهَا سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْمُرَادُ اعْتِبَارُ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ، وَانْظُرْ لَوْ نُسِبَتْ إلَى أَبَوَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الدُّخُولِ، وَالْوَجْهُ فِيهَا الْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. قَوْلُهُ:(أَمْ بَعْدَهُ) أَيْ التَّحْرِيفِ، وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ، وَإِلَّا حَلَّتْ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ غَيْرُ الْإِسْرَائِيلِيَّة وَهَذَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة كَذَلِكَ فِي هَذَا الْفَرْدِ. قَوْلُهُ:(كَمَنْ تَهَوَّدَ) أَيْ وَأُصُولُهُ يَهُودُ أَوْ تَنَصَّرَ، وَأُصُولُهُ نَصَارَى، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمُنْتَقِلِ وَسَيَأْتِي كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، فَحَرِّرْهُ، وَقَدْ يُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَالِانْتِقَالُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ بَعْدَ وُجُودِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلشَّرِيعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَسَائِرِ الشَّرَائِعِ قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى) ؛ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَخَرَجَ بِهَذِهِ الشَّرَائِعِ الثَّلَاثَةِ مَا بَيْنَهَا وَمَا قَبْلَهَا فَلَيْسَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ تَمَسُّكُهُ بِهِ، وَلَا عَدَمُهُ فَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّوْرَاةِ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قِيلَ إنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِزَبُورِ دَاوُد، وَهُوَ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لَا تَحِلُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ:(وَكَذَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) هُوَ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَلِمَ، وَهَذَا مَحَلُّ مُخَالَفَةِ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَهَا. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ) أَيْ فِي حَالَاتِ عَدَمِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا أَمَّا مَنْ عَلِمَ دُخُولَ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ، مِنْ أُصُولِهَا فِي شَرِيعَةٍ بَعْدَ نَسْخِهَا فَلَا تَحِلُّ كَغَيْرِهَا، وَمَنْ عَلِمَ دُخُولَ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ فِي شَرِيعَةٍ قَبْلَ نَسْخِهَا فَتَحِلُّ بِالْأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ التَّحْرِيفِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا.

ــ

[حاشية عميرة]

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] وَقَوْلُهُ لَا مُتَمَسِّكَةٌ إلَخْ. أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ تَقْرِيرَهُمْ بِالْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا وَحْيٌ، وَلَيْسَتْ بِكَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ أَحْسَنُ فَإِنَّ الَّذِي قَالَهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ إسْرَائِيلِيَّةً) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالرُّومِ. قَوْلُهُ: (لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الدِّينِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ النَّسَبُ إلَى إسْرَائِيلَ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِ هِرْقِلَ ": يَا أَهْلَ الْكِتَابِ " وَالرُّومُ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، فَقَدْ اعْتَبَرَ الْكِتَابَ وَجَعَلَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ.

ص: 252

لِشَرَفِ نَسَبِهَا، أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَلَا تُفَارِقُ فِيهِ الْإِسْرَائِيلِيَّة غَيْرَهَا

، (وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ كَمُسْلِمَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ) ، بِخِلَافِ التَّوَارُثِ (وَتُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَيْهِ، وَيَفْتَقِرُ عَدَمُ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ، (وَكَذَا جَنَابَةٌ) أَيْ غُسْلُهَا، (وَتَرْكُ أَكْلِ خِنْزِيرٍ) تُجْبَرُ عَلَيْهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِي أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ وَتَرْكِ التَّنْظِيفِ وَالثَّانِي لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ، (وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجِسِ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا

(وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ تَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، (وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةَ) وَهِيَ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنْ الْيَهُودِ (الْيَهُودُ وَالصَّابِئُونَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنْ النَّصَارَى (النَّصَارَى فِي أَصْلِ دِينِهِمْ حَرُمْنَ وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ وَإِنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِدُخُولِ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ، بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ نَسْخِهِ فَاحْتَفِظْ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الَّتِي أَهْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا.

قَوْلُهُ: (نَفَقَةٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْكُسْوَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التَّوَارُثِ) وَكَذَا الْحَدُّ بِقَذْفِهَا. قَوْلُهُ (وَتُجْبَرُ) أَيْ وَيَجْبُرُهَا الزَّوْجُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى الْحِلَّ أَوْ عَكْسَهُ، لَمْ تُجْبَرْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ لِمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (يُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ) أَيْ مِنْهَا فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْوِيَ عِنْدَ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ، وَمِثْلُهَا الْمَجْنُونَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(فَتُجْبَرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَتَرْكِ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَلَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاء أَوْ مُتَحَيِّرَةً، أَوْ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(عَلَى غُسْلِ مَا نَجَسَ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) أَيْ الْكَافِرَةِ وَالْمُسْلِمَةِ، وَلَوْ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا أَوْ مُغَلَّظَةً بِالسَّبْعِ مَعَ التَّرْتِيبِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى إزَالَةِ الْأَوْسَاخِ مِنْ ثِيَابِهِمَا، وَلَوْ طَاهِرَةً وَكَذَا بَدَنُهُمَا، وَكَذَا إزَالَةُ رِيحِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ، أَوْ لَوْنِهِ وَعَلَى تَرْكِ أَكْلِهِ كَبَصَلٍ وَثُومٍ وَمُسْكِرٍ وَلَوْ نَبِيذًا وَعَلَى إزَالَةِ ظُفُرٍ أَوْ شَعْرٍ وَلَوْ مِنْ لِحْيَةٍ نَبَتَتْ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا إزَالَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ قَصَدَتْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ) أَيْ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ، وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُمَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَيْضًا. قَوْلُهُ:(تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ) وَإِنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَتْ) وَلَوْ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ: (السَّامِرَةُ) نِسْبَةً إلَى السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّابِئُونَ) جَمْعُ صَابِئٍ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ تَرْكِهَا، وَلَوْ قَالَ الصَّابِئَةُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى السَّامِرَةِ وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ عليه السلام، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ مِنْ صَابَ بِمَعْنَى رَجَعَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمَنْسُوبِينَ لِعَمِّ نُوحٍ هُمْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا إلَخْ) . هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الدُّخُولَ فِي شَأْنِ الْإِسْرَائِيلِيَّة قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لَا يَضُرُّ، وَلَوْ بَعْدَ النَّسْخِ لِشَرِيعَةِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ لِشَرَفِهِ نَسَبُهَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات إلَّا مَنْ عُلِمَ دُخُولُ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم انْتَهَى. وَهَا هُنَا سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا تَرَى يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّات تَنْقَسِمُ إلَى مَنْ تَحِلُّ وَتَحْرُمُ، وَأَنَّ مَا بِهِ التَّحْرِيمُ مِنْ الدُّخُولِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ مُمْكِنٌ فِي حَقِّهَا، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ ذَلِكَ مَعَ مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْإِمَامُ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا مِنْ وَلَدِ إسْرَائِيلَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ آبَائِهَا دَخَلَ فِي الدِّينِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَيَجْتَمِعُ شَرَفُ النَّسَبِ، وَالتَّعَلُّقُ بِالدِّينِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ رحمه الله بَنَى كَلَامَهُ هَذَا عَلَى أَنَّ سَائِرَ بَنِي إسْرَائِيلَ آمَنُوا بِمُوسَى صلى الله عليه وسلم قَبْلَ التَّحْرِيمِ لَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ يُحْتَمَلُ تَخَلُّفُ بَعْضِهِمْ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِالْآبَاءِ مُطْلَقُ الْأُصُولِ، وَلَوْ جَدَّهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي نَفَقَةٍ) عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي الْمُخْتَصَرِ هِيَ كَمُسْلِمَةٍ، فِيمَا لَهَا وَعَلَيْهَا إلَّا التَّوَارُثَ نِيَّتُهَا وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، أَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ فَيُغَسِّلُهَا الزَّوْجُ وَيَسْتَبِيحُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةٌ، وَقِيلَ: يَنْوِي عَنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ: يَعْنِي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ الْمُسْلِمَةُ فَغَسَّلَهَا قَهْرًا حَلَّتْ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الزَّوْجِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَجْنُونَةِ، وَرَجَّحَ فِي التَّحْقِيقِ اشْتِرَاطَ نِيَّةِ الزَّوْجِ فِي الْمَجْنُونَةِ انْتَهَى. كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَانِ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي إجْبَارِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى غَسْلِ مَا نَجَسِ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ أَوْ ذَاتُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ) لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَيَغْلِبُ.

ص: 253

لَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي الْأُصُولِ، وَإِنَّمَا خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلَيْنِ فِي مُنَاكَحَةِ السَّامِرَةِ وَالصَّابِئِينَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ الصَّابِئِينَ فِرْقَتَانِ: فِرْقَةٌ تُوَافِقُ النَّصَارَى فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُخْرَى تُخَالِفُهُمْ وَتَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَتُضِيفُ الْآثَارَ إلَيْهَا، وَتَنْفِي الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ

(وَلَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ (لَمْ يُقَرَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا، بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ، فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ، وَالثَّانِي يُقَرُّ لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ فِي التَّقْرِيرِ بِالْجِزْيَةِ، (فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَرُّ، (فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (فَكَرِدَّةِ مُسْلِمَةٍ) فَإِنْ كَانَ التَّهَوُّدُ أَوْ التَّنَصُّرُ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ، وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، (وَفِي قَوْلٍ أَوْ دِينِهِ الْأَوَّلِ) لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ أَبَى الْإِسْلَامَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْإِسْلَامَ وَدِينَهُ الْأَوَّلَ جَمِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يُقْتَلُ، وَالْأَشْبَهُ لَا بَلْ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ، (وَلَوْ تَوَثَّنَ) يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، (لَمْ يُقَرَّ وَفِيمَا يُقْبَلُ) مِنْهُ (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا الْإِسْلَامُ فَقَطْ، وَالثَّانِي هُوَ أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ وَفِي ثَالِثٍ أَوْ مُسَاوِيهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَوَقَّفَتْ بَعْدَهُ، عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، (وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ) لِانْتِقَالِهِ عَمَّا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ إلَى بَاطِلٍ، وَالْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ فَضِيلَةَ الْإِقْرَارِ، (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ) فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى قُتِلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ

(وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لِأَحَدٍ) لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ، لَا تُقَرُّ، وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا، (وَلَوْ ارْتَدَّ زَوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَهُ وُقِفَتْ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

الْفِرْقَةُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ الْآتِي ذِكْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (فِي أَصْلِ دِينِهِمْ) وَهُوَ النَّبِيُّ، وَالْكِتَابُ وَالْفُرُوعُ مَا عَدَاهُمَا، فَأَصْلُ دِينِ الْيَهُودِ مُوسَى وَالتَّوْرَاةُ، وَأَصْلُ دِينِ النَّصَارَى عِيسَى وَالْإِنْجِيلُ. قَوْلُهُ:(فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ الْإِسْلَامِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَعًا لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهُمْ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (وَأُخْرَى تُخَالِفُهُمْ) وَهُمْ أَقْدَمُ مِنْ النَّصَارَى، وَلَا مَانِعَ مِنْ مُوَافَقَةِ بَعْضِ صَابِئَةِ النَّصَارَى لَهُمْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ:(وَتَنْفِي الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ) وَهَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (بِقَتْلِهِمْ) أَيْ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ مِنْ الْأَقْدَمِينَ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّصَارَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ) فَبَذَلُوا لَهُ مَالًا كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَهَوَّدَ إلَخْ) وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ وَلَا نَعْقِدُ لَهُ إنْ عَلِمَ انْتِقَالَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(لَمْ يُقِرَّ) لَكِنْ يَبْلُغُ مَأْمَنَهُ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيُّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ جَازَ لَنَا قَتْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبِلْنَاهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ اعْتِرَافِهِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) خَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَإِنْ لَمْ يَرْحَلْهَا فَكَالْمُسْلِمِ، وَإِلَّا حَلَّتْ لَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تُقِرُّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ إمَّا مُسْتَثْنَى، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الظَّفَرِ بِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بَيَانُ حُكْمِهَا لَوْ بَقِيَتْ. قَوْلُهُ:(تَوَقَّفَتْ إلَخْ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَشْبَهُ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثٍ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجْرِي هَذَا الْقَوْلُ فِيمَا مَرَّ، لِعَدَمِ مَا يُسَاوِي أَحَدَ الدِّينَيْنِ. قَوْلُهُ:(وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) وَلَا يَأْتِي هُنَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ.

قَوْلُهُ: (لَا تُقَرُّ) قَيْدٌ أَخْرَجَ حِلَّ الْكِتَابِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا مِثْلَهَا. قَوْلُهُ: (مَعًا) الْمُرَادُ مِنْهُ وُجُودُ الرِّدَّةِ مِنْهُمَا، وَلَوْ بِلَا مَعِيَّةٍ وَمِنْ رِدَّتِهِ، مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ مَرِيدًا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ، لَا إنْ أَرَادَ الشَّتْمَ أَوْ أَطْلَقَ مَثَلًا، وَغَيْرُ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذَا كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: لَسْت مُسْلِمًا لَمْ يَكْفُرْ لِزَعْمِ الْمُعْتَزِلَةِ وُجُودَ وَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَفِي مَعْنَاهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. قَوْلُهُ:(وَقَفَتْ) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافُ دِينٍ طَرَأَ بَعْدَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَقَدْ نُقِلَ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي كَلَامَ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الْإِعْلَامِ بِمَا نُقِلَ، أَنَّ الصَّابِئِينَ فِرْقَتَانِ وَأَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ تَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ: إنَّهَا أَقْدَمُ مِنْ النَّصَارَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقِرَّ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحِرَابَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ، أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، قَالَ أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ النَّصْرَانِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت وَقَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَفِي قَوْلٍ أَوْ دِينِهِ الْأَوَّلِ) لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى هَذَا تَخْيِيرَهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَلَكِنْ نَقُولُ لَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ بَادَرَ وَرَجَعَ إلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ تُرِكَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا مَانِعَ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَلَيْسَ دُعَاءً إلَى الْكُفْرِ، بَلْ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى. كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْجِزْيَةِ لَيْسَ رِضًا بِالْكُفْرِ. قَوْلُهُ:(لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ) رَاجِعٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) فَإِنْ أَبَى قُتِلَ، أَيْ بَعْدَ الْإِلْحَاقِ بِمَأْمَنِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَبَى) أَيْ الْمُرْتَدُّ قَوْلُهُ: (قُتِلَ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ

قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ. قُلْت لَكِنْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَعِيَّةِ.

ص: 254