الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ (الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ. (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ. (أَوْ بِعَدْوٍ) أَيْ جَرْيٍ (كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) أَيْ مُهْلِكَةٍ (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْآحَادِ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ فَيَضِيعُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ. (وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ، لِتَطَلُّبِهِ لَهُ، فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَوْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا أَوْ بَلْدَةٍ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكٍ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ، فَإِنَّ طُرُوقَ النَّاسِ بِهَا لَا يَعُمُّ وَلَوْ وُجِدَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ، وَفَسَادٍ جَازَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ. (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ. (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ. (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ إنْ وُجِدَ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمَبِيعَةَ. (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ أَكَلَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ أَكَلَهُ مُتَمَلِّكًا لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي.
(وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ بَعْدَ أَكْلِهِ تَعْرِيفُهُ فِي الظَّاهِرِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ. (فَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَبِالتَّحْتَانِيَّةِ. (لَا الثَّالِثَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرُ. وَالثَّانِي لَهُ الثَّالِثَةُ أَيْضًا كَالْمَفَازَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِيهَا، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالْجَحْشِ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَشْهَدَ
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي حُكْمِ لَقْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (الْمَمْلُوكُ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ كَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ لَقْطُهُ، وَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِيهِ قِلَادَةٌ مَثَلًا، مِمَّا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ فَيُعَرِّفُهُ وَاجِدُهُ وَيَذْبَحُهُ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنًى وَيُفَرِّقُ لَحْمَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ نَدْبًا، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الذَّابِحِ لَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا، وَعَلَى الْآكِلِ غُرْمُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ فِيهِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مَوْقُوفٍ أَوْ مُوصًى بِهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا. قَوْلُهُ:(الْمُمْتَنِعُ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ حَمْلٍ عَلَى ظَهْرِهِ مَثَلًا فَإِنْ أَثْقَلَهُ الْحَمْلُ أَوْ كَانَ بِهِ نَحْوُ كَسْرِ رِجْلٍ فَكَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَإِذَا لَقَطَهُ، فَهُوَ لَاقِطٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَمْلِ وَعَكْسِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ:(كَالذِّئْبِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلصِّغَارِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْأَسَدِ وَقِيلَ الْمُرَادُ صِغَارُ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَةٌ) وَسُمِّيَتْ مَفَازَةً تَفَاؤُلًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ فَازَ إذَا نَجَا أَوْ هَلَكَ. قَوْلُهُ:(فِي الْأَصَحِّ) مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ فَبِزَمَنِ الْخَوْفِ يَجُوزُ قَطْعًا وَلَوْ أَمِنَ عَلَيْهِ يَقِينًا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكُهُ امْتَنَعَ أَخْذُهُ وَإِنْ عَرَفَ مَالِكُهُ جَازَ أَخْذُهُ لِرَدِّهِ إلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ مَعَهُ. قَوْلُهُ:(وَيَحْرُمُ) أَيْ زَمَنَ الْأَمْنِ فِي الْمَفَازَةِ لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحِفْظِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ إلَّا مِنْ مَفَازَةٍ آمِنَةٍ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ وَكَذَا لِلْحِفْظِ سَوَاءٌ زَمَنَ الْأَمْنِ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالتَّمَلُّكِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(الْخَوَنَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ خَائِنٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ مَا أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَوْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ حَالًا.
قَوْلُهُ: (وَعَرَّفَهَا) لَمْ يَذْكُرْ الضَّمِيرَ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِهِ إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْلُهُ) أَيْ حَالًا بَعْدَ تَمَلُّكِهِ إنْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ فَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْل الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوك الْمُمْتَنِع مِنْ صِغَار السِّبَاع كَالذِّئْبِ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ]
فَصْلٌ الْحَيَوَانِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَمْلُوكُ) كَذَلِكَ الْمُخْتَصُّ كَالْكَلْبِ وَالْبَعِيرِ الْمَنْذُورِ هَدِيَّةً يَلْتَقِطُهُ لِلنَّحْرِ، وَالْمَوْقُوفُ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَقَطَ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ، وَإِلَّا فَيُتْرَكُ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ إلَخْ) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الْإِبِلِ: «مَا لَك وَلَهَا» . قَوْلُهُ: (كَالْمَفَازَةِ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ) أَيْ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَفَازَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ: «تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ» . قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّعْرِيفِ) كَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَاعَهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ اللُّقَطَةُ الْمَبِيعَةُ) يَعْنِي لَا الثَّمَنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَكَلَهُ) الْأَحْسَنُ وَأَكَلَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ:(أَيْضًا أَوْ أَكَلَهُ) بِالْإِجْمَاعِ عَلَى هَذِهِ الْخَصْلَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى حَضَرَ بِهِ إلَى الْعُمْرَانِ امْتَنَعَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ:(أَخْذًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُتَمَلِّكًا لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: دَلِيلُهُ الْقِيَاسُ عَلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ فِي لُقَطَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْرِيفَ فِي الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَتَرَكَهُ مِنْ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ:(مِنْ الثَّالِثَةِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْجِيلِ الِاسْتِبَاحَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. فَرْعٌ لَمْ يُرَاعُوا هُنَا وُجُوبَ اتِّبَاعِ الْأَحَظِّ، وَرَاعُوهُ فِيمَا يُجَفَّفُ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا الْفَرْقُ؟ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ اعْتَبَرَهُ هُنَا أَيْضًا.
(وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ) فِي زَمَنِ أَمْنٍ أَوْ نَهْبٍ وَمُمَيِّزًا فِي زَمَنِ نَهْبٍ، بِخِلَافِ الْأَمْنِ، لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ فِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَصِلُ إلَيْهِ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِيهِمَا الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا ثُمَّ يَجُوزُ تَمَلُّكُ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ كَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمَحْرَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاقْتِرَاضِ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالِالْتِقَاطِ اقْتِرَاضٌ، وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ انْتَهَى.
(وَيُلْتَقَطُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ) كَمَأْكُولٍ وَثِيَابٍ وَنُقُودٍ. (فَإِنْ كَانَ يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ. (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) أَيْ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ (وَعَرَّفَهُ) بَعْدَ بَيْعِهِ (لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ) وَغَرِمَ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ. (وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ فِي التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْعُمْرَانِ، وُجُوبُهُ وَفِي الْمَفَازَةِ قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) حِفْظًا لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ الشَّارِعُ، وَالْمَسْجِدُ لِأَنَّهُمَا مَعَ الْمَوَاتِ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ.
(وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَهِيَ أَمَانَةٌ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْعُمْرَانِ فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ يَمْتَنِعُ أَكْلُهُ وَتَمَلُّكُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ خَصْلَةً رَابِعَةً، وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ حَالًا وَيُبْقِيهِ حَيًّا لِيَنْتَفِعَ بِدَرِّهِ أَوْ نَسْلِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ مَا دَامَ فِي الصَّحْرَاءِ وَإِلَّا فَيَجِبُ. قَوْلُهُ: (وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى إلَخْ) هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْخِصَالُ فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْ عَدَمِهَا، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ:(أَشْهَدَ) فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ نَوَاهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْبَيْعَ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ لِلنَّفَقَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْرِقُهُ فِيهِ وَفَارَقَ الْإِنْفَاقَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. بِأَنَّ مَا اقْتَرَضَهُ قَدْ يُتْلَفُ قَبْلَ إنْفَاقِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ) مُطْلَقًا وَيُعْرَفُ رِقُّهُ بِعَلَامَةٍ كَالْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِيِّ، أَوْ بِإِخْبَارٍ بِرِقِّهِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ قَبْلُ، أَوْ بِنَحْوِ مِلْكٍ فَإِنْ عَرَفَ مَالِكُهُ وَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَوْلُهُ:(وَمُمَيِّزًا) يَشْمَلُ الْبَالِغَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ نَهْبٍ) فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (كَالِاقْتِرَاضِ) فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّمَلُّكِ.
قَوْلُهُ: (وَيُنْفِقُ إلَخْ) سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ لِلْحِفْظِ أَوْ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَعْتَقْته) وَكَالْعِتْقِ غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَوْ عَادَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ الْحَيَوَانِ) شَمِلَ الِاخْتِصَاصَ نَحْوَ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَزِبْلٍ وَلُقَطَةٍ لِحِفْظٍ، أَوْ اخْتِصَاصٍ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْمَالِكُ أَخَذَ الْمَوْجُودَ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ وَلَوْ بِإِتْلَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ تَأَتِّي مَا بَعْدَهُ فِيهِ مِنْ التَّفَاصِيلِ. فَرْعٌ يَجُوزُ الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ لِلتَّمَلُّكِ إنْ أَعْرَضَ مَالِكُهَا عَنْهَا أَوْ عُلِمَ رِضَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَالٍ زَكَوِيٍّ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ فِي مَحِلِّ الْإِعْرَاضِ مِنْ الْمَالِكِ جُعِلَتْ كَذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ تَبَعًا. قَوْلُهُ:(وَبِإِذْنِهِ) وُجُوبًا بِأَنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ.
قَوْلُهُ: (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ وَقْتَ أَكْلِهِ حَالَ اللُّقَطَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إفْرَازُهَا لِأَنَّ الذِّمَّةَ أَحْفَظُ، فَإِنْ أَفْرَزَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ، وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَالثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ) وَسَوَاءٌ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ مَنْعُ الْأَخِيرَةِ لِلتَّمَلُّكِ، وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فِيهِ. قَوْلُهُ:(فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ ذِكْرِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجِبُ) أَيْ مَا دَامَ فِي الْمَفَازَةِ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا مَرَّ، وَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَحَظِّيَّةِ لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْأَحَظُّ كَمَا مَرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ هُنَا التَّمَلُّكُ وَالْأَكْلُ حَالًا لِبَقَائِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ. قَوْلُهُ: (وَتَبَرَّعَ بِهِ) الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ) وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ مَنْعُ بَيْعِ بَعْضِهِ خَوْفَ اسْتِغْرَاقِهِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَذَ إلَخْ) وَهُوَ أَهْلُ لُقَطَةٍ لِلْحِفْظِ إلَخْ: أَيْ فَنَحْوُ صَبِيٍّ إذَا رَأَى وَلِيُّهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ لَهُ لَمْ يَصْرِفْ مُؤْنَةَ التَّعْرِيفِ مِنْ مَالِهِ، بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لَهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ) إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَنْعُ لَقْطِهِ مَنْ تَحِلُّ لَهُ لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَجُوزُ) وَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأَخُّرَ التَّمَلُّكِ عَنْ التَّعْرِيفِ فَيَنْتَفِي التَّمَلُّكُ حَالًا. وَأَمَّا خَصْلَةُ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمَا الْآتِي وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ، فَإِنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
قَوْلُهُ: (كَمَأْكُولٍ وَثِيَابٍ إلَخْ) وَكَذَا خَمْرٌ مُحْتَرَمَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْخَصْلَةِ الْآتِيَةِ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ شَاءَ إلَخْ) وَلَا تَأْتِي هُنَا الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ إلَخْ) هُوَ نَظِيرُ مَا سَلَفَ فِي الشَّاةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ فِيهَا مِنْ الْعُمْرَانِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا الْحَيَوَانُ وَغَيْرُ الْحَيَوَانِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لِغَرَضِ ظُهُورِ صَاحِبِهِ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَقَدْ وُجِدَ، وَفَارَقَ الْعُمْرَانَ بِأَنْ يُرْجَى فِيهِ ظُهُورُ مَالِكِهِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، وَلَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ جَوَازَ الْأَكْلِ هَا هُنَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ كَغَيْرِهِ، وَأَشَارَ الرُّويَانِيُّ إلَى تَفَرُّدِهِ لِإِمْكَانِ تَبْقِيَتِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ لِلْأَكْلِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) وَيُخَالِفُ الْحَيَوَانُ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّهِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَأْكُلُهُ.
قَوْلُ
فِي يَدِهِ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا مَنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ.
(وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ الْأَخْذُ لِلْحِفْظِ أَبَدًا قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَأَوْجَبَهُ غَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا أَقْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ وَاجِبٌ قَطْعًا. (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ أَبَدًا. (خِيَانَةَ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الْأَصَحِّ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالثَّانِي يَصِيرُ. (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ غُرْمُ التَّمَلُّكِ مُطَّرِدًا، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ.
(وَيَعْرِف) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُلْتَقِطُ (جِنْسَهَا) أَذَهَبٌ هِيَ أَمْ فِضَّةٌ أَمْ ثِيَابٌ. (وَصِفَتَهَا) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ مَرْوِيَّةٌ. (وَقَدْرَهَا) بِوَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَوِكَاءَهَا) أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَةَ بِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ خَارِجَهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا، وَذَلِكَ لِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) بِالتَّشْدِيدِ. (فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ، وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ الشَّاشِيُّ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) وَكَذَا زَوَائِدُهَا مِنْ نَحْوِ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي أَصْلِهَا مِنْ تَجْفِيفِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَهَذَا فِي قَاضٍ أَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَيَضْمَنُهَا دَافِعُهَا لَهُ. قَوْلُهُ:(لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَنَسِيَهُ أَوْ بِقَصْدِ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَفَعَهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إلَى الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ، لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْوُجُوبُ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ:(وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلتَّمَلُّكِ وَجَبَ التَّعْرِيفُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) فَإِنْ فَعَلَ صَارَ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ خِيَانَةٍ) وَعُلِمَ ذَلِكَ الْقَصْدُ يَقِينًا وَلَمْ يَنْسَهُ وَإِلَّا فَأَمِينٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، فَلَوْ عَادَ إلَى الْأَمَانَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاكِمِ أَوْ الْخِيَانَةِ فِيهَا بِالْفِعْلِ لِيَصْرِفَ وَيَتَمَلَّكَ جَازَ، وَيَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، كَمَا لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَالتَّعْرِيفُ الْمَمْنُوعُ مَا كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْرِفَ صَاحِبَهَا لِيَدْفَعَهَا لَهُ فَلَا مَانِعَ. قَوْلُهُ:(لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (مُطَّرِدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا لَمْ يَتَخَلَّلْهُ قَصْدُ حِفْظٍ.
تَنْبِيهٌ التَّعْرِيفُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَنْ خَافَ بِهِ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا، وَتَكُونُ عِنْدَهُ أَبَدًا أَمَانَةً فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ.
قَوْلُهُ: (وَيُعَرِّفُ) سَيَأْتِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَيُنْدَبُ كِتَابَةُ أَوْصَافِهَا وَوَقْتُ لَقْطِهَا وَمَوْضِعُهُ. قَوْلُهُ: (مَرْوِيَّةٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ الْعَجَمِ كَهَرَاةَ. قَوْلُهُ: (وِعَاءَهَا) هُوَ أَحَدُ مَاصَدَقَاتِ الْعِفَاصِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعِفَاصُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَعِلَاقِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ سَنَةً وُجُوبًا، وَلَوْ اخْتِصَاصًا سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَفِي التَّعَدُّدِ تُوَزَّعُ السَّنَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَكْفِي أَحَدُهُمْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْبَاقِينَ، وَيَكْفِي إذْنُهُمْ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ مِنْ الِالْتِقَاطِ لَمْ يَسْقُطْ وَيَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى تَعْرِيفِ مُورَثِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يُعَرِّفُ كَوْنُهُ، مُكَلَّفًا مَوْثُوقًا بِهِ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ وَيُغْنِي عَنْ تَعْرِيفِهَا دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ كَمَا فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ:(أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَقْصِدُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَوْ عَرَضَ لَهُ قَصْدُهُ بَعْدَ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (تَبِعَهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ سَيْرُهُمْ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا تَعَرَّضَ لَهُمْ بِالْمُنَادَاةِ فَقَطْ. فَرْعٌ لَوْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي بَيْتِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِمَنْ يَدْخُلُهُ. قَوْلُهُ:(وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ) أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُ مَنْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صُورَةِ تَعْرِيفٍ، وَشَمِلَتْ الْمَسَاجِدُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْأَقْصَى.
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَتْنِ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) كَذَلِكَ دَرُّهَا وَنَسْلُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُزُومُهُ الْقَبُولَ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: بَلْ وَجَبَ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ وَلَا يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ كَاتِمًا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْكَتْمِ. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ التَّعْرِيفِ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ بَعْدَهَا مَا يُفِيدُك أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا: إنَّ التَّعْرِيفَ فِي حَقِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) كَالْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِيرُ) إذْ سَبَبُ أَمَانَتِهِ مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ إلَخْ) كَالْمُسْتَامِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَامَ قَدْ قَبَضَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَهَذَا حِينَ الْأَخْذِ مُعْظَمُ غَرَضِهِ الْحِفْظُ عَلَى صَاحِبِهَا وَصَوْنُ مَالِهِ عَنْ الضَّيَاعِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعَرَّفُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ آخِرِ الصَّفْحَةِ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.
إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ (سَنَةً) لِلْحَدِيثِ وَيُقَاسُ عَلَى مَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَلَيْسَتْ عَلَى الِاسْتِيعَابِ بَلْ. (عَلَى الْعَادَةِ يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ) بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي أَصْلِهَا لِمَا مَضَى وَسَكَتَا عَنْ بَيَانِ الْمَدَدِ فِي ذَلِكَ وَفِي التَّهْذِيبِ ذَكَر الْأُسْبُوعَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى وَيُقَاسَ بِهَا الثَّانِيَةُ.
(وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُعَرِّفَ شَهْرًا وَيَتْرُكَ شَهْرًا، وَهَكَذَا لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ. (قُلْت الْأَصَحُّ تَكْفِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا أَفَادَهُ ثُمَّ (وَيَذْكُرُ) الْمُلْتَقِطُ (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) فِي التَّعْرِيفِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا، لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ، وَذِكْرُهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ شَرْطٌ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِمَعْرِفَتِهِ، فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ. (وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظِهِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ السَّابِقِ عَنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِينَ. (بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُقْتَرَضُ عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهَا لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ التَّعْرِيفُ عَلَيْهِ، إنْ عَرَّفَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ (وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ لَزِمَتْهُ) مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ تَمَلَّكَ أَمْ لَا. (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ) بِأَنَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا. (فَعَلَى الْمَالِكِ) الْمُؤْنَةُ لِعَوْدِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ إلَيْهِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ) أَيْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ. (لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ زَمَنًا يَظُنُّ أَنْ فَاقِدَهُ يَعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا) بَعْدَ ذَلِكَ لِزَمَنٍ وَيَخْتَلِفُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) فَلَا يُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَتَأْتِي حِكْمَتُهُ. قَوْلُهُ: (سَنَةً) عَلَى التَّحْدِيدِ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ وَجَبَ بَعْدَهُ سَنَةً أُخْرَى، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الشَّرْحِ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ وَاعْتُبِرَتْ السَّنَةُ لِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْقَوَافِلِ فِيهَا غَالِبًا، وَلِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إضْرَارًا بِاللَّاقِطِ. قَوْلُهُ:(بِحَيْثُ لَا يَنْسَى) هُوَ ضَابِطٌ وَاضِحٌ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ فِي كُلِّ السَّنَةِ، وَالتَّقْيِيدُ، بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ مَرَّتَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَهَكَذَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّعْرِيفِ، وَإِذَا حَصَلَ النِّسْيَانُ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا. قَوْلُهُ:(وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ) فَهِيَ أُسْبُوعٌ كَالْأُولَى وَفِي الْمَنْهَجِ أَوْ أُسْبُوعَيْنِ ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إلَى تَمَامِ سَبْعَةِ أَسَابِيعَ ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ.
قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ تَكْفِي) أَيْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ: أَيْ مِنْ عَدَمِ النِّسْيَانِ وَيَجِبُ أَيْضًا بَيَانُ زَمَنِ وُجْدَانِهَا وَمَكَانِهِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بِعَدَمِ ذِكْرِ الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ فِي مَرَّةٍ مِنْ التَّعْرِيفِ أَوْ فِي غَالِبِ الْمَرَّاتِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ:(وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي التَّعْرِيفِ) بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُنْسَبَ لِزَمَنِ الِالْتِقَاطِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَوَاتُ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ لَهَا مَدْفُوعٌ بِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ ذِكْرِ زَمَنِهَا وَمَكَانِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا) فَيَحْرُمُ وَيَضْمَنُ إنْ فَعَلَ كَمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْوَدِيعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَذِكْرُهُ مُسْتَحَبٌّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مَسْبُوقٌ بِمَعْرِفَتِهِ) الْمُتَقَدِّمَةِ بِقَوْلِهِ وَيُعَرِّفُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ الْمُقْتَضِي لِحُرْمَةِ اسْتِيعَابِهَا وَنُدِبَ ذِكْرُ بَعْضِهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ فِيهَا وَاجِبٌ إنْ قَصَدَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ الِالْتِقَاطِ وَأَمَّا عِنْدَ التَّمَلُّكِ فَوَاجِبٌ قَطْعًا لِيَعْرِفَ مَا يَدْفَعُهُ لِلْمَالِكِ إذَا ظَهَرَ. قَوْلُهُ: (لِحِفْظِهِ) الْمُرَادُ لِغَيْرِ تَمَلُّكِهِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى وُجُوبِ التَّعْرِيفِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) تَبَرُّعًا وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَيَجِبُ فِيمَا بَعْدَهُ مُرَاعَاةُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ:(أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ) أَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ يُرَتِّبَهَا الْحَاكِمُ فِيهِ، وَمِنْهُ أَمْرُ اللَّاقِطِ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ اللُّقَطَةِ بِيعَتْ بِنَقْدٍ، وَحُفِظَ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى مُؤْنَةٍ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ يَقْتَرِضُهَا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ اللَّاقِطِ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِتَمَلُّكِ) وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ لِلْحِفْظِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ عَدَمُ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُ) وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَالَّتِي قَبْلَهَا.
قَوْلُهُ: (لَا يُعَرِّفُ) قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا فِي الْحَرَمِ لِمَنْعِ لُقَطَتِهِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ لُقَطَتُهُ لَا تُتَمَلَّكُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، أَيْ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ لِلْحِفْظِ فَقَطْ، فَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ، وَكَثْرَةُ النَّاسِ بِهِ مَظِنَّةٌ لِوُجُودِ صَاحِبِهَا أَوْ إرْسَالِهِ مَنْ يَنْظُرُهَا. قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَوْ الْتَقَطَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُعَرَّفُ أَوَّلًا إلَخْ) إنَّمَا كَانَتْ مَرَّاتُ التَّعْرِيفِ فِي الْأَوَائِلِ أَكْثَرُ، لِأَنَّ الطَّلَبَ فِيهَا أَكْثَرُ. قَوْلُهُ:(وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ) يُرْجَعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً) وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَلِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى نِسْيَانِ النُّوَبِ السَّابِقَةِ، انْتَهَى، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ زَمَنِ الْوُجْدَانِ وَإِسْنَادِهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (كَمَا أَفَادَهُ ثُمَّ) الْمُرَادُ بِهَا مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يُعَرِّفُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ لَا تَتَأَتَّى فِي السَّنَةِ إلَّا بِقِيمَةِ اللُّقَطَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَإِنَّ حِفْظَهُ سَهْلٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا عَلَى صَاحِبِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا لَوْ تَمَلَّكَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ.