الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ، كَسَقْيٍ وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ) أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ. (وَإِصْلَاحِ الْأَجَّاجِينَ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ) وَهِيَ الْحُفَرُ حَوْلَ الشَّجَرِ يُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ لِتَشْرَبَهُ، شُبِّهَتْ بِإِجَّانَاتِ الْغَسِيلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْإِجَّانَةُ وَاحِدَةُ الْأَجَّاجِينَ. (وَتَلْقِيحٍ) لِلنَّخْلِ وَهُوَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ طَلْعِ الذُّكُورِ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ. (وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ) بِالشَّجَرِ (وَتَعْرِيشٍ) لِلْعِنَبِ (جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَنْصِبَ أَعْوَادًا وَيُظَلِّلَهَا وَيَرْفَعَهُ عَلَيْهَا. (وَكَذَا) عَلَيْهِ (حِفْظُ الثَّمَرِ) عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ. (وَجَدَادُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ أَيْ قَطْعُهُ.
(وَتَجْفِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ عَنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَا الْجَدَادُ، وَالتَّجْفِيفُ؛ لِأَنَّهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الثَّمَرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصِلْهَا كَالتَّتِمَّةِ حِكَايَةُ الثَّانِي فِي الْحِفْظِ، أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ بِحَسَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّمَرِ، وَفِي الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ حِكَايَةُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَفِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةُ، أَنَّ الْجَدَادَ وَالتَّجْفِيفَ عَلَى الْمَالِكِ، وَالرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا سَاكِنَانِ عَنْ ذَلِكَ، وَفِيهِمَا بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي التَّجْفِيفِ، تَصْحِيحُ وُجُوبِهِ عَلَى الْعَامِلِ إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِهِ، أَوْ شَرَطَاهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَيْدِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ، أَوْ الشَّرْطِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْجَدَادِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا، لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحِفْظِ أَيْضًا وَيَأْتِي وَجْهُ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ فِي الْجَدَادِ وَالتَّجْفِيفِ.
(وَمَا يُعَدُّ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ، وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ) فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا مَا عَلَى الْعَامِلِ لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ.
تَتِمَّةٌ: يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ بِالْقِسْمَةِ كَالْقِرَاضِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ لِلرِّيحِ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّمَرُ لَيْسَ وِقَايَةً لِلشَّجَرِ.
(وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) كَالْإِجَارَةِ (فَلَوْ)(هَرَبَ الْعَامِلُ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَى أَنَّهُ كَالْأَجِيرِ، وَمَتَى حَصَلَ فَسْخٌ أَوْ انْفِسَاخٌ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا مِنْ الثَّمَرَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:(حَشِيشٌ) هُوَ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْيَابِسِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَشِيشُ وَالْهَشِيمُ اسْمٌ لِلْيَابِسِ فَقَطْ، وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ فَقَطْ، وَالْكَلَأُ يَعُمُّهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ عُنْقُودٍ قَوْصَرَّةً مَثَلًا وَلَوْ كَثُرَ السُّرَّاقُ أَوْ كَبُرَ الْبُسْتَانُ وَعَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ ضَمَّ إلَيْهِ مُسَاعِدٌ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ:(وَإِهْمَالُ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ) وَفِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إعْجَامِهِمَا وَإِعْجَامِ إحْدَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ) وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهَا عَادَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي لَيْسَتْ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَالْكِفَايَةِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ مَعًا، وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّتِمَّةُ فِي الْحِفْظِ وَحْدَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجِدَادَ وَالتَّجْفِيفَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَهَرَ إلَخْ إلَى الرَّدِّ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي إجْرَاءِ الْخِلَافِ مَعَ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ مَعَ قُوَّةِ الِاخْتِصَارِ فِي الْكَلَامِ. قَوْلُهُ:(لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ) أَيْ الْمُوَافَقَةَ لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لَا الْمُخَالَفَةَ لَهُ وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:
(كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ) وَكَذَا مَا يُبْنَى بِهِ، وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ:(جَدِيدًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ انْهِيَارِهِ وَمِثْلُهُ نَصْبُ بَابٍ وَدُولَابٍ وَحَرْثٍ، وَمَا يَحْرُثُ مِنْ الْآلَاتِ وَمَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ كَبَقَرٍ وَخَرَجَ بِجَدِيدٍ تَرْقِيعُ النَّهْرِ وَالْحِيطَانِ. وَوَضْعُ نَحْوِ شَوْكٍ عَلَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِالظُّهُورِ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُمَلِّكُهَا الْعَقْدُ بَعْدَهُ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا
قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ مَعَ بَقَائِهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ) أَوْ امْتَنَعَ أَوْ حَبَسَ أَوْ مَرِضَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَمَلِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) أَيْ فَعَلَهُ وَلَوْ مِنْ ابْتِدَائِهِ كَمَا عُلِمَ آنِفًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ أَوْ بِمُتَبَرِّعٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ أَوْ كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِمَّا يَتَكَرَّرُ) مِنْ الْعَمَلِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ الطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ مُتَكَرِّرٌ كُلَّ عَامٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(الْحَشِيشُ) أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَخْضَرِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ لِلْيَابِسِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَلَأِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّهُمَا.
فَرْعٌ: وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَسَدُّ الثَّلَمِ الْيَسِيرَةِ فِي الْجِدَارِ يُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ. قَوْلُهُ: (حِفْظُ الثَّمَرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ بِنَفْسِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَعْمَالَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ تَنْمِيَةَ الثِّمَارِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي وَجْهُ إلَخْ) وَجْهُهُ مَا سَلَفَ لَنَا فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَى الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ فِي الْحِفْظِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَدِيدٍ) مِثْلُهُ مَا عَرَضَ انْهِيَارُهُ.
[تَتِمَّة يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ فِي الْمُسَاقَاة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَالْجَامِعُ لَهَا مَعَ الْإِجَارَةِ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَعَ أَنَّهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَأَيْضًا لَوْ جَازَتْ وَفَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثِّمَارِ فَاتَ عَمَلُ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ الْقِرَاضِ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَا يَضُرُّ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا فَسَخَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ هَلَّا صَحَّ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ كَالْجَعَالَةِ قَالَ، وَلَمْ يَبْنِ لِي دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى لُزُومِهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ.
بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ. (مُتَبَرِّعًا)(بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاقَاةِ، وَهَرَبَ لِلْعَامِلِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ وَيُوَفِّي مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرِ. (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ) لِإِتْمَامِ الْعَمَلِ. (إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ) بِمَا يُنْفِقُهُ وَيُصَرِّحُ فِي الْإِشْهَادِ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا ذُكِرَ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ.
(وَلَوْ)(مَاتَ) الْعَامِلُ (وَخَلَّفَ تَرِكَةً)(أَتَمَّ الْوَارِثُ الْعَمَلَ مِنْهَا) بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْهُ لِلُزُومِهِ لِلْمُوَرِّثِ. (وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ) وَيَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً لَمْ يُقْتَرَضْ عَلَيْهِ، وَلِلْوَارِثِ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَالِهِ وَيُسَلَّمُ لَهُ عَلَى عَيْنِ الْعَامِلِ، انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ، بَلْ تَسْتَمِرُّ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ.
(وَلَوْ ثَبَتَتْ خِيَانَةُ عَامِلٍ) فِيهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. (ضُمَّ إلَيْهِ مُشْرِفٌ) إلَى أَنْ يَتِمَّ الْعَمَلُ. (فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ عَامِلٌ) يُتِمُّ الْعَمَلَ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمُشْرِفِ أَيْضًا. (وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ مُسْتَحَقًّا) بِخُرُوجِ مُسْتَحَقِّهِ (فَلِلْعَامِلِ عَلَى الْمُسَاقِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ.
ــ
[حاشية قليوبي]
بِحَضْرَتِهِمَا أَوْ اسْتَغْنَى الشَّجَرُ عَنْ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (بَقِيَ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَقَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ) أَيْ أَوْ أَذِنَ لِلْمَالِكِ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ أَوْ يُقْرِضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْمَلُ بِمُؤَجَّلٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا يُقْرِضُ إذَا ظَهَرَتْ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهَا وَمَحَلُّ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ، إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الذِّمَّةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَتَرْكِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ) لِعَدَمِهِ، أَوْ عَدَمِ إجَابَتِهِ لَهُ أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَى أَخْذِ مَالٍ لَهُ وَقَعَ أَوْ بَعْدَهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَمِثْلُهُ عَجْزُ الْمَالِكِ عَنْ إثْبَاتِ هَرَبِ الْعَامِلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ عَلَى عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِمَا يُنْفِقُهُ أَوْ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِهِ حَيْثُ وَافَقَ الْعُرْفَ. قَوْلُهُ:(كَمَا ذُكِرَ) وَمِنْهُ التَّصْرِيحُ بِالرُّجُوعِ نَعَمْ يُعْذَرُ فِي تَرْكِهِ لِجَهْلٍ بِهِ لَا فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ وَالْإِنْفَاقُ لَمْ يَفْسَخْ إنْ ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ وَهِيَ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الذِّمَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (أَتَمَّ الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِتْمَامِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْ يُتِمُّ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ. إنْ كَانَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْتَرِضْ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلِلْوَارِثِ إنْ شَاءَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ:(انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. بِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا نَحْوُ التَّجْفِيفِ فَلَا تَنْفَسِخُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْعَامِلُ أَوْ كَانَ الْبَطْنُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ انْفَسَخَتْ.
قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) وَكَذَا بِيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُصَدَّقُ ابْتِدَاءً الْعَامِلُ، وَلَا بُدَّ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ الْخِيَانَةَ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا إنْ أَرَادَ أَنْ يُغَرِّمَهُ فَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الشَّجَرِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً.
قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ فِي مُسَاقَاةِ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ فِي حَالِ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَا بِإِشَاعَتِهَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ فِيهَا فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ فِي ضَمِّ الْمُشْرِفِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةُ. قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) مِثَالٌ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِالثَّمَرَةِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ مَعَ خُرُوجِ الْأَشْجَارِ مُسْتَحِقَّةً نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِعَمَلِهِ) أَيْ حَيْثُ جَهِلَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَطْعًا وَفَارَقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرَهَا مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأُجْرَةَ وَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُنَا، وَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الشَّجَرَ فَالْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ.
تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ إنْ كَانَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ رَدْمٌ انْقَطَعَ وَلَوْ تَلِفَ بِقَطْعِهِ الثَّمَرُ أَوْ بِجَائِحَةٍ أَوْ نَحْوَ غَصْبٍ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامٌ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ الثَّمَرِ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْعَامِلُ، فَإِنْ فَسَخَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَجَازَ أَتَمَّ الْعَمَلَ، وَلَهُ حِصَّتُهُ مِمَّا بَقِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي تَلَفِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يُرْجَى بَقَاؤُهُ لِأَجْلِهِ، وَلَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَبَدَا صَلَاحُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ) قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ اهـ.
وَالْأَصْحَابُ نَزَّلُوا ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، قَالَ السُّبْكِيُّ رحمه الله: وَمِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا وَفِي الْجَعَالَةِ: لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ. قُلْت: قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي إمَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُلَاةِ الْوَظَائِفِ إذَا اسْتَنَابَ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ النَّائِبِ وَالْمُسْتَنِيبِ مَعًا. قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ مُبَاشَرَةُ مَنْ عَيَّنَهُ أَوْ عَيَّنَهُ النَّاظِرُ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ مُبَاشَرَتَهُ أَيْضًا إذَا وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ، لَكِنَّ النِّيَابَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَظَائِفِ أَقْوَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الْحَاكِمِ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ تُوقَفْ ذَلِكَ عَلَى كُلْفَةٍ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظَرِهِ مِنْ هَرَبِ الْجِمَالِ تَصْدِيقَ الْجَمَّالِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ ثَبَتَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لَا ضَمَّ، لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْوَسِيطِ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَضُمَّ بِأُجْرَةٍ عَلَيْهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْيَدِ.
قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ، ثُمَّ يُسَاقِي عَلَيْهَا ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا كَانَ جَاهِلًا.