الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَصَحِّ) ، كَأَنْ قَهَرَهُ عَلَى عَمَلٍ، وَالثَّانِي تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لِتَقَوُّمِهَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ تُشْبِهُ مَنْفَعَةَ الْمَالِ، وَالْأَوَّلُ يَقُولُ: الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَمَنْفَعَتُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ
(وَإِذَا نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) كَسُقُوطِ يَدِ الْعَبْدِ بِآفَةٍ، (وَجَبَ الْأَرْشُ مَعَ الْأُجْرَةِ) لِلنَّقْصِ وَالْفَوَاتِ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَلِيمًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَعِيبًا بَعْدَهُ. (وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ، (بِأَنْ بَلِيَ الثَّوْبُ) بِاللُّبْسِ يَجِبُ الْأَرْشُ مَعَ الْأُجْرَةِ (فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي، لَا بَلْ يَجِبُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ نَشَأَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ قُوبِلَ بِالْأُجْرَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُ ضَمَانٌ آخَرُ. وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَاتِ لَا الِاسْتِعْمَالِ.
فَصْلٌ
إذَا (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ
، (وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَتَخَلَّدَ الْحَبْسُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، (فَإِذَا حَلَفَ) أَيْ الْغَاصِبُ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، الثَّانِي لَا يُغَرِّمُهُ بَدَلَهُ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ فِي زَعْمِهِ، أَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ
(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيْبٍ خُلُقِيٍّ) بِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ، كَأَنْ قِيلَ: كَانَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ خِلْقَةً (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى، وَعَدَمُ السَّلَامَةِ مِنْ الْخُلُقِيِّ فِي الثَّالِثَةِ، وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ، (وَ) فِي الِاخْتِلَافِ (فِي عَيْبٍ حَادِثٍ) بَعْدَ تَلَفِهِ كَأَنْ قِيلَ: كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا (يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَبِهِ عَيْبٌ وَقَالَ: غَصَبْته هَكَذَا، وَقَالَ الْمَالِكُ: حَدَثَ عِنْدَك صُدِّقَ الْغَاصِبُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي: زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ
(وَلَوْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (نَاقِصَ الْقِيمَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ، (وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، فَصَارَتْ بِالرُّخْصِ دِرْهَمًا ثُمَّ لَبِسَهُ فَأَبْلَاهُ فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَرَدَّهُ، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ
ــ
[حاشية قليوبي]
مَا أَشْغَلَهُ فَقَطْ، فَإِنْ مُنِعَ النَّاسُ مِنْهُ بِلَا إشْغَالٍ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَشْغَلَهُ بِمَا لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ شُغْلُ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ رَمَى فِيهِ نَحْوَ ثَوْبٍ وَأَغْلَقَهُ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ.
فَرْعٌ: وَضْعُ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ إلَّا حَالَةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِلْوَاضِعِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ وَضْعُهَا إذَا وَعَدَ بِوَقْفِهَا، وَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِرَحِيلِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَجَبَ إزَالَتُهَا مَا لَمْ يَنْتَفِعْ غَيْرُهُ بِهَا، وَلَوْ أَغْلَقَهُ مَعَ إشْغَالِ بَعْضِهِ بِمَا يَجُوزُ وَجَبَ أُجْرَةٌ مِثْلُ أُجْرَةِ جَمِيعِهِ، وَلَوْ شَغَلَهُ بِمَتَاعٍ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي مَثَلًا كَمَا فِي أَمْتِعَةِ الطَّوَّافِينَ لَزِمَ أُجْرَةُ مَحَلِّهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى وَضْعِهِ فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (لِلنَّقْصِ) رَاجِعٌ لِلْأَرْشِ، فَلَوْ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ، فَصَارَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ فَصَارَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ تَلِفَ لَزِمَهُ ثَمَانُونَ اهـ.
فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) عَلَى الْغَاصِبِ الَّذِي فِي الْوَدِيعَةِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ إنْفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ) أَوْ بَعْدَ حَلِفِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقَدْرٍ سُمِعَتْ أَوْ بِزِيَادَةِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ سُمِعَتْ أَيْضًا، وَيَبْطُلُ مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ، وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَزِيدَ إلَى قَدْرِ تَقَوُّلِ الْبَيِّنَةِ: إنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَاتِ. فَلَوْ اعْتَرَفَ بِهَا الْغَاصِبُ، فَلِلْمَالِكِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ إلَى حَدٍّ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَلَفِهِ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، وَهُوَ قَيْدٌ لِإِخْرَاجِ الرَّدِّ الْآتِي. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ) وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَاسْتِشْهَادٌ عَلَى تَقْيِيدِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا بَعْدَ التَّلَفِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ) سَوَاءٌ تَلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِ أَوَّلًا لِقُوَّةِ جَانِبِ الْغَاصِبِ بِالرَّدِّ، وَسَوَاءٌ كَانَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ.
[فَصْلٌ إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ تَلَفَهُ أَيْ الْمَغْصُوبِ]
فَصْلٌ ادَّعَى إلَخْ
قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ عَيْنِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ وَصَدَّقَهُ غَرِمَهُ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَنْبَغِي فِي الْمُتَقَوِّمِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا إمَّا بَدَلًا عَنْ الْمُتْلَفِ، وَإِمَّا الْحَيْلُولَةَ. قَوْلُهُ:(أَيْضًا لِبَقَاءِ عَيْنِهِ) أَيْ وَالْحَيْلُولَةُ إنَّمَا تُوجِبُ الْقِيمَةُ قَطْعًا لَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ يُرْشِدُ إلَى وُجُوبِ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى هَذَا.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ، وَالْأَصْلُ كَوْنُهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ نِصْفُ
مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ) ، وَهُوَ نِصْفُ الثَّوْبِ. (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ
(وَلَوْ غَصَبَ خُفَّيْنِ) أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ (قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا) فِي يَدِهِ (غَصْبًا) لَهُ، فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ، (أَوْ) أَتْلَفَهُ (فِي يَدِ مَالِكِهِ) وَالْقِيمَةُ لَهُمَا وَلِلْبَاقِي مَا ذُكِرَ، (لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَهِيَ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَأَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ، وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهَا الثَّانِيَ، وَزِيدَ عَلَيْهِمَا فِيهَا الثَّالِثُ عَنْ التَّتِمَّةِ، وَعَبَّرَا فِي الثَّانِيَةِ فِي شِقِّ الْغَصْبِ بِالتَّلَفِ وَيُقَاسُ بِهِ الْإِتْلَافُ فِي الْأُولَى
(وَلَوْ حَدَثَ) فِي الْمَغْصُوبِ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْعَيْبُ خُلُقِيًّا أَوْ حَادِثًا قَوْلُهُ: (زَادَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ عَلَى أَصْلِهَا الَّذِي هُوَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَتْ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) أَيْ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّلَفِ كَالْعَدَمِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ الْغَلَاءَ بَعْدَ التَّلَفِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ ظَهَرَهُ بِلَا إذْنٍ غَرِمَ نَقْصَهُ بِالطَّهَارَةِ أَيْضًا أَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا، فَإِنْ رَدَّهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ تَطْهِيرِهِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ بِالْحُمَّى لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ. وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَقَالَ لِلْمَالِكِ، هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ وَحُمِلَ الثَّوْبُ كَالتَّالِفِ، وَلَزِمَ الْغَاصِبُ خَمْسَةٌ. وَلَوْ جَاءَ بِعَبْدٍ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ: بَلْ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهَا، وَسَقَطَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ تَتَحَقَّقْ مُخَالَفَةُ عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ وَاحِدٌ، وَدَعْوَى الْمَالِكِ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (خُفَّيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا يَنْقُصُ إذَا انْفَرَدَ عَنْ قَرِينِهِ كَطَيْرٍ وَزَوْجَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ إلَى دَفْعِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا لَيْسَ مُرَادًا.
قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْإِتْلَافَ بَعْدَ الْغَصْبِ، وَحِينَئِذٍ فَانْتَلَفَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ وَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ غَصَبَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ أَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى تَلِفَ فِي حَيِّزِ الْغَصْبِ، بَلْ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ سَخَافَةَ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، فَإِنَّ الْفَرْدَةَ الْمُتْلَفَةَ إمَّا مَغْصُوبَةٌ مَعَ أَخِيهَا، أَوْ مَغْصُوبَةٌ وَحْدَهَا، أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً كَأُخْتِهَا وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّلَفِ فِي الْأُولَى وَالْإِتْلَافِ فِي الثَّانِيَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِيهِمَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَهُوَ مِنْ جِنَاسِ الِاحْتِبَاكِ فَتَأَمَّلْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: فِي يَدِهِ أَيْ الْغَاصِبِ إلَى بَيَانِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ الظَّرْفُ بَعْدَهُ، وَبِقَوْلِهِ: أَتْلَفَهُ إلَى أَنَّ أَتْلَفَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ فَافْهَمْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا فِي يَدِ مَالِكِهِ خَرَجَ بِيَدِ مَالِكِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمَ الْمُتْلِفَ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَرْدَةُ الْأُخْرَى بَاقِيَةً فَالْمُتْلِفُ كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ قَبْلَ غَصْبِ الثَّانِيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ غَيْرُ الدِّرْهَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْغَاصِبَ أَوْ الَّذِي أَتْلَفَهَا فِي يَدِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْقِيمَةُ لَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُولَى مُعْتَبَرٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا أَيْضًا دَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ اعْتِبَارُ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ فِي الثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى) وَهِيَ غَصْبُ الْفَرْدَتَيْنِ مَعًا، وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ فِي الرَّافِعِيِّ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَا) أَيْ الرَّافِعِيُّ وَالرَّوْضَةُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْلَى) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْإِتْلَافِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْهُ فِي التَّلَفِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي الْعُدُولِ عَنْهُمَا. وَقِيلَ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَاسَ الْإِتْلَافُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى التَّلَفِ فِي الصُّورَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
الثَّوْبِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ التَّالِفِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَصْبًا) الْأَحْسَنُ غَاصِبًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ بِشِقَّيْهَا وَجْهٌ، قَالَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ هُوَ الْأَقْوَى بَعْدَ أَنْ قَالَ: إنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي قَاسَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا فَرِدَّةٌ، وَأَتْلَفَ الْآخَرُ الْأُخْرَى يَعْنِي مَعًا.
فَائِدَةٌ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا، وَإِنْ ضَمِنَاهُ مَا ذُكِرَ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْته لَك عَنْ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْإِتْلَافَ لِأَحَدِهِمَا إمَّا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، أَوْ فِي يَدِ الْمَالِكِ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَهَا شِقَّانِ.
(نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً) وَالسَّمْنَ وَالدَّقِيقَ عَصِيدَةً (فَكَالتَّالِفِ) ، لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ. (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) وَفِي ثَالِثٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي رَابِعٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ سَنٌّ وَمَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ يَجِبُ أَرْشُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ فِي يَدِهِ.
(بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالُ) الَّذِي وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ. (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) أَقْصَى قِيمَتِهِ. (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ)
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأُولَى، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ، بَلْ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالتَّلَفِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَيُقَاسَ التَّلَف فِي الثَّانِيَةِ عَلَى التَّلَفِ فِي الْأُولَى فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) مِنْهُ خَلْطُ دَرَاهِمَ غَصَبَهَا وَلَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ بِدَرَاهِمِهِ، أَوْ زَيْتٍ غَصَبَهُ كَذَلِكَ بِزَيْتِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِيهِمَا، فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالزَّيْتِ لِمَالِكِهِمَا وَخَرَجَ بِخَلْطٍ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَتَبَ فِي الْوَرَقِ الْبَيَاضِ فَيَمْلِكُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْكِتَابَةِ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ، فَإِنْ تَلِفَ بِالْمَحْوِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَعَلَى كُلٍّ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْكِتَابَةِ. وَمِنْهُ مَا لَوْ بَذَرَ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ فَيَمْلِكُهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلْأَوَّلِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأُجْرَةِ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ الْبَذْرُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ الثَّانِي أَوْ نَبَاتُهُ وَكَانَ هُوَ الْمُتَعَدِّيَ وَجَبَ قَلْعُهُ وَدَفْعُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْلَعْ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَالْكُلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْأَوَّلُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَالْكُلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْأَوَّلُ بِالْبَذْرِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ لَهُ قَلْعُهُ بِلَا أَرْشِ نَقْصٍ لِتَعَدِّيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْلَعْهُ وَبَذَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ فَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ) الْأُولَى كَأَنْ. قَوْلُهُ: (جَعَلَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ صَارَ هَرِيسَةً مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ سَالِكُهُ مَعَ الْأَرْشِ، كَمَا لَوْ تَعَفَّنَ خُبْزٌ غَصَبَهُ.
قَوْلُهُ: (عَصِيدَةً) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ خُبْزًا.
قَوْلُهُ: (فَكَالتَّالِفِ) فَلَيْسَ تَالِفًا حَقِيقَةً فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ مِلْكًا مُرَاعًى، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ حَتَّى يَرُدَّ بَدَلَهُ، وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا م ر وَغَيْرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ مِنْ الْكَوَارِعِ الْمَطْبُوخَةِ، وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُ مُلَّاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ فَهِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ أَكْلِ الظَّلَمَةِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِنَحْوِ طَبْخِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ مَلَكَهُ كَطَبْخِ الْحِنْطَةِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ أَنْكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَشَدَّ إنْكَارٍ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنْكَارُهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ قَالَ شَيْخُنَا م ر عَنْ وَالِدِهِ نَقْلًا عَنْ الْخَادِمِ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضٌ فِي الْمِثْلِيِّ فَقَطْ لِقَطْعِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ جَرَحَ عَبْدًا جِرَاحَةً يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ بِهَا وَمَاتَ بِهَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْجَارِحَ قِيمَتُهُ فَقَطْ، انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ قَيْدًا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَيَجِبُ اخْتِصَاصُ هَذَا الْحُكْمِ بِهِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ الْمِلْكِيَّةِ بِقَتْلِهِ نَحْوِ حِمَارٍ وَبَغْلٍ، أَمَّا ذَبْحُ نَحْوِ شَاةٍ وَبَعِيرٍ فَلَا يَسَعُ الْقَوْلُ بِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَتَغْرِيمِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ لِتَضَاعُفِ الْغُرْمِ فِيهِ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ) أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَطْ، فَلَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَبَعْدَهُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَتَيْنِ وَاسْتَغْرَقَا قِيمَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ لِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِ أَرْشَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَرْشَهُ مِنْ الْمَالِكِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) وَكَذَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَاصِلِ بِالْجِنَايَةِ عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: (قِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهَا أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (أَقْصَى قِيمَتِهِ) وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِ الْقِيمَةِ وَهُوَ لِلْفَيْصُولَةِ، قَوْلُ شَيْخِنَا م ر.
إنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَلَوْ كَانَ أَمَةً حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.
قَوْلُهُ: (لَهُ إلَخْ) كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكَ قَبْلَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لِلْمَالِكِ أَنْ يَغْرَمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَالتَّالِفِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا الْقَوْلُ مُشْكِلٌ يَكَادُ يُعَكِّرُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَاخْتَارَ الرَّابِعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ) أَيْ كَمَا فِي التَّعَيُّبِ الَّذِي يَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْأَقَلِّ) جَزَمَ هُنَا بِذَلِكَ، وَلَنَا فِي جِنَايَتِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ قَوْلٌ: إنَّهُ يَفْدِيهِ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ بَيْعَهُ بِاخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَلَوْ سُلِّمَ الْمَبِيعُ لَرُبَّمَا ظَهَرَ رَاغِبٌ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْغَاصِبِ، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجَزْمِ بِهَذَا قُلْت: هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَجْرَى الْخِلَافَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَصْبَ مَنَعَ مِنْ جَعْلِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ، فَكَأَنَّ الْغَاصِبَ مَنَعَ مِنْهُ.
فَائِدَةٌ: مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ جِنَايَاتُ الْخَطَأِ إذَا كَثُرَتْ، وَكَذَا الْعَمْدُ إذَا لَمْ يَتُبْ، وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَرْشَ هَذَا الْعَيْبِ أَيْضًا.
إنْ لَمْ يَكُنْ غَرِمَ لَهُ. (وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ (ثُمَّ يَرْجِعَ الْمَالِكُ) بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ. (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ بِجِنَايَةٍ فِي يَدِهِ، وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُبْرِئَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغَاصِبَ، فَيَسْتَقِرَّ لِلْمَالِكِ مَا أَخَذَهُ (وَلَوْ رُدَّ الْعَبْدُ إلَى الْمَالِكِ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ) مِنْهُ. (الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِمَا تَقَدَّمَ
(وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَنَقَلَ تُرَابَهَا) بِالْكَشْطِ (أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ) إنْ بَقِيَ. (أَوْ رَدِّ مِثْلِهِ) إنْ تَلِفَ (وَإِعَادَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ) . قَبْلَ النَّقْلِ مِنْ انْبِسَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلِلنَّاقِلِ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ) . كَأَنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ، يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ أَوْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان، وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ مِنْهُ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الرَّدِّ غَرَضٌ. (فَلَا يَرُدُّهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ رَدُّهُ بِلَا إذْنٍ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ. (وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَا حَفْرُ الْبِئْرِ وَطَمُّهَا) فَعَلَيْهِ الطَّمُّ بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ، وَبِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ، وَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ بِالسُّقُوطِ فِيهَا، إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَلَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ غَيْرَ دَفْعِ الضَّمَانِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ غَيْرُهُ، فَلَهُ الطَّمُّ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِذَا أَعَادَ الْأَرْضَ كَمَا كَانَتْ وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ، فَلَا أَرْشَ لَكِنَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ الْإِعَادَةِ) مِنْ الرَّدِّ، وَالطَّمِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَهَا.
(وَإِنْ بَقِيَ نَقْصٌ وَجَبَ أَرْشُهُ مَعَهَا) . أَيْ مَعَ الْأُجْرَةِ.
(وَلَوْ غَصَبَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ، وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ رَدَّهُ، وَلَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَنْجَبِرُ نَقْصُهُ بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ وَالثَّانِي قَالَ يَنْجَبِرُ بِهَا لِحُصُولِهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ. (وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فَقَطْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ نَقَصَتَا غَرِمَ الذَّاهِبَ، وَرَدَّ الْبَاقِيَ مَعَ أَرْشِهِ، إنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ) مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ، كَمَا إذَا كَانَ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمًا، فَرَجَعَ بِالْإِغْلَاءِ إلَى نِصْفِ صَاعٍ، يُسَاوِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ، فَلَا أَرْشَ، وَإِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ.
قَوْلُهُ: (غَصَبَ أَرْضًا) أَيْ غَصَبَ تُرَابَهَا بِأَخْذِهِ لَا نَفْسَهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْأَخْذِ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (تُرَابَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُسَمَّدِ بِالزِّبْلِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، بَلْ وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِدَفْعِ نَقْصٍ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ يَزُولُ بِرَدِّهِ. قَوْلُهُ:(بِالْكَشْطِ) قَيْدٌ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِهِ أَخْذُ الْقُمَامَاتِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ. قَوْلُهُ: (مِثْلِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ مَوْجُودٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ التُّرَابِ لَوْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَهُوَ مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ:(كَمَا كَانَتْ) فَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تُرَابٍ آخَرَ لِنَقْصٍ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ:(مِنْ انْبِسَاطٍ) إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ) أَيْ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَكَان) أَيْ غَيْرِ نَحْوِ مَوَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ نَحْوَ مَوَاتٍ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ حَيْثُ كَانَ أَسْهَلَ مِنْ الرَّدِّ. قَوْلُهُ:(فَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُهُ بَلْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إذَا أَعَادَهُ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ) وَبِمَنْعِهِ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ صِيغَةُ إبْرَاءٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ غَرَضُهُ دَفْعَ نَقْصٍ فِي الْأَرْضِ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(دَفْعِ الضَّمَانِ) أَيْ بِالسُّقُوطِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ بِالنَّقْصِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الضَّمَانِ كَالتَّفْرِيغِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ الطَّمُّ) أَيْ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ وَاغْتَفَرَ، جُعِلَ مَا هُنَا قَبْضًا لِمَا فِي الذِّمَّةِ لِلْحَاجَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ شَقَّ الثَّوْبَ أَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ أَوْ جَرَحَ الْعَبْدَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّفْوِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمُعَالَجَةِ، وَفَارَقَ الْأَرْضَ بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ، وَلَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِهِ أَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ بِآفَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ مِنْ مَغْصُوبَةٍ، وَلَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ قِيمَةَ أَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ بِآفَةٍ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِهِ قَوْلُهُ:(وَنَحْوَهُ) أَيْ مِنْ الْأَدْهَانِ، قَالَ شَيْخُنَا م ر، وَاللَّبَنُ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهَا، أَوْ لَوْ تَنَجَّسَ الزَّيْتُ وَنَحْوُهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ غُرْمَ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ. قَوْلُهُ:(دُونَ قِيمَتِهِ) أَيْ دُونَ قِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ) فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ نِصْفِ الدِّرْهَمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَرْشَ) وَيَغْرَمُ نَقْصَ الْعَيْنِ فَقَطْ، وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا أَوْ مَاءً فَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، أَوْ مَعَ عَيْنِهِ لَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِ قِيمَةِ الْبَاقِي إنْ كَانَ أَوْ عَيْنُهُ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا بِخِلَافِ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ غَرِمَ لَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ تَخْلِيصُهُ قَبْلَ تَلَفِهِ، فَضَمِيرُ لَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَى الْمَالِكِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَسَادِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَرَدْت إيضَاحَ ذَلِكَ فَرَاجِعْ الْإِسْنَوِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، وَلَكِنْ كَانَ الْغَاصِبُ سَلَّمَهَا لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ:(وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ يُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِثُمَّ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْبَيْعِ، وَهُوَ الْجِنَايَةُ مَضْمُونٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ لَوْ مَنَعَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَرُدُّهُ بِلَا إذْنٍ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَكَانِ وَالتُّرَابِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ خَالَفَ وَرَدَّ، كَلَّفَهُ الْمَالِكُ النَّقْلَ. قَوْلُهُ:(إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ فَحَالَةُ الْمَنْعِ لَا رَدَّ فِيهَا جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتِفَاءُ الْغَرَضِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْجَبِرُ إلَخْ) نَظِيرُ ذَلِكَ خِصَاءُ الْعَبْدِ إذَا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ رَدَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: