الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِهَا (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُلْتَقِطَ أَنَّهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ.
(وَإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ (فَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ (فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَرْجِعْ مُؤَاخَذَةً لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي جَوَازِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ.
(لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَرَمُهَا (لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَحِلُّ لِلْحِفْظِ أَبَدًا جَزْمًا (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ الَّتِي لِلْحِفْظِ (قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ الْمُحَرِّمُ بِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حُرْمَةُ اللَّهِ لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ، فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ، وَالثَّانِي الْمُحَلِّلُ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا سَنَةً، كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْمَوْسِمِ كَافٍ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفٌ لِحِكَايَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ قَوْلَيْنِ
وَقَوْلُهُ قَطْعًا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ الْإِقَامَةُ، لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَسَكَتَ عَنْ لُقَطَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ «وَلَا نَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا» أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ.
كِتَابُ اللَّقِيطِ
بِمَعْنَى الْمَلْقُوطِ، وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ يُسَمَّى لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ، أَنَّهُ يُلْقَطُ وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ أَيْ أُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) بِالْمُعْجَمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) صِيَانَةً لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ. (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ (فِي الْأَصَحِّ)
ــ
[حاشية قليوبي]
يَنْفَصِلْ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ) فَلَوْ أَقَامَهَا لَزِمَهُ الدَّفْعُ إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَمَرَهُ بِالدَّفْعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَوْ خِيفَ مِنْهُ فَمُحَكَّمٌ. قَوْلُهُ:(فَيَلْزَمُهُ إلَخْ) لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ الْمُلْتَقِطُ صِدْقَهُ) أَوْ أَخْبَرَتْهُ بَيِّنَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) بَلْ نُدِبَ مَا لَمْ يَتَعَدَّدْ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الدَّفْعُ إلَّا بِحُجَّةٍ. قَوْلُهُ:(حُوِّلَتْ إلَيْهِ) وَالزَّوَائِدُ قَبْلَ الْحُجَّةِ لِلْمُلْتَقِطِ لَا لِمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا بَعْدَ تَلَفِهَا وَلَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ:(تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) إنْ لَمْ يَكُنْ دُفِعَ بِأَمْرِ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ عَيْنَ اللُّقَطَةِ، فَإِنْ كَانَ بَدَلَهَا لِتَلَفِهَا مَثَلًا لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ، لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ أَقَرَّ) وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (مَكَّةَ وَحَرَمِهَا) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، لِأَنَّ مَكَّةَ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَخَرَجَ بِهِ الْحِلُّ كَعَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) بِقَصْدِهِ أَوْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) أَيْ بِقَصْدِهِ فَقَطْ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ، أَيْ يَعُودُونَ إلَيْهِ لِلنُّسُكِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. قَوْلُهُ:(لِعُرْفٍ) يُقَالُ أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ أَبَدًا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ الْأَمِينِ. قَوْلُهُ: (عَنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَمِثْلُهُ الْأَقْصَى. قَوْلُهُ: (فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَلِكَ مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِلِّ كَعَرَفَاتٍ كَمَا مَرَّ.
كِتَابُ اللَّقِيطِ
هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ الْمَلْقُوطُ أَيْ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ، وَمَا يُفْعَلُ بِهِ وَبِمَا مَعَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(طِفْلٌ) أَصَالَةً وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَخَرَجَ بِهِ الْبَالِغُ. قَوْلُهُ: (لَا كَافِلَ لَهُ) أَيْ مُعَيَّنًا. قَوْلُهُ: (يُسَمَّى) أَيْ لُغَةً وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَرْكَانَهُ ثَلَاثَةٌ لَقْطٌ، وَلَقِيطٌ وَلَاقِطٌ قَوْلُهُ:(وَمَنْبُوذًا) وَدِيعًا، لِأَنَّ غَيْرَهُ يَدَّعِيهِ وَذَكَرَ النَّبْذَ لِكَوْنِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَسْمِيَتُهُ لَقِيطًا وَمَنْبُوذًا، بِاعْتِبَارِ طَرَفَيْ حَالِهِ وَمَنْشَأِ
ــ
[حاشية عميرة]
النَّقْصِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) لِحَدِيثِ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ الدَّفْعُ) شَبَّهَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ بِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الرَّسُولِ وَشِرَاءِ مَا يَشْتَرِيهِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ. فَرْعٌ وَصَفَهَا جَمَاعَةٌ لَا تُدْفَعُ لِأَحَدِهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ) لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ قَدْ تَعْسُرُ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إلَخْ) لَوْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْوَاصِفِ. ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ لِمُعَرِّفٍ) يُقَالُ: أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ، وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ، وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ
[كِتَابُ اللَّقِيطِ]
ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمَنْبُوذًا) هَذَا النَّبْذُ مُنْشَؤُهُ عَارٌ يَبْلُغُ الْأُمَّ أَوْ فَقْدُ أَبِيهِ أَوْ فَقْدُ أَبَوَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ هَذَا الْوَلَدُ لَهُ اسْمَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ
خِيفَةً مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَانَةِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَجِبْ أَوْ مَسْتُورَهَا وَجَبَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ لَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ، وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ مِنْهُ، ثُمَّ الطِّفْلُ يَصْدُقُ بِالْمُمَيِّزِ وَفِي الْتِقَاطِهِ، تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُلْتَقَطُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَلِي أَمْرَهُ الْحَاكِمُ وَمَنْ لَهُ كَافِلٌ كَأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَاضٍ أَوْ مُلْتَقِطٍ يُرَدُّ إلَى كَافِلِهِ أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ. (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ) وَبَيْنَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ الْتَقَطَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ انْتَزَعَ) أَيْ اللَّقِيطَ (مِنْهُ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ.
(فَإِنْ عَلِمَهُ، فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ أَوْ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ فَالسَّيِّدُ الْمُلْتَقِطُ) وَالْعَبْدُ نَائِبُهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَلَوْ الْتَقَطَ الْمُكَاتَبُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ أَهْلًا لَهَا، فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ الْتَقِطْ لِي فَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْكَفَالَةَ وَجْهَانِ
(وَلَوْ الْتَقَطَ صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) بِتَبْذِيرٍ (أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا اُنْتُزِعَ) مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْمُبَذِّرَ غَيْرُ مُؤْتَمَنَيْنِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي عَدْلًا وَالْكَافِرُ لَا يَلِي الْمُسْلِمَ، وَلَهُ الْتِقَاطُ الْكَافِرِ، وَلِلْمُسْلِمِ الْتِقَاطُ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ، وَسَيَأْتِي وَمَنْ ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ الْأَمَانَةُ، وَلَمْ يُخْتَبَرْ لَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ لَكِنْ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ، مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى، فَإِذَا وَثَّقَ بِهِ صَارَ كَمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَقِطِ الذُّكُورَةُ وَلَا الْغِنَى إذْ الْحَضَانَةُ بِالْإِنَاثِ أَلْيَقُ، وَالْفَقِيرُ لَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا طَلَبُ الْقُوتِ.
(وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا آخِذُهُ (جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) إذْ لَا حَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ.
(وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ) لِسَبْقِهِ بِالِالْتِقَاطِ وَلَا يَثْبُتُ السَّبْقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ أَخْذٍ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ. (وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ) احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ، وَالثَّانِي يَسْتَوِيَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَهْلِيَّتِهِمَا وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَهُمَا أَهْلٌ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَهْلٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأَهْلِ فِيمَا قُبِلَ أَيْضًا. (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا عِنْدَ تَشَاحِّهِمَا وَلَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ كَالشَّفِيعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ.
(وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
النَّبْذِ عَارٍ يَتْبَعُ الْأُمَّ أَوْ فَقْدَ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَتَعَدَّدَ فَإِنْ انْفَرَدَ فَفَرْضُ عَيْنٍ وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ لَقْطُهَا، كَمَا مَرَّ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ فَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ الْوُجُوبِ وَلَا يُحْتَاجُ فِي اللَّقْطِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ:(وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ) خَرَجَ تَسْلِيمُ الْحَاكِمِ لِلْعَدْلِ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (خِيفَةً مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ) وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي اللُّقَطَةِ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا مَعَهُ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ، وَإِلَّا فَلَا تُنْزَعْ مِنْهُ وَيَكُونُ لَك لَفْظًا جَدِيدًا وَالْمُنْتَزَعُ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي هُوَ الْحَاكِمُ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الِابْتِدَاءَ بِوُجُودِ الْيَدِ هُنَا. قَوْلُهُ:(أَنَّهُ يُلْتَقَطُ) أَيْ وُجُوبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُلْتَقَطٌ) وَإِنْ تَرَكَهُ نَابِذًا لَهُ.
قَوْلُهُ: (لِمُكَلَّفٍ إلَخْ) أَيْ بَصِيرٍ لَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَلَا عَمًى وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاشَرَ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ) وَفِي أَضْدَادِ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّهُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَالْحَاكِمِ، وَفِي الْمُكَاتَبِ الْمُنْتَزَعِ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(الْتَقِطْ لِي) فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَسَدَ اللَّقْطُ لَهُ وَلِلسَّيِّدِ وَلَا تَصِحُّ نِيَابَتُهُ عَنْ السَّيِّدِ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً إلَّا بِإِذْنٍ كَالْمُكَاتَبِ وَيَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: (اُنْتُزِعَ مِنْهُ) أَيْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ وُجُوبًا وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِلْعَطْفِ بِأَوْ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الْخَمْسَةِ وَقُيِّدَ الْحَجْرُ بِالتَّبْذِيرِ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ أَهْلٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْكَافِرِ الْعَدْلِ فِي دِينِهِ الْتِقَاطُ الْكَافِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا دِينًا نَعَمْ لِلذِّمِّيِّ الْتِقَاطُ حَرْبِيٍّ لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(لَا يُنْتَزَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ مَا لَمْ يُرِدْ سَفَرًا. قَوْلُهُ: (يُوَكِّلُ الْقَاضِيَ) قَالَ بَعْضُهُمْ وُجُوبًا وَفِيهِ تَرَدُّدٌ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ أَخْذٍ) وَمِثْلُ الْأَخْذِ الْجَرُّ لَا وَضْعُ الْيَدِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ) أَيْ فِي الزَّكَاة وَلَوْ بَخِيلًا. قَوْلُهُ: (وَعَدْلٌ) وَلَوْ فَقِيرًا عَلَى مَسْتُورٍ وَلَوْ غَنِيًّا وَيُقَدَّمُ مِنْ الْغَنِيَّيْنِ غَيْرُ الْبَخِيلِ عَلَيْهِ وَتُقَدَّمُ مُرْضِعَةٌ فِي رَضِيعٍ عَلَى غَيْرِهَا وَخَلِيَّةٌ عَلَى مُتَزَوِّجَةٍ، وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فِي كَافِرٍ وَلَوْ بِالدَّارِ، إلَّا إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ عَدْلًا بَاطِنًا وَلَا امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ نَعَمْ يُقَدَّمُ الْمُقِيمُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُسَافِرِ، وَالْبَلَدِيُّ الْمُقِيمُ عَلَى الظَّاعِنِ وَالْقَرَوِيُّ عَلَى الْبَلَدِيِّ الظَّاعِنِ أَيْضًا، وَلَا يُقَدَّمُ بِاخْتِيَارِ اللَّقِيطِ وَفَارَقَ الْحَضَانَةَ لِعَدَمِ الْوِلَادَةِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمِيلِ الطَّبِيعِيِّ. قَوْلُهُ:(وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَهُمَا إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ
ــ
[حاشية عميرة]
طَرَفَيْ حَالِهِ، إذْ اللَّقِيطُ وَالْمَنْبُوذُ مِنْ اللَّقْطِ وَالنَّبْذِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمُكَلَّفٍ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَلِأَنَّهُ تَثْبُتُ عَلَى الْغَيْرِ فَكَانَتْ شَبِيهَةً بِالْقَضَاءِ. وَقَوْلُهُ: رَشِيدٌ قِيلَ: إنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ بَعْدَ الْعَدَالَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُنْتُزِعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُنْتَزِعُ مِنْهُمْ هُوَ الْحَاكِمُ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ، وَلَوْ زَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَلَفَ فِي اللُّقَطَةِ أَيْ فَيُقَرُّ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْآنَ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَسْتَوِيَانِ إلَخْ) عُلِّلَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ لَا تَجِبُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الْمَسْتُورَ لَا يُسَلِّمُ مُؤْنَةَ الْآخَرِ وَيَقُولُ: لَا أَتْرُكُ حَقِّي بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ حَالِي. فَرْعٌ لَوْ اجْتَمَعَ غَنِيَّانِ لَمْ يُقَدَّمْ أَغْنَاهُمَا عَلَى الْآخَرِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَخِيلًا اتَّجَهَ تَقْدِيمُ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّ الثَّانِي) يَرْجِعُ
نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا، وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا الْتَقَطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ) لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَادِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ فِيهِ لِلضَّيَاعِ، فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَالِبًا حَيْثُ ضَاعَ (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْبَلَدِيُّ (بِبَادِيَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدْوِيٌّ بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ. (أَوْ) وَجَدَهُ أَيْ الْبَدْوِيُّ (بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ) وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ. (وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الذَّهَابِ لِطَلَبِ الْمَرْعَى وَغَيْرِهِ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نَسَبِهِ لِلضَّيَاعِ وَالْبَلَدِيُّ سَاكِنُ الْبَلَدِ، وَالْبَدْوِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَضَرِيُّ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ كَالْبَلَدِ.
(وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (أَوْ الْخَاصِّ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ) وَمَلْبُوسَةٍ لَهُ.
(وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ) وَمُغَطًّى بِهَا (وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدُهُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَدَنَانِيرُ مَنْثُورَةٌ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ) لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا. (وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ) لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ. (فَهِيَ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، وَكَذَا ثِيَابٌ وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ) لَيْسَتْ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَعِيدَةِ عَنْهُ، (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْأَظْهَرُ، أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَالثَّانِي يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا) بِالْقَافِ. (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) فَإِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُهُمْ انْدَفَعَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَالْمَعْنَى عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ النَّفَقَةِ، فَالنَّصْبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَحِفْظِهِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي. (وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، إذَا أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَإِنْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِهِ ضَمِنَ.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَجَوَابٌ عَنْهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَوْلَوِيَّةِ السُّكُوتِ عَنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ لِلْمَثَلِ، وَالْأَعْلَى لَا لِلدُّونِ إلَّا فِي بَادِيَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا تَحْصِيلُ مَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ تَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ. قَوْلُهُ:(فَلَهُ) بَلْ يَجِبُ مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَلَدِيُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِمَارَةَ إنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ، أَوْ كَثُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَنَّ الْبَلَدَ مَا فِيهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ شُرْطِيٌّ أَوْ أَسْوَاقٌ لِلْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ جَمَعْت الْكُلَّ فَمِصْرٌ وَمَدِينَةٌ وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْكُلِّ فَقَرْيَةٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ.
قَوْلُهُ: (عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْخَاصِّ) وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَثِيَابٍ إلَخْ) وَكَذَا دَابَّةٌ زِمَامُهَا فِي يَدِهِ أَوْ مَرْبُوطٌ عَلَيْهَا بِنَحْوِ وَسَطِهِ، أَوْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا وَلَوْ مَعَ سَائِقٍ وَقَائِدٍ وَمَا عَلَيْهَا تَبَعٌ لَهَا. قَوْلُهُ:(فِي دَارٍ) فَهِيَ لَهُ وَكَذَا فِي قَرْيَةٍ لَا فِي بَابِهَا وَلَا فِي بُسْتَانٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسُّكْنَى فِيهِ، وَإِلَّا فَكَالدَّارِ وَمَا فِي الدَّارِ وَالْبُسْتَانِ تَابِعٌ لَهُمَا مِلْكًا وَعَدَمَهُ. قَوْلُهُ:(لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَلَهُ حِصَّتُهُ بِعَدَدِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ. قَوْلُهُ:(لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ كَوْنِهِ أَنَّ لَهُ يَدًا أَوْ اخْتِصَاصًا فَيَبُتُّ لَهُ الْحَاكِمُ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ عِنْدَ مَنْ يُنَازِعُهُ فِيهِ لَا مُطْلَقًا مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُ شَيْءٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ فِيهِ خَيْطٌ مَرْبُوطٌ بِنَحْوِ يَدِهِ مَثَلًا فَهُوَ لَهُ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ فَهُوَ لَهُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ. قَوْلُهُ:(أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَا رُجُوعَ أَخْذًا مِنْ الْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ) أَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ أَوْ مُنِعَ ظُلْمًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَالَفَ الْمُحَرِّرُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ:(قَامَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ الْمَيَاسِيرُ بِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَالِ الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ وَيُوَزِّعُهَا عَلَى مَيَاسِيرِ بَلَدِهِ، فَعَلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمْ فَيَتَخَيَّرُ إنْ اسْتَوَوْا.
قَوْلُهُ: (قَرْضًا بِالْقَافِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) أَيْ فَلَا رُجُوعَ بِهَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي السِّيَرِ مِنْ
ــ
[حاشية عميرة]
لِلْفَقِيرِ وَالْمَسْتُورِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ.
قَوْلُهُ: (لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا) وَأَيْضًا فَظُهُورُ نَسَبِهِ بِمَحِلِّ الْتِقَاطِهِ أَغْلَبُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَوَّلُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الْعِلَّةَ، وَنَظَرَ إلَى اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَيْشِ، وَتَعَلُّمِ الدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، فَإِنَّهَا الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ:(لِمَا فِيهِ إلَخْ) أَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ كَمَحَالِّ الْبَلْدَةِ الْوَاسِعَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَلَدِ) مِثَالٌ بِخِلَافِ الْبَادِيَةِ وَمِثَالُهُ أَيْضًا الْقَرْيَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَالِهِ) أَيْ كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي لَهُ أَبٌ مَوْجُودٌ وَأَوْلَى، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(كَثِيَابٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ وَدَفْعُ الْمُنَازَعِ لَهُ، لَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ طَرِيقًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ لَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: ثَبَتَ عِنْدِي، انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ شِبْهُ تَدَافُعٍ، لِأَنَّ الْمُنَازِعَ لَا يُدْفَعُ إلَّا بِالْحَاكِمِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ بِدَفْعِ الْمُنَازِعِ لَا لِلْحُكْمِ بِالْمِلْكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالدَّفْنِ الضَّمَّ إلَى الطِّفْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْضُوعَةً بِقُرْبِهِ) لَوْ كَانَتْ فِي دَارٍ هُوَ فِيهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَهُ كَالدَّارِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الدَّفِينِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لِلْمُلْتَقِطِ لَقِيطًا لَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ اللَّقِيطِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَرْضًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ مَعَ