الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) دِرْهَمًا. وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ الْحِسَابَ فَعَشَرَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ الظَّرْفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَدِرْهَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ.
فَصْلٌ إذَا (قَالَ لَهُ: عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ، (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى مَلْبُوسِهِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، (أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ:(فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ) . نَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (فَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِاقْتِضَاءِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ مَعَ عَشْرَةٍ لِي لَزِمَهُ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ ذَكَرَ لَفْظَ مَعَ وَعَلَيَّ هَذَا فَذِكْرُ مَعَ وَإِرَادَتُهَا سَوَاءٌ فَسَقَطَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْإِطْلَاقُ مَعَ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ كَالْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ أَخْذًا بِالْيَقِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(شَيْئًا) أَيْ مِنْ مَعِيَّةٍ أَوْ ظَرْفِيَّةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ حِسَابًا وَلَمْ يُعَرِّفْهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ.
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ
وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) وَمِثْلُهُ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَعْلٌ فِي حَافِرٍ، وَحَمْلٌ فِي بَطْنِ دَابَّةٍ، وَثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ، وَسَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ، وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ، نَعَمْ إذَا أَطْلَقَ فِي الْخَاتَمِ دَخَلَ فَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ دَابَّةٌ إلَّا حَمْلَهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ هُنَا، وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ يَدْخُلُ هُنَا لَا الْحَمْلُ وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ وَأُسُّ الْجِدَارِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ هُنَا. قَوْلُهُ:(لَمْ يَلْزَمْهُ الظَّرْفُ) وَمِنْهُ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا. قَوْلُهُ: (دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا) وَمِثْلُهُ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ أَوْ بِثِيَابِهِ أَوْ دَارٌ بِفُرُشِهَا، أَوْ دَابَّةٌ بِحَمْلِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ الْكُلُّ بِخِلَافِ مَعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ إضَافَةُ نَحْوِ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجٍ، وَإِلَّا نَحْوُ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجِهَا فَيَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ:(مُطَرَّزٌ) بِخِلَافِ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ طُرُزٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ طِرَازُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ فِي الطِّرَازِ فِيهِمَا الطَّارِئُ عَلَى الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ:(بِمَعْنَى مَعَ) وَلَوْ صَرَّحَ بِمَعَ فَهِيَ مِثْلُ فِي. قَوْلُهُ: (وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ: لَهُ عَلَيَّ فَرَسٌ مُسْرَجٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ السَّرْجُ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ شَيْءٌ أَوْ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ مَا فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ:(فِي مِيرَاثِي) وَمُنِعَتْ لِإِضَافَةِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَلْفٌ) وَمِثْلُهُ جُزْءٌ شَائِعٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى نَحْوِ وَصِيَّةٍ مَعَ إجَازَةٍ فِيهَا. قَوْلُهُ:(وَعْدُ هِبَةٍ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ عَلَيَّ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ، وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ وَيَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ حَائِزًا أَوْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَيَلْزَمُ الْأَلْفُ وَإِنْ تَلِفَتْ التَّرِكَةُ. قَوْلُهُ:(نَصَّ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الْخِلَافِ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ مَا قِيلَ: إنَّ النَّصَّ الْمُخْرَجَ مِنْهُ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّصَّيْنِ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ:(مِنْ نَصِّهِ إلَخْ) وَهَذَا النَّصُّ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ كَرَّرَهُ مِرَارًا وَلَوْ فِي مَجَالِسَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّأْكِيدَ النَّحْوِيَّ. قَوْلُهُ: (وَدِرْهَمٌ) وَثُمَّ كَالْوَاوِ وَكَذَا الْفَاءُ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا كَالتَّفْرِيعِ فَدِرْهَمٌ فَقَطْ.
ــ
[حاشية عميرة]
حُكْمُهَا هُنَا وَفِي الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) عُلِّلَتْ الْأُولَى أَيْضًا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَظْرُوفِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِالظَّرْفِ.
[فَصْل الْإِقْرَار بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ]
فَصْلٌ: قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَخْ
قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتًا فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ دَابَّةً فِي إصْطَبْلٍ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَعَلَيْهِ فَصٌّ وَقَالَ: أَرَدْت مَا عَدَا الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ مَعَ الْحَمْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسَرْجِهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مُسْرَجَةٌ أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ) هَذَا النَّصَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوَّلَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قِيلَ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْ النُّسَّاخِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ وَدِرْهَمٌ إلَخْ) مِثْلُهُ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَكَذَا بِالْفَاءِ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا فَالنَّصُّ دِرْهَمٌ، إذْ التَّقْدِيمُ فَالدِّرْهَمُ لَازِمٌ لِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ.
الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ وَدِرْهَمٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَأْكِيدَ الثَّانِي) بِعَاطِفَةٍ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ ثَالِثٌ وَكَذَا إنْ نَوَى) بِهِ (تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (فِي الْأَصَحِّ) ثَالِثٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَنِيَّةُ التَّأْكِيدِ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ مُلْغَاةٌ، وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِطْلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ ثَالِثٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَخْذًا بِالْيَقِينِ
(وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ، (وَلَوْ بَيَّنَ) الْمُبْهَمَ بِمَا يُقْبَلُ (وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ) فِي أَنَّهُ حَقُّهُ (فَلْيُبَيِّنْ) جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ (وَلْيَدْعُ) بِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) ، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ مَا لِي عَلَيْك إلَّا مِائَةُ دِينَارٍ وَادَّعَى بِهَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِرَدِّ الْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ.
(وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبِرِ عَنْهُ
(وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ عُكِسَ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِجَوَازِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّهِ أَوْ قَبْلَهُ، (فَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ
(أَوْ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ أَلْفٌ قَضَيْته لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي الْأَظْهَرِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَلَا بُدَّ فِي بَلْ مِنْ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ عَطَفَ بِلَكِنْ أَوْ بِبَلْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَأَحَدُهُمَا نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ بِهِ فِيهِمَا وَلَوْ صِفَةً، أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَاهُ كَدِرْهَمٍ بَلْ أَوْ لَكِنْ دِينَارًا وَهَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ. قَوْلُهُ:(لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ) أَيْ وَعَدَمُ صِحَّةِ التَّأْكِيدِ بِزِيَادَةِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَاطِفُ كَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ ثُمَّ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ بِكُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (بِمُبْهَمٍ) وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ، وَالشَّهَادَةُ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ:(يُحْبَسُ) وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِدُونِ حَبْسٍ نَحْوُ، لِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِزَيْدٍ، وَلِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحِسَابِ. وَمِنْهَا الْجَبْرُ وَالْمُقَابَلَةُ كَأَنْ يُقَالَ هُنَا يُفْرَضُ لِعَمْرٍو مِثْلُ مَا لِزَيْدٍ وَشَيْءٌ فَلِزَيْدٍ أَلْفٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَلِعَمْرٍو أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرُبْعُ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ أَلْفَانِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمُقِرِّ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُحْبَسْ، لَكِنْ تُوقَفُ التَّرِكَةُ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا لَكِنْ يُجْعَلُ الْوَارِثُ كَنَاكِلٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْوَارِثَ حَلَفَ الْوَارِثُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ تَعْيِينٌ وَلَا حَلِفٌ وَغَيْبَتُهُ كَنُكُولِهِ. قَوْلُهُ:(وَادَّعَى بِهَا) أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهَا بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِالْمِائَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا ثَبَتَتْ بِاتِّفَاقِهَا. قَوْلُهُ:(لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ) وَادَّعَى بِهَا أَوْ بِأَنَّهُ أَرَادَهَا بِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ) وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا، وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى بِهَا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهَا لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ) وَإِنْ حَكَمَ بِكُلٍّ حَاكِمٌ وَكَتَبَ وَثِيقَةً أَوْ شَهِدَ بِكُلٍّ شَاهِدَانِ
قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَتَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَنْهُ لَيْسَ فِيهِ جَدْوَى فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَهُ إثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ، كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ قَضَيْته كَانَ لَغْوًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الْفَاصِلِ الْحَرْفُ الْعَاطِفُ بِدَلِيلِ لُزُومِ دِرْهَمَيْنِ فِي دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ، وَلَوْ أَرَادَ التَّأَكُّدَ فِيهِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ:(وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّانِي عَلَى رَأْيٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُؤَكَّدَ الْأَوَّلُ بِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. وَقَوْلُهُ: بِالْيَقِينِ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَوْنُ الْأَصْلِ إعْمَالَ اللَّفْظِ عَارَضَهُ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فَتَسَاقَطَا فَلَمْ يَبْقَ لِلثَّالِثِ مُقْتَضٍ، فَاقْتَصَرَ عَلَى الْيَقِينِ انْتَهَى، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى مَا لَخَّصَهُ الشَّارِحُ رحمه الله.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ) أَشَارَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ إلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ: بِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الشَّيْءِ، وَنَحْوُهُ لِصِدْقِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى الْحَبْسُ عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهِ إلَخْ) بَلْ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُهُ وَطَرِيقَةُ فَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا سَيَأْتِي، أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُقَرُّ لَهُ مِقْدَارًا وَيَدَّعِيَ بِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ: رَجَّحَ السُّبْكِيُّ سَمَاعَهَا، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ، وَفِيمَا لَوْ ادَّعَى بِالْإِقْرَارِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ، وَتُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَجْهُولُ شَيْئًا وَنَحْوَهُ لِشُمُولِهِ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَلَوْ غَابَ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْرًا وَادَّعَى بِهِ وَأَنَّهُ أَرَادَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُخْتَلِفَيْنِ) مُسْتَدْرَكٌ، وَلِذَا أَسْقَطَهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ بِدُونِهِ تُصَدَّقُ بِأَنْ يَقُولَ بِأَلْفٍ
عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالثَّانِي لَا عَمَلًا بِآخِرِهِ لَكِنْ لِلْمُقِرِّ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ أَنَّهُ قَضَاءٌ. (وَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا سَلَّمَهُ، سَلَّمْت قُبِلَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا) . وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ غَيْبٌ عَنَّا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ: عَلَيَّ (أَلْفٌ لَا يَلْزَمُ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَلْزَمُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَأُلْغِيَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ هَذَا، وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ) دَيْنًا (صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الْأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ لَهُ بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ نَظَرًا إلَى أَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ، فَلَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ الْوَدِيعَةِ فِيهِ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْوُجُوبِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ) أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُمَا، (صُدِّقَ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَجْهَانِ ثَانِيهُمَا: يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَقَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إنْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ؛ لِأَنِّي تَعَدَّيْت فِيهَا: (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الشَّرْحِ: (فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ الْوَدِيعَةِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَدَعْوَى الرَّدِّ) بَعْدَهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَوْلُ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ: إنَّهَا مَضْمُونَةٌ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ: عَلَى الصَّادِقِ بِالتَّعَدِّي فِيهَا، وَأُجِيبَ بِصِدْقِهِ بِوُجُوبِ حِفْظِهَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَيْ بِتَفْسِيرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّلَفِ، فَلَوْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ، صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالرَّدِّ وَالتَّلَفِ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْعِرٌ بِالْأَمَانَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ قُبِلَ، وَأُوِّلَتْ عَلَيَّ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى قَبُولِهِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ) فِيهَا.
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ. وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ قَضَيْتنِي مِنْهَا خَمْسَةً فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَفْيُ الْعَشَرَةِ وَلَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ بِالْخَمْسَةِ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهَا هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) الَّذِي هُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَلْغُو آخِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَوْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ بَيْعٍ نَحْوِ الْكَلْبِ، نَعَمْ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَلَهُ الْحُكْمُ بِعَقِيدَتِهِ، وَلَوْ عَكْسَ مَا ذُكِرَ كَأَنْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ فَلَغْوٌ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. وَصُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ:(مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا مُتَّصِلًا.
قَوْلُهُ: (لَمْ أَقْبِضْهُ) سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَمَا بَعْدَهُ إيضَاحٌ. قَوْلُهُ:(أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا هُنَا لَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَكَذَا إنْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ أَرَادَ، أَوْ يُرِيدُ أَوْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ يَشَاءُ زَيْدٌ، أَوْ أَرَادَ أَوْ يُرِيدُ زَيْدًا، أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ زَيْدٌ مَثَلًا نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِرَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ مَجِيءِ زَيْدٍ التَّأْجِيلَ، فَهُوَ إقْرَارٌ مُؤَجَّلٌ إنْ صَحَّ الْأَجَلُ، وَإِلَّا فَحَالٌّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَلَّقَ) فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَحْدَهُ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِيَةِ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ التَّعْلِيقَ هُنَا بِقَصْدِهِ الْإِتْيَانَ بِالصِّيغَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمِنْ التَّعْلِيقِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِمْ: إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَيْبٌ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) وَرُدَّ بِعَدَمِ الْجَزْمِ هُنَا بِالِالْتِزَامِ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا ثُبُوتُ الْأَلْفِ الَّذِي جَاءَ بِهَا، وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(يُحْتَمَلُ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ قُبِلَ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِتَفْسِيرِهِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَدَعْوَى التَّلَفِ، وَالرَّدِّ قَبْلَ التَّفْسِيرِ، وَبَعْدَ الْإِقْرَارِ مَقْبُولَةٌ. قَوْلُهُ:(لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ: كُنْت ظَانًّا بَقَاءَهَا عِنْدِي، أَوْ جَهِلْت تَلَفَهَا. قَوْلُهُ:(وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
صِحَاحٍ، ثُمَّ يَقُولَ: أَلْفٌ صِحَاحٌ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ ثَمَنِ إلَخْ) لَوْ فَصَلَهُ لَمْ يُقْبَلْ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِآخِرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ عَلَى فَسَادِهَا، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَمَّا جَرَى، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فَلِأَنَّ تَقْرِيرَهَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته، وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا. وَيُجْرَى بِالْقَوْلَانِ فِي كُلِّ مَا يَنْتَظِمُ لَفْظُهُ عَادَةً، وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ شَرْعًا، كَمَا لَوْ أَضَافَ إلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا سَلَّمَهُ سَلَّمْت) قِيلَ: مُسْتَدْرَكٌ. وَقَوْلُهُ: جَعَلَ ثَمَنًا أَيْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الثَّمَنِ، قِيلَ: وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا قُبِلَ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) ؛ لِأَنَّ آخِرَهُ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ، عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ:(أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ آخَرَ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُ) لَوْ قَالَ: أَنَا أُرِيدُ الْآنَ أَنْ أُقِرَّ بِمَا لَيْسَ عَلَيَّ مِنْ مَالٍ، أَوْ طَلَاقٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ كَقَوْلِهِ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا هَذَا. قَوْلُهُ: (لِأَنِّي تَعَدَّيْت فِيهَا) يَعْنِي يَكُونُ اتَّصَفَ بِالتَّعَدِّي وَقْتَ الْإِقْرَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) هَذَا لَا يُتَّجَهُ جَرَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ فِي ذِمَّتِي، أَوْ دَيْنًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ قَالَ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَدَلَ عَلَيَّ فِي ذِمَّتِي فَسَكَتَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِقْبَاضٍ) أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا. بِالْقَبْضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَهَبْته وَمَلَكَهَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَبَضَهَا بِغَيْرِ رِضَايَ.