الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْعَقْدِ (وَأَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِهِمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُزَارَعَةِ، وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إنْ سَاقَاهُ بَعْدَهَا بَانَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ) فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ وَالثَّانِي قَالَ الْكَثِيرُ لَا يَكُونُ تَابِعًا، وَالنَّظَرُ فِي الْكَثِيرِ إلَى زِيَادَةِ النَّمَاءِ، أَوْ إلَى سَاحَةِ الْبَيَاضِ، وَمَغَارِسِ الشَّجَرِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْعَامِلُ نِصْفَ الثَّمَرِ وَرُبْعَ الزَّرْعِ، وَالثَّانِي قَالَ التَّفْصِيلُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ (فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالْمُزَارَعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ، وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا، وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ) شَائِعًا. (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْأَرْضِ (وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) شَائِعًا (أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) شَائِعًا (لِيَزْرَع) لَهُ (النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْبَذْرِ (فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْأَرْضِ) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ، الْمُغَلِّ شَائِعًا وَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالْمُخَابَرَةِ، فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا. وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا، وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ. وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَمَنَافِعِ دَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ أَوْ بِنِصْفِ الْبَذْرِ، وَيَتَبَرَّعُ بِالْعَمَلِ وَالْمَنَافِعِ.
فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَاقَاةِ (تَخْصِيصُ الثَّمَرِ بِهِمَا وَاشْتِرَاكُهُمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَالَ: بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَقْدِيمُ لَفْظِ الشَّجَرِ عَلَى لَفْظِ الْبَيَاضِ، وَمُقَارَنَتُهُمَا لَا تُتَصَوَّرُ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُتَعَيِّنٌ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا مَثَلًا وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ كَانَتْ مِنْ الْمُقَارَنَةِ. قَوْلُهُ:(أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْخِلَافِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عُسْرُ الْإِفْرَادِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَيَجُوزُ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الزَّرْعِ، وَجَعَلَ الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الثَّمَرِ عَنْهُمَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ: الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَاسَهُ إلَخْ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ.؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا غَيْرُ الْعَمَلِ. ثُمَّ فِي اسْتِنَادِ الثَّانِي لِلْقِيَاسِ دُونَ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ مُخَابِرُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهُمْ بَذْرًا وَلَا أَنَّهُ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَيْهِمْ فَهِيَ وَاقِعَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَالِاحْتِمَالُ يُسْقِطُهَا، فَتَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ مَا يَلْزَمُهُ إذَا وَقَعَتْ. قَوْلُهُ:(وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ إلَخْ) سَوَاءٌ سَلَّمَ الزَّرْعَ أَوْ لَا كَالْقِرَاضِ، وَفَارَقَ الشَّرِيكَ بِأَنَّ عَمَلَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِعَمَلِ الْعَامِلِ، وَأَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِأَجْرِهِ كَالْقِصَارَةِ. قَوْلُهُ:(وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ طَرِيقَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْأُولَى عَيْنٌ فَقَطْ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْأَرْضِ مَتَى شَاءَ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا فَسَدَ مَنْبَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَارَةٌ بِخِلَافِ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ. فَإِنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا عَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقَانِ فِي الْمُخَابَرَةِ بَعْدَهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الطُّرُقِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى مِنْهَا، أَنْ يُقْرِضَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الْبَذْرِ، وَيُؤَجِّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ، وَمَنَافِعَ آلَاتِهِ وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ، وَمَا يَتْبَعُهَا قَوْلُهُ:(تَخْصِيصُ الثَّمَرِ بِهِمَا) إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، وَالْأَفْصَحُ إدْخَالُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ كَمَا فَعَلَ فِي الْقِرَاضِ فِيمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْجَرِيدُ وَالْكُرْنَافُ، وَنَحْوُهُمَا كَاللِّيفِ، وَالسَّاعِدِ فَلِلْمَالِكِ، وَأَمَّا الْقِنْوُ وَهُوَ مَجْمَعُ الشَّمَارِيخِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَالشَّمَارِيخِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُزَارَعَةِ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ، قِيلَ: وَيَلْزَمُ قَائِلَهُ أَنْ يُصَحِّحَ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الشَّجَرَةِ لِمَنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ. قَوْلُهُ:(وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَبَيَاضُ خَيْبَرَ كَانَ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ فِيهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الشَّعِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ إلَخْ) فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ دَفَعَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَهُوَ يَدُلُّ لِلصِّحَّةِ تَبَعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْآلَاتِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ تَخْصِيصٌ بِلَا دَلِيلٍ. قَوْلُهُ: (فَالْمُغِلُّ لِلْعَامِلِ) أَيْ وَتَجِبُ تَبْقِيَةُ الزَّرْعِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا انْصَرَفَ مِنْ مَنَافِعِهِ عَلَى حِصَّةِ صَاحِبِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ تَسَلَّمَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا، وَالْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ فَتَرَكَ الزَّرْعَ، وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ لِلْأَرْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ الْبَذْرُ عَلَى الْمَالِكِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ لِمُدَّةِ تَعْطِيلِهِ.
[فَصْلٌ شُرُوطُ الْمُسَاقَاةِ]
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ الْعِوَضَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَسَدَ، لَكِنْ إنْ ذَكَرَ أَعْمَالًا مَضْبُوطَةً حِينَئِذٍ، فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى جَعَلْنَاهُ إجَارَةً بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ إلَى اللَّفْظِ فَسَدَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِوَضَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثِّمَارِ أَشْبَهَتْ الْقِرَاضَ، فَيَتَفَرَّعُ
فِيهِ وَالْعِلْمُ بِالنَّصِيبَيْنِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالْقِرَاضِ) فَلَوْ شُرِطَ بَعْضُ الثَّمَرِ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ كُلُّهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ لِلْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَسَدَتْ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا، أَوْ إنَّ نِصْفَهُ لِي أَوْ نِصْفَهُ لَك، وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي صَحَّتْ فِي الْأُولَى مُنَاصَفَةً وَالثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثِ أَوْ عَلَى أَنَّ ثَمَرَ هَذِهِ النَّخْلَةِ، أَوْ النَّخَلَاتِ لِي أَوْ لَك وَالْبَاقِي بَيْنَنَا وَعَلَى أَنَّ صَاعًا مِنْ الثَّمَرِ لَك أَوْ لِي وَالْبَاقِي بَيْنَنَا فَسَدَتْ.
(وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ لَكِنْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مَا تَخْرُجُ بِهِ الثَّمَرَةُ وَعَارَضَهُ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ الْعَقْدَ بَعْدَ ظُهُورِهَا، أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ بِالْوُثُوقِ بِالثَّمَرِ، الَّذِي مِنْهُ الْعِوَضُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، أَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ. (وَلَوْ مُسَاقَاةً عَلَى وَدِيٍّ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ.
(لِيَغْرِسَهُ وَيَكُونَ الشَّجَرُ لَهُمَا لَمْ يَجُزْ) كَمَا لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْبَذْرَ، لِيَزْرَعَهُ وَأَيْضًا الْغَرْسُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ فَضَمُّهُ يُفْسِدُهَا لِمَا سَيَأْتِي.
(وَلَوْ كَانَ) الْوَدِيُّ (مَغْرُوسًا) وَسَاقَاهُ عَلَيْهِ (وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْعَمَلِ. فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ مُدَّةً يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا صَحَّ) ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَكْثَرِ الْمُدَّةِ لَا ثَمَرَ فِيهَا، كَأَنْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَالثَّمَرُ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي الْعَاشِرَةِ خَاصَّةً، فَإِنْ اُتُّفِقَ أَنَّهُ لَمْ يُثْمِرْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ شَيْئًا كَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى النَّخِيلِ الْمُثْمِرَةِ فَلَمْ تُثْمِرْ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا. (فَلَا) يَصِحُّ ذَلِكَ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي لَا يُثْمِرُ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ (وَقِيلَ إنْ تَعَارَضَ الِاحْتِمَالَانِ) أَيْ احْتِمَالُ الْإِثْمَارِ وَاحْتِمَالُ عَدَمِهِ. (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ مَرْجُوٌّ، فَإِنْ أَثْمَرَ الشَّجَرُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ مَا شُرِطَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا
(وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ إذَا شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ) كَأَنْ كَانَتْ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بِالْجُزْئِيَّةِ) وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي السِّنِينَ الْمَشْرُوطَةِ حَيْثُ عَيَّنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا يَخُصُّهَا أَوْ أَطْلَقَ الْجُزْءَ فِي جَمِيعِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ الْجِنْسُ فَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْجُزْءَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَوْعَيْنِ مَثَلًا وَجَعَلَ لَهُ النِّصْفَ فِي أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَ فِي الْآخَرِ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلَّ نَوْعٍ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ وَلَيْسَ نَحْوُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْقَائِلُ الْمَالِكَ، فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَحَّتْ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا هُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ الْعَامِلُ أَوْ هُمَا لَمْ يَصِحَّ فِي الْأُولَى وَيُشْتَرَطُ فِي تَعَدُّدِ الْعَامِلِ بَيَانُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِتَفَاوُتٍ أَوْ تَسَاوٍ. قَوْلُهُ:(وَعَلَى أَنَّ ثَمَرَةَ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ عَلَى أَنَّ ثَمَرَةَ الْعِنَبِ لِي وَالنَّخْلِ لَك، أَوْ عَكْسُهُ وَقِيَاسُهُ الْفَسَادُ، فِيمَا لَوْ شَرَطَ لِلْعَامِلِ نَحْوَ الْجَرِيدِ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ أَوْ شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِمَا اشْتَرَكَا فِيهِ كَالْقِنْوِ أَوْ اشْتِرَاكَهُمَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ نَحْوَ الْجَرِيدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْعَبَّادِيُّ وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ اعْتِمَادُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَلَوْ شَرَطَ لِلْعَامِلِ غَيْرَ الثَّمَرِ كَدَرَاهِمَ، فَسَدَتْ أَيْضًا نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ فَهِيَ إجَارَةٌ لَا مُسَاقَاةٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ نَوْعُ الْمُسَاقِي عَلَيْهِ، وَشُرِطَ لِلْعَامِلِ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ مَالِكٍ جُزْءٌ مَعْلُومٌ أَوْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَذَلِكَ صَحَّتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَجْزَاءُ كَنِصْفٍ مِنْ مَالِكٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ وَرُبْعٍ مِنْ آخَرَ. وَهَكَذَا نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَشُرِطَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَرِ مَثَلًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكِينَ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فِي هَذِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا فِي التَّأْبِيرِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى وَدِيٍّ) وَيُقَالُ لَهُ الْفَسِيلُ بِالْفَاءِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) وَلَا يَصِحُّ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُهُ مِثْلُ عَمَلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْأَرْضُ فَلَهُ عَلَى مَالِكِ الْغِرَاسِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا. قَوْلُهُ:(يُثْمِرُ فِيهَا) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنَّا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُثْمِرْ) أَيْ فِي الْعَاشِرَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لَا مِنْ الثَّمَرِ وَلَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَوْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ أَيْضًا وَلَوْ أَثْمَرَ فِي الْعَاشِرَةِ. وَتَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ.
لَزِمَهُ الْمَالِكَ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَلِلْعَامِلِ مَا شُرِطَ لَهُ وَلَوْ أَثْمَرَتْ ثَانِيًا فِيهَا فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَشْرِ فَأَثْمَرَ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامُ الْمُدَّةِ، وَلَهُ مَا شُرِطَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ احْتِمَالًا أَوْ جَهْلًا أَخْذًا مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي صُورَةِ الِاحْتِمَالِ الشَّامِلَةِ لِجَهْلِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ) أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ، وَالظَّنِّ لِذَلِكَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ) وَصُورَةُ عَقْدِهِ مَعَهُ مَا فِي الْإِجَارَةِ لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ وَسَيَأْتِي، وَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُسَاقَاةُ أَجْنَبِيٍّ لَكِنْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ:(زِيَادَة عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ حِصَّةِ الشَّارِطِ فَإِنْ اسْتَوْفَاهَا كَأَنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرِ لَهُ لَمْ تَصِحَّ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا إذَا جَهِلَ الْفَسَادَ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا
ــ
[حاشية عميرة]
عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رحمه الله.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ، فَلَوْ شَرَطَهَا مِنْ ثَمَرِ الْعَامِ الْقَابِلِ فَسَدَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(الثَّمَرِ) خَرَجَ اللِّيفُ وَالْجَرِيدُ وَالْكُرْنَافُ فَإِنَّهَا لِلْمَالِكِ، فَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَالثَّمَرِ فَوَجْهَانِ، أَوْ اخْتِصَاصَ الْعَالِمِ بِهَا بَطَلَ، وَأَمَّا الشَّمَارِيخُ فَهِيَ شِرْكَةٌ بَيْنَهَا. قَوْلُهُ:(وَهُوَ مَا تَخْرُجُ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَمَا أَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ الْقِرَاضِ لِلْحَاجَةِ كَوْنُ الْعَمَلِ يُسْتَخْرَجُ بِهِ الرِّبْحُ، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ الثِّمَارُ. قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْبَذْرَ) أَيْ وَكَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ سِلْعَةً لِيَبِيعَهَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهَا قِرَاضًا. قَوْلُهُ:(عَشْرَ سِنِينَ) أَيْ فَتَكُونُ الْأَعْوَامُ هُنَا كَالْأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ.