الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً، وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ
عَمِلَ بِعِلْمِهِ فَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِمَنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ، (وَإِلَّا) . أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ عَدَمَهُ، أَيْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً، لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً) لِعُسْرِهَا وَلَا يَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ فِي الْأَصَحِّ، (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) لِسُهُولَتِهَا، (وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا) يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ قَالَ: لَا كَسْبَ لِي، وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، أَوْ زَمِنًا أُعْطِيَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ (وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ بِقَوْلِهِمَا) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ لِانْتِظَارِ الرِّفْعَةِ، وَتَحْصِيلِ الْأُهْبَةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ بِبَيِّنَةٍ) بِالْعَمَلِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْغُرْمِ لِسُهُولَتِهَا، وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ، وَالْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، (وَهِيَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَمَا تَقَدَّمَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
فَصْلٌ فِي مُقْتَضَى صَرْفِ الزَّكَاةِ وَصِفَةِ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا. قَوْلُهُ:(مَنْ طَلَبَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِعْطَاءِ. قَوْلُهُ: (اسْتِحْقَاقَهُ) أَيْ لِلزَّكَاةِ، وَمِثْلُهَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ:(عَمِلَ بِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ هُنَا، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا مَا لَمْ تَذْكُرْ نَقْلَهُ مِنْ حَالَةٍ إلَى غَيْرِهَا، وَلَوْ قَامَتْ بِخِلَافِ ظَنِّهِ عَمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ. قَوْلُهُ:(وَيَجُوزُ لِمَنْ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَالدَّفْعُ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً) أَيْ وَأَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إنْ عَدِمَ الْعِلْمَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْآخَرِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِمَا مَعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ) سَوَاءٌ مَنَعَ صَرْفَ جَمِيعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ أَوْ بَعْضَهَا وَيُعْطِي فِي الثَّانِي مَا زَادَ عَلَى مَالِهِ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) أَيْ فِيمَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ إلَيْهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ بِلَا يَمِينٍ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:(ادَّعَى عِيَالًا) أَيْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ. قَوْلُهُ: (يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا الْمُقَابِلَ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:(وَحَالُهُ يَشْهَدُ إلَخْ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْقَطْعِ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُمَا) أَيْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الَّتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُقَدَّرَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا إذَا مَضَى عَامُ الْأَخْذِ فَقَبْلَ مُضِيِّهِ يُطَالَبُ الْغَازِي بِالْغَزْوِ أَوْ الرَّدِّ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ الْجَمِيعُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْغَزْوِ وَفَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ، وَيُطَالَبُ ابْنُ السَّبِيلِ بِالسَّفَرِ، أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ اسْتَرَدَّ الْفَاضِلَ مِنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْفَاضِلُ يَسِيرًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَصْرِفْهُ وَعَادَ بِهِ، وَصَرَفَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَاجَةِ السَّفَرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي حَاجَةِ السَّفَرِ، وَكُلُّ مَا يُسْتَرَدُّ يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلُهُ. قَوْلُهُ:(وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْإِعْطَاءَ حَالَةَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأَخُّرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ:(بِالْعَمَلِ) هُوَ جَوَابُ الزَّرْكَشِيّ وَبِهِ سَقَطَ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إلَى بَيِّنَةٍ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَوَّرُ، بِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ، أَوْ وَلَّاهُ نَائِبُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِهِ أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَسِيَ تَوْلِيَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُخْبِرُ بِأَنَّهُ عَامِلٌ، وَهُوَ لَيْسَ مُرَادًا نَعَمْ يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَعَ الْمَالِكِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ مَا أَخَذَهُ أَوْ بَرِئَ الْغَارِمُ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِهِ، أَوْ اسْتَغْنَى فِي غَيْرِ الْغَارِمِ لِذَاتِ الْبَيْنِ بِغَيْرِهِ اُسْتُرِدَّ مِنْ كُلِّ
ــ
[حاشية عميرة]
[فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ]
فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضْرَارٌ بِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْحُكْمِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: مَنْ طَلَبَ الْحُكْمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُكَلَّفْ إلَخْ) دَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى لِلَّذِينَ سَأَلَاهُ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» ، وَكَذَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْكَسْبِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ مُخَالِفًا لِمَسْأَلَتِهِ وَقُوَّةِ بَدَنِهِ وَحُسْنِ هَيْئَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ مَا قَالَهُ صلى الله عليه وسلم لِلَّذَيْنِ سَأَلَاهُ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ يَكْتَسِبُ» ، ثُمَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالزَّكَاةِ فَفِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأُولَى وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، فَإِنَّ الْغَنِيَّ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، قَوْلُهُ:(الْبَيِّنَةَ لِسُهُولَتِهَا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِفَقْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ عَدَمُ تَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْفَقْرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ إلَخْ)
وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى عِنْدِ قَاضٍ، وَإِنْكَارٍ وَاسْتِشْهَادٍ (وَتُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِهَا (وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ) فِي الْغَارِمِ (وَالسَّيِّدِ) فِي الْمُكَاتَبِ يُغْنِي عَنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الْحَالِ، وَالثَّانِي: لَا يُغْنِي لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ
(وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا، إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ، (كِفَايَةَ سَنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ، فَتَحْصُلُ بِهَا الْكِفَايَةُ سَنَةً (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى (كِفَايَةَ الْعُمُرِ الْغَالِبُ، فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ) وَيَسْتَغْنِي عَنْ الزَّكَاةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَنْ يُحْسِنُ الْكَسْبَ بِحِرْفَةٍ يُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ آلَاتِهَا قَلَّتْ قِيمَتُهَا، أَوْ كَثُرَتْ أَوْ بِتِجَارَةٍ يُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ، مِمَّا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ فِيهِ مَا يَفِي رِبْحَهُ بِكِفَايَتِهِ غَالِبًا، فَالْبَقْلِيُّ يَكْتَفِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ والْباقِلَّائِيُّ بِعَشَرَةٍ وَالْفَاكِهِيُّ بِعِشْرِينَ، وَالْخَبَّازُ بِخَمْسِينَ، وَالْبَقَّالُ بِمِائَةٍ وَالْعَطَّارُ بِأَلْفٍ، وَالْبَزَّازُ بِأَلْفَيْنِ، وَالصَّيْرَفِيُّ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَالْجَوْهَرِيُّ بِعَشَرَةِ آلَافٍ
(وَ) يُعْطَى (الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْرَ دَيْنِهِ) ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أُعْطِيَ الْبَاقِيَ، (وَ) يُعْطَى (ابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ مَقْصِدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ، (أَوْ مَوْضِعَ مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ مَالٌ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى كِسْوَةٍ أُعْطِيَهَا (وَ) يُعْطَى (الْغَازِي قَدْرَ حَاجَتِهِ لِنَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمُقِيمًا هُنَاكَ) أَيْ فِي الثَّغْرِ (وَفَرَسًا) إنْ كَانَ يُقَاتِلُ فَارِسًا (وَسِلَاحًا) وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ وَيَشْتَرِي لَهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
مَا أَخَذَهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَخَذْت الدَّيْنَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ:(وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ) وَهُوَ مَنْ لَهُ شَرَفٌ فِي قَوْمِهِ يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ، وَمِثْلُهُ الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ، وَهُمَا مَانِعُ شَرِّ الْكُفَّارِ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ فَيُطَالَبَانِ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضًا، وَهَذَا إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ:(وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ ضَعِيفُ النِّيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) وَكَذَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ عَدْلٌ وَاحِدٌ أَوْ فَاسِقٌ ظَنَّ صِدْقَهُ أَوْ جَمْعٌ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَلَوْ ثَلَاثَةً. قَوْلُهُ:(وَتُغْنِي عَنْهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ هَذَا الْفَصْلِ أَخْذًا مِنْ تَعْمِيمِهِ السَّابِقِ، وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ:(تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ السَّيِّدِ) أَيْ إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ، وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَيُعْطَى إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ مَنْ يَأْخُذُ وَمِنْ هُنَا فِي قَدْرِ مَا يَأْخُذُ قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) قُدِّرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ إفْرَادِ الضَّمَائِرِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِإِخْرَاجِ مَنْ سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُحَرِّرِ ذِكْرُ خِلَافٍ يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ مَعَ احْتِمَالِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِكَوْنِ الْخِلَافِ نَصًّا أَوْ أَوْجُهًا أَوْ أَقْوَالًا أَوْ طُرُقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْعُمُرِ الْغَالِبُ) وَهُوَ سِتُّونَ سَنَةً وَبَعْدَهُ يُعْطَى سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِي بِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ النَّقْدِ مَا يَكْفِيهِ لِمَا ذُكِرَ بَلْ مِقْدَارًا يَكُونُ ثَمَنًا لِعَقَارٍ تَفِي غَلَّتُهُ بِذَلِكَ، أَوْ بِمَا يَتِمُّ بِهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَالِكًا لِبَعْضِهِ وَيَشْتَرِيهِ لَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِهِ، أَوْ الْإِمَامُ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ يَلْزَمُهُ بِالشِّرَاءِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِهِ، وَيَمْلِكُ مَا يَشْتَرِي لَهُ وَيُورَثُ عَنْهُ، نَعَمْ يَمْتَنِعُ الشِّرَاءُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُعْطَى لَهُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ:(قُلْت إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يُعْطَى لَهُ لَا يَفِي بِقِيمَتِهَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (مَا يَشْتَرِي) مَفْعُولُ يُعْطَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (مَا يَفِي رِبْحُهُ بِكِفَايَتِهِ غَالِبًا) أَيْ بِحَسَبِ عَادَةِ بَلَدِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَالْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمِنَةِ فَيُرَاعِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجُهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ فِي زَمَانِهِمْ، وَمَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حِرْفَةٍ يُعْطَى لِمَا يَكْفِيهِ مِنْهَا، فَإِنْ كَفَاهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ حِرَفٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أُعْطِيَ لِأَدْنَاهَا، وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ وَاحِدَةٌ زِيدَ لَهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ. كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(فَالْبَقْلِيُّ) بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ مَنْ يَبِيعُ الْبُقُولَ وَهِيَ الْخَضْرَاوَاتُ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِلَّانِيّ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ أَوْ تَشْدِيدِهَا عَلَى مَا مَرَّ هُوَ مَنْ يَبِيعُ الْبَاقِلَا، وَهُوَ الْفُولُ، وَلَوْ. مَسْلُوقَةً. قَوْلُهُ:(وَالْبَقَّالُ) هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْقَافِ الثَّقِيلَةِ وَيُقَالُ لَهُ الْفَامِيُّ بِالْفَاءِ، وَهُوَ مَنْ يَبِيعُ الْحُبُوبَ قِيلَ، أَوْ الزَّيْتَ وَمَنْ جَعَلَهُ بِالنُّونِ فَقَدْ صَحَّفَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى النَّقْلِيَّ بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الْقَافِ، وَهُوَ مَنْ يَبِيعُ نَحْوَ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ. قَوْلُهُ:(وَالْبَزَّازُ) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بَائِعُ الْبَزِّ أَيْ الْأَقْمِشَةِ، وَأَصْلُ الْبَزِّ اسْمٌ لِمَتَاعِ الْبَيْتِ.
قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) أَيْ لِغَيْرِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ الْغِنَى. قَوْلُهُ: (مَا يُوَصِّلُهُ إلَخْ) فَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أُعْطِيَ مُدَّةَ إيَابِهِ أَيْضًا، وَكَذَا مُدَّةَ إقَامَةٍ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَلَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَوْ رَجَعَ
ــ
[حاشية عميرة]
هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى إذَا حَانَ وَقْتُ الْخُرُوجِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَازِي وَمِثْلُهُ ابْنُ السَّبِيلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ) لَوْ قَالَ: فَلَا يَحْتَاجُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ رَبِّ الدَّيْنِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَظْهَرُ حَالُهُ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِسَبَبِ الْعِتْقِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ بِقَبُولِ السَّيِّدِ دُونَ رَبِّ الدَّيْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا فِي الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَمِنْ هُنَا إلَخْ. فِي كَيْفِيَّةِ الصَّرْفِ وَقَدْرِهِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الزَّكَاةَ إلَخْ) عَضَّدَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدَّخِرُ لِأَهْلِهِ كِفَايَةَ سَنَةٍ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَشْتَرِي بِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ عُمُرَهُ دَفْعَةً، وَإِنَّمَا الدَّفْعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ الْكَافِي لَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا لَا يُعْطِي شَيْئًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا أَمِنَ أَهْلَ الضِّيَاعِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ مِنْ نَصْبِ عَامِلٍ يَتَّجِرُ لَهُ وَيُعْطِي وَلَا يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ الْعَقَارِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) قَدْرُ ذَلِكَ لِأَجْلِ إفْرَادِ الضَّمِيرِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَدْرَ حَاجَتِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَإِعْطَاؤُهَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الْفَارِقِيُّ وَقَوْلُهُ: وَمُقِيمًا أَيْ وَيَجْتَهِدُ الْمُعْطِي فِي قَدْرِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فَإِنْ زَادَتْ زَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُ