الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَلَّ (مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا) مِنْ وَفْقِ الثَّانِيَةِ أَوْ كُلِّهَا.
(وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ فِي وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ) مِثَالُ الِانْقِسَامِ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى وَعَنْ بِنْتٍ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ، مُنْقَسِمٌ عَلَيْهِمَا وَمِثَالُ الْوَفْقِ جَدَّتَانِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَاتَتْ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ، وَهِيَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى وَعَنْ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَعَنْ أُمِّ أُمٍّ وَهِيَ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ فِي الْأُولَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ، وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ يُوَافِقَانِ مَسْأَلَتَهُ بِالنِّصْفِ، فَيُضْرَبُ نِصْفُهَا فِي الْأُولَى تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي الثَّلَاثَةِ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْوَارِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ سَهْمٌ مِنْهَا فِي. وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى سِتَّةٌ مِنْهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ سَهْمٌ فِي وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فِي الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ بِأَرْبَعَةٍ، وَمِثَالُ عَدَمِ الْوَفْقِ زَوْجَةٌ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ، وَبِنْتٌ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُمٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ، وَهُمْ الْبَاقُونَ مِنْ الْأُولَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَالثَّانِيَةُ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ لَا يُوَافِقُ مَسْأَلَتَهُ، فَتُضْرَبُ فِي الْأُولَى تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةٌ فِي وَاحِدٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ خَمْسَةٌ فِي وَاحِدٍ بِخَمْسَةٍ.
كِتَابُ الْوَصَايَا
جَمْعُ وَصِيَّةٍ بِمَعْنَى إيصَاءٍ وَتَتَحَقَّقُ بِمُوصٍ، وَمُوصًى لَهُ وَمُوصًى بِهِ، وَصِيغَةٍ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ مَالِي أَيْ تَبَرَّعْت لَهُمْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِي، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُوصِي فَقَالَ:(تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا) هُوَ صَادِقٌ بِالذِّمِّيِّ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَبِالْحَرْبِيِّ صَرَّحَ
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّمَاثُلِ مُنْقَسِمَةٌ وَكَذَا مَعَ تَدَاخُلِ الْمَسْأَلَةِ فِي السِّهَامِ وَفِي عَكْسِهِ تَرْجِعُ إلَى الْوَقْفِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ. قَوْلُهُ: (عَنْ أُخْتَيْنِ) وَلَمْ يَرِثَا مِنْ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ مَانِعٍ. قَوْلُهُ: (نِصْفُهَا) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ) وَهِيَ الْجَامِعَةُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُجْعَلُ مَسْأَلَةً أَوْلَى فَإِذَا مَاتَ ثَالِثٌ فَمَسْأَلَتُهُ تَصِيرُ ثَانِيَةً وَهَكَذَا.
كِتَابُ الْوَصَايَا
أَخَّرَهَا عَنْ الْمَوْتِ نَظَرًا لِلْقَبُولِ، وَالرَّدِّ فِيهَا الْمُعْتَبَرَيْنِ بِضِدِّهِ وَلِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الثُّلُثِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(جَمْعُ وَصِيَّةٍ) وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا، وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَادِ هُنَا، وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لُغَةً: الْإِيصَالُ مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ وَأَشْهَرُ، وَشَرْعًا: تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ تَقْدِيرًا لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ: وَلَوْ تَقْدِيرَ الشُّمُولِ نَحْوَ أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا، فَإِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ مُقَدَّرًا مَعَهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لِيَشْمَلَ التَّبَرُّعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فِيهِ نَظَرٌ، وَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً وَإِنْ كَانَ لَهُ حُكْمُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ: لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ إلَخْ مُسْتَدْرَكٌ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ) أَيْ بِمَعْنَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَرْكَانُ وَالشُّرُوطُ لَا بِمَعْنَى الْعَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْإِيصَاءِ الَّذِي سَيَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ لَهَا هُنَا لَا بِمَعْنَاهُ، فَمَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِالْمَعْنَى الْآتِي أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ، إمَّا مُخْطِئٌ أَوْ سَاهٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَتَتَحَقَّقُ) أَيْ تُوجَدُ حَقِيقَتُهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ أَرْكَانُهَا وَأَخَّرَ الصِّيغَةَ إلَى الْمَرَضِ الْمَخُوفِ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ. قَوْلُهُ:(وَمُوصًى لَهُ) وَلَوْ ضِمْنًا كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَفَارَقَ تَعَيُّنُ ذِكْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِنَقْلِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهِ حَالَةَ الْوَقْفِ، فَكَأَنَّهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ مَثَلًا. قَوْلُهُ:(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَصْلُهَا النَّدْبُ مُؤَكَّدًا وَكَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ آيَةِ الْمَوَارِيثِ فَنُسِخَ الْوُجُوبُ بِهَا، وَأَفْضَلُهَا الْقَرِيبُ غَيْرُ وَارِثٍ وَتَقْدِيمُ مُحَرَّمِ نَسَبٍ فَرَضَاعٍ فَمُصَاهَرَةٍ فَوَلَاءٍ فَجِوَارٍ أَفْضَلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِيهَا تَخْلِيطٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا وَعَزْوُ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ مَنْ الْمُسْنَدَةُ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى النَّسْخِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لِلْأَقَارِبِ مَثَلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا قَدْ تَجِبُ؛ إذْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهَا ضَيَاعُ حَقٍّ وَقَدْ تَحْرُمُ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهَا فَسَادُهُ، وَقَدْ تُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي وَقَدْ تُبَاحُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ قُرْبَةٍ أَيْ دَائِمًا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَكُونُ مُبَاحًا فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُبَاحًا كَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْآتِيَةِ؛ إذْ لَا مُلَازَمَةَ فَقَدْ مَرَّ، أَنَّهَا قَدْ تُكْرَهُ فِي الْقِرْيَةِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ:(مُكَلَّفٌ) وَلَوْ حُكْمًا فَشَمِلَ السَّكْرَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الِاخْتِيَارِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (حُرٌّ) وَلَوْ مُبَعَّضًا، وَلَوْ
ــ
[حاشية عميرة]
[كِتَاب الْوَصَايَا]
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَتْ وَاجِبَةً بِكُلِّ الْمَالِ لِلْوَارِثِ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصِحُّ وَصِيَّةٌ إلَخْ) . أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ السَّكْرَانَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَهُ وَوَصِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ حُرًّا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَكَانَ الْمَالُ عِنْدَنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الْوَصِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ
بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَالسَّفِيهُ بِلَا حَجْرٍ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ جَزْمًا وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ، (وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) لِإِمْكَانِ تَنْفِيذِهَا، وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ
. (وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) مِنْ كَافِرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهَا، وَتَصِحُّ لِغَيْرِهَا مِنْ قُرَبِهِ، وَجَائِزٍ كَعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، وَفَكِّ أَسْرَى الْكُفَّارِ مِنْ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ
(أَوْ) أَوْصَى (لِشَخْصٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ وَتُنَفَّذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (فَإِنْ انْفَصِلْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ) الْمُوصَى بِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا وَلَا مُوَالَاةَ بِنَقْصِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ كَافِرًا) كَوَقْفِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (صَادِقٌ بِالذِّمِّيِّ) وَكَذَا بِالْمُرْتَدِّ لَكِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ.
قَوْلُهُ: (الْحَرْبِيِّ) وَإِنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَهَا فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبِ كَذَا قَالُوهُ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنْ قِيلَ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهَا وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا، وَهُوَ مَا تَقْتَضِيهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِاسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبَقَائِهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالِهِ، وَإِنْ عَادَ حُرًّا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا، وَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لَوْ عَادَ حُرًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ) فَذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ) وَرُدَّ بِفَسَادِ عِبَارَتِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ إلَخْ) وَرُدَّ بِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ مَعَ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهَا، وَفِي صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْعِتْقِ تَرَدُّدٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهَا مِنْ الْمُبَعَّضِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي، فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَصِحُّ وَيَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) أَيْ لِتَعَبُّدِهِمْ فِيهَا وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَطْ وَلَوْ كُفَّارًا صَحَّتْ وَكَعَمَارَتِهَا نَحْوُ إسْرَاجِهَا. قَوْلُهُ:(لِغَيْرِهَا) أَيْ الْمَعْصِيَةِ شَمِلَ الْمَكْرُوهَ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِ كَالْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (وَجَائِزٍ) أَيْ مُبَاحٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مُعَيَّنٍ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْجِهَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ، كَأَوْلَادِ زَيْدٍ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْمُهِمُّ كَ أَوْصَيْتُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ فَلَا تَصِحُّ نَعَمْ، إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ كَأَعْطُوهُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّمْلِيكِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكًا مِنْهُ. قَوْلُهُ:(فَالشَّرْطُ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْجِهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، فَيَخْرُجُ أَوْصَيْت لِخَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ لِمَنْ يَرْتَدُّ بِخِلَافِ زَيْدٍ خَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ زَيْدٍ الْمُرْتَدِّ فَتَصِحُّ لِبَقَائِهَا لَهُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ:(أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ) أَيْ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ سَيُحْدِثُ فَلَا تَصِحُّ لَهُ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَلَوْ تَبَعًا وَنُوزِعَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ تَبَعًا وَقَدْ يُفَرَّقُ لِدَوَامِ الْوَقْفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ وَخَرَجَ بِهِ الْمَيِّتُ أَيْضًا، إلَّا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكٍ نَحْوُ مَاءٍ، لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ أَوْ لِغُسْلِهِ، وَالْمُرَادُ الْأَوْلَوِيَّةُ فِي مَحَلِّ الْمُوصِي، أَوْ فِي مَحَلِّ الْمَالِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ فِي هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِمَيِّتٍ بَلْ هِيَ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(فَإِنْ انْفَصَلَ) وَلَوْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَلَا يَسْتَحِقُّ.
ــ
[حاشية عميرة]
كَافِرًا) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ الصِّحَّةَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ التَّوَارُثُ، وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ. قَوْلُهُ:(وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّتَهَا مِنْهُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ، فَلَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَتَبَرُّعَاتُهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِذْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشَخْصٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ لِمَيِّتٍ نَعَمْ إنْ قَالَ اصْرِفُوا هَذَا الْمَاءَ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ، وَهُنَاكَ مَيِّتٌ قُدِّمَ عَلَى الْحَيِّ الْمُتَنَجِّسِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ يَقْبَلُ لَهُ.
فَائِدَةٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوصَى لَهُ، أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ. قَوْلُهُ:(وَلَا مُبَالَاةَ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا إمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ زَمَنَ الْعُلُوقِ مَحْسُوبٌ مِنْ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ نَقْصُ مُكْثِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ زَمَنٍ مِنْ الْعُلُوقِ مِنْ جُمْلَةِ السِّتَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا؛ لِأَنَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ، بِأَنْ حَسَبْنَا زَمَنَ مَنْ الْعُلُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ لَا إشْكَالَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ لِأَزِيدَ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْتَبِسُ.
الْمُبْهَمِينَ الْوَطْءَ وَالْعِلْوَانَ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا وَانْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ) لَمْ يَسْتَحِقَّ لِعَدَمِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. (أَوْ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ (اسْتَحَقَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا، وَاعْتِبَارُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِمُوَافَقَتِهِ فِيهِ لِلْأَصْلِ وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ لِلْحَمْلِ مَنْ يَلِي أَمْرَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا
(وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ وَيَقْبَلَهَا الْعَبْدُ دُونَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ. (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ حُرٌّ. (وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَ تُمْلَكُ) إنْ قُلْنَا بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلِلسَّيِّدِ أَوْ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْعَبْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَإِنْ وَصَّى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ) وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا حِكَايَةُ وَجْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ وَالْعُلُوقِ) فَاللَّحْظَةُ لَهُمَا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ قَدْ يُقَارِنُ الْوَطْءَ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَوْ حُسِبَتْ تِلْكَ اللَّحْظَةُ مِنْ السِّتَّةِ لَزِمَ مُقَارَنَةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا فَيَلْزَمُ الِاحْتِمَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ، بِقَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ لَحْظَةً لِلْوَضْعِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا إلَخْ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدَّمَ فِرَاشٌ قَطُّ، أَوْ لَمْ يُتَصَوَّرْ غَشَيَانُهَا لِنَحْوِ صِغَرٍ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ ابْتِدَاءً قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَفِرَاشُ نَحْوِ مَمْسُوحٍ كَعَدَمِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ وُجُودُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مُنِعَ بَعْدَ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ بَلْ الْوَطْءُ لَيْسَ قَيْدًا؛ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُحَالُ وُجُودُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ) فَالْأَرْبَعَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ) وَفَارَقَ لُحُوقَ النَّسَبِ بِمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَاعْتِبَارُ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي جَعْلِهِ الِاحْتِمَالَ مَانِعًا فِيمَا مَرَّ. لَا هُنَا وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْحَمْلِ عِنْدَهَا أَيْ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ خُرُوجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَلِي أَمْرَهُ فَيَصِحُّ الْقَبُولُ لَهُ مِنْهُ، وَلَوْ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَدَخَلَ فِيمَنْ يَلِي أَمْرَهُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَلَوْ قَيَّدَ الْحَمْلَ بِكَوْنِهِ مِنْ فُلَانٍ اُشْتُرِطَ لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُ نَفْيِهِ لَهُ
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ) أَيْ وَلَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا مُكَاتَبًا وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَأَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا عَتَقَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُوقَفُ الزَّائِدُ إنْ كَانَ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِمَالٍ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ لِلْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ فِي الْجُزْءِ الْمُقَابِلِ لِلرِّقِّ، كَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَبَّرِهِ بِمَالٍ قُدِّمَ عِتْقُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَسِعَ ثُلُثُهُ زِيَادَةً عَلَى عِتْقِهِ، أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ عَلَى نِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ نَعَمْ لَوْ خَصَّهَا الْمُوصِي بِجُزْءِ الرِّقِّ، أَوْ الْحُرِّيَّةِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِوَارِثِهِ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثِهِ.
قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ غَيْرَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ:(تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ سَيِّدَهُ فَبِالْأَوْلَى، وَإِنْ قَصَدَ الْعَبْدُ فَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(وَيَقْبَلُهَا الْعَبْدُ) إنْ كَانَ أَهْلًا بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ قَبِلَ سَيِّدُهُ، وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ:(وَلَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) بَلْ وَإِنْ نَهَاهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) وَكَذَا مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْوَصِيَّةُ) أَيْ إنْ عَتَقَ كُلُّهُ وَإِلَّا فَلَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمُهَايَأَةٍ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لِوُجُودِ التَّبْعِيضِ هُنَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ حُرٌّ) الْوَجْهُ وَقْتَ الْمَوْتِ لِيُطَابِقَ الْمَدْلُولَ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِهِ) لَا مَعَهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ) فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، بَاطِلَةً هُنَا أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالصِّحَّةِ هُنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَقْفَ وَضْعُهُ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ فِي وَقْتِ وُجُودِ الْمِلْكِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَوْنُهُ حَالًا أَوْ مَالًا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَاعْتِبَارُ كَوْنِ الْعَبْدِ رُبَّمَا يَعْتِقُ قَبْلَ وَقْتِ الْمِلْكِ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فَرْعٌ مِنْ صِحَّتِهَا، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ غَيْرُ مُصَحِّحٍ لَهَا بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِخِلَافِهَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ ظَاهِرِ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافِقًا لِابْنِ حَجَرٍ لِعَدَمِ اسْتِدْرَاكِهِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ لِظُهُورِهِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ بِ ثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّيَقُّنِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشُّبْهَةَ نَادِرَةٌ، وَتَقْدِيرُ الزِّنَى إسَاءَةُ ظَنٍّ. قَوْلُهُ:(لِلْأَصْلِ) يُرِيدُ الْأَصْلَ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ
. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ) بَلْ لَوْ نَهَاهُ لَمْ يَصِرْ كَخُلْعِهِ مَعَ نَهْيِ السَّيِّدِ عَنْهُ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا فَهَلْ يُنْتَظَرُ، كَمَالُهُ أَوْ يَقْبَلُ السَّيِّدُ كَوَلِيِّ الْحُرِّ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَإِنْ عَتَقَ) لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَلَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَقْتَ الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَاطِلَةٌ) أَيْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى مِنْهُ الْقَبُولُ.
مَالِكِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْوَصِيَّةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تُضَافَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْفَرْقُ أَصَحُّ. (وَإِنْ قَالَ لِيُصْرَفَ فِي عَلْفِهَا فَالْمَنْقُولُ صِحَّتُهَا) ؛ لِأَنَّ عَلْفَهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الدَّابَّةِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ فَالْمَنْقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، أَنَّهُ يُحْتَمَلُ مَجِيءُ وَجْهٍ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى عَلْفِهَا
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) وَمَصَالِحِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ تَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ وَتُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ) وَالثَّانِي تَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ فَقِيلَ: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا هُوَ الْأَفْقَهُ وَالْأَرْجَحُ
(وَ) تَصِحُّ (لِذِمِّيٍّ) كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ (وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ فِي الْأَصَحِّ) كَالذِّمِّيِّ وَالثَّانِي لَا إذْ يُقْتَلَانِ. (وَقَاتِلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَالثَّانِي كَالْإِرْثِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ فَيَقْتُلَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ سَيِّدِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَ) تَصِحُّ (لِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَدُّوا، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ. (وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (إلَى مَنْ يَمْلِكُ) أَيْ جِنْسَهُ وَبِهَذَا الْفَرْقِ يُعْلَمُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْعَبْدِ دُونَ الدَّابَّةِ.
تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلصَّوَابِ الْمُسَبَّلَةِ كَصِحَّةِ الْوَاقِفِ عَلَيْهَا قَصْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْفَرْقُ أَصَحُّ) أَيْ فَلَا يَأْتِي هُنَا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَقْفِ بَلْ الْوَصِيَّةُ لَيْسَتْ وَصِيَّةً لِمَالِكِهَا قَطْعًا فَالْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ؛ إذْ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا مُتَّجَهٌ وَكَالدَّابَّةِ دَارٌ يَصْرِفُ فِي عِمَارَتِهَا، فَلَا يَصِحُّ فِي الْإِطْلَاقِ قَطْعًا فَلَا يَقْصِدُ عِمَارَتَهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمُوصِي أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ خَالَفَهُ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ:(عَلَفَهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تَأْكُلُهُ وَبِسُكُونِهَا تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لَهَا الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْعَالِفِ فَيُصْرَفُ لِأُجْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الدَّابَّةِ لِنَحْوِ تَجَمُّلٍ أَوْ مُبَاسَطَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ الدَّابَّةُ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي عَلْفِهَا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (رِعَايَةً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَى غَيْرِهِ اسْتَمَرَّ الصَّرْفُ فِي عَلْفِهَا، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَفَهَا لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ، وَلَا الثَّانِي بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْوَصِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَإِذَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لِمَالِكِهَا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي
قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) أَيْ مَوْجُودٍ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَضَرَائِحُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ إنْشَاءً وَتَرْمِيمًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ. قَوْلُهُ:(وَمَصَالِحِهِ) عَطْفُ عَامٍّ. قَوْلُهُ: (وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا) وَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا إلَخْ. الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمَسْجِدِ الْوَصِيَّةُ لِدَارٍ لِعِمَارَتِهَا فَبَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لِذِمِّيٍّ) وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ كَانَ ذَكَرَ اسْمَهُ فَقَطْ أَوْ وَصْفَهُ بِالذِّمِّيَّةِ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّينَ عَلَى ذِكْرٍ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا حَرْبِيٌّ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ إنْ قَالَ لِلْحَرْبِيِّينَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَسْمَاءَهُمْ أَوْ لِمَنْ يُحَارِبُ لَمْ تَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَمُرْتَدٍّ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ فَإِنْ قَالَ لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ لِلْمُرْتَدِّينَ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ. تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الشَّخْصُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْوَصْفِ فِيهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْصِيَةُ. مَعَ أَنَّ وَصْفَ نَحْوِ الذِّمِّيَّةِ وَالْحَرْبِيَّةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ:(وَصُورَتُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي لَمْ تَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ يَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ عُرْفًا، فَإِنْ قَالَ بِحَقٍّ صَحَّتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ جَائِزٌ فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الْحَقُّ الْجَائِزُ.
قَوْلُهُ: (إنْ أَجَازَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتُنَفَّذَانِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَصِحُّ لِمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ بِالْوَرَثَةِ الْمُطْلَقُونَ التَّصَرُّفُ فَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ مَحْجُورٍ، وَلَا وَلِيِّهِ بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى تَأَهُّلِهِ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَوَارِثَ مَا لَوْ كَانَتْ بِعَيْنٍ، وَلَوْ مِثْلِيَّةً، وَلَوْ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ مَعَ تَمْيِيزِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَكَالْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْإِجَازَةِ إبْرَاؤُهُ وَالْهِبَةُ لَهُ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إجَازَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهِ فَوَقَفَ ثُلُثَيْهَا عَلَى ابْنِهِ وَثُلُثَهُ عَلَى ابْنَتِهِ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُمَا، وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّهِ كَثْرَةَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ)، لَوْ قَالَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ بَطَلَتْ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ:(كَالْهِبَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ. قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَالٌ يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ، بَلْ أَوْلَى مِنْ الْإِرْثِ لِكَوْنِهِ قَهْرًا يَأْثَمُ الْخِلَافُ ثَابِتٌ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمِيرَاثِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِوَارِثٍ إلَخْ) . الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ
«لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ احْتَجَّ بِمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ.
فَائِدَةٌ: لَا تَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ، فَلَوْ أَجَازَ لَمْ يَضْمَنْ مَا لَمْ يَقْبِضْ.
فَرْعٌ: لَوْ وَقَفَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحَّ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى الْإِجَازَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ، وَإِذَا قِيلَ لَزِمَهُ دَفْعُ الْخَمْسِمِائَةِ لِلْوَلَدِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ حِيلَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَصَوَّرَهَا الدَّمِيرِيِّ بِقَوْلِهِ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِأَلْفٍ.
فَلِمَنْ رَدَّ فِي الْحَيَاةِ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالْعَكْسُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهَا. (وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ) أَيْ بِوَقْتِهِ (وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِلَا وَصِيَّةٍ (وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ صَحِيحَةٌ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ، وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِالْحَمْلِ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) وَيَقْبَلُهَا الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ، إنْ قُلْنَا: الْحَمْلُ يُعْلَمُ (وَبِالْمَنَافِعِ) كَالْأَعْيَانِ (وَكَذَا بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِهِمَا الْآنَ (وَ) تَصِحُّ (بِأَحَدِ عَبْدَيْهِ) وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ (وَبِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْخِنْزِيرِ.
(وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ) أَيْ الْمُنْتَفَعِ بِهَا فِي صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ (أَعْطَى) لِلْمُوصَى لَهُ (أَحَدَهَا) بِتَعْيِينٍ فَالْوَارِثُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ) مُنْتَفَعٌ بِهِ (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ) مُنْتَفَعٌ بِهَا (وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَالْأَصَحُّ نُفُوذُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَإِنْ كَثُرَتْ) أَيْ الْكِلَابُ الْمُوصَى بِهَا. (وَقَلَّ الْمَالُ) ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهَا؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَالثَّانِي لَا تَنْفُذُ إلَّا فِي ثُلُثِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَالٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى تُضَمَّ إلَيْهِ، وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ بِتَقْدِيرِ
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّرِكَةِ أَوْ عَدَمَ مُشَارِكٍ فَبَانَ خِلَافَهُ، لَمْ يُصَدَّقْ إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ فِي عَيْنٍ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَتْ إجَازَتُهُ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ، فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عَامٍّ، كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ بَيْتَ الْمَالِ، فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ صَحِيحَةٌ دُونَ مَا أَرَادَ مُرَادُهُ بِالْوَارِثِ الْعَامِّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُعَيَّنٌ هُوَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ بِجِهَةِ الْإِسْلَامِ لَا بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ، وَالْكَافُ بِمَعْنَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِابْنِهِ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ مَثَلًا لَمْ يَحْتَجْ لِإِجَازَةٍ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ:(فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَإِنْ طَالَتْ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَارِثٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَأَنْ أَوْصَى لِأَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَوْ بِمِثْلِهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَسُقُوطُ لَفْظِ كُلٍّ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لَفْظِ قَدْرَ، أَوْ مِثْلَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِهِ، كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ فَرَاجِعْهُ
قَوْلُهُ: (بِالْحَمْلِ) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ وَيَرْجِعُ فِي كَوْنِهَا حَامِلًا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَفِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(حَيًّا) خَرَجَ مَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِهَا فِي غَيْرِ حَمْلِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ أَمَةً مَضْمُونَةٌ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ حَمْلُ أَمَةٍ بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَتِهِ نَعَمْ. جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْوَضْعِ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتُهُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْحَمْلُ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ كَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ) وَيَسْتَحِقُّهُمَا عَلَى الدَّوَامِ مَا لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّةٌ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّجَرَةَ وَالدَّابَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ مُعَيَّنَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ إذَا مَلَكَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ، كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت بِعَبْدِ زَيْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: إنْ مَلَكْته أَوْ مُكَاتَبٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ: (مُعَلَّمٌ) أَيْ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيمِ، وَلَوْ لِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ لِإِمْكَانِ نَقْلِ الْيَدِ عَنْهُ. قَوْلُهُ:(مُحْتَرَمَةٌ) وَهِيَ مَا عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا كَنَجَسٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. قَوْلُهُ:(مَالٌ) أَيْ مُتَمَوَّلٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِهَا أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَاحِدٍ وَبِالْكِلَابِ لِآخَرَ اُعْتُبِرَ ثُلُثُ الْكِلَابِ فِيهِمَا عَدَدًا، لَا قِيمَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ انْكَسَرَتْ كَأَرْبَعَةٍ فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَثُلُثُ الرَّابِعِ شَائِعًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ:(وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ لَهُ كِلَابٌ، وَنَحْوُ زِبْلٍ فَأَوْصَى بِثُلُثِهِمَا فَإِنَّهُمَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُمَا قِيمَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا تُفْرَضُ بِوَصْفِ حَيَوَانَاتٍ مِثْلِهَا لَهَا قِيمَةٌ كَمَا فِي فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا، وَسَكَتَ عَنْ الزِّبْلِ، فَانْظُرْ بِمَاذَا يَفْرِضُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ هُنَا
ــ
[حاشية عميرة]
فَرْعٌ: وَلَّدَهُ الْفِكْرُ لَوْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى زَيْدٍ مُدَّةَ حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوْتِي عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ، وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهَا هَلْ لِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ اعْتِرَاضٌ فِيمَا خَصَّ بِهِ وَلَدَهُ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ مَالِ الْغَيْرِ بِمِثْلِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ) أَيْ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ بَيْعُ الْمَرِيضِ التَّرِكَةَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا قَهْرًا
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ) أَيْ مَعَ الْأُمِّ أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْهَا، وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا هُنَا التَّفْرِيقَ لَكِنْ طَرَدَ ابْنُ كَجٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْ التَّفْرِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(يُعْلَمُ وُجُودُهُ إلَخْ) وَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي حَمْلِ الْبَهَائِمِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَعْيَانِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِثَمَرَةٍ) وَتَصِحُّ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، وَمَهْمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلِلْوَارِثِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(سَيَحْدُثَانِ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ مِلْكُ الْمَعْدُومِ بِعَقْدِ السَّلَمِ، وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِ قَبْلَ النَّقْلِ، ثُمَّ هَذَا التَّعْبِيرُ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَالْمُلَائِمُ لِمَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يَقُولَ سَيَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَثْنِيَةٍ. قَوْلُهُ:(لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا) وَلِأَنَّهَا تُورَثُ وَتُوهَبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ قَوْلُهُ: (بِتَعَيُّنِ الْوَارِثِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ يُعَانِي الزَّرْعَ مَثَلًا دُونَ الصَّيْدِ لَا يَتَعَيَّنُ كَلْبُ الزَّرْعِ، لَكِنْ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ بِخِلَافِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُوصَى لَهُ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَغَتْ) أَيْ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِهِ.