الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ، إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ، فَتَلْزَمُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا ثَوْبًا، وَيُبَيَّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) ، فَإِنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالْبَيَانُ لَغْوٌ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَ بِهِ، فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فَيُبَيِّنُهُ بِغَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارِ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ) ، أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٌ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَالْمُعْتَادُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُطْلَقِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (لَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا قُبِلَ، وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ.
فَصْلٌ: إذَا (أَقَرَّ بِنَسَبٍ إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ، (أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ) وَتَكْذِيبُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَبًا لِلْمُسْتَلْحَقِ (وَلَا الشَّرْعُ) ، وَتَكْذِيبُهُ (بِأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ (مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ. (فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَكَذَّبَهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى أَحَدُ الطُّرُقِ فِي بَيَانِهِ، وَمِنْهَا: أَنْ يُسْقِطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا قَبْلَهُ مُبْتَدَأً مِنْ الْآخَرِ، كَأَنْ يُسْقِطَ فِي هَذَا الثَّمَانِيَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ التِّسْعَةِ قَبْلَهَا فَيَبْقَى وَاحِدٌ، فَيَسْقُطَ مِنْ الْعَشَرَةِ قَبْلَهَا يَبْقَى تِسْعَةٌ وَهِيَ الْوَاجِبُ: وَمِنْهَا: أَنْ يَجْمَعَ الْمُثْبَتَ وَحْدَهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَالْمَنْفِيُّ وَحْدَهُ كَذَلِكَ، وَيَسْقُطُ الْمَنْفِيُّ مِنْ الْمُثْبَتِ فَالْبَاقِي هُوَ الْوَاجِبُ، كَأَنْ يَجْمَعَ هُنَا الْعَشَرَةَ وَالثَّمَانِيَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفِيَّانِ، وَيُلْغِيَ مِنْهَا التِّسْعَةَ؛ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ فَيَبْقَى تِسْعَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَظْهَرُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً، وَهَكَذَا إلَى الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ:(وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي بُطْلَانِهِ مُطْلَقًا، وَلِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بُطْلَانِهِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.
قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنِ) وَمِنْهُ هَذَا الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ هَذَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ جَمِيعُ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ فَرْوَةً وَخُفًّا. قَوْلُهُ:(وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ) وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ لَوْ مَاتَ.
فَرْعٌ: أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ.
فَائِدَةٌ: عَلَيْهِ أَلْفٌ لِشَخْصٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ نَحْوُ عَبْدٍ أَوْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَيَخْشَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الْآخَرُ مَا عَلَيْهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا بِقَدْرِ الَّذِي لَهُ، وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ.
تَنْبِيهٌ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ
وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الصَّادِقِ وَحَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ كُفْرٌ يُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ أَوْ لِمَنْ اسْتَحَلَّهُ. قَوْلُهُ:(إذَا أَقَرَّ) أَيْ ذَكَرٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ غَيْرُ مَمْسُوحٍ مُخْتَارٌ وَلَوْ سَفِيهًا، أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ:(هَذَا ابْنِي) وَمِثْلُهُ أَنَا أَبُوهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُقِرِّ، لَا هَذَا أَبِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَهُوَ الْجَدُّ: وَشَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَابْنِ حَجَرٍ أَوَّلًا وَمُخَالِفٌ لَهُ آخِرًا فِي الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَهُ فِي الْأَوَّلِ غَافِلًا عَمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَلَا هَذِهِ أُمِّي لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: هَذَا ابْنِي وَخَرَجَ نَحْوُ يَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ سَوَاءٌ كَذَّبَهُ الشَّرْعُ أَوْ لَا، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ الْكَافِرُ إلَّا إنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ:(فِي سِنٍّ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ عَدَمُ
ــ
[حاشية عميرة]
فَائِدَةٌ: ذَكَرَهَا ابْنُ سُرَاقَةَ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ، وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَيَخْشَى أَنْ يَقُولَهُ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الَّذِي لَهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا، وَيُقَوَّمُ الَّذِي عِنْدَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:(تَلَفَّظَ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ مَا إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِنْ الْمُعَيَّنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمُحَالٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا لِي، أَوْ قَالَ لِعَمْرٍو بَدَلَ نَفْسِهِ قُبِلَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْقَاضِي فِي الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ: (لِلتُّهْمَةِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِنُدْرَةِ هَذَا الِاتِّفَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ نَقَلَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. خَاتِمَةٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.
[فَصْل أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِنَفْسِهِ]
فَصْلٌ: أَقَرَّ بِنَسَبٍ
مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا أَبِي وَيُصَدِّقُهُ، فَلَوْ كَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنْ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْأَيْمَانُ كَعَكْسِهِ. وَقَوْلُهُ: أَنْتَ أَبِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا ابْنُك، وَقَوْلُ الْأَبِ، أَنْتَ ابْنِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا أَبُوك، وَكُلٌّ صَحِيحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إنْ كَانَ أَهْلًا) أَيْ فَالشَّرْطَانِ الْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْأَهْلَ
لَمْ يَثْبُتْ) نَسَبُهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ قَضِيَّةُ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ. وَشَمِلَ السُّكُوتَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ) نَسَبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ، فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِنْكَارِ، وَقَدْ صَارَ أَهْلًا لَهُ وَأَنْكَرَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ وَأَنْكَرَ.
(وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا وَكَذَا كَبِيرًا فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ. (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَرِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الْمُسْتَلْحَقَ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ
(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ بَالِغًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (لِمَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَيَأْتِي قَبْلَ كِتَابِ الْعِتْقِ. (وَحُكْمُ الصَّغِيرِ) الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ اثْنَانِ. (يَأْتِي فِي) كِتَابِ (اللَّقِيطِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ.
(وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ: هَذَا وَلَدِي ثَبَتَ نَسَبُهُ) بِشَرْطِهِ، (وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَثْبُتُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِالْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ) فِيهِ: هَذَا (وَلَدِي وَلَدْته فِي مِلْكِي) لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِالْمِلْكِ، (فَإِنْ قَالَ: عَلِقْت بِهِ فِي مِلْكِي ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) وَانْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ، (فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ) بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (بِالْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ) . قَالَ صلى الله عليه وسلم:
ــ
[حاشية قليوبي]
التَّصَوُّرِ بِنَحْوِ الزَّمَنِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَشْرِقِيٌّ بِمَغْرِبِيَّةٍ، وَلَمْ يَمْضِ زَمَانُ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِإِمْكَانِ إنْفَاذِ مَنِيِّهِ لَهَا وَاسْتِدْخَالِهِ وَلَا بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِمَّنْ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ أَوْ الزَّمَنُ، وَكَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ مَمْسُوحٌ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِمَا. قَوْلُهُ:(مَعْرُوفَ النَّسَبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ النِّسْبَةُ لِيَدْخُلَ وَلَدُ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ. وَيَدْخُلَ الْمَنْفِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ نُفِيَ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ نُفِيَ عَنْ فَاسِدٍ أَوْ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَلِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ. قَوْلُهُ:(وَأَنْ يُصَدِّقَهُ إلَخْ) وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ السُّكُوتَ فِي الْأَمْوَالِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي النَّسَبِ، نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ التَّصْدِيقِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعَرْضُ هُنَا عَلَى الْقَائِفِ لِعَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ:(فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطٍ تَبَعًا لِلدَّارِ ثُمَّ بَلَغَ، وَاخْتَارَ الْكُفْرَ حَيْثُ يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِهَا ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ:(فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا) وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُ الْمُقِرِّ لِمَجْنُونٍ: هَذَا أَبِي لَا يَلْحَقُهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْمَجْنُونِ: هَذَا ابْنِي أَيْضًا، فَذِكْرُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، فَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لَهَا غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ) بِالْإِرْثِ وَلَا بِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ لَوْ وُجِدَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَبِيرًا) هُوَ مَنْصُوبٌ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ إنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدِ كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ مَرْفُوعٌ إلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ، وَلَمْ يَعُدَّ هَذَا مِنْهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ خَطَّ الْمُصَنِّفِ تَعَدَّدَ فَلْيُرَاجَعْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) بِأَنْ كَذَّبَهُمَا أَوْ سَكَتَ أَوْ صَدَّقَهُمَا، أَوْ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَإِلْحَاقُ الْقَائِفِ حُكْمٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ:(يَأْتِي فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ) وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ بَيِّنَةً ثُمَّ يَسْبِقُ اسْتِلْحَاقٌ، ثُمَّ بِقَائِفٍ ثُمَّ بِتَصْدِيقِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ:(حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ) أَيْ كَوْنُهَا تَسْتَلْحِقُ غَيْرَهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اسْتِلْحَاقِهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا بِالْوِلَادَةِ. قَوْلُهُ:(وَالْعَبْدِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، لَكِنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَسْتَلْحِقُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ سَيِّدُهُ عَتَقَ مُطْلَقًا وَثَبَتَ نَسَبُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ، أَوْ صَدَّقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ غَيْرَ سَيِّدِهِ لَحِقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَصَدَّقَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَخْرُجُ بِتَصْدِيقِهِ عَنْ رِقِّ سَيِّدِهِ، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَتِيقٌ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ وَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ تَقْدِيمُ عَصَبَتِهِ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ.
قَوْلُهُ: (لِوَلَدِ أَمَتِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ فِرَاشًا. قَوْلُهُ: (هَذَا
ــ
[حاشية عميرة]
وَغَيْرَهُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَنْ لَا يَبْطُلَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ إنْ كَانَ صَغِيرًا كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْعَتِيقِ الصَّغِيرَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ نَسَبُهُ) قَدْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مُخَالَفَتِهِ فِي الْمَيِّتِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمَيِّتِ مِيرَاثُ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فِي الْأَصَحِّ) أَيْ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُشَاهِدْ فِرَاشًا وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِلْإِنْكَارِ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الصَّغِيرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ.
فَرْعٌ: لَوْ بَلَغَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (مَجْنُونًا) لَوْ قَالَ الْمَجْنُونُ: هَذَا أَبِي لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَهُ وَاسْتَشْكَلَ الرُّويَانِيُّ الْفُرْقَةَ.
تَنْبِيهٌ: مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ صَوَّرَهَا السُّبْكِيُّ بِمَا لَوْ اتَّصَلَ الْجُنُونُ بِالْبُلُوغِ.
قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ تَأْخِيرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَى الْمَوْتِ يُشْعِرُ بِإِنْكَارِهِ لَوْ وَقَعَ فِي حَيَاتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَذَّبَهُمَا.
قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) لَفْظُهُ «اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ
فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ. (وَاسْتِلْحَاقُ السَّيِّدِ بَاطِلٌ) أَيْ لَا اعْتِبَارَ بِهِ
(وَأَمَّا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ كَهَذَا أَخِي أَوْ عَمِّي، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِيمَا ذُكِرَ (بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) فِي الْإِلْحَاقِ بِنَفْسِهِ. (وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا (كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ نَفَاهُ فِي الْأَصَحِّ) ، فَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِهِ بَعْدَ نَفْيِهِ إيَّاهُ، كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ هُوَ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ، فَلَا يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ فِي إلْحَاقِ مَنْ نَفَاهُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلْحَاقَ عَارٍ بِنَسَبِهِ، (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُقِرِّ) فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ (وَارِثًا حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، كَابْنَيْنِ أَقَرَّا بِثَالِثٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرِثُ مَعَهُمَا. (وَالْأَصَحُّ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ لَا يَرِثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، (وَلَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ) وَالثَّانِي يَرِثُ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَدِي) وَإِنْ قَالَ مِنْ زِنًا، وَإِنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ:(بِنِكَاحٍ مَثَلًا) كَوَطْءِ شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَلَكَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ ذَكَرَ مُدَّةً لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَهِيَ مِلْكِي مِنْ عَشَرِ سِنِينَ، وَعُمْرُ الْوَلَدِ دُونَ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ أَيْضًا، وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحْبَلَهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَبِيعَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ بِالشِّرَاءِ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ:(بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْإِمَاءِ الِاسْتِخْدَامُ بِالْأَصَالَةِ.
قَوْلُهُ: (زَمْعَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، اسْمُ رَجُلٍ صَحَابِيٍّ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) شَمِلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ ضَعِيفٌ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ. قَوْلُهُ:(كَهَذَا أَخِي) وَإِنْ قَالَ مِنْ زِنًا وَلَوْ مُتَّصِلًا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ قَالَ: مِنْ رَضَاعٍ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ صُدِّقَ إنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا، وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ هُمَا، وَكَذَا فِي الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ:(عَمِّي) وَمِثْلُهُ أَبِي كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا فَكَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَالْجَدِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا حَيْثُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَيِّتًا) خَرَّجَ الْحَيَّ وَلَوْ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ لِغَيْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُ الْمُقِرِّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَبٍ أَوْ أَخٍ لَمْ يُقْبَلْ، لِتَضَرُّرِ مَنْ لَهُ لِوَلَاءٍ بِمَنْعِهِ مِنْ الْإِرْثِ مَعَ إمْكَانِ ثُبُوتِ النَّسَبِ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي إلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَارِثًا) وَلَوْ مَآلًا أَوْ بِوَلَاءٍ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ، فَلَوْ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْ مُتَعَدِّدِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْبَقِيَّةِ، وَخَرَجَ بِوَارِثٍ مَا لَوْ خَلَفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَيَكْفِي إقْرَارُ مَنْ شَارَكَ الْمَيِّتَ فِي دِينِهِ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(حَائِزًا) وَلَوْ مَآلًا كَمَا سَيَأْتِي أَوْ بِوَاسِطَةٍ، كَأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَةِ جَدِّهِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَخِ فِيمَا يَأْتِي، وَقَوْلُ الْحَائِزِ أَبِي عَتِيقُ فُلَانٍ يُثْبِتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءَ، إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: (وَيَرِثُ مَعَهُمَا) كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحِيَازَةِ الَّتِي امْتَنَعَتْ الْمُشَارَكَةُ لِأَجْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْحِيَازَةُ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ الْإِقْرَارِ فَقَطْ لَوَرِثَ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اعْتِبَارَ الْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْإِلْحَاقِ، حَتَّى لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَقْتَ الْمَوْتِ ثُمَّ زَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِلْحَاقُ إنْ انْفَرَدَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْدِيقِهِ مَعَ غَيْرِهِ لَوْ كَانَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشَارِكُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِالْمُشَارَكَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ اتِّفَاقًا، وَهَذِهِ حِكْمَةُ ذِكْرِ الْمُشَارَكَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا بِذِكْرِ عَدَمِ الْإِرْثِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا الشَّارِحُ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ، فَقَالَ سَعْدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَانْظُرْ إلَى شَبَهِهِ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ: يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ» فَلَمْ تَرَهُ قَطُّ.
وَالْأَمْرُ بِالِاحْتِجَابِ وَرَعًا لِمَكَانِ الشَّبَهِ. وَالْغُلَامُ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ يَمَانِيَّةً، وَقَدْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ فِرَاشَ الْأَمَةِ، وَعُوِّلَ عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ. وَحُجَّتُنَا هَذَا الْحَدِيثُ، وَاعْتُذِرَ بِأَنَّهُ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَبْدُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ؛ وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ الْمُورِثَ فِي حُقُوقِهِ وَهَذَا مِنْهَا. وَخَالَفَ الْبُوَيْطِيُّ وَاعْتَذَرَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْلَمُ الْفِرَاشَ الَّذِي لِزَمْعَةَ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: هَذِهِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ، لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ. وَقَالَ: هَذَا أَخِي ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ لَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(مَيِّتًا) خَرَّجَ الْحَيَّ وَلَوْ مَجْنُونًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَارِثًا حَائِزًا) وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ خَلِيفَةَ الْمُورِثِ. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْمُعْتِقِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَلَوْ خَلَفَ ابْنَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَيْرُ وَارِثٍ كَفَى إلْحَاقُ الْوَارِثِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْعِبَارَةُ، وَكَذَا لَوْ أَلْحَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ أَوْ عَكْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ عِنْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ زَالَ فَفِي صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ نَظَرٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعُمُومَةِ مَجْهُولٍ وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ حَائِزًا لِتَرِكَةِ جَدِّهِ الْمُلْحَقِ بِهِ صَحَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَا يُشَارِكُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ بِالْفَاءِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ قَالَ: وَخَالَفَنَا فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَالُوا: يُشَارِكُ الْمُقِرَّ: فِي حِصَّتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَمَنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِإِشْكَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى نَصِيبٍ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
بِأَنْ يُشَارِكَ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الْمُشَارَكَةِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيمَا يُرِيهِ فِي الْأَصَحِّ بِثُلُثِهِ، وَقِيلَ: بِنِصْفِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْبَالِغَ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْإِقْرَارِ) ، بَلْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ، وَالثَّانِي يَنْفَرِدُ بِهِ وَيُحْكَمُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ خَطِيرٌ لَا يُجَازَفُ فِيهِ
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ) الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ، (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَمَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ صَارَ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ نَظَرًا إلَى إنْكَارِ الْمُوَرِّثِ الْأَصْلَ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٍ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ، فَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ نَسَبَ الْمُقِرِّ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) إنْكَارُهُ (وَيَثْبُتُ أَيْضًا نَسَبُ الْمَجْهُولِ) وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ الْإِنْكَارُ فَيَحْتَاجُ الْمُقِرُّ إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى نَسَبِهِ، وَالثَّالِثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَيْسَ بِوَارِثٍ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ الظَّاهِرُ يَحْجُبُهُ الْمُسْتَلْحَقُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ (وَلَا إرْثَ) لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ الْإِرْثُ، وَلَوْ وَرِثَ الِابْنُ لَحُجِبَ الْأَخُ فَيَخْرُجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ فَيَنْتَفِي نَسَبُ الِابْنِ وَالْمِيرَاثِ. وَالثَّالِثُ يَثْبُتَانِ وَلَا يَخْرُجُ الْأَخُ بِالْحَجْبِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِلتَّرِكَةِ لَوْلَا إقْرَارُهُ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بِثُلُثِهِ) أَيْ بِثُلُثِ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مُسْتَحَقٌّ لِلثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ فَقَطْ أَيْضًا، نَظَرًا إلَى أَنَّ قَضِيَّةَ الْمِيرَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ إلَّا وَيُسَلَّمُ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يَلْزَمُ فِي الْبَاطِنِ وَهُوَ مَعَ كَذِبِ الْمُقِرِّ لَا شَيْءَ لِهَذَا الثَّالِثِ، وَمَعَ صِدْقِهِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثَّالِثُ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) وَكَذَا لَوْ سَكَتَ لَكِنْ فِي هَذِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَا خِلَافٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ النَّسَبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقْرَارٍ جَدِيدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ، ثُمَّ مَاتَ الْوَارِثُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ يُرَدُّ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ شَيْخِنَا مِنْ اعْتِبَارِ الْإِرْثِ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:(الْمُوَرِّثِ الْأَصْلَ) وَهُوَ الْأَخُ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي إرْثِ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ) وَيَرِثْ مَعَهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْجَبْ حِرْمَانًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْحِيَازَةِ، وَعَلَى ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي لَوْ أَقَرَّا مَعًا بِثَالِثٍ فَأَنْكَرَ هَذَا الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي بَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَوْلُهُمْ: أَدْخِلْنِي أُخْرِجُك، وَلَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولِينَ فَأَنْكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَمْ يُؤَثِّرْ، فَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُصَدَّقِ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا. قَوْلُهُ:(وَلَا إرْثَ لَهُ) لِلُزُومِ الدُّورِ، قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَفِي هَذَا قَطْعُ الدُّورِ مِنْ وَسَطِهِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي قَطْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ هُنَا مَعَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ حِرْمَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِبِنْتٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَوَرِثَتْ مَعَهُ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ، وَبَقِيَ الْإِرْثُ فِيمَا ذُكِرَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَى الْحَاجِبُ عَلَى الْأَخِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْأَخُ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَحَلَفَ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ وَرِثَ وَحَجَبَ الْأَخَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا كَالْإِقْرَارِ فَفِيهِ مَا فِيهِ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ وَأُخْتٌ بِابْنٍ سُلِّمَ لِلْأُخْتِ حِصَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ ابْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِأَخٍ لَهُمْ وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ، وَثَبَتَ نَسَبُ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية عميرة]
وَالْجَوَابُ الْمُغْنِي عَنْ التَّكَلُّفِ الْقِيَاسُ، عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الِاعْتِرَافِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُشَارِكَ الْمُقِرَّ) يُرَدُّ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ الْمُشَارَكَةُ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَا يَثْبُتُ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(بِثُلُثِهِ وَقِيلَ بِنِصْفِهِ) هُمَا جَارِيَانِ أَيْضًا إذَا قُلْنَا بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَنْفُذُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَائِزًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) لَوْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا السُّكُوتُ، ثُمَّ سِمَاتٌ ثَبَتَ النَّسَبُ قَطْعًا. قَوْلُهُ:(فَيَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِنَسَبِ الْمَجْهُولِ، وَالْمَجْهُولُ قَدْ أَنْكَرَهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ رَكِيكٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إرْثَ) أَيْ لِلُزُومِ الدُّورِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: هَذَا الْوَجْهُ فِيهِ قَطْعُ الدُّورِ مِنْ وَسَطِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَطْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ:(لَوْلَا إقْرَارُهُ) أَيْ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٌ بِابْنٍ آخَرَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ حَائِزٌ لَوْلَا الْإِقْرَارُ أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَارِثِ لَوْلَا إقْرَارُهُ وَالْحَائِزِ لَوْلَا إقْرَارُهُ.