الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَقِيلَ طَلْقَتَانِ نَظَرًا إلَى نِصْفِ كُلِّ طَلْقَةٍ (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ، (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَتَانِ) نَظَرًا فِي الْأُولَى إلَى زِيَادَةِ النِّصْفِ الثَّالِثِ عَلَى الطَّلْقَةِ فَيُحْسَبُ مِنْ أُخْرَى وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ فِيهِمَا إلَّا طَلْقَةً إلْغَاءٌ لِلزَّائِدِ فِي الْأُولَى وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّ الْمُضَافَيْنِ مِنْ أَجْزَاءِ الطَّلْقَةِ.
(وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لَا طَلْقَتَانِ لِانْتِفَاءِ تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ لِانْتِفَاءِ الْعَطْفِ
(وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ مَا ذَكَرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةً أَوْ بَعْضَهَا فَتَكْمُلُ (فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ وَقَعَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ (فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ) ، كَمَا يَقَعُ فِي وَاحِدَةٍ، وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ، (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَيْنَكُنَّ بَعْضَهُنَّ) أَيْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ مَثَلًا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي شَرِكَتَهُنَّ وَيَدِينُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ بَيْنَكُنَّ لِمَا أَرَادَ بِخِلَافِ عَلَيْكُنَّ، فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَعْضَهُنَّ جَزْمًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ) أَوْ مِثْلُهَا (فَإِنْ نَوَى) بِذَلِكَ طَلَاقَهَا (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، (وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ) أَيْ قَالَ لَهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا فَإِنْ نَوَى طَلَاقَهَا بِذَلِكَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِمَا ذَكَرَ.
فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ
كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً فَيَقَعُ ثِنْتَانِ (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُؤَثِّرْ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاتِّصَالِ (سَكْتَةُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (إذَا وَزَّعَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِهِ فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَسَيَأْتِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَرْبَعِ فِيهِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ فَيَقَعُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَانِ، فَإِنْ قَالَ تِسْعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ عَطَفَ كَقَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً، وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً، أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ ثَلَاثٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ:(وَأَرْبَعٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) نَعَمْ إنْ قَالَ أَرَدْت لِفُلَانَةَ ثِنْتَيْنِ مَثَلًا، وَلِفُلَانَةَ وَاحِدَةً وَمَثَلًا وَتَوْزِيعُ الْبَاقِي عَلَى الْبَاقِيَاتِ قُبِلَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَهَا) أَيْ مُنَجَّزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِدُخُولِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى، أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الْأُخْرَى لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يَدِينُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ قَصَدَ تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ عَلَى دُخُولِهَا أَوْ دُخُولِ الْأُولَى، عُمِلَ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَهُوَ كَقَصْدِ الْأُولَى. قَوْلُهُ:(أَشْرَكْتُك مَعَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ وَأَشْرَكْتُك مَعَهَا إنْشَاءٌ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَنْقَسِمُ بِمَعْنَى لَا يَقَعُ بَعْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَكْمِيلٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا وُقُوعُ بَعْضِهِ وَيَكْمُلُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
فَرْعٌ: حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَتَحْتَهُ زَوْجَاتٌ فَلَهُ تَعْيِينُهُ فِي وَاحِدَةٍ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ أَبَانَهَا أَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا دُونَ الثَّلَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْإِبَانَةِ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ زَوْجَاتِي أَوْ نِسَائِي وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الثَّلَاثُ، وَامْتَنَعَ التَّوْزِيعُ فَإِنْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَعَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيُرْجَعُ لِتَعْيِينِهِ.
فَرْعٌ: سُئِلَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي شَهَادَةٍ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ اجْتِمَاعَ خَطِّهِمَا فِي وَرَقَةٍ لَا يَحْنَثُ إنْ كَتَبَ خَطَّهُ قَبْلَ رَفِيقِهِ، قَالَ: وَلَدُهُ شَيْخُنَا وَمَحِلُّ هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ اسْتِدَامَةَ الْكِتَابَةِ لَيْسَ كَابْتِدَائِهَا، وَإِلَّا فَيَحْنَثُ لِأَنَّ مَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ كَالْعُقُودِ يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ.
فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ مِنْ الثَّنْيِ بِمَعْنَى الِانْعِطَافِ وَالِالْتِوَاءِ وَاصْطِلَاحًا الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا. مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِي الْكَلَامِ قَبْلَهُ وَمِنْ الِاسْتِثْنَاءِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْأَوَّلِ، وَالصَّحِيحُ اسْتِحْقَاقُ النِّصْفِ وَوُقُوعُ الطَّلْقَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي صَرَاحَتِهِ وَكِنَايَتِهِ وَجْهَيْنِ ثُمَّ الْوُقُوعُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مُحَلَّلٌ وَمُحَرَّمٌ غَلَبَ الْمُحَرَّمُ. قَوْلُهُ:(وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَكَرُّرُ لَفْظَةِ طَلْقَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ إلَخْ) لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى، أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الْأُخْرَى، لَمْ يُقْبَلْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْيِيرِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت إذَا دَخَلَتْ الْأُولَى طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ، قُبِلَ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا كَمَا فِي الْأُولَى، فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي التَّنْجِيزِ فَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ.
[فَصْلٌ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَدَّهُ عَمْرُونُ مِنْ النُّحَاةِ بِأَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الثَّانِي مَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ بِإِلَّا أَوْ كَلِمَةٍ تَقُومُ مَقَامَهَا بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما -
تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ فَاصِلَا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْيَسِيرِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ، (قُلْت وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَبْدُوَ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ.
(وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثَّلَاثُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثٌ) الثَّانِي يَجْمَعُ الْمُسْتَثْنَى فَيَكُونُ مُسْتَغْرِقًا وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ وَيُلْغَى قَوْلُهُ وَوَاحِدَةً لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ، (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ وَقِيلَ ثِنْتَانِ) الثَّانِي يَجْمَعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الثَّلَاثِ وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدِ فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ.
(وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ) أَيْ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ (فَلَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى الثَّانِيَ مُسْتَثْنَى
ــ
[حاشية قليوبي]
هُنَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ التَّعْلِيقُ بِنَحْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا رَفَعَ الطَّلَاقَ لِوُجُودِ النَّصِّ فِيهِ. قَوْلُهُ:(يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) سَوَاءٌ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ وَيَعُودُ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ مُتَعَاطِفَاتٍ وَإِنْ كَثُرَتْ حَيْثُ لَا تَخَلُّلَ كَذَا.
قَالُوا فَانْظُرْهُ مَعَ اعْتِبَارِ قَصْدِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الطَّلَاقِ) وَكَذَا فِي غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) وَمَعْرِفَتِهِ بِمَعْنَاهُ وَالتَّلَفُّظِ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا سَمَاعَ غَيْرِهِ لِقَبُولِهِ لِأَنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ، فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَسْمَعْهُ صُدِّقَ هُوَ، وَلَوْ أَنْشَأَ لَهُ غَيْرَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ نَفْعَهُ لِجَهْلِهِ مَثَلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) وَنَحْوِ سُعَالٍ وَعُطَاسٍ وَانْقِطَاعِ صَوْتٍ وَتَذَكُّرٍ. قَوْلُهُ: (فَيَضُرُّ) إلَّا نَحْوَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ نَحْوُ يَا زَانِيَةُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ غَالِبًا فِي الْأَيْمَانِ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لَفْظُ الْيَمِينِ وَمِنْهَا لَفْظُ ثَلَاثٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ رَفَعَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الصِّيغَةُ الْوَاحِدَةُ تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْفَصِلِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَرَدَّهُ الْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ مِنْ الْخَطَإِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ لَأَيُّوبَ {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] .
تَنْبِيهٌ: مِنْ أَفْرَادِ مَا ذَكَرَ هُنَا مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي أَوْ مِنْ نَحْوَ رَأْسِي أَوْ مِنْ ظَهْرِ فَرَسِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:(عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِ لَفْظِهِ الثَّانِي لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا أَوْقَعَ لَا مِمَّا وَقَعَ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا يَقَعُ وَاحِدَةً نَظَرًا لِمَا وَقَعَ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ أَنَّ فِيهِ جَمْعَ الْمُفَرَّقِ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَمِنْ الْمُسْتَغْرَقِ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك، أَوْ سِوَاك أَوْ سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاطَبَةِ فَإِنْ أَخَّرَ لَفْظَ طَالِقٍ عَنْ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا، فَلَا وُقُوعَ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ أَنَّ أَدَاةَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَصْفٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَعْرَبَهَا بِإِعْرَابِهَا وَكَانَ نَحْوِيًّا فَلَا يَقَعُ فَإِنْ لَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ النِّسَاءُ طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا فُلَانَةَ لَمْ يَقَعْ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ مَا لَمْ يُلْحِقْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْجَمْعَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بَاطِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى، وَفِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا مَثَّلَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَفِيهِمَا مَعًا نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً. وَوَاحِدَةً فَيَقَعُ ثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ، ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَقِيلَ يَقَعُ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَغْرَقِ وَقِيلَ وَاحِدَةً، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ عَدَمَ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَقَعَتْ الْأُخْرَى فَقَطْ، وَإِلَّا وَقَعَا مَعًا فَرَاجِعْهُ.
وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً فَقَطْ وَقَعَتْ الْأُخْرَى، وَثَانِيَةً لَا تَقَعُ وَقَعَ وَاحِدَةً، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَقَع الثَّانِيَةُ، وَلَوْ قَالَ أَنْت لَا طَلُقْتِ أَوْ أَنْت لَا طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا شَيْءَ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ أَرْبَعَتكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً طُلِّقْنَ جَمِيعًا لِأَنَّ أَرْبَعَ لَيْسَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَاسْتَوْجَهَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْأَعْدَادِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرْبَعَتكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ حَرْفِ الْعَطْفِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (إثْبَاتٍ) لَمْ يَقُولُوا وَاقِعٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِثْبَاتِ الْوُقُوعُ فَقَدْ يَقَعُ كَمَا فِي
ــ
[حاشية عميرة]
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ فَرَاغِ الْكَلَامِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ تَأْثِيرِهِ إذَا طَرَأَ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالصَّيْمَرِيُّ وَحَكَاهَا الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ يُسْتَثْنَى قَبْلَ قَطْعِ الْكَلَامِ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ أَقْوَى مِنْ نِيَّتِهِ اهـ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ وَلَكِنْ عَلَى الِاتِّصَالِ قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا التَّلَفُّظُ بِهِ فَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لَا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا أَيْ إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقًا، أَوْ مِثْلَ أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ، وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ تَعْلِيقًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَأَخُّرُهُ عَلَى وَجْهٍ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ خِلَافَهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى. وَقَوْلُنَا إنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ لَيْسَ فِي كُلِّ التَّعْلِيقَاتِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ آخِرِ طَلَاقٍ، وَبِمُرَاجَعَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ فَصْلِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ. قَوْلُهُ:(وَلَوْ قَالَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (فَثَلَاثٌ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ الِاسْتِثْنَاءُ يَعُودُ إلَى كُلِّ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ أَنْ يَقَعَ طَلْقَتَانِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ) عَلَّلَ عَدَمَ الْجَمْعِ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي إفْرَادَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِحُكْمٍ، وَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ الَّتِي هِيَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت وَطَالِقٌ وَطَلَاقٌ لَا يَقَعُ سِوَى وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ:(مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ طُلِبَ مِنْهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ شَخْصٍ
مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ) لِمَا ذَكَرَ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ مُسْتَغْرِقٌ فَيَلْغُو، وَالثَّانِي مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَيَلْغُو أَيْضًا (وَقِيلَ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ صَحِيحٌ فَيَعُودُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، (أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ) اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ لِأَنَّهُ لَفْظِيٌّ وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ، تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَقِيلَ ثِنْتَانِ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقَك (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِالْوُقُوعِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ مِنْ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ، فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَاحْتَرَزَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ.
(وَكَذَا يُمْنَعُ) التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ (انْعِقَادُ تَعْلِيقٍ) نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَعِتْقٌ) نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ
ــ
[حاشية قليوبي]
الطَّلَاقِ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ فِي الشَّهْرِ إلَّا مَرَّةً أَوْ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لَا يَبِيتُ عِنْدَ فُلَانٍ فِي الشَّهْرِ لَيْلَةً، أَوْ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ لَا يَلْبَسُ إلَّا الْحَرِيرَ، فَلَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(لِمَا ذَكَرَ) وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ قَالَ إلَّا نِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ حَمْلًا عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ إلَّا إنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ:(إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَمِثْلُ إنَّ بَقِيَّةَ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ نَحْوُ مَتَى وَلَوْ وَلَوْلَا وَمِثْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَضِيَ اللَّهُ أَوْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ اخْتَارَ اللَّهُ، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ حَكَمَ اللَّهُ أَوْ مَنَّ اللَّهُ بِخِلَافِ، وَعَلِمَ اللَّهُ أَوْ أَمْرُهُ أَوْ قُدْرَتُهُ أَوْ حِكْمَتُهُ فَتُطْلَقُ فِي الْحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْلِيقًا سَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ أَتَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا اللَّهِ، أَوْ فِي رِضَاهُ فَهِيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَوْ بِعِلْمِ اللَّهِ أَوْ فِي عِلْمِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَرَاجِعْ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَوْ تَعَدَّدَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَهُ بِمَا قَبْلَهُ، فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِعَطْفٍ أَوْ دُونَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا وَمِثْلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ الْمِلْكِ وَالْبَهِيمَةِ وَأَمَّا مَشِيئَةُ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَتْ يَقِينًا فِي حَيَاتِهِ وَعُلِمَ بِهَا الْمُعَلَّقُ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا اللَّهُ أَوْ لَوْلَا أَبُوك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا إلَّا إنْ سَبَقَهُ الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ، وَقَالَ قَصَدْت إخْرَاجَ مَا قَدَرَ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ) وَعَنْ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا، أَوْ هَلْ ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ أَوْ لَا فَهُوَ مِثْلُ التَّبَرُّكِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا قَصْدُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ يَقَعُ) أَيْ حَالًا كَمَا لَوْ فَتَحَ هَمْزَةَ إنَّ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذَا أَوْ بِمَا سِوَاهُ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَتَطْلُقُ حَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَلَّقَ فِيهِ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ، أَوْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ.
وَلَمْ تَطْلُقْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِعَدَمِهَا، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ طَلْقَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ فَطَلْقَتَيْنِ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَقَعَ ثِنْتَانِ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ وَقَعَ الْمُعَلَّقَتَانِ عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُمْنَعُ) مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُمْنَعُ الْإِطْلَاقُ هُنَا، وَفَارَقَ النِّيَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ نَحْوُ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ لِمُنَافَاتِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ سِوَى اللَّيْلَةِ الْفُلَانِيَّةِ، لَيْلَةٍ مُسْتَقْبِلَةٍ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَبِيتِهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ الْحِنْثُ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِيٍّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الشَّكْوَى مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ وَيُوَافِقهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ، فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ اهـ. قَوْلُهُ:(فَثِنْتَانِ) أَيْ تَصْحِيحًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ تَعْلِيقِهِ، وَبِالثَّانِي لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ. قَوْلُهُ:(وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ) قَضِيَّته أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَثَلًا اُعْتُبِرَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثًا إلَخْ) لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا نِصْفًا فَيُرَاجَعُ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ، أَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ تُفْتَى بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ، قَالَ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ ثُمَّ نَسْتَثْنِي طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَبْقَى نِصْفُ طَلْقَةٍ. قَوْلُهُ:(تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ.
قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ اللَّفْظِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْمَشِيئَةِ بَلْ كُلُّ تَعْلِيقٍ كَذَلِكَ اهـ. ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ خَصَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إلَخْ) . أَيْ وَكَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا، مِنْ الشُّرُوطِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا طَرِيقُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةٍ جَدِيدَةٍ، وَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمَةٌ، فَلَمَّا تَعَذَّرَ وُقُوعُ الصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَوَابُهُ بَيِّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْمَشِيئَةِ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ إلَخْ) مِثْلُهُ سَبْقُ اللِّسَانِ وَمَا لَوْ قَصَدَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. قَوْلُهُ:(وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ إلَخْ) عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ الْمُنْجَزَ فَالْمُعَلَّقُ