الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَإِنْ فُوِّضَ إلَيْهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ فُوِّضَ إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ.
(وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) النَّظَرُ. (وَنَصْبُ غَيْرِهِ) وَهَذَا حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ لَهُ.
(إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ) فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ.
(وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ) مُدَّةً بِأُجْرَةٍ (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) عَلَيْهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.
كِتَابُ الْهِبَةِ
هِيَ شَامِلَةٌ لِلصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي. (التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) ذَاتُ أَنْوَاعٍ.
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهُ مَا دَامَ لَهُ قِيمَةٌ. فَرْعٌ حُرِّرَ الدِّرْهَمُ النُّقْرَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ فِي سِتَّةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَلْفِ، فَوُجِدَ أَنَّهُ قَدْرُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ مُعَامَلَةً ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ حَرَّرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ فَوَجَدَهُ يُسَاوِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) عَلَى مَا فِي الْوَصِيَّةِ لِاثْنَيْنِ. تَنْبِيهٌ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ دَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَمَتَى ثَبَتَ رُشْدُ وَاحِدٍ لَمْ يُنْتَقَلْ عَنْهُ بِرُشْدِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِرُشْدِ اثْنَيْنِ مَثَلًا اشْتَرَكَا حَيْثُ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ وَسَقَطَ الرُّشْدُ لِلتَّعَارُضِ فِيهِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ.
قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَالْمُدَرِّسُ وَالْإِمَامُ وَالطَّلَبَةُ وَنَحْوُهُمْ، فَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِلنَّاظِرِ وَلَا لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَا يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ يَضُمَّن عَازِلُهُمْ بِهِ، وَيُطَالَبُ بِسَبَبِهِ إلَّا إنْ عُلِمَتْ صِيَانَتُهُ وَدِيَانَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَعِلْمُهُ. فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالْمُعِيدِ إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مَنْ يُعِيدُ لِلطَّلَبَةِ مَا قَرَأَهُ الْمُدَرِّسُ لِإِيضَاحٍ أَوْ تَفْهِيمٍ، وَيُنَزَّهُ مَحِلُّ التَّدْرِيسِ عَنْ تَفْرِقَةِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلطَّلَبَةِ، وَلَوْ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ بَقِيَ مَعَ مَنْ يَصْرِفُ لَا لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِمَعْرِفَةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُمْ.
قَوْلُهُ: (أَجَّرَ النَّاظِرُ) خَرَجَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ، فَلَهُ إجَارَةُ حِصَّتِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا. قَوْلُهُ:(أَوْ ظَهَرَ) أَيْ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ. فَرْعٌ لَوْ ضَاقَ الْوَقْفُ عَنْ مُسْتَحِقِّيهِ لَمْ يُقَدَّمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ إحْدَاثُ وَظِيفَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ قُرِّرَ فِيهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَعْلُومِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ وَظِيفَةٍ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَيَفْسُقُ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَيَنْعَزِلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَقْدِيمُ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْإِعْطَاءِ، وَلَوْ انْدَرَسَتْ مَقْبَرَةٌ مَوْقُوفَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَمْ يَجُزْ لِلنَّاظِرِ إجَارَتُهَا لِلزِّرَاعَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَصَدَ صَرْفَ أُجْرَتِهَا لِنَحْوِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ يَضُمَّنِّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَمِقْدَارِ حِصَصِهِمْ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ لَا بَيِّنَةَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَوَارِثُهُ، وَإِلَّا فَنَاظِرٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ لَوْ اخْتَلَفَا وَإِلَّا فَذُو الْيَدِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ لِلْكُلِّ قُسِمَ بَيْنَهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ نَاظِرِ الْحَاكِمِ وَنَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ مَا عَدَا الْعِمَارَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كِتَابُ الْهِبَةِ مِنْ هَبَّ بِمَعْنَى مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى، أَوْ بِمَعْنَى تَيَقَّظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْخَيْرِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ وَقَدْ تَخْرُجُ عَنْ النَّدْبِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ:(هِيَ إلَخْ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَهِيَ مُقَابِلَةٌ لَهُمَا. قَوْلُهُ:(التَّمْلِيكُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَقْلُ الْيَدِ عَنْ اخْتِصَاصٍ فَيَصِحُّ وَلَا يُسَمَّى هِبَةً الْعَارِيَّةُ وَالضِّيَافَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ بِالِازْدِرَادِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَشَمِلَ التَّمْلِيكُ مَا يُهْدَى لِغَنِيٍّ مِنْ نَحْوِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ هَدْيٍ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَا
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (يَنْفَسِخُ) اقْتِضَاءُ هَذَا الِانْفِسَاخِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى فَسْخٍ. فَرْعٌ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ هَلْ يَجُوزُ الِاتِّجَارُ فِيهِ؟ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْجَوَازِ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلَا. خَاتِمَةٌ أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ تَرْمِيمَ الْوَقْفِ وَفِي رِيعِهِ كِفَايَةٌ، نَقَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِهِمْ مَنْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْطِيلِ غَرَضِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْأَجْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ.
[كِتَابُ الْهِبَةِ]
ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّمْلِيكُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الِاخْتِصَاصَاتِ لَا تَجْرِي فِيهَا الْهِبَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا.
(فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) أَيْ لِأَجْلِهِ شَيْئًا. (فَصَدَقَةٌ فَإِنْ نَقَلَهُ إلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ) فَكُلٌّ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَالْهَدِيَّةِ هِبَةٌ، وَلَا عَكْسَ وَغَيْرُهُمَا اقْتَصَرَ عَلَى اسْمِ الْهِبَةِ، وَانْصَرَفَ الِاسْمُ عَنْ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ. (وَشَرْطُ الْهِبَةِ) أَيْ لِتَتَحَقَّقَ (إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا) نَحْوُ وَهَبْت لَك هَذَا فَيَقُولُ قَبِلْت. (وَلَا يَشْتَرِطَانِ فِي الْهَدِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْمُشْتَرَطُ قَاسَهَا عَلَى الْهِبَةِ وَحَمَلَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَرَدَّ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي الْمَبْعُوثِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الصَّدَقَةُ كَالْهَدِيَّةِ بِلَا فَرْقٍ وَقَوْلُهُ لَفْظًا تَأْكِيدٌ وَنَصَبَهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ الْبَاءِ (وَلَوْ قَالَ) بَدَلَ وَهَبْتُك. (أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ) أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمُرَك. (فَإِذَا مِتّ فَهِيَ لِوَرَثَتِك فَهِيَ هِبَةٌ) طَوَّلَ فِيهَا الْعِبَارَةَ. (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَرْتُكَ) هَذِهِ الدَّارَ (فَكَذَا) أَيْ هِيَ هِبَةٌ. (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ الْبُطْلَانُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ سَنَةً. (لَوْ قَالَ) بَعْدَهُ (فَإِذَا مِتّ عَادَتْ إلَيَّ فَكَذَا) أَيْ هِيَ هِبَةٌ. (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى الْجَدِيدِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَعَلَى الْقَدِيمِ، تَبْطُلُ مِنْ بَابِ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَلَوْ قَالَ أَرْقَبْتُك) هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ جَعَلْتهَا لَك رُقْبَى أَيْ إنْ مِتّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ وَإِنْ مِتّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ) فَالْجَدِيدُ يَصِحُّ هِبَتُهُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ إنْ مِتّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ، وَالْقَدِيمُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَالرُّقْبَى مِنْ الرَّقُوبِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ،
ــ
[حاشية قليوبي]
عِوَضٍ التَّطَوُّعُ فَيَخْرُجُ الْبَيْعُ، وَنَحْوُهُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ كَوْنِهِ فِي حَيَاةٍ لِتَخْرُجَ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ. قَوْلُهُ:(مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) لَيْسَ قَيْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ لِأَجْلِهِ أَيْ فِي الثَّوَابِ الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا عَنْ ثَوَابِ الدُّنْيَا الْآتِي الَّذِي تَكُونُ الْهِبَةُ مَعَهُ بَيْعًا لَا خُصُوصَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَقَلَهُ) لَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ لِأَنَّ مِنْ الْهَدِيَّةِ الْعَقَارُ مَثَلًا وَلَيْسَ فِيهِ نَقْلٌ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ مَا يَشْمَلُ الْبَعْثَ بِهِ إلَيْهِ مَعَ وَكِيلِهِ مَثَلًا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بِالْوَاوِ لِإِيهَامِ الْفَاءِ أَنَّ الْهَدِيَّةَ قِسْمٌ مِنْ الصَّدَقَةِ مَرْدُودٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الصَّدَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْهَدِيَّةِ، وَبِفَرْضِ عَدَمِ ذَلِكَ قَدْ يَجْتَمِعَانِ، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْحَاجَةُ. قَوْلُهُ:(إكْرَامًا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ نَحْوِ رِشْوَةٍ وَإِعْطَاءِ نَحْوِ شَاعِرٍ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ. قَوْلُهُ: (فَهَدِيَّةٌ) وَلَعَلَّ مِنْهَا خِلَعَ الْمُلُوكِ الْمَعْرُوفَةُ وَكِسْوَةَ نَحْوِ الْحَاجِّ إذَا قَصَدَ دَافِعُهَا عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا عَكْسَ) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَيْسَ كُلُّ هِبَةٍ صَدَقَةً، وَهَدِيَّةً وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْحَلِفِ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَوْ حَلَفَ لَا يُهْدِي لَمْ يَحْنَثْ بِصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ، أَوْ لَا يَهَبُ حَنِثَ بِهِمَا، وَعِتْقُ عَبْدِهِ وَإِبْرَاءُ مَدِينِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ:(وَمِنْ ذَلِكَ) يُفْهِمُ أَنَّ هُنَاكَ قِسْمًا آخَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَكُلُّهَا مَنْدُوبَةٌ وَأَفْضَلُهَا الصَّدَقَةُ. نَعَمْ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ:(لِتَتَحَقَّقَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ الرُّكْنُ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ وَاهِبٌ وَمَوْهُوبٌ وَمَوْهُوبٌ لَهُ وَصِيغَةٌ.
قَوْلُهُ: (إيجَابٌ وَقَبُولٌ) وَلَوْ ضِمْنًا كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَخَرَجَ بِذَلِكَ إلْبَاسُ الْوَلِيِّ حُلِيًّا مَثَلًا لِمَحْجُورِهِ، أَوْ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ هـ، فَلَيْسَ هِبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِمَا، وَيُصَدَّقَانِ أَنَّهُ لَيْسَ هِبَةً بِالْيَمِينِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الصِّيغَةِ هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ، فَلَوْ أَوْجَبَ لَهُ شَيْئَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا أَوْ شَيْئًا فَقَبِلَ بَعْضَهُ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَنْ وَالِدِهِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ فِي الْوَلَدِ. وَمَا وَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَ لَهُ سَمْنٌ وَأَقِطٌ وَكَبْشٌ فَرَدَّ الْكَبْشَ وَقَبِلَ الْآخَرَيْنِ» ، فَذَلِكَ مِنْ الْهَدِيَّةِ لَا الْهِبَةِ. قَوْلُهُ:(نَحْوَ وَهَبْت لَك) أَوْ وَهَبْتُك أَوْ مَنَحْتُك أَوْ عَظَّمْتُك أَوْ مَلَّكْتُك أَوْ أَكْرَمْتُك أَوْ أَنْحَلْتُكَ أَوْ أَطْعَمْتُك وَلَوْ لِغَيْرِ طَعَامٍ، وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَمِنْ الْكِنَايَةِ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعَارِيَّةَ. قَوْلُهُ:(لَفْظًا تَأْكِيدٌ) لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لَا يَكُونَانِ إلَّا بِهِ، وَلَا يَرِدُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ اللَّفْظِ. قَوْلُهُ:(الدَّارَ) أَوْ الدَّابَّةَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَهِيَ هِبَةٌ) إنْ عَرَفَ مَعْنَى ذَلِكَ اللَّفْظِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا وَيُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِمَعْنَاهُ، وَأَمْكَنَ وَمِثْلُ جَعَلْته لَك وَهَبْتُك وَمِثْلَ عُمُرِكَ مَا عِشْت بِخِلَافِ عُمْرِي، أَوْ عُمَرَ زَيْدٍ أَوْ سَنَةً، فَلَا تَصِحُّ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ أَرْقَبَ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ، أَوْ مَالِكَيْنِ دَارًا عَلَى الْآخَرِ، أَوْ قَالَ كُلٌّ هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا فَيَصِحُّ.
قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الشَّرْطُ) وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَهُ أَوْ صِحَّتَهُ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَلْغُو فِيهِ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ إلَّا هَذَا وَذَلِكَ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُحْتَاجًا) مِثْلُهُ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: لِثَوَابِ الْآخِرَةِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ وَمَلَكَهُ لِأَجْلِ حَاجَتِهِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ نَقَلَهُ) الْوَاوُ أَحْسَنُ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْهَدِيَّةَ نَوْعٌ مِنْ الصَّدَقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إكْرَامًا) خَرَجَ بِهِ الرِّشْوَةُ، وَمَا يُعْطَى لِلشَّاعِرِ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَهَدِيَّةٌ) مِنْهَا الْهَدْيُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ إلَى مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ الْبُطْلَانُ) أَيْ «لِقَوْلِ جَابِرٍ رضي الله عنه إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا» .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْ إنْ مِتّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ تَفْسِيرٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ اهـ. وَقَضِيَّةُ الْمِنْهَاجِ أَنَّ التَّفْسِيرَ الْمَذْكُورَ إلَخْ يَقْتَضِي الثَّانِيَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ صُورَةُ السُّكُوتِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الَّذِي فِيهِ صُورَةِ التَّفْسِيرِ. قَوْلُهُ:(الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ) لِأَنَّ هَذَا اشْتِرَاطٌ فِي الْعُمْرَى كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ذَكَرَ الطَّرِيقَيْنِ فِي صُورَتَيْ التَّفْسِيرِ، وَالسُّكُوتُ عَنْهُ أَيْ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا» .
(وَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ هِبَتُهُ وَمَا لَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ. (كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ) وَآبِقٍ. (فَلَا) يَجُوزُ هِبَتُهُ (إلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَنَحْوَهُمَا) فَإِنَّهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ هِبَتُهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّقَائِقِ لِانْتِفَاءِ الْمُقَابِلِ فِيهَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الْمَزِيدُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. (وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ) مِنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى وَقِيلَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي صَحِيحَةٌ، وَهُمَا مُفَرَّعَانِ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ.
(وَلَا يُمْلَكُ مَوْهُوبٌ إلَّا بِقَبْضٍ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فَيَتَخَيَّرُ وَارِثُ الْوَاهِبِ فِي الْإِقْبَاضِ وَيَقْبِضُ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، إنْ أَقْبَضَهُ الْوَاهِبُ. (وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) لِجَوَازِهِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَيْ إنْ مِتُّ إلَخْ. مِنْ كَلَامِ الْمُرْقِبِ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ، الْمُقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ الطَّرِيقَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَأَنَّ حَالَةَ السُّكُوتِ، إنَّمَا طُرِدَ فِيهَا الطَّرِيقَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنْهُ مُلْحَقٌ بِذِكْرِهِ، لِإِفَادَةِ اللَّفْظِ لَهُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّفْسِيرَ عَائِدٌ إلَى الصُّوَرِ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَمَا جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ، فَلَا يَصِحُّ هِبَةُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحِلِّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُمَلَّكُ بِاسْتِيفَائِهَا وَمَحِلُّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. قَوْلُهُ:(فَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ) بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَتَجُوزُ صَدَقَتُهُ وَهَدِيَّتُهُ، كَمَا مَرَّ وَتَصِحُّ فِي الْمَغْصُوبِ لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ أَوْ لِغَاصِبٍ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْغَاصِبِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. قَوْلُهُ:(إلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ) أَوْ حَبَّةً كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ هِبَتُهُمَا) وَهُوَ تَمْلِيكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا هِبَةُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَصُوفِهَا وَلَبَنِهَا وَمَا تَحْجُرُهُ مِنْ الْمَوَاتِ وَأَرْضٍ مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ الْعَقْدُ، وَثَمَرٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَزَرْعٍ كَذَلِكَ وَاخْتِلَاطُ ثَمَرِهِ بِثَمَرِ غَيْرِهِ أَوْ حَمَامِهِ بِحَمَامِ بُرْجِ غَيْرِهِ، مَثَلًا فَتَصِحُّ هِبَةُ ذَلِكَ لَا بَيْعُهُ. قَالَهُ الْخَطِيبُ وَشَيْخُنَا وَاعْتَمَدُوهُ. قَوْلُهُ:(أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ) فَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَفِي الْمَوْهُوبِ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّمَلُّكِ، فَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا وَلِيٍّ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْأَعْمَى أَيْ أَنْ يَهَبَ وَلَا قَبْضُهُ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أُهْدِيَ لَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَا إقْبَاضُهُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ أَهْدَاهُ لِغَيْرِهِ أَخْذًا بِمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ وَخَالَفَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَّا فِي الْهِبَةِ الْخَاصَّةِ وَسَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَيَصِحُّ لِمَحْجُورٍ لَكِنْ يَقْبَلُ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ، أَوْ كَانَ فَاسِقًا وَإِلَّا فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْعَزَلَ، إلَّا إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا وَلَوْ وَهَبَ الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَالْهِبَةُ لِلْعَبْدِ وَالدَّابَّةُ لِلْوَقْفِ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَصِحُّ إنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ، وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ مَالِكُ الدَّابَّةِ مَا وُهِبَ لَهَا وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ مَا وُهِبَ لَهُ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ سَيِّدَهُ. قَوْلُهُ:(إبْرَاءً مِنْهُ) صَرِيحٌ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ وَكِنَايَةً بِلَفْظِ التَّرْكِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ قَالَ. شَيْخُنَا م ر. وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ تَبَرُّعِ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَذِنَ لِلْجَابِي فِي دَفْعِهِ إذَا قَبَضَهُ.
قَوْلُهُ: (مَوْهُوبٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ. قَوْلُهُ: (بِقَبْضٍ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنٍ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ بِمَا فِي الصَّحِيحَةِ فِي غَيْرِ مَا يَأْتِي وَيَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ. تَنْبِيهٌ جِهَازُ الْبِنْتِ لَيْسَ مِلْكًا لَهَا إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ لَهَا بِصِيغَةٍ، أَوْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَاهُ فِي حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ:(بِإِذْنٍ) بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ لَغَا الْإِذْنُ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ أَهْلِيَّةِ الْآذِنِ إلَى تَمَامِ الْقَبْضِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْإِذْنُ وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ إنْ ادَّعَى الْعَارِيَّةَ أَوْ نَحْوَهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِفَلْسٍ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ أَيْ بَيْنَ تَمَامِهِمَا. قَوْلُهُ:(قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الْمَوْتِ وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْمَجْنُونِ وَيَقْبِضُ مَحْجُورُ الْفَلْسِ بِنَفْسِهِ لِكَمَالِهِ.
قَوْلُهُ: (وَارِثُ الْوَاهِبِ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَجْهُولٍ) فِي الزَّرْكَشِيُّ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَفْسَهُ مِنْ الْبَيْنِ وَجَعَلَ حِصَّتَهُ لَهُمْ جَازَ ذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، إذْ مَا يَقْبِضُهُ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْهُوبٌ) هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، وَسَوَاءً كَانَ بِصِيغَةِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى أَمْ لَا. فَرْعٌ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ هُنَا بِالْإِتْلَافِ وَلَا بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَعْنِي فِي الْمَنْقُولِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:(قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إلَخْ) كَالْبَيْعِ الْجَائِرِ.
يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ بِخِلَافِهِمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَمُّ الْهَدِيَّةِ إلَى الْمَوْهُوبِ، وَمِثْلُهَا الْمُتَصَدِّقُ لَهُ، وَقَوْلُهُمْ يَقْبِضُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ ظَاهِرٌ فِي الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يُحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهِ إلَى إذْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ لَوْ قِيلَ لَهُ وَهَبْت دَارَك لِفُلَانٍ، وَأَقْبَضْته فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا بِالْهِبَةِ وَالْإِقْبَاضِ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِقْبَاضِ أَيْضًا وَكَيْفِيًّا الْقَبْضُ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ.
(وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأُمَّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَكَذَا الْوَلَدُ لِوَالِدَيْهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلْ الْأُمَّ انْتَهَى. (وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ، وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ) مِنْ الْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ (عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالثَّانِي لَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأَبِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً، فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ قَصَرَهُ الثَّانِي عَلَى الْأَبِ وَعَمَّمَهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ. (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأُصُولِ. (بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهَبِ فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ) وَكِتَابَتِهِ وَإِيلَادِهِ. (لَا بِرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فِيهِمَا (وَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ) وَتَدْبِيرِهِ.
(وَتَزْوِيجُهَا وَزِرَاعَتُهَا) لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ (وَكَذَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ: إنْ لَمْ يُصَحَّحْ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ، فَفِي الرُّجُوعِ تَرَدُّدٌ، وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِوَلَدِ الْمُتَّهَبِ لَا يَرْجِعُ فِيهَا الْجَدُّ. (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ (وَعَادَ) بِإِرْثٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهِ إلَى إذْنِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ) فِي قَبْضِ الْعَيْنِ وَفِي الْإِجَارَةِ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ. نَعَمْ لَا يَكْفِي الْإِتْلَافُ هُنَا بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلَا مَعَهُ إلَّا فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَعِتْقٍ، وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا فِي الْهَدِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (لِلْوَالِدِ) وَالْإِخْوَةُ كَالْأَوْلَادِ. قَوْلُهُ: (فِي عَطِيَّةٍ إلَخْ) الشَّامِلُ لِلصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالْهَدِيَّةِ وَمِثْلُهَا الْكَلَامُ وَالتَّوَدُّدُ وَلَوْ نَحْوُ صِلَةٍ. قَوْلُهُ: (فَعَلَ مَكْرُوهًا) مَا لَمْ تَكُنْ مَزِيَّةٌ لِأَحَدِهِمْ كَعِلْمٍ وَفَضْلٍ وَحَاجَةٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ حِرْمَانُ نَحْوِ فَاسِقٍ وَعَاقٍّ بَلْ يَحْرُمُ إنْ زَادَ عُقُوقُهُ أَوْ فِسْقُهُ بِهِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ) لِأُمِّهِمَا لِلْجِنْسِ، فَيَشْمَلُ الْأَعْلَى مَعَ دُونِهِ، وَكَذَا فِي الْوَلَدِ وَالْخُنْثَى كَالذَّكَرِ. قَوْلُهُ:(الرُّجُوعُ) وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَوْ تَرَاخَى فِيهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِوَلَدِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ بِالْهِبَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ لَا فِي مَنْفَعَةٍ دُونَ رَقَبَةٍ، وَلَا فِي أُمٍّ دُونَ وَلَدٍ، يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّفْرِيقُ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ:(فِي هِبَةٍ إلَخْ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَدُهُ) وَعَبْدُ وَلَدِهِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ مِثْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْوَلَدِ الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْحَيِّ فِي هِبَةِ عَيْنٍ لَيْسَ فِيهَا حَقٌّ، فَلَا رُجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَلَا الْمَجْنُونُ وَنَحْوُهُ حَتَّى يُفِيقَ وَلَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَلَدُ تَوَقَّفَ الرُّجُوعُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَوَرِثَهُ الْجَدُّ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَا كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ زَكَاةٍ بِشَرْطِهَا وَدَخَلَ فِي وَلَدِهِ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ لَكِنْ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ، وَالرُّجُوعُ مُبَاحٌ إذَا اسْتَوَى مَعَ عَدَمِهِ، وَمُسْتَحَبٌّ فِيمَا مُيِّزَ بِهِ بِغَيْرِ مَزِيَّةٍ وَمَكْرُوهٌ إنْ اسْتَوَى كَمَا مَرَّ، وَوَاجِبٌ إنْ انْزَجَرَ بِهِ عَنْ نَحْوِ فِسْقٍ وَحَرَامٌ إنْ زَادَ بِهِ الْفِسْقُ، وَبَعْدَ الرُّجُوعِ يَكُونُ فِي يَدِ الْوَلَدِ أَمَانَةً إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ:(بَيْعُهُ) إنْ زَالَ مِلْكُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارًا، وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْ الْبَيْعِ قِسْمَةُ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ وَبَيْعُهُ لِأَصْلِهِ كَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَكِتَابَتُهُ) أَيْ الصَّحِيحَةُ وَإِذَا عَجَزَ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْإِجَارَةُ) وَلَا تَنْفَسِخُ بِالرُّجُوعِ كَالتَّزْوِيجِ وَالْأُجْرَةِ لِلْوَلَدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْأَبِ. فَرْعٌ الِاسْتِيلَادُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَالْوَقْفِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حَبًّا وَزَرَعَهُ أَوْ بَيْضًا فَفَرَّخَ أَوْ صَيْدًا أَوْ حُرِمَ الْوَلَدُ. قَوْلُهُ:(وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالرَّهْنِ) بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْأَصْلَ، أَوْ قَضَى الْأَصْلُ دَيْنَ الرَّهْنِ كُلَّهُ، أَوْ انْفَكَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ كَالرَّهْنِ، فِيمَا ذُكِرَ وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِحَجْرِ السَّفَهِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ، وَتَخَمُّرِ الْعَصِيرِ وَمَوْتِ الدَّابَّةِ وَمَرَضِ الْمَوْتِ، فَإِنْ زَالَ ذَلِكَ بِفَكِّ الْحَجْرِ وَتَخَلُّلِ الْعَصِيرِ وَدَبْغِ الْجِلْدِ جَازَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ ادَّعَى الْأَصْلُ الرُّجُوعَ قَبْلَ زَوَالِ السَّلْطَنَةِ لَمْ يُقْبَلْ.
قَوْلُهُ: (لَا يَرْجِعُ فِيهَا الْجَدُّ) وَإِنْ رَجَعَ الْأَبُ. قَوْلُهُ: (زَالَ مِلْكُهُ) خَرَجَ مَا لَوْ زَالَتْ سَلْطَنَتُهُ، وَعَادَتْ فَلَا يُمْنَعُ الرُّجُوعُ كَمَا مَرَّ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ فَتَأَمَّلْهُ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (كَانَ إقْرَارًا بِالْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِإِذْنٍ، فَيَكُونُ فِيهِ شَاهِدٌ لِمَا سَلَف لَهُ مِنْ أَنَّ الْإِقْبَاضَ يُغْنِي عَنْ الْإِذْنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلِ) لِأَنَّ التَّفَاضُلَ يُفْضِي إلَى الْعُقُوقِ وَالتَّحَاسُدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلَا إذًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ لِابْنِهِ بِعَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ وَهُوَ الْهِبَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِسَائِرِ الْأُصُولِ) أَيْ كَمَا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَحُصُولِ الْعِتْقِ، وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ، ثُمَّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِهِمْ وَفَوْرُ شَفَقَتِهِمْ، فَلَا يَرْجِعُونَ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ غَالِبًا. فَرْعٌ لَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ فَوَرِثَهُ جَدُّ الِابْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ
أَوْ غَيْرِهِ. (لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مِلْكَهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مِلْكِهِ السَّابِقِ. (وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ) كَالسِّمَنِ (لَا الْمُنْفَصِلَةِ) كَالْكَسْبِ لَوْ نَقَصَ رَجَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ النَّقْصِ. (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْت. أَوْ اسْتَرْجَعْته أَوْ رَدَدْته إلَى مِلْكِي أَوْ نَقَضْت الْهِبَةَ) أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ فَسَخْتهَا، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ كِنَايَاتٌ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. (لَا بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ وَهِبَتِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَوَطِئَهَا فِي الْأَصَحِّ نُقِضْت الْهِبَةُ) فِي الْخَمْسَةِ، وَالثَّانِي يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِكُلٍّ مِنْهَا، كَمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَفَسْخِ الْبَيْعِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مِلْكِ الْوَلَدِ لِلْمَوْهُوبِ إذْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيَلْغُو غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَا وَظَاهِرٌ، أَنَّ الْمُرَادَ عَلَيْهِ الْهِبَةُ التَّامَّةُ بِالْقَبْضِ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ: انْتَهَى وَقَالَ الْفَارِقِيُّ إنْ قُلْنَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ، فَهُوَ حَلَالٌ.
(وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ وَسَيَأْتِي الرُّجُوعُ فِي الْمُطْلَقَةِ (وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِثَوَابٍ أَوْ عَدَمِهِ. (فَلَا ثَوَابَ إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ) فِي الرُّتْبَةِ (وَكَذَا لِأَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِيهِ وَالْمُقَابِلُ يَنْظُرُ إلَى الْعَادَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْأَخِيرَةِ يَطَّرِدُ فِيهَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهَا. (فَإِنْ وَجَبَ) ثَوَابٌ عَلَى الْمَرْجُوعِ (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ فِي الْأَصَحِّ) يَوْمَ الْقَبْضِ وَالثَّانِي مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً. (فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِي الْمَوْهُوبِ إنْ بَقِيَ فَإِنْ تَلِفَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجِبُ فِي الصَّدَقَةِ ثَوَابٌ بِكُلِّ حَالٍ قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا كَالْهِبَةِ اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ
(وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ، فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالثَّانِي لَا يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ فَلَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، لِمُنَافَاةِ شَرْطِ الثَّوَابِ لِلَّفْظِ الْهِبَةِ الْمُقْتَضِي لِلتَّبَرُّعِ.
(أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابِ (مَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ تَصْحِيحِهِ بَيْعًا بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةً بِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ هِبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ. (وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَمَاؤُهُ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ الْبَوَارِي قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ:(فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيْضًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ (فَلَا) يَكُونُ هَدِيَّةً (وَيَحْرُمُ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (كَالسَّمْنِ) وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أَوْ حِرْفَةٍ لَا بِتَعْلِيمٍ وَحَرْثٍ، وَإِنْ زَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ وَحَمْلٌ قَارَنَ الْقَبْضَ. قَوْلُهُ:(كَالْكَسْبِ) وَالْحَمْلُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ قَارَنَ الرُّجُوعَ، فَهُوَ لِلْوَلَدِ فَيَأْخُذُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَالثَّمَرُ وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ وَيَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ وَيُشَارِكُ بِنَحْوِ الْقَصَّارَةِ، وَطَحْنِ الْحَبِّ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ بِمُعَلِّمٍ، كَمَا عُلِمَ وَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ نَقْصٍ وَلَوْ بِجِنَايَةِ الْفَرْعِ، وَفِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَا فِي الْإِعَارَةِ. قَوْلُهُ:(وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ) وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَيْسَ تَفَاسُخُ الْهِبَةِ وَتَقَايُلُهَا رُجُوعًا فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِمَا
قَوْلُهُ: (وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ) وَإِنَّمَا صَحَّ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُمْ لِشَفَقَتِهِمْ لَا يَرْجِعُونَ إلَّا لِمُنَاسِبٍ وَلِذَلِكَ كَانَ بِرُّهُمْ أَفْضَلَ الْبُرِّ وَيَحْرُمُ أَذَاهُمْ بِغَيْرِ الْهَيِّنِ إلَّا فِي وَاجِبٍ وَلَوْ دَعَوْهُ لِلُبْسِ حَرَامٍ أَوْ أَكْلِهِ تَلَطَّفَ فِي دَفْعِهِ أَوْ تَقْلِيلِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا ثَوَابَ) مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَلَمْ تُقْضَ فَيَجِبُ الثَّوَابُ أَوْ الرَّدُّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَذْلِ صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ بِيَمِينِهِ، إلَّا فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ جَعَلَهُ عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْعَث صُدِّقَ الدَّافِعُ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمُتَّهِبِ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَوْلُهُ:(فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) وَلَوْ مِثْلِيًّا وَيُغْنِي عَنْهَا رَدُّ الْمَوْهُوبِ بِعَيْنِهِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (بِكُلِّ حَالٍ) مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا فِي الْهَدِيَّةِ
قَوْلُهُ: (بَعَثَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (كَقَوْصَرَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ، وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مُشَدَّدَةٌ وِعَاءُ الثَّمَرِ وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَفِيهَا التَّمْرُ، وَإِلَّا فَهِيَ مَكِيلٌ وَزِنْبِيلٌ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ هَدِيَّةٌ) فَيَمْلِكُهُ الْمُتَّهَبُ كَمَكْتُوبِ الرِّسَالَةِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ) أَوْ اضْطَرَبَتْ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْهُ) وَيُرَاعَى فِي كُلِّ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ فِيهِ مِنْ تَفْرِيغِهِ حَالًا أَوْ إبْقَائِهَا فِيهِ مُدَّةً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَرْعٌ لَا يَضْمَنُ ضَيْفٌ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَإِنَائِهِ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهَا سَوَاءٌ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَحْوِ هِرَّةٍ عَنْهُ، فَإِنْ حَمَلَ الْإِنَاءَ مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ فَإِنْ وَضَعَهُ بَرِئَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ وَيُنْدَبُ رَدُّ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ حَالًا فَرْعٌ جَرَتْ الْعَادَةُ لِذَوِي الْأَفْرَاحِ بِحَمْلِ الْهَدَايَا إلَيْهِمْ وَوَضْعِ نَحْوِ طَاسَةٍ لِوَضْعِ الدَّرَاهِمِ فِيهَا، وَإِعْطَاءِ خَادِمِ الصُّوفِيَّةِ الدَّرَاهِمَ وَنَحْوَهَا وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّ الْمِلْكَ لِمَنْ قَصَدَهُ الدَّافِعُ مِنْ صَاحِبِ الْفَرَحِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ الْمُزَيِّنِ مَثَلًا أَوْ الْخَادِمِ أَوْ الصُّوفِيَّةِ انْفِرَادًا وَشَرِكَةً وَإِلَّا فَلِآخِذِهِ، لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْصُلُ الرُّجُوعُ إلَخْ) وَتَصِحُّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ جَارٍ فِي الْهِبَةِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَثَوَابُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَسَيَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. فَرْعٌ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً أَوْ يَخْدِمَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ رَدُّهَا إنْ بَقِيَتْ، وَبَدَلُهَا إنْ تَلِفَتْ قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ رحمه الله. قَوْلُ الْمَتْنِ:(فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ كَمَا فِي النِّكَاحِ بِلَا مَهْرٍ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ. فَرْعٌ لَا تَجِبُ الْقِيمَةُ عَيْنًا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَدِّ الْمَوْهُوبِ.
قَوْلُهُ: (وِعَاؤُهُ الَّذِي يَكْنِزُ فِيهِ إلَخْ) وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَالتَّمْرُ فِيهَا، فَإِنْ أُفْرِدَتْ سُمِّيَتْ زِنْبِيلًا.