الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَابِع
(8)
بَابُ النَّهي عَنِ التَّشَبُّهِ بِالَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ وَالهَوَام
50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة
.
فإن صاحبها شبيه بالذئب في اختلاس الشياه، والجرد، والزَّبَاب - كسحاب - وهو فأر بري يسرق كل شيء، أو فأر عظيم أصم، وأحمر الشعر، أو بلا شعر، والعقعق، وهو طائر في قدر الحمامة على شكل الغراب ذو لونين أبيض وأسود، طويل الذنب، لا يأوي تحت سقف، ولا يستظل به.
قال في "حياة الحيوان": وفي طبعه الزنا والخيانة، ويوصف بالسرقة والخبث، ويضرب به المثل في كل ذلك.
قال الشاعر: [من المتقارب]
إِذا بارَكَ اللهُ فِي طائِرٍ
…
فَلا بارَكَ اللهُ فِي العقعقِ
طَويلُ الذُّنابا قَصِيرُ الْجَناحِ
…
مَتَى ما يَجِدْ غَفْلَةً يَسْرِقِ
يُقْلِّبُ عَيْنَيْهِ فِي رَأْسِهِ
…
كَأَنَّهْما قَطْرَتا زَيْبَقِ (1)
(1) انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 202).
وروى الدينوري عن محمد بن سلام قال: ذم رجل رجلاً، فقال: اجتمع فيه ثلاثة أشياء: طبيعة العقعق؛ يعني: السرقة، وروغان الثعلب؛ يعني: الخب، ولمعان البرق؛ يعني: الكذب (1).
وكذلك الفأرة توصف باللصوصية؛ قالوا في المثل: ألص من فأرة (2).
وذكر السيوطي في "ديوان الحيوان" عن ابن خالويه: أن الفأرة يقال لها: سارقة الفتيلة من السراج.
قلت: ومن ثم سميت: الفويسقة لخروجها عن حد الاعتدال إلى الأذية.
وروى البخاري عن جابر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خَمِّرُوْا الآنِيَةَ، وَأَوْكِئُوْا الأَسْقِيَةَ، وَأَجِيْفُوْا الأَبْوَابَ، وَكُفُّوْا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ المَسَاءِ؛ فَإِنَّ لِلْجِنِّ اِنْتِشَارًا وَخطْفَةً، وَأَطْفِئُوْا المَصَابِيْحَ عِنْدَ الرُّقَادِ؛ فَإِنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتْ الفَتِيْلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ البَيْتِ"(3).
قلت: وتقدم في التشبه بالشيطان أنه هو الذي يدلها على ذلك.
وينبغي أن يعد من الخصال المذكورة: إحراق الآدمي مال غيره أو بيت غيره كما قد يفعله بعض أشقياء الأطراف، بل مطلق الأذية من هذا القبيل.
(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم"(ص 370).
(2)
انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 180).
(3)
رواه البخاري (3138).