المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عنه: [من الكامل] يَأْتِي الْجوابَ فَما يُراجعُ هَيْبَةً … وَالسَّائِلُونَ نَواكسُ - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١١

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: عنه: [من الكامل] يَأْتِي الْجوابَ فَما يُراجعُ هَيْبَةً … وَالسَّائِلُونَ نَواكسُ

عنه: [من الكامل]

يَأْتِي الْجوابَ فَما يُراجعُ هَيْبَةً

وَالسَّائِلُونَ نَواكسُ الأَذْقانِ

أدبُ الوقارِ وَعِزُّ سُلْطانِ التُّقَى

فَهْوَ الْمُطاعُ وَلَيْسَ ذا سُلْطانِ

ومن لطائف الشيخ يحيى الخباز: [من المتقارب]

وَقالُوا: امْتَدِحْ رُؤَساءَ الزَّمانِ

فَقُلْتُ: نِظامِي عِندِي أجَل

مَدَحْتُ النُّسورَ مُلوكَ الطُّيورِ

فَأَرْضَى امْتِداحَ فِراخِ الْحَجَلْ

*‌

‌ تَنْبِيهٌ:

إنَّما كان العالم التقي موقَّراً لأنه موقَّرٌ لله تعالى، وكان جزاؤه من جنس عمله، والتوقير التعظيم.

وقد قال الله تعالى حكايةً عن نوح عليه السلام معاتباً لقومه: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]؛ أي: لا تخافون لله عظمةً؛ كما في "الصِّحاح" عن الأخفش (1).

(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 849)(مادة: وقر).

ص: 476

والرجاء يكون بمعنى الخوف ضِدٌّ.

وفي معناه قول ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما في الآية: لا تخشون له عظمة (1).

ومن أوصاف النسر أنه أشد الطير طيراناً وأقواها جناحاً حتى قيل: إنه ليطير ما بين المشرق والمغرب في يوم واحد (2)، فينبغي التشبه به في ذلك بأمرين:

الأول: أن يكون الإنسان قوي الهمة، بعيدها في تحصيل المعالي والكمالات فلا يستبعد شيئاً أن يحصل له، ولا يستصغر نفسه عن طلب شيء من الفضائل الممكن تحصيلها؛ فإنه إن لم يحصل على ذلك حصل على ثوابه بدليل الحديث الصَّحيح:"إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ تُكْتَبْ لَهُ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا"(3).

وقال بعضهم: [من مجزوء الرجز]

جَمِيعُ ما قَدْ خَلَقَ اللـ

ـهُ وَما لَمْ يَخْلُقِ

(1) رواه الطبري في "التفسير"(29/ 95).

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 474).

(3)

رواه البخاري (6126)، ومسلم (131) ولفظهما:"إِنَّ اللَّهَ كتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيئَاتِ، ثُمَّ بيَّنَ ذلك، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فلم يَعْمَلْهَا كتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عز وجل عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلى سبعمئة ضِعْفٍ إلى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فلم يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله سَيِّئَةً وَاحِدَةً".

ص: 477

مُحْتَقَرٌ فِي هِمَّتِي

كَشَعْرَةِ فِي مفرِقي

رُوِيَ أن الشبلي كان يتمثل به.

والمعنى: إن كل ما خلق الله تعالى من تمتعات الدنيا والآخرة محتقر في همتي، فلا أطلبه دون الله تعالى.

ورُوِيَ أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: قيمة كل عالم همته (1)، فقال الشيخ أبو عبد الله القرشي: فمن كانت همته الدُّنيا فقيمته أقل من جناح بعوضة، ومن كانت همته الله ففضله وشرفه ماله قيمة.

وسُئِلَ الشبلي رحمه الله تعالى: هل يقنع المحب بشيء من حبيبه دون مشاهدته؟ فأنشد: [من السريع]

وَاللهِ لَوْ أَنَّكَ تَوَّجْتَنِي

بِتاجِ كِسْرى مَلِكِ الْمَشْرِقِ

وَلَوْ بِأَمْوالِ الوَرى جُدْتَ لِي

أَمْوالِ مَنْ بادَ وَمَنْ قَدْ بَقِي

وَقُلْتَ لِي: لا نَلْتَقِي ساعَةً

لاخْتَرْتُ يا مَوْلايَ أَنْ نَلْتَقِي (2)

الأمر الثاني: أن يكون العبد راجعاً إلى الله تعالى رجوع النسر إلى وكره، مسرعاً إلى طاعة الله تعالى كإسراع النسر إلى هواه.

روى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد" عن معمر، عن رجل من قريش قال: قال موسى عليه السلام: يا رب! أخبرني عن أهلك

(1) رواه السلمي في "طبقات الصوفية"(ص: 245) من قول إبراهيم القصار.

(2)

انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (65/ 66).

ص: 478

الذين هم أهلك.

قال: هم المتحابون في، الذين يعمرون مساجدي، ويستغفروني بالأسحار، الذين إذا ذُكِرت ذكروا بي، وإذا ذُكِروا ذكرت بهم، هم الذين يثوبون إلى طاعتي كما تثوب السنور إلى ركودها، الذين اذا استحلت محارمي غضبوا كما يغضب النمر إذا حرِب (1).

وروى الطَّبراني في "الأوسط" عن عائشة رضي الله تعالى عنها، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مُوْسَى عليه السلام قَالَ: يَا رَبِّ! أَخْبِرْنِيْ بِأَكْرَمِ خَلْقِكَ عَلَيْكَ.

قَالَ: الَّذِيْ يُسَارِعُ إِلَىْ هَوَايَ إِسْرَاعَ النَّسْرِ إِلَىْ هَوَاهُ، وَالَّذِيْ يَأْلَفُ عِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ كَمَا يَأْلَفُ الظَّبِيُّ النَّاسَ، وَالَّذِيْ يَغْضَبُ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمِيْ كَغَضَبِ النَّمْرِ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ النَّمْرَ لا يُبَالِيْ إِذَا غَضِبَ أقلَّ النَّاسُ أَمْ كَثُرُوا" (2).

وقد اشتمَل هذا الحديث على أمرين آخرين يرشد إلى التشبه ببعض الحيوانات فيهما:

فالأول: التشبه بالظبي في ألفة الصَّالحين إذا تآلف بالنَّاس ألفهم، وإن كان في أول أمره نفوراً حتَّى لا يقدر بعد ذلك على الوحشة.

وفي المثل: آلف من الظبي بالحرم، وآلف من حمام مكة؛

(1) رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 71).

(2)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(2/ 234).

ص: 479

أوردها الزمخشري (1).

وفي الحديث: "الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلا خَيْرَ فِيْمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ". رواه الدارقطني في "الأفراد"، والضياء المقدسي في "المختارة" عن جابر رضي الله عنه (2).

الأمر الثاني: التشبه بالنمر في الغضب، إلا أن غضب العبد يكون لله تعالى، وغضب النمر لنفسه، وشدة الغضب لله تعالى ممدوحة بحيث لا تأخذك في الله لومة لائم، ولا تبالي أقَلَّ الناس أم كثروا.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه أو كان لا يغضب إلا لله، فإذا غضب لا يقوم لغضبه شيء (3).

وكان عمر رضي الله عنه كما هو موصوف في التوراة قرناً من حديد، لا تأخذه في الله لومة لائم (4).

وكذلك يرشد إلى التشبه بالنمر بالجد والاجتهاد خصوصاً في أمور الآخرة؛ فإن العرب تقول في المثل: جد واتزر والبس جلد النمر، يُضرب في الأمر بالجد والاجتهاد والجَلَد في تحصيل المراد (5).

(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 9).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

انظر: "الشمائل المحمدية" للترمذي (ص: 185).

(4)

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(120).

(5)

انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (ص: 362).

ص: 480

- ومن أوصاف النسر: الحنين إلى الوطن، والحزن على فراق الإلف؛ فإنه أشد الطير حزناً على فراق إلفه إذا فارق أحدهما مات حزناً.

وروى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزُّهد والرقائق" عن معمر، عن رجل من قريش قال: قال موسى عليه السلام: يا رب! أخبرني عن أهلك الذين هم أهلك.

قال: المتحابون فيَّ، الذين يعمرون ويستغفروني، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين يُنيبون إلى طاعتي كما تُنيب النسور إلى وكورها

الحديث، وتقدم سابقاً.

يثوبون - بالمثلثة، والواو - من: ثاب يثوب: إذا رجع بعد ذهابه، وثاب النَّاس: اجتمعوا وجاؤوا.

وأما يُنيبون في هذه الرواية: بالنون والياء: من الإنابة، وهي الإقبال على الله والتوبة.

وروى البيهقي في "الشعب" عن عبد الرحمن الهندي قال: سمعت الجنيد رضي الله عنه يقول: حق الشكر أن لا يعصى الله بنعمته فيما أنعم، ومَنْ كان لسانه رطبًا بذكر الله تعالى دخل الجنة وهو يضحك، قال: وقال: إن لله عباداً يأوون إلى ذكر الله تعالى كما يأوي النسر إلى وكره (1).

(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(6045).

ص: 481

- ومن أوصاف النسر: أنه أطول الطير عمراً حتى قيل: إنه يبقى ألف سنة، ولذلك اختار لقمان ابن عاد حين سأل طول العمر وخير، فطلب أعمار سبعة أنسر كما تقدم.

وقالوا في المثل: أعمر من نسر (1).

ومع ذلك فإنه يقول في صياحه: ابن آدم! عش ما شئت فإن الموت مُلاقيك؛ كما رواه الثعلبي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما (2).

فينبغي للإنسان أن يتشبه بالنسر خصوصاً إذا كان معمَّراً في أنه لا يغتر بإنسائه في الأجل وطول عمره، ولا يطول أمله، بل يعلم أنه ميت آخراً ومُجازى على أعماله، وليعلم أن طول العمر نعمة، فلا ينبغي أن يصرف في غير الشكر وهو الطاعة.

وقد روى أبو داود الطيالسي عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ رُوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِيْ رُوْعِيْ، أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَعِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُجَازَى"(3).

(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 75).

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 474).

(3)

رواه الطيالسي في "المسند"(1755)، وكذا البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 348).

ص: 482