المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١١

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

روى الأئمة الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أَنِ يَجْعَلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ صُوْرتهُ صُوْرَةَ الحِمَارِ"(1).

‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

، والكلب، والحمار، والبعير، والديك في أفعالٍ نهى النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة.

روى الإِمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: نَقْرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب (2).

وروى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله تعالى عنه -وليس له في الكتب الستة سوى هذا الحديث (3) - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المصلي عن نقرة الغراب (4).

وأخرجه الحاكم، ولفظه: نهى عن نقرة الغراب، وافتراش السبع،

(1) رواه البخاري (659)، ومسلم (427)، وأبو داود (623)، والترمذي (582)، والنسائي (828)، وابن ماجه (961).

(2)

رواه الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 311). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد"(2/ 80).

(3)

لكن له عند أبي داود (3796) حديث آخر: "أن رسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب".

(4)

رواه أبو داود (862)، والنسائي (1112)، وابن ماجه (1429).

ص: 76

وأن يُوطِّن المكان كما يوطنه البعير (1).

قال البغوي في "شرح السنة": نقرة الغراب: هي أن لا يتمكن من السجود ولا يطمئن فيه، بل يمس بانفه وجبهته الأرض، [ثم يرفعه كنقرة الطائر، وافتراش السبع: أن يمد ذراعيه على الأرض] ولا يرفعهما، انتهى (2).

وروى الإِمام أحمد، والأئمة الستة عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعْتَدِلُوْا في سُجُوْدِكُمْ، وَلا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ"(3).

وفي الباب عن عائشة، وجابر، وغيرهما (4).

وأما إيطان البعير، فقال أبو سليمان الخطابي: فيه وجهان:

أحدهما: أن يَأْلَف الرجل مكاناً معلوما من المسجد لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يأوي من عَطَنه إلا إلى مَبْرَك رمث قد أوطنه.

والوجه الآخر: أن يبرك على ركبتيه إذا أراد السجود بروك البعير على المكان الذي أوطئه، ولا يهوي فيثني ركبتيه حتى يضعهما

(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(833). واللفظ الذي ذكره المؤلف لم ينفرد به الحاكم، بل هو في مصادر التخريج السابقة أيضًا.

(2)

انظر: "شرح السنة" للبغوي (3/ 162).

(3)

رواه الإمام أحمد (3/ 279)، والبخاري (788)، ومسلم (493)، وأبو داود (897)، والترمذي (276)، والنسائي (1103)، وابن ماجه (892).

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 294).

ص: 77

بالأرض على سكون ومَهَل، انتهى (1).

قلت: وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى الأخير فيما رواه أبو داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيْرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ"(2).

وقوله: وإقعاء كإقعاء الكلب؛ وَرَدَ النهيُ عنه في أحاديث أُخر.

روى الترمذي عن علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا عَلِيُّ! أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِيْ؛ لا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ"(3).

ورواه ابن ماجه، ولفظه:"لا تُقْعِ إِقْعَاءَ الكَلْبِ"(4).

وروى ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أقعي كإقعاء القرد (5).

وروى الإِمام أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه، والبيهقي

(1) انظر: "شرح السنة" للبغوي (3/ 162).

(2)

رواه أبو داود (840)، والنسائي (1091)، وبنحوه عند الترمذي (269) وقال: غريب، وفيه عبد الله بن سعيد المقبري، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره.

(3)

رواه الترمذي (282) وقال: وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.

(4)

رواه ابن ماجه (895). وفيه الحارث الأعور أيضًا.

(5)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2932)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 265).

ص: 78

في "السنن" عن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقعاء في الصلاة (1).

وذهب جماعة من أهل العلم إلى استحباب الإقعاء.

فرواه ابن أبي شيبة عن جابر، وأبي سعيد الخدري، وعن طاوس، ومجاهد (2).

ورواه هو وعبد الرزاق عن العبادلة؛ ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير (3).

ورويا عن عكرمة: أنه سمع ابن عباس يقول: الإقعاء في الصلاة هو السنة (4).

والحق أن الإقعاء على نوعين:

أحدهما، ويقال له: الافتراش: وضع الأَليتين بباطن القدمين، وهو الذي كان يفعله هؤلاء، وهو الذي أراده ابن عباس بقوله: هي السنة.

بدليل ما رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة بسند صحيح، عن

(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(1005)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(6957).

(2)

انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 255).

(3)

انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 256)، و"المصنف" لعبد الرزاق (2/ 191).

(4)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3032).

ص: 79

طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السنة أن تضع أليتيك على عقبيك في الصلاة (1).

وفي رواية لعبد الرزاق بإسناد صحيح، عن طاوس قال: قلنا لابن عباس: ما الإقعاء على القدمين؟

فقال: هي السنة.

فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.

قال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم (2).

والثاني: الجلوس على الوَركين مع نصب الفخذين، وهو المراد بالنهي، كما يفهم من تقييد الإقعاء بإقعاء الكلب، وإقعاء القرد.

واشترط أبو عبيدة أن يضع يديه مع ما تقدم بالأرض؛ إذ بذلك يتم التشبه بإقعاء الكلب، والقرد (3).

والأصح: لا يشترط ذلك، وهذه الهيئة هي المكروهة؛ كرهها علي، وأبو هريرة، والنخعي، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم (4).

(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3030)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(2940).

(2)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3035).

(3)

انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 109).

(4)

انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (16/ 273)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 19).

ص: 80

ورُفع إلى شيخ الإِسلام الوالد - رحمه الله تعالى - في ذلك سؤال صورته: [من الكامل]

ما قَوْلُكُمْ يا سَيّدَ الفُقَهاءِ

في العَصْرِ بَلْ يا أَوْحَدَ العُلَماءِ

في مُشْكِلٍ أَمْرِ النَّبِيِّ وَنَهْيِهِ

جاءا مَعاً فِي جِلْسَةِ الإِقْعاءِ

ما الْجَمْعُ بَيْنَهُما وَهَلْ صَحَّا مَعاً

أَوْ لا فَبَيّنْ ذاكَ يا مَولاءِ

لا زِلْتَ كَهْفاً لِلأَنامِ وَمَلْجَأً

ما عُوقِبَ الإِصْباحُ بِالإِمْساءِ

وَبَقِيتَ في عِزٍّ وَسَعْدٍ دائِمٍ

وَسَعادَةٍ لا تَنْقَضِي وَهَناءِ

فأجاب عنه بقوله رحمه الله تعالى: [من الكامل]

مِنْ بَعْدِ حَمْدِ الله ذِي الآلاءِ

حَمْداً كَثِيرًا جَلَّ عَنْ إِحْصاءِ

قَدْ صَحَّ عَنْ هادِي الأَنامِ مُحَمَّدٍ

أَمْرٌ وَنَهْيٌ مِنْهُ عَنْ إِقْعاءِ

وَالْجَمْعُ بَيْنَهُما بِأَنَّ الأَمْرَ فِي

شَيْءٍ وَأَنَّ النَّهْيَ في أَشْياءِ

فَالأَمْرُ وَضْعُ الأَلْيَتَيْنِ بِباطِنِ الـ

أَقْدامِ وَافْرُشْها كَالاسْتِلْقاءِ

وَالنَّهْيُ لِلوَرْكَيْنِ تَجْلِسُ ناصِباً

فَخِذَيْكَ مِثْلَ الذِّئْبِ وَالعَوَّاءِ

وأَبُو عُبَيْدَةَ زادَ وَضْعَ يَدَيْهِ مَعْ

هَذا بِأَرْضٍ أَوْ بِنَحْوِ وِطاءِ

أَوْ غَيْرِ هَذا وَالْكَراهَةَ قَدْ حَكَوْا

في الْكُلِّ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الفُضَلاءِ

هَذا جَوابُ مُحَمَّدِ الغَزِّيِّ مَنْ

يَرْجُو مِنَ الرَّحْمَنِ خَيْرَ عَطاءِ

ثُمَّ الصلاةُ عَلى النَّبِيِّ وَآلِهِ

وَالصَّحْبِ وَالأَتْباعِ وَالْعُلَماءِ

ص: 81