الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى الأئمة الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أَنِ يَجْعَلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ صُوْرتهُ صُوْرَةَ الحِمَارِ"(1).
105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد
، والكلب، والحمار، والبعير، والديك في أفعالٍ نهى النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
روى الإِمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: نَقْرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب (2).
وروى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله تعالى عنه -وليس له في الكتب الستة سوى هذا الحديث (3) - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المصلي عن نقرة الغراب (4).
وأخرجه الحاكم، ولفظه: نهى عن نقرة الغراب، وافتراش السبع،
(1) رواه البخاري (659)، ومسلم (427)، وأبو داود (623)، والترمذي (582)، والنسائي (828)، وابن ماجه (961).
(2)
رواه الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 311). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد"(2/ 80).
(3)
لكن له عند أبي داود (3796) حديث آخر: "أن رسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب".
(4)
رواه أبو داود (862)، والنسائي (1112)، وابن ماجه (1429).
وأن يُوطِّن المكان كما يوطنه البعير (1).
قال البغوي في "شرح السنة": نقرة الغراب: هي أن لا يتمكن من السجود ولا يطمئن فيه، بل يمس بانفه وجبهته الأرض، [ثم يرفعه كنقرة الطائر، وافتراش السبع: أن يمد ذراعيه على الأرض] ولا يرفعهما، انتهى (2).
وروى الإِمام أحمد، والأئمة الستة عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعْتَدِلُوْا في سُجُوْدِكُمْ، وَلا يَبْسُطْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ"(3).
وفي الباب عن عائشة، وجابر، وغيرهما (4).
وأما إيطان البعير، فقال أبو سليمان الخطابي: فيه وجهان:
أحدهما: أن يَأْلَف الرجل مكاناً معلوما من المسجد لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يأوي من عَطَنه إلا إلى مَبْرَك رمث قد أوطنه.
والوجه الآخر: أن يبرك على ركبتيه إذا أراد السجود بروك البعير على المكان الذي أوطئه، ولا يهوي فيثني ركبتيه حتى يضعهما
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(833). واللفظ الذي ذكره المؤلف لم ينفرد به الحاكم، بل هو في مصادر التخريج السابقة أيضًا.
(2)
انظر: "شرح السنة" للبغوي (3/ 162).
(3)
رواه الإمام أحمد (3/ 279)، والبخاري (788)، ومسلم (493)، وأبو داود (897)، والترمذي (276)، والنسائي (1103)، وابن ماجه (892).
(4)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 294).
بالأرض على سكون ومَهَل، انتهى (1).
قلت: وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى الأخير فيما رواه أبو داود، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيْرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ"(2).
وقوله: وإقعاء كإقعاء الكلب؛ وَرَدَ النهيُ عنه في أحاديث أُخر.
روى الترمذي عن علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا عَلِيُّ! أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِيْ؛ لا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ"(3).
ورواه ابن ماجه، ولفظه:"لا تُقْعِ إِقْعَاءَ الكَلْبِ"(4).
وروى ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أقعي كإقعاء القرد (5).
وروى الإِمام أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه، والبيهقي
(1) انظر: "شرح السنة" للبغوي (3/ 162).
(2)
رواه أبو داود (840)، والنسائي (1091)، وبنحوه عند الترمذي (269) وقال: غريب، وفيه عبد الله بن سعيد المقبري، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره.
(3)
رواه الترمذي (282) وقال: وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.
(4)
رواه ابن ماجه (895). وفيه الحارث الأعور أيضًا.
(5)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2932)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 265).
في "السنن" عن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقعاء في الصلاة (1).
وذهب جماعة من أهل العلم إلى استحباب الإقعاء.
فرواه ابن أبي شيبة عن جابر، وأبي سعيد الخدري، وعن طاوس، ومجاهد (2).
ورواه هو وعبد الرزاق عن العبادلة؛ ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير (3).
ورويا عن عكرمة: أنه سمع ابن عباس يقول: الإقعاء في الصلاة هو السنة (4).
والحق أن الإقعاء على نوعين:
أحدهما، ويقال له: الافتراش: وضع الأَليتين بباطن القدمين، وهو الذي كان يفعله هؤلاء، وهو الذي أراده ابن عباس بقوله: هي السنة.
بدليل ما رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة بسند صحيح، عن
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(1005)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(6957).
(2)
انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 255).
(3)
انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 256)، و"المصنف" لعبد الرزاق (2/ 191).
(4)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3032).
طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السنة أن تضع أليتيك على عقبيك في الصلاة (1).
وفي رواية لعبد الرزاق بإسناد صحيح، عن طاوس قال: قلنا لابن عباس: ما الإقعاء على القدمين؟
فقال: هي السنة.
فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.
قال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم (2).
والثاني: الجلوس على الوَركين مع نصب الفخذين، وهو المراد بالنهي، كما يفهم من تقييد الإقعاء بإقعاء الكلب، وإقعاء القرد.
واشترط أبو عبيدة أن يضع يديه مع ما تقدم بالأرض؛ إذ بذلك يتم التشبه بإقعاء الكلب، والقرد (3).
والأصح: لا يشترط ذلك، وهذه الهيئة هي المكروهة؛ كرهها علي، وأبو هريرة، والنخعي، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم (4).
(1) رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3030)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(2940).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3035).
(3)
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 109).
(4)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (16/ 273)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 19).
ورُفع إلى شيخ الإِسلام الوالد - رحمه الله تعالى - في ذلك سؤال صورته: [من الكامل]
ما قَوْلُكُمْ يا سَيّدَ الفُقَهاءِ
…
في العَصْرِ بَلْ يا أَوْحَدَ العُلَماءِ
في مُشْكِلٍ أَمْرِ النَّبِيِّ وَنَهْيِهِ
…
جاءا مَعاً فِي جِلْسَةِ الإِقْعاءِ
ما الْجَمْعُ بَيْنَهُما وَهَلْ صَحَّا مَعاً
…
أَوْ لا فَبَيّنْ ذاكَ يا مَولاءِ
لا زِلْتَ كَهْفاً لِلأَنامِ وَمَلْجَأً
…
ما عُوقِبَ الإِصْباحُ بِالإِمْساءِ
وَبَقِيتَ في عِزٍّ وَسَعْدٍ دائِمٍ
…
وَسَعادَةٍ لا تَنْقَضِي وَهَناءِ
فأجاب عنه بقوله رحمه الله تعالى: [من الكامل]
مِنْ بَعْدِ حَمْدِ الله ذِي الآلاءِ
…
حَمْداً كَثِيرًا جَلَّ عَنْ إِحْصاءِ
قَدْ صَحَّ عَنْ هادِي الأَنامِ مُحَمَّدٍ
…
أَمْرٌ وَنَهْيٌ مِنْهُ عَنْ إِقْعاءِ
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُما بِأَنَّ الأَمْرَ فِي
…
شَيْءٍ وَأَنَّ النَّهْيَ في أَشْياءِ
فَالأَمْرُ وَضْعُ الأَلْيَتَيْنِ بِباطِنِ الـ
…
أَقْدامِ وَافْرُشْها كَالاسْتِلْقاءِ
وَالنَّهْيُ لِلوَرْكَيْنِ تَجْلِسُ ناصِباً
…
فَخِذَيْكَ مِثْلَ الذِّئْبِ وَالعَوَّاءِ
وأَبُو عُبَيْدَةَ زادَ وَضْعَ يَدَيْهِ مَعْ
…
هَذا بِأَرْضٍ أَوْ بِنَحْوِ وِطاءِ
أَوْ غَيْرِ هَذا وَالْكَراهَةَ قَدْ حَكَوْا
…
في الْكُلِّ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الفُضَلاءِ
هَذا جَوابُ مُحَمَّدِ الغَزِّيِّ مَنْ
…
يَرْجُو مِنَ الرَّحْمَنِ خَيْرَ عَطاءِ
ثُمَّ الصلاةُ عَلى النَّبِيِّ وَآلِهِ
…
وَالصَّحْبِ وَالأَتْباعِ وَالْعُلَماءِ