الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحدًا، فإذا أدمى أحدهما ترك الإنسان، وأقبل على رفيقه وأكله.
ومن أمثالهم كما ذكره القمي وغيره: ألأم من سقب ريان؛ لأنه إذا كان ريان فأدني إلى أمه، لم يدرها لأن الناقة لا يكاد قدر إلا إذا مري ضرعها الفصيل بلسانه (1).
*
تَنْبِيهٌ:
صحبة اللئيم تفضي إلى الندامة، وهي أشبه شيء بصحبة الذئب للذئب؛ لأنها قد تؤول إلى التلف كما علمت.
وقد قلت: [من المجتث]
لا تُقاطِعْ كَرِيْماً
…
أَوْ تُصاحِبْ لَئِيما
تَعُدْ فِي ذا وَفِي ذاكَ
…
مُسْتَلِيمًا مَلِيما
يقال: ألام: إذا أتى ما يلام عليه، واستلام إلى الناس: إذا استندم.
60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب
، والقرنبى، وهي دويبة طويلة الرجلين مثل الخنفساء، أو أعظم منها فساء.
وفي المثل: القرنبى في عين أمها حسنة (2).
(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 220).
(2)
انظر: "أدب الكاتب" لابن قتيبة (ص: 166)، و"مجمع الأمثال" للميداني (2/ 97).
ومن أمثالهم كما قال الزمخشري: أزهى من ثعلب، أزهى من ثور، أزهى من ديك، أزهى من ذباب، أزهى من طاوس، أزهى من غراب (1).
قال حسان: [من الكامل]
إِنَّ الفرافِصَةَ بْنَ الأَحْوَصِ عِنْدَهُ
…
شجنٌ لأُمِّكِ مِنْ بَناتِ عُقابِ
أَجمَعْتُ أنكَ أنتَ أَلأَمُ مَنْ مَشى
…
في فُحْشِ مُومِسَةٍ وَزَهْوِ غُرابِ
وقال الآخر كما تقدم: [من المتقارب]
أَشَدُّ لِجاجا مِنَ الْخُنْفُساءِ
…
وَأَزْهى إِذا ما مَشى مِنْ غُرابِ
وقالوا: أخيل من ثعالة، وهو الثعلب؛ من الخيلاء، وأخيل من ثعلب في استه عهنة (2).
قال الزمخشري: يقال: إذا علقت صوفة مصبوغة بذنب الثعلب أفرط عجباً بها، وشغل عن كل شأنه باستحسانها (3).
واعلم أن المفتخر بالدنيا، والمتكبر بما فيها ملعوب بعقله؛ لأنها لهو ولعب كما وصفها الله تعالى في كتابه العزيز.
ويقال: الدنيا داحة، والداح كما في "الصحاح": نقش يلوح به
(1) انظر: "المستقصى من أمثال العرب" للزمخشري (1/ 150 - 151).
(2)
انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (1/ 440).
(3)
انظر: "المستقصى من أمثال العرب" للزمخشري (1/ 113).
للصبيان يعللون به (1).
فهو شبيه بالثعلب في استه عهنة من هذا القبيل، ثم يعود مآكلها ومشاربها عذرة وبول، وجميع ما فيها يبلى ويضمحل، وهي أشبه شيء بالجيفة كما سبق؛ فالمفتخر بها من هذا القبيل متشبه بالْجُعَل، ونحوه.
وروى الإِمام أحمد عن الضحاك بن سفيان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا ضَحَّاكُ! مَا طَعَامُكَ؟ ".
قال: يا رسول الله! اللحم واللبن.
قال: "ثُمَّ يَصِيْرُ إلى [ماذا؟ ].
قال: إلى ما قَدْ عَلِمْتَ.
قال: "فَإِنَّ الله تَعَالى ضَرَبَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ اِبْنِ آدَمَ مَثَلاً لِلدّنْيَا"(2).
فإذا فعل الإنسان ما ذكرناه كان متشبهًا بالخنفساء من حيث الفسو الذي هي فيه، كما أن من يأخذ الدنيا فقد أخذ جيفة وعذرة، ولا يتأذى منها، بل يلتذ بها كما يلتذ الكلب بالجيفة، والجُعَل بالعذرة، وهو -بضم الجيم، وفتح المهملة - وجمعه جِعلان -بكسر
(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 361)(مادة: دوح).
(2)
رواه الإِمام أحمد في "المسند"(3/ 452)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير" (8138). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (2/ 881): فيه علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه.
الجيم -: دويبة لها ستة أرجل، وسنام مرتفع جداً، تمشي القهقرى، ويهتدي مع ذلك إلى وكره، وهو أكبر من الخنفساء، شديد السواد، وفي بطنه لون حمرة، للذكر منه قرنان، يوجد كثيراً في مراح البقر والجواميس، ومواضع الروث، إن دفن في الورد مات، وإذا دفن بعد ذلك في الزبل عاش كالخنفساء، ومن شأنه جمع العذرة وادخارها.
قال في "حياة الحيوان": ومن عادته أن يحرس النيام، فمن قام منهم لقضاء حاجته تبعه، وذلك من شهوته للغائط (1).
وقد ورد تمثيل المفتخرين بما كانت الجاهلية تفتخر به من الآباء والأموال، ونحو ذلك بالخنافس والجعل.
وروى ابن عدي في "الكامل" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَدَعُ النَّاسُ فَخْرَهُمْ بِالجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَيَكُوْنُنَّ أَبْغَضَ إِلى اللهِ مِنَ الخَنَافِسِ"(2)؛ أي: يكون الله لهم أشد بغضا لكم منكم للخنافس.
وروى أبو داود، وغيره، وحسنه الترمذي، وهو آخر حديث في "جامعه"، واللفظ له، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أيضًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَام يَفْتَخِرُوْنَ بِآبَائِهِمْ إِذَا مَاتُوْا، إِنَّمَا هُمْ لَحْمُ
(1) انظر: "حياة الحيوان الكبرى"(1/ 281).
(2)
رواه ابن عدي في "الكامل"(7/ 53) وأعله بأبي معشر، ثم قال: وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكذا الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 366).