المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١١

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

قال: لا أترك من الدنيا شيئاً أُذكر به (1).

-‌

‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

، وتزعم أن هديلها وهو صوتها كالهدير -بالراء - لفقد هديلها.

والهديل: الذكر من الحمام.

قال في "الصحاح": والهديل: فرخ كان على عهد نوح عليه السلام، فصاده جارح من جوارح الطير؛ قالوا: فليس من حمامةٍ إلا وتبكي عليه (2).

قال الشاعر: [من الوافر]

وما مَنْ تَهْتِفِينَ بِهِ لِنَصْرٍ

بِأَسْرَعَ جابة لَكِ مِنْ هَدِيلِ

وحكى في "القاموس" قولاً آخر: أن الهديل مات عطشاً (3).

والحزن إما لفقد محبوب كالولد وغيره، وهو جبلة في الإنسان لا يُلام عليه إلا أنه ينبغي له التصبر بقدر إمكانه، فأما التحزن وتكلف الحزن بالندب ونحوه فذلك مذمومٌ مكروه.

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام، وابن سعد في "طبقاته"، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن يونس قال: لما مات سعيد بن الحسن

(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(10749).

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 1848)(مادة: هدل).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1382)(مادة: هدل).

ص: 535

-يعني: البصري- حزن عليه الحسن حزناً شديداً، فكلم الحسن في ذلك، فقال: ما سمعت الله عاب على يعقوب الحزن (1).

وروى ابن جرير عن الحسن مرسلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: ما بلغ وَجْدُ يعقوبَ على ابنه؟

قال: "وَجْدَ سَبْعِيْنَ ثَكْلَىْ".

قيل: فما لَه من الأجر؟

قال: "أَجْرُ مِئَةِ شَهِيْدٍ، وَمَا سَاءَ ظَنُّهُ بِاللهِ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نهارٍ"(2).

وروى ابن أبي الدنيا في "الحزن" عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، عن خاله هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليس له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة (3).

وروى هو والطبراني في "الكبير"، والحاكم وصححه، عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه، والديلمي عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِيْنٍ"(4).

(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(33942).

(2)

رواه الطبري في "التفسير"(13/ 46).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 27).

(4)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 28)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1480)، والحاكم في "المستدرك"(7884)، وكذا الديلمي =

ص: 536

وهو شامل للحزن على فقد المحبوب، والحزن على ما فات من العمر ضائعاً في غير طاعة الله تعالى، والحزن من الذنوب، والحزن خوفاً من الوقوع في الذنب، وخوفاً من المكر، وخوفاً من العذاب، وعقبى هذه الأحزان جميلة وفيها كفارة.

قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: إنَّ العبد ليذنب الذنب، فإذا رآه الله قد أحزنه ذلك غفر له من غير أن يُحدث صلاة ولا صدقة.

رواه ابن أبي الدنيا (1).

وقال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله! كيف الصلاح بعد هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألسْتَ تَمْرَضُ؟ ألسْتَ تَحْزَنُ؟ ألسْتَ تنصَبُ؟ ألَسْتَ تُصِيبُكَ اللأوَاءُ؟ فَذَلِكَ الَّذِيْ تُجْزَوْنَ بِهِ". رواه الإمام أحمد، وهنَّاد بن السَّرِي، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن السني، والحكيم الترمذي، وأبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه"، وابن جرير، وابن المنذر (2).

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:

= في "مسند الفردوس"(572) كلهم عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

(1)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 76).

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 537

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوْبُ الْعَبْدِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفِّرُهَا ابْتَلاهُ اللهُ بِالْحُزْنِ فَيُكَفِّرَهَا"(1).

وقال عبد الرحمن بن السائب: قدم علينا سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه بعدما كفَّ بصره، فأتيته مسلماً، فانتسبني فانتسبت له، فقال: مرحباً يا ابن أخي، بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوْهُ فَابْكُوْا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوْا فَتَبَاكَوْا"(2).

وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون (3).

وقال أيضاً: ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً، حكيماً حليمًا، سكيناً ليناً، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون خائناً ولا غافلاً، ولا سَخَّاباً ولا صَيَّاحاً (4).

وقال الأسود بن شيبان: كان عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه رجلاً طويل الحزن والكآبة، وكان عامة كلامه: عائذ

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 157)، وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه.

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 67)، وكذا ابن ماجه (1337).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن "(ص: 86).

(4)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 92).

ص: 538

بالرحمن من فتنه (1).

وقال النضر بن عربي: دخلت على عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وكان لا يكاد يتكئ، إنما هو منقبض أبداً كأنَّ عليه حزن الخلق (2).

وقال شميط بن عجلان رحمه الله تعالى: كل يوم ينقص من عمرك وأنت لا تحزن! وكل يوم تستوفي رزقك وأنت لا تحزن (3)!

وقال عمر بن بكير شيخ ابن أبي الدُّنيا: عن شيخ من قريش: كان إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام لا يرفع طرفه إلى السماء إلا اختلاساً، ويقول: اللهم نَعِّمْ عيشي بطول الحزن فيها (4).

وقال صالح بن شعيب رحمه الله تعالى: أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم عليهما السلام: أكحل عينيك بطول الحزن إذا ضحك البطَّالون (5).

وقال مكحول الله تعالى: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام أن اغسل قلبك.

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 44).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 49).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 65).

(4)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 76).

(5)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 84).

ص: 539

قال: يا رب! بأي شيءٍ أغسله؟

قال: بالغم والهم (1).

وقال عبد الله بن شَوذَب رحمه النه تعالى: قال داود النبي عليه السلام: يا رب! أين ألقاك؟

قال: تلقاني عند المنكسرة قلوبهم (2).

وقال سفيان: كان الحسن رحمه الله تعالى يقول: أفضل العبادة طول الحزن (3).

وقال عبد الله بن مرزوق: قلت لعبد العزيز بن أبي رواد: ما أفضل العبادة؟

قال: طول الحزن في الليل والنهار (4).

وقال عطاء رحمه الله تعالى: لا يتمُّ للمؤمن فرح يوم (5).

وقال الحسن بن عميرة: اشترى عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى جارية أعجمية، فقالت: أرى الناس فرحين، ولا أرى هذا يفرح.

فقال: ما تقول لُكَع؟

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 84).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 56).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 73).

(4)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 85).

(5)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 94).

ص: 540

فقيل له: إنها تقول كذا وكذا.

فقال: ويحها! حدثوها أن الفرح أمامها؛ يعني: يوم القيامة (1).

وقال يونس: قال الحسن: إن المؤمن والله ما يصبح إلا حزيناً، ولا يُمسي إلا حزيناً.

قال: وكان الحسن قل ما تلقاه إلا وكأنه قد أصيب بمصيبة حديثاً (2).

وقال الحجاج بن دينار: كان الحكم بن حجل صديقاً لمحمد بن سيرين، فلما مات محمد حزن عليه حتى جعل يعاد كما يعاد المريض، قال: فحدث بعده، قال: رأيت أخي محمداً -يعني: ابن سيرين- في المنام، فقلت: أي أخي! قد أراك في حال تسرني، فما فعل الحسن؟

قال: رفع فوقي بسبعين درجة.

قلت: ولم ذاك وقد كنا نرى أنك أفضل منه؟

قال: ذاك بطول حزنه (3).

وقال يزيد بن مذعور: رأيت الأوزاعي في منامي، فقلت: يا أبا عمرو! دُلَّني على أمر أتقرب به إلى الله عز وجل.

(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 100).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 45).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن"(ص: 46).

ص: 541