الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَما حَمَلَتْ مِنْ ناقَةٍ فَوْقَ رَحْلِها
…
أَحَقَّ وَأَوْفَى ذِمَّة مِنْ مُحَمَّد
وقال الغزالي في "الإحياء" في حقوق الصحبة والأخوة: ومعنى الوفاء الثبات على الحب، وإدامته إلى الموت معه؛ أي: مع الأخ أو الخليل، وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه؛ فإن الحب إنما يُراد للآخرة، فإن انقطع بعد الموت حبط العمل وضاع السَّعي (1).
وروى الحاكم -وصححه على شرط الشيخين، قال العراقي: وليس له علة (2) - عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزاً دخلت عليه، فقيل له في ذلك، فقال:"إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِيْنَا أَيَّامَ خَدِيْجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الإِيْمَانِ"(3).
-
ومن ذلك العصفور:
من أوصافه ما ذكره الدميري، والسيوطي أنه ليس في الأرض طائر سبع ولا بهيمة أحنى منه على ولده، وكذلك فهو حنو على أنثاه.
روى البيهقي، وابن عساكر عن أبي مالك قال: مرَّ سليمان عليه السلام بعصفور يدور حول عصفورة، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟
(1) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (2/ 187).
(2)
انظر: "تخريج أحاديث الإحياء" للعراقي (1/ 482).
(3)
رواه الحاكم في "المستدرك"(45)، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 14).
قالوا: وما يقول يا نبي الله؟
قال: يخطبها إلى نفسها، ويقول: تزوجيني أُسكنك أيَّ قصور دمشق شئت؟
قال سليمان: وغرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها، ولكن كل خاطب كذاب (1).
قلت: هذا يدل أن أبنية دمشق كانت في ذلك الزمان كلها أو أكثرها قبابًا معقودة من الصخر، ثم هي كانت تبني أبنيتها من الطين والأخشاب بُرْهة من الزمان، حتى اعتاد أهل دولتها الآن وهم أجناد الروم عقدها بالصَّخر والآجر، وآثروا ذلك على بنائها بالطين والخشب كأنهم استطالوا أعمارهم ومدة بقاء الدنيا، سبحان الله! هكذا يلقى الآمال على الناس كلما قربَتْ أيامهم من الساعة وهم يرون غيرهم يبنون ويعلون، ثم يموتون ويخلون، وهكذا يفعلون.
ثم التشبه بالعصفور بالحنو على الأهل والولد مطلوب.
روى ابن عساكر رضي الله تعالى عنه [عن أنس رضي الله عنه] قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالصبيان والعيال (2).
وروى الإمام أحمد، والشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(22/ 232).
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 88).