الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الانفراد في الكهوف والغيران، ولا يمنعه ذلك من العزلة عن الناس إذا كانت أنفع له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ"(1)، ولم يرشد إلى ترك البيوت، ففي سُكنى المدن الحصول على الجمعة، والجماعة، والتعلم والتعليم.
وقد قالوا: اسكن المدن ولو جارت، واتبع الطرق ولو دارت، وانكح البكر ولو بارت.
وقالوا: لا تصلح السُّكنى إلا في مدينة فيها سلطان حاكم، وفقيه عالم، وطبيب حاذق، وسوق قائمة.
-
ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى
.
روى أبو نعيم عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما وإذا عصافير يَطُفْنَ حوله ويَصْرُخن، فقال: يا أبا حمزة! هل تدري ما تقول هذه العصافير؟
قلت: لا.
قال: إنها تذكر ربها، وتسأل قوت يومها (2).
وروى أبو الشيخ في "العظمة" عن أبي جعفر قال: تدرون ما تقول العصافير قبل طلوع الفجر؟
قالوا: لا.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 140).
قال: تُسبح ربها، وتطلب قوت يومها (1).
وكذلك ينبغي للإنسان أن يتشبه بالعصفور ونحوه في القناعة بالبُلْغة، والاجتزاء بقوت يوم.
روى الطبراني في "الأوسط" عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْقَنَاعَةُ مَالٌ لا يَنْفَدُ، وَكَنْزٌ لا يَفْنَى"(2).
وأخرجه العسكري في "الأمثال"، والقضاعي مقتصرين على الجملة الأولى (3).
وروى البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي وحسنه، وابن ماجه عن عبيد الله بن محصن رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِيْ سِرْبِهِ، مُعَافَى فِيْ جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوْتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"(4).
وأنشدوا: [من الهَزَج]
إِذا القُوتُ تَأتَّى لـ
…
ـكَ وَالصِّحَّةُ وَالأَمْنُ
وَأَصْبَحْتَ أَخا حُزْنٍ
…
فَلا فارَقَكَ الْحُزْنُ (5)
(1) رواه أبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1739).
(2)
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6922) عن جابر رضي الله عنه.
(3)
رواه القضاعي في "مسند الشهاب"(63).
(4)
رواه البخاري في "الأدب المفرد"(300)، والترمذي (2346) وحسنه، وابن ماجه (4141).
(5)
لمنصور الفقيه، كما في "الزهد الكبير" للبيهقي (ص: 90).