الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشير رضي الله تعالى عنهما، والبزار عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما (1).
142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة
.
وهي من الفواسق؛ فإنها لا تصيد، وإنما تخطف اللحم وغيره.
فأشبه الناس بها من يخطف العمائم وغيرها من الناس، وربما أشبه في ذلك بعض السنانير والكلاب.
روى الإمام أحمد في "الزهد" عن وهب قال: قال عيسى عليه السلام لأحبار بني إسرائيل: لا تكونوا للناس كالذئب السارق، وكالثعلب الخدوع، وكالحداء الخاطف (2).
143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم
.
وفي المثل: أظلم من أفعى (3).
قال في "حياة الحيوان": وذلك لأنها لا تحفر جحرًا، وإنما تأتي
(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1673) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه. قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 744): رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" من حديث النعمان، ورواه البزار عن ابن عمر رضي الله عنهما، وسنده ضعيف.
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 204).
(3)
انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 30).
إلى الجحر وقد احتفره غيرها، فتدخل فيه.
وقال الشاعر: [من الرجز]
وَأَنْتَ كَالأَفْعَى الَّتِي لا تَحْتَفِر
…
ثُمَّ تَجِيْءُ سادِراً فَتَجْتَحِرْ (1)
وأنشده الزمخشري: ثُمَّ تَجِيْءُ سادِراً فَتَنْحَجِر (2).
قال الدميري: وكل بيت قصدت إليه هرب أهله منها وتتركه لها.
قلت: وهذا حال الينكجرية والبلوكباشية الذين في زماننا هذا إلا قليلاً منهم؛ يغتصبون بيوت الناس، ويستولون عليها وعلى سائر ما يشاؤون من عقار وإقطاع إلا ما وقى الله تعالى منهم؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل!
ولعلهم يلينون، وما أشبههم في ذلك بلين الحية، ويحلون ألسنتهم لمن يطمعون فيه حتى يزوجهم أو يشاركهم، فإذا تمكنوا منهم طردوهم وأهانوهم، وربما أغرموهم أو قتلوهم، فما أشبه حالهم بما ذكره الزمخشري في "المستقصى" في قولهم في المثل: أظلم من حية (3).
وروي: أظلم من حية الوادي.
قال: يزعمون أن رجلاً أخذ حية وقد خمدت من البرد حتى لا
(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (2/ 30).
(2)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 231).
(3)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 231).
حراك بها، فلم يزل يدفئها تحت ثيابه حتى تحركت، فنهشته، فقال لها: ويحك! هذا جزائي منك؟
قالت: لا، ولكنه طبعي (1).
وقالوا: من أظلم من ذئب.
قال الزمخشري: ربَّى بدوي ذئباً، فلما كبر وشب فرس سخلة له، فقال:[من الوافر]
فَرَسْتَ شُوَيْهَتِي وَفَجَعْتَ طِفْلاً
…
وَنِسْوانًا وَأَنْتَ لَهُمْ رَبِيبُ
نشَأْتَ مَعَ السِّخالِ وَأَنْتَ طِفْلٌ
…
فَمَنْ أَدْراكَ أَنَّ أَباكَ ذِئْبُ
إِذا كانَ الطَّباعُ طِباعَ سُوءٍ
…
فَلَيْسَ بِمُصْلِحٍ طَبْعاً أَرِيبُ
قال: وقال آخر: [من الطويل]
وَأَنْتَ كَذِئْبِ السَّوْءِ إذْ قالَ مَرَّةً
…
لِعمروسةٍ وَالذِّئْبُ غَرثانُ مُرْسَلِ
أَأَنْتَ الَّذِي مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ سَبَيْتَنِي
…
فَقالَ مَتَى ذا قالَ ذا عامَ أَوَّلِ
فَقالَ وُلِدْتُ العامَ قَدْ رُمْتَ ظُلْمَنا
…
فَدُونَكَ كُلْنِي لا هَنا لَكَ مَأْكَلي
قال: وقال آخر: [من الطويل]
وَأَنْتَ كَجَرْوِ الذِّئْبِ لَيْسَ بِآلِفٍ
…
أَبَى الذِّئْبُ إِلَاّ أَنْ يَخُونَ وَيَظْلِما (2)
وروى البيهقي في "الشعب" عن الأصمعي: قال: دخلت البادية
(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 232).
(2)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 233).
فإذا أنا بعجوز يبن يديها شاة مقتولة وجرو ذئب، فقالت: أتدري ما هذا؟
قلت: لا.
قالت: جرو ذئب، أخذناه وأدخلناه بيتنا، فلما كبر قتل شاتنا، وقلت في ذلك شعرًا.
قلت ماهو؟
فأنشدت: [من الطويل]
قَتَلْتَ شُوَيْهَتِي وَفَجَعْتَ قَوْماً
…
وَأَنْتَ لِشاتِنا وَلَدٌ رَبِيبُ
غُذِيتَ بِدِرِّها وَرُبِيتَ فِينا
…
فَمَنْ أَنباكَ أَنَّ أَباكَ ذِئْبُ
إِذاكانَ الطَّباعُ طِباعَ سَوْءٍ
…
فَلَيْسَ بِنافعٍ أَدَبٌ أَدِيبُ (1)
وأنشد السيوطي في "ديوان الحيوان" لبعضهم: [من الكامل]
وَإِذا الذِّئابُ اسْتَنْعَجَتْ لَكَ مَرَّةً
…
فَحَذارِ مِنْها أَنْ تَعُودَ ذِئابا
وَالذّئْبُ أَخْبَثُ ما يَكُونُ إِذا اكْتَسَى
…
مِنْ جِلْدِ أَوْلادِ النِّعاجِ ثِيابا
ولطف الصفي الحلي في قوله مضمناً: [من مجزوء الكامل المرفل]
وَإِذا العُداةُ أَرتْكَ فَرْ
…
طَ مَوَدَّةٍ فَإِلَيْكَ عَنْها
وَإِذا الذِّئابُ اسْتَنْعَجَتْ
…
لَكَ مَرَّةً فَحَذارِ مِنْها
وقالوا في المثل: الذئب يأدو للغزال؛ أي: يختله ليوقعه ويأكله؛
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 454).