المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: ‌ ومن ذلك: العقاب

وقلت: [من مجزوء الكامل المرفّل]

بِالْجِدِّ تَبْلُغُ ما يَعِزُّ

وَتَنْجَلِي عَنْكَ الكُرُوبُ

فَاصْبِرْ وَبِاللهِ اسْتَعِنْ

وَلِكُل مُجْتَهِدٍ نَصِيبُ

وَاقْصِدْ إِلَهَكَ فِي الأمُو

رِ فَإنَّ قَصْدَكَ لا يَخِيبُ

-‌

‌ ومن ذلك: العُقاب

.

وفي الحديث: "العُقَابُ سَيِّدُ الطَّيْرِ وَالنَّسْرُ عَرِيْفُهَا". أخرجه ابن عدي في "الكامل"(1).

وهو حديد البصر جداً، ولذلك قالوا في المثل: أبصر من عقاب ملاع، بالإضافة إلى ملاع كقطام، وهي الصحراء، وعقابها أبصر من عقاب الجبال؛ إذ لا يَحُول في الصحراء بين بصره وبين ما يبصره شيء.

قال الزمخشري: وبصر العقاب أنها تعرف من سكاك الجو أنثى الأرنب من ذكرها؛ لأن الذكر يلتوي على عنقها فيقتلها (2).

وكذلك يقولون في المثل: أبصر من بازي، وأبصر من نسر.

قال الزمخشري: ليس في الطير أبصر منه؛ تزعم الفرس أنه إذا حلق أبصر الجيفة من مَسافة أربع مئة فرسخ (3).

(1) وانظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 173).

(2)

انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 21).

(3)

انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 22).

ص: 500

وقالوا أيضاً: أبصر من غراب.

قال الزمخشري: يغمض إحدى عينيه اجتزاءً بالواحدة (1).

والعرب تسميه أعور لذلك على طريق القلب، كان حدَّة بصرها تناهت حتى انقلبت إلى العكس.

وقال الشاعر: [من الطويل]

وَقَدْ ظَلَمُوهُ حِينَ سَمَّوْهُ سَيِّدا

كَما ظَلَمَ النَّاسُ الغُرابَ بِأَعْوَرا (2)

وقالوا: أبصر من كلب، وأبصر من فرس (3).

وربما قالوا:

أبصر من فرس

في ظلماء ليل وغَلَس

وقالوا: أبصر من فرس بيهماء في غلس.

قال الزمخشري: تزعم الفرس أنه ليس في الدواب أبصر من الفرس؛ فإنه لو أجريَ في الضباب الكثيف، ومُدت في طريقه شعرة لوقف عند انتهائه إليها (4).

والتشبه بهذه المبصرات بأن يكون الإنسان بصيراً بالأمور، حذوراً يُبصر الحق ويتبعه، ولا يقدم على أمر حتى ينظر في عواقبه،

(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 21).

(2)

انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 115).

(3)

انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 116).

(4)

انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 22).

ص: 501

ولا يمشي قدماً؛ فإنه إنما خلق له البصر ليبصر به.

قال الله تعالى في تقريع الإنسان وتوبيخه: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8 - 10].

وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الحج: 46]، أو أبصار ينظرون بها، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. [الحج: 46].

وقد روى الطبراني، وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَا ابْنَ مَسْعُوْد! أَيُّ عُرَىْ الإِيْمَانِ أَوْثَقُ؟ ".

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: "أَوْثَقُ عُرَىْ الإيْمَانِ الْوِلايَةُ فِيْ اللهِ وَالحُبُّ فِيْ اللهِ وَالْبُغْضُ فِيْ الله".

ثم قال: "يَا ابْنَ مَسْعُوْد".

قلت: لبيك يا رسول.

قال: "أتَدْرِيْ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ ".

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: "أَفْضَلُهُمْ عَمَلاً إِذَا فَقُهُوا فِيْ دِيْنِهِمْ".

ثم قال: "يَا ابْنَ مَسْعُوْد".

قلت: لبيك يا رسول الله.

ص: 502

قال: "أتدْرِيْ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ ".

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: "إِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ أَبْصرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ، وإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِيْ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَىْ اسْتِهِ زَحْفًا" الحديث (1).

وقلت في عقد هذه الجملة الأخيرة منه: [من الخفيف]

أَعْلَمُ النَّاسِ أَبْصرُ النَّاسِ بِالْحـ

ـقِّ إِذا ما رَأَيْتَ فِي النَّاسِ خُلْفا

ذاكَ ما ضَرَّهُ وَلا نالَ مِنْهُ

نَقْصُ أَعْمالِهِ وَلَوْ سارَ زَحْفا

- ومن أوصاف العقاب: الحزم حتى قالوا: أحزم من عقاب.

وقيل لبشار بن برد: لو خيرت أن تكون حيواناً ما كنت تختار؟

قال: العقاب لأنها تلبث حيث لا يبلغها سبع ولا ذو أربع، وتحيد عنها سباع الطير (2).

وإنما ضربوا المثل بفرخ العقاب في الحلم والحزم، فقالوا: أحزم من فرخ العقاب، وأحلم من فرخ العقاب لأنه يكون وكره في عُرض جبل، والجبل ربما كان عموداً فلو تحرك من مجثمه، أو أقبل عليه أبواه لهوى إلى الحضيض، وهو على صغره يعرف أن الصواب

(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10357). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 90): فيه ليث بن أبي سليم، والأكثر على ضعفه.

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 174).

ص: 503

في ترك الحركة، فيترك الحركة أخذاً بالحزم (1).

وحقيقة الحزم: ضبط الرجل أمره، والأخذ بالثقة، والتثبت بالتبين.

وفي كتاب الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6].

وقُرِئ: {فتثبتوا} .

وفي الحزامة أمانٌ من الندامة.

ومن طباع العقاب ما ذكره الدميري، والسيوطي: أنها إذا صادفت الأرانب تبدأ بالصغار قبل الكبار (2).

والتشبه بها في ذلك بأن يبدأ الإنسان في صيد العلم بصغار العلم قبل كباره، وكذلك إذا عَلَّمَ غيره بدأ في تعليمه بالأسهل فالأسهل، وعلمه الصغار قبل الكبار تدريجاً؛ أي: انتقالاً من درجة إلى أرفع منها.

ومنه تدريج الصبي الصغير على المشي بالدراجة.

واعلم أنه كما يتدرج في الخير من صغيره إلى كبيره، كذلك الشر إذا تابعت صغيره جرَّك إلى كبيره.

ألا ترى أن العبد إذا ركب صغيرة من المعاصي، ولم يحسم

(1) انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 221).

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 174).

ص: 504

مادتها بالتوبة، بل عاودها، تدرَّب عليها، ثم جرَّته إلى غيرها حتى يرتكب العظائم، وإذا سمع كلمة السوء الصغيرة، فإن أغضى عنها وعفا عنها ذهب شرها، وإن قلبها في فكره وتأثر في نفسه منها، دعته إلى الانتقام من التكلم بها والانتصار، فربما ردَّ عليها بمثلها فسمع أقوى منها.

فأول الحرب الكلام، وأول الحريق الشرر، وأول العشق النظر، وأول الشجرة النواة.

وفي المثل أيضاً: الشر يبدؤه صغاره؛ أي: ينشأ كبيره من صغيره، فاحتمل الصغير لئلا يخرجك إلى الكبير؛ يُضرب في الحلم وكظم الغيظ (1).

وقال مسكين الدارمي: [من مجزوء الكامل المرفّل]

وَلَقَدْ رَأَيْتُ الشَّرَّ بَيـ

ـنَ الْحَيِّ يَبْدَؤُهُ صِغارُه

فَلَوْ اَنَّهُمْ يَأسونَهُ

لَتَنَهْنَهَتْ عَنْهُمْ كِبارُهْ (2)

وكذلك لا يحقر الإنسان عدوه لِصغره أو صُغْره، ولا يغتر بكبر نفسه وكبره.

وقد قال القائل: [من البسيط]

(1) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (1/ 258).

(2)

انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 326).

ص: 505