الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتزعم العرب أن الغراب نظر إلى الحمامة تمشي، فأراد محاكاتها في مشيه، فنسي مشيه، ولم يبلغ مشيها حتى قال الشاعر:[من الكامل]
إِنَّ الغُرابَ وَكانَ يَمْشِي مَشْيَهُ
…
فِيما مَضَى مِنْ سالِفِ الأَحْوالِ
حَسَدَ القَطاةَ وَكانَ يَمْشِي مَشْيَها
…
فَأَصابَهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّعْقالِ
فَأَضَلَّ مِشْيَتَهُ وَأَخطَأَ مَشْيَها
…
فَلِذَاكَ سَمَّوْهُ أَبا الْمرْقالِ (1)
97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر
.
ومن أمثالهم: هو أسرع غضباً من فاسية وهي الخنفساء؛ وذلك لأنها إذا تحركت فست وفاح نتنها (2).
وقالوا: إن النمر أخبث من الأسد؛ فإنه لا يملك نفسه عند الغضب حتى يبلغ من شدة غضبه أنه يقتل نفسه (3).
ويقال: إنه أشد السباع حَرَداً إذا حرب.
وقال الأصمعي: يقال: تنمر فلان له؛ أي: تنكر، وتغير، وأوعده؛ لأن النمر لا تلقاه أبدًا إلا متنكراً غضبان (4).
واللائق بالإنسان المفضَّل بالعقل عن سائر الحيوان أن يملك
(1) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 163).
(2)
انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 350).
(3)
انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 495).
(4)
انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (2/ 495).
بعقله نفسه عند الغضب، وإلا كان سبعًا كاسراً، أو شيطاناً مريداً كما تقدم في التشبه بالشيطان.
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! مرني بعمل، وأقلل.
قال: "لا تَغْضَبْ".
ثم أعاد عليه، فقال:"لا تَغْضَبْ"(1).
وروى أبو يعلى بسند حسن، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قل لي قولًا، وأقلل لعلي أعقله.
فقال: "لا تَغْضَبْ".
فأعدت عليه مرتين؛ كل ذلك يرجع إلي: "لا تَغْضَبْ"(2).
وروى ابن أبي الدنيا، والطبراني في "معجمه الكبير"، و"الأوسط" بإسناد حسن، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا رسول الله! دُلَّني على عمل يدخلني الجنة.
قال: "لا تَغْضَبْ"(3).
(1) رواه البخاري (5765)، وعنده:"أوصني" بدل "مرني بعمل وأقلل".
(2)
رواه أبو يعلى في "المسند"(5685). وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 841).
(3)
رواه "المعجم الأوسط"(2353). قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 842): رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وإسناده حسن.
وروى الإِمام أحمد عن عبد الله بن عمرو (1) رضي الله تعالى عنهما: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الطبراني في "مكارم الأخلاق"، وابن عبد البر في "التمهيد" بإسناد حسن، عنه قال؛ سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبعدني من غضب الله؟
قال: "لا تَغْضَبْ"(2).
وروى الشيخان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا تَعُدُّوْنَ الصُّرَعَةَ فِيْكُمْ؟ ".
قلنا: الذي لا يصرعه الرجال.
قال: "لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"(3).
وروى البيهقي في "الشعب" بإسناد جيد، عن عبد الرحمن بن عجلان مرسلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَشَدُّكُمْ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ"(4).
وهو عند ابن أبي الدنيا بسند ضعيف، من حديث علي رضي الله عنه،
(1) في "أ" و"ت": "عبد الله بن عمر".
(2)
رواه الإِمام أحمد في "المسند"(2/ 175)، والطبراني في "مكارم الأخلاق" (ص: 47)، وابن عبد البر في "التمهيد"(7/ 251). وحسن العراقي إسناد ابن عبد البر في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 841).
(3)
رواه مسلم (2608). وقد عده الحفيدي في "الجمع بين الصحيحين"(1/ 246) من أفراد مسلم.
(4)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8274). وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 848).
وزاد فيه: "وَأَحْلَمُكُمْ مَنْ عَفَا بَعْدَ القُدْرَةِ"(1).
وروى البيهقي بسند ضعيف، من حديث علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيرُ أُمَّتي أَحِدَّاؤهَا؛ الذِيْنَ إِذَا غَضِبُوْا رَجعُوْا"(2).
وروى ابن أبي الدنيا في "الصمت"، والبيهقي في "الشعب" بإسناد حسن، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَفَّ لِسَانهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرتَهُ، وَمَنْ مَلَكَ غَضَبَهُ وَقَاهُ اللهُ عَذَابَهُ، وَمَنِ اعْتَذَرَ إِلى اللهِ قَبِلَ اللهُ عُذْرَهُ"(3).
وروى البزار، وابن عدي في "الكامل" بإسناد ضعيف، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِلنَّارِ بَابٌ لا يَدْخُلُهُ إلا مَنْ شَفَىْ غَيْظَهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ"(4).
(1) قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 848): رواه ابن أبي الدنيا من حديث علي رضي الله عنه بسند ضعيف.
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8301)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(5793). وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 843).
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب "اللسان" (ص: 55) عن ابن عمر رضي الله عنهما. وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء" (2/ 768). والبيهقي في "شعب الإيمان" (8312) عن ابن عمرو رضي الله عنهما.
(4)
رواه البزار في "المسند"(5180)، وابن عدي في "الكامل" (6/ 51) وقال: حديث غير محفوظ.