الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيل: وهو دابة بين الكلب والذئب: إذا صيح به أخذه الضراطُ من الجبن.
وقيل: جبان تزوجته أعرابية، وكان ينام الصبحة، فكانت إذا نبهته قال لها: لو لغادية نبهتني، فامتحنه النسوة ذا صباح بأن قلن له: هذه نواصي الخيل، فجعل يقول: الخيل الخيل، ويضرط حتى مات.
وقيل: سافر رجلان فلاحت لهما شجرة، فقال أحدهما: أرى قومًا قد رصدونا.
وقال الآخر: إنما هي عُشَرَة - على وزن همزة - فظنه يقول: عَشَرة، فجعل يقول: وما عناء اثنين في عشرة؟ ويضرط حتى مات (1).
ومن أمثالهم: روغي جَعار، وانظري أين المفر.
قال الزمخشري: يضرب في فرار الجبان وخضوعه (2).
132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل
.
قالوا في المثل: أحقد من جمل.
قال الزمخشري: يصفون الجمل بالحقد وغلظ الكبد.
قال بلعاء بن قيس الكناني: [من البسيط]
يُبْكَى عَلَيْنا وَلا نبكِي عَلى أَحَدٍ
…
إنَّا لأَغْلَظُ أَكْباداً مِنَ الإِبِلِ
(1) انظر: "المستقصى من أمثال العرب" للزمخشري (1/ 43).
(2)
انظر: "المستقصى من أمثال العرب" للزمخشري (2/ 105).
قالوا: ويزعمون أنه ينطوي على الحقد سنين حتى يتشفى منه (1).
وحقيقة الحقد الانطواء على العداوة والبغضاء.
قيل: وأوله الحسد.
روى ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الحسد"، والطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سَيُصِيْبُ أُمَّتيْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَهُمْ".
قالوا: وما داء الأمم؟
قال: "الأشرُ، وَالبَطَرُ، وَالتَّكاثُرُ، وَالتَّنَافُسُ فيْ الدُّنْيَا، وَالتَّبَاعُدُ، وَالتَّحَاسُدُ حَتَّى يَكُوْنَ البَغْيُ، ثُمَّ يَكُوْنُ الهَرْجُ"(2).
وروى الترمذي عن الزبير رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، وَالبُغْضَةُ هِيَ الحَالِقَةُ، لا أَقُوْلُ حَالِقَةُ الشَّعْرِ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدَّيْنِ.
وَالَّذِيْ نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوْنَ الجَنّةَ حَتَّى تُؤْمُنُوْا، وَلَنْ تُؤْمُنُوْا حَتَّى تَحَابُّوْا، أَلا أُنبَّئُكُمْ بِمَا يُثْبِتُ لَكُمْ ذَلِكَ؟
أَفْشُوْا السَّلامَ بَيْنَكُمْ" (3).
(1) انظر: "المستقصى من أمثال العرب" للزمخشري (1/ 69).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم البغي"(ص: 5)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(9016). وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 863).
(3)
رواه الترمذي (2510) وقال: اختلفوا في روايته عن يحيى بن أبي كثير، وبعضهم لم يذكروا فيه: عن الزبير.
واللائق بالإنسان الكامل سلامة صدره على أخيه، وأن يحب له مثل ما يحب لنفسه، وأن يعفو عن زلته؛ فإن ذلك يريح جسده ويكسب راحته.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: [من البسيط]
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلى أَحَدٍ
…
أَرَحْتُ نفسِي مِنْ حَمْلِ الْمَشَقَّاتِ (1)
روى الإمام أحمد بإسناد صحيح، عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ".
قال: فطلع رجل من الأنصار تَنْطُف لحيته من وضوئه، قد علَّق نعله في يده الشمال، فسلم، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل، وقاله في اليوم الثالث، فطلع ذلك الرجل، فلما قام تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت تؤويني إليك حتى تمضي فعلت.
فقال: نعم.
فبات عنده ثلاث ليال، فلم يره يقوم من الليل شيئًا، غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله تعالى، ولم يقم حتى قام لصلاة الفجر.
قال: غير أني ما أسمعه يقول إلا خيرًا.
(1) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 224).